إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/12/27

منعطف الثورة!


منعطف الثورة!
تمثل الثورة أداة تطبيقية لمرحلة تاريخية مهمة فرضت نفسها على مراحل المسار التاريخي للبشرية الذي يخرج من القوقعة الذاتية الى رحابة الفضاء الاوسع الذي لا يخضع الى قيود مفروضة من قبل البعض بل هو اعادة رسم الحياة وفق صيغ جديدة ومتعددة تفرضها الظروف المستجدة التي لا يمكن منعها ولكن يمكن تأخيرها فحسب!فصور الحياة وقوانينها المسيرة لها هي دائمة التجدد والتغير ضمن نسبية محددة ببطء وليست جامدة ضمن قوالب ثابتة!.
وعليه فأن الثورة تمثل واقعا جديدا ترسمه لنا ضرورات المكان والزمان وحسب الظروف الموضوعية التي تخرج احيانا عن السيطرة،وهذا الواقع لا يمثل المطلق وانما يبقى ضمن الاغلبية النسبية وعليه فأن الاستحالة تكمن في انعدام وجود الاعداء والمعارضين من جهة او المؤيدين للثورات من جهة اخرى وايا كانت الدوافع الذاتية التي يتم الاستناد اليها.
انطلاق ثورات الربيع العربي كان مفاجئا للاغلبية الساحقة سواء في داخل العالم العربي او خارجه! بسبب طول الحقبة الزمنية المظلمة التي تحكمت بها عصابات ارهابية متخلفة بتلك الشعوب المقهورة،ومن هنا فأن عملية العداء العلني لتلك الثورات التي اكتسبت الشرعية والشعبية شبه المطلقة سوف تكون انتحارا ادبيا لا يمكن ان يقبله اي فرد مهما كانت اوصافه وآرائه! وعليه فأن الطرق الاخرى هي الاكثر مقدرة على اخضاع وترويض تلك الثورات ان لم يكن تدميرها ولو بصورة جزئية او استغلالها للبقاء على سدة الحكم والنفوذ او للقفز عليها!.
ما نراه اليوم في حالة الثورات المنتصرة الاربعة خلال عام 2011(تونس ومصر وليبيا واليمن) ان تفريغ المحتوى الحقيقي للثورة من الاهداف والمبادئ السامية المرسومة قد تم في منعطفها الخطير ضمن مسارها التاريخي بسرعة كبيرة،وتحريف الثورة مع استغلال الموجة وركوبها قد اختلفت نسبته حسب اختلاف الظروف الموضوعية لكل بلد وان كان الوعي والحيطة ضرورتان كي تمنع السقوط الكلي ضمن منحدر الانعطاف الكبير!.
الحالة النسبية اهون في حالتي تونس وليبيا بسبب ان التيارات السياسية المختلفة الصاعدة في الاولى قد وصلت للسلطة عن طريق الانتخابات بعد فترة قصيرة لم تشهد خلالها من محاولة سيطرة القوى السابقة الا في ثغرات محدودة،اما في حالة ليبيا فأن الصراع الدموي مع نظام القذافي جعل من المستحيل سيطرة بقايا نظامه البائد لان حالة الاستئصال المتبادلة كانت كافية لسحق قوى الانحراف ولكن بقيت الصراعات الجانبية بين قوى الثوار او القبائل عاملا مؤثرا في منعطف الثورة،وعليه فأن الواجب تجنبه بأقل الخسائر عن طريق التوجه نحو معركة التنمية الحقيقية التي غابت عن البلاد لنصف قرن تقريبا وبخاصة التنمية الثقافية التي من خلالها تبنى الشخصية الحقيقية للشعوب الحرة!...وفي كلا الحالتين وبالرغم من ضعف القوى المناوئة الا ان حالة اليقظة تبقى واجبة لابعاد تلك القوى واستعجال بث الوعي السياسي والثقافي القادرين على خلق مناعة ذاتية للفرد من رجوع الفكر الاستبدادي ودعاته!.
في حالتي مصر واليمن فالوضع خطير بحق لان مراكز القوى السابقة مازالت قابضة على الحكم كما كان الحال في دول اوروبا الشرقية بعد سقوط الشيوعية عام 1989 مما يعني ان حالة الانحدار الى مستنقع الصراعات الجانبية سوف يكون امرا متوقعا بسبب ضعف وسائل الثوار الرادعة وبقاء هيمنة قوى النظام السابق المدعومة اقليميا ودوليا!.
ففي حالة اليمن فقد كان ضعف مبادرة الثوار في اسقاط النظام المتهالك بسرعة والذي كان الاضعف ضمن حلقة الاربعة قد سهل الامر على القوى المحلية والاقليمية التدخل في فرض واقع جديد على الثورة اليمنية وحرفها عن المسار الثوري لها مما يعني ان عملية التفريغ من المحتوى الطبيعي قد تمت ليس فقط في غفلة من الثوار بل من جراء البقاء متقوقعين ضمن حيز ضيق في انتظار ما يمكن ان يقبله الطرف الاخر تحت ضغط بسيط لا يؤثر عادة في القوى الدموية،وكان تشتت قوى الثورة وضعف قياداتها مع الرغبة الدائمة في عدم خروج الثورة من اطار سلمي مزيف ليس فيه خيارات اخرى قد ساهم في سلب النصر الحقيقي!...فالصراع بين قوى الثورة والسلطة لا تحكمه قيود جامدة من المفاوضات السياسية والانتظار بل يفرضه واقع أليم حان الوقت لازالته من الجذور!ومن هنا فأن الموافقة على المبادرة الخليجية هو معناه قبول تحجيم الثورة من فرصة سيطرتها على الواقع بغية تغييره لان نظام صالح مع دول الخليج لا يمكنها ان تقبل بأي نظام ديمقراطي حقيقي في اليمن يكون مصدر اشعاع والهام ودعم لكل شعوب البلاد المجاورة هذا بالاضافة الى ان البلاد سوف تخرج من دائرة الخضوع المستمر لتلك الدول والغرب عموما وعليه فأن قوى الثورة المضادة اذا لم تكن هنالك حملة اقصائية لها ولو بصورة سلمية فأن خطر الاستئصال الدموي سوف تبقى مثل السيف المسلط على رقاب هذا الشعب البسيط الذي عانى الاستبداد والفساد والفقر،وهذا يعني ان الثورة بدلا من التركيز على اعادة تشكيل وبناء البنية الفوقية والتحتية فأن التأييد سوف يضعف مع ابقاء البلاد ضمن اطار الصراعات الجانبية الذي حول البلاد الى ساحة صراع اقليمي ودولي مستمرة.
اما الوضع في مصر،فبالرغم من ان حالة الوعي والحركية الثورية المستمدة منها،اعلى من الدول الاخرى الا ان القبول الابتدائي بسيطرة المؤسسة العسكرية على الحكم وهي بالفعل مسيطرة منذ عام 1952 قد افقد الثورة المبادرة في فرض السيطرة وتغيير الوضع القائم!...فالجيش هو الاداة الفعلية للحكم في مصر مما يعني ان سقوط البلاد في الديكتاتورية كان بسبب الجيش والذي تمتع بدور خطير في البلاد يوازي دور المؤسسة العسكرية في تركيا والتي ابقت البلاد متأخرة ضمن قوائم التصنيف الدولية حتى تمت ازاحتها بصورة تدريجية وحينها ارتفع دور تركيا الاقتصادي والسياسي!.
العوامل المستهلكة لقدرات الثورة عديدة في مصر ومن بينها هي شيوع الامية الابجدية والثقافية وانتشار الفقر مع سيطرة العسكر!هذا من جانب الداخل اما الخارج فالرغبة الخليجية هي ابقاء مصر تحت السيطرة كي تبقي تحالفها معها او اضعاف التأثير الثوري كي لا يكون هنالك تمدد في الثورة،اما الغرب فأن الرغبة ايضا باقية في اخضاع مصر وترويضها كي لا تفلت من المسار المحدد سلفا لان ذلك يكون خطيرا على المصالح الغربية المتعددة وامن اسرائيل!.
تشتت القوى الثورية في مصر مع بقاء الصراع الطائفي هو امر لا يمكن نكرانه هذا مع انتشار الوعي السياسي المزيف المتمثل بتأييد المؤسسة العسكرية والنظم الناتجة عنها منذ عام 1952 من قبل قطاعات واسعة!...فتلك الانظمة لعبت دورا خطيرا في غسل العقول وتشويه الوعي بحيث ادى الى نشوء اجيال توالي ولا تعرف معاني الرفض الحقيقية لقوى الاستبداد والانغلاق والتبعية المفرطة!.
من هنا فأن الواجب يفرض اعادة بناء وتشكيل الثورة وفق المستجدات الجديدة وعدم افساح المجال للقوى الداخلية والخارجية بالنفوذ والتسلط لان عملية تزييف وتشويه الثورة اسهل بكثير من عملية اخضاعها بالوسائل المسلحة ومن هنا فأن مهمة الكوادر الثورية الحقيقية سوف تتضاعف لان الصراع مع عدة جبهات في آن واحد سوف يستهلك قدراتها الداخلية...صحيح ان الارادة الصلبة هي كافية للردع ولكن ليس ثابتة الاستمرارية بما يكفي لازاحة قوى التحالف المضاد!.
التضامن والتحالف بين القوى الثورية المحلية والاقليمية والدولية هو جزء من الايمان الثوري الحقيقي وبدونه فأن الثورات سوف تسقط في منعطفها الكبير!.



2011/12/13

مذكرات من بيت الاغتراب 12

مذكرات من بيت الاغتراب 12:
دار الافتاء في الديار الغربية!
احيانا تجمع وتختصر وتعزز المصادفات والحوادث اليومية الكثير من الرغبات والجهود وتوفرها بلا ادنى جهد وفي مختلف الاتجاهات والافكار!...فقد كانت مصادفة بديعة جمعتني في احدى المراكز الصحية(24/11) مع المفتي السابق لاستراليا ونيوزيلندا...الشيخ فهمي الامام الذي لم اكن اعرفه من قبل سوى من خلال ما يحضرني في الذاكرة من بضعة صور واخبار عامة تتطلبها المواقف المختلفة من قبيل سماع لقاء او خطبة له على الاثير.
لم يكن مرتديا زي رجال الدين بالطبع حين التقيته ولذلك لم اميز شكله عن غيره وكان مريضا نتيجة لكبر سنه(مواليد 1927)وهو في الاصل من مواليد لبنان وهاجر الى استراليا عام 1951 وعليه فأنه متشبع بخبرة كبيرة في الغرب وما ينتج عن العيش فيه من ايجابيات وسلبيات وكذلك من طلبه للعلم الديني بعد مجيئه لاستراليا وهي نادرة نسبيا واستمراره في المطالعة والبحث.
كان الحوار معه بديعا وخاصة في تقبله للتساؤلات والاجابة عليها بروح مرحة وهو ما ذكرني بمنظره في صحيفة عام 2000 وهو يحمل الشعلة الاولمبية في مشاركة رمزية جميلة دالة على رغبة روح التفاعل الصادقة ضمن الاحتفالات التي سبقت دورة العاب سيدني الاولمبية،وقد ذكرت ذلك له بالطبع والتي اعقبها بأبتسامة مثنيا على قوة الذاكرة واستحضارها السريع في هذا اللقاء.
تولى الشيخ فهمي الامام منصب الافتاء عام 2007 وتقاعد منه لاسباب صحية عام 2011 فاسحا المجال لجيل جديد، كان من نصيب المفتي الجديد د.ابراهيم ابو محمد الازهري المصري...والحقيقة تقال ان الشيخ الامام وسلفه الشيخ تاج الدين الهلالي وخلفه ابو محمد هم اناس منفتحون ووسطيون ويعادون التطرف والارهاب والتكفير وينادون بالوحدة والحوار والاندماج في العصر بروح خلاقة دون فقدان الاصول وهي من المواصفات المثالية لرجل الدين المعاصر وبخاصة في بلاد الاغتراب حيث يعيش البشر ضمن مجتمعات متعددة ثقافيا واثنيا لا حصر لها في مساحة واسعة من الحرية مما يفرض الوجوب في التعايش السلمي ضمن الاحترام المتبادل وبالتالي يقودون المؤسسات الاسلامية بطريقة عصرية خالية من التعصب الاعمى وضمن سياقات التطور...وطبيعي ان ذلك لن يكون في صالح المتعصبين والباحثين عن قادة ومؤيدين من ممثلي الجانب الروحي بالخصوص لتبرير اعمالهم وآرائهم المرفوضة!.
اثنيت كثيرا على صراحة الشيخ فهمي وقبوله الاستماع والترحاب وعلى شجاعته في التنازل عن منصب الافتاء في وقت يتهالك على الزعامة الدينية او الزمنية كثيرون في العالم العربي حتى اصبح علامة دالة عليه!.
دور الافتاء في البلدان الاسلامية هي من المؤسسات الاسلامية التي تعنى برعاية الجانب الفقهي والعقائدي لاتباعها المقلدين حسب مذاهبهم المختلفة بغية سد احتياجاتهم النظرية والعملية في ادارة شؤون حياتهم العامة والخاصة ضمن اطار التعاليم الدينية،وهي تلعب دورا مهما في ادارة الكثير من المؤسسات والهيئات الخيرية الاخرى التي تقوم بواجبها الرعوي والتي تقدم الخدمات الاجتماعية الجليلة.
ومع نشوء الجاليات المسلمة في الغرب وتضخم اعدادها بمرور الزمن...اصبحت الحاجة ملحة لتأسيس الكثير من المؤسسات والجمعيات والهيئات الاسلامية لغرض الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية واللغوية وادارة المعاملات الشخصية بل وحتى اصبحت تعنى بالشؤون الاقتصادية وما يتفرع منها من فروع عديدة تؤثر بصورة كبيرة في طبيعة التواجد الاسلامي في بلاد الاغتراب وهو لا يختلف ايضا عن دور الكنائس المختلفة للطوائف المسيحية المتعددة...ومن بين تلك المؤسسات،نشأت دور الافتاء والتي تستجيب لكافة احتياجات الفرد والجماعة المسلمة في الغرب بدلا من البقاء منتظرة استجابة قرارات وفتاوى وتوجيهات دور الافتاء العديدة في العالم الاسلامي مع ما يعرف عنها من اختلاف وتناحر وخضوع البعض منها لتوجيهات السلطة الحاكمة مع جهل فاضح لطبيعة الاختلاف الجذرية بين المجتمعات وسبل التعامل معها!.
تحديات عمل دور الافتاء في الديار الغربية هي اعظم بكثير من المتواجدة في الديار المسلمة من عدة عوامل،ويكمن اهمها الاستجابة للتحدي الاعظم المتمثل بالحفاظ على الهوية الخاصة بالجاليات المسلمة مثلما تفعل بقية الجاليات العرقية واللغوية الاخرى،كما ان المستحدثات من المسائل الفقهية في الغرب والتي اصبحت واقعة بفعل العيش المشترك تمثل تحديا جديدا يحتاج الى اجابة دينية معاصرة تختلف احيانا عن ما موجود في العالم الاسلامي الذي يتميز ببيئة اسلامية سائدة بالرغم من سيادة الكثير من الاعراف والعادات والتقاليد المنافية للدين واحكامه الشرعية الواضحة!.
لم يعد كافيا التوجه نحو البلد الام او للنصوص القديمة في استنباط الاحكام بل امست الحاجة ضرورية لاستحداث وسائل جديدة تناسب العصر وتحدياته المستجدة ومن هنا ازدادت الحاجة الى الاجتهاد وترك التقليد الاعمى...
البقاء ضمن دائرة الماضي وقيودها هو انتحار مقصود وليس تبعية عمياء!.

2011/12/09

الثورة الخالدة


الثورة الخالدة
لا توجد ثورة في التاريخ لها من القدسية والاشعاع الفكري والروحي كثورة الامام الحسين(ع)...فكل الثورات التي كانت قبلها كانت توصف على الاكثر بكلمات وعبارات بعيدة عن الوصف الحقيقي مثل التمرد والعصيان وايضا بسبب كونها فاقدة لمنهج نظري وعملي متكامل يؤدي الى تأسيس بناء جديد للدولة والمجتمع فضلا عن قيادة وقاعدة متميزة...
من هنا كانت عملية كسر تلك القيود والرتابة المملة للحياة السياسية البدائية تعتبر في حينه ثورة حقيقية متجاوزة حاجز الزمن والفهم والادراك!...ولا يشذ العالم الاسلامي في حينه عن بقية اصقاع الارض بالرغم من زخم الاندفاع بل ان عملية التحريف والتدليس المتعمدة لتعاليم الدين الصريحة بغية جعلها خاضعة للسلطة السياسية المدنية الوراثية كانت تسير بوتائر سريعة جدا حتى ان الجيل التالي للمؤسسين الاوائل للدولة نشأ وفق تراث وتقاليد ممزوجة بين تعاليم الدين الجديد والتقاليد والعادات والافكار السابقة،ومن هنا فأن عملية اعادة الوعي المفقود للاذهان كانت عملية مجازفة بحكم قوة السلطة الدموية التي لا تتردد في ان تقوم بأي عمل بغية الحفاظ على السلطان!كما ان بناء الحضارة الاسلامية كان في بداياته ولم تكن هنالك موجودة مدارس فكرية ناضجة وقادرة على بث الوعي الممنهج للاتباع بالرغم من بعض بدايات التمرد الصغيرة في حركة الخوارج وغيرها.
من تلك البداية المفقودة كان ميلاد حركة سيد الشهداء الامام الحسين(ع) واهل بيته واصحابه المؤمنين بكل دقائق الايمان والعمل الصالح الهادفة الى احداث نقلة نوعية بل هي حركة كبرى في التاريخ الاسلامي حتى انها اعادت رسم خريطته الشاملة القادمة بدون ادنى اعتبار لكل تقديس زائف للملوك والسلاطين  واتباعهم القادمين!...
لم تنتهي مأساة كربلاء في حينها بل انها اعادت الحياة الى صفوف الشعوب المسلمة الخاضعة لسلاطين لا يمكن اعتبارهم ممثلين حقيقين للدين او الامة،بل انها اسست لمناهج فكرية جديدة ومختلفة سبقت عصرها بكثير وتميزت بمعان واهداف جديدة غير خاضعة لسلطة زمنية محددة بل لسلطان روحي نقي يهدف الى تأسيس حياة كريمة وفق تعاليم الدين الاسلامي النقية من اي تحريف او تأويل فاسد!...ومن هنا كانت قراءة المفكرين والفلاسفة والمشاهير من كافة بقاع الارض لها مختلفة لان عملية الاستيعاب ليس بتلك السهولة التي يقدرها البعض والا لما رأينا لحد الان الكثيرين من داخل العالم الاسلامي نفسه يحاربون وبضرارة فكر ومنهج وسيرة الامام الحسين(ع) وثورته الخالدة!.
التأسيس للمنهج الثوري الاصيل:
لقد كانت بداية العمل السياسي المعروف بالثورة قد تم بعد ان استوعبت مضامين واهداف الثورة الحسينية المباركة فيه،واصبحت منذ ذلك الحين تمثل مرحلة زمنية كاسرة لقواعد الخضوع والخنوع للاستبداد السياسي وقوانينه الوضعية،مما يعني انها اعادت رسم خارطة العمل السياسي بكل تفاصيله كي تجعل للشعوب فرصة التحكم بذاتها المسلوبة بعد ان فقدتها نتيجة للتوريث السياسي الدموي النفعي!.
ومن هذا المنطلق بدأت الثورات المحلية والاقليمية والعالمية تنتشر في شتى بقاع الارض بشكل كثيف وخرجت من الاوصاف والاتهامات الباطلة التقليدية في كونها حركات تمرد وعصيان وفتن لا تتفق مع الدين والعادات والتقاليد وعليه فأن الواجب محاربتها بكافة الاسلحة المتيسرة النظرية والعملية،الى اوصاف ومسميات اخرى جعلت البعض منها خالدا كالثورات العالمية المميزة او التحررية الاقليمية.
ومع انتشار الوعي السياسي الممزوج بنزعات ثورية او تحمل صفات النقد والمعارضة في كل بقاع الارض،فأن التخليد المميز والقدسية العالية الرفيعة بقي للثورة التي اسست لكل مناهج الرفض والاباء والتضحية ونقصد بها الثورة الحسينية الخالدة التي مازالت تشع نورا على الجميع بل انها تتميز بتجدد رائع وفق كل المناهج المستحدثة التي تحاول تفسيرها وفق اصولها المعرفية المتعارف عليها بغية الوصول الى دقائق اسرارها الخالدة!.
التجديد السنوي في ذكرى ثورة الامام الحسين(ع) لا يوجد نظيرا له في العالم!...فأي ثورة شغلت الناس والتاريخ في حقبة معينة تمر كذكرى سريعة لا يمكن مقارنتها بالذكرى الخالدة للثورة الحسينية المباركة،والادهى من ذلك ان الدروس والعبر والمعاني المستنبطة بدقة في الاداء وروعة في الاسلوب بقيت مستمرة دون ان تتوقف عن العطاء بينما بقيت آثار الثورات الاخرى اقل توهجا وتأثيرا بالرغم من حفظها في نصوص تدوينية لغرض المحافظة عليها كتراث انساني جامع!.
مع الثورة الخالدة تتجدد سنويا كل معاني الفكر والادب والابداع والعمل في روحانية رفيعة تجذب العقول والقلوب،ومن نبعها المتدفق بحرارة العشق الحسيني يرتوي الاحرار العطاشى للحرية والخلود.