إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/11/24

المالتوسية الجديدة بين الواقعية والخيال -2


التخطيط السكاني والمستقبل:
لايمكن فصل النمو السكاني عن التخطيط فالترابط وثيق الصلة بدرجة عالية،وبالرغم من دعاوى وصخب المالتوسيين الجدد الا ان التقدم الاقتصادي وما صاحبه من تقدم متعدد الابعاد ادى في النهاية الى حصول تعقيدات مركبة في سبل الحياة المعاصرة كي تستمر الدورة الجهنمية المستهلكة لقدرات الانسان المتعددة وبخاصة تفرده ككائن فريد! مما ادى الى حصول تأخر واجب ينحصر غالبا خارج الارادة الذاتية في مسألة الاقتران والانجاب نظرا للرغبة الملحة في اشباع الحاجات المستحدثة من جهة والبذل في سبيل الحصول عليها وهما يحتاجان الى زمن اطول من السابق الذي كان يتميز بالبساطة والسهولة!... ومن هنا كان الانخفاض الكبير في نسبة النمو السكاني العالمي والذي ادى الى درجة نمو متدنية لا يمكن تصورها بالرغم من حالة الوفرة والرخاء والتقدم الصحي الكابح لارتفاع وفيات الاطفال وكبار السن بالاساس ونشوء ما يدعى بالاسرة النووية اي الصغيرة الحجم المرتكزة على الفردية بالقياس الى النوع الاخر المسمى بالممتد البسيط او المركب.
انخفاض نسبة النمو السكاني الطبيعية بدأت في اوروبا والتي كانت نسبة النمو السكاني فيها اعلى من غيرها خلال القرون الاخيرة،والسبب الرئيسي يعود الى ان العالم الثالث بالرغم من اتساع قوة النمو لديه الا انها بقيت نسبة متدنية بسبب ارتفاع حجم الوفيات الناشئة من الوضع المتخلف واضطراب الوضع وخضوعه للمستعمر بصورته العمومية بينما كان النمو العالي في الغرب يستمد قوته من ارتفاع المستوى الاقتصادي والصحي، ولكن الوضع تغير منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والتغيرات الكبيرة التي حصلت على المستوى الاجتماعي والذي ادى الى انخفاض النمو بدرجة مرعبة احيانا لان بعض الدول تجاوزت الخطوط الحمراء بسبب النمو السلبي اي ان عدد السكان بدأ ينخفض فعليا في بلاد مثل المانيا وروسيا او انخفض الى درجة الصفر تقريبا مثل اليابان وغيرها من الدول الغربية التي اخذت تستعين بالقوى العاملة الرخيصة من الدول النامية والتي اندمجت في مجتمعاتها والتي استمرت في نموها السكاني العالي مما سبب رعبا وقلقا لدى التيارات اليمينية المتطرفة التي اخذت تشجع على الكراهية وعداء الاجانب بطريقة مثيرة للاشمئزاز احيانا في محاولة لابقائهم تحت السيطرة وعدم افساح المجال لنمو آخر!.
اغلب الدول النامية انخفض فيها النمو السكاني ايضا منذ بداية الربع الاخير من القرن العشرين لاسباب مشابهة ولكن بقي مرتفعا عن دول العالم الصناعي ولو قارنا الاحصائيات الصادرة من الهيئات الدولية المتخصصة لعرفنا ان الانخفاض كان كبيرا ولو بقي النمو على مستوياته المتعارف عليها اي فوق 3% لوصل عدد السكان الى رقم اعلى بكثير من المعلن حاليا!.
الدول النامية التي استمر نموها السكاني المرتفع حتى فترة السبعينيات من القرن الماضي وجدت في التخطيط الصارم وسيلة لتحديد النمو الغير مرتبط بتخطيط عقلاني مما يؤدي الى حدوث مشاكل مستعصية على الحل،ومن هنا جاء التخطيط المركزي الصارم في فرض الالتزام الاجباري بعدد محدود من الاطفال وكانت الدولة الاشهر في هذا المجال هي الصين نظرا لكونها الدولة الاولى في العالم في عدد السكان بنسبة قاربت 32% ولكن المركز الاول كان لكوبا ومقداره 47% ولكن حجمها الصغير والغير مؤثر كان مغطيا على تصدرها ،وهما كانتا من اوائل الدول التي فرضت تحديد النسل قبل ان تتسع القائمة لدول جديدة اصبحت تنافسهما على الصدارة النسبية بالرغم من ظهور المشاكل الجديدة لذلك التخطيط الصارم!.
ومن الدول المثيرة للاهتمام في هذا المجال كانت ايران!...فقد كانت كبقية دول العالم الاسلامي تمتاز بأرتفاع حاد في النمو السكاني(اكثر من 3.5%) مما استرعى التحول الحاد الغير واقعي لتحديد النسل وفق منهاج الدولة المتشدد وبتشجيع من فئات اجتماعية عديدة في اواخر الثمانينات،وخلال فترة قصيرة نسبيا وصل النمو الى 1.6% عام 1994! ثم استمر بالهبوط وبطريقة اقرب للعشوائية الغير مدروسة بتمعن حتى وصل الى مستويات الدول الغربية المتدنية في محاولة لرفع المستوى الاقتصادي وتطوير البلاد بدلا من تشتيت القدرات على الاعداد المتزايدة!وهو تقليد لبلاد اخرى وقعت في مستنقع الفشل كما اثبت الواقع بعد ذلك،ولكن المخاطر المستقبلية اعاد التفكير في تلك السياسة الخاطئة،فالبلاد واسعة الارجاء ولديها من الامكانيات الاقتصادية القادرة على توفير الحياة الكريمة لاضعاف العدد الحالي ولكن تجاهل آثار الوضع السياسي المتغير المتسم بالعداء المستمر مع الغرب والذي يصل حد المقاطعة الاقتصادية الشاملة هو الذي ادى الى سلوك هذا المنهج المتطرف نسبيا وليس محدودية حجم الامكانيات الايرانية،وهذا ما جعل الحاجة تزداد بعد فترة تصل الى الجيل (20 عاما)الى اعداد اكبر من الفئات الشابة المتبقية لادارة الاقتصاد ورعاية الفئات الصغيرة والكبيرة السن وحماية البلاد مما ادى الى اعادة التفكير في التحرر من تلك السياسة السكانية المتشددة التي ثبت خطأها،وهو ما ينطبق على بلاد اخرى وان كانت اقل نسبية في الحجم والقدرات.
كانت الدول العربية تمتاز بنمو سكاني مرتفع حتى بدأ الحديث كرغبة في التركيز على النمو الاقتصادي،عن تحديد النسل وبالخصوص في مصر وتونس بالرغم من الحجم الجغرافي الكبير للبلدين قياسا بعدد السكان! وقد وصل النمو في تونس بصورة خاصة الى ما دون 1% ولكن هل حقق الاغراض المنشودة منه في توفير حياة حرة وكريمة؟!... الجواب بكل تأكيد كلا!.
فأنعدام الديمقراطية والحرية والشفافية وانتشار الفساد والجهل والتخلف وضعف التخطيط والتمويل وانعدام البحث العلمي وتطبيقاته المختلفة... الخ من الاسباب المؤدي الى نشوء نماذج الدول الفاشلة هي المسببة الرئيسية للتخلف عن ركب التقدم الحضاري وليس عامل ارتفاع حجم السكان كما يدعيه دعاة المالتوسية، فمثلا يتركز اغلب سكان مصر في مساحة صغيرة من الارض بينما تترك بقية البلاد بحجة التصحر والبيئة القاسية بينما كان الاولى توسيع الاراضي الزراعية واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في الانتاج الغذائي للتغطية على انخفاض نسبة العمالة الزراعية وصغر حجم الاراضي الصالحة للزراعة كما هو الحال في امريكا حيث يقدر عدد العاملين في الزراعة دون 4% من القوى العاملة وهم ينتجون غذاءا يفوق عدد السكان البالغ اكثر من 315 مليون بل ويصدرون كميات ضخمة الى خارج البلاد بينما بقيت مصر كبقية الدول العربية تتراجع في كافة المجالات وبخاصة في الانتاج الزراعي الذي سيطر عليه الاستخدام البدائي للعمالة والتكنولوجيا مما ادى الى توسع الاستيراد من الخارج لسد النقص والذي القي تبعاته على النمو السكاني المتوسط الارتفاع وليس العالي بالمقارنة مع الدول المجاورة،والحال قريب في تونس ايضا،فللمقارنة البسيطة هنالك دول صغيرة الحجم ولكنها استطاعت تطوير القطاع الزراعي ليسد اغلب الاحتياجات المحلية ولتقوم بتطوير القطاع الصناعي لغرض التصدير والتغطية على النقص الغذائي ان وجد من قبيل اليابان(127 مليون) وكوريا الجنوبية(50 مليون)وتايوان(25 مليون) ودول اوروبا الغربية الصغيرة الحجم وذات الكثافة السكانية العالية مثل هولندا والدانمارك وبلجيكا والمانيا وغيرها!...فتطوير الاقتصاد هو الاكثر اولوية ضمن سياق التخطيط المستقبلي وليس التخطيط العشوائي المتضمن تخفيض عدد السكان دون تطوير حياة البقية مما يستدعي الحاجة لسد النقص الناشيء من ذلك التوجه الغير مدروس بعناية!.

2011/11/14

المالتوسية الجديدة بين الواقعية والخيال

المالتوسية الجديدة بين الواقعية والخيال
مع وصول عدد سكان العالم الى حوالي 7 مليارات عام 2011...انتعش تيار المالتوسية من جديد وانبعثت افكار مالتوس(1766-1834) من خزائن الفكر وتراثه العتيد وبديع استنباطاته القيمة التي تثري الحضارة الانسانية وتحاول ايجاد الحلول الممكنة لحل كافة المشاكل والمعضلات بغية استقراء المستقبل المجهول بطريقة تتجنب الاخطاء والازمات بعد ان وضعت اليد على الاصول...ان هذا الانبعاث يعني العودة الى بعض الجذور لتتحكم في السياسات المعاصرة في عالم مازال حيزا كبيرا من تفكيره بالغ القدم وعديم الاثر، بالرغم من الثورات العلمية المتتالية!.
عندما اصدر مالتوس مؤلفه الشهير عام 1798 عن علم السكان ومشكلته الرئيسية المتمثلة بزيادته بطريقة المتوالية الهندسية(1,2,4,8,16,...) بينما كانت الزيادة في انتاج الغذاء وغيره هي حسب المتوالية الحسابية(1,2,3,4,...)،مما يعني زيادة لامتناهية في وجود متناهي!... كان بحثه في الاساس ناشيء من الظروف المعاصرة له والتي كانت مختلفة بالطبع عن عالمنا المعاصر ومشاكله المستحدثة والذي سوف يكون ايضا وبصورة ثابتة مختلفا عن المستقبل!وهو ايضا لم يكن الاول بين العلماء والمفكرين الذين بحثوا في تلك المشكلة وتداعياتها الخطيرة ولكنه كان الاكثر شهرة في هذا المجال بسبب طبيعة العرض والتخصص فيه وتقدم علم الاقتصاد في حينه والظروف الاستثنائية التي كانت قائمة من خلال الثورات والحروب الدموية الى التحول الكبير في طبيعة النظام الاقتصادي العالمي من الزراعة ونظامها الاقطاعي الى الصناعة ونظامها الرأسمالي المستحدث.
لقد كان تأثير مالتوس المتشائم كبيرا على علم الاقتصاد السياسي والباحثين فيه مما ادى الى شيوع النظرة التشاؤمية عنه والجفاف الذي تحضى به تحليلاته وفروعه! وبالرغم من ان الفترات الزمنية المتعاقبة كانت تعتبر بمثابة بالون اختبار لكافة الاراء التي طرحها مالتوس ومن سبقه او من سار على نهجه،الا ان القبول والاهمال لها كان مثيرا للانتباه بالمقارنة مع غيرها من الافكار القديمة في نشؤها والعميقة في تأثيرها!.
لقد كان القرن الثامن عشر مثاليا في ابتداع الافكار التشاؤمية في الزيادة السكانية نظرا للمآسي التي حصلت بسبب الحروب والاوبئة والمجاعات وتدهور العلاقات الاجتماعية والانسانية وانتشار الفقر والرذيلة والبطالة والاستغلال البشع الى غيرها من المشاكل التي تحث عادة على البحث والتفكير في اسباب انتشارها!...ونتيجة لما سبق كان الاعتقاد السائد هو ان كثرة عدد السكان تكون المسبب الرئيسي لتلك الامراض والمحن وعليه فأن الضرورة تقتضي تخفيض تلك الزيادة بطرق غير انسانية كالحروب والابادة او المجاعات والامراض والكوارث الطبيعية! ،ولم تكن هنالك نظرة اخرى لان الطرق الانسانية او الاكثر مقبولية لم تكن موجودة في حينها مثل استخدام الموانع الطبية بسبب تأخر الطب وبدائية اساليبه بالمقارنة مع الوضع المعاصر،الان الوضع مختلف بدرجة كبيرة ويستدعي البحث من جديد من خلال استحداث قواعد واساليب واسس منهجية علمية عقلانية ورصينة ولا تخالف الفطرة الانسانية لتطوير الحياة المعاصرة وتخليص العالم من المشاكل المستعصية التي يعانيها بدلا من تحميل الاجيال الناشئة المسؤولية الكاملة وكأن العالم كان خاليا من المشاكل والمحن منذ فجر التاريخ عندما كان عدد السكان يقدر ببضعة ملايين او اقل!.
نعم! ان ترك الزيادة السكانية بدون معالجة لتطوير الموارد والقدرات والانتاج سوف يؤدي لا محالة الى حصول مشاكل عديدة بعضها جديد وتتراكم فوق القديم كما نرى في حالة بعض البلدان النامية ولكن التركيز على تطوير المجتمعات وفق اسس منهجية سليمة خالية من الفساد والانفاق اللامسؤول على الدفاع والامن وتخصيص الموارد الكافية لتطوير التعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا وبخاصة تطبيقاتها في الزراعة والري،سوف يؤدي لا محالة الى تطوير البلاد وتقدمها ويبتلع اية زيادة سكانية معقولة موازية لذلك النمو الطبيعي الحاصل.
الزيادة السكانية هي لا محالة زيادة لا متناهية ولكن من الممكن تخفيضها الى النسبة الطبيعية المتعارف عليها وهي بين 1-2% والتي تعتبر معقولة وملائمة للتطور الاقتصادي المتوازن لان الواقع اثبت ان الارتفاع العشوائي او التخفيض المتعمد دون تلك النسبة سوف يخلق الفوضى الخلاقة التي تبشر بها المالتوسية الجديدة! وبينما تعتبر الزيادة الطفيفة كما هو الحال في اغلب دول الغرب او الانخفاض السكاني الناشيء من قلة المواليد الجدد وازدياد الوفيات بسبب عدم الرغبة في تكوين الاسرة وانجاب الاطفال كما هو واقع فعلا في حالة المانيا وروسيا واليابان وغيرها والتي اصبحت تواجه مشكلات كبيرة تتمثل في ارتفاع نسبة فئة كبار السن والتي تحتاج الى رعاية وعناية كما اصبحت الحاجة ماسة للايدي العاملة التي يتطلبها الاقتصاد الوطني والضرورات الامنية مما ادى الى ظهور حوافز تشجيعية لغرض الانجاب وتحويل سد الحاجة من الخارج الذي يوفره بصورة هجرة يد عاملة الى الداخل،وهذا يعني رفضا واسعا للنظرية المالتوسية وتبنيها للحالة التشاؤمية للمستقبل!.
لقد حدثت ثورات علمية كبرى ومتعددة منذ نشر مالتوس لأراءه وساعدت كثيرا ليس فقط في تحقيق الرخاء الاقتصادي الى عدد كبير من السكان بل وايضا في ازدياد انتاج الغذاء وتحقيق الفائض بسبب استخدام ارقى الوسائل التكنولوجية في الانتاج الغذائي المتعدد المصادر،وهذا ادى الى سد الاحتياجات الداخلية المتنامية بأقل الامكانيات والقدرات.
لقد كان هذا العامل المهم والمهمل في الدراسات المالتوسية سببا رئيسيا في حل اغلب المشاكل الناشئة من تضاعف عدد سكان العالم،اما بالنسبة للازمات العالمية المستمرة فهي نتيجة لسوء التوزيع واستمرار الصراعات السياسية والاجتماعية المستمرة بالاضافة ارتفاع عدد السكان في مناطق تتميز بقلة الموارد وصغر المساحة وانخفاضه في اخرى تتميز بوفرة الموارد والمساحة.

2011/11/06

مذكرات من بيت الاغتراب 11

مذكرات من بيت الاغتراب 11
ملكية ام جمهورية!
بعد زيارة الملكة اليزابيث الثانية الى استراليا اواخر تشرين الاول(اكتوبر)2011 لافتتاح قمة دول الكومنولث...تجدد الجدل القديم بين انصار بقاء استراليا ملكية دستورية وبين انصار التحول الجمهوري الذي ضعف كثيرا بعد الاستفتاء عام 1999 والذي صوت لصالح البقاء على النظام الملكي حوالي 54%،ولم تكن الجاليات العربية بعيدة عن هذا الجدال كما شاهدنا ذلك في وسائل الاعلام،ولكنها الاكثر استعارة للتاريخ العربي في اثبات الرأي الخاص الذي لا يستند على اسس علمية رصينة تستند الى التاريخ المعاصر وتستخدم البراهين المتاحة.
الضعف الجمهوري الحاصل له اسباب عديدة اهمها ان التوجه نحو اليمين المحافظ في الغرب ككل ازداد بعد عام 1980 والحكومات اليمينية عادة تحاول بشتى الطرق البقاء في السلطة ودعم النظام والمؤسسات التقليدية القائمة،كما ان نسبة السكان ذوي الاصول الانكلوسكسونية مازالت متفوقة وهي عادة تميل الى البلد الام للحفاظ على الزعامة والنفوذ والخوف من تقدم الجاليات الاخرى من جهة او الخطر المستقبلي المتوقع من بعض الدول الاسيوية والتي لا يردعها سوى البقاء على صيغة شكلية من الائتلاف مع البلد الام والتحالف مع بقية دول الغرب وبخاصة امريكا.
كانت نسبة المؤيدين للجمهورية في عقد السبعينات اكثر في عز ازدهار النفوذ اليساري المتعدد الاتجاهات وعندما ابلغ الحاكم العام للبلاد وهو بمثابة نائب الملكة رغبة السكان،لم تمانع بل اعلنت قبول الرغبة بكل رحابة صدر! لان منصبها شرفي وليس فيه صلاحيات وقد فوجئت بعدم وجود حتى تخصيصات مالية لها تناسب منصب الملك او الرئيس! ولكن التأخير المتعمد في اجراء الاستفتاء جعل الرغبة الاستقلالية تضعف وازداد معها الرغبة في بقاء الاستقرار ولو ملكي محافظ!.
ملكة لستة عشر بلدا!
تعتبر الملكة اليزابيث الثانية الممثل الان للتاج البريطاني الاكثر شهرة بين الملوك في العالم،وهي رأس الهرم السياسي لحوالي 16 بلدا تضم حوالي 140 مليون نسمة وان كانت بصورة اسمية اكثر منها فعلية!...ومن بين تلك الممالك هي المملكة المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلندا وكذلك دول صغيرة جدا بعضها جزر نائية تحتاج عادة للمعونة البريطانية لتسيير امورها!...وهنا ينبغي التنبه انه لولا الاستقلالية والحرية لما بقي من تلك الممالك تحت التاج البريطاني وهذه عبرة لكل الممالك والجمهوريات الشكلية التي تستخدم العصى والجزرة في الحكم ولا تعير للقيم الانسانية العالية اية قيمة واحترام!.
ولكن رغبة الحكومة العمالية الاسترالية الان هي انه في حالة وفاة الملكة فأنها سوف تدعم التوجه الجمهوري بنوعيه الرئاسي او البرلماني حسب نتائج الاستفتاء المنتظرة لتحديد الهوية السياسية للبلاد ولكن بدون استعجال كما يبتغي دعاة التغيير المستعجل الغير عائبين بالظروف!.
مناقشة عربية!
اذيع يوم 26/10/2011 ضمن فقرات البرنامج العربي لاذاعة اس بي اس المتعددة الثقافات،حلقة حوارية بين مؤيدي كل اتجاه وبطريقة حضارية يطرح كل فريق وجهة نظره وان كنت اراها غير كاملة الاسناد في متانة العرض والبرهان كما سمح المجال للجمهور في ابداء الرأي في مسألة هي محرمة تحريما قطعيا لدى النظم الملكية والجمهورية الحاضرة او البائدة في العالم العربي والتي تقع تحت اطار القاعدة الدموية: الملك عقيم وحصري!.
تنوعت بالتأكيد الاراء الا ان مصدر الخوف لدى انصار الملكية هو من انتهاء الاستقرار وكأن النظم الملكية خالية من الاضطراب المتعدد الابعاد او ان التحول سوف يكلف الدولة مئات الملايين وهما بالتأكيد رأيان خاطئان لا يمكن قبولهما في ظل الاستقرار الحاصل من تجذر ثقافة الديمقراطية الليبرالية!.
والاراء المتنوعة انقسمت بين الجدية والهزل ولم تخلو من طرائف مميزة كالشعر او التي وصلت الى تأييد الاستقرار لان الانكليز حسب رأي المتصل السوداني كانوا مسيطرين على العالم العربي وكان الاستقرار صفة شائعة لذلك ربما بسبب الخبرة،ولكن بعد خروجهم فأن الفتن والقلاقل انتشرت وكان مصدرها الاساس الانكليز انفسهم لانهم مشهورين بالخبث والمكر وعليه ارادوا الانتقام من خروجهم المذل،ومن هنا فأن بقائهم افضلا كي لا يهيئوا المشاكل والفتن للبلاد اذا ما ارغموا على انهاء التبعية!...رأي جميل حقا!.
يبقى اثر الحالة في العالم العربي وتقاليدها المتوارثة مصدر معرفي كبير داعمة ومؤثرة في الرأي السياسي والاجتماعي السائد،ومن هنا فأنه من الخطأ الفادح القياس على حالة عدم الاستقرار والفوضى والاضطراب في العالم العربي وبخاصة بعد التحول للنظام الشكلي الجمهوري،لانه توجد ممالك مختلفة خاضعة لنفس الصفات ومن هنا فأن القول الصائب هو غياب العدالة والمساواة والديمقراطية الليبرالية هو الذي ادى الى تلك الحالة السيئة لان التمرد سوف يكون نهاية الكبت والانفجار التالي له مهما كان نوع الحكم!.
هنالك جمهوريات مستقرة ومزدهرة منذ فترة طويلة والعكس صحيح هناك انظمة ملكية غير مستقرة وتسودها الفساد والمحسوبية والفقر والتفاوت الكبير في مستويات الدخول الخ من المشاكل المتعارف عليها!.
النهاية الطبيعية هي بالتأكيد للنظام الجمهوري لان الاختيار الشعبي هو الذي يحدد نوعية النظام وبالتالي فأن الملكية الدستورية سوف تبقى ولكن لاجل طويل الامد وتبقى خاضعة لمختلف التوجهات السياسية المتعارضة بقوة مع الوضع القائم احيانا،اما النوعية الاخرى المتمثلة بصور الاستبداد فهي تجتمع في النوعين معا وتمثل آفة كل حكم او بالاحرى منفصلة عنهما! وعموما فأن نظام الملكية هو نظام بدائي للحكم حتى وان كانت صورته المحسنة الدستورية هي تبهر الاخرين بالاستقرار لان وضع الملوك الان لا يسمح بالعودة للحكم المطلق مهما كانت المبررات والبقاء في هذه الخانة كمن يقف ضد التيار!.
مسألة الاستقرار هي مسألة معروفة لنوعية النظام الديمقراطي وبالتالي فأن النظم الاوروبية المختلفة هي مستقرة بغض النظر عن نوعية الرأس القائم وهذا يدل على ان كلا النوعين من الممكن استغلاله والاستفادة منه في اغراض متعددة اذا خضعا الى نفس الشروط الواجب اقامتها لتطوير البلاد وجعلها في مصاف الدول المتحضرة.
بالفعل فأن صور الحياة المتعددة هو ثراء ثقافي متعدد الابعاد ينبغي الاستفادة منه!.