إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/11/26

قرأت لك - الكتاب الثالث

قرأت لك
مختصر وتحليل وتعليق ونقد للكتاب
في سبيل موسوعة معرفية مختصرة
(3)
المقدمة:
في الحقيقة ان الكتابة عن الطغاة والمجرمين هو سلاح ذو حدين،فالكتابة والحديث عنهم وعن افكارهم وسيرتهم وكل مايتعلق بهم يثير الاشمئزاز في النفس لدرجة الغثيان وهم بالحقيقة تراث اسود في مسيرة الانسانية يجب ازالته من عقول النشء وعدم اتاحة المجال له وبكافة الوسائل للاستمرار في المستقبل،وحتى من الواجب تنظيف المتاحف الفكرية والتراثية من كل ما يتعلق بهم لانهم ينزلون الانسان الى درجة وضيعة لاتتناسب مع خلق الانسان وآدميته،لكن بنفس الوقت هناك اهمية بالغة في البحث والدراسة عنهم كتابة اوحديثا للوقاية من شرور افكارهم واعمالهم مستقبلا بحيث يتم زرع الكراهية لاعمالهم القذرة التي جرت بدعم دولي وشعبي احيانا حتى يتم تجنب تكرار تجاربهم البشعة مرة اخرى وحتى يتم القضاء على ظاهرة توالد اجيال منهم وخاصة من محيط منحرف معادي للمجتمع الرافض لهم،فمن يحمل الهدفين السابقين نرفع له قبعاتنا تحية ونضع ايادينا الممتدة بالخير والمحبة على يديه،وما عدا ذلك حكمه اللعن على كل من يكتب او يتكلم عن طاغية او مجرم بنية الدفاع عنه او تبرير جرائمه أو اعماله . والاعمال الناتجة من البحوث والدرسات تدل في الغالب على رأي الكتاب او الباحثين وبالتالي يمكن وضعه في المقياس السابق لانزال الحكم الادبي والاخلاقي عليهم.
سيرة اشرار البشر هي جزء من كتابة السيرة والسيرة الذاتية،والاخيرة بالنسبة للاشرار صعبة جدا لان تغطية الجرائم وخاصة التي تكون بحجم كبير لا يمكن تبريرها بحال من الاحوال لانها قد تكون وثيقة ادانة لهم وليست ورقة للدفاع عنهم لتبرير اعمالهم،ولذلك من النادر ان نجد طاغية على شاكلة ستالين وهتلر(بعد تسلمه السلطة لان كتاب كفاحي قبل تسلمه الحكم) وبول بوت والشاه وصدام وغيرهم لاحصر لهم او مجرم محترف على شاكلة ابونضال او الزرقاوي وغيرهم يكتب سيرته الذاتية بينما نجد المناضلين الثوريين اصحاب المبادئ الانسانية السامية اذا سنحت الفرصة لترك مذكراتهم او مؤلفاتهم فلا يترددون ابدا في الكتابة خاصة اذا لم تسنح الفرصة لهم لتطبيقها على ارض الواقع وفقدوا حياتهم او زهرة شبابهم من جرائها وبالتالي ليس هنالك من وسيلة غير ترك الاثر الفكري للبشرية لكي تختاره وتطبقه بعدهم او على الاقل ان تحكم لهم ادبيا واخلاقيا وانسانيا وان تدين اعدائهم الذين يحملون مبادئ الشر واعمال الاجرام والارهاب،والامثلة كثيرة على مذكرات شهداء الانسانية ودعاة الحرية والعدالة والتقدم والمساواة.

الكتاب الثالث
الزرقاوي
فؤاد حسين
الكتاب:الزرقاوي-الجيل الثاني للقاعدة:تأليف الصحفي الاردني فؤاد حسين،الطبعة الاولى صيف 2005 بيروت ويتكون من 303 ص قطع كبير.
الكتاب صدر قبل مقتل الارهابي الكبير ابو مصعب الزرقاوي بعام تقريبا حيث قتل في غارة امريكية في منطقة هبهب التابعة لمحافظة ديالى في7\6\2006م،والكتاب يتضمن سيرته وآرائه وبعض اعماله ولكن من وجهة نظر مؤيدة لمجرم سفاح لا يتورع عن ارتكاب الجرائم بحجج شرعية لاحصر لها مستمدة من تراث طويل من التكفير واحتكار الرأي واستباحة دم المخالف لفترة ممتدة لقرون مضت،والمستقبل لا يحمل اي امل في ان ينتهى هذا التيار المدعوم ماديا ومعنويا بشكل لا مثيل له ويستطيع الدخول في عقول البسطاء والفقراء والمغفلين بطرق عديدة لامجال للمقاومة امامها الا بامتلاك العقل والوعي،وفي ظل انعدامهما تصبح النتيجة معروفة وقاسية ومروعة خاصة في ظل سيطرة الاعلام الموالي لهم على الساحة وفي ظل ظروف تفرز اجيال من المتطرفين.
المؤلف هو صحفي من نفس بلد الزرقاوي(الاردن)وهو عمل مراسل لقناة المنار الشيعية التابعة لحزب الله اثناء عملية غزو العراق عام 2003م وهو في نفس الوقت يؤيد وجهات نظر التكفيريين والتي من ضمنها تكفير الشيعة واستحالة دمائهم!وبالتالي ينشأ الاستغراب من موقف المنار وحزب الله اللبناني هذا وخاصة تجاهل حرب التكفيريين المعلنة على شيعة العراق بحجة الحفاظ على وحدة المسلمين الهزيلة وضرورة تكثيف الجهود ضد امريكا في كل مكان،وقد ادى ذلك الموقف السيء الى انحسار تأييد الحزب وتشوه سمعته كثيرا لدى الكثيرين في العراق والخليج ايضا،وهذا من جملة اخطاء الحزب ومؤيديه وخاصة عدم وجود رؤية واضحة تجاه التكفيريين الذين لم يخفوا ارائهم ابدا تجاه كل من يخالف رايهم وعملهم.وقد شاهدت بالصدفة المحضة بعد مقتل الزرقاوي،برنامج حواري في قناةLBC اللبنانية على ما اعتقد وفيه شاهدت فؤاد حسين مؤلف الكتاب يدافع بحرارة عن مجرم سفاح مثل الزرقاوي دون اخذ اي اعتبار او اهمية لضحايا هذا السفاح وزمرته الباغية! وعندما قرأت الكتاب وجدت ما يؤيد رؤيتي بأن المؤلف هو احد الاقلام السوداء الملطخة بدماء الضحايا الابرياء،كذلك وجدت في بعض المواقع الالكترونية من يتهم المؤلف صراحة بسرقة وثائق ومعلومات الكتاب من اصدقاء او اقرباء الزرقاوي بعد ان وعدهم بأشياء ولا اعلم صحة ذلك،وبالمناسبة كانت تغطية فؤاد حسين لحرب العراق هزيلة وسطحية الى ابعد الحدود وهي في مجملها مؤيدة لنظام البعث البائد الذي لا يتفوق عليه احد من الانظمة العربية بسفك دماء الابرياء،مقارنة بالتغطية الممتازة في حينها لقناة غير اخبارية مثل المستقبل او حتى العربية التي كان عمرها لايزيد عن اسابيع!.
يبدأ الفصل الاول بالحديث عما يسميه المؤلف الاضلاع الثلاثة لشخصية الزرقاوي،وكأن هذا المجرم الجاهل والساذج التفكير له فكر وشخصية تحتاج الى تحليل رياضي ومنطقي بقدر ما تحتاج لتحليل اجرامه والدوافع الذاتية لاعماله الوحشية التي بنيت على فكر تكفيري مؤسس من قبل ابن حنبل وابن تيمية وابن قيم الجوزية وابن عبد الوهاب،لقرون مضت،ومازالت مدرستهم الفكرية التكفيرية تخرج اجيال من الرعاع مغسولي الدماغ الفارغ البعيد عن المنطق والعقل.
نعود للاضلاع!هو من مواليد1966 في مدينة الزرقاء من اسرة فقيرة تنتمي الى عشيرة بدوية في مدينة يشكل التزمت الديني السلفي الركن الاساس في الحياة فيها،لم يكمل تعليمه في الثانوية العامة وكان من شقاوات الحي بأعتراف المؤلف،ولكن لم يضيف انه كان منحرفا بل اضاف بلباقة مزيفة ان نفسه وثابة وتبحث عن اي شيء يطفئ عطشه للرجولة وفعل شيء نافع!بالطبع لا يذكر تفاصيل تلك المرحلة المخزية من حياته المشينة.
الاضلاع الحقيقية للتطرف التكفيري:
الملاحظ في سيرة غالبية المتطرفين الدينيين الذي يرفضون الحوار ويتعاملون مع روح الدين بمنطق الخشونة في التعامل ومع الاخرين ويستخدمون العنف وسيلة مفضلة للتعامل هؤلاء منبعهم ثلاثة مصادر هي:الفقر والانحراف والجهل. اذا كانت البيئة ذات وضع اقتصادي صعب سوف ينشأ جيل من العاطلين الغاضبين على سوء الاحوال،والشباب بغالبيتهم قليلوا الصبر والتحمل في تلك الظروف مما يولد قابلية لهولاء للبحث عن ملجأ روحي للتعويض عن النقصان،واذا كان الملجأ الروحي متخم بالاموال كما هو معلوم من دول وهيئات ورجال دين ومؤسسات تستمد من العنف والتطرف هدفا وغاية،يصبح الدافع اقوى واشمل ومبرر في نفس الوقت.
المصدر الثاني هو الانحراف الاخلاقي،والذي ينشأ غالبا من الفراغ والبطالة وتساعد الظروف الصعبة على انحراف الكثيرين من الجنسين لغرض المال،وهؤلاء نهايتهم في الغالب،اما الاستمرار في خط الانحراف،او الهداية على يد المتشددين الذين يجدون في هؤلاء مصدرا لاينضب بالاضافة الى سهولة التجنيد بعد عملية سهلة لغسل الدماغ الخالي من دفاع عقلي ومنطقي منفتح مقابل هؤلاء الذين يستخدمون بعض النصوص الدينية وفق تفسيرهم الخاص مدعوما بالترغيب والترهيب لتسهيل المهمة الواقعة من ضمن واجبات الدولة في حالة اذا كانت منفتحة وديمقراطية فكيف الحال في دولنا!!.المصدر الاخير وهو مكمل لسابقيه هو الجهل وهنا يأتي الجهل الابجدي والثقافي والتكنولوجي الناتج من التخلف التعليمي وترك المدارس في المراحل الاولية بدون رقابة اسرية او حكومية مشددة .
بعد عودته من افغانستان اسس الزرقاوي واستاذه المقدسي تنظيم سلفي متطرف عام1993م وسرعان ما اكتشفته الاجهزة الامنية الاردنية فزجت بهم في السجن الذي بقي فيه مدة 5 سنوات وبعد خروجه عام 1999م كان قد تشبع بالافكار المتطرفة تساعده في ذلك بيئته واستعداده النفسي،وسرعان ما غادر بلده لينقل شروره الى البلاد المجاورة،فسافر مرة اخرى الى افغانستان واسس هناك معسكر قرب هيرات وبعد الحرب الامريكية التي اسقطت نظام طالبان في ديسمبر (كانون اول)2001م ترك مثل بقية افراد القاعدة وطالبان القتال وهربوا بأتجاه البلدان المجاورة،وليس هناك سوى القليل من المعلومات المتوفرة عن تلك الفترة والتي فيها انه كان منفصلا عن بن لادن بسبب الخلاف حول بعض الاراء والتوجهات،والظاهر ان تطرفه الشديد وقسوته في العمل قد وضعته امام تصادم مع قادة الحركة الاخرين.توجه بعد ذلك الى ايران وهو البلد الذي يكفره!ومع تهاون الاجهزة الامنية الايرانية في اعتقاله مع افراد مجموعته بقي هناك عدة شهور توجه بعدها الى شمال العراق حيث يتواجد اعضاء منظمة انصار الاسلام الكردية المتطرفة التي غيرت اسمها الى انصار السنة بعد ذلك وهي من اكبر المنظمات الاجرامية ومن اشدها تطرفا وقامت بأبشع الجرائم الوحشية بحجج واهية،وبدأ التعاون فيما بينهما نظرا لتقارب السلوكين الفكري والعملي،وبعد اغتيال الدبلوماسي الامريكي في الاردن في اكتوبر(تشرين اول)2002م بدأت الانظار تتجه اليه،واخذت بعدها شهرته بالازدياد حتى ذكره وزير الخارجية الامريكي كولن باول في شباط 2003م في شهادته امام مجلس الامن حول علاقته مع النظام العراقي البعثي السابق . خلال فترة قصيرة استطاع الزرقاوي ومساعدوه بناء شبكة ارهابية واسعة في مناطق واسعة من العراق والبلدان المجاورة،ولا يعود السبب الى عبقريته بقدر ما يعود الى تدفق الاموال الهائلة من الخليج ووجود عدد كبير من المتطرفين في البلاد العربية الحاملين للفيروس التكفيري المستعدين لتنفيذ كل الاعمال الاجرامية بحجة الجهاد والتقرب من الله سبحانه البرئ منهم ومن اعمالهم الشريرة الخسيسة.
عملية حرية العراق:
بعد تحرير العراق في يوم 9نيسان2003م من العصابة الاجرامية المتحكمة فيه منذ 9 شباط 1963م،اصبحت الحدود الدولية مفتوحة في ظل عدم وجود سلطة قوية قادرة على حفظ الامن والاستقرار،وفي ظل هروب البعثيين المجرمين خارج العراق محملين بالاموال غير الشرعية بدأ الارهابيين والمتعصبين بالتوافد من كل الاتجاهات للقتال في العراق في ظل الدعم الهائل المادي والمعنوي وبخاصة في ظل التحالف القومي السلفي المشترك وليس غريبا ان اشترك في هذا التحالف غير المعلن الاخوة الاعداء العرب من غالبية الانظمة العربية والهيئات الدينية السنية المتعصبة مع الدعم الهائل من البعثيين السابقين في محاولة يائسة لارجاع الاوضاع الى سابق عهدها في العراق وبخاصة تحكم الاقلية السنية العربية فيه وهذا من النوادر العربية المتشبعة بالخلافات المستديمة،وقد ساعد في قوة وشدة الارهابيين واستمرار عملياتهم الحربية المعلنة بالاضافة الى العقيدة التكفيرية الرهيبة التي لايقف امام تطبيقها اي حائل بعد ان ابيحت كل الوسائل وبخاصة التي تأبى النفس البشرية من مجرد التفكير فيها،هو التهاون الواضح من قبل الحركات الشيعية والكردية في محاربة هؤلاء المجرمين ما عدا التباكي على الضحايا،لا بل سلط البعض سيوفهم على البعض الاخر وكانت النتيجة خمس سنوات ومازال الوضع على حاله!!. بدأت الاعمال المسلحة في المناطق السنية في خطوة نظر اليها محاولة للسيطرة على الحكم مجددا في ظل تحكم التفكير الطائفي العنصري المقيت دون الاخذ بالاعتبار التغيرات الحاصلة في الساحة الدولية خلال العقد الاخير،وقد حاول مؤلف الكتاب وكتاب اخرون تبرير عمل الزرقاوي والقاعدة من ناحية حربهم المعلنة على الشيعة في العراق بالاضافة الى العداء العقائدي المعلن،كون الشيعة هم البادئين بالعنف والحقيقة التي لايختلف عليها اثنان هو ان الارهابيين السنة بدأوا بتصفية الشيعة على الطرق الخارجية في المنطقة الغربية العراقية ثم تلاه الانفجار الاجرامي الرهيب الخالي من كل ذرة انسانية في النجف الاشرف قرب الضريح المقدس للامام علي(ع) في 29\8\2003م والذي استشهد فيه العشرات بالاضافة الى رئيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية! والمجلس الاعلى في العراق العلامة الشهيد السيد محمد باقر الحكيم،والذي قام بالعمل الاجرامي والد احد زوجات الزرقاوي والمنشورة صورته القبيحة في الكتاب وباعترافهم انفسهم،ثم يأتي بعد ذلك من يقول ان الزرقاوي بدأ الحرب منتصف عام2004م ردا على عمليات الشيعة!!منتهى الوقاحة والحقد والوضاعة والكذب .
بدأت عمليات الزرقاوي بتفجير السفارة الاردنية في بغداد في8\8\2003 ثم مقر الامم المتحدة وفي النجف الاشرف في نفس الشهر ثم تلاه تفجيرات كربلاء والكاظمية في الثاني من آذار 2004م والتي يذكرها المؤلف خطأ ولعدة مرات في الثاني من شباط2004م هذا بالاضافة الى العمليات الارهابية الصغيرة الاخرى ومن ضمنها اغتيال رئيس مجلس الحكم الشهيد عز الدين سليم في آيار2004م،هذا وقد حاول المؤلف الفصل بين الزرقاوي والقاعدة قبل الاعلان عن عودة جماعته المسماة التوحيد والجهاد،والمقصود الشيعة والامريكان،على اعتبار ان الشيعة غير موحدين!والامريكان محتلين فيجب جهادهم،وكانت الانبار قاعدة الزرقاوي الرئيسية في العراق ثم تاتي بعد ذلك في الاهمية ديالى ومناطق بغداد السنية ومن تلك المناطق كان انطلاق الهجمات الارهابية التي احرقت ما تبقى من العراق بدعم جزء من اهله !.
يتحدث المؤلف في الفصل الثاني عن افكار الزرقاوي وعقيدته الفاسدة،ويبدأ اولا بالحديث عن مدرسة الزرقاوي المذهبية!!ياللعار هذا الجاهل والمجرم المتخلف له مدرسة مذهبية تقارن بمدارس الاسلام المذهبية لعلماء افنوا حياتهم للعلم والمعرفة ثم في الاخير توضع مدارسهم بجانب هذا المنحرف المعتوه والذي يعترف بانحرافه ثم هدايته في رسائله المنشورة في ثنايا هذا الكتاب الممجد له!نعم هكذا يفعل الاعلام ونحن في هذا العصر الذي يوصف بالمتقدم وبأنتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة في مختلف شؤون الحياة،تتحول الحقائق الى اباطيل والضحايا الى مجرمون وجلادون اما المجرمون الذين لا يمتون للانسانية بصلة سوى بالاسم والشكل امثال هذا الملعون الزرقاوي،فأنهم في نظر امثاله شهداء وضحايا،لا نستغرب اذا قيل ان التاريخ الاسلامي خصوصا والعالمي عموما مزور والحياة كانت بدائية وامام عيوننا واسماعنا تنتشر الاكاذيب والادعاءات في كل وسائل الاعلام لتستقر في عقول وقلوب وضمائر البسطاء من الناس ولا يتخلص من تلك الترسبات الاسنة الا من منح نفسه المناعة الكافية الناشئة من الوعي والادراك المرتكز على العقل والمنطق وثقافة عامة تميزه عن غيره .
يتحدث المؤلف عن المدرسة السلفية وخاصة النجدية الحنبلية منها والمنسوبة لابن تيمية وبن عبد الوهاب،وفي شرح تفصيلي مؤيد لافكار مدرسة السلفيين وايضا فيه يعترف بتأثير المال في انتشار افكار تلك المدرسة المتطرفة وذلك من جراء تخصيص الدولة السعودية وبقية دول الخليج بالاضافة الى اثريائهم وكل ذلك من جراء تدفق النفط بغزارة ولو صرفت الاموال لخدمة اقتصاد الدول الفقيرة ومنها المسلمة لتقدمت كثيرا بدلا من زرع الفتن والمبادئ الهدامة التي تشغل البلاد والعباد في صراعات جانبية لاحصر لها،وفي النهاية ارتدت تلك الافكار عليهم فأصبح جزء كبير من المدرسة السلفية يكفر الدولة السعودية وعلماءها واخذت النار تنتقل من البلاد المبتلية بالارهاب والتطرف الى داخل بلادهم بعد ان كانوا مصدري المال والرجال الى خارج حدودهم . لم يذكر المؤلف آراء المدارس السنية الاخرى المضادة لمدرسة السلفية وايضا الشيعة،فذلك ليس من شأنه فمهمته فقط الدفاع عن تلك المدرسة ورجالاتها ولتذهب حيادية وصدقية العمل الصحفي الى الجحيم !،افكر بعواطفي وغرائزي اعيش في تلك المعمعة بافضل حال او ابقى فقيرا مشردا تطاردني فتاوى التكفيريين الهمجية!.
ذكر وبدون معارضة او تأنيب ضمير حي عداء هذا الممسوخ للشيعة في العراق وكيف كان يحاربهم ويقتلهم بابشع قتلة وبتاييد اقلية موالية من افراد البيت العراقي! والذين اكتوا بنار الارهاب بعد ذلك كما حصل لدول الخليج مما سبب ثورة الصحوات العشائرية ولكن بعد مقتل هذا الممسوخ.
ثم يحدد المؤلف الملامح الرئيسية لفكر الزرقاوي في ادبياته ! ومنها استشهاده بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية واراء العلماء المؤيدين لفكره،كذلك دعواته للتوحيد والتحريض للقيام بالاعمال الارهابية ومنها اعادة العمل بسنة الذبح!!وليست سنة طلب العلم والعمل الصالح! ثم انتقاده للانظمة المسلمة والعلماء المخالفين والاديان والمذاهب الاخرى،يعني باختصار ان لم تكن معي فأنت ضدي وبالتالي يحل لي قتلك،تلك رسالة الزرقاوي الانسانية الخالدة ! وهي منهاج فكر وعقيدة يسير عليها ملايين المتطرفين المشوهين فكريا .
في الفصل الثالث الموسوم(قالوا في الزرقاوي)وهي شهادات رفاق حياته(يعني وضع كالمشاهير ايضا فيه اقوال كذا!)وهي ثلاث شهادات اعتبرها هامة لمعرفة شخصية ذلك المعتوه،الاولى شهادة زميل له في الفترة1993-1999 وخاصة فترة السجن،وهي تفصيلية لكن ما يلفت الانتباه امور كثير على ما وصل اليه مع افراد مجموعته من تطرف في كل شيء،يقول الشاهد حوله انه متسرع جدا ويريد كل شيء بسرعة وكأنه يريد تحقيق ما يطمح اليه في ظرف شهور ان لم يكن في ظرف ساعة من الزمن!وكان ينفرد بالقرارات في جل الاوقات وياتي بالامور في غير وقتها ولا مكانها المناسبين،ولكن المصيبة الافدح ان اكثر الاخوة كانوا يوافقونه على ذلك.انتهى كلام الشاهد هنا هذا يعطينا تصور واضح حول شخصيته وكذلك زملائه ومدى انعدام شخصيتهم امامه لانهم في الغالب من الجهال سواء بالعلم او الادب او الدين وبذلك تذوب شخصيتهم الضعيفة اساسا امامه وهو فارغ العقل ولكن يمتلك القوة العضلية لقيادة المجموعة،وحالته شبيه بحالة الدكتاتور صدام ومجموعته. وفي موقع اخر من الشهادة يتحدث عن تكفير المحسوبين على التيار الاسلامي في الاردن الموجودين معهم في السجن،ولكن الاخطر مما جاء في شهادته واعتبره دليلا هاما لما وصل اليه ومجموعته من انحدار فكري مشوه وخطير اقرب الى السفاهة والتفاهة منها الى الواقع والعقل والمنطق،يقول انه بعد استشهاد يحيى عياش قائد الجناح العسكري في حماس في اوائل1996م وهو الاكثر شعبية في حينها لدى الشعب الفلسطيني،يقول كتبت قصيدة فيه(في السجن) اثارت زوبعة شديدة لدى الاخوة وخاصة الزرقاوي اتهمت فيها اتهامات باطلة فالاخوة كانوا يكفرون حركة حماس وقادتها ومنهم المهندس عياش فأنكرت عليهم هذا الامر ناهيك عن انهم لم يكن لديهم اي فكر جهادي تجاه محور قضية الاسلام الرئيسية وهي قضية فلسطين،منهم لايفكرون بفلسطين ولا بالجهاد فيها او مساندة المجاهدين بل الاخطر من ذلك ان المجاهدين لا يسلمون من سهام اخواننا،كان اعتراضهم شديدا على هذه القصيدة!.انتهى حديث شهادته.
يتبين مما سبق مقدار الحقد الدفين الناتج من التكفير المستند الى مدرسة خطرة جدا تحاول وبكل الوسائل السيطرة ليس فقط على العالم الاسلامي بل على العالم اجمع،وليتصور الجميع ما سوف تصل اليه البشرية اذا تحكم هؤلاء السفهاء والمجرمون فيها!الحكم متروك للقارئ عليهم اما التأريخ فقد وضعهم في اسفل مزبلته النتنة التي تضم اشرار البشر واعمالهم المخزية.
الشهادة الثانية كانت لاستاذ الزرقاوي ومعلمه الاول،المقدسي وهي كتبها في ايلول 2004م ويعترف فيها في التفرغ للعلم والكتابة والتدريس لان نوعية الشباب من الجاهلين وحديثي العهد بالدعوة !وفي تلك الشهادة يدافع عن زميله الزرقاوي ولكن يذكره بالحفاظ على ماتعلموه من احكام الشريعة،والاغرب تحذيره الشديد من سفك دماء المسلمين ومن ضمن قوله(حذار من التساهل فيما اعتدنا على التشديد فيه من عصمة دماء المسلمين واموالهم واعراضهم ولو كانوا عصاة او فجارا فأن دماء المعصومين ورطة من الورطات يوم القيامة..وقد درسنا ودرسنا في ابواب الاعتقاد ان استباحة دماء المسلمين خطر عظيم والخطأ في ترك الف كافر،أهون من الخطأ في سفك قطرات من دم مسلم واحد...)!!!نعم التطبيق من الزرقاوي الذي سفك دماء الآف الضحايا من مختلف الطوائف والاعمار ولم يستثني احدا حتى حلت عليه اللعنة الالهية في الدنيا والاخرة.
ومن ضمن الوصايا التي تجاهلها الزرقاوي عدم استهداف غير المقاتلين ولو كانوا كفارا او من النصارى او الانجرار وراء استهداف عموم الشيعة وحرف المعركة عن المحتل وصرفها الى مساجد الشيعة واعتبر اعلان الحرب عليهم ليس من السياسة الشرعية في شئ،او التهديدات الجوفاء لدول العالم كافة.
اما الشهادة الثالثة فكانت للمصري محمد مكاوي الملقب بسيف العدل والتي يعترف في بدايتها انه لم يكن في يوم من الايام من هواة القراءة والكتابة! وفيها يذكر شرح تفصيلي للعلاقة مع الزرقاوي وخاصة في افغانستان بعد عام1999م وخاصة عن معسكرهم في هيرات ثم هروبهم من افغانستان بأتجاه ايران بعد انهيار حكم طالبان،وكذلك فيها نصائح وارشادات له ولغيره،ثم تحدث عن كيفية وجود رابط قوي في مجموعة الزرقاوي،وهو الزواج المتعدد بين افراد المجموعة ولفتيات صغيرات السن!وهذا يدل ان العامل الديني ليس كافيا بنظر هؤلاء لردع الخيانة او التراجع فيما بينهم لان المصاهرة تمنع كل ذلك وتجعل الجميع يعملون كأسرة واحدة.
في الفصل الرابع تحدث المؤلف عن شخصية بن لادن من تأريخ اسرته الى ما قبل احداث سبتمبر2001م وبالتأكيد من قراءة العرض التاريخي يمكن بسهولة معرفة آراء المؤلف المؤيدة له والداعمة لاعماله وبالتالي لا توجد اهمية لهذا الفصل سوى معرفة السيرة التاريخية لابن لادن لمن يرغب بذلك. الفصل الرابع المسمى الزرقاوي من اين الى اين؟ وهو في الحقيقة يتحدث عن مبادئ وآراء واستراتيجية الرجل في المستقبل!وكأن هذا الممسوخ له فكر يستحق ذكره او علم سياسي يبحث عن محللين او جامعات لتدريسه!اذن ماذا تركنا للمفكرين والباحثين اذا ذكرناه معهم؟! المهم يتوقع كاتبنا العبقري ان تأثير الزرقاوي سوف يتجاوز العراق ليمتد الى مناطق قريبة من العراق في غضون ثلاث سنوات!!ونحن رأينا انه بعد هلاكه انقلاب السنة العرب في العراق على القاعدة ومؤيدوها بحيث لم يبقى سوى نواحي نائية تنتظر التحرير من ارهابهم!،ثم يتحدث عن الدين الاسلامي عنده وانه ليس طقوس وعبادات فحسب،بل هو منهاج واسلوب وطريقة للحياة!،هكذا كتب ولايحتاج ذلك الى تعليق!وفي موقع آخر يعترف بتكوينه البدوي والذي يمتدحه الكاتب دون ان يذكر الصفات السيئة المعروفة عن البدوي وطبائعه المتناقضة مع تطور المدنية،كما يعترف ان مدينته في غالبية تكوينها من اللاجئين الفلسطينين والذين عاشوا حياة البؤس والشقاء والتي تولد بدورها التطرف بشتى انواعه،كذلك يعترف بممارسة الزرقاوي طرق الفتوة ويعني بها الشقاوة في طريقة السلوك والتعامل مع الاخر وهو في النهاية كان اسلوبه المفضل في الارهاب كمثل الديكتاتور صدام،ولكن الغريب ان يصفها كاتبنا الصحفي بأنها منطقية ومبررة،ولا ادري من اين جاء المنطق والتبرير!ويقدرها بسنتين.ثم يتحدث بالتفصيل عن خطة الزرقاوي لمقاومة الامريكيين ومن بينها تجميع العراقيين الذين شاركوا معه في الجهاد الافغاني ثم اتخاذه منطقة الجزيرة السنية قاعدة له ثم يذكر في النقطة الثالثة والمهمة كيف عاود الاتصال مع الخليجيين وخاصة السعوديين والكويتيين من اجل الامداد بالمال والرجال وهو الذي ادام الارهاب لفترة طويلة في ظل صمت امريكي وغربي وكذلك الحكومات العراقية المتتابعة!وقد نجح بتجميع مئات السوريين في فترة قصيرة مما يدل على مشاركة النظام السوري في الارهاب داخل العراق من خلال المصلحة المشتركة بينهما.
المضحك كون الكاتب يذكر جزء من عبقرية المعلومات لدى الزرقاوي في خطابه في نيسان2004م حيث يذكر ان العراق مساحته 280الف كلم مربع والحقيقة438الف!ويذكر ان دخل العراق لو عادت الامور قبل حرب1991م لبقى في عام2004م بحدود 40مليار بينما في الحقيقة انه سوف يتجاوز المائة مليارثم يقارن بين الاربعينات والان كون ان عدد من يحملون الشهادة الجامعية الاولى ارتفع من عدة مئات الى خمسة ملايين!ومئات الالوف ممن يحملون شهادات الدراسة العليا! وهي ارقام خرافية سوف يصل اليها العراق بعد عقدين من الزمن على الاقل اذا تضاعف سكانه واستقرت اموره!،ثم يذكر بيعة الزرقاوي للقاعدة بعد ان كان يعمل منفردا وقد اتاحت له فرصة السيطرة على عدد من فصائل الارهابيين الاخرى مما مكنه من توجيه الصراع لفترة طويلة ضد الشيعة والامريكان حسب الاهمية.اما الفصل السادس فهو يتحدث عن القاعدة وخططها المستقبلية لغاية عام 2020م وهي ليست اكثر من تكرار لاحاديثها في وسائلها الاعلامية وليس في هذا الفصل شئ جديد يمكن ذكره او يستحق الذكر.
الفصل السابع والاخير فهو عبارة عن ملاحق وثائقية يذكرها المؤلف لاهميتها وهي تدل على فكر وعقيدة وعمل هؤلاء المتطرفون ومنهم الزرقاوي وتتضمن آرائهم ووصاياهم لمن بعدهم. الملحق الاول هو عبارة عن مرافعة الزرقاوي أمام محكمة امن الدولة في الاردن عام 1994م وهي لاتختلف عن بيانات ورسائل المتطرفين التكفيريين وهي مدعومة باسانيد شرعية سواء بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة بالاضافة الى آراء علماء التكفير والتطرف في كل مايمت للسلطة والمجتمع .اما الملحق الثاني المسمى الحقوا بالقافلة فهي عبارة عن اول دعوة للقتال بعد احتلال العراق وهي مدعومة بعدد كبير من الاسانيد الشرعية وقصص الجهاد الاسلامي في العصور الاسلامية السابقة،كذلك يتهجم على علماء المسلمين المتقاعسين من وجهة نظره عن الجهاد.الملحق الثالث هو رسالة الزرقاوي الى الامة الاسلامية!فهي لاتختلف عن بيانه السابق الا في الدعوة الصريحة لقتال الشيعة،ومن يتحالف معهم من اهل السنة فهؤلاء مرتدين من وجهة نظره ويجب قتالهم قبل الامريكان،وقد جاءت اعماله الشنيعة لتثبت تطبيقه لتلك الافكار التكفيرية الشيطانية ولكن بابشع صورة وامام وسائل الاعلام،وهي التي تركت اثرا سيئا لدى عدد كبير من المتعاطفين اصلا مع المسلمين في كل مكان في العالم وخدمت بشكل لامثيل له جميع خطط اعداء الاسلام.اما الملحقين الرابع والسادس فهي مواقفه ضد حكومتي علاوي والجعفري وفيها من التهجم والتحريض عليهما مالا يستحق الذكر او التعليق.اما الملحق الخامس فهو عبارة عن توصيات منه لاتباعه والملحق الاخير فهو اجوبة استاذه المقدسي على اسئلة المؤلف بخط يده وهي غير واضحة للقارئ!.
الكتاب بمجمله عرض شامل لسيرة الزرقاوي قبل مقتله من وجهة نظر مؤيدة،رغم علمانية صاحبها الاردني وهي دليل على التحالف القومي التكفيري المستند على قاعدة العداء للغرب ولكل الطوائف غير السنية،وهذا الكتاب صدر قبل تفجيرات عمان التي حدثت اواخر2005م مما سبب له انحسار شعبيته هناك في بلده رغم جرائمه البشعة في العراق!مما يدل على مقدار انحدار الشارع العربي(والاردني جزء منه) المتشبع بالمتناقضات من شتى الاتجاهات،ولكن عندما وصلت نار الزرقاوي الى داخل بيوتهم تغيرت النفوس،اما ضحاياه في المناطق الاخرى فليست لهم اهمية تذكر!!لم يذكرهم المؤلف ولو بحرف من صحوة ضمير متأخرة!.
الزرقاوي وجيل القاعدة هم نتاج للفكر التكفيري الموجود منذ اكثر من الف عام ومازالت الكثير من الدول التي تدعمه،وكذلك نتاج للفقر والتخلف والاستبداد الذي يحكم الدول الاسلامية منذ قرون خلت،وهم قد يكون من بينهم فعلا انه مخلص للاسلام وصافي القلب لكنه اخطأ الهدف بأتباعه اساليب وحشية تدل على انحراف تام عن المفاهيم والقيم الدينية النبيلة وهي تذكرنا بالقصة الشهيرة التي حدثت للصحابي الجليل عبدالله بن خباب بن الارت،وهو كان مع والده من خيرة صحابة رسول الله(ص)،ففي عام 38هجري الموافق658م كان يسير مع زوجته الحامل في شهرها الاخير فتعرضت له مجموعة من الخوارج فسالوه عن رأيه بالامام علي(ع) لانهم مخالفين له بعد ان عرفوا من هو،فأثنى عليه فاغاضهم ذلك فاخذوه مع زوجته،وفي الطريق اخذ احدهم تمرة ووضعها في فمه فقال له احدهم بم استحللتها،فرماها ثم مروا على خنزير فقتله احدهم بسيفه او اراد قتله في رواية اخرى،فنهره احدهم على انه خنزير معاهد فبمن استحللته،فأستغرب عبدالله قولهم وفعلهم فقال ألا أدلكم على ما هو أعظم عليكم حرمة من هذا قالوا نعم،قال:انا،فقدموه فضربوا عنقه!!ثم ذبحوا زوجته الحامل وبقروا بطنها!!فما كان على الامام علي(ع)الا ان يحاربهم بعد ان اشاعوا الفساد في الرأي وقتلوا النفوس البريئة،تلك القصة رغم قدمها الا انها تعبر وبصدق عن الواقع الذي تعيشه الامة الاسلامية منذ ذلك الزمان البعيد، يقرأون القرآن ويحفظونه،ويحفظون الاحاديث النبوية التي تتلائم مع آرائهم وكذلك القصص التاريخية،ولكن لا يتورعون عن سفك الدماء الطاهرة وبشتى الطرق الوحشية التي يتعفف الشيطان منها لبشاعتها دون ان يوقفهم جنس وعمر الضحية او النصوص الدينية التي تشدد على حرمة الدم المسلم او الانسان بصورة عامة،بل متاكدون من براءة الضحية احيانا!!تلك هي المصيبة التي يتحمل فقهاء السفاهة والتكفير وزرها ووزر من عمل بها امثال ذلك المقبور الزرقاوي،من يعي معنى قصة ابن خباب التي كانت من المفروض ان تكون مثال يعتبر به ودرس لا ينسى لكل المسلمين،ولكن تبقى النفس المريضة الامارة بالسوء هي الحاكمة وتبقى الافكار البغيضة هي التي تسيرنا..وبقية البشرية تسير نحو مستقبل افضل ونحن نسير بأتجاه الذبح واسر النساء لغرض بيعهن! ثقافة التكفير والتجهيل مازالت السائدة وبفضل علماء السوء ومفاخر الاستبداد من الحكام!وفي النهاية البقاء في مؤخرة الامم....







2008/11/25

لوحة


تعليقات ثقافية سريعة

تعليقات ثقافية سريعة:
بعد ان انهيت من قراءة عدد شهر يوليو تموز2008 من مجلة العربي،وهي من المجلات المفضلة لدي ولكن رغم وجود الكثير من المقالات او الكتاب فيها بدون مستوى ثقافي مقبول،وكذلك كلما اقتربت المجلة من المحلية الكويتية بكل تفاصيلها المملة،بعد جمهور القراء عنها...وهي نظرا لصدورها من الكويت فهي تعطي مجال اكبر لكتابها رغم ان بعض المنشور عنهم بدون مستوى الحد الادنى للمجلة،رغم وجود اكفاء آخرين على الساحة الثقافية الكويتية ولكن الظاهر غير مسموح لهم باصدار كتاباتهم فيها وقد يكون احد الاسباب هو عدم وقوعها ضمن خط المجلة المعتدل...
المقال الافتتاحي للعسكري كان جيد عن الفخ اللاانساني للديمقراطية وخاصه حديثه عن السفيهة الالمانية المستشارة ميركل التي انظر الى سياستها الخارجية او كلامها حول الكثير من المواضيع ارى انه ينتج من امرأة تختلف كليا عن السياسيين الالمان المعروف عنهم الرزانة والوضوح والاستقلالية...ولا ننسى ماضيها عندما كانت تعمل في ناد ليلي وهي مهنة لا يحبها عدد كبير من الغربيين نظرا لاحتكاكها الدائم بالسكارى والمنحرفين..عموما حديثها عن كيفية بدء الازمة العالمية الغذائية لان شعوب فقيرة بدأت تأكل وجبة ثانية في اليوم!!هل هذا كلام عاقلين او كلام سفهاء...هذا بالاضافة الى مواقفها العنصرية والمعادية للشرقيين عموما...اتمنى ان لا يتجدد انتخابها...
الموضوع الثاني عن السوق الخليجية المشتركة بقلم اسامة الرحيمي،وفيه يتكرر ذكر نفس الارقام الاقتصادية في مواقع عدة في المقال!وهويذكر ايجابيات المجلس الخليجي دون التطرق للسلبيات الكبيرة والتي من اهمها عجزه رغم الفترة الطويلة عن اقامة وحدة اقتصادية او عملة موحدة رغم ان الاتحاد الاوروبي انجزها بأقل من ذلك.
كذلك استطلاع العربي عن مسندم الواقعة في عمان على مضيق هرمز وهو الثالث خلال 28 سنة واعتقد غير مبرر لكون هنالك مناطق كثيرة اخرى في العالم لم تزرها المجلة.
هناك الكثير من المواضيع الادبية الجيدة وخاصة الحوار الموجود،واخص بالذكر المقال الادبي لجابر عصفور عن مرور ربع قرن على رحيل الشاعر امل دنقل عام 1983،وهو في غاية الرقة وتعبير عن العرفان بالجميل لهذا الشاعر الكبير وتظهر موهبة الكاتب في تعابيره الجميلة والرقيقة من خلال ثنايا الموضوع، او افكار ورؤى حنا مينا الادبية وهو موضوع جيد خاصة لمبتدئي الحياة الادبية.
كما يوجد استطلاع من داخل الكويت عن معرض للمخترعين العلميين،وفي الحقيقة ان البحوث العلمية في العالم منذ فترة طويلة هي كثيرة العدد وايضا ذات فائدة كبيرة للبشرية ولكن ليس هنالك تطبيق عملي لها،بل ان هذه المشكلة تواجه حتى الدول المتقدمة في عدم تطبيق البحوث العلمية على الواقع الحياتي،وهنا اذكر مشكلة صديق لي له اختراعات هائلة في عمل محرك يوفر الطاقة بصورة كبيرة للبشرية،ويفيد البيئة ويحل الكثير من المشاكل،ولكنه عجز من اقناع الحكومة او الجامعات في تبني مشروعه نظرا للبيروقراطية المتجذرة في النظام البحثي وتطبيقاته.
كما هنالك مقال عن السيرة الذاتية والمنفى والوطن والعودة المستحيلة لادوارد سعيد،وهو مفكر فلسطيني الاصل توفي عام 2003،وشهرته كبيرة في الاوساط العلمية خاصة بحثه عن الاستشراق والمستشرقين،ولكنني لا اشعر بود تجاهه منذ ان قرأت مقاله الذي فيه شتائم لروجيه غارودي الفيلسوف الفرنسي الذي اعتنق الاسلام وألف كتابه عن المحرقة اليهودية،والظاهر ان ادوارد سعيد يكرهه لسببين اولهما تركه الدين المسيحي لكون سعيد مسيحي والاخر هو اعتناقه فكرة المحرقة بكل تفاصيلها الجزئية المبالغ فيها...عموما هنالك الكثير من محبيه ولا ينتبهون الى تلك الهفوات التي اعتبرها قاتلة من خلال صدورها منه.
بالاضافة الى منتدى الحوار في العربي وهو منبرها لسماع الاراء الاخرى وهو في تقديري فرصة للاخرين لاعطاء ارائهم حول قضايا العربي المطروحة،وكذلك بحث علمي قيم عن الجليد وعرض كتب،الاول وهو
من تأليف عبد الله بشارة رئيس مجلس التعاون الاول الذي طلب من دول المجلس بضعة ملايين كي يترك منصبه!وهو يتناول حروب الكويت الدبلوماسية خلال فترة الستينيات وطبعا من وجهة نظر حكومته فقط!.
والاخر وهو كتاب قيم بحق،من المكتبة الاجنبية عن تشكل الشرق الاوسط الحديث وهو من تأليف برنارد لويس وقد كان استعراض له والظاهر انه نسخة جديدة مطبوعة لانني اذكر انني قرأته عام 1996 كاملا لانه يعطي فكرة واضحة من وجهة نظر غربية طبعا عن كيفية تكون دول الشرق الاوسط والتي يظن عدد كبير من مواطنيها ان دولهم لها تاريخ عريق موجود في القدم!واخص بالذكر الدول الصغيرة التي تحاول اثبات وجودها،واذكر انه كان طبعة دمشق عام 1992،وهو ضخم ودسم التحليل والمنطق.
في الختام تبقى مجلة العربي،من المجلات الرائدة في العالم العربي وهي حققت للكويت شهرة لم تحققها من خلال البترول او من خلال وسائل اعلامها الاخرى.

استراحة قصيرة

استراحة قصيرة:
بعد الانتهاء من عرض الكتابين السابقين واللذان قد يكونا مفقودين من رفوف المكتبات... يجب منح العقل استراحة اجبارية ولكن قصيرة الامد بالطبع،حتى يجدد نشاطه من جديد واكمل بقية الاصدارات الاخرى...لان التركيز على المواضيع الفكرية ومن ضمنها السياحة المكتبية،قد يسبب الملل لدى البعض، والعقل او الروح البشرية بصورة عامة تحتاج الى الترفيه النفسي والجسدي...والكتابة بصورة عامة متعبة خاصة تلك التي تلي قراءة سابقة...
ولذلك فأن الاستراحة سوف تحتاج الى موسيقى هادئة مع فن تشكيلي جميل...
لكون هذين الفنين الجميلين سهلي المذاق للغالبية العظمى وخفيف التركيز على العقل...
بالاضافة الى انه غذاء روحي للنفس حسب ماقيل سابقا...
حتى السياسة سوف نبتعد عنها...ليس فقط لانها متعبة...بل لانه ليس هنالك تغيير في المنطقة العربية منذ اكثر من اربعين عاما،عندما كانت الانظمة والوجوه تتغير بسرعة...اما الان فأن الوجوه التي تبعث على اليأس وتنعدم في ثناياها الرحمة والعقل...فهي باقية لا تتزحزح الا الى العالم الاخر...والغريب ان الزمن يسير بسرعة ايضا لا يحس بها الكثيرون!.
عموما امنياتي الطيبة للجميع...

2008/11/20

قرأت لك- الحلقة الثانية

يذكر المؤلف في الفصل الثاني أسماء البعثيين الاوائل وأصولهم الدينية والمذهبية والمناطقية والطبقية من مختلف مناطق العراق ولكن كانت تنظيماتهم ضعيفة في الجنوب وقوية في الوسط،وكان اول امين عام للحزب في العراق فؤاد الركابي وهو شيعي من الجنوب وكانت نسبة الشيعة عالية في القيادات ومعظمهم من المهاجرين الى بغداد او طلاب فيها،ثم يذكر تشدد الحزب في قبوله الاعضاء حيث جعل خمسة مراتب طويلة الامد وبعدها تتم العضوية!وهو تقليد حتى سقوطه المدوي عام 2003م،ولان كان الحزب جديدا لذلك وصل الى اعلى المراتب فيه حتى بداية السبعينات شباب صغار السن ارتكبوا الكثير من الجرائم والحماقات نتيجة قلة الخبرة وعنفوان الشباب وطيشه،ولكن بقائهم فترة طويلة في الحكم جعل الحزب شيخا خرفا بأعضاءه تمسكه عصا الديكتاتورية.معظم قيادات الحزب واعضاءه الاوائل تمت تصفيتهم على مراحل عديدة ولكن حصة الاسد كانت من نصيب المجرم صدام.أعترف المؤلف بأن عدد اعضاء الحزب الشيوعي ومؤيديه كان كبيرا جدا يقدر بعشرات الالآف بينما حزب البعث بضع مئات!ومع هذا منح زعيمه حقيبة وزارية أسوة بغيره وبدون تناسب.تحدث المؤلف كثيرا عن علاقة عبد الناصر مع حزب البعث وتحالفه مع جناحه في العراق لاسقاط الجنرال عبد الكريم قاسم،وصراعه مع جناح الحزب في سوريا! ودعمه كذلك لكل المحاولات الانقلابية،كل ذلك في سبيل الابقاء على زعامته الديكتاتورية الزائفة وتوسيعها بعد ان نافسه قاسم بعقلانيته ووطنيته وكذلك شخصيته وثقافته القوية،ويكفي المقارنة بين اسلوبيهما في الكلام،كان عبد الناصر يستخدم العامية لعجزه وقاسم الفصحى لاتقانه لها،وقد سبب تدخل عبد الناصر المستمر حتى سقوط قاسم في 8شباط 1963م وبعد تسلم أعوانه تناسى الجميع الوحدة العربية وضاعت احلامهم الزائفة في خضم صراعاتهم الدموية،وبذلك يكون عبد الناصر وحزب البعث المسؤولين عن كل الجرائم سواء في تمرد الشمال عام 1959م والذي أدى الى أنتقام الشيوعيين والاكراد مما سبب مقتل بين 3-5 الاف،وقد أجج مشاعر الحقد والانتقام التي أنفجرت عام 1963م مما سبب سقوط أكثر من 20الف ضحية في ظرف 9 أشهر في بلد لا يتجاوز 6 ملايين،بينما كان حكم قاسم بأعتراف أعدائه رحيما مع الخصوم مما سبب ذلك سقوطه!.
تكلم المؤلف كثيرا عن مؤسس الحزب ميشيل عفلق،وفكره وشخصيته مما يجعل من كتابه أحد الوثائق الهامة لتاريخ هذا الحزب الدموي والي بني على القتل والغدر والتخريب عكس الاحزاب الوطنية الاخرى.ومن ابرز ما تميز هذا الحزب واصبح في نفس الوقت سمة له ولاتباعه فقره الفكري وتفاهة افكاره التي جمعها من الماركسية والاسلام والقوميين العرب!في تناسق غريب وساذج ويذكرني هذا بالجدل الفكري ايام الديكتاتور ستالين في الاتحاد السوفييتي عندما رفض الكثير من الماركسيين فكرة قيام الاشتراكية في بلد واحد بل يجب ان تكون على مستوى العالم!معللين ذلك بأن الرسمالية والحروب سوف تجهضها بينما اذا انتصرت في العالم لا احد حينها يستطيع القضاء عليها،الا ان ستالين باجرامه المعهود تبنى الاشتراكية في بلد واحد،وأدعى ان تلك نظريته الخاصة للتغطية على جهله الفكري المفضوح وسجله الاجرامي المكشوف،وقد تكرر ذلك عند تلميذه النجيب الذي لم يراه،صدام التكريتي وجميع مواصفات ستالين تنطبق عليه أدعى ضرورة تطبيق الاشتراكية في بلد عربي واحد وهو العراق،عام 1976م بعد ان أدعى بعض البعثيين ضرورة قيامها في جميع أقطار الوطن العربي!محاولات مكشوفة لحزب وزعيمه للتغطية على جهلهم الفكري وتأريخهم الاجرامي البشع،هذا مثال بسيط على سرقة الحزب لفكر الاخرين ونظرياتهم.ضحالة فكر البعث وجهل اتباعه وأميتهم الثقافية لم يبنى من فراغ بل كان مؤسس الحزب عفلق نموذجا مميزا له فقد كان كتابه الرئيسي في سبيل البعث مجموعة مقالات وأحاديث مجموعة في كتاب واحد ولم يكن له سفر فكري يذكر له بل ان الكثير من أفكار البعث مأخوذة من زكي الارسوزي الذي ترك البعثيين وتركوه،وتميز البعث وخاصة في جناح العراق بجهل أفراده وهذا مايؤيده المؤلف من أن الجناح في سوريا متقدم عليه في النوع من حيث كثرة المثقفين فيه،وقد أعترف عفلق حسب المؤلف انه لم يقرأ كتابا واحدا منذ عام 1956م وهذا حديثه بعد عدة أعوام وقد يكون ذلك لغاية وفاته عام 1989م والغريب في الامر أن تلميذه طارق عزيز يذكر ذلك عن نفسه في مقابلة تلفزيونية مع ال بي سي اللبنانية عام 1999م من انه لم يقرأ كتابا منذ عام 1958م وهو يعتبر عن البعض من مثقفي الحزب !!لقد اصبح الحزب وأعضاءه مثالا للسخرية والاحتقار من قبل الشعب العراقي منذ عام 1963م بعد ان اجتمعت فيهم كل الرذائل والموبقات.كان عفلق نموذجا للانتهازية والجبن أيضا ويذكر ذلك في مواقع عديدة من الكتاب وخاصة في رسالة الذلة لحسني الزعيم ديكتاتور سوريا حينها يتوسل العطف والعفو،وهذا مادرج عليه أعضاء البعث ومنهم البكر عندما أزاحه عبد السلام عارف في نوفمبر1963م.
يذكر أيضا تدخلاته في الصراع بين الحزبيين وكيف يميل للاقوى مما جعل البعثيين وخاصة السوريين يطالبون بأقصاءه من الحزب بعد أن اصبح عبئا وعارا عليهم،يالسخرية ذلك الحزب الذي يطرد مؤسسه قبل ات تطرده الجماهير.وعلى العكس منهم تميز منافسهم الرئيسي وهوالحزب الشيوعي بتراثه الفكري الغني بسبب عالميته وتأسيسه على يد كبار الفلاسفة والمفكرين مما جعل له بغض النظر عن خطأ أو صواب نظريته فكره المتميز والثري والغني عن التعريف مما يجعل مقارنة فكرالبعث معه كالقزم أمام العمالقة،ويكفي البعث عارا قتله أفراد الطبقة المثقفة لمختلف التيارات وتزعم الجهلاء والرعاع له وجعلهم مفكرين !والبكر وصدام قمة في الجهل والهمجية والوحشية خيرا مثال على ذلك.
تحدث المؤلف عن صراع عفلق وعبد الناصر مما يدل ان التنافس على الزعامة والحكم هدف هؤلاء وليس الوحدة العربية،ولاننسى ان الصراع بينهما كان دمويا أحيانا وسبب الطرفان من الكوارث على العرب ما يفوق العملاء.
يذكر المؤلف وهو معروف أيضا في مؤلفات أخرى عن البعث كيف ان هذا الحزب الصغير الذي عجز عن جمع الناس حوله أدرك ان هدفه الوحيد استلام السلطة تحت حجة الوحدة العربيةالوهمية وهو الذي مزق بلدا كالعراق فكيف لو تسلم حكم بقية الاقطار لاصبحت بالتاكيد مثل يوغسلافيا السابقة في التشرذم والحروب!،ولذلك تبين له ان الخيار الديمقراطي لن يوصله أبدا للحكم ولذلك سعى وبكل وسيلة مهما كانت قذرة المهم الهدف(الغاية تبرر الوسيلة)،تطبيق للميكيافيلية بأسوء صورها،لذلك فأن أقصر الطرق هو الانقلاب العسكري كما هو معروف،وهل يوجد غير العسكر من يقوم بتلك المهمة،وبعدها يقوم بتصفية من يرفض الخضوع للبعث،ولذلك فالاختلاف بين بعث1963 وعمره القصير وبعث1968 وعمره الطويل هو أن الثاني أستفاد من تجربة الاول فقام بعد 13 يوم فقط بأقصاء حلفاءه العسكريين ثم تصفيتهم لاحقا،بينما الاول أبقى عليهم ولما وجد ان البعثيين عاثوا في الارض فسادا وأجراما وخاصة تنظيمهم العسكري(الحرس القومي)ادى الى الانقلاب عليهم في 18\11\1963م وتخليص العراق ولو مؤقتا من شرورهم.
تحدث الفكيكي كثيرا عن الحياة السرية لحزب البعث خلال الحكمين،الملكي والقاسمي ولذلك جاءت تسمية الكتاب(أوكار الهزيمة) لتعني ان الحزب أنطلق من أوكاره السرية الى الحكم فورا بدون العيش في العلن وبدون خبرة مما جعلهم يتخبطون في أفعالهم وقراراتهم مما سبب الكوارث لهم ولبلدهم،والحياة في الاوكار السرية تعنى العيش في خوف وقلق دائم من كل شئ وعدم الثقة بالاخرين،وعدم ممارسة الحياة الطبيعية،والابتعاد عن الاهل والاصدقاء.
الجوامع المشتركة بين سكنة الاوكار السرية هي صغر السن نسبيا مما يعني ضعف التجربة الحياتية،المستوى الثقافي والدراسي الضعيف نسبيا او غير منهين لدراستهم،وكذلك ضعف الوازع الديني والاخلاقي مما يجعل تعاملهم مع الاخرين وخاصة الخصوم بدون وجود اي موانع تحد من التجاوزات،وقد ذكر المؤلف كيف بعد مرور 10 سنوات تقريبا عندما أطلع مع صديق على عدد من المنشورات التي لم ترى النور وهي تشبه أصداراتهم السابقة،وكيف ضحكوا من تفاهة وتخلف وضعف ما كتبوا سواء لغويا أو فكريا وكيف هناك عدد كبير من الناس من يصدقوا تلك التفاهات ويضحون من أجلها! فكيف الان وبعد مرور نصف قرن على تلك التفاهة الكبرى والمسماة البعث...ملايين الضحايا وعشرات الملايين من المعذبين يكفي للدلالة على حقيقة هذه المافيا السرطانية مما يجعل هناك ضرورة ملحة لتجنيب الاجيال القادمة من تلك العصابات المقنعة،وأول سلاح هو الفكر وتنظيف العقول وليس الابادة الهمجية كما فعل البعث مع الخصوم.تحدث المؤلف عن غالبية المؤتمرات التي اشترك فيها قبل تركه الحزب ومن بينها الصراعات الداخلية داخل الحزب وموقف عفلق فيها الا انه لم يتحدث فيه بعد طرده ومجموعة من البعثيين أثر أنقلاب بعض العسكريين عليه في 11\11\1963م ثم نفيهم خارج العراق،كذلك عن حياته بين عامي 1968-1979 حتى هروبه الى لندن بقيت مجهولة،وهي ضرورية وان كان هناك واجب على عائلته ذكر تفاصيل ذلك كونه متوفي الان ومفيد للحقيقة التاريخية وعدم ترك المجال للمحرفين.
في الفصل السابع كان الحديث عن سقوط الزعيم قاسم،ورغم مرور مايزيد عن ثلاثين عاما بين السقوط وتأليف الكتاب ألا انه لم يعتذر عن المشاركة وما سببته من مآسي،بل العكس تحدث عن مشاركة بعض الشيوعيين وذكر بعض أسمائهم في تعذيب المعتقلين وجرائم اخرى،الا أن ذلك لا يبرر أطلاقا أنتقام البعث الرهيب بحيث لم يعد احد يتذكر جرائم الشيوعيين لهول وضخامة جرائم البعثيين.وذكر بعض المحاولات الانقلابية الفاشلة،ثم ذكر كيف ان قاسم يعرف عدد كبير من المشاركين الا أنه كان رحيما معهم الى ابعد حد وكانت نتيجة أعماله أنه قتل رغم الوعد بعدم الانتقام ومنحه محاكمة عادلة يعرفون نتائجها مسبقا! وقد أستفاد البعثيين بعد ذلك من خطأه فلم يتركوا مخطأ ولا بريئا الا وعذبوه أو قتلوه في ظل غياب كامل لمؤسسات الدولة والضمير الانساني الحي.
تحدث المؤلف وبشئ تفصيلي عن انقلاب 8 شباط 1963م وقد ساهم في الانقلاب عدد كبير من الضباط من مختلف الاتجاهات والتي تختلف مع قاسم في كل شئ خاصة في نظرته للاغلبية الشيعية ومنحها بعض الحقوق ولذلك فأن شعبية قاسم كانت في الشارع تفوق بكثير شعبيته في الجيش رغم ان الضباط والجنود الشيوعيين كانوا منتشرين في كل مكان،وقد دعم الانقلاب عبد الناصر والغرب رغم مابينهما من خلافات،وبعد سيطرة الانقلابيون بدأت حملة شرسة ضد الشيوعيين ثم تلاها الاكراد ثم بدأ الصراع بين الانقلابيون أنفسهم ولم ينتهي ذلك الصراع الذي بدأ مع رحيل عبد الكريم قاسم في 9 شباط 1963 الا بعد سقوط صدام في 9 نيسان 2003م وبذلك مرت على العراق اربعون عاما أو بالتحديد482 شهرا من الطغيان والاستبداد وعدم الاستقرار مالم يشهده تاريخه المعاصر رغم ما مشهور عن العراق من عدم استقرار دائم وتتابع الطغاة على حكمه.اعترف الفكيكي بأشتراكه في الجرائم التي حدثت في الحكم البعثي الاول والذي استمر 9 شهور،واعترف بوحشية الوسائل المستخدمة في تعذيب المعتقلين وقتلهم وانتهاك اعراضهم وسلب ممتلكاتهم في بداية وحشية لحكم ذلك الحزب الفاشي مما يدل على ان كل من يدافع عن البعث واتباعه بعد عام 2003م يستحق اطلاق عليه كلمة بعثي ويستحق ايضا عقوبة مادية او معنوية على ذلك اذا اريد للعراق التخلص نهائيا من تلك الحقبة الاشد ظلمة من تاريخه المأساوي الطويل.
اعترف الشيوعيين نتيجة التعذيب وجرت تصفيتهم ومن اعترافاتهم ان الاتحاد السوفييتي هو الذي منع الحزب من ان يستولي على الحكم وعندما جرت تصفيته وقف متفرجا كما فعل عام 1978م عندما اباد البعثيون مرة اخرى للحزب بعد تحالفهم معه عام 1973!وبذلك نسي الحزب في غضون بضعة سنوات عشرات الالاف من ضحاياه الذين لو قدر لهم العيش مرة اخرى لرفضوا ذلك الحزب الذي فقد الكثير نتيجة تبعيته العمياء للسوفييت مما حوله الان الى قيادة بدون قاعدة بعد ان كان العكس سائدا في الخمسينات الى السبعينات.وكما هو معروف انه لولا منع قاسم للشيوعيين ومحبيه الفقراء من قتال الانقلابيون لتغير تأريخ العراق المعاصر.
لقد أسس حزب البعث لمدرسة خرجت عدد كبير من المجرمين المحترفين واجيال من المشوهين عقليا وجسديا مما جعل العراق بعد عام 2003م كمثل شعب معوق خارج من المصحة النفسية،ويحتاج رعاية وعناية من قبل الامم الحرة بعد ان رفضته الشعوب العربية المستعبدة!.
لقد اثبتت أحداث شباط 1963م بما لايقبل الشك ان المؤسسة العسكرية الطائفية العراقية التي يتباكى عليها الكثيرين سواء من السذج الشيعة أو السنة هي المسؤولة الاولى لما حصل من جرائم،ويجب على الجميع منع تكرار ذلك بأبعاد بقايا البعث وعباد الديكتاتورية الهمجية.اتهم الكثيرون بأن الذين تسببوا باسقاط الزعيم قاسم هم الشيعة سواء من البعثيين أو غيرهم،ولكن الحقيقة غير ذلك الفكيكي يذكر أنه عند اول تمثيل وزاري شكل البعثيون 60%ومذهبيا الشيعة 30%وبينما ضمت قيادة البعث خمسة من الشيعة وثلاثة من السنة في شباط1963 الا ان دورهم لم يحد من الطائفية العنيفة للحكم الذي يقوده سنة متعصبون على راسهم عبد السلام عارف والبكر ويذكر المؤلف ذلك(مازال الخالصيون اصدقاء عارف يرفضون الاتهامات الموجهة له مما يثير الشبهات حولهم بأستمرار)،وبعد ذلك اخذ العد التنازلي للتمثيل الشيعي بالهبوط حتى وصل بعد تسعة شهور فقط الى ثلاثة فقط من تسعة عشر!حتى وصلت الى الصفر في السبعينات وبعدها ارتفع قليلا لكن دون نسبة20% لطائفة تشكل بين60-65%ومهما كانت النسبة في الحكم البعثي الثاني فأنها لاتؤثر بسبب سيطرة صدام وأقربائه على الحكم مما جعل البقية مجموعة من الدمى المتحركة!.كما تحدث الفكيكي طويلا عن الانقسامات داخل البعث ودور عفلق واعوانه فيها،وكما هو معلوم سيطرة الجناح اليساري للبعث على السلطة في عام 1963م الا ان هذا الجناح انتهى بأنقلاب عارف في 18\11\1963 مما جعل السيطرة النهائية لحكم البعث الثاني للجناح اليميني.
غالبية الاسباب التي ادت بالبعث للانقلاب على قاسم،لم يغيروها بل العكس زادوها سوءا،ومن ضمنها ابتعاد قاسم عن الوحدة العربية الفورية وهو لم يقضى سوى اربعة سنوات ونصف،بينما هم اربعين سنة،وايضا حرب قاسم مع الاكراد،ازدادت سوءا باستخدامهم الاسلحة المحرمة دوليا،مسالة الكويت،اعترفوا بها ثم غزوها،شيوع الالحاد والشيوعية وهم قتلوا وعذبوا كل مؤمن برئ وليس اسلامي فقط ولم يستثنوا احدا!
الخلاصة:
شهادة المؤلف على عصر دموي تميز بالانغلاقية وعدم نشر غسيله القذر امام الجمهور،هي دليل شجاعة ولكن متأخرة كثيرا(ثلاثين عاما كاملة)وتزداد قيمة شهادته كونه من القيادات العليا لحزب فاشي تولى تدمير بلاد بأكملها،وغالبية الشهادات على حكم البعث جاءت بعد عام 1991م بعد الحصار الدولي على العراق مما حرم صدام من أنتشار مخابراته في خارج العراق عندما كانوا يمارسون الاجرام برعاية دولية لكونه المدافع عن الانظمة الفاسدة والغرب في حرب ايران.
الكثير من الافكار والاعمال مازال المؤلف مؤمنا بها رغم خطأها ولم يعتذر صراحة عن مشاركته بل عللها ان تلك الفترة كان الجميع منغمسا بالتيارات المختلفة ومؤمنا بالعنف وشرعيته،الا ان ذلك لا يبرر عدم الاعتذار.ذكر المؤلف تفاصيل احيانا غير مفيدة مثل المؤتمرات الحزبية واهمل تفاصيل حكمهم العبثي الاول وخاصة طائفيتهم،كما اهمل الفترة من1964-1979رغم اهميتها البالغة،وايضا اهمل اعطاء صورة واضحة عن كثير من الشخصيات المؤثرة بينما تحدث بالتفصيل عن البعض الاخر.اعتبر الكتاب غير مكتملا كونه مختصرا لفترة زمنية طويلة وكان من الاولى للمؤلف التوسع فيه ولا أجزم بصدقية المؤلف تماما كونه اخفى معلومات او لم يشير لبعضها الاخر،الا ان درجة الصدقية عالية .
في الختام،كتاب جدير بالقراءة وهو على شكل مذكرات شخصية لفترة زمنية محدودة ولذلك تحتاج الوقائع والشخصيات الى النقد والتحليل كما ان هنالك اهمالا واضحا لدقة التواريخ.لا يعرف للمؤلف مؤلفات اخرى ولا اعلم مالسبب رغم كون جعبته مليئة بالحوادث الهامة خاصة تلك التي اطلع عليها وتحتاج الى صفحات أضافية لنشرها.الكتاب يمثل ايضا دعوة لكل البعثيين بضرورة نشر سيرة حياتهم وان كانت خاطئة وضرورة ان تكون المادة المكتوبة صادقة ومدعومة بالاعتذار عما حصل والتعبير عن الحزن والالم لما قاموا به واستعدادهم مساعدة الضحايا او العدالة وهو الحد الادنى للتعامل مع اتباع ذلك الحزب الفاشي.

قرأت لك- الحلقة الاولى

قرأت لك
مختصر وتحليل وتعليق ونقد للكتاب
في سبيل موسوعة معرفية مختصرة

مقدمة لابد منها:
أصبحت شعوب العالم العربي الادنى في العالم على مستوى القراءة والكتابة وتأليف وطباعة ونشر الكتب،وفي الاحصائيات العالمية توجد بلدان صغيرة تتفوق على العرب تأليفا وطباعة،كما وكيفا،وتلك مشكلة كبرى من مشاكل العالم العربي المستعصية،ويشترك الطرفان الحكومي والشعبي في أستفحالها وعدم أيجاد الحلول الناجعة لها والغريب في الامر أن الجاليات العربية في الغرب ورغم العيش المشترك لفترة طويلة الا أنها مازالت متأثرة ببعض سلبيات العالم العربي ومنها قلة القراءة والاهتمام بالمعرفة والتدوين رغم فرص العيش الرغيد والحرية الواسعة،عكس ما هو معروف عن العرب والمسلمين في العصور الاسلامية من أهتمام واسع لا مثيل له بالعلم والمعرفة،تطبيقا وسلوكا وتدوينا ونقله للاجيال اللاحقة وكتب التاريخ تعطي امثلة حية ونموذجية على ذلك.
رغم مرور أكثر من 40عاما على القصة الشهيرة،عندما التقى وزير الدفاع الاسرائيلي الاسبق موشي دايان(1915-1981) بهيئة الاذاعة البريطانية البي بي سي التي سألته من ضمن الاسئلة،أنه أستخدم نفس الخطة الهجومية في حرب 1956م والتي ذكرها في كتابه بعدها بعام،في حرب عام 1967م مجددا،والسؤال كان هل خاف ان يكون العرب يعلمون بها وبالتالي يكونوا مستعدين لها لدحر أسرائيل؟الجواب كان عن قناعة وثقة عالية بالنفس ايضا:كلا لان العرب لا يقرأون!!.بعد مرور تلك الفترة الطويلة لا يزال العرب في سبات تام ولا يقرأون!ولا ندري متى يصحون؟.
مهما تكن مشكلة الغالبية العظمى من عدم توفر الكتاب الى عدم توفر المال الكافي لشراءه الى عدم توفر الوقت للقراءة والتفكير(وكأن الجميع يعمل لفترات طويلة!) الى عدم توفر الرغبة وغيرها من الاسباب،أدعوا كل من لديه القدرة على كتابة مختصر مفيد وبامانة تامة للكتب التي قرأها مع تحليل وتعليق ونقد بسيط أن أمكن،للمساهمة في نشر متعة القراءة والمعرفة للجميع،ولا يهم نشر المختصر مع النقد والتحليل في الانترنت والصحف والمجلات،المهم هو ايصال المساهمة لاكبر عدد ممكن من القراء والتوصية لهم بنشرها شفويا أو تحريريا.
من هذا المنطلق بدأت بذاتي والمصادفة كانت لاخر الكتب التي قرأتها،وسوف ابدأ وعلى شكل حلقات متسلسلة اذا سمح لي الوقت بنشر المختصر ونقده وتحليله لاشهر الكتب التي قراتها وبعضها مر عليه سنين طويلة
وأتمنى ان تكون على شكل موسوعة مختصرة يشترك فيها الجميع لخدمة الجميع تحت شعار المعرفة للجميع .
الكتاب الاول
أوكار الهزيمة تأليف هاني الفكيكي

كتاب:أوكار الهزيمة،تجربتي في حزب البعث العراقي،تأليف هاني الفكيكي:
الكتاب يتألف من384ص من القطع المتوسط ومطبوع في قم بأيران للمرة الثانية بدون تاريخ! نقلا عن طبعته الاولى في لندن عام 1993م وهو كتاب سيرة ذاتية لكاتبه القيادي البعثي السابق ولايخلو من الجرأة والشجاعة الادبية في نقد الذات لما قامت به في الماضي من أخطاء مأساوية،وبالتالي هدفه عرضه للاجيال اللاحقة للاتعاض من التجربة القاسية والمرة والبحث عن طريق فيه حفظ حرية وكرامة الجميع بدون أستثناء.
الكاتب في سطور: هاني الفكيكي،ولد في بغداد عام 1936 وأنتسب الى حزب البعث عام 1954 أي عمره 18 عاما !وشارك في هذا السن الصغير في مسؤوليات حزبية ورسمية كبيرة بعد ذلك.شارك في أنقلاب 1963م واصبح عضو قيادة للحزب في العراق ومجلس قيادة الثورة،اطيح به في انقلاب11\11و18\11\1963م فصل بعدها من حزب البعث عام 1964م أكمل دراسة الصيدلة عام 1969 وأعتقل بعدها عدة مرات حتى مغادرته العراق نهائيا عام 1979م الى لندن حيث توفي عام 1997م ودفن في دمشق-السيدة زينب(ع).أنتهى
يتألف الكتاب من تسعة فصول اضافة للمقدمة.يبدأ الكتاب عن سيرة اسرته وأصولها القبلية،وهو من عائلة شيعية أصلها من جنوب العراق،والده القاضي والكاتب المعروف توفيق الفكيكي الذي ألف ما يقارب العشرين كتابا أشهرها كتابي الراعي والرعية وهو دراسة مقارنة بين النظرة الاسلامية للحكم والدساتير المعاصرة بالاستناد الى رسالة الامام على(ع) الى مالك الاشتر حين ولاه على مصر،والكتاب الاخر هو المتعة في الاسلام،اي الزواج المؤقت وتبيان الغاية منه لحماية المجتمع من الفساد،أما والدته فهي سنية أصلها من الدليم،أما نشأته فكانت في ضاحية الاعظمية السنية،ورغم شهرة والده ودفاعه عن المذهب الشيعي وأتذكر مناقشته ومعارضته لكتاب مصطفى كامل الشيبي عن الصلة بين التصوف والتشيع،الذي فيه كثير من الاتهامات الغير صحيحة والتي ردها بعض الفقهاء والمؤرخين،وأتذكر رد توفيق في مجلة الايمان النجفية وكان فيه تذكير بشيعية المؤلف ووالده،وأقارنه بما ذكره ابنه في الكتاب في تهاونه مع أبناءه الذين يصلون وفق المذهب السني وقد يكونوا معتنقيه نتيجة سكنه تلك الضاحية السنية المتعصبة،كذلك سوء تربية على الاقل واحد من أبناءه أي هاني دون أن يذكر المؤلف البقية من أخوانه، كان أنسانا منحرفا يشرب الخمر ويمارس الزنا مع البغايا في بغداد والتي يذكرها بدون خجل او حرج،يجعل القارئ يستغرب من موقف الوالد المتناقض!.يعترف المؤلف بان والده بعد التخرج من كلية الحقوق وتبوئه المناصب الهامة،كان حائلا دون اصطدام عائلته بالمسألة الطائفية حيث كان أبناء الجنوب الشيعي الفقير وممن كانوا يحملون أسماء تدل على شيعيتهم كانوا يلاقون التمييز الواضح في المدينة والادارات،ذلك التمييز الذي لا ينكره الا مكابر في كل العهود في العراق الحديث.كما يذكر كيف يتم ألصاق تهمة الشعوبية والانتماء الى العجم بكل شيعي بينما اغلبية من يطلقون ذلك هم من اصول تركية أو من القوقاز والبلقان!،كما يذكر كيف أنه رغم أنتمائه القومي فأنه كان مثل بقية أفراد جيله خائفا من الاتهام الطائفي وكيف أن هذا الخوف متوارث وأنه تزايد لدى الاجيال اللاحقة فسيف الاتهام بالطائفية بقي مسلطا على رقاب الشيعة وخاصة مثقفيهم ومتعلميهم على أختلاف الولاءات والاهتمامات!ومازال الاتهام موجها والخوف متغلغلا لدى الكثيرين الان!!.يذكر ايضا كيف فشل والده في الترشح للبرلمان عن الاعظمية رغم مكانته فيها عام 1950،وهودليل قوي على مقدار التفكك الطائفي في المجتمع العراقي وأنه لم يكن وليد الساعة عندما يتهم البعض امريكا أو المعارضة السابقة لنظام البعث المجرم بأنها المسبب للطائفية بعد عام 2003م.يذكر المؤلف في انحاء كثيرة مثالب الحكم الملكي،أبتداءا بسيطرة السنة العرب مرورا بالتركيبة البرجوازية والاقطاعية للحاكمين،وبفقر المجتمع وأهمال الدولة له بالاضافة الى حديثه الدائم عن المعارضة السياسية وكيفية تحركاتها وعملها الدؤوب لاسقاط النظام،ورغم أعدام النظام لقادة الحزب الشيوعي وبعض الضباط والفساد والطائفية وتزوير الانتخابات،ألا أنه بالمقارنة مع الانظمة المستبدة بعد عام 1963م فأن الامر جدا مختلف بل يصح أن يقال بأن العصر الذهبي للعراق في الحكم الملكي!،فالسماح بالتظاهرات والاضرابات وعمل الاحزاب والنقابات وأفساح المجال للصحافة بالعمل مع هامش حرية،كل ذلك حرم العراق منه بعد ذلك.

لوحة


حول قرأت لك

قرأت لك
مختصر وتحليل وتعليق ونقد للكتاب
في سبيل موسوعة معرفية مختصرة
تحت هذا العنوان اختاريت بعض الكتب منذ بداية هذا العام 2008 لعمل مختصر لها مع تحليل وتعليق لخلق موسوعة معرفية ميسرة للجميع،والعمل كان متعب نظرا لعدم التفرغ التام والكامل،كذلك ان دعوتي لمن تتيسر لديه ثقافة لابأس بها ان يقوم بعمل مختصر مفيد حتى لو كان صفحة واحدة على شبكة الانترنت لم تلقى استجابة واحدة حول كتابة اي مختصر مصحوب بتعليق او نقد للكتاب الذي قرأه شخصيا في الفترة الاخيرة،حتى يستفاد الجميع ممن لم تسعفه الظروف لقراءة الكتب او تكوين ثقافة تساعده على بناء شخصيته المستقلة والتي تفهم الاوضاع الراهنة بصورة اكثر دقة...وعموما الدعوة لكل من يقرأ كتابا،مستمرة لكي يعمل اي مختصر مفيد لها كما انها وسيلة هامة لتقوية الكتابة والذاكرة مع المتعة المصاحبة لهما...
توقفت عند منتصف الكتاب الخامس ولكن اليوم ابتدأت لتكملة البحث الخامس وهو كالسابق بحيث ان المراجعات الاربعة السابقة المنشورة تتراوح بين 8-16 صفحة او بين 3500-7500كلمة فقد احترت هل انشر الموضوع كاملا او اقوم بعمل حلقات له،يعني كل مختصر هل اطرحه بمجموعه او اقوم بتقسيمه الى قسمين او ثلاث اقسام نظرا لكون عدد كبير من الناس لاتحبذ القراءة الطويلة وتفضل الكتابة المختصرة،وهي مشكلة من مشاكل عالمنا العربي،وتبرير عدم قراءة الكتب او البحوث الطويلة بحجة الوقت مثلا هي ضعيفة نظرا لكون لقصر وقت العمل وحجم البطالة الهائل في عالمنا العربي.
هناك حجج واقعية منها عدم الاستيعاب او عدم توفر الامكانات تكون مبررة للبعض.وسوف اقوم ان شاء الله بنشرها جميعا بعد تكملة الكتاب الخامس،ورغم حاولت قدر المستطاع ان يكون مختصرا الا انني لا ادري ماذا افعل حول غزارة المعلومات في الكتاب احيانا او كثرة الشرح او النقد او التعليق الموجودة لدي على متن الكتاب...

في سياحة الكتب

في سياحة الكتب:
انهيت قراءة عدة كتب في الايام الماضية،بعضها قراءة كاملة والاخر استطلاعية ولكن بوقت لا يقل عن الساعتين للكتاب الواحد...والجميع من المكتبة العامة ولذلك سوف ارجعها قريبا باسرع وقت لكي يستفاد غيري منها...

الكتاب الاول:
رجل في قلب العاصفة-احمدي نجاد ،تأليف عادل الجوجري وهو صحفي مصري،ومطبوع في القاهرة عام 2006 لطبعة جيدة.
والكتاب بمجمله يحكي قصة صعود الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى السلطة في ايران،وتاريخه بالاضافة الى مشاريعه المستقبلية وافكاره واهدافه ...الكتاب هو في الحقيقة تجميع لمعلومات مذكورة في مصادر الكتاب من الكتب والمجلات المختلفة،ولا توجد فيه تحليلات او معلومات جديدة والظاهر ان المؤلف اراد اخراجه للنور مع استلامه السلطة حتى يسد ثغرة في المكتبة العربية...وهو اي المؤلف من خلال ثنايا الكتاب يعطي وجهة نظر معجبة بالرئيس الايراني وكذلك لوجهات النظر الرسمية الايرانية وهو طبعا من حقه بلاشك...
الكتاب الثاني:
اسرار وخفايا غوغل،اعداد د.مأمون نعيم،ومطبوع في سوريا،عام 2005.
الكتاب يتحدث عن اسرار وخفايا محرك البحث الشهير على شبكة الانترنت:غوغل.
ويقدم مئة طريقة للبحث المتقدم،ونصوص برمجية.
الكتاب قيم بلا شك،وهو للمبتدئ والمتوسط والخبير،وذو طباعة جيدة،كذلك يمكن الاستفادة من معلوماته وتطبيقها .
الكتاب الثالث:
علم نفسك الانترنت في 24 ساعة،وهو كتاب اجنبي مترجم في مصر للعربية ومطبوع عام 2004 ولكن بدون ذكر اسم المؤلف،والظاهر انه من اصدار مراكز البحوث...
الكتاب قيم وفيه معلومات مبسطة عن كيفية استخدام شبكة الانترنت وتفاصيلها المملة،يعني كتاب فيه الامثلة والطرق المبسطة لتطبيق المعلومة،فأعتقد ان كل من لديه فكرة بدائية عن الانترنت وتفاصيله،يحتاج الى قراءة ذلك الكتاب المفيد للجميع.
الكتاب الرابع:
النفط ،تاليف د.هاني حبيب وهو مؤلف سوري ومطبوع عام 2006 وقد اشرت الى تفاصيله في مقال سابق(كتب بدون مراجعات).
بالاضافة الى اعداد من المجلات وخاصة مجلة العربي والتي اعتز بقرائتها رغم ان مستواها ليس بحجم وقيمة مستواها قبل اكثر من ثلاثين عاما،ويعود السبب الرئيسي الى كثرة المجلات ذات القيمة العالية،ووجود شبكة الانترنت وثورة الاتصالات الحديثة التي توفر المعلومة باسرع وقت،كذلك ان الظروف والمسؤولين عنها ليسوا بكفاءة الاوائل امثال رئيس تحريرها الاول الدكتور احمد زكي الذي احتفظ ببصماته فيها،ومنذ وفاته عام 1975 انخفض مستواها عن السابق،ولكن يبقى رئيس تحريرها الحالي وهو د.سليمان العسكري،كاتب متميز وذو عقلية منفتحة وتمتاز كتاباته بالجودة العالية عكس رئيس تحريرها السابق.
بالاضافة الى مجلة فكر وفن الالمانية الصادرة بالعربية والتي سوف اتحدث لاحقا عنها،وهي مجلة ذات قيمة فكرية عالية...



2008/11/18

الاتفاق الامني

تفاصيل الاتفاق الامني بين العراق وامريكا:
للتو قرأت تفاصيل الاتفاق الامني الموقع بين الحكومتين العراقية والامريكية على الموقع التالي:
http://www.burathanews.com/news_article_53559.html

وهو اتفاق يحتاج الى موافقة البرلمان عليه لاقراره،ثم بعد ذلك الهيئة الرئاسية...
اتفاق واضح وفيه الكثير من البنود التي تساعد العراق على اعادة بنائه الاقتصادي والامني...
شيء جميل ان نرى تفاصيل اتفاقيات امنية في غاية السرية مطروحة للعلن ويتناقشها الناس فيما بينهم بين مؤيد ومعارض...
الحرية وخاصة السياسية منها تكمن فائدتها العظمى في تلك المواقف المصيرية...
والشيء الرائع انه لاول مرة في العالم العربي تطرح للعلن الاتفاقيات التي تمس الامن القومي والسيادة الوطنية..
كل من يعارض عليه القراءة بتأني وبدون عصبية او فكرة مسبقة،وبعد ذلك عليه ان يقارن بين وضع الاتفاقيات الامنية في دول العالم العربي والتي تمرر بدون استشارة الوزراء فكيف الشعب وبرلماناته حتى لو كانت صورية...
اتمنى ان اقرأ تفاصيل الاتفاقيات الامنية والعسكرية بين الدول العربية والاجنبية...ولكن امنية صعبة المنال على الاقل في العقود القادمة...الا اذا جاء زلزال سياسي مثل الذي جاء الى دول الكتلة الشيوعية في اوروبا الشرقية والذي اسقط انظمتها الديكتاتورية خلال عامين...
ان شاء الله تعالى...

2008/11/16

شبه اجماع على السخرية

شبه اجماع على السخرية:
تنتشر في المواقع الالكترونية وخاصة الاعلامية ومنها الصحف والقنوات التلفزيونية،الردود والتعليقات من القراء والزائرين على المواضيع المنشورة،وهي فكرة منقولة من وسائل الاعلام الغربية،ولكن مطبقة بصورة مشوهة في المواقع العربية!،لكون انها فكرة ذكية لربط القراء بالحدث المنشور واستطلاع آرائهم وافكارهم والاستفادة منها ايضا كذلك لمعرفة توجهات الرأي العام،وهي ايضا وسيلة لجذب اكبر عدد ممكن من الزائرين للموقع الالكتروني،بحيث تصبح شبه عادة من خلال رؤية الرأي منشور على صفحة الموقع وهناك من يرد عليه.
التشويه يقع عند النشر،ففي المواقع العربية تحذف وبصورة متعمدة كل التعليقات والاراء المعارضة لسياسة الموقع المعلنة،بالاضافة الى حذف كل التعليقات المسيئة وهي تصنف على اساس اساءة اخلاقية او اساءة لعقائد الاخرين،وبالنسبة للفقرة الاخيرة فأن المواقع العربية تختار ما يناسب عقيدتها الدينية والمذهبية والفكرية وتبقي كل مايسئ لعقائد واديان الاخرين،بينما في المواقع الاجنبية،والغربية منها بالخصوص فأن درجة الموضوعية رغم انها ايضا غير كاملة الا انها في مستويات عالية وتفوق بصورة كلية مستوى الحرية الممنوحة في المواقع العربية،وهذه الصفة موجودة ايضا في المواقع الاجنبية باللغة العربية مثل موقع البي بي سيBBC العربي الذي يخصص بعد الاخبار الرئيسية خانة شارك برأيك لعدة مواضيع في آن واحد،وهذه الصفة جزء من ازمة عامة دائمة يعيشها العالم العربي من خلال التضييق على الحريات وخاصة حرية التعبير.
مقارنة بين موقعين في موضوع واحد:
عقد في يومي 11و12\11\2008 مؤتمر في نيويورك في مبنى الامم المتحدة لحوار الاديان تلبية لدعوة سعودية.وللتعليق على الخبر ومعرفة طريقة تعامل المواقع الاخبارية العربية والمواقع الاخبارية الاجنبية،نختار موقعين يهتمان بنشر اراء المعلقين كجزء من سياسة اعلامية اشرت اليها سابقا،والموقعان هما موقع قناة العربية الفضائية السعودية التمويل والموجودة في دبي بالامارات العربية،والاخرى موقع هيئة الاذاعة البريطانية والمتكون من راديو وتلفزيون،
والممول من قبل الحكومة البريطانية ولكن مستقل عنها،مما ادى الى شهرته عالميا كونه اكثر موضوعية من غيره من وسائل الاعلام المعروفة.
والخبر المنشور في قناة العربية،توجد عليه ردود قليلة بالقياس الى عدد ردود البي بي سي والتي تطرح الموضوع تحت اسم:هل يمكن للسعودية رعاية حوار الاديان.ولايحتاج تفسير لمسألة قلة العدد في موقع العربية بالقياس للموقع البريطاني سوى ان هامش الحرية المسموح ضيقا بحيث يتجنب الكثيرين من ابداء آرائهم وتعليقاتهم لانهم يعلمون مسبقا انها سوف لن تنشر بينما يكون الوضع على العكس تماما بل مشجعا للزيارة وابداء الرأي في موقع البي بي سي.
من خلال المقارنة بين الاراء والتعليقات المنشورة في الموقعين،يمكن رؤية سذاجة وسخافة انتقاء الاراء في موقع العربية بحيث ان الاراء المنشورة كلها تصب في خانة التاييد لدعوة ملك السعودية وبشكل مثير للسخرية ولا تختلف الاراء عن آراء وتعليقات المطبلين للحكام في العالم العربي،بل لم اشاهد تعليق واحد ضد الدعوة السعودية لحوار الاديان فهي كلها تمجيد وتطبيل وبصورة غير معقولة مما يجعل المتابع لها يرفضها جملة وتفصيلا.
بينما بالمقارنة مع الاراء والتعليقات المنشورة في موقع البي بي سي،وهو يتضمن آراء الزائرين للموقع من شتى البلدان العربية بما في ذلك الساكنين في خارج حدود العالم العربي،ومن خلال عرض نتائج التعليقات وهي تعبر بصورة اكثر واقعية عن حالة الرأي العام العربي بصورة اجمالية،تتبين لنا الكارثة حيث الاغلبية الساحقة ترفض الرعاية السعودية للمؤتمر كونها غير مؤهلة اطلاقا لمؤتمر يحث على التسامح والحوار والانفتاح نظرا للسياسة المعلنة والمعروفة تقليدا عن المملكة كونها من اكثر بلدان العالم انغلاقا وتعصبا!.
وعند العودة لمنشأ الاراء المؤيدة في البي بي سي يمكن مشاهدة ان اغلبية المؤيدين للسعودية رغم ان نسبتهم ضئيلة لاتتجاوز10% هم من سكان السعودية نفسها!وليس من خارجها ممايدل على عمق الكره الموجه للحكم السعودي وطريقة تعامله سواء في الداخل او الخارج وتأثيرها على الرأي العام العربي وتوجهاته،وبعض الاراء المؤيدة هي في الحقيقة رد فعل عصبي على كون الاراء المعارضة تفسر على انها معادية للوطن في ربط خاطئ بين مفهوم الوطن والحكم السعودي والعلاقة بينهما وهي لا تختلف عن العالم العربي بأعتبار ان الانظمة هي الوطن ومن يعارضها يكون قد خان الوطن ويستحق اقصى العقوبات!.
كذلك فأن الاراء المعارضة تكون في الغالب مدعومة بأدلة منطقية من خلال رؤية مسار السياسة السعودية من خلال تعاطيها للملف الديني كجزء من تعاملها مع الاخر،بينما تكون الاراء المؤيدة خالية على الاغلب من اي دليل منطقي لكونها يستند على الرواية الرسمية التي تقول ان الدولة هي التي تدعم الحوار من خلال منح الاخرين كافة حقوقهم الدينية واحترام خياراتهم المشروعة،وبذلك تكون ترديد لما ينشره الاعلام الرسمي السعودي.
وبالنتيجة يمكن الاستناد الى ان المواقع الالكترونية العربية ومنها موقع العربية الاخباري،هي فاقدة للمصداقية والموضوعية،والاراء المنشورة لاتعبر بصورة شبه اجمالية عما يشعر به المواطن العربي بصورة عامة،واعتقد ان النتيجة هي قريبة للاراء المعروفة عن الشارع الغربي والذي تتفاوت فيه الاراء ولكن تكون مقاربة لما هو موجود من ارآء على موقع البي بي سي على سبيل المثال.
المثال المذكور هو نموذج لمدى التفاوت الصارخ بين الموقفين الرسمي والشعبي العربي وكذلك الفجوة البالغة الاتساع بينهما والتي تصل لحد القطيعة الكاملة من خلال الرفض المطلق لكل الدعوات الرسمية حتى لوجاءت بصيغة الدعوة للحوار او اصلاح الذات.
ملخص الاراء المعارضة:
الدعوة السعودية لاجراء حوار الاديان،هي محاولة سياسية مكشوفة لاصلاح صورة السعودية التي تشوهت في العالم الغربي بعد احداث سبتمبر2001،بأعتبار ان مركز الثقل العالمي السياسي والاقتصادي والحضاري هو موجود في العالم الغربي.عانى العالم الاسلامي كثيرا من جراء التطرف الديني والمذهبي السعودي على مدار ثلاث قرون مضت وبقي السيف السعودي مسلطا على الداخل والمحيط الخارجي ولم يصل الى ابواب العالم الغربي الذين يحرص على حماية ارواح مواطنيه بصورة تفوق اي اعتبار اخرالا بعد احداث سبتمبر المعروفة مما اشعل لهيب الحرب المعلنة على التطرف الديني المستند على تفسير واحد ذو اطار ضيق،كذلك السخرية تأتي من كون السعودية تعامل مواطنيها والمقيمين فيها وفق اصولهم العقيدية سواء اكانت دينية اوفكرية،وهي تعامل الذين لاينتمون للمذهب الحاكم(الحنبلي) كمواطنين من الدرجة الثانية هذا بالنسبة لمذاهب السنة ،اما بالنسبة لاتباع المذاهب الاسلامية الاخرى ومنها المذاهب الشيعية المختلفة فأنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثالثة! بل لا يوجد احترام لانسانيتهم وكرامتهم المستباحة،فكيف يكون حوار مع الاديان الاخرى وهناك فقدان لحوار حقيقي مع اتباع المذاهب المختلفة ضمن الدين الاسلامي الواحد!،وهذا غير التعامل السلبي مع الذين يعتنقون مذاهب فكرية مختلفة وخاصة السياسية منها.
بينما تعامل البلدان العربية والاسلامية مع مواطنيها،خاصة الذين يقعون ضحايا نتيجة لانتشار التطرف الديني السعودي،لم يكن بمستوى المسؤولية او حتى احترام لانسانيتهم المستباحة، ولو كانوا مثل التعامل الغربي مع ما جرى من احداث دامية لما انتشر التعصب والتكفير والارهاب الذي هو نتيجة ثلاث قرون مضت من انتشاره.
كذلك حضور المؤتمر رئيس اسرائيل يثير التساؤلات في ظل معاناة الفلسطينيين المستمرة،وحضور الفاتيكان في ظل البابا الجديد الذي اثار المسلمين قبل عامين من خلال اتهام الاسلام بالتطرف والارهاب عكس سلفه الذي كان معتدلا في مواقفه.
في اكثر التوقعات ان المؤتمر لن يؤدي الى اي نتيجة مرجوة منه كون ان غالبية المشاركين لايطبقونه بالفعل،او تاريخهم يتعارض مع دعوات الحوار السلمي.

2008/11/14

لوحة 18


اتفاقية امنية علنية

اتفاقية امنية علنية:
في العادة عندما تعقد الاتفاقات الامنية بين الدول،غالبا ما يصاحبها السرية المطلقة،ففي حالة الدول الديمقراطية،تتم مناقشة الاتفاقيات الامنية تحت قبة البرلمان ثم بعد ذلك يجري التصويت حولها وتبقى على الاكثر سرية ضمن حدود الاجهزة التنفيذية والتشريعية،ولا يكشف عن تفاصيلها الا بعد مرور فترات زمنية طويلة.
اما في حالة الدول الغير ديمقراطية،فأن الاتفاقيات الامنية وغير الامنية تعقد بدون استشارة البرلمان هذا اذا كان هنالك اصلا برلمان! وحتى لو كان صوريا فأنه لا تعرض عليه،وانما تبقى في حدود ضيقة من المعرفة تقتصر على الرئيس او الملك ونوابه والمحيطين به.
في حالة الاتفاقية الامنية المزمع عقدها بين العراق وامريكا،فأنه رغم الوضع الامني والاقتصادي الصعب الذي يمر به العراق،كذلك رغم الحرب الاعلامية التي تشنها دول ومؤسسات لتشويه صورة الوضع الجديد في العراق ولاغراض مختلفة،نلاحظ ان العراق ومن هذا الوضع الغير مستقر يناقش الاتفاقية وبمختلف تفصيلاتها ومن خلال الاجهزة الحكومية الرسمية من تنفيذية وتشريعية،بل وتفوق على الكثير من الدول الاخرى بحيث اصبحت مختلف وسائل الاعلام تناقشها بالاضافة الى المؤسسة الدينية ومختلف طبقات المجتمع المدني من احزاب ومنظمات شعبية،تلك حالة فريدة من نوعها،فبغض النظر عن مدى صواب الاراء المؤيدة او المعارضة للاتفاقية الامنية،نرى ان مجرد الرؤية وبموضوعية للحالة في العراق فأنها تثير الاعجاب،فلاول مرة في تاريخ العراق والعالم الاسلامي ايضا،تتم تلك المناقشات في جو من الحرية والديمقراطية رغم ظروف الارهاب القسرية والتي تدعمه دول كثير بغية اجهاض العملية السياسية في العراق كونها تؤثر على استقرارها في الحكم وتدعم التوجهات الشعبية الداعية الى التغيير في الحكم واساليبه القمعية.
تلك المناقشات الجارية والتعديلات المستمرة هي كلها تصب في مصلحة العراق وعلى المدى الطويل،وايضا تجعل هوامش الفائدة المرجوة منها تكون في صالح العراق،كما تقيد صلاحية القوات الامريكية الى ابعد حدود،وتلك كلها ثمار ناتجة من الممارسة الديمقراطية العلنية،فليحكم الجميع بموضوعية على مقدار ماوصلت اليه التجربة الديمقراطية في العراق رغم الاخطاء الموجودة فيها والظروف الصعبة التي تواجهها،ولنقارنها بالدول العربية الاخرى والتي تدعي النظم السياسية الحاكمة فيها بالاضافة الى وسائل اعلامها المختلفة،الوطنية والاستقلالية والنزاهة المزعومة!.
الاتفاقيات الامنية في الدول العربية:
لم نرى في تاريخنا العربي القديم او الحديث ان تمت مناقشة اتفاقيات امنية وعسكرية قبل التصديق عليها على مستوى السلطات الثلاث،التنفيذية والتشريعية والقضائية،ناهيك عن الرأي العام المحلي والدولي كما يجري حاليا في مناقشة الاتفاقية الامنية بين العراق وامريكا.
تعقد الاتفاقيات الامنية والعسكرية وتحاط بستار حديدي من السرية ولاتعلم بها الشعوب الا اذا كانت محظوظة فتسمع عنها في مختلف وسائل الاعلام العالمية بعد عقدها،وليس الوضع في حالة الدول العربية،بل في غالبية دول العالم الثالث،وما زيارة الوفود العراقية الى الدول التي عقدت اتفاقيات مشابهة مع امريكا وطلبها رؤية بنود الاتفاقيات للاستفادة منها الا دليلا على كون الدول التي سمحت للعراق للاطلاع على تفاصيل الاتفاقيات هي دول ديمقراطية تحكمها نظم سياسية مستقرة منذ زمن طويل مثل اليابان والمانيا وغيرها،وما امتناع الدول العربية عن تلبية الطلب العراقي الا تأكيدا ان تلك الاتفاقيات هي ليست في صالح الشعوب العربية بل هي تقلل من حدود السيادة وتمس استقلال تلك الدول كما تجعلها تابعة وبدون ادنى معارضة للدول الكبرى،فأين الدعاوى العربية الفارغة والتباكي على احتلال العراق! وهم محتلون بصورة اقسى واشد ولكن تحت نطاق من السرية المفضوحة.
ولنأخذ ابرز مثال على ذلك،مصر وهي اكبر دولة عربية،وقد عقدت اتفاقية ومعاهدة سلام مع اسرائيل منذ عام1979 والتي سبقها عام ونصف من المباحثات السرية بين الجانبين وتحت اشراف امريكي،فهل البطل الوطني المزعوم السادات! اخذ موافقة البرلمان حتى لو كان صوريا؟وهل اطلع الشعب المصري على تفاصيلها؟ وهل تم اجراء استفتاء عليها بأعتبار هي قضية تمس كرامة البلد واستقلاليته؟بل هل اخذ موافقة جميع مستشاريه؟وهل بعد مرور تلك الفترة الطويلة من عقدها،سمح النظام المصري للشعب بالاطلاع على بنودها؟الجواب بكل تأكيد على تلك الاسئلة وعلى غيرها هو:كلا!.
فعلام تبجح النظام المصري ووسائل اعلامه الرخيصة الكاذبة،بالوطنية والاستقلالية واتهام المشتركين في العملية السياسية العراقية بالخيانة وعدم النزاهة؟اذا كان بيته من زجاج فعلام يرمي الاخرين بحجر؟الجواب هو الوقاحة العلنية وبدون خجل! والمستندة على استبداد لا حدود له.
الجميع يعرف ان الاتفاقية مع اسرائيل هي مقيدة لحركة مصر السيادية على اراضيها ومواقفها،والحصار المصري على غزة الان هو ابسط دليل على ذلك!.
يستند النظام المصري في استمراره بالحكم على الدعم الغربي له كونه هو الوحيد القادر على ضمان مصالحه من خلال الاتفاقيات المعقودة سواء مع اسرائيل او مع الغرب من خلال منح القواعد العسكرية والتسهيلات اللوجستية المختلفة.
الدولة العربية الثانية في النفوذ السياسي هي السعودية،فهذه الدولة لا تختلف عن مواقف النظام المصري ووسائل اعلامه تزايد على العراقيين في وطنيتهم،وهم اي السعوديون قد عقدوا اتفاقيات امنية وعسكرية مع امريكا وبريطانيا منذ مطلع الاربعينيات،وتتواجد القوات الغربية على الدوام وممنوحة لها تسهيلات وصلاحيات واسعة ولكن في سرية تامة لا يعلم ببنود تلك الاتفاقيات الوزراء فكيف عامة الشعب!وكلها تحت شعار ان ولي الامر له الحق في ذلك!ياللسخرية المرة من تلك الانظمة التي تدعي الاستقلالية وعدم الانحياز والوطنية والنزاهة!.
ولحد الان مازالت هناك اتفاقيات سارية المفعول ولكن مجهولة لجميع افراد الشعب ما عدا زمرة صغيرة من الطبقة الحاكمة!بين السعودية والدول الغربية.
الامثلة كثيرة! ولنأخذ بلاد صغيرة،يتبجح اعلامها بوقاحة عن اتهام المسؤولين العراقيين بالخيانة وبيع وطنهم!...مثل قطر تلك الدولة الصغيرة التي منحت القوات الامريكية قواعد عسكرية انطلقت منها للهجوم على بلدان مجاورة،بينما يرفض العراقيين وبشدة انطلاق الهجمات على الدول المجاورة من خلال الاراضي العراقية!.
وقطر لاتحتاج الى قواعد عسكرية اجنبية كونها محاطة بدول عربية ليست معادية وفي نفس تركيبتها الحاكمة وطريقة الحكم ايضا مشابهة لها.
وتزداد الغرابة في وقاحة وسائل اعلامها وخاصة قناة الجزيرة وشيخهم المفضل القرضاوي،والذين ملئوا الدنيا ضجيجا عن احتلال العراق والدعوات المستمرة لتحريره المزعوم من خلال مساندة العصابات التكفيرية والبعثية الارهابية.
ولنسأل هل اطلع الشعب القطري عليها؟وهل تمت مناقشتها في العلن كما يجري في العراق الان؟وهل تم الحصول على موافقة غالبية الشعب عليها؟...الجواب:كلا والف كلا!فعلام هذا التبجح بالاستقلال المزعوم واتهام الاخرين بالخيانة!.
دولة اخرى مشابهة للحالة القطرية،وهي البحرين والتي تتواجد فيها قواعد عسكرية امريكية وقبلها بريطانية،رغم ان مساحتها صغيرة جدا لا تسمح ببناء قواعد عسكرية،وكذلك رفض غالبية الشعب البحريني لتلك الاتفاقيات والتسهيلات،دون نسيان ان تلك الاتفاقيات مر عليها زمن طويل جدا،وقد استخدمت كنقطة للانطلاق للهجوم على العراق وافغانستان ومحتمل ايران في المستقبل!.
مثال اخر،هو الاردن فتلك الدولة منذ استقلالها في الاربعينيات،هي محكومة بأتفاقيات عسكرية وامنية ايضا مجهولة للشعب وتمنح الاجانب صلاحيات واسعة مقابل المال والدعم المتواصل،وكذلك استخدمت للهجوم على دول مجاورة،ومازال اعلامها يهاجم الاتفاقية الامنية العراقية المزمع عقدها مع امريكا،دون نسيان تأييده الدائم لنظام البعث البائد الذي كان يعقد مختلف الاتفاقيات دون استشارة احد او اخذ موافقة الشعب! ومازال بقاياه يدعون الوطنية والنزاهة في رفضهم الاتفاقية!..وقاحة لاحدود لها.
البلدان الثورية ايضا لم تخرج من دائرة منح القواعد العسكرية وعقد مختلف الاتفاقيات بما فيها الامنية بمعزل عن الشعب رغم ان ذلك يتعارض مع الدعاوى الثورية الفارغة،ومثال على ذلك ليبيا،فالقذافي الذي يدعي الوطنية والاستقلالية والنزاهة،دعا مؤخرا روسيا الى بناء قواعد عسكرية في بلاده!وهو الذي ابتدأ بالدعوة لذلك!..دون نسيان ان كل الاتفاقيات المعقودة مع الدول الاخرى هي مجهولة لجميع افراد الشعب...وهذا النظام منذ عام 1969 وهو تاريخ قفزه على السلطة بصورة غير شرعية،مازال يواصل الكذب والاجرام بافظع صوره،فأين الوطنية والاستقلالية المزعومة؟.امثلة كثيرة لا حصر لها...وشعوب كثيرة يجري العمل بأسمها ومن وراء ظهرها تعقد مختلف الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والعسكرية والامنية،وبصورة سرية وبأنتهاك واضح لا لبس فيه لكل مقومات السيادة الوطنية...
مقارنة بسيطة وبموضوعية نعرف من خلالها واقع الدول والشعوب،ونعرف من الواعي من المغفل،والوطني من العميل،والنزيه من اللص...واخيرا نقول ياللروعة مناقشة اتفاقية امنية في الهواء الطلق...

2008/11/12

زيارة مكوكية:

زيارة مكوكية:
زياراتي المتكررة لمكاني المفضل هو للمكتبة العامة... كذلك اي مكتبة اراها امامي،وتكون حسب الفراغ او عدم توفر الكتب،وبالتالي ليس هنالك مكان افضل الذهاب اليه افضل من المكتبة،خاصة وانها تحتوي على الكتب والمجلات والانترنت والصوتيات والمرئيات بالاضافة الى المكان الانيق الجميل الهادئ...
ومن عادتي انني استعير الكثير من الكتب والمجلات وحتى الافلام والصوتيات رغم وجود اعداد كبيرة لدي لم اقرأها او اشاهدها بالكامل ما عدا القراءة السريعة والتي قد تطول الى ساعة او اكثر ولكنني اعتبرها قراءة غير كاملة لانه في نظري القراءة الكاملة هي من غلاف الكتاب الى اخر صفحة فيه،ويمكن ترك صفحات قليلة او فصل بغير ذات قيمة لمجمل الكتاب وايضا يتم حسابها بأنها قراءة كاملة...
ورغم وجود عدد كبير من الكتب والمجلات القيمة التي لم انجز قرائتها للنهاية الا انه لدي رغبة في قراءة اي شيء ليس موجودا لدي ولو قراءة محدودة وتفضيله على قراءة ما موجود لدي،لان الموجود عندي يمكن قرائته في اي وقت متوفر لي ولكن الذي لا امتلكه هو يكون غير متوفر لدي في الوقت الذي احتاجه او قد يكون مفقودا في المستقبل،ولذلك يتوفر لدي في كل وقت اعداد كثيرة مستعارة من الكتب والمجلات سواء من المكتبة وهو في الغالب او نادرا من صديق لكون غالبية المجتمع العربي سواء في داخل العالم العربي او خارجه لا يقرأون بتاتا وبالتالي لا يحبون اقتناء الكتب!،وفي نفس الوقت تراهم يتناقشون في كل المواضيع...وياويلك اذا لم توافقهم الرأي مهما كان، سواء ضعيف السند اومضحكا او مخزيا!.
امس ذهبت في زيارة مكوكية لاعيد اعداد واستعير الجديد المتوفر...ولحسن حظي ان المجلات الثقافية او الكتب ذات القيمة الثقافية العالية تكون متوفرة على الدوام لعدم تفضيل غالبية القراء لها والذين يفضلون في الغالب المجلات الفنية او الكتب الضعيفة القيمة ولكن سهلة على الهضم العقلي،وبالتالي استطيع ان اجد ما ارغبه في اي وقت اراه مناسبا لي وبدون ادنى شك في ان آخرون ممكن ان يستعيروها بل ان مجلة ثقافية قيمة مثل مجلة العربي تكون مهملة ويمكن القول انني ومحتمل شخصين او ثلاث ممكن ان يستعيروها!بينما هناك مجلات موديل او اسرة تراها مفقودة حتى يمر وقت طويل وترجع من كثرة تداولها...
اضافة الى ذلك توجد الكتب الاجنبية المترجمة للغة العربية سواء اكانت سياسية او ثقافية او روائية،ايضا متوفرة على الدوام نظرا لقلة قراء الرواية في الوقت الحاضر! ورغم قيمتها الادبية والعلمية العالية الا ان الذوق العام العربي يزداد هبوطا بأستمرار،وارى بين الفترة والاخرى تقوم المكتبات العامة بتصفية تلك الكتب القيمة باسعار زهيدة لعدم وجود من يستعيرها!...واحيانا اكون محظوظا في شرائها لكون هنالك من يرغب بأقتنائها مثلي ...
واثناء تصفحي خانة الكتب الجديدة الموجودة باللغة العربية،وجدت عدد من الاصدارات العربية الحديثة،والبعض منها يستحق القراءة والاهتمام...والبعض الاخر لايستحق حتى مجرد طباعته!!..ومن الكتب الاخيرة،شاهدت كتيب صغير مكتوب عليه رواية وفوقها اسم(محطة قطار براماتا)وهي محطة قطار معروفة في مدينة سيدني في استراليا،والكتيب صغير وكلماته المطبوعة كبيرة! ولكن رغم ذلك فمن عادتي تصفح الجميع،فوجدت فيه من السباب والشتائم باللهجة المحلية ما يثير الاشمئزاز واستخدام الالفاظ الغير مهذبة وهي صفة اصبحت منتشرة لدى الكثير من الكتب الروائية الحديثة،مع تطبيق السيرة الذاتية للمؤلف على الاحداث العامة وجعلها حقيقة واقعة لا شك فيها!،بالاضافة الى ضعف الاسلوب الادبي هناك التهجم الواضح على الاخرين ...وبالنهاية لم اجد فيها ما يمكن تسميته رواية!والغريب انها مطبوعة في بيروت،وعندما سألت شخص يعرف المؤلف وامثاله،قال انهم يطبعون الكتب على نفقتهم الخاصة!وليس كما هو في الغرب عندما يحصل المؤلفون على عائدات ضخمة على مؤلفاتهم المختلفة...
كذلك وجدت كتب اخرى على نفس نمط الكتيب السابق،بينما شاهدت على نفس الرفوف اصدارات قديمة ولكن بطبعات انيقة،مثل كتب جبران خليل جبران،وغيره من الادباء القدماء والذين مازالوا بكتاباتهم الرائعة مثار اعجاب الجميع،ودليل على ان مستوى الثقافة العربية سواء في الماضي عندما توجد طبقة مثقفة صغيرة مع اغلبية امية ابجدية وثقافية وتقنية كان اعلى،بينما الان طبقة مثقفة اكبر كما ولكن اقل كيفا! مع وجود اغلبية متعلمة ابجديا ولكن مع امية ثقافية وتقنية!...وهي جزء من واقع ثقافي مؤلم يجتاح شعوب عربية باكملها،ورغم وجود ثورة الاتصالات الحديثة وخاصة انتاجها الاعظم(الانترنت) الا ان ذلك لم يؤثر الا قليلا... وفي النهاية نحتاج الى ثورة ضمن ثورة...ثورة ثقافية تجتاحنا ضمن ثورة تكنولوجية تجتاح العالم...

المفكرة

الذكرى التسعون لانتهاء الحرب العالمية الاولى:
في مثل هذا اليوم(11\11\2008)اي قبل تسعين عاما انتهت الحرب العالمية الاولى(1914-1918)،وذلك في يوم 11\11\1918 وبالتحديد في الدقيقة 11 في الساعة 11 صباحا!.وقد تذكرت التاريخ كما هي عادتي في تذكر التواريخ المهمة،وتكون الذكرى قوية اذا كان التاريخ يكون بداية عقد اوقرن من الزمن...وصادف اليوم عندي امتحان لدرس التاريخ الاوروبي الحديث وتوقعت للمناسبة ذاتها ان يكون سؤال عنها،ولكن لم يأتي للاسف واعتقد ان ذاكرة الاساتذة ليست بالقوة التي تتذكر التواريخ العديدة،ولو تذكر احدهم لاعطانا سؤال عن تلك الحرب المشؤومة...
دروس وعبر:
هناك الكثير من الدروس والعبر المؤلمة من تلك الحرب التي كلفت البشرية في اقل تقدير13 مليون ضحية وهناك تقديرات اخرى تصل الى حد 16 مليون،ولكن الرقم الاكثر واقعية في رأيي هو 15 مليون ضحية سقطوا نتيجة انحدار السلوك الانساني الى ادنى المراتب الحيوانية،فقد كان من السهل تجنب تلك الحرب بعد اغتيال ولي عهد النمسا في سراييفو على يد متعصب صربي،ولكن التنافس الاستعماري المحموم بين الدول الاوروبية والذي ظل كامنا في الصدور حتى اشتعال شرارة تلك الحرب،وبالنتيجة خسارة الجميع لجيل كامل من الشباب مع خسائر روحية ومادية هائلة لا تعوض،احتاجت اوروبا الى عقود طويلة من الزمن لتعويضها...
سقطت في تلك الحرب ممالك كثيرة ونشأت على اثرها دول عديدة وكان من ابرزها سقوط الامبراطورية الالمانية والروسية وامبراطورية النمسا والمجر والدولة العثمانية وسقطت بقاع اخرى في ايد مستعمرين جدد...
اهم درس ناتج من تلك الحرب وهو انه عندما انتهت لم تنهي الاسباب المؤدية لها بل على العكس من ذلك اسست الى حرب اعظم واكثر دمارا وفقدت البشرية اكثر من ثلاث اضعاف الحرب الاولى! واقصد بها الحرب العالمية الثانية(1939-1945). فعندما انتهت الحرب عام 1918،اجتمع المنتصرون فيها في فرساي\فرنسا،وكانت نتيجة المؤتمر هي خداع بريطانيا وفرنسا بصورة رئيسية للحليف الرئيسي وهو الولايات المتحدة التي دخلت الحرب بغرض انهائها سريعا وفق مبادئ الرئيس الامريكي ويلسون ال14 والتي كان قد وضعها لاحلال السلام العالمي الشامل،ولو طبقت حينها لامكن تجنب وقوع الحرب العالمية الثانية الافظع والاكثر تدميرا...ولكن النزعة الشريرة والاستعمارية ونزعة الانتقام من المانيا،كانت هي السائدة حينها لدى غالبية المنتصرين،وكان من ابرز تلك الاجراءات الانتقامية هي انتزاع اجزاء كبيرة من التراب الالماني وضمها بالقوة الى الدول المجاورة،بالاضافة الى التعويضات المالية الضخمة والتي كبلت الاقتصاد الالماني وحطمت قدراته لفترة طويلة،كل تلك الاجراءات كانت حافز قوي للنازيين بزعامة هتلر للانتقام السريع،وتحقق ما ارادوا عندما غزوا اغلب بلاد اوروبا خلال اقل من عامين،وهي كانت درس بالغ للحلفاء المنتصرون في الحرب الثانية والذين تجنبوا كل اذلال للشعب الالماني بل اعادوا عن طريق مشروع مارشال بناء ما تدمر من الاقتصاد الالماني الذي نهض بقوة وحقق بنهضته فوائد عظيمة للقارة الاوروبية التي تعيش شعوبها الان بسلام وبدون حدود كأنهم بلد واحد...فهل وعى العرب ذلك...الجواب بكل تأكيد كلا؟ !...فمنذ انتهاء غزو الكويت عام 1991 والتي كانت في الحقيقة كبقية النزاعات العربية الاخرى،نزاع بين عصابات ديكتاتورية حاكمة تختلف اهوائها ومصالحها فتضرب احدها الاخرى،والخاسر الوحيد هي الشعوب العربية...وما عملية اذلال الشعب العراقي الذي لم يكن له اي يد في اتخاذ القرارات كبقية الشعوب العربية الاخرى،سواء في الحروب الداخلية او الخارجية الا وسيلة انتقامية عفا عليها الزمن،ومع معرفة العرب ذلك الا انهم عاقبوا الشعب العراقي بأكثر من عقوبات العالم الخارجي،ولمدة تزيد على 12 عاما،وبعد سقوط النظام البائد عام 2003 لم يكتفوا بأنتزاع ارض من الجانب العراقي الى الكويت والتي سبقها انتزاع اراض بموافقة النظام البائد الى السعودية والاردن،بل طالبوا بأموال كانوا قد منحوها لصدام كي يشن حربا ظالمة ضد ايران للانتقام من ثورتها وكذلك الانتقام من الشعب العراقي ذو الغالبية الشيعية،والتي فقد فيها مئات الالاف من الضحايا وملايين المشردين.
الحكام العرب الاغبياء ومن ورائهم المطبلون لايدرسون التاريخ للاستفادة منه،وهم يعلمون جيدا ان دولة صغيرة مثل الكويت يتهجم جزء كبير من شعبها على الشعب العراقي ويطالب بأموال سحت كان من الاجدر بهم بناء العراق لتقويتهم واخماد اي شرارة للانتقام منهم في المستقبل خاصة وان الدول الغربية لن تبقى الى الابد في منطقة الشرق الاوسط او تدعمهم،او دولة صغيرة اخرى مثل قطر تكفي صواريخ قليلة لابادة شعبها الصغير،او السعودية التي يكفي انتزاع المنطقة الشرقية فتكون مثل الدول الافريقية...
النزاعات والاحقاد تخلص منها الغرب ...وانتقلت الى العرب،وسوف يحتاجون الى حرب عالمية اقليمية حتى يستيقضوا منها كما فعلت اوروبا!...

2008/11/06

حسرة وآلم وانتخابات!

حسرة وألم وانتخابات:
كما توقعت وتوقع معي الملايين من فوز اوباما برئاسة الولايات المتحدة نظرا لتفوقه في استطلاعات الرأي،الا ان ذلك لا ينفي ان التغيير معه ليس شموليا سواء في امريكا او في الغرب عموما،فتغيير الوجوه السياسية لا يصاحبه بالضرورة تغيير جذري في السياسة الداخلية والخارجية الا بمقدار قليل،وفي تقديري اذا كان تغيير الوجوه السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار مثلا كما هو الحاصل في فوز اوباما،فأن التغيير لن يزيد في اقصى الحالات بين ربع الى ثلث السياسات الخارجية والداخلية،بسبب كون السلطات السياسية موزعة بين الحكومة والبرلمان والقضاء بالاضافة الى الرأي العام ومن ضمنه السلطة الرابعة وهي الصحافة،وبالتالي فأن الرئيس القادم سواء في امريكا او في اي بلد غربي اخر فأنه محكوم بقوانين وانظمة تقيده وتجعل سلطاته السياسية محدودة،وليس كما هو حاصل في بلدان العالم الثالث عندما يكون الملك او الرئيس هو صاحب السلطات غير المحدودة،ولا تقف بوجهه اي قوة داخلية وبالتالي يعبث بمصائر الناس كما يحلو له ويصدر من القوانين بدون استشارة احد !.
تركيز الديمقراطيين واوباما سوف يكون الداخل الامريكي كما سوف يحقق حكمه فوائد اكثر بالمقارنة لو فاز جمهوري آخر،والفائز الوحيد هو الذي خلق تلك الديمقراطية واعني به الشعب الامريكي.
ماجعلني اتحسر اليوم بألم وبشدة كون شعوبنا العربية محرومة من تلك النعمة،بل يزداد ألمي وحزني عندما ارى المهزوم ماكين يهنئ الفائز اوباما بنجاحه في الانتخابات الرئاسية،وتلك عادة درج عليها المتنافسون على سدة رئاسة البلاد سواء في امريكا او في اي بلد اخر في الغرب...بينما في بلادنا العربية،فأذا حصل وجود من ينافس الرئيس في اعادة انتخابه(لاحظ اعادة وليس انتخاب وجوه جديدة!)فأن ذلك المنافس الذي يحرم من النزاهة بالطبع اذا كان محظوظا لكي يعيش بهدوء!فأن ايامه سوف تكون في السجن كما حصل لمنافس حسني مبارك في مصر،ايمن نور والذي تجرأ لكي يحاول التغيير في بلد احوج اليها بعد اكثر من نصف قرن من حكم العسكر،والذي يقبع في السجن بدون وجه حق بينما يجلس الذي يستحق السجن خارجه يتلذذ بالحكم الى آخر نفس في عمره وسوف ينقل التلذذ الى ابنه ومن يدري لعل احفاده ايضا!،الا اذا ازاح شعب مصر جدار الخوف من صدره وازال حكمه المقيت!.
حسرات اخرى تضاف تباعا،فالحال في مصر افضل من بلاد اخرى!فلا وجود لمنافس للرئيس في سوريا او السودان او اليمن الذي اخطأ رئيسه مرة عندما قرر عدم الترشح ولم يصبر على كذبته اسابيع! حتى رجع وبأشد حالات الخوف من ضياع الحكم وبصورة هستيرية للترشح ...لا بل لا وجود لانتخابات اصلا حتى لو مزورة وصورية كما هو الحال في ليبيا!.
وامس قرأت عن الرئيس الجزائري المنتهية ولايته الثانية بوتفليقة،وهو الذي يعتبر مناضل يساري!وكبير في السن ايضا(لا حدود لتطلعات الحكام وآمالهم ولا خوف من الله سبحانه)رغبته في تغيير دستور بلاده لكي يبقى في حكمه بلا تحديد لفترات زمنية...يريد حكما مفتوحا... وصلاحيات مفتوحة...ولو بيده لطلب حياة مفتوحة!...ولولا الموت لقبع حكامنا الى الابد...غالبا ما يتمنى المرء ان تأتيه الاخبار بموت حاكم عربي! يعرف ان الذي يأتي بعده يكون نسخة ولكن تغيير الوجوه القبيحة ايضا نعمة!.
رئيس جديد لاقوى بلد في العالم يأتي من اب ليس امريكيا!بل من طالب كيني سكن مؤقتا في امريكا!وايضا من اصل مسلم لبلد مسيحي...وفوق ذلك اسود لبلد غالبيته بيض!...هل يمكن تصور ذلك في بلادنا التي تحرم المواطن الذي جاء اجداده قبل بضع مئات من السنين من بلد مجاور او دول اخرى،من البقاء في بلده وليس الترشح!...او تمنع الافراد الذين ينتسبون للاقليات من الاديان والمذاهب والقوميات ...بل من الجنس الاخر،المرآة!...
مرارة شديدة وحسرة على وضع يعود للعصور الجاهلية...ولكن بدون شعراء!

2008/11/04

زوار الليل في مسلسل عربي

زوار الليل في مسلسل عربي:
لم اتابع مسلسل عربي منذ سنوات،رغم كثرة الاعمال التلفزيونية،الا انني اشعر بتكرار القصص ولكن بوجوه متغيرة جديدة،وبالتالي لا تعطي اي متعة بالمشاهدة،ولكن هناك ابداعات فنية متواصلة لفنانين كبار بوزن عبد الحسين عبد الرضا وعادل امام ودريد لحام وغيرهم.
وبما ان جهاز التلفزيون يكون مفتوح اثناء الغداء،فتكون هنالك مشاهدة لبضعة دقائق لحلقة ما،ومن المصادفة اليوم ان تكون رؤية مسلسل اعتقد اسمه بعد الفراق،وفيه مقاطع هزلية مضحكة ولكن معبرة وهادفة،ومنها وجود مدون مصري تحاول زوجته عرقلة فتح الانترنت،ثم تطرق الباب من قبل زوار الليل،وهو الاسم الذي يطلق عادة على رجال المخابرات وامن الدولة في دول العالم العربي والذين يتركون مهمتهم الرئيسية في حماية الوطن ومصالحه الى اقذر مهمة وهي التجسس على ابناء الوطن واعتقالهم دون ادنى وجه حق خدمة للنظام الحاكم.
الطريف في المقطع ان الزوجة صرخت عندما سمعت بكلمة مدون وهي تظن كلمة مدمن على المخدرات،ولم تفهم الكلمة الاخرى...اعتقل لانه مدون والاجهزة الامنية تراقب المدونين في كتاباتهم او تحاول الايقاع بهم من خلال مدونين بأسماء مزيفة...المقطع كان مضحك للغاية واخرج المدون من دائرة الامن بعد ان اتعبهم في التحقيق معه...
لا اعلم بمدى واقعية تلك الصورة في عالمنا العربي رغم انني قرأت وسمعت عن اعتقال عدد من المدونين بسبب ارائهم وخاصة السياسية منها...
والظاهر ان الحملة مستمرة ولكن كثرة المدونات والمدونين تجعل من الصعب احيانا على تلك الاجهزة الارهابية القمعية متابعتهم...وقد يكون البعض محظوظا في عدم الاعتقال!والاخر سيء الحظ...
الارهاب الحكومي قد يقمع اجسادا...ولكن لا يقمع افكارا...
وكم من انظمة قمعت احزاب واراء معارضة لها...وفي النهاية عندما سقطت الانظمة بقيت الافكار والاراء والاحزاب...فهل تتعظ الانظمة الاستبدادية بذلك؟
الجواب بكل تأكيد:كلا...بل كل اعمال الاستبداد هي تكرار ولكن بصور مختلفة للاستبداد القديم...ولا تكتفي بالاستيلاء غير الشرعي على الحكم والذي تبعه الاستيلاء على اجسادنا وحاضرنا ومستقبلنا ...
بل تريد الاستيلاء على عقولنا وقلوبنا...

لوحة 17

لوحة للفنان حيدر الياسري

ثلاث دراسات علمية حديثة

ثلاث دراسات علمية حديثة:
في الايام القليلة الماضية ظهرت ثلاث دراسات علمية حديثة وصدرت نتائجها في وسائل الاعلام،وبعضها طريف ومأخوذ من استطلاعات للرأي وعلى ضوء النتائج ظهرت الدراسات الحديثة...
يمكن الاستناد الى صحة تلك الدراسات بتطبيقها على الذات لان بعضها مجرد احاسيس بشرية،واعتقد من خلال قرائتها يمكن ان تنبهنا الى اشياء نجهلها بسبب مشاغل الحياة المستمرة وكثرة المعلومات الواردة الى الدماغ تجعل التركيز على بعض الاشياء صعبا،بل نهمل الكثير من الاشياء التي تجعل معرفتنا بالاخر في افضل حال...هذا بالاضافة الى اهمال الصحة في حال ظهور الدراسات العلمية الطبية...
الدراسة الاولى:المشروب الساخن يفجر المشاعر الدافئة،وهي لطيفة بحد ذاتها،ففي دراسة امريكية اجراها باحثون،توصلوا الى نتيجة تعبر عن شعور داخلي لدى غالبية الناس انه عند رؤية شخص يشرب كوب ساخن مثل القهوة وغيره،فأن مشاعرك تكون اكثر دفئا والاخر ايضا نفس الشعور وكذلك اقل انانية،وعلى العكس تقل النسبة مع المشروب البارد...النفس البشرية في غاية الغرابة واللطافة وايضا الوحشية لدى الاشرار!...اشياء كثيرة نجهلها عنها...
ونتيجة الدراسة الانفة الذكر...لنشرب المشروب الدافئ ولنقدمه للاخرين...حتى نحصل على السعادة او الفرح...ولو بصورة مؤقتة!.
الدراسة الثانية:علماء يحددون مراكز الكراهية في الدماغ: أعلن فريق من العلماء في جامعة بريطانية، التوصل إلى اكتشاف المراكز المسؤولة عن ظهور مشاعر "الكراهية" في مخ الإنسان، والتي تنعكس بالتالي على سلوكياته تجاه الأشخاص الذين يضمرون لهم تلك المشاعر.وتوصلوا الى نتيجة ان المراكز العصبية المسؤولة عن الاحساس بالحب هي نفسها المسؤولة عن الكراهية.وأشارت الدراسة إلى أن مركزين في المخ، يُطلق عليهما "بوتامن" و"أنسولا"، ينشطان عندما يساور الإنسان شعور بالحب أو الكراهية، حيث يقوم المركز الأول بتنبيه المخ عندما تنتابه عاطفة ما، فيما ينشط الثاني كرد فعل على "الإثارة المقلقة"، التي تنشأ عند مقابلة شخص ما يكن له مشاعر عدائية.وطبعا الدراسة كانت على متطوعين اظهروا احساسا بالكراهية والحب نحو مشاهدة اشخاص معينين وظهرت تلك النتائج...لو اكمل الباحثون دراساتهم تلك بكيفية تقوية عامل الحب واضعاف عامل الكراهية!حتى نحسن طباع البشرية،واول الناس الذين نجرب عليهم تلك التجارب هم التكفيريون والارهابيون والعنصريون!.
الدراسة الثالثة:حول ازدياد حمل المراهقات من خلال مشاهدة البرامج التلفزيونية الفاضحة:وهذه النتيجة جاءت في دراسة امريكية على عينة من 2000 مراهق،وهي نتيجة طبيعية دالة علة خطورة المواد الاعلامية الفاضحة،والابتعاد عنها يكون اسلم من خلال الانتباه ومراقبة المراهق والمراهقة.وهي تكلمة لدراسات سابقة بينت اثر الاسر المنقسمة والمتشتتة على تربية النشء وهي بالطبع تكون النتائج سيئة اذا كانت الاسر غير مستقرة.
دراسات علمية حديثة ولكن طريفة ومفيدة في نفس الوقت وينبغي علينا الاستفادة منها في حياتنا اليومية لا ان نضعها في خانة المحفوظات!.

2008/11/01

كتب بدون مراجعات

كتب بدون مراجعات:
رغم كوني مشغولا كثيرا الا انني في زيارة لمكتبة عامة في منطقة مجاورة لمنطقتنا،وجدت الكثير من الكتب العربية الجديدة،والمكتبة تضم اقسام كثيرة وبمختلف اللغات وحسب عدد الجاليات،واحيانا اجد اكثر من عشر لغات،المهم استعاريت عدد من الكتب الجديدة ولو وجدت لدي وقت كافي لاستعاريت كل الكتب الجديدة رغم ان المسموح كحد اقصى هو 15 كتاب دفعة واحدة.
من ضمن الكتب،كتاب اسمه:النفط،استراتيجيا وامنيا وعسكريا وتنمويا-مصدر الثروة والطاقة والازمات،لمؤلفه د.هاني حبيب،وهو سوري الجنسية تولى مناصب رفيعة، والطبعة الاولى 2006 في لبنان(شركة المطبوعات للتوزيع والنشر)والكتاب في301ص،رغم ان عنوان الكتاب طويلا ويحتاج الى مجلدات لاعطاء حقه كاملا.
الكتاب ليس معقدا بل يحتوي معلومات بسيطة ومتواجدة في الكثير من المراجع الاقتصادية،بل فيه الكثير من السرد السياسي والاخباري الموجودة في الصحف العادية! دون تحليله بما يكفي،كذلك وجود تحليلات طالما رددتها وسائل الاعلام العربية الرسمية.
الذي اثارني في الكتاب،هو كثرة الاخطاء فيه ،والتي تنقسم الى اخطاء مطبعية،والذي لديه معرفة بالارقام الاقتصادية ومنها النفط يستطيع التمييز بينها بسهولة،ولكن من ليست لديه خبرة سوف يأخذها محمل الجد ويعتقد بصوابها،والذي يتحمل تلك الاخطاء هي دار النشر بالدرجة الاولى ثم المؤلف لعدم مراجعته النسخ المطبوعة ثانيا.
والاخطاء المطبعية ظاهرة منتشرة في مطابع ودور نشر العالم العربي،بل هناك كتب بأكملها تجد فصول وصفحات كثيرة مفقودة او بيضاء،وتلك الظاهرة السيئة تتحملها ايضا الدولة لانه جهاز رقابتها على السلع والخدمات لاتعمل بما فيه الكفاية للحفاظ على جودة المنتج والوصول الى ادنى المراتب العالمية في الجودة وحماية المستهلك وحقوقه المنتهكة بالاضافة الى حقوق الملكية الفردية والتي لا تعترف بها اغلب دول العالم الثالث بما فيها الدول العربية .
واذكر قبل اكثر من عقد من الزمن عندما عملت مؤقتا مع شركة طباعة في استراليا لطباعة كتب الهاتف الضخمة وكتب الدليل العام،ويطلق على الاول الاوراق البيضاء والثانية الاوراق الصفراء حسب الترجمة الحرفية للمعنى الانكليزي،وهذه الكتب توزع مجانا سنويا على جميع المساكن والمصالح التجارية،بالاضافة الى كتب اخرى تحمل نفس طابع الدليل الاصفر ولكن بصيغ مختلفة او لمناطق معينة،ورغم تكاليفها الهائلة الا ان عدد كبير من الذين يستلمونها يتركونها امام البيت فترة طويلة ثم ترمى في صندوق التدوير او ما يسمى الريسايكل لاعادة تدويره مرة اخرى،يعني اعادة استخدام الورق لمرة اخرى.
واذكر كانت تقدر طباعة الجزئين مبلغ يزيد عن 80$ ولا ادري الان كم تكلف،ورغم العدد الكبير من الذين لايحبذون استخدام تلك المجلدات الضخمة والمصغرة في نفس الوقت الا انهم مستمرين في الانتاج!حتى اقترحت انه توزع على المصالح التجارية،اما المساكن فالافضل ان تترك في مراكز البريد المنتشرة في كل المناطق ومن يريدها فليذهب لاخذ نسخة او اكثر،واعتقد ان اعادة التدوير هي السبب الرئيسي في تكرار طباعة ذلك الكم الهائل،المهم في يوم من الايام استدعينا اثناء العمل لتمزيق اغلفة كمية كبيرة تقدر ببضع مئات،والسبب كان هو وجود 4-6 خطوط فيها اضافة مشوهة من الحبر الزائد،رغم انها كانت واضحة بعض الشيء الا انها اعيدت للمطبعة من جديد!،فتذكرت حينها كيف تطبع الكتب في بلادنا العربية دون ادنى مراعاة للكتاب او قيمته او للمستهلك القارئ او احتراما للمؤلف ايضا،رغم ان كتب الهاتف والدليل ليسا بنفس قيمة او اهمية كتب المعرفة العامة او حتى الكتب المدرسية ذات الاهمية البالغة للطلبة... فارق كبير وتقدير ذلك في نفوسنا يجعلنا نحس بفارق كبير بين قيمنا الحضارية وخاصة في ميدان العمل وقيمهم...
فكم كتاب قرأته سيء الطباعة الى حد من الصعب قراءة فصوله او كلماته،والغريب ان هناك الكثير من الكتب الدينية او ذات التوجهات اليسارية التي تدعو الى احترام حقوق الاخرين والدقة في العمل،بينما تخالف المطابع لتلك الكتب تلك التعليمات!.
اعود الى كتاب النفط،فرغم سعره العالي الموجود في صفحته الاولى(25$) الا ان عدم مراعاة الطباعة او التاكد من صحة طباعة المعلومات الواردة فيه ظاهرة للعيان وبدون ادنى شك،فمثلا ارقام الانتاج النفطي اليومي كلها تقريبا معكوسة فمثلا انتاج السعودية النفطي في اليوم الواحد عام 2004 حوالي 75.8 مليون برميل !والمتوقع عام 2005 هو 25.9 مليون برميل يوميا (50ص)! اوانتاج ايران(79ص) موجودة انها انتجت 93.3 مليون برميل في اليوم مع العلم ان انتاج العالم كلها لايتجاوز 85 مليون برميل يومي!والصحيح هو 3.93 والغريب انه يتوقع عام 2005 سوف يكون 90.3 مليون وقيمته حوالي 86 مليون دولار!اي انه يقصد 86 مليار دولار!.
او ارقام اخرى مثل المساحة المسموح لشركة نفط العراق ان تستثمرها في الامتياز والمذكورة هي 1937000 كم2 بينما كل مساحة العراق هي دون 440الف كم2!(210ص).
او ارقام عائدات النفط العراقية لعامي 1977 و1978 والمذكورة هي 536.9 مليون دينار و952.5 مليون دينار على التوالي(216ص) والحقيقة غير ذلك حيث اذكر ان العائدات كانت بالدولار هي 9.3 مليار دولار لعام 1977 و10.7 مليار دولار لعام 1978 وبتقسيم المبلغين على 3.4 كون الدينار العراقي حينها يساوي 3.4 دولار يظهر لدينا الرقمين التاليين:2.735 مليار و3.147 مليار دينار على التوالي ...فارق كبير،لا ادري ماذا يقول المؤلف والناشر.
او سكان الامارات كان 80000 عام 1971 في صفحة 270 والحقيقة اكثر من 300 الف ،بل مذكور ان عدد سكانها عام 2005 هو 1,2 مليون والحقيقة اكثر من 4 مليون!.
وبالتأكيد توجد اخطاء اخرى،ولا اعتقد انه هنالك جهد مبذول سواء للتحقق من دقة المعلومات او من طباعتها بشكل صحيح،رغم ان المفروض ان تكون هنالك دقة في كتابة المعلومات وخاصة الاحصائية منها كون ان هنالك من يعتمد عليها للاستناد على كونها مصدرا هاما للمعلومة،وفي الحقيقة لم يجري انتقائها بشكل صحيح او حتى طباعتها بشكل مناسب.
والكثير من الكتب المطبوعة هي فقط لغرض التأليف المتسرع او للبحث عن شهرة سريعة دون مراعاة قيمة الكتاب المعرفية.
الكتب كثيرة على هذا النمط،وهي جزء من ازمة عامة يعيشها العالم العربي...