إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/10/29

قراءة سريعة في اعلام رسمي

قراءة سريعة في اعلام رسمي:
متعددة زياراتي للمكتبة العامة،وغالبا ما استعير اي شيء جديد،ليس بالضرورة ان اقرأ مواد تكون ذات قيمة اعلامية عالية،بل احيانا كثيرة اقرأ من ليس له اية قيمة ثقافية ويكون ايضا مخالف لتوجهاتي الفكرية والعلمية والادبية،كما اجد في الكثير منها معلومات خاطئة او مفبركة او على الاقل مبالغ بها،ولكن تحتاج الى من يستطيع التمييز بينها،وليس سهلا ذلك الا اذا كان من ذوي المعرفة العالية،ولا اقصد معرفة اكاديمية بل معرفة كبيرة في مختلف العلوم والاداب،او على الاقل له معرفة بسيطة بالسياسة.
وكل تلك القراءات المتنوعة من باب طلب المعرفة من جميع الابواب والمصادر.
والقراءة المتنوعة هي الوسيلة الوحيدة لبناء اساس ثقافي متين،وليس كل ما نقرأ هو الصحيح كذلك لا ينبغي اتباع وجهة النظر المقروئة الا بعد اخضاعها لعملية تحليل طويلة،وبالبرغم ان ذلك هو الصحيح الا ان نسبة كبيرة من القراء في العالم تخضع بوعي او بدونه للمادة المقروئة...
عودة للقراءة السريعة،من ضمن المواد المستعارة مجلتين صادرتين من الاعلام الرسمي المصري(الاهرام العربي،ونصف الدنيا)وبما ان الاعلام الرسمي المصري لا يختلف عن بقية الاعلام العربي الرسمي وليس الشعبي او المعارض لان ليس كلامنا عليه،عن كونه اعلاما سطحيا ومليء بالاكاذيب المفضوحة وبعيد عن الواقع،وهذا الاعلام ليس له مكان كالسابق في ظل الثورة الاعلامية العالمية ضمن العولمة الجديدة،في السابق نعم كانت تعبر نسبة كبيرة من الاكاذيب اما الان فالوضع تغير.
والحقيقة المرة ان الاعلام الرسمي مدعوم بشكل كبير من الدولة نظرا لعدم استطاعته الاعتماد على نفسه،لوجود عدد كبير من الناس تعزف عن شراءه وبالتالي يكون مصيره سلة المهملات او الرجوع الى مطابع الدولة!.
لاحظت في المجلتين نوعية الطباعة متغيرة نحو الاسوأ كثيرا بحيث اصبح الورق اكثر خشونة وقريب من نوعية ورق الجرائد! ولا ادري ما السبب.
مجلة نصف الدنيا هي نسائية،ولكن الشيء الثابت في كل اعدادها في الصفحات الاولى متابعة شؤون زوجة الرئيس المصري سوزان مبارك،وهي تبيان لدليل قاطع حول مدى تدخل اسرة الرئيس في شؤون المجتمع وسيطرتها عليه،وهي مسألة مرتبطة بوجود الرئيس وتزول بزواله!.
الشيء الاخر الملفت فيها(العدد962 في20يوليو2008)هو الحملة المصرية المستمرة على ايران في قضية فلم السادات،وطبعا وجهة نظر النظام المصري التي لا قيمة لها في ارض الواقع كون السادات تجاوز الكثير على كرامة الشعب الايراني في استضافته للشاه المطارد من قبل العدالة تمهيدا لمحاكمته،حتى ان امريكا ودول الغرب الاخرى طردته حتى لا تكون في مواجهة مع شعبه،ثم اطلاقه اسم شاهنشاهي على احد الشوارع في مصر،وطبيعي ردة الفعل الايراني وهي حسب وجهة نظري ليس قوية وكافية،بل بالعكس ردة فعل النظام المصري رغم وقاحتها كون الخطأ مصدره من السادات،الا انها عنيفة!.
المجلة الاخرى(الاهرام العربي:العدد591 في 19 يوليو2008) هي سياسية ولكن ذات قيمة واطئة،وفيها وجهات نظر النظام المصري حول مختلف القضايا.
في الغلاف يقع عنوان ايران تدعم الحوثيين،وفي لقاء مع نائب رئيس حزب الرئيس اليمني والذي يقول بطريقة مضحكة انه لا يحتاج الى دليل ذلك الدعم،رغم ان البعد الجغرافي بين البلدين يمنع اي دعم عسكري كذلك وجود خلاف فكري بين المتمردين وايران!ولكن صمود المتمردين في الجبال ادى الى تخبط النظام اليمني واتهامه تارة ايران وتارة ليبيا في دعمهم!.
في الصفحة السادسة اثارني موضوع تحت اسم:الشروط المستحيلة تواصل اغلاق معبر رفح.وعندما تقرأه تصاب بالعجب من مدى تفاهة وجهة نظر النظام المصري في فرض حصاره على قطاع غزة،بل وقاحة لا حدود لها تجدها في ثنايا الموضوع.
وجهة النظر الرسمية تقول انه رغم ان جميع الفلسطينيين بما فيهم حركة فتح مجمعين على ضرورة فتح المعبر مع مصر للتخفيف من معاناة الفلسطينيين،الا ان النظام المصري يقول ان اسرائيل لا توافق بسبب وجود الجندي الاسرائيلي الاسير!
هي حقيقة مرة كون ذلك النظام واقع تحت طائلة معاهدة مذلة مع اسرائيل وليست له اية استقلالية تجاه الكثير من القضايا،بل حتى لا وجود لادنى قيمة لشعب تعداده مليون ونصف ومايزيد عن الف اسير فلسطيني!!.
ولا توجد ادانة عربية او اسلامية واضحة لموقف النظام المصري المشين لحد الان،فالكل يتجنبه لوقاحته وتبجحه بأكاذيب لا قيمة لها.
وفي موضوع اخر حول السودان،يمكن قراءة عنوان مضحك كون ان هنالك منظمات صهيونية وراء اتهام اوكامبو للديكتاتور السوداني في التورط بالابادة الجماعية في اقليم دارفور،وهو عنوان من السذاجة والسخافة الى ابعد حد،فالرئيس السوداني متورط بالابادة ليس فقط في دارفور وانما في كل مناطق السودان،وهو جاء الى الحكم بانقلاب عسكري غير شرعي،وابعد بقسوة كل الخصوم،ثم حارب المتمردين في كل المناطق الثائرة مما سبب الكوارث للسودان فلا تحتاج العدالة الى اتهام ديكتاتور يفعل الكثير من الجرائم في وضح النهار! وبدفع من منظمات صهيونية! حسب وصف المجلة.
وفي المجلة مواضيع اخرى عديمة القيمة او بدون صدقية،ومنها باب ثابت لصحفي عراقي هارب كونه كان نائب عدي صدام!وهو يتكلم ايضا عن المقاومة والحرية!.
احيانا تجنب قراءة تلك المجلات يريح العقل والقلب،كونها مليئة بأكاذيب نابعة من رموز اعلامية تدافع عن مواقف انظمة تنبذها شعوبها...

ملحق

العالم العربي والعولمة:
ماذا عن علاقة الدول العربية بالعولمة او مدى تأثرها بها سلبا وايجابا؟من ضمن تساؤلات اثيرت بعد كتابة الموضوع السابق المسمى:العولمة افضل للفقراء.وجدت اضافة ملحق مختصر له يكمل البحث السابق.
العولمة تكون لها اثار ايجابية تفوق سلبياتها في المجتمعات المفتوحة،والتي تكون في الغالب حرة وديمقراطية وبالتالي يتبين للجميع اثرها من خلال الواقع الملموس.
وبما ان العالم العربي بغالبية دوله تحكمه نظم استبدادية منذ فترات زمنية طويلة،فقد ولد ذلك الحكم الطويل شبكات فساد هائلة يرتبط بعضها بالطبقة الحاكمة ويمتد الى جميع افرع الدولة والمجتمع،ومن ابرز ذلك الفساد هو في القطاعات الاقتصادية،وخاصة المالية والتجارية.
العولمة الاقتصادية هي الوجه الابرز للعولمة،وبدونها لا تدخل العولمة بيوت الناس،ورأس المال بطبعه جبان يبحث عن الامان والاستقرار السياسي والاجتماعي ووجود القوانين التي تحترم الملكية الفردية وتحترم حقوق الجميع وبدون استثناء بين حاكم ومحكوم،كل ذلك بالاضافة الى عوامل اخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها،لا تستطيع الشركات والافراد دخول دول العالم العربي،لانه للاسباب السابقة تمنع دخوله،والانفتاح ليس معناه منح بطاقة فيزا للدخول فقط!
بل هي تاريخ طويل من الاستقرار وحكم القانون،وهذا لا وجود له في دول العالم العربي جميعها!.معظم الاسباب اختصرها بالنقاط التالية:
اولا:لا توجد انظمة وقوانين توازي انظمة وقوانين الدول المتقدمة في العمل الاقتصادي،فمازال سيف المصادرة مسلط على الجميع والحكام يستطيعون بجرة قلم الغاء قوانين ومصادرة اموال دون ان يجدوا من يمنعهم من فعل ذلك او تحد من سلطاتهم محاكم وبرلمانات! وبالتالي تبقى اهم فقرة لجذب الاستثمارات الخارجية غير موجودة وتاريخ الدول العربية حافل بالكثير من المصادرات تحت مسمى التأميم وبدون تعويض!.
بالاضافة الى وجود نظم ضرائبية قديمة وبعضها عالي قياسا للعديد من دول العالم الاخرى التي تعطي مزايا كثيرة في تلك المجالات.
ثانيا:الفساد المالي والاداري يحكم الدول العربية،والمنظمات الدولية مصنفة الدول العربية كأكثر الدول في العالم فسادا وانعدام الشفافية وانتشار الرشاوى وسوء المعاملة والبيروقراطية المنتشرة التي تمنع الاستثمار بصور واشكال عجيبة!.
ثالثا:لا وجود لاساس قوي من البنية التحتية لغالبية الدول العربية،فمازالت عاجزة عن بناء الكثير من اساسيات البنية التحتية،مثل الطرق والمطارات والموانئ بل في بعضها عدم وجود نظام حديث للمجاري الصحية،وتعاني من نقص الكهرباء والماء،بل بعضها عاجزا عن توفير اماكن للمشاريع وغيرها من الاسباب.
كل ذلك يجعل من الصعب بناء مشروع اقتصادي يخلق فرص عمل كثيرة.
رابعا:حجم الاسواق العربية صغير في معظمه،وغالبية شعوبها فقراء ولذلك تجد من الصعب تصريف الانتاج في داخل بلاد لا تمتلك الغالبية شراء قوتها اليومي.والاستثمارات الخارجية تهدف الى تصريف الانتاج بسهولة حتى تحقق اكبر ربح ممكن،نظرا لوجود الكثير من الدول التي تعطي مزايا في تلك النواحي.
خامسا:عدم وجود طاقات بشرية كافية متدربة في بعض البلاد،فالغالبية العظمى من الخريجين هم من الكليات النظرية وعددهم في الكليات العلمية والتطبيقية اقل،كذلك عدم وجود خبرات عملية كافية في العديد من افرع الانتاج الصناعي المتقدم،نظرا لعدم وجود قاعدة صناعية متقدمة في جميع البلاد العربية،فلحد الان الجميع عاجز عن صنع سيارة كاملة في داخل البلد الواحد!.
كذلك الاجور المرتفعة في بعض البلاد العربية،لا تجعلها محل منافسة مع دول رخيصة اخرى مثل الصين او الهند.
سادسا:عدم وجود الاستقرار السياسي والاجتماعي،والقيود الاجتماعية الكثير المفروضة تمنع المستثمر الاجنبي،فمازالت النظرة المريبة للاجنبي وخاصة التآمر او النظرة الدينية التقليدية او النظر بريبة للعادات والتقاليد المختلفة للاجنبي ومدى تقبل المجتمع لها،يمنع الكثيرين من دخول العالم العربي.
المجتمعات العربية معرضة في اي لحظة للانفجار الداخلى نتيجة لحالات الاحتقان الناتجة من تاريخ طويل من الاستبداد والفساد وسوء الاحوال الاقتصادية،بالاضافة الى عدم وجود استقرار سياسي متين نظرا لعدم وجود مؤسسات دستورية في البلاد العربية،كل ذلك يمنع من تدفق الرساميل الاجنبية التي غزت بلاد اخرى.
اسباب عديدة غير تلك السابقة هي تمنع الانفتاح العربي الكامل على العالم،والنظرة بريبة لكل ما هو جديد هو احد اسباب ذلك المنع.
الدول العربية في غالبيتها لا توجد لديها خطط اقتصادية طموحة،فالاستثمار الداخلي ضعيف وفيما بينها ايضا،كذلك لو قارنا بينها وبين دول اخرى مثل ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان على سبيل المثال لوجدنا ان تلك البلاد تنفق قليلا على الجانب العسكري والامني بينما يزيد الانفاق العربي عن 10% في جميع دوله بل في بعض بلدانه تزيد عن 20% وهي احد الاسباب الرئيسية لاهدار الاموال العربية نظرا لتوجهها لحماية الانظمة وليس لحماية الشعب،وتاريخ الجيوش العربية حافل بأستخدامه لابادة المناطق الثائرة باسلوب همجي وحشي بينما اقصى ما يكون في البلاد الاخرى هو قمع التظاهرات والاحتجاجات!.
تركيز بلدان الشرق الاقصى على جذب الاستثمارات الاجنبية من خلال خلق بيئة مثالية لتواجده،بينما لا توجد لدى معظم الدول العربية خطط من هذا القبيل.
والخطط التنموية غالبا ماتكون طويلة الامد،بينما الخطط العربية لم تخلق تنمية بل فوضى ضاربة!.
الاستثمار الاجنبي الكبير في دول الخليج ليس مقياسا للنجاح،وذلك لكون مخصص في اغلبيته للعقارات والاسواق المالية والخدمات وكذلك وجود اعداد غفيرة من اليد العاملة الرخيصة المستوردة وخاصة العمال الاسيويين،لولا وجود النفط لما اتت غالبية المستثمرين،ولذلك نلاحظ مدى تأثر الدول الخليجية بأنخفاض اسعار النفط رغم طول الفترة الزمنية لانتاجه وضخامة الايرادات بالقياس الى حجم السكان القليل.
الكلام يطول في هذا الموضوع المتشعب والمثير،ويبقى اثر العولمة محدودا على دول العالم العربي ما عدا الجانب الاعلامي نظرا للفوضى الاعلامية الهائلة والغير منضبطة فيه!.

2008/10/27

العولمة افضل للفقراء

العولمة افضل للفقراء:
ملخص للبحث المنشور باللغة الانكليزية وليس كترجمة حرفية...
العولمة هي تعني ان الناس يعيشون في العالم بدون حدود سياسية او ثقافية او اجتماعية،والعيش يكون في دول حدودها السياسية والاقتصادية مرفوعة مثل العيش في دول الاتحاد الاوروبي.تغيرت مع ظهور العولمة الكثير من المفاهيم وخاصة من ناحية الاقتصاد،واصبحت التجارة الدولية نشطة ومفتوحة بين الدول،ومنظمة التجارة العالمية هي احد انجازات العولمة والتي ابتدأ نشاطها عام 1995 بعد الانتهاء من معاهد بريتون-وودز التي استمرت منذ عام 1944.من اهم انجازات العولمة هي ازدياد التجارة الدولية كما ونوعا،كما ازدادت الاستثمارات بين الدول وخاصة تحول مبالغ مالية هائلة للاستثمار في الدول النامية نظرا لوجود اليد العاملة الرخيصة فيها اضافة لوجود الطاقات العلمية والتقنية باعداد غفيرة.
كما ساعدت العولمة على التقارب بين الدول جميعا خاصة اوقات الازمات الطبيعية مثل كارثة تسونامي نهاية عام 2004 والتي تضررت فيها عدد من البلدان الاسيوية،وغيرها من الكوارث الاخرى.
الكثير من الناس يعتقدون ان العولمة تساعد على حل مشكلة الفقر في العالم،من خلال تدفق الاستثمارات النقدية الهائلة من الدول الغنية الى الدول الفقيرة،ولكن توجد هنالك اراء معارضة كونها لم تحل مشكلة الفقر لحد الان،ولكن اكثر المعارضة للعولمة هي معارضة ثقافية كون هنالك خوف على الكثير من الخصوصيات الثقافية للشعوب،وبالتالي هنالك خوفا عليها من الاندثار او الضعف مثل عدم استخدام الكثير من اللغات والاقتصار على اللغة الانكليزية،وخاصة في البلدان الفقيرة،كذلك العادات والتقاليد خاصة المتعلقة بالهوية الدينية او المذهبية للشعوب والخوف من تغير الاجيال نحو الاقوى ثقافيا وبالتالي انتهاء كل الثقافات الغير منتشرة او الموجودة في بلدان ضعيفة اقتصاديا ولا تستطيع المحافظة عليها.
ولكن اغلبية الاراء المعارضة للعولمة تؤكد ايضا على سوء استخدام العولمة وبالتالي تسبب الازمات،ولو استخدمت كغيرها من الاشياء الاخرى لصالح الانسان وتقدمه لما وجدت معارضة بهذا الزخم.في هذا البحث التركيز على الجانب الاقتصادي والفوائد الناجمة من العولمة،والاضرار منها هي ايضا نتيجة لسوء الاستخدام ومن ابرز مشاكلها هو اتساع الهوة بين الفقراء والاغنياء سواء داخل الدولة الواحدة او خارجها او بين الدول نفسها.
فمن ناحية داخل الدولة نفسها يمكن للدولة ان تحد من هذا التفاوت عن طريق فرض الضرائب التصاعدية كما تفعل الكثير من البلدان المتطورة وخاصة تلك التي تطبق مبدأ دولة الرفاهية الاجتماعية وابرز الامثلة هي الدول الاسكندنافية.اما بين الدول فيمكن من خلال محاربة الفساد المنتشر في الدول النامية وفرض الشفافية والديمقراطية واستثمار المواد الاولية والقدرات وفتح الحدود للاستثمارات الخارجية كفيلة بأحداث نمو اقتصادي عال كما جرى في الدول الاسيوية وخاصة الصقور الاربعة التي تعتبر نموذج مثالي يحتذى به والتي حققت انجازات اقتصادية رائعة.
حققت دول العالم الكثير من الانجازات وخاصة في مجال الاتصالات والتي اصبحت متيسرة للجميع ومن ضمنها شبكة الانترنت التي حققت تقارب هائل بين الشعوب نفسها،كذلك ازدادت نسبة الذين يحصلون على اساسيات الحياة خلال العشرين سنة الماضية والتي تعتبر انطلاقة العولمة الرئيسية،كذلك تطور المستوى الاقتصادي العالمي كثيرا فقد انخفظت نسبة الذين يحصلون على اقل من دولار يوميا من 40.4%عام 1981 الى 21.1%عام 2001 كما ازدادت حجم التجارة الدولية من 629 ملياردولار عام 1960 الى 10159 مليار دولار عام 2005 كما ازدادت القروض الدولية من 9 مليار دولار عام 1972 الى 1465 مليار دولار عام 2000 كذلك ازدادت المبالغ للائتمان المالي من 1 مليار دولار عام 1960 الى 1157 مليار عام 1999.
اما الشيء الاكثر فائدة للدول النامية فهو ازدياد الاستثمارات الخارجية من 68 مليار دولار عام 1960 الى 10672 مليار دولار عام 2002(والارقام مأخوذة من مصادر دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الدولية ومنظمة التجارة العالمية).
الاستثمارات الخارجية ليست شيئا جديدا على الشركات العملاقة،فشركة هاينز للمواد الغذائية بدأت منذ منتصف 1880 وكذلك شركة فورد للسيارات،وشركة كوكا كولا للمشروبات الغازية التي تنتج في 27 دولة وتبيع انتاجها في 78 دولة عام 1929.
خلال العقدين الماضيين من العولمة ازداد النمو الاقتصادي في الدول النامية اكثر بكثير من الدول الغنية وبمعدلات نمو كبيرة في دول مثل الصين والهند وغيرها والتي تكون بين %7-13% بينما نسبة النمو في الدول المتقدمة لاتتجاوز5%في جميع الاحوال.
من ابرز الامثلة على نجاح الدول واستغلالها العولمة بشكل مثالي يدل على وعي عال لدى شعوبها وقياداتها السياسية،هي الصين.
فمنذ عام 1978 وهي السنة التي انفتحت فيها الصين على العالم الخارجي،حققت معدلات نمو هائلة تزيد على 10% بينما كانت الفترة التي سبقتها وخاصة خلال الثورة الثقافية بين عامي 1966-1976 من اسوأ الفترات الزمنية سوءا في التاريخ الصيني.
كان الشعب الصيني يعيش في احوال متدهورة نتيجة لتطبيق الاشتراكية بأسوأ صورها وكانت المجاعة والفقر منتشرة في كل ارجاء البلاد،ولكن الاحوال تغيرت خلال الثلاثين سنة الاخيرة كثيرا واصبحت من اغنى بلاد العالم وان كان امامها عقدين من الزمن حتى تصل الى مستوى الحد الادنى من المعيشة في الدول المتقدمة في متوسط دخل الفرد.
والارقام الاقتصادية المتداولة في النشرات الدولية تبين مدى الاثر الذي حققته الصين من تقدم كبير على كافة الاصعدة،واصبحت المنتجات الصينية منتشرة في كل بقاع العالم وحققت فائض تجاري ومالي ضخم خاصة في السنوات الاخيرة.
المثال الاخر هي الهند والتي حققت نمو اقتصادي كبير خلال السنوات العشر الاخير زادت معدلات النمو عن 7%. كما حققت تقدما كبيرا في كافة المجالات،رغم ان امامها عقود طويلة من الزمن حت تصل مستوى الحد الادنى للدول المتقدمة.
كذلك حققت دول اخرى مثل كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وماليزيا وتايلاند والبرازيل وجنوب افريقيا وغيرها معدلات عالية من النمو الاقتصادي.

الخلاصة:
العولمة هي فكرة انسانية قديمة جدا،ولكن بمعناها الحالي ظهرت للوجود بعد بروز الفكر الليبرالي الجديد ونجاحه في تسلم الحكم في الولايات المتحدة وبريطانيا ثم انتشاره في بقية الدول الاخرى.حققت العولمة للعديد من الدول النامية الكثير من الازدهار في كافة المجالات بينما ازدادت اوضاع البلاد التي تعتبر منغلقة على ذاتها وتدير اقتصاديتها بمركزية شديدة سوءا،ومن ابرز الامثلة على ذلك كوريا الشمالية وكوبا وليبيا،بينما حققت بلاد مثل فيتنام معدلات هائلة من النمو الاقتصادي بعد الانفتاح على العالم الخارجي رغم ان نظمها السياسية المستبدة مازالت موجودة.
والاستخدام الامثل للعولمة هو الوسيلة المثلى لتحقيق التقدم للبشرية،ولا يستطيع اي بلد في العالم الان ان يعيش بمفرده وبمعزل عن الاخرين.
وحل المشاكل بالطرق السلمية بين الدول وخاصة في الجانب الاقتصادي وكذلك المشكلات الناتجة من التطور الاقتصادي مثل تلوث البيئة والانحباس الحراري وغيرها، لا يكون الا بالتعاون بين دول العالم المختلفة واحترام خصوصيات البلدان الثقافية والدينية حتى تسير القافلة الانسانية نحو طريق السعادة الحقيقية...

Globalization is good for poor

Globalization is good for poor



The idea of globalization is that people of the world become interconnected in all aspects of their lives, culturally, economically, politically, technically and environmentally. The first characteristic of globalization is to open borders between countries, especially in the area of trade, finance and tourism. In the result of the world opening borders, global trade replaces international trade. Money and finance have also changed as a result of globalization. From this perspective, globalization is a function of liberalization (Scholte, N.D: 454).Effects of globalization can be classified into several categories: economic, political, social, but the economic remains the most prominent (Bisley, 2007: 23).The most important function of globalization is the economist one because it helps in the integration of economies through increasing foreign trade, financial investment and migration between the states (Weinstein, 2005: 2). Globalization has made the relations between states stronger has increased between the countries, especially in times of natural crises, such as the 2004 tsunami flooding and earthquakes in Iran (Nayak, 2008:27-28).

Many people believe that globalization solves humanitarian problems, including poverty. However the anti-globalization view is that globalization has created disparities among people (the state of the world's cities report 2006\2007, pp 46-49), as globalization has dramatically increased inequality between and within nations. Inequality has been soaring through the globalization period, within countries and across countries, and that is expected to continue (Weinstein, 2005:96).But in my view the solution to these problems consists in state intervention to create a balance in society by increasing taxes on the rich for the poor and supporting them, like the social system in Sweden.

One of the best examples of a very good result of globalization is the surprising success of South Korea in its economic development while in the North Korean model the failure of the policy of isolation and persecution has caused disaster, where people suffer from famine, while the permanent southern part of a great prosperous (Armstrong et al, 2006:200-213).

Globalization has made great achievements during the past period in establishing a liberal democratic government in a large number of countries in the world. For the first time in history, turning much of the country to the rule of law and democracy in such large numbers still have systems of the military dictatorship once and Latin America and Asia as well as communist regimes ended in the final Eastern Europe and ended the apartheid regime in South Africa all have a positive impact on the lives of people, especially poor in those countries (Scholte: 2005:35). It also made dramatic progress of human rights throughout the world and has become one of the most important issues in international relations.

Processes of globalization have affected individuals and groups throughout the world.The policy changed to more individual freedoms, especially in the economic field which has declined the role of government intervention in all fields (Kinnvall: 2006, P166). Expanded contacts, especially in information between the various countries, has even diverted the world to one small village, until it became the economic situation in the capital market in Asia affect the economic situation in Europe. It has had even more impact on individuals than before. The majority agrees on positive globalization and its effects on the progress of humanity, but some people opposed it, especially from the one hand, the preservation of cultural identity.
Contributed states and international organizations, especially the United Nations and its agencies during the past two decades in the fight against poverty and its negative effects have been successful so far emerged in its published statistics for example, between 1990-2002 approximately 1.1 billion people gained access to an improved source of safe drinking water, an increase in global coverage from 77% to 83 %( the state of the world's cities report 2006\2007:74).
Another effective example is the reduction in the proportion of the population was living in the world on less than one dollar a day from 40.4% in 1981 to 21.1% in 2001(Chen & Ravallion,2004: 141-169). The following statistics can be verify by the achievements of economic globalization, exports have increased between the states from $629 billion (1960) to $10159 billion (2005), the external loans cross-border increased from $9 billion (1972) to $1465 billion (2000) and bond has increased issues from $1 billion (1960) to $1157(1999).
But the main event is a qualitative leap in foreign investment, which achieved positive results in developing countries. At all levels through the investment of manpower and resources first, and leading to the operation of the labor force, by increased foreign direct investment from $68 billion (1960) to $10672(2002) and many numbers Available (Scholte, N.D:454 from sources: BIS, IMF, OECD, UNCTAD, WTO).
A lot of giant companies have produced various kinds of goods achievements largely through increased foreign investment in the preparation of overseas branches, which also led to increased employment of a large number of countries and also to an increase in the consumption of the same goods produced in developed countries which achieved equality between the level of consumption different people. Those goods produced are now called global goods. Some products and companies have a long history of investing outside their countries of origin, for example, Campbell soup and Heinz began to household names locations across the world in the mid-1880s,ford company his first automobile, the model T,as a world car, Coca-Cola was bottled in 27 countries and sold in 78 by 1929(Scholte,N.D:458).

Of the most important benefits of globalization for all is the Internet, which turned from military use exclusive the US Department of Defense since its founding in 1969 to 1991 when they turned to use popular (Zurn, 2005:65-68).The Internet users in the world are growing quickly every year. The highest increase was in poor countries in Africa, Asia and Latin America, making it the intervention of the homes of the poor and to make its benefits for all. The Internet,phone and mobile are used for the communications and they are within the global communications revolution. They achieved great benefits for the poor people who use them in their daily lives including their economic and provided much of the work by working in the media or the ease of commercial transactions and deals. Facilitated by the use of the Internet and the ease of modern communication in education and facilitated to a large number also has easy access to work through the Internet, even in other countries, which facilitated the movement of people and movement of the country's poor to the rich.
Globalization has made significant economic progress in the world, especially in poor countries where economic growth outpaced growth in developed countries since the start of the early eighties. Through substantial increases in investment and the movement of money and personnel between the states (Weinstein, 2005:10).
Developing countries achieved during the era of globalization, economic growth was much higher than the rich countries, and the number of poor declined in the world to low levels for the first time in history, but that's a big disparity in income levels, whether inside or outside the country(Weinstein, 2005:97).

Among the most prominent examples of economic advancement in underdeveloped countries is the example of China. It is the author of the amazing experience Splendid in the past decades. China was until 1978 a closed economy, poverty and poor economic conditions prevailing in the hardliner communist regime. But after China's opening to the outside world after the 1978 economic growth was impressive in all areas. Chinese people long time lived in poverty and famine until they accepted economic openness and got maximum the benefits of globalization. China got the biggest volume of foreign investments for some reason, the low level of wages by the latest, with potential trainees at a high level of efficiency in large numbers in addition to the newly issued laws governing foreign investment and low-taxation, with a good infrastructure, especially transportation help to export production abroad. All these factors helped with others to attract investment for high profits given enormous investor, has reflected positively on Chinese society where unemployment absorbed large, into high-quality product over time. China has made tremendous strides in foreign exports, which earned her a large trade surplus rose from $ 9.2 billion in 1990 to $178 billion in 2006. (Nayak, 2008:46-47).

India has also made great achievements in economic development resulting from the opening to the outside world under globalization, economic growth has increased to record levels because of the foreign investment which rose from $6.1 billion in direct 2001-2002 to $15 billion in 2006-2007, and moved a lot of high-technology industries to India, because of its cheap labor and higher technical level, which owned there (Nayak, 2008:120-121). India has also benefited from remittances from its citizens working abroad to their families, especially in the Middle East and the Western country are in large numbers, and contributed to the establishment of many successful projects. The economic growth picked up in the context of globalization from 3.5% in the 1970s to 7.2% at the present time. India has the application of the recommendations of international financial organizations in the reform of the economy, and has received assistance, such as IMF. It also led the development of international trade to the growth of a great increase in exports and imports of India. The share of imports and exports in GDP went up from %16 in 1990-1991 to %35 in 2005-2006, exports growth from $18 billion to $105 billion in same time (Nayak, 2008:125-150).
A successful example of globalization is Malaysia. This country has achieved impressive economic development. It has become one of the advanced countries through the use of outside expertise and to facilitate foreign investment and which was also achieved high levels of the government's plans to develop the country's great success in raising the level of education and of manpower And benefit from tourism, exports also increased overseas because of the ease of export in the disappearance of many trade restrictions (Sing, 2003:27-45).


Another example of a successful country is Singapore. It is a small country which has evolved a lot and become a model for each country because it developed its trade relations with a large number of countries in the world. It has become a center for re-export market and an important financial center for the export of capital after it had imported and opened relations with the rapid development of the world produced and developed countries (Sing, 2003:79-117).

It also made many countries in Asia Development Goals by taking advantage of the benefits of globalization, in cooperation with many countries, particularly Japan, which was the primary source of funds invested in Asia. Other countries are Hong Kong, Taiwan, Thailand, Indonesia and the Philippines.

Conclusion
Globalization has a great impact on our lives from various aspects, particularly economic and scientific and has had huge impacts on the development of the world in recent decades. Many countries have greatly benefited from implementing globalization. But there are other countries such as Iraq and Somalia which have failed to achieve progress due to wars and corruption. Openness to the outside world and cooperation with other countries to solve the problems of the world by peaceful means is the only way to solve all the problems, especially poverty. If it is used in a good way globalization is the system of realizing many benefits for humanity. The liberalization of foreign direct investment achieves benefits and the evidence strongly suggests that export growth and incoming foreign investment have reduced poverty everywhere. However, at the same time careful targeting is necessary to address the poor in the world who are likely to be hurt by globalization.

Bibliography
Armstrong, C., Rozman, G, Kim, S., and Kotkin, S. (2006) Korea at the Centre, Dynamics of Regionalism in Northeast Asia, Armonk, N.Y.: M.E. Sharpe.
Bisley, N. (2007) Rethinking Globalization' Basingstoke, Palgrave, Macmillan, pp. 9-31.
Chen, S. & Ravallion, M. (2004) How Have the World's Poorest Fared since the Early 1980s? The World Bank Research Observer 19, no. 2 (October 1): 141-169.

Griffin, K., (1996) Studies in Globalization and economic transitions,
Houndmills, Basingstoke: Macmillan; New York: St. Martin's Press.

Kinnvall, C. (2006) Globalization and Religious Nationalism in India,
The search for ontological security, London: Routledge.

Nayak, S. (2008) Globalization and the Indian economy, Roadmap to convertible rupee, Routledge, New York.

Scholte, J. (n.d) Global trade and finance, in Baylis and Smith, The Globalization of World Politics Oxford: Oxford University Press, 4th edn, Chapter 26.
Scholte, J. (2005) Globalization: A Critical Introduction, London; Palgrave, 2nd edn. Pp.13-37.
Scrase, T. Holden, T., Baum, S. (2003) Globalization, Culture and Inequality in Asia, Trans Pacific Press, Melbourne, Australia.
Sing, L. (2003) Japan's Role IN Asia, Mutual Development or Ruthless Competition, Singapore, Times Media Private Limited.
United Nations Human Settlements Programme. (2006)State of the world's cities report 2006\2007: The Millennium development goals and urban sustainability: 30 years of shaping the habitat agenda, London: Earthscan.
Weinstein, M. (2005) Globalization what's new? New York: Columba University Press.
Zurn, M. with assistance from Walter, G. (2005) Globalizing Interests, pressure Groups and Denationalization, State University of New York Press, Albany.





























عودة للماضي المؤلم

قرأت قبل قليل تحقيق عن المعتقلات السياسية لنظام البعث المجرم في العراق قرب المدينة التي كنت اسكن فيها،وقد رجعت بي الذكريات اثناء ثورة 1991 عندما قرأت بنفسي الوثائق السرية الموجودة في دهاليز مبنى مديرية الامن العامة المرعب وكانت فيها وثائق هامة عن معتقلات الصحراء القريبة من المدينة وفي بعضها اسماء شهداء تلك المعتقلات...لقد كانت ايام مؤلمة بحق عندما نشاهد بأعيننا ونلمس بأيدينا ما تيسر من جرائم البعث المجرم سواء قبل صدام او بعد توليه الحكم الاسود...بعد ان قرأت التقرير في موقع براثا حبيت ان انقله في المدونة للحفاظ عليه ولقرائته عندما ننسى المعذبين والضحايا فيه...ولنا في قرائته عبرة
اسم التقرير:نكرة السلمان

دأبت السلطات العراقية في الأنظمة السابقة على جعل (نگرة السلمان) وهي مركز البادية الجنوبية ومركز قضاء السلمان أيضاً معتقلاً سياسياً وكان المعتقلون قبل انقلاب 17/تموز 1968 في مركز قضاء الســلمان يُزارون من قبل ذويهم وتصلهم الصحف ولديهم مذياع وتلفزيون ويتجولون أحيانا داخل قصبة القضاء. وبعد حدوث ذلك الانقلاب أحدث نظامه في حينهِ ضجة إعلامية بادعاء إلغاء المعتقلات السياسية، ولكنه قام بنقل المعتقلين إلى قصر الرحاب (قصر الحارثية) الذي كان مسكناً في ما مضى للوصي على الملك فيصل الثاني وهو على الضفة اليسرى لنهر (الخر) بمواجهة الشارع العام المتجه من بغداد إلى محافظة بابل وتحيط به حدائق غناء، وقد نُقِل إليه المعتقلون السياسيون وأصبح بعد انقلاب 1968 مقرَ اللجنة التحقيقية الثانية برئاسة ناظم گزار، وقد صُفيَ المعتقلون بعد نقلهم إليه.
الموت البطيءوبعد انقلاب 17 / تموز/1979 استحدثت عدة معتقلات في بادية السماوة منها معتقل كبير يقع في جنوب شرق قصبة قضاء الســلمان وعلى بعد 10 كلم منها وفوق هضبة عالية تشرف على تلك القصبة إلا إنها معزولة تماما ولم تتصل بأي طريق اعتيادي ومحاطة بهضاب مرتفعة وهي قلعة من ثلاثة طوابق تكفي لإيواء فرقة عسكرية كاملة متجحفلة توطنت فيها أمراض خطيرة كالجذام والجرب. وقد نقل إلينا احد الأطباء في المنطقة بان أمراضاً أخرى أصابت المعتقلين كالكوليرا والتدرّن الرئوي والزحار، وكانت الرعاية الصحية شبه معدومة وبجوارها مقبرة يُدفن فيها من يموت من المعتقلين بهذه الأمراض، كما أقام النظام السابق معتقلات أخرى في تلك الفيافي القفراء مثل (أبو الجد) و(الليَّه) و(الشيحيه) والمعتقلان الأولان يقعان على بعد (400) كلم من مدينة السماوة وهي اقرب مركز حضري إلى هذين المعتقلين. والحقيقة إنهما لا يصلحان أن يسكن فيهما إنسان إلا إذا أردت أن تحكم عليه بالموت البطيء.
معتقلاتويمكن وصف معتقل (الليه) بأنه عبارة عن أربعة صفوف ممتدة طولاً من أبنية صغيرة لا يمكن أن يُطلق عليها مساكن، وتلك الأبنية متلاصقة ببعضها البعض يتكون كل منها بمساحة 5×5 م2 من ضمن ذلك هول 3×3 م2 وبقعة من 2×2 م2 وبارتفاع لا يتعدى 2 م ولا يوجد حمام أو دورة صحية، وقد بُنيت تلك الأماكن من حجر بري متصخر وزُجّت فيها عوائل من النساء والأطفال وكبار السن وأعدّت خصيصاً للمعتقلين، ويقعان بين الحدود السعودية ومركز ناحية بصية التي تبعد عنهما قرابة 70 كلم. وهناك معتقل ثالث اسمه (الشيحيات) بني بنفس الطريقة التي بُني بهما المعتقلان الأوليان ويقع بين نگرة السلمان (مركز قضاء السلمان) ومركز ناحية بصية، وعلى الجانب الأيمن من ذلك الطريق باتجاه الحدود السعودية. إن جميع هذه المعتقلات شُيِّدت بعد انقلاب 17/7/ 1979، ومعتقل القلعة الذي يشرف على قصبة قضاء السلمان الذي اشرنا إليه هو من أضخم تلك المعتقلات من حيث السعة وانقطاع السبل الاعتيادية بالوصول إليه حيث بُنيَ على هضبةٍ عالية ووسط أراضٍ متكسرة ووعرة اُسكنَ فيه من مختلف المدن العراقية ومن عشيرة البروارية، واعتقل فيه أيضا أبناء الأسر العراقية المهجرة إلى إيران ومن مختلف المدن سواءً من بغداد أو من المحافظات الأخرى وضمن الحملة الأخيرة التي هُجرت فيها تلك الآسر قبيل الحرب العراقية الإيرانية والتي ابتدأت تلك الحملة من 1/4/ 1980 لغاية 1980/5/1، وهؤلاء الذين احتجزوا في العراق يُعدّون بعشرات الألوف ومن هم في سن الخدمة العسكرية سواءً المكلفيِّة أو الاحتياط، والتي شنت في 1980/9/22، وقد تمت تصفية هؤلاء ثم اسكن في تلك القلعة على فترتين أسر من الأكراد من منطقة كلار والبرواريه كما ذكرنا، ثم أشغلت المعتقلات الأخرى بعد بدء الحرب. لقد كانت تلك المعتقلات كمحطات للتصفية الجسدية، حيث يختزل منها المعتقلون ويُعاد قسمٌ منهم إلى بغداد لأغراض تحقيقية ويُصفون هناك أو تُؤخذ أعدادٌ متتالية منهم لتدفن أحياء في التراب. وقد نقل لنا أهالي ناحية بصيه بقولهم...
تأتي سيارات باص بمعدل أربع أو خمس سيارات بين فترة وأخرى وهي بحجم سيارة مصلحة نقل الركاب ذات الطابق الواحد، تأتي من جهة معتقلات أبو الجد والليه متجهة إلى شرق الناحية وباتجاه المنطقة الشرقية منها بين محافظة البصرة ومركز الناحية وعلى الجانب الأيمن من الطريق بين ناحية بصيه والناصرية حيث يتفرع طريق ترابي باتجاه المقابر المجهولة ويسبق مجيء تلك السيارات المحمَّلة بالمعتقلين أن تأتي (شــفلات) إلى تلك الفيافي وتبقى تعمل بحفر الخنادق لمدد تصل إلى قرابة شهر للإعداد لهذه المهمة بعد أن تنتقي أماكن مقطوعة تماماً من المارة فيها وفي أوقات تخلو من الكلأ وينقطع ارتياد أصحاب المواشي فيها، وتمر تلك الباصات المتوجهة إلى تلك المقابر الجماعية والآتية من معتقلات أبو الجد والليَّه والشيحيات تمر أحياناً في مركز ناحية بصية وينقل لنا احد الأشخاص من أهالي تلك الناحية بقولهِ بان ركاب تلك السيارات جميعهم من الرجال وقد شُدت أعينهم. وفي أحدى المرات نزل رجلٌ طاعنٌ في السن يصل عمره إلى أكثر من 80 عاماً نحيفاً محدودب الظهر وكان يحمل إبريقاً ليطلب بعض الماء للوضوء فتوضأ ثم صلى ثم عاد إلى مكانه في ذلك الباص الذي يحمل قرابة 40 شخصاً.... ويضيف الرجل وبنفس ذلك الصباح أتى إلى داري بصحبة تلك السيارات شخصٌ وهو ضابط مخابرات ويدعى سيد مهند وطلب إليَّ أن أزودهُ بلفة (طول) من القماش وعدة لفات من الحبال فوجهته إلى أحد النسوة (وتدعى أم جواهر) حيث لديها دكان لبيع هذه المواد، فاشترى (طول) من القماش وعدة لفات حبال وتجرأتُ وسألته ماذا يعمل بهذه المواد فرد علي ضاحكاً لغرض سحب السيارات بها فيما تنم نظراتهِ عن الاستغراب من سؤالي فلجأتُ إلى الصمت. لقد تبينَّ لي فيما بعد بان القماش لغرض إحكام لف وجوه الضحايا والحبال لربطهم بعضهم لبعض، حيث يوقفون بمواجهة الخندق صفاً واحداً وقد رُبطوا إلى بعضهم وتطلق عليهم النار من الخلف بشكل عشوائي فيسقطون بذلك الخندق وهم يتصارخون واغلبهم لا يزالون أحياء فيُهال التراب عليهم بواسطة الشفلات.
مهرجانات الموتينقل لنا أهالي بصية بان احد المارة جاء ممتطيا حصانه وفي منطقة معزولة شاهد تجمعاً لأحد مهرجانات الموت هذه فتوجه نحوه وقد تفاجؤوا بقدومه فهم يؤدون عملهم كما يتصورون وكأنهم في كوكب آخر، فما كان منهم إلا أن القوه مع سكنة ذلك الخندق وغطوه بالتراب ليذهبَ ويذهبَ معه ما رآه كما كانوا يعتقدون. وأنت عندما تشاهد معتقل الليّه أو أبو الجد أو الشيحيات التي أتينا على ذكرها عندما تشاهد تلك المعتقلات في فصل الصيف وحتى في فصل الشتاء لا يمكن أن تتصور للحظة بأنهُ بمكن لإنسانٍ أن يقيم في هذه المعتقلات ويستطيع أن يبقى حياً، فهي منقطعة عن العالم تماماً ولا يمكن لأيِّ إنسان أن يترك ذلك المكان الكئيب ويبقى له أمل في الحياة، فأهالي المنطقة يتذكرون بان احد المعتقلين هرب من معتقل (نگرة السلمان) الذي يبعد عن مدينة السماوة مسافة 150 كيلو متراً وتوفي في الطريق من العطش، فكيف بمعتقل الليـَّـة الذي يبعد عن السماوة حوالي 400 كيلو متر إضافة لخطر الحيوانات المفترسة، وتقف في الظهيرة بمواجهة معتقل الليّة فلا ترى طيراً يعيش في ذلك المكان المكفهر وقد حُفر على مقربة منهُ بئر لاستخراج الماء و تفتقر تلك (الاقبيات) الضيقة إلى الحمامات و المرافق و لا ندري كيف استطاع بشر أن يعيش ولسنوات مهما قلّت في مكان كهذا. والأدهى من ذلك كلهِ كانت تسكن فيه عوائل وأطفال وشيوخ، وفي العهود السابقة كان المعتقل الوحيد في البادية الجنوبية هو نگرة السلمان كما ذكرنا لإيواء الرجال السياسيين فقط ويقع داخل مدينة السلمان الصغيرة ويتمتع المعتقلون آنذاك بالتجوال في المدينة نهاراً، إما معتقل الشيحية فقد أعدَّ لأهالي الدجيل ويقع بين مركز قضاء السلمان ومركز ناحية بصية التي تبعد عن مركز القضاء 200 كيلومتر وبعد السير باتجاه بصية بحوالي 100 كيلومتر وعلى الجانب الأيمن من ذلك الطريق باتجاه الحدود السعودية وقد وُضعت فيه اسر ونساء وأطفال ولفترة طويلة ويُؤتى بهؤلاء المعتقلين من مختلف المدن العراقية سواء العربية منها أو الكردية ويختزل أعدادٌ منهم ليقتادوا إلى المقابر الجماعية أو يتم إعادتهم إلى بغداد لتجرى تصفيات لهم هناك. وبصدد الحديث عن معتقل اللية قد وصفنا ما يحيط بهذا المعتقل من عزلة وانقطاع ووحشية وقسوة فان ما يثير الغرابة سؤال وجههُ رئيس النظام السابق لأحد الشهود في المحكمة المركزية التي كانت تحاكمهم قائلا لهُ (ألا تقول إن أبواب المساكن في اللية كانت تبقى مفتوحة ليلا..... إذن انتم كنتم تتمتعون بحريتكم!!!!!) وكم يتمنى المرء لو أن المحكمة المحترمة في حينه قد بادرت بالانتقال جواً ومعها رأس ذلك النظام إلى موقع معتقل اللية في البادية الجنوبية ليرى الناس بالصورة الحية ما هو معتقل الليه هذا، وليطَّلع الملأ على إن من يسكن تلك الأقبية يضعون الحجر ليلاً على أبوابها خشية أن تداهمهم الحيوانات المفترسة كالذئاب والضباع التي تجوب تلك الفيافي لاسيما في أوقات الليل وأحياناً في وضح النهار، وحتى في موسم الأمطار لا يمكن أن يتأمل شخصٌ أن يبقى على قيد الحياة عندما يترك ذلك المكان لمسافة معينة.
مأساة حقيقيةويروي احد اعضاء فرقُ حقوق الإنسان التي كانت تزور مع ذوي الضحايا بعد سقوط النظام تلك الصحاري بحثاً في المقابر الجماعية التي دُفن فيها احياء من معتقلي تلك السجون فقد كان منظر هذه الجموع من الناس وما تعرضوا له من قسوة المناخ يشكل مأساة حقيقية وتتنقل بين مقبرة وأخرى دون أن تعثر على شيء أحياناً وسبب ذلك إتقان (جلاوزة) النظام باختيار مناطق معزولة تماماً من تواجد أي بشر وفي أوقات تخلو تلك المناطق حتى من رعاة المواشي التي يرتادونها للكلأ في فصل الربيع وعندما يلوح خيط من الأمل كخبر أو دليل بسيط تبدأ الشفلات بالحفر بشكل عشوائي في بادئ الأمر وعلى مساحات تصل أحيانا إلى عدة كيلومترات مربعة تجد حفر فيها هنا وهناك، وعند أول العثور على احدى الجثث تظهر لك عمق المأساة. وفي مقبرة تبعد 70 كيلومتراً من مدينة السماوة وعلى الطريق بينها وبين مركز قضاء السلمان وفي منطقه تدعى (السلحوبية) وهي منطقة تقع على الجانب الأيسر من طريق السماوة – السلمان، حيث يتفرع طريق ترابي يتجه باتجاه الجنوب الشرقي وبمسافة 10 كيلو مترات عن اثر قلعة السلحوبية كُشفَ في هذا المكان عن مقبرةٍ جماعيةٍ لأهالي منطقة كلار وبعامل المصادفة، وهو ما حرر من قبلنا برواية قصيرةٍ كتبت تحت اسم أبو وسام وحيث إن مضمون تلك الرواية يمثل نقلاً حقيقياً عن أحدى الضحايا الذي نجا بإعجوبة من مجزرة الموت تلك آثرت نقلها بشكل كامل ضمن هذا التحقيق وإتماماً له لتكتمل الصورة عن هذه المآسي لدى القارئ الكريم وقد كتبت تلك الرواية تحت عنوان (تيمور شاهد العيان البريء) وتبدأ هذه الرواية.... على بعد سبعين كيلو متراً من مدينة السماوة وباتجاه قضاء السلمان حيث الصحراء القاحلة والطبيعة القاسية وعلى الجانب الأيسر من ذلك الطريق وبمسافة عشرة كيلومترات منه شاهد صاحب الأغنام (دليل الزيادي) مساء احد أيام العام 1988 وعلى مقربةٍ من خيمته حيث يسكن مؤقتاً لرعي مواشيه شاهد قافلة كبيرةً من الشاحنات تعبر تلك الصحراء متجهةً نحو الجهة الغربية من مسكنهِ وبمسافة نصف كيلومتر وقد وقف خلف تلةٍ ليحجبَ الرؤية عنه.... لقد شاهد شاحناتٍ تحملُ حوالي ألفا وخمسمائة من أفراد الأسر الكردية وترافق تلك القافلة مكائن شفل وفي مقدمتها سيارات حديثة تستخدمها أحيانا أجهزة الأمن للنظام المقبور....
وفي الساعة الثانية من تلك الليلة استيقظ مذهولاً على شدة نباح الكلاب وهي تتجه صوب المكان الذي وقفت فيه تلك القافلة فامسك بندقيتهُ مسرعاً متتبعا خطى كلابه ليعثر على طفلٍ في السابعة من عمرهِ أصيبَ بطلقٍ ناري في كتفهِ الأيسر ورضوض في ظهرهِ ويرتدي ملابس كردية.... كان يعرف كلماتٍ عربية قليلة يكملها بإشارةٍ من يده..... أخذهُ الراعي إلى خيمتهِ وأسرع به إلى المدينة لأحد معارفه من الموظفين الصحيين بعد أن أبدل ملابسه وافهم الطفل بان لا يتكلم مطلقاً، واخبر الطبيب أن ابنه اخرس أصابه شقيقه الأصغر بطلق عن طريق الخطأ..... وبعد شفائه استطاع (دليل) أن يفهم من ضيفه الصغير بان تلك الشاحنات كانت محملةً بأسرٍ كردية قادمة من منطقة (كلار) وكانت معه أمهُ وجدته وشقيقاته الخمس، أمّا والده فهو في شاحنةٍ أخرى من قافلة الموت تلك وقد فوجئوا بأنفسهم وقد ألقوا في حفرةٍ عميقة وأطلق النار عليهم عشوائياً وبكثافةٍ، ثم أخذت الشفلات تدفع الأتربة عليهم والغالبية كانوا لا يزالون أحياء يتصارخون..... ويستطرد تيمور بقصته المرعبة.. بعد سكون المكان كنتُ لم أغطَ بالتراب كلياً ولم تكن إصابتي مميتة شعرتُ بأنني حي وزحفت من تحت التراب الذي يغطي جسمي واتجهت صوب نباح الكلاب..... بقي تيمور لفترةٍ في دار (آل دليل) في قريةٍ صغيرة تقع جنوب مدينة السماوة وتشكل إحدى ضواحيها تقريباً ليتمكن (دليل) من إخفائه وإبعاد الشبهات عنه، وقد أصدر له بطاقة أحوال مدنية باسم (علي) تيمّناً بهذه الشخصية الإسلامية الكريمة والنبيلة....
اعتاد (علي) على تلك الحياة الجديدة وأتقن العربية الدارجة هناك وكلمّا تقدم به السن كانت تعتصر نفسه ذكرى طفولته ومسقط رأسهِ وأماكن اللعب مع أقرانه، فيلحُّ بالذهاب إليهم ما اضطر (مضيفه) أن يطلب من ابنه العسكري أن يتحرى عن أهل تيمور، فاخذ اسم عمه وخاله واستطاع معرفتهم وجلبهم إلى السماوة معه على أساس إنهم تجار يشترون الذهب وفي لقاء تيمور بذويه كانت لحظة تعجز اللغة عن وصفها.... وهكذا فقد سلم تيمور من مجزرة رهيبة لتشملهُ عناية الله عزَّ وجل ويبقى شاهداً حياً بريئاً يكشف صفحةً مشينة تشكل وصمةَ عار بوجه تلك الطغمة الهمجية...
سيتذكر المرء من قبيل المقارنة شاهداً آخر مزعوماً يزكِّي أفعال الطاغية في برامج تلفزيونية مع إنه شريك في جريمته ومخططُ حروبهِ الخائبة... كانوا يطلقون عليه (شاهد عيان) أيضا وشتان بين المجرم وضحيته وبين أحد دهاقنة الموت وطفل بريء وبين من استمرأ حياة الترف على حساب شعب جائع مظلوم ومن فقد أمه وأباه وأشقاءه لا لذنب اقترفه سوى انه ولد كردي..... وهكذا تتكشف تلك الجرائم البشعة التي اقترفت بحق شعبنا بعربهِ وكردهِ لتعطي الجواب عن ذلك السؤال المُحير والذي شَغل أذهان الناس طوال عقود من الزمن عن مصير مئات الألوف بل الملايين من البشر الذين اختفوا.... تبين بأن النظام المباد كان يُشبع بقتلهم خنقاً وتحت التراب غريزة انتقامهِ العدوانية.

2008/10/24

عبادة الشخصية السياسية

عبادة الشخصية السياسية:
زرت احد المنتديات العربية المتخصصة في الدراسات الاستيراتيجية،وارعبني رؤية احدهم يترحم على الطاغية صدام وبقوة واعتقد انه من الاردن وهو البلد الذي مازال الكثير من سكانه يواليه كونه خدمهم كثيرا سواء بارسال النفط مجانا او فتح كل ابواب الاقتصاد العراقي لخدمتهم على حساب العراقيين انفسهم مما ادى الى حدوث تطور كبير في الاردن،ورغم ان الحقيقة المعروفة سلفا للجميع ان ذلك هو من قدرات العراق وليس من قدرات واملاك صدام وزمرته،الا ان العقول المغلقة لا تفقه شيئا سوى ما يعجبها او ما تميل نفوسهم اليها،وبالرغم من ان حكومة المالكي الحالية قامت بامداد الاردن بنفط رخيص مع منح الكثير من العقود التجارية الا ان ذلك لم يغير من الحالة الشائعة شيئا!.
واخرين طالبوني بالاعتذار عن لعن الموتى المجرمين!،واخر ظهرت عبقريته الفذة بقوله انه لا يتفق معه اي مع صدام،في اي شيء ولكنه يحترمه كثيرا،ولا ادري كيف الجمع في هذا التناقض الواضح؟ وهل يحترم عشرات الملايين من سكان العراق والدول المجاورة له والذين تعذبوا على يد نظامه،اوملايين اخرى فقدوا حياتهم خلال تلك الفترة الطويلة ؟!.كل ذلك اثارني لكتابة هذا الموضوع المختصر وبسرعة شديدة لتبيان الحقيقة لمن يحبها ويخلص لها.
ورغم ان ردي كان عنيفا عليهم خاصة في الدعاء ان يسلط عليهم الله سبحانه في حياتهم شخصا يحكمهم مثل صداما في اعماله الشريرة وان يجمعهم معه في مكان واحد،يوم القيامة لانهم يحبونه!الا ان التناقض العجيب هو ان ذلك يرعبهم كثيرا بل يطلبون عدم الدعاء والتمني بذلك رغم ان الله سبحانه يحشر الانسان مع من يحب،وهم بما انهم يحبونه فيجب ان يفرحوا لذلك الدعاء.
هذا التناقض الواضح والسافر له دليل على مستوى التردي الحاصل في العقول لدى الكثيرين،وعندما تطرح امامهم الوقائع والحقائق يهربون من التسليم بها،والخضوع لها بالرغم من ان الحق والعدل يوجب الانصياع له.
مازال العقل الباطن يخضع وبشدة في التفكير العربي لعدد من العوامل الاساسية الغير عقلانية والتي تسير الانسان في طريق يبتعد كليا عن الحق والعدل والحرية،بل ان الانسان العربي بالخصوص مازال مسلوب الارادة بوعي او بدون وعي لذلك التفكير الذي يتعارض مع الطبيعة الانسانية المحبة للخير والحرية،ومن ضمن المصادر الاساسية لشذوذ العقل البشري هي عبادة الشخصية وخاصة السياسية منها،ونظرا لان موضوعنا لا يتطرق للحديث عن الشخصيات الاخرى سواء الدينية او العلمية او الادبية ومدى تقديسها،ولكل انسان الحرية في ذلك طبعا كون الغالبية منها تمتلك من القدرات الغير طبيعة التي توجب الاحترام الزائد حتى الوصول الى مرحلة التقديس لدى البعض.
لكن تقديس الشخصية السياسية هو المثير للدهشة،كون السياسي ايا كان وحسب تعريفه لنفسه بأنه مخادع كونه عاملا في حقل تنتشر فيه الخدعة والمكر والحيلة والاجرام والفساد وغيرها من الاعمال المنافية والمضادة لفطرة الانسان،وبذلك يكون غير آمن على نفسه من تلك الشرور المقيتة وبالتالي يصبح جزءا منها!.
ورغم ذلك الاعتراف المرعب والموجود في كل مكان وزمان،الا ان الغالبية العظمى في العالم العربي مازالت تخالف ذلك بطريقة مرعبة ومثيرة للاشمئزاز،ولا اتحدث عن عبادة الشخصية السياسية في العالم الغربي كونه متحررا منها منذ قرون في بعض بلاده وفي البعض الاخر منذ الحرب العالمية الثانية،وبالتالي اصبحت تلك العبادة المقيتة في متحف الانسانية والذي يضم الكثير من المنجزات الخالدة والمنكرات القذرة،واصبحت طريقة التعامل مع السياسيين عندهم مهما على منصبه لا تختلف عن التعامل مع اي شخص اخر وعندما يترك منصبه،يعيش في الذاكرة فقط دون تبجيل او تقديس كأي مواطن عادي،وبالتالي اصبحت شخصيات عبدت في السابق مثل هتلر وموسوليني وفرانكو ونابليون وغيرها،جزء من تراثهم الاسود الذي يعرضونه فقط للدراسة واخذ العبر منه!ويتركون لنا تطبيقه بحرفية تتجاوز ما فعلوه بكثير.
عودة لنا الى عالمنا العربي وما فيه من الكوارث التي يصعب على الاجيال القادمة حلها،وخاصة كارثة مهزلة العقل العربي والذي نشير الى بعض جوانب هزليته في الاشارة لموضوع العبادة المقيت للشخصية السياسية..
امثلة مرعبة لشخصيات ممسوخة:
ماشاء الله على كثرة الامثلة الموجودة في تاريخنا المعاصر،ولكن ما اقل الاعتبار في ذلك!!.
نحتار في اي شخصية نختار للحديث عنها،كون تلك الشخصيات ظهرت منها رائحة نتنة ومازال الكثيرين يقدسون تلك النتانة دون ان يفكروا ولو للحظة واحدة ان ينظفوا عقولهم وضمائرهم من تلك الملوثات البشرية والخروج من الحياة طاهرين كما ولدتهم امهاتهم احرارا!!.
سوف اختار الشخصيات الاكثر عبادة في عالمنا العربي وباختصار كون ان الغالبية العظمى لا تحبذ القراءة المطولة لاي موضوع،قد يكون العذر الشائع لغالبيتهم عدم وجود الوقت الكافي(رغم وجود بطالة عالية ظاهرة ومقنعة ولا وجود لبحث علمي يشغلهم)والوقت كافي لدى قراء العالم الغربي رغم ان ساعات عملهم اطول منا ،وتقدمهم العلمي ظاهر ولا ينكره احد،كذلك وجود حالة الانغماس في ملذاتهم الشخصية حسب تعبير بعضنا!فأين لهم الوقت للقراءة ولا وجوده لنا؟سؤال محير!.
من اوائل الشخصيات المعبودة في عالمنا،بل ورغم رحيلها عن عالمنا منذ عقود طويلة ومازال الكثيرين يقدسونها في حالة من العمى العقلي الواضح،هي عبادة شخصية الديكتاتور المصري جمال عبد الناصر(1918-1970) وللراغب في معرفة المزيد عن حياة تلك الشخصية ما عليه سوى جهد بسيط للبحث عن تفاصيل حياته وحكمه لمصر سواء في شبكة الانترنت او في رفوف المكتبات،وبالتالي يمكن من خلال معرفته الكاملة لنا جميعا ان نحكم على سلوكه،فهل فعل ذلك من يقدسه او يعبد شخصيته؟الجواب بكل تأكيد لا.
ليس كل من يرفع شعارات الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية والاشتراكية والفضيلة والزهد،هو مقدس لدينا والا فأن هنالك الملايين من البسطاء في العالم من يطبقونها بحرفيتها فلماذا لا نقدسهم؟لماذا لانعبدهم؟بل على الاقل نحترمهم؟!!.
عبد الناصر اذا كان قد رفع بعضا من تلك الشعارات السابقة،فهل الواجب علينا تقديسه؟!الجواب بكل تأكيد هو:لا.
قام عبد الناصر مع مجموعة من الضباط بعمل انقلاب عسكري عام1952 واستولوا على السلطة تحت مجموعة من الشعارات البراقة،ولكن هل تركوا الحكم بعدها ورجعوا الى ثكناتهم العسكرية للعودة الى واجبهم الشرعي في حماية البلاد من الاخطار الخارجية؟الجواب بالطبع لا.
استمروا بالحكم ولغاية الان يحكمون الضباط،وتحول الحكم بواسطتهم الى حكم استبدادي ومن المتوقع ان يكون وراثي! مع تدهور فظيع في كافة المجالات وخاصة الاقتصادية وساد الفساد في اجهزة الدولة ناهيك عن الانتهاك المستمر لكل حقوق الانسان وكرامته...فهل يقدس عبد الناصر على عمله؟الاجابة متروكة لعباد شخصيته،بل حتى لعباد الشخصيات الاخرى حتى يتعظوا من الاخرين.
اجبر عبد الناصر بعض زملائه على التنحي من المسؤولية لمخالفتهم له،ومن ابرزهم القائد العسكري الاعلى رتبة في الانقلاب،اللواء محمد نجيب وبذلك يكون صراعه معهم لغرض التفرد بالحكم.
اضطهد الحركات السياسية ومن مختلف الاتجاهات وبعنف لامثيل له طال حتى الابرياء وخاصة عوائلهم،ومن الغباء الشديد تبرئته من تلك الجرائم وخاصة في الادعاء بعدم علميته بها والانسان البسيط يعلم بها آنذاك!،والذي يعلمه الجميع ان الاضطهاد السياسي المصحوب بالعنف الشديد وانتهاك حرمة الانسان بابشع صورها خلال فترة حكمه طال عدد كبير من الناس،والعدد يزيد على عشرات الالاف ولا توجد احصائيات دقيقة كون خلفاءه ساروا على نفس نهجه وسلوكه الارعن الشاذ في الحكم واساليبه.
اي انسان بسيط يقتل انسان آخر لاي سبب كان،يعتبر مجرم في نظر القانون،فلماذا يقدس المجرم الذي فقد عدد كبير من الناس ارواحهم من جراء استمرار حكمه!!؟؟.
ادخل عبد الناصر البلاد في سلسة من الحروب الغير مستعدة لها وهزم في جميعها،وفقدت مصر من الضحايا والارض والكرامة والخسائر الاخرى،الكثير..
فهل حسبها العابدون له،وهل اعتبروا ذلك جريمة؟.
ادخل عبد الناصر،البلاد في صراعات جانبية مع الدول العربية الاخرى،وسبب في ازاحة انظمة وطنية واسس لحكومات على شاكلته سببت الكوارث لشعوبها،وخاصة في حالة العراق عندما حارب الحكم الوطني فيه كونه لايتبعه في توجهاته او يخضع لزعامته بين عامي1958-1963 وكان من داعمي الحكم الاستبدادي الذي استمر اربعون عاما.
قام عبد الناصر بأجراءات اقتصادية سببت تدهورا اقتصاديا لازالت آثاره باقية،فبدلا من ان يبني البلاد،صادر املاك الناس بحجج اثبت التاريخ هزليتها... بحجة اشتراكية الدولة والمشاركة في وسائل الانتاج،وهذه البلاد الغربية الرأسمالية التي حكمتها انظمة اشتراكية ديمقراطية لم تمارس ذلك بل حتى تحويل النظام الاقتصادي الى اشتراكية،كان يجري وفق شراء املاك الناس وتعويضهم وارضائهم،فهل كان ذلك درسا لعباد شخصية عبد الناصر؟!.
زهد عبد الناصر في املاك الدولة لا يبرر ابدا جرائمه الاخرى،ويكفي مصادرة كل الاراء وجعل رأيه هو السائد،ثم الحكم بطريقة فردية محكومة بأجهزة امنية مرعبة جريمة لا تغتفر.
لايمتلك عبد الناصر من الامكانات الفكرية او الادبية او العلمية ما يجعل الاخرين يبالغون في تقديسه او حتى المبالغة بقدراته،بل لا يختلف عن الانسان العادي الثقافة سوى في المقدار الهائل من السلطة الموكلة اليه،ويمكن من المستمع لخطبه ان يدل على ضحالة تفكيره الثقافي واستخدامه الدائم للهجة المحلية ،ان يحكم على حجم شخصيته الحقيقية.
السؤال الاول لكل عباد شخصيته او للاخرين ايضا:هل يمكن تقديس عبد الناصر بدون الاستناد الى سلطته وحكمه؟بمعنى اخر هل يمكن لشخص عادي ان يمتلك كل ما امتلكه عبد الناصر من قدرات ثقافية او اخلاقية،ما عدا الحكم طبعا،ان يقدس سواء في حياته او بعد مماته؟.هو سؤال بسيط واجابة معروفة سلفا ابسط!.الشخصية الثانية والتي ارادت ان تكرر زعامة عبد الناصر(وكأن تلك الزعامة حققت المنجزات حتى يمكن للشخص ان يقلدها)هو صدام التكريتي،وهو نموذج بارز لكل الممسوخين في العالم العربي،شخص خارج من مجتمع محلي منبوذ لم تذكر عنه سابقا اي ميزة حتى يمكن ان يخرج منها من يتميز علما وادبا واخلاقا،شخص لم يمتلك ادنى مستوى من الثقافة والتعليم في محيط امي فقير وضمن اسرة مشتتة،استغل وضمن عصابة حزب البعث الصغيرة ظروف الحكم المتساهل مع الخصوم عامي 1966-1968 للقفز على السلطة فوق اكتاف زمرة من العسكريين سرعان ما تم التخلص منهم بأخس وسائل الغدر والخيانة والوضاعة بعد اسبوعين من انقلاب 17تموز الاسود،وهي صفة ظلت ملازمة للحكم حتى سقوطه المحتوم.
طبق صدام كل اساليب الديكتاتور السوفييتي ستالين(1878-1953) في الحكم،وهو نموذج شبيه له من حيث وضاعة الاسرة وضعف المستوى الثقافي والقفز على كرسي الحكم مع وجود من هو احق،ثم تصفية كل شخص ممكن ان يكون خطرا عليه،وغيرها من الاساليب الستالينية الارهابية المعروفة.
لم يكن منذ بداية الانقلاب،العودة او التنازل عن الحكم كون الايغال في الجرائم اصبح حقيقة مرعبة وملازمة للنظام.
غدر صدام وباشد وسائل الاجرام وضاعة وبشيء يدل على وحشية لا حدود لها على رفاقه في الحزب،ثم تعداه الى كل من يقرب اليهم سواء عائليا او حزبيا دون ادنى احترام للزمالة الحزبية،ثم اخذت الدوامة تصل الى الابرياء من ابناء الشعب بعد ان كان افراد الحركات السياسية والفكرية على رأس قائمة المغدور بهم،وتحول العراق تحت حكمه الاسود الى سجن رهيب لا يعرف مدى اجرام سجانه الا من عاش تحته.
قام صدام ونظامه،بحروب اجرامية عبثية،خارجية وداخلية فقد العراق فيها اراضيه وشبابه وكرامته واقتصاده ورهن مستقبله الى الاخرين.
اباد مجموعات بشرية كبيرة وبأساليب ارهابية اجرامية لامثيل لها.
قتل كل من برز فكريا وعلميا وادبيا حتى لا يقارن به،كونه من مستوى ثقافي وضيع يدل عليه سلوكه وخطبه التي يستخدم فيها مفردات اللهجة المحلية التكريتية المجهولة لدى غالبية الشعب العراقي،ويمكن الاشارة الى مستوى افراد عائلته واقرباءه المحيطين به والذين يمتازون بالجهل والهمجية التي لا تخفى على احد.
استفاد الغرب واسرائيل كثيرا من حكمه من خلال محاربة ايران او ارهاب الخليج او اخراج العراق من دائرة الصراع مع اسرائيل.
وصل العراق تحت حكمه الى ادنى مستوى له واصبح خارج الحضارة الانسانية بل خارج الزمن...ولكن نهاية نظامه وان طالت كانت متوقعة.
الامثلة الواقعية على وحشية وهمجية صدام ونظامه لا حصر لها...فهل يمكن بعد ذلك ان تعبد شخصيته الممسوخة!! او يمكن الترحم عليها! اذن ماذا بقى للمجرمين والارهابيين اذا كنا نترحم عليهم،معنى ذلك يجب علينا كلنا ان نعمل اي شيء من قتل او نهب او سلب او اي خطيئة،ما دام هناك من يترحمون علينا!.هل وصل مستوى الانحطاط الى هذا الحد من التفكير بتلك الطريقة؟ في تقديري هي جريمة كبرى لاتغتفر لاي انسان قارئ يكون عابدا لشخصية ممسوخة او وضيعة بذلك المستوى ويبرر لها كل جرائمها او على الاقل يمكن الترحم عليها ومساواتها مع الضحية . لقد اصبح عباد الاستبداد والمستبدين مزعجين للجميع كونهم يعرقلون تطور الحياة البشرية،ورغم كونهم منبوذين الا انهم يمتلكون من القدرات الاعلامية الهائلة الناتجة من ثرواتهم المالية المشبوهة وصراخهم المستمر وتكاسل اصحاب الفكر الحر والعقلاني من التصدي لهم،حال دون انقراضهم لحد الان،ومادمنا نعيش في مجتمعات قادرة على تفريخ الطواغيت والعملاء والارهابيين والتكفيريين والممسوخين،يصعب تصور وجود مجتمع حر يحترم ويقدس حياة الانسان وحريته،وسوف نرى هناك اجيال اخرى قادمة لنا تحمل نفس المشعل ولكن لا ندري هل يمكن ان تتفوق على عباد الشخصيات السياسية الحاليين؟.
هناك نماذج اخرى موجودة لعبادة الشخصية السياسية سواء في خارج العالم العربي،وابرز مثال على ذلك آخر قلاع الاستبداد الشيوعي في كوريا الشمالية،وهناك تقديس للملوك في اليابان وتايلاند على سبيل المثال،ولكن ذلك يندرج ضمن العقائد المحلية وكون هؤلاء لا يحكمون سوى بالاسم تبقى عبادة شخصياتهم خالية من المضمون.
وهناك يوجد في الخليج التقديس الزائد لحكامهم وشيوخهم ورغم ان ذلك يتنافى مع السلوك البشري السوي في بعض الاحيان،الا انه بعيد عن الوصول الى مرحلة العبادة للشخصية السياسية،كذلك يلتزم الشيوخ بسلسة من الضوابط الاجتماعية وكون عددهم كبير ايضا،فهو يساعد على الحد من تلك الظاهرة في تقديري ايضا اذا وصلت الى حدودها المرعبة.
تبقى هناك امثلة موجودة في العالم العربي على مستوى عال كما هو واضح في ليبيا وبمستوى اخف في دول اخرى يمتزج بها الرعب من الحكام مع احترامهم الزائد لدى البعض وبذلك تكون مرحلة العبادة للشخصية ضعيفة.
واعتقد ان الظاهرة لا تقتصر على الحكام بل تتعدى الى الزعماء السياسيين للحركات السياسية في العالم العربي،والمثال البارز لدينا هو وجود عدد من الزعامات الاقليمية المحلية في لبنان ولكن حدودها يبقى ضيقا وضمن رقعة جغرافية صغيرة ولكن لها ضجيج اعلامي صارخ!.
للاختصار اكتفينا بذلك وليعتبر من اراد الاعتبار حتى يعيد لشخصه الحرية الكاملة غير المسلوبة في دعم ممسوخين اتاح لهم الزمن التحكم بمصائر شعوب بأكملها ولعبوا بها كما يلعب الطفل الصغيرة بلعبته،ولنعيد تلك الظاهرة السيئة ونجعلها في متاحفنا ولكن في قاعات خاصة بتراثنا الاسود...



حظر المواقع الالكترونية

حظر المواقع الالكترونية:
استلمت بالبريد الالكتروني رسالة من موقع شبكة القطيف الثقافية ،يدعونني فيه للاشتراك بارسال ايميل للاحتجاج على هيئة الانترنت السعودية لمنعه واغلاقه امام زواره،هذا مع العلم انه موقع ومنتدى ثقافي بحت وليس له علاقة بالامور السياسية التي تعتبر حساسة في نظر المملكة السعودية وبقية البلدان العربية لخوفها المزمن على استقرار اوضاعها،ولكن هو يعتبر مخالف للتوجه المذهبي الحاكم في السعودية وهو دليل ضعف...
مسألة حظر المواقع الالكترونية في الشبكة الدولية والتي تمارسها بشراسة البلدان العربية وخاصة السعودية وسوريا وليبيا وغيرها هي من الامور المثيرة للاشمئزاز في عالم ازال حدود الجغرافية السياسية والاقتصادية والاجتماعية واصبح العالم كله قرية صغيرة بحيث اصبح من شبه المستحيل على اي بلد ان يغلق نفسه امام العولمة،واذا كانت معلومات محظورة تمنع من خلال باب واحد فسوف تدخل من كل شبابيك البيت...ولذلك من السذاجة ان يتم منع مواقع ثقافية بحتة لاتمت للاخلاق العامة والاخلال بها،كما انها دليل على ضعف النظام الحاكم وخاصة في الجانب الثقافي وهو امر مثير كون ان النظام السعودي يمارس الدعوة لمذهبه الوهابي بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة ولا يسمح بنفس الوقت لغيره ان يمارس فقط الحفاظ على هويته المذهبية والثقافية!...
رعب من فكر اخذ بالانتشار بالوسائل الاعلامية السلمية،لا تتم مواجهته بالقمع والاضطهاد فهي وسائل قديمة اصبحت تجلب انظار من لايهتم بها،وكل ممنوع مرغوب! المواجهة هي الفكر بالفكر وبوسائل سلمية وان كانت كفة المادة هي الغالبة لدى الطرف السعودي!...ولكن هل يستطيع فكرهم الصمود والتصدي في مناخ الحرية الكامل؟!....

2008/10/20

فائض الميزانية

فائض الميزانية:
انشغل الرأي العام في استراليا في هذه الايام في الحديث عن اعلان الحكومة الاسترالية توزيع جزء كبير من فائض الميزانية السنوية للعام الماضي2007-2008 والتي قدرت بحوالي16.9مليار دولار حسب ما اطلعت عليه من الموقع الحكومي للميزانية،والمبلغ المقرر توزيعه على فئات الشعب المختلفة هو حوالي10.5مليار دولار سوف يخصص القسم الاكبر منها للاطفال والمتقاعدين والعوائل وغيرها من المصروفات الاجتماعية،والاولوية كالمعتاد للفئات الاكثر فقرا في المجتمع،وهو تقليد منذ عدة سنوات عندما بدأ الفائض في الميزانية السنوية بالتراكم،فبدأت الحكومة في تأسيس صندوق خاص للاجيال المستقبلية تقوم بأستثمار جزء كبير من الفائض،وهو يزيد عن 40 مليار دولار العام الماضي.
الشيء الجميل ان الحكومات الاسترالية المنتخبة والمتعاقبة،تصرف جزء كبير من الفائض على الشعب والذي يتمتع برفاهية،ومن جملة المصروفات،هدايا مالية للاطفال ودعم الاسر ذات الدخل المحدود،وهو دليل على مستوى عال من المسؤولية تجاه ذالك الشعب الذي انتخبها،وبالتالي تعمل اقصى ما في وسعها لخدمته وبذل المزيد من الجهد للترفيه عنه،واعتقد توجد في العالم الغربي العديد من الحكومات في نفس توجهات الحكومة الاسترالية بالاضافة الى اخلاصها في خدمة بلدانها.
بعد ان اطلعت على تلك الاخبار التي ملئت الجرائد،قررت زيارة موقع الميزانية الاتحادية التابع للحكومة للاطلاع على المزيد من المعلومات وهو موجود على الرابط التالي:
http://www.budget.gov.au/
فشاهدت تفاصيل الميزانية الحالية2008-2009 والمقدرة بحوالي319مليار دولار
وتقدر الحكومة الفائض بأكثر من 21مليار دولار،وبالاطلاع على نسبة الميزانية من الناتج المحلي الاجمالي،ظهر لي من خلال تلك النسبة بعملية حسابية بسيطة ان الناتج المحلي لهذه السنة يكون اكثر من 1200مليار دولار اي مايزيد على 57 الف دولار متوسط دخل الفرد وهو متوسط عال جدا يدل على نمو اقتصادي كبير خلال العقدين الماضيين،وللمقارنة مع دول الخليج العربية لاتتفوق على استراليا في ذلك المتوسط سوى قطر،مع ملاحظة ان الاخيرة تعتمد على النفط والغاز والتي ارتفعت اسعارهما كثيرا خلال السنوات الاخيرة. اما في بقية الدول العربية فالفارق كبير وخاصة الدول الغير نفطية والتي يتراوح معدل دخل الفرد السنوي بين الف الى ثلاثة الاف دولار،وبذلك تكون الفجوة عالية بينهما.
اما مصاريف الميزانية فتدل على وعي وطني عالي لدى الحكومة الاسترالية من خلال صرف اكثر من 102 مليار دولار على الضمان الاجتماعي لجميع افراد الشعب وهو يزيد على ثلث حجم المصروفات المقدر بحوالي 287مليار دولار،اما النفقات على الصحة فيزيد على 46 مليار بينما لا تزيد نفقات الدفاع على 17.9مليار دولار وهو اقل من المصروفات على التعليم(اكثر من 18 مليار)هذا مع الملاحظة ان هناك ميزانيات اخرى لحكومات الولايات الاسترالية تختلف عن الميزانية الاتحادية!وهي ضخمة ايضا ولكن ليس للدفاع والامن جزء منها سوى يسير وهي في الغالب ميزانية تخصص للقطاعات الخدمية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية وهي تقدر بحوالي 60% من قيمة الميزانية الاتحادية،ويعني بذلك ان ميزانية الولايات الاخرى حوالي 200 مليار دولار! وهو غير الاولى.
فائض الميزانية في الدول العربية:
وبالمقارنة مع ميزانيات الدول العربية،يتضح مقدار الغبن الواضح والذي يدل على سوء تصرف وانعدام المسؤولية لدى حكومات العالم العربي الغير منتخبة ديمقراطيا.
ففي الدول العربية الغير نفطية تخصص اغلبيتها رغم محدودية مواردها المادية وكثافة سكانها،القسم الاكبر للدفاع والامن رغم عدم وجود عدو خارجي بأعتبار ان اغلبية الدول العربية الان في وضع شبه سلمي مع اسرائيل،وبالتالي تكون علامات الاستفهام كبيرة لمدى جدوى تلك المصاريف التي لا تخدم سوى الانظمة للبقاء في سدة الحكم لاطول فترة ممكنة،وفي اغلبية الدول العربية يكون الانفاق على الامور العسكرية والامنية هو الاعلى نسبة سواء في متوسط الدخل القومي او من حجم الميزانية السنوية! وبالتالي لاجدوى من تلك النفقات التي لو انفقت على الاستثمار الاقتصادي او على الجانب الاجتماعي لكان المردود اكبر واعظم ولحصل تقدم هائل على جميع الاصعدة. وتقريبا غالبية تلك الدول الغير نفطية تواجهة في نفس الوقت عجز شبه دائم في ميزانياتها السنوية،بالاضافة الى الفساد الكبير في الانفاق المالي او الاداري.
اما دول الخليج النفطية والتي حصلت على ايرادات هائلة خلال الاعوام الاخيرة،فقد تجاوز الفائض لدى تلك الدول مئات المليارات من الدولارات،ففي السعودية لوحدها قدر الفائض لهذه السنة بحوالي 80 مليار اما الكويت فحوالي 50 مليار دولار وبقية دول الخليج الاخرى بنفس الحجم تقريبا قياسا الى عدد سكانها وانتاجها النفطي،ولكن الاحصائيات الدقيقة تبقى غير معلومة لاسباب مختلفة.
ورغم تخصيص تلك الدول غالبية الفوائض الى احتياطياتها المالية سواء على شكل استثمارات خارجية،وفي بعضها يكون عالي الخطورة كما هو الحاصل في الاسواق المالية العالمية،والبعض الاخر كأحتياطي في البنوك او على شكل عملات صعبة .
ولكن الملاحظ ان غالبيتها لا تقوم بصرف جزء كبير كما تفعل الحكومة الاسترالية وبعض الحكومات الغربية،فمازال عدد كبير من مواطني تلك الدول يعيشون في مستويات متدنية كذلك يحتاج عدد كبير للخدمات والمساعدات الاجتماعية،وفي وسائل الاعلام الخليجية يمكن الاطلاع على حجم المطاليب الشعبية الكبيرة من الحكومات التي لا تستخدم جزء من الفائض المالي لسد احتياجاتها المتنامية.
والخلاصة ان النموذج الاسترالي،هو نموذج مثالي يحتذى به في عملية صرف الاموال او في صرف الفوائض،كما يتبين للجميع عنذ الاطلاع على تفاصيل الميزانيات سواء في الدول الغربية بصورة عامة،ومقارنتها مع ميزانيات الدول العربية يمكن تبيان حجم الكارثة في الانفاق،سواء في تحصيله او صرفه او ايداعه،وبذلك يمكن تقدير حجم الاموال المهدورة في العقود السابقة او في المستقبل في حالة بقاء الظروف السياسية على حالها...

2008/10/19

لوحة 16

لوحة للفنان الفرنسي
يوجين دي لاكروا 1798-1863
وهو رائد المدرسة الرومانسية الفنية الفرنسية
اللوحة لفتاة يونانية تقديرا لنضالهم الاستقلالي
لتحرير بلدهم من الدولة العثمانية

2008/10/13

اللوحات بدون تعليق

تلقيت بالبريد الالكتروني رسالة من احد الاعزاء حول عدم وجود تعليق على اللوحات وهذا جزء منها :
كل اللوحات بدون تعليق
ولا حتى من صاحب العمل ؟
هل تترك القارئ ليتذوق بنفسه
وتمتحن معرفته بالفنون التشكيلية
ما هى الفكرة فى لوحة بدون تعليق
؟
الجواب

اللوحات اضعها بدون تعليقحتى يتذوقها الجميع بهدوء وبتأمل يناسب كافة المستويات ولا امتحن قدرته ابدا لان لكل انسان مستوى من التفكير والاستمتاع والذوق الفني..كما ان الباب مفتوح لمن يحب التعليق...حتى لو باضافة معرفية على اللوحة...
لا اعلق لانني اولا استمتع بالرؤية وثانيا قد لا اعطي العمل حقه وبالتالي قد اغبنه اذا كان تعليقي غير ملائم له،وثالثا معلوماتي في الفن التشكيلي ضعفت لعدم المتابعة ولكن احتفظ بقدر كافي من الفهم والادراك مع مقدرة على التذوق الفني وخاصة الفنون التشكيلية...
يبقى الشيء الوحيد الذي قصرت فيه هو عدم كتابة اسم الفنان..وسوف اتجاوز ذلك مستقبلا ان امكن....

2008/10/12

لوحة 15


لوحة الفنان الايراني ايمان ملكي


التعليق السياسي:المحنة الليبية

التعليق السياسي:المحنة الليبية
عندما يقرأ اي شخص اخبار العالم العربي يصاب بكآبة لا مثيل لها من جراء الانحدار الفظيع نحو مستنقع رهيب من التخلف الناتج من افعال الانظمة المتعفنة التي عفى عليها الزمن...تلك الاعمال التي اصبحت من الماضي ولا قيمة لها في هذا العصر الذي تتسابق به الدول نحو منح المزيد من الحريات والخدمات لشعوبها...
الخبر الرئيسي الذي تناقلته الوكالات منذ يوم9\10\2008 هو سحب الارصدة المالية الليبية المقدرة ب 7 مليار دولار من البنوك السويسرية ومنع تصدير النفط اليها وقطع الروابط التجارية وتجميد العلاقات السياسية،كرد فعل على عمل السلطات السويسرية في منتصف تموز2008 بأيقاف هنيبعل القذافي نجل الديكتاتور الليبي هناك لمدة يومين بعدما تعرض مع زوجته لخادمه المغربي وزوجته التونسية هناك،بالضرب او الشتم وقام على اثرها بالشكوى الى الشرطة التي سارعت الى اعتقاله والظاهر ان الحدث علني بحيث كان التأكيد على حدوث الواقعة..والتي بعد يومين اطلق سراحه مع زوجته لان المدعي سحب الشكوى والظاهر ان مبالغ مالية او ترهيب قد حدث لهم اذا لم يستجيبا للطلب..
الى هذه الدرجة وصل وضع العلاقات مع الدول في تصرف طائش لافراد اسر الحكام (وغالبا ما تقوم الانظمة الديكتاتورية بمثل هذه الاعمال لكن في السر في الغالب)،وبدون اي قيمة لمصالح الدولة او الابقاء على الصداقة و الروابط مع سويسرا ذلك البلد المحايد...انحدار لنظام متخلف لامثيل له انبطح بسرعة لا مثيل لها للابقاء على كرسي الحكم..بل قدم من التنازلات ما جعل الغرب يستغرب كثيرا بل ينفي طلب ذلك من قبيل التنازل عن الصواريخ بمختلف انواعها...
هل اذا تعرض المواطنون الليبيون وبحق الى مهانة في الخارج،الى نفس التعامل الرسمي مع اولاد القذافي السفيه!!؟...الجواب بدون ادنى شك:كلا والف كلا!
تعامل سويسرا كبقية دول العالم المتحضر لجميع المواطنين والزائرين بغض النظر عن مكانتهم الى قانون واحد يتساوى الجميع فيه...ولكن اسرة القذافي وبقية اسر الحكام والذين لم يتعلموا من درس اسرة الطاغية صدام وبقية اسر الطواغيت على مر التاريخ،يعيشون في قانون خاص بهم..لا يوجد لهم عقاب او ثواب...المهم الملذات بجميع صورها واذلال الشعب وارهابه... والارعن القذافي الاب بدلا من شكليات سحب يده الملطخة بدماء الابرياء واغتصاب السلطة من الشعب،من مصافحة كوندليزا رايس(وهو عمل لا يدل باي شيء على تدينه او سمو اخلاقه) وبدلا من ان يربي اولاده على الحق والعدل..يقف الى جانبهم مستغلا اموال ومصالح الشعب الليبي الذي لم يبقى له سوى الله سبحانه بعد ان خذلته دول الغرب التي حصلت على اموال مجانية وموطئ قدم في ليبيا مقابل الابقاء على راس النظام...
كذب وزير الخارجية الليبي في مؤتمره الصحفي مع رايس عندما قال ليبيا تغيرت وامريكا تغيرت! والحقيقة ان البلدين لم يتغيرا !..
الحرية للشعوب المستضعفة..والخزي والعار لحكام السوء...

2008/10/10

البحوث الاكاديمية

هذه الايام مشغول كثيرا ببحوث الجامعة الاكاديمية والتي يجب انجازها في الوقت المحدد..والبحث يكون صعبا اذا تم انجازه وفق طريقة هارفارد..على اسم الجامعة الامريكية الاولى..وهي نوعية في كتابة طريقة البحث وترتيب المصادر والهوامش وفق نظام صارم...اجده احيانا معرقل للبحث ولحرية الطالب في الكتابة،بحيث يصعب ابداء الرأي في الموضوع الذي يتفوق على عدد كبير من الاراء الموجودة في المراجع والمصادر...واحيانا يتطلب قراءة كتاب بصورة سريعة لاخذ عبارة او معلومة ولذلك يكون البحث صعبا وفق ذلك النظام..
البحث الاول الذي انجزته هو حول العولمة وآثارها الايجابية على الفقراء،والاخر عن تروتسكي وصراعه مع ستالين..الديكتاتور السوفييتي سواء الفكري او السياسي والاقتصادي..كذلك منتظر بعد الانجاز بحث حول ضعف تعلم اللغة الانكليزية للطلاب والمهاجرين مع المجتمع المتكلم..
يمنح للطالب عدة خيارات في البحوث المكتوبة وفق عدد محدد من الكلمات تصل الالفين احيانا وتقاس عن طريق برنامج الاوفيس ورد..الجميل قبل ايام شاهدنا كيف يعمل برنامج خاص بالاساتذة عن طريق الانترنت يستطيع ان يكشف من اي موقع في العالم،المادة المأخوذه للبحث..لابعاد الطلبة عن السرقة الادبية والمنتشرة في عالم اليوم...وطبعا حسب اللغة المكتوبة...
دخل الربيع ..مع جو بارد في المساء..في حين تحول العالم الشمالي الى الخريف..

2008/10/07

حرب 1973

المفكرة :
في مثل هذا اليوم 6\10\1973 حدثت حرب تشرين اول(اكتوبر) بين العرب واسرائيل،وصادف ايضا ذكرى ولادة الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد(1930-2000). ينظر الكثير من العرب الى تلك الحرب بأعتبارها اول نصر عربي على اسرائيل بعد سلسلة من الهزائم المرة،وايضا تلت تلك الحرب سلسلة من الهزائم..
ورغم قصر تلك الحرب(16يوم) الا انها مليئة بالدروس والعبر...وبعد مرور تلك الفترة الطويلة على انتهائها ورغم كثرة التحليلات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية لها،الان النظرة بأعتبارها نصرا عسكريا محدودا مازال يغطي على نتائجها الاليمة ويمنع من وصول الحقيقة الى الشعوب العربية..
بدأت الحرب بعد ان فشل العرب في اجبار اسرائيل على الانسحاب الى حدود1967 ولم تبذل الدول الغربية اي جهود للضغط من اجل الانسحاب مما جعل الحرب امرا لا مفر منه لغرض اعادة الاعتبار للجيوش العربية المهزومة في حرب 1967 وايضا الشعوب العربية التي تضغط من اجل رد الاعتبار واعادة الكرامة القومية المهدورة نتيجة للعنجهية السياسية الفارغة للانظمة القومية المتطرفة...
قبل حدوث الحرب وكالمعتاد كان العرب منقسمون بين اتجاهين احدهما رئيسي وهو القومي اليساري وهو منقسم على نفسه ايضا،والاخر يميني محافظ وايضا منقسم على نفسه ولكن الغلبة آنذاك للمعسكر الاول عكس ما موجود الان للمعسكر الثاني...
من دول المعسكر الاول:مصر وسوريا والعراق وليبيا والجزائر واليمن الجنوبي بالاضافة الى المنظمات الفلسطينية المختلفة،ومن دول المعسكر الثاني:السعودية والاردن والمغرب وبقية دول الخليج الاخرى...كان يترأس مصر حينها انور السادات وهو بشخصيته الضعيفة الموالية للغرب بشكل يفوق التصور عكس سلفه عبد الناصر الذي كان يفوقه بشخصيته القوية ولكن حد العنجهية الفارغة بشكل يفوق قدرات مصر وحجمها الطبيعي!.
على العكس من ذلك في سوريا،فقد تولى رئاستها في نفس العام الذي تولى السادات رئاسة مصر(1970)،بعد فترة طويلة من الفوضى في الحكم السوري،وكانت شخصيته قوية وذات ارادة ولكن بشكل معقول لا يتجاوز حجم سوريا الطبيعي وان كان اكبر من امكاناتها الاقتصادية والعسكرية،وكان في حالة نزاع مرير مع الجناح الثاني لحزب البعث الحاكم في العراق والذي كان خارج الصراع بدمويته وعنجهيته مع الجميع حتى سقوطه المحتوم عام 2003م.
تعاهد الزعيمان المصري والسوري على البدء في الحرب في يوم واحد واخفيا الموعد عن الزعماء العرب الاخرين لعدم ثقتهم بهم وخاصة ملك الاردن الذي كان يلتقي بالسر بزعماء اسرائيل،وكان من الطبيعي ان ينقل اليهم اسرار الهجوم لو حصل عليها...
الحرب كان محكوم عليها بالفشل نظرا لاختلاف الزعيمين في التفكير والشخصية،وبالتالي يصعب البقاء في حرب مصيرية بين حليفين لا يثق احدهما بالاخر او يكون هدفهما بالحرب مختلف وبالتالي النتيجة سوف تكون غير ملائمة للطرفين من الحرب.
عند دراسة تاريخ حرب 1973 الان سوف نرى كيف يكون رئيس دولة محتلة اراضيها ويشارك زعيم عربي اخر لتحرير اراضيهما او على الاقل تدمير الالة العسكرية الاسرائيلية وعنجهيتها،يصدر اوامره بالهجوم لمسافة 12كم فقط داخل حدود سيناء!!يعني من الغباء الشديد تصور ذلك..هجوم ينجح ويتوقف لمسافة 12كم ويترك العدو يجمع قواته لكي يصفي حسابه مع الحليف السوري!!وبعد ان يكاد ان يصل الى دمشق يتحول الى الجبهة المصرية ويعبر شارون بقواته الى الضفة الغربية للسويس...هذا هو السادات وتفكيره او تفكير بعض قياداته..وبعد هذه السنين يقال عنه بطل الحرب والسلام!! وهو الذي طرد بعد الحرب مباشرة القائد الحقيقي للقوات المصرية..واقصد به الفريق سعد الدين الشاذلي،ثم يحول الحرب ولا اقول النصر لان ليس هناك نصر سوى العبور الذي توقف بغباء لا حدود له عند مسافة قصيرة،يحوله الى انهزامية كاملة بالخضوع لكل الشروط الاسرائيلية،بل يستقبل الرئيس نيكسون في احتفال بهيج وهو في طريقه للسقوط بعد فضيحة ووترغيت،بل بعدها بشهر استقال،ثم كان سفره المشؤوم لاسرائيل عام 1977 وهو الذي يستطيع ان يحقق اكثر مما حصل بدون سفره!!ومازالت مصر لغاية هذه اللحظة تخضع لشروط تلك المعاهدة القاسية..بينما نلاحظ لبنان الصغير قد حقق ذاته بدون مساعدة عربية في طرد اسرائيل من الجنوب..
ثم كانت النهاية الطبيعية له،ولكن الاسوأ حدث عندما تولى قائد عسكري آخر،رئاسة مصر،ومازال في الكرسي وقد حولها الى دولة فقيرة مسلوبة الارادة ومحكومة بالحديد والنار،ويريد ان يخلف ابنه فوق ذلك! وهو يسمى ايضا احد ابطال1973م!..
تلك الحرب مليئة بالاوسمة الفارغة..والاكاذيب..واصبحت نتائجها تنافس في السوء نتائج حرب1967م..
حققت الحرب مكاسب للعرب من خلال ارتفاع اسعار النفط ولكن دون ان يستفاد فقراء العرب منها..كما اثبتت دول اليمين العربي صدقيتها على الاقل الاقتصادية في الحرب بينما نظام بعث العراق اشترك في القتال من جانب،ولم يشترك في الحظر النفطي بل استغله لمصلحته الخاصة!..
الشعوب العربية اثناء الحرب كانت يدا واحدة ولكن الانظمة هي التي تفرقها،ومازالت..فلتذهب الانظمة الى الجحيم..والمجد والخلود لكل الشهداء..والله في عون كل الشعوب المظلومة....


2008/10/05

التوقيت الصيفي

التوقيت الصيفي:
بدأ التوقيت الصيفي امس في استراليا،وهذه السنة جاء التوقيت مبكرا اربعة اسابيع كما جرت العادة كل عام..
فكرة التوقيت الصيفي:
هي فكرة ابتكرها بنيامين فرانكلين(1706-1790) احد الاباء المؤسسين للولايات المتحدة اثناء حرب الاستقلال،وجاءت فكرته عندما كان سفيرا لبلاده في باريس عام 1784م حيث حسب بطريقة رياضية بديعة الفوائد الجمة من خلال النهوض مبكرا في فصل الصيف خاصة في توفير الطاقة بشتى انواعها،وكان التوفير كبيرا من خلال حسابه،هذا بالاضافة الى الفوائد الصحية لجموع الشعب من خلال النهوض الصباحي الباكر،والعمل مبكرا والرجوع للبيت والاستمتاع ببقية النهار،وكان اقتراحه للحكومة الفرنسية التي لم تأخذه محمل الجد او تطبقه.
ثم جرى ارساله للبرلمان البريطاني قبل الحرب العالمية الاولى لتطبيقه،لكن لم يحصل الاصوات اللازمة لتمريره..
الى ان جاءت الحرب العالمية الاولى(1914-1918)حينذاك اجبرت الدول المشاركة لغرض توفير الطاقة على تطبيقه وكانت اول دولة تطبقه هي المانيا،ثم تبعتها بريطانيا...
اما الدول العربية،فليس كلها من يطبقه،واعتقد مصر كانت اول دولة تطبقه،وهناك سوريا ولبنان وتونس وغيرها من تطبقه الان..
اما العراق،فأذكر انه جرى تطبيقه لاول مرة عام 1982م وقد الغي هذه السنة 2008م...لكون الناس لم تتقبله رغم مرور تلك الفترة الطويلة!.
ومن خلال مشاهداتي في تطبيقات التوقيت الصيفي في البلاد العربية(العراق نموذجا)والدول الغربية(استراليا نموذجا)يمكن تبيان الفارق الحضاري بين الشعبين ومدى تقبلهما للفكرة،ثم تطبيقها...فعندما يجري تطبيق التوقيت في استراليا،يتم نسيان وخلال يوم واحد التوقيت السابق ولايوجد من يتكلم عنه او يقارنه بالتوقيت الجديد...حتى يرجع التوقيت الاعتيادي خلال فصل الخريف...
اما في العراق..واعتقد شعوب الدول العربية الاخرى تأخذ حذوه في ذلك نظرا للمشتركات بينها..عندما يبدأ التوقيت الصيفي يحدث بلبلة وفوضى في التوقيت لا حدود لها!وتبقى الناس تتكلم عن التوقيتين حتى حلول فصل الخريف !وعندها يبدأ الناس لفترة محدودة قد تدوم اسبوع او اسبوعين بالمقارنة بين التوقيتين!رغم انتهاء الاضافة،وهي تبين مدى الفارق الحضاري بين سلوك الشعبين من خلال الالتزام بالقوانين اوتقبل الافكار والمخترعات والابتكارات الجديدة لخدمة المجتمع...واعتقد كان الدافع لسلوك الحكومة العراقية في اصدارها قرار الغاء التوقيت الصيفي،لكون السلوك الشعبي العام لم يصل الى مرحلة يقبل العمل به فورا بدون تردد او فوضى...
كذلك محاولة البعض ربطه باسباب دينية او اخلاقية او عرفية!لا مبرر له اطلاقا،فالعملية كلها تهدف لتوفير الطاقة،والاستفادة القصوى من النهار خلال فصل الصيف الحار من خلال النهوض المبكر من الفراش،ثم الفوائد الصحية الناتجة عنه..ولكن تبقى فكرة التطبيق ومدى تقبل مجتمعاتنا له الذي لا يستسيغ التجديد لا في الافكار ولا في العمل ولا في الابداعات...
ضرورة العودة اليه تفرضها الظروف الدولية الراهنة التي ارتفعت فيها اسعار الطاقة بشكل كبير نتيجة زيادة الاستهلاك الهائل خلال السنوات الاخيرة،والدراسات الرياضية الرصينة تبين للجميع مدى الفائدة المستمدة منها ...ولذلك يبقى السلوك البشري هو المقياس لتقبله او رفضه،وتعليل الرفض لاسباب لا علاقة له بالتوقيت الصيفي او بالافكار المبدعة لهو دليل الانهزام النفسي والحضاري وربطه باسباب غيبية او تاريخية،اوحتى تطبيقها مجبرا بدون الاقتناع بها...

الانحدار الفظيع

الانحدار الفظيع
التفجيرات الاخيرة في بغداد ضد المساجد بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك ضد اناس ابرياء ذاهبين للصلاة فيها،هو جريمة بشعة تفوق التصور البشري في مدى الانحطاط الذي وصل اليه التكفيريون بحيث يوما بعد اخر يتبين لكل المغفلين بالعالم مدى وحشية ونذالة هؤلاء المجرمون،فتلك المناسبة الدينية المقدسة التي يتفق المسلمون على قدسيتها بل كل البشر على احترام المناسبات الدينية وخاصة الاحتفالات الكبرى، لم تقف في ايقاف الاعمال البربرية لتلك الوحوش الادمية ولم يرتدع هؤلاء من ان نتيجة تلك الاعمال هي الكره المتزايد من قبل الناس لهم والاصرار على تحديهم.
بالصدفة زرت امس موقع العربية لقراءة الاخبار وهو موقع يعتبر مرتع خصب للتكفيريين واعوانهم ومؤيديهم،ولا يسمحون لمن يخالفهم بالرأي،وهي سياسة ثابتة لدى جميع وسائل الاعلام العربية ،وعند قرائتي تعليقات القراء لخبر التفجيرات اتفق الجميع على ادانتها رغم ان بعضهم حاول مع الادانة ربطها بجهات لا علاقة لها بالجريمة...وهو مع ذلك دليل قاطع على مدى رفض تلك الاعمال الاجرامية من شريحة عربية واسعة ظلت تؤيد سرا وعلانية الارهاب بشتى صنوفه وحججه...
الجنة والخلود للشهداء الابرياء...
والخزي والعار في الدنيا والاخرى للقتلة وكل من يدعمهم ماديا ومعنويا بغض النظر عن توجهه الفكري او هدفه...