إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/02/27

مذكرات من بيت الاغتراب 3


مذكرات من بيت الاغتراب 3:
حياتنا اليومية مليئة بالغرائب والعجائب وايضا بالامور الروتينية التي اعتدنا عليها وتطبعت حياتنا المعاصرة بها!...
كلما نميل الى الشك في ان العالم يتجه نحو المزيد من الحريات والامن والسلام...كلما نبتعد عن هذا الشك بأتجاه الاخر عندما تظهر الملامح المساعدة!...ونصادف في طريقنا من الاتجاهين،ولكن الامور في تقديري البسيط انها تميل نحو الامام بالرغم من بعض المآسي التي تحدث بين الحين والاخر...وقد نصادف من يعيد لنا الامل والبسمة في هذا العالم الذي اعتدنا على رؤية اضطرابه المستمر منذ قديم الزمان دون ان تهدأ ثوراته وحروبه ونزاعاته وكأنها خصال دائمية له!...
حوار مع امرأة مدهشة!
دار حوار سريع ( 25/2/2011) مع امرأة في بداية الاربعينات من العمر وتظهر عليها ملامح الانسانة البسيطة والغير مهتمة بمظهرها وبيدها كتاب سرعان ما بدأت حديثها المؤثر حول معاناة اختها المريضة المتوقع وفاتها بمرض خبيث...
ظهر من الحوار انها امرأة تملك متجرا لبيع الكتب في مركز المدينة... وعندما سألتها عن سوق الكتب الحالي خاصة بعد الاعلان عن افلاس اكبر شركتين في استراليا لطباعة وبيع الكتب...قالت ان السوق تأثر كثيرا وضعف الاقبال على شراء الكتب بعد ظهور الانترنت وبقية وسائل الاعلام الاخرى مع الانشغال بأمور الحياة الاخرى التي تعقدت بفعل المستحدثات اليومية ولذلك فأنها تعاني كثيرا في البقاء صامدة وتحاول الان الدراسة مرة اخرى للاتجاه الى مهنة اخرى تبعدها عن هذه المهنة التي احبتها كثيرا!... وعندما اخبرتها ان استراليا مثل اغلب دول الغرب مازالت متقدمة في عادة القراءة كما ونوعا، والتعليم والتشجيع منذ الصغر يخدمان الغرض ذاته،فكيف يحدث هذا الركود؟...فأجابت ان اسعار الكتب مرتفعة نوعا ما بالرغم من طباعة البعض في الصين وان تكاليف المعيشة المرتفعة ايضا تؤثر سلبا وكذلك فأن القراءة عبر الانترنت او بيع الكتب عن طريقه ساعد على هذا الركود، كما وان الحياة كلما زادت تعقيداتها كلما قل الاتجاه نحو القراءة التي تحتاج الى فسحة من الوقت مع الراحة النفسية والهدوء...وعندما تسائلت لماذا لا تفتح متجرا في الضواحي لان الايجارات اقل وكذلك تحاول بيع القرطاسية والصحف او بعض قطع الكومبيوتر او حتى كتب بلغات اخرى في المتجر، لعل ذلك يساعدها على البقاء في هذه المهنة الرفيعة المستوى وتستطيع تغطية التكاليف... اجابت بأن الفكرة جيدة ومحتمل ان تطبق بعضا منها ماعدا الانتقال الى الضواحي لان الزبائن عادة يتواجدون في مركز المدينة!...وعندما اخبرتها انه من المفروض على الحكومة ان تدعم صناعة الكتب وبيعها مثل الدول الاشتراكية السابقة...اجابت ان الحكومة بالفعل تدعم تلك الصناعة ولكن الخسائر مستمرة وبتكاليف عالية وحينها يصبح الدعم عقيم التأثير!.
ثم تطرق الحديث الى نوعية القراءة فقالت ان الرجال مازالوا يميلون الى الكتب الاكثر تعقيدا من قبيل الفلسفة والسياسة والاقتصاد والادارة بينما الاناث تفضل الادب بمختلف انواعه مع الكتب الطبية او كتب الاسرة الخ...
مدمنة قراءة!
الحديث تطرق بالتأكيد الى قراءاتها المختلفة...وعندما سألتها كم عدد الكتب تقريبا التي قرأتها في حياتها لعلمي ان الشائع الان هو قلة القراءة وبالتالي من السهولة اعطاء رقما بسيطا...اجابت وبثقة عالية انها تقرأ كل اسبوع ستة كتب كاملة في مختلف المعارف منذ ان كان عمرها 12 عام!!...اصبت بالدهشة بالطبع حتى انني كررت السؤال مرة اخرى! فأكدت ذلك لانها عادة لا ترى التلفاز الا نادر كما انها لا تحب القراءة عبر الانترنت ومهنتها ايضا تساعد على الاطلاع على مختلف انواع الكتب!...حينها قلت ان ذلك امرا عجيبا بالفعل لان هذا الرقم كبير الى درجة يصعب تحقيقه في ظل الظروف الراهنة حتى عند اغلب مدمني القراءة،وتمنيت ان اصل الى هذا العدد النادر حدوثه!...
ذكرت امامها كيف ان بعض الناس يتباحثون ويتناقشون في مختلف الامور الدينية والسياسية والاقتصادية بل وحتى الثقافية دون ان يقرأوا كتابا منذ بضعة عقود من الزمن! وهو من مآسي هذا الزمان!.
ثم تحدثت عن سفراتها لبعض دول الشرق الاوسط وبخاصة ذات الحضارات القديمة التي تميل لها عادة بفعل مؤثراتها الثقافية وقد اعجبت بالسودان وطيبة اهله كما توقعت ذلك قوله منها!ثم اردفت برغبتها في زيارة ايران ومعرفة حضارتها وتراثها وقد جاءت رغبتها من خلال معرفتها لبعض الايرانيين في الامارات التي لم تعجبها دبي او ابو ظبي عندما سالتها عنهما لانها حسب رأيها، مدن حديثة الطراز ترتكز فيها الصناعة والتجارة وليست قريبة من التراث والثقافات المتعددة الاتجاه! وهو رأي قرأته سابقا لبعض كتاب ومثقفي الغرب الزائرين...
قراءة الكتب هي الولوج الى عالم قائم بحد ذاته ومن صفاته انه ذو ابعاد متعددة... وهو وسيلة لبناء الانسان وتكوينه وفق متسعات معرفية والسمو بعقله وروحه الى اعلى المراتب السامية التي تجعله قادرا على اعطاء تفاسير لمعاني وجوده في الحياة ومكانته ضمن هذا العالم الفسيح...بل وتنقذه من التيهان في بحار الجهل والتخلف والعيش ضمن سقف يومه الحالي دون ان تبدو لديه ملامح تغيير الواقع نحو الافضل، ولذلك نلاحظ ان اكثر الامم تعلما وتثقيفا هي اكثرها تقدما وبعدا عن المشاكل القديمة التي مازالت تعاني منها اغلب بلاد العالم الثالث!.
صحيح انه من الناحية العددية قد ازداد عدد المتعلمين في العالم ولكن من الناحية الاخرى قد قل مستواهم الثقافي الى درجة مروعة تحتاج بصورة مستعجلة الى بحوث ودراسات عديدة بغية الوصول الى ادق النتائج لتطبيقها على الواقع لتغييره نحو الافضل.
لا شك في ان تلك المرأة هي نموذجا مثاليا متواجد بين اظهرنا وقد لا نلمحه! وهي خير مثال على قدرة المرأة العالية في الوصول الى اعلى المراتب التي وصلها الرجل مع المحافظة على خصوصية الانوثة وعالمها البديع ضمن عالم يوزع الادوار!...





2011/02/25

openbook: المخادعون:القذافي نموذجا

http://freebook.maktoobblog.com/date/2009/04/
في الرابط السابق توجد الاقسام 18-19-20 من اسطورة التغيير الفوقي والخاصة بليبيا والتي صدرت قبل سنتين...
كما تتضمن بحوثا خاصة بالبحرين ومصر وتونس والعراق والسودان وغيره...من الاقسام 1-62

المخادعون:القذافي نموذجا


المخادعون:القذافي نموذجا
ليس بالامر العسير ان نكتشف اكاذيب وخدع الحكام العرب...فعندما تبدأ عهودهم السوداء،تنساب سيول من الوعود التي يظهر لنا الزمن زيفها وكذبها! وهي فقط لغرض تثبيت الاقدام في ساحة السلطة والنفوذ والبقاء فيها لحين الزوال الحتمي!...
من المستحيل عمل جداول احصائية لكافة الوعود التي يطلقها هؤلاء،ولكن الافضل فقط الاستعانة ببعضا منها او اختيار نموذجا مثاليا كالقذافي كي يعرف المضللون كم حجم المهانة والاحتقار التي يعيشونها تحت ظلال من الاكاذيب والخزعبلات الفارغة التي لا تنتهي مادامت السلطة قائمة!.
على كل انسان ان يكون واعيا لما يجري حوله...وان يمارس دوره الطبيعي في نشر الوعي الخالي من التفاهات الفكرية وتدليساتها المتوارثة والا فأن مصيره الخنوع والخضوع وربما وبدون وعي وادراك فأنه سوف يأتي الدور عليه لكي يكون ببغاءا يردد ما يمليه عليه المخادعون ولو بصورة لاوعي!.
القذافي المخادع:
وصل القذافي للسلطة بطريق غير مشروع وبرره بأكاذيب كانت شائعة في عصره الذي ورث لنا مصائب لا حدود لها!...
غدر بزملائه قادة الانقلاب وابعدهم عن السلطة بمختلف الوسائل والاساليب، والغدار لا يؤمن على شيء!.
ادعى تحرير الثروة النفطية من يد الشركات الغربية!...بينما في عام 1970 وصل الانتاج الليبي الى اعلى مراحله(166مليون طن) وفاق انتاج اغلب دول الشرق الاوسط الاكثر سكانا والاوفر مواردا في عملية استنزاف مروعة!...وبعد مرور اربعة عقود من حكمه الاسود، اصبحت الشركات الاجنبية تصول وتجول وتسيطر على اغلب مرافق الانتاج والتصدير...اين وعوده الفارغة من تحرير تلك الثروة الناضبة والتي يهدد بحرقها اثناء الثورة عليه؟!.
ادعى الحرية للشعب واحترام حقوقه المشروعة...وتبين زيف ذلك عندما قام بتشكيل لجان فوضوية هدمت اركان الدولة المدنية الوليدة وانتهكت حقوق الناس وعندما عارضه تلاميذ الجامعة بردود منطقية تسائل من استاذ هؤلاء الذي علمهم هذا المنطق، فقيل له انه فيلسوف مصري يدعى عبد الرحمن بدوي...فكانت نكبته له ومصادرة كتبه القيمة عام 1973!.
يدعي البداوة ببعدها الايجابي بما فيها كرم الضيافة والطيبة في التعامل والبساطة في العيش والابتعاد عن الغدر والخيانة!...كان مثاله للكرم والضيافة هو غدره الوحشي عام 1978 عندما قتل الامام موسى الصدر واصحابه وهم مدعوون من قبله لزيارة ليبيا في احتفالاتها بأنقلابه!وهو تصرف مخزي ومشين لم يكن قد حدث من قبل في العصر الحديث!.
خطفه المناضل الكبير منصور الكيخيا من القاهرة بمعونة الطاغية حسني مبارك وقتله في ليبيا...وغيرهم من عشرات الالوف من الابرياء!.
الحرية عنده قتل الابرياء من خلال تفجير الطائرات المدنية،ثم تعويض دولهم من ثروة شعبه المنكوب!.
الحرية التي يدعيها هي فقط محصورة لنفسه وعائلته، يعبثون بحرية لاحدود لها! اما الشعب الليبي فقد نسى ذلك الادعاء بل وحتى ابناءه المشردون في المنافي فأنهم معرضون للقتل والاختطاف على يد اجهزته الامنية الارهابية في كل مكان وزمان...
يقول السلطة للشعب! وهو يتصدر الواجهة في ليبيا ويستقبل الزعماء ويصدر المراسيم المختلفة ثم يقاتل بوحشية لا حدود لها لاجلها!وهو يسب شعبه ويهينه كلما سنحت الفرصة له!...اين القول من الفعل؟!...
يدعي تطوير البلاد ويدعو الى تثقيفها وليبيا مازالت من اكثر البلاد تخلفا في مختلف المجالات ومازالت تعتمد على النفط كمورد رئيسي ثابت لها!.
يدعي الرغبة في تحرير فلسطين ومساعدة الشعوب المنكوبة!...وعلامات ذلك طرده الفلسطينيين بطريقة لا انسانية ودعواته المريبة الى زيارة القدس وحروبه العبثية ضد مصر(1977) وتشاد(1980-1987).
وتدميره لكافة الاسلحة التي انفق عليها مبالغ طائلة من الثروة الليبية لغرض البقاء في السلطة من خلال التوسل للغرب لابقاءه!.
مساعدته لزملائه الطواغيت وحسرته العلنية على فقدان بعضهم المخلوعين من قبل شعوبهم!...
ادعائه العيش ببساطة ثورية وكأن الثورية هي قول وليس فعل!...وامامنا عائلته التي تعيش ببذخ فاحش وفضائحها منتشرة في كل مكان! وتكفي حالة العلاقات المتوترة مع سويسرا لاجل مسألة شخصية لابنه مع القضاء والذي يتصور انه في ليبيا عندما يعامل خدمه بوحشية!.
ادعاءه الحرص على ثروة بلاده!...وامامنا جيش من المنافقين الاوغاد العاطلين الذين يسبحون بحمده ليل نهار ويصرف عليهم الموارد الطائلة وينفق ببذخ لاحدود له للدعاية لنفسه ولكتيبه السخيف بشتى الطرق الدالة على استهانة بتلك الثروة التي كدسها بين يديه وحرم شعبه طويلا منها!.
لقد تجاوزت واردات البلاد من النفط واردات النرويج بكثير الا ان الفارق في مستوى الدخل الفردي هو لصالح النرويج بستة مرات على الاقل!.
ادعاءه الالتزام الديني!...وامامنا سلسلة طويلة من خزعبلاته التي يعتقد بها والتي تدل على استهانة تامة بالدين واحكامه الشرعية واحتقاره لكل الذين يخالفون ترهاته التي تدل على ضحالة فكرية او ادبية او انعدام ثقافة دينية!.
حقيقة القذافي المعتوه واضحة لا لبس فيها...ولكن وحشيته العلنية فاقت التصور اثناء الثورة الليبية الكبرى ضده لان الطغاة عادة يحاولون التغطية على جرائمهم بدلا من الاشارة اليها!وهذا قمة الحماقة والغباء.
اصبح القذافي الان رمزا للغباء والحماقة والسفاهة...والامل في الشعب الليبي الجريح ان يسحقه الى الابد مع زمرة الممسوخين التابعين له وان يضعونهم في المكان المثالي لامثالهم وهو مزبلة التاريخ!...
المجد والخلود للشهداء والاحرار ...اتبعوهم الى قلب المعركة التاريخية الكبرى التي يندر وجودها...
والخزي والعار لكل الطغاة واتباعهم...





الابادة آخر اسلحة الطغاة


الابادة آخر اسلحة الطغاة
يتفنن الطغاة في استخدام مختلف انواع الادوات والطرق والاسلحة للسيطرة على شعوبهم وأذلالها كي تصبح مطيعة لهم ولا تقوى على القيام بأي اشارة تدل على رفض الاوامر الصادرة...
الادوات والاسلحة المستخدمة تدل على الانسان له قابليات شيطانية يعجز الوصف عن اعطاء حدود لها! وهي أتية من تراث اسود من الابادة والتعذيب واستعباد البشر لبعضهم البعض!...وانواعها لا حدود لها والتي من بينها سلاح الحروب النفسية الى المخابراتية والتي من بينها استخدام الفتن وزرع الفرقة في صفوف الخصوم! بالاضافة الى السلاح الاقتصادي المؤثر والذي يهدف الى محاصرة الخصم وتجويعه بغية اذلاله واخضاعه!...اما الاسلحة الحربية فهي متعددة واوسعها تدميرا تلك التي توصف بأسلحة الدمار الشامل، بالاضافة الى ادوات واسلحة اخرى لا مجال لحصرها وكل تلك هي ادوات لا تستخدم فقط مع الخصوم من الدول الاخرى بل ايضا مع الشعوب التي ساء حظها العاثر ان تقع بيد حفنة من عصابات المافيا الارهابية المتلبسة بأشكال عديدة من الايديولوجيات والوراثة السياسية!.
استفاد الطغاة من استخدام اسلافهم لتلك الادوات المتعددة للاستمرار في الحكم والسيطرة،بل وقاموا بتطويرها جيلا بعد جيل! واصبح صعبا مجرد الاحاطة بها فضلا عن سريتها المحكمة! ولكن الشيء الاخر الذي لم يهتموا به واحتقروا من يشير اليه ولم يعملوا ادنى حساب له لكونه مروضا لهم ومقيدا لسلطاتهم! وهو سقوط اسلافهم تحت سيوف الثائرين او المنافسين من خلال اخطائهم القاتلة دون مراعاة ان الضغط يولد الانفجار!.
من هنا جاء وصفهم بالاغبياء لعدم استفادتهم من اخطاء غيرهم،واحيانا يوصفون بالاذكياء ولو بصورة مؤقتة كونهم وصلوا الى اعلى المراتب في الدولة وتحكموا بمفاصلها لفترة طويلة!.  
هم يحاولون الابتعاد عن تحديد صلاحياتهم ورفض منح الكثير من الحريات للشعب لانه يؤدي الى افساح المجال للخصوم للسيطرة والنفوذ مع ضعف الاستفادة القصوى من ملذات السلطة والتحكم بمصائر الشعوب.
الاعلام ودوره الخطير:
لعب الاعلام دورا خطيرا في السيطرة او الثورة وعرف الجميع مدى اهميته الفائقة ومع شديد الاسف ان الاعلام لم يكن بذلك الحجم من التطور الذي نشهده حاليا،ولذلك ابيدت شعوبا بأكملها دون ان تجد معينا لها او حتى ان تعرف ان خصومها كانوا على شفير الانهيار بفضل ضعف التواصل المعلوماتي بين الجموع الثائرة...
لقد اصبح من المستحيل الان السيطرة على وسائل الاعلام في ظل التطور التكنولوجي،ولذلك لاحظنا ان الثورات العربية المعاصرة مشتركة في الكثير من الصفات والاحداث والتطورات والتي من بينها استخدام نفس الوسائل مع محاولة اجهزة السلطة التحكم بالاعلام وحرمان الثائرين منه بغية تشتيت قواهم... وعليه فأنه ولحسن الحظ فشلت كافة اجراءاتهم لان التقدم التكنولوجي اصبح في مرحلة متقدمة يصعب السيطرة عليها،ولم يبقى سوى مجال الانعزال عن العالم وهي الطريقة التي مازال يتصرف بها نظام كوريا الشمالية ومن قبله نظام البعث في العراق او طالبان في افغانستان وغيرهم من الانظمة الشمولية وحسب الاسبقية الزمنية!.
لقد اصبح الان سقوط بضعة مئات من الشهداء ولحسن الحظ كافيا لاثارة غضب العالم بعد ان كانت ابادة الملايين لا تحظى بأدنى اهمية او اثارة،بل وان المبالغات في الارقام هي ايضا طريقة ممتازة لتحطيم القوى المتسلطة ولاهمية المبالغة ومقدرتها الفائقة اذكر المثال النموذجي للثورة الرومانية عام 1989 ضد شاوشيسكو والتي وصلت المبالغات الاعلامية لعدد سقوط الضحايا الى حوالي 70 الف،ولكن بعد سقوط الطاغية قامت الحكومة الجديدة بعمل احصاء دقيق لهم تبين ان عددهم الحقيقي هو(1033)فقط! ومن هنا تعتبر المبالغة في كل شيء من اقوى الاسلحة في تحطيم الطغاة واجهزتهم واثارة العالم عليهم مما يساعد على التخلص منهم بصورة سريعة جدا!.
الابادة الجماعية:
كل الادوات مرشحة للاستخدام اثناء الثورة وحسب حجم الاستبداد ودرجة تطوره والقدرات النفسية والامنية والاقتصادية والعسكرية التي يتمتع بها كل نظام بالاضافة الى شخصية الطاغية التي تعتبر مركز الثقل في التوجيه والتحكم!...
صحيح ان معظم الوسائل المستخدمة هي متكررة ولكن تبقى هنالك بعض الفروقات بين الانظمة القمعية والتي من بينها اختلاف المستوى الفكري والاخلاقي والانساني لكل طاغية...واكثر ما يؤدي الى بشاعتهم هو اذا كانوا من اصول اسرية وبيئية وضيعة او سيرتهم يعرف من خلالها ضحالة ثقافية واخلاقية وانعدام تاثير العامل الديني الايجابي لان بعضهم يستخدم الدين كأدة سلبية للسيطرة وهو بعيدا عنه نصا وروحا!.
الرغبة في التعويض عن الماضي السيء وقسوته يؤديان الى الرغبة في استخدام اقصى درجات القسوة والعنف لمن يحاول ارجاعهم الى المربع الاول او حتى تذكيرهم به ناهيك عن جنون العظمة وما تفرزه من بشاعة ورعب وانحدار!...حينها سوف يكون مجال استخدام الادوات الاجرامية غير محدود وسوف يؤدي الى كوارث انسانية لا حدود لها ويصبحوا امثلة نموذجية على قمة الهمجية والوحشية والفساد!.
اذا لم يتم الوقوف بحزم امام هؤلاء فأنهم سوف لن يترددوا لحظة في استخدام اخر سلاح لديهم عندما يشعرون بأن الخطر قد وصل الى اعلى درجاته وعليه فأن السيطرة سوف تنتهي بصورة شبه مؤكدة مما يعني ان الضرورة تحتم عليهم الانتقام من خلال ابادة الثائرين بصورة جماعية دون ادنى تفريق وحتى يمكن فرض الامر الواقع على البقية وزرع الرعب في نفوسها مما يؤدي الى هزيمتها الفعلية...وقد استخدم اسلوب الابادة عدد كبير من الطغاة ومنهم جنكيزخان وحفيده هولاكو اللذان قتلا ملايين البشر اثناء حروبهم،وكذلك استخدمه استاذ الطواغيت في كل العصور:ستالين حتى ادى به الى قتل عشرات الملايين دون ان يقف بوجهه احد حتى لو كان متأكدا من انه سوف يموت عاجلا ام آجلا على يديه!...كما ان نظام بول بوت في كمبوديا يعتبر مثالا نموذجيا فقد اباد ثلث الشعب وخلال ثلاثة اعوام(1975-1978) دون ان يعير العالم اهمية لذلك الحدث الرهيب!
اما في العالم العربي وخلال العقود الاخيرة،فأن اثنان متقاربان في سيرتهما الذاتية وضحالة مستوى تفكيرهما وهما صدام والقذافي قد وصلا الى تلك القمة من الوحشية وعملا على تطبيقها بدون ادنى مراعاة حتى لعامل الضغط الدولي بل وقاما بأستغلاله لفترة ما في تثبيت وجودهم في السلطة مع استخدام عاملي الحظر والتضليل الاعلامي كأحد افضل الاسلحة...
لقد كان من سوء حظ الشعب الليبي ان يكون حاكمه مجنونا تافها كالقذافي ولكن من حسن حظه ان وسائل الاعلام اصبحت اكثر تطورا بحيث نقلت صور الابادة الجماعية وهو آخر سلاح بيد القذافي في محاولته المستميتة للبقاء في السلطة ولو ادى ذلك الى حرق البلاد!...بينما كان من سوء حظ الشعب العراقي ان يكون حاكمه مجرما عتيدا مثل صدام استغل عدم وجود الاعلام وبقاء بعض التاييد العربي والغربي له في عمل رهيب وهو الابادة الجماعية خلال عقدين من الزمن وبخاصة اثناء وبعد ثورة 1991 التي اباد فيها مئات الالاف دون ادنى مراعاة حتى لاصناف الفئات العمرية!.
ان الابادة الجماعية التي قام بها القذافي اثناء الثورة الليبية هي متوقعة من خلال استعراض سيرته الذاتية الدالة على وجود انحراف كبير في شخصيته تجعل وصفه بالانسان الغير سوي امرا مؤكدا،بينما كان الامر مستبعدا نوعا ما مع طغاة آخرين سقطوا بفعل الثورات المعاصرة.
بالرغم من ان سلاح الابادة هو اجراميا مرعبا الا انه قد فقد خاصيته الان بفضل السلاح المضاد وهو الاعلام الحديث الذي وصل الى درجة عالية من القدرة التي تحرك شعوبا وتزيل نظما وتردع اسلحة!...

2011/02/22

امريكا المحتلة!


امريكا المحتلة!
في كل مرة تقف امريكا في مجلس الامن الدولي معارضة لاي قرار يصدر ضد اسرائيل مهما كانت مسببات مشروع القرار!...والفيتو الامريكي الاخير(18-2-2011) كان فريدا من حيث انه الوحيد الذي عارض قرار ادانة اسرائيل في استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية بينما ايدته 14 بلدا اغلبيتهم حلفاء لامريكا!...وهذا الفيتو يضاف الى مئات من مشاريع القرارات التي ولدت ميتة ضمن هيئة امم مسلوبة الارادة والاحترام!.
ليس في الامر غرابة...ابدا! فأمريكا هي بلد محتل من قبل اسرائيل! والبلاد المحتلة لا تستطيع ان تفعل اي شيء يناقض مصالح المستعمر لها،وعليه فأن الرئيس الامريكي والكونغرس وكافة الهيئات الحكومية الامريكية هي ادوات مسلوبة الارادة وضعيفة الشخصية المستقلة بيد الاحتلال الاسرائيلي لبلدها!...
ليس هنالك بلد حر ومستقل في العالم يخالف مصالحه الاستراتيجية مع اي امم اخرى في العالم لاجل بلد صديق بدون مقابل او ضمن حدود معقولة من التحالفات المشتركة...اما بلدا مثل امريكا يجازف بمعاداة حوالي ملياري مسلم في العالم يشكلون اغلبية في عشرات البلدان ويضاف لهم مؤيدين ومناصرين كثر من الشعوب الاخرى لاجل خاطر دولة صغيرة تعلن تحالفها معها!...فهذا امرا يخالف العقل والمنطق ويناقض حماية المصالح الخارجية فضلا عن تشويه صورة البلد وتحط من مكانتها الادبية وسوف تؤدي الى تكوين تحالف معادي مع اشاعة مشاعر الكره والحقد والغضب اللامحدودة!.
ان امريكا بلدا محتلا وقد تكون تلك الحالة فريدة في التاريخ في ان دولة صغيرة تحتل اكبر بلد في العالم!...نعم توجد حالات مشابهة في التاريخ مثل احتلال بريطانيا للقارة الهندية او احتلال اليابان للصين او احتلال هولندا لاندونيسيا!...ولكن بلد بهذه القوة العسكرية والاقتصادية يكون ضعيفا الى تلك الدرجة المروعة من الاذلال المتنوع امام قوة خفية مثل اسرائيل!ولا يقاومها مثلما فعلت البلاد السابقة، فذلك امرا عجيبا!...
مهما كانت التفسيرات المعقولة وغير المعقولة لاسباب ذلك الاحتلال ووسائله،ولكن الامر المثير ان اغلب الامريكيين( 315 مليون) هم خاضعين بل ومؤيدين لهذا الاحتلال الى درجة تفقدهم كل استقلالية او حتى انحدار فظيع في مستوى الحرية في الاختيار بينما يملئون العالم ضجيجا بدعواهم لاجل اشاعة الحريات والديمقراطيات في العالم!...فأذا انا كنت محتلا ولا استطيع ان اقاوم بل واخضع بطيبة خاطر وتجلب لي من جراء ذلك الخزي والعار وكره الاخرين وحقدهم فذلك الامر على الاقل يمنعني من قيادة العالم او توجيه النصح للاخرين في اتباع اسلوب الحكم والاختيار المثالية!.
ان معظم شعوب الارض قاومت الاحتلال لبلادها بمختلف الوسائل المعروفة والمبتكرة،ولكن هذا الشعب الغريب هو محتل نفسيا قبل ان يكون خارجيا لاحتلال جعلهم مكروهين الى درجة مثيرة للانتباه ومازالوا بطريقة في غاية الغباء يتسائلون لماذا يكرهنا الاخرون؟!...
ان التحالف مع اي بلد يكون ضمن حدود لا يمكن الخروج عنها والا اصبح ذلك احتلالا مريبا في طرقه واساليبه ونتائجه!...ان الشعب الامريكي هو شعب مسلوب الارادة ولا يستطيع، لا هو ولا حكومته ان يحرروا انفسهم من هذا الاحتلال الذي جعلهم كدمى بيد دولة صغيرة تعبث بقدراتهم الضخمة خارجيا فضلا عن وجود اتباعها داخليا بينما حذرهم مؤسسوها من ان يدخلوا البلاد ويستولوا على مقدراتها او يتحكموا بها!!...بل الامر الاكثر غرابة في عدم وجود رغبة داخلية للمقاومة مما يجعل الشك والريبة سائدان في مقدرة هؤلاء ليس في قيادة العالم الى بر الامان بل في قيادة انفسهم ضمن منظومة العولمة الجديدة!.
ان اصغر شعوب العالم تقاوم الاحتلال او السيطرة والنفوذ الاجنبي،ولكن الشعب الامريكي يخضع له بأرادة تدل على سلب جمعي للعقل والمنطق وتحولهم الى ادوات جامدة راغبة في عمل المستحيل ولو ادى الى تدمير بلادهم لاجل رغبات المستعمر الصغير!.
قد يحمل المستقبل مفاجئات من خلال التحرر من ذلك الخضوع المذل الذي لا يقبله اي انسان واعي ذو ارادة حرة ومستقلة...ولكن الاكثر توقعا ان تلك البلاد تحمل في بنيتها التكوينية بذور التفكك او الضعف او الانحدار الى مستويات قياسية في تدني المكانة بين امم الارض.
لم تكن القوى الكبرى التي سبقت امريكا في سيطرتها على العالم بذلك الضعف والاذلال الى درجة تكون حكومته ممسوخة بلا ادنى حياء او خجل ولا ادنى مقاومة ولو من جانب مجموعات صغيرة تريد لبلدها البقاء ضمن صفوف الامم الحرة وفي اعلى مكانة في التصنيف العالمي!.
ان ذلك يدل على هشاشة التفكير الامريكي وهزليته في ان يكون مسؤولا عن مواقفه في الداخل والخارج!...الامر الحتمي المعروف هو في دوام استحالة بقاء امريكا كقوة فريدة مسيطرة على العالم الى مالانهاية! فذلك الامر لا يمكن ان يتصوره او يتوقعه اي دارس للتاريخ وعبره...نعم قد يكون بقاء امة ما ضمن صفوف الامم القوية لفترة طويلة هو امرا معقولا ولكن كقوة لا يمكن هزيمتها فهو امرا خرافيا تأباه الطبيعة البشرية!.
الامر الاخر هو في مواقف حلفاء امريكا من احتلالها من قبل دولة صغيرة وعدم تبنيهم لمواقف تثير فيها حمية الاستقلالية او احترام الذات!...بل وسارت دول اخرى على نفس المنهج ولكن بدرجة ادنى من قوة التبعية واستلاب الشخصية الامريكية!.
ان المواقف الامريكية الرسمية والشعبية ضد قضايا الشعوب الاخرى ضمن ميزان العدالة والمساواة المطلق والحدي بين الجميع هي مواقف خزي وعار وانحطاط ادبي وسوف تجلب لها مبررات العداء التي يتجنبها عادة كل بلد حر!.
في النهاية... لن يكون التاريخ منحنيا الا  لارادة الامم الحرة...وليس للخاضعة او المسلوبة الارادة!.