إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/07/28

المعارضة بين الواقعية والمثالية


المعارضة بين الواقعية والمثالية:
منذ بداية نشوء انظمة الحكم المختلفة والمتعارف عليها...نشأت في مقابلها المعارضة والتي يمكن تعريفها بأنها:الجهة الاخرى التي تملك تصورا مخالفا للحكم من مختلف التوجهات وهي ساعية لتطبيقه في الحكم في حالة وصولها اليه ولكنها لا تملك اليد المبسوطة للتطبيق!...مما يعني ان مجرد المعارضة للحكم هو بمثابة رفض نظري وعملي للافكار والمبادئ التي يجري العمل بها! وهنا نقع تحت رحمة الحكم اذا كان يقبل بذلك ام يرفضه جملة وتفصيلا! كما ان نشوء المعارضة بمختلف توجهاتها يعود الى اختلاف البشر في مكوناتهم الدينية او الفكرية او الوراثية وعدم اتفاقهم بصورة مطلقة حتى يمكن تجنب المعارضة مما يعني ان مقولة عدم وجود معارضة ما هي الا خرافة لا يمكن تصديقها بأي حال من الاحوال وتحت اي ظرف كان!...
هذا بالاضافة الى ان المعارضة ليست دائمية لفرد او مجموعة بحد ذاتها، لانه قد تتحول للطرف الاخر اذا تغير الحكم للطرف الاخر ،مما يعني ان افراد الحكم السابقين قد يتحولون الى معارضين جدد في حالة فقدانهم للحكم كما نلاحظه في الدول الديمقراطية التي تخضع لنظام برلماني حر.
المعارضة الكلية والجزئية:
لا شك في ان درجات المعارضة مختلفة وليست في مستوى واحد او نسق عام او خاص مشترك،وبذلك نكون قد وضعنا مقياسا جديدا لتعامل الحكم مع المعارضة بحسب اختلاف درجة الرفض الشمولي الى الجزئي!...هذا يعني ان المعارضة قد تكون مشتركة مع الحكم بدرجة معينة من النسبية النظرية او العملية،او مختلفة الى درجة مطلقة بحيث لا يمكن حصول تنازل من الطرفين في حل وسطي يجنب مآسي النزاعات ودمويتها!...
المعارضة بمختلف درجاتها تنشأ غالبا اذا صدرت افكار واعمال من الحكم المعاصر وتخالف بنسبة ما مجموعة بشرية تحكمها،وكلما كانت تلك الافكار والاعمال متطرفة او مخالفة للمشاع كلما كانت درجة المعارضة اكثر تطرفا في التصدي لها والعكس ايضا صحيح مما يعني ان التطرف دائما يولد المعارضة المتطرفة ويكون الوضع اكثر قسوة اذا كان العنف مصاحبا للحالتين مما يعني ان حدوث تقارب بين الطرفين يكون صعبا للغاية،وهذا يعني ان الخضوع للنهج العقلاني هو بمثابة تجنب حدوث الكوارث المستقبلية وصيانة الامم من الانزلاق اليها مما يؤدي الى خسارة جسيمة في الارواح وما تملكه من مادة اضافة الى الزمن الضائع الذي لا يقدر بثمن ابدا والذي يتم تجاهله بغرابة شديدة من الطرفين احيانا!.
المعارضة الجزئية هي التي تشترك مع الحكم بدرجة ما في النظرية او التطبيق ولكن الاختلاف يكون في التفاصيل التي يجري السير عليها،وغالبا ما يكون الخلاف حول مستويات وتفاصيل التطبيق اكثر منه في الجانب النظري الذي يتم التساهل معه اكثر احيانا...وبالطبع يكون هذا النوع من المعارضة اقل قبولا للغالبية الراغبة بالتغيير او حتى خضوعه للمبادئ الاخلاقية العامة الداعية الى احترام ارادة الاغلبية لانه سوف يسير على نفس المنهج ولكن بأسلوب جزئي مختلف!...وهذا النوع من المعارضة يكون اقل استعدادا لتقديم التضحيات في سبيل تطبيق المثل العليا ويكون اسهل في تداوله في سوق العرض والطلب! بأعتبار ان المعارضة تتكون من نسيج غير متناسق لا يتفق بدرجة مطلقة ولكنه يتفق بدرجة نسبية قد تكون خاضعة للمساومة من قبل بعض الاطراف !...
المعارضة الجزئية تكون اقل عمرا من المعارضة الكلية المطلقة لانها متربطة بدرجة معينة من المشتركات مع الحكم وبالتالي فأنه في حالة زوال الحكم فأنها سوف تختفي او تضعف كثيرا حتى تصبح من مخلفات الماضي الموضوعة في متحف التاريخ الذي يضم كل رخيص ونفيس!...كما ان المعارضة الكلية تكون اكثر قوة وشعبية من المعارضة الجزئية لكونها حاملة لمشروع ادارة جديدة او تغيير جذري ممكن ان يحسن الاوضاع القائمة مما يجعل التطلع اليها هو بمثابة الرغبة في الخلاص من سلبيات الحكم التي تكون هي المغطاة على ايجابياته! لان البشر غالبا ما يتذكرون الاساءات او الاخطاء ولا يتذكرون المحاسن او الايجابيات التي قد يعتبرونها واجبة لا تستحق الشكر والتقدير!.
الامثلة كثيرة على هذا النوع من المعارضة وعلى مدار التاريخ رأينا صورا مختلفة له،فالانظمة الشيوعية السابقة في اوروبا الشرقية كانت تحمل في داخلها درجة معينة من المعارضة سواء في داخل الطبقات الحاكمة او خارجها! لان المعارضة قد تكون احيانا موجودة في الحكم نفسه!كما في حالة الائتلافات السياسية لتشكيل حكومات الشراكة الوطنية التي تكون غالبا هشه وغير واقعية للادارة كونها تنزلق الى مستنقع المساومات والمحاصصة المذمومة التي توصل غالبا غير الاكفاء الى مناصب لا يستحقونها! ولكن السبب في نشوئها يعود الى تعمق درجة الاختلاف بين الاطراف في عامل معين غير جامع!...وللخلاص من هذه السلبيات يكون من خلال عدم اخضاع القاعدة وبخاصة افراد الاجهزة التنفيذية الى تقسيمات الرأس الحاكم المتغيرة...
وللعودة للمثال السابق فأنه بعد سقوط الانظمة الشيوعية عام 1989 رأينا كيف اختفت المعارضة الجزئية او ضعفت الى درجة اصبحت تمثل فئات صغيرة جدا لا اهمية لها في الميزان الشعبي العام،ويمكن لنا تذكر النهاية المأساوية لاصدقاء لينين الذين اختلفوا معه بدرجة نسبية حول النظرية الماركسية والتطبيق البلشفي لها بحيث لم يبقى من افكارهم سوى ما موجود في كتب التاريخ والسياسة! بل حتى ان التروتسكية التي خالفت النهج الستاليني المرعب لم يبقى منها سوى مجموعات صغيرة تحمل رايتها لان تروتسكي نفسه كان عنيفا وان كان بدرجة اقل من همجية ستالين عندما كان جزءا من السلطة ولكن عنفه لم يستمر كونه طرد ونفي ثم اغتيل بعيدا عن بلاده! ولكن استمرارية فكره لحقبة طويلة يعود الى انه كان اقوى في درجة الثقافة والتنظير من ستالين ومن تحالف معه وبالتالي كان اقوى في الحجة والمنطق ثم حصول التعاطف معه بعد الطريقة البشعة في تنفيذ عملية الاغتيال!.
المعارضة الجزئية كانت ايضا في داخل الصين الشيوعية سواء اثناء حكم ماو تسي تونغ اوخلفائه والتي لم تستمر كثيرا ولذلك رأينا انهيار المعارضين الشيوعيين في محاولة انقلاب عام 1971 او محاولتهم تخفيف حدة الاحتجاجات في ثورة الطلاب عام 1989...

2010/07/22

السجال العقيم حول زواج القاصرات


السجال العقيم حول زواج القاصرات:
يشتد السجال بين الحين والاخر بين دعاة العلمانية وبين الاسلاميين حول زواج القاصرات القسري في العالم الاسلامي كلما كشف النقاب عن حادثة مؤسفة حول هذا النوع من الزواج الذي يفتقر للكثير من العقلانية والاهتمام بحقوق الطفل بالاضافة الى الاستغلال الهمجي للضحايا بطريقة اقرب للاجرام منها للابوة او الامومة الصادقة!...
يلقي غالبية العلمانيين اللوم على الاسلاميين سواء اكانوا فقهاءا ام اتباع ملتزمين! وفي المقابل يدافع الجانب الاخر ولكن ليس في حالة الحوادث المؤسفة التي يتم الكشف عليها من خلال وسائل الاعلام،بل يتم الدفاع غالبا عن السن المقررة وهي تسع سنين او عن الزواج المبكر دون تحديد البداية التي تكون سلاحا بين فاعلي هذا النوع من الزواج من خلال الارتكاس على الاجتهادات الفردية الغريبة في الغالب كونها ترتكز على العرف اكثر منها على الدين او العقل او الاخلاق!...
غالبية القوانين الصادرة في دول العالم الاسلامي هي قوانين علمانية ونظمها ايضا علمانية لا تقر واقعيا بحاكمية الشريعة الاسلامية وان كان اللسان ينطق بغير ذلك!ولذلك فأن المسؤولية الثانية بعد الاسرة تقع على الدولة وقوانينها مما يعني ان العلمانيين يتحملون جزءا كبيرا من المشكلة التي يلقون اللوم فيها على عاتق الاسلاميين لكون الدولة لهم!...فالتطبيق الكامل والتام للقوانين الصادرة لا يتم في هذه الحالات والا لما رأينا اتساع هذه الظاهرة منذ قرون عديدة،بينما يتم التطبيق القسري لكل القوانين المتعلقة بالحكم والامن!...اذا لو كانت هنالك عقوبات رادعة وشديدة القسوة على كل من له صلة بذلك الاستغلال الفاضح للطفولة البريئة تحت ادعاء الزواج المبكر لما وجدنا ذلك الانتشار الواسع السري والعلني له! وكلنا يعلم ماهي نتيجة من يتحدى النظام ولو في ابسط حالات طرح الرأي،بينما يتم تحدي قوانين النظام الاجتماعية وخاصة في تلك الحالات المثيرة للشفقة دون خوف من عقوبة رادعة!.
ان ادعاء مؤيدي ذلك النوع من الزواج بأن الاسلام قد اقر ذلك لكون الرسول(ص) قد تزوج من السيدة عائشة وعمرها بين 6-9 سنوات وعمل ذلك شريعة مقدسة لهم! هو خطأ كبير لا يمكن غفرانه ابدا!!...فالحوادث التاريخية لشعوب بأكملها التي هي اكبر واعم من الحوادث الفردية في عصرنا الحالي يتم تزويرها او تحريفها بصورة علنية وبوقاحة لاحدود لها بالرغم من انتشار الصورة والصوت وبأعلى درجات الوضوح وبالرغم من عدم وجود فترة زمنية على وقوعها!...فكيف الحالة في عصور قديمة سابقة لا وجود لذلك التطور التكنولوجي الذي يساعد على حفظ التاريخ والذاكرة الجمعية للشعوب والافراد؟!...هذا مع العلم ان عملية التزوير والتحريف وعدم الدقة في نقل المعلومات عن الحقب الزمنية السابقة يكون اكبر واعظم كلما ذهبنا بأتجاه القدم!مما يعني ان الكذب والتحريف وعدم الدقة في النقل والتدوين هي صفة ازلية للانسان لم ولن تتغير مهما طال الزمن او قصر،وهي ناتجة بالاساس من الطبائع البشرية المتناقضة بين اقصى درجات السمو والرفعة الى احط درجات القذارة والاجرام!.
تدوين السيرة النبوية الشريفة والاحاديث والوقائع لم يتم الا بعد مرور قرن تقريبا مع شيوع حالات التحريف والتلفيق والكذب لدوافع عديدة اهمها سياسية بالطبع! مما يعني ان الواجب علينا ان نقف طويلا امام كل ما ذكر من وقائع واحاديث ووضعها في ميزان صارم يكون الكيل به عن خاضع لمنهج تطبيقي لقوانين واسس صارمة للبحث عن الحقائق القليلة المؤكدة ضائعة في كومة هائلة من الاكاذيب والتحريفات والدسائس والمؤامرات!... ومن بين اهم تلك القوانين هي ما يلائم العقل والمنطق حتى اشيع مرارا احاديث مروية ومدونة تدعو الى رفض كل ما منسوب للرسول(ص) واهل بيته(ع) واصحابه البررة اذا كان ذلك يخالف العقل والمنطق وبخاصة من سيرتهم او احاديثهم!...وفي المقابل نرى ان التمسك بعكس ذلك وبصورة غريبة سوف تدعو الى اثارة كل الحاقدين على الدين الاسلامي او الاديان الاخرى بل وعلى كل المبادئ والقيم الدينية والاخلاقية وتجعل في ايديهم اسلحة فكرية للجدل العقيم دون ان تكون هنالك مراجعة لواقع الاحاديث التي تبنى عليها قوانين بعيدة كل البعد عن العقل والمنطق ويشاع عنها انها صادرة من قلب الشريعة السمحاء!...
التاريخ المدون مليئ بالتناقضات المعاصرة بين المؤيدين لحوادث واقعة او لاشخاص معينين وبين معارضيهم ومن خلال تلك المعارك التي لا تنتهي تضخم الوقائع او يتم التقليل من شأنها وكذلك بالنسبة للاشخاص فالتضخيم يصل الى درجة التقديس وعبادة الفرد ووضعه في خانة المعصومين في هذا العصر المسمى بعصر العلم والتنوير وفي المقابل يتم الحط من المعارضين الى درجة وضعه في خانة البهائم فكيف بالعصور السابقة؟!...اذا في هذه الحالة هل يكون علينا واجب الاخذ بكافة المدونات التاريخية التي ليس فقط مخالفة للعقل والمنطق بل وايضا تتناقض مع روايات ووقائع تاريخية اخرى قد تكون اكثر دقة يتم من خلالها المقارنة والتمحيص للوصول الى الحقائق الاكثر نقاوة اذا لم تكن مطلقة!..
في الحقيقة توجد بحوث تاريخية تؤكد ان عمر عائشة كان بين 16-19 او اكثر وليس ذلك عيبا حتى يمكن رفضه ولكن الرفض يكون اذا ما قيل انه 9او اقل ثم تبنى على ذلك الكثير من القوانين العرفية الوضعية المخالفة لروح الشريعة الاسلامية السمحاء،هذا مع ملاحظة اختلاف ظرف المكان والزمان والاسباب الموجبة...
ان رفض زواج القاصرات يجب ان يكون اولا من جانب المتصدين للتفقه بالدين بدلا من ان يكون من جانب بعض العلمانيين الذين يقولون مالا يفعلون!...والواجب هو ان يتم الاعلان بصراحة برفض كل زواج للقاصرات مهما كانت الاسباب المعلنة او المخفية! ففي ذلك مصلحة دينية واجتماعية ظاهرة كما هو حفظ لحقوق الطفل من الاستغلال من فئات غير انسانية لا تخاف الله سبحانه بدعوى طاعته! وبالتالي يتم اغلاق السجال في هذا الموضوع وتركه تحت خانة الجرائم الجنائية... فكم من الجرائم والاعمال المنكرة والفاحشة ترتكب بأسم الدين او الحرية!...
  

2010/07/19

ثروة الارض -الحلقة السادسة

ثروة الارض-الحلقة السادسة
ثروة الارض-الحلقة السادسة
الجدوى الاقتصادية للثروة الطبيعية:
لا شك في ان الهدف الاقتصادي الاول هو الربح من انتاج الثروات الطبيعية ولولا وجود هذا الهدف الذي هو دافع رئيسي للانسان على البحث والانتاج فلا معنى ابدا لانتاجه موارد طبيعية تكلفه كثيرا ولا يستفيد منها...
والفائدة المرجوة من انتاجه للثروات الطبيعية حتى ولو كان الربح قليلا او وجود حالة من التساوي بين التكاليف والعوائد فهو ايضا محفزا له على البذل والعطاء،لان الحضارة البشرية تحتاج لبنائها المادي الى انتاج الثروة الطبيعية بغض النظر عن مدى وجود عامل الربح الاقتصادي الذي يخضع غالبا الى عامل العرض والطلب،وقد يكون عامل الاستفادة ظاهرا من خلال الانتفاع بنوعية المواد المنتجة من قبيل انتاج الذهب دون بيعه بل لاستخدامه الشخصي المحظ مما يعني ضعف العائد المادي الا في حالة البيع مستقبلا...
كلما كان هامش الربح واسعا كلما كانت الرغبة في انتاج الموارد الطبيعية موجودا بل محفزا للاخرين للاستحواذ عليه اذا كانوا لا يملكونه! والعكس صحيح ايضا في ان الرغبة تقل او يتم تأجيل البحث فيها للمستقبل في انتظار استنفاذ الموارد ذات الربح العالي وايضا انتظار تطور التكنولوجيا المستخدمة في البحث والانتاج والتصنيع.
ولهذا السبب ولاسباب اخرى يكمن وجود عامل الصراع الدموي بين المجموعات البشرية والتي هي غالبا مجموعات تتحكم في شعوبها على الموارد المتاحة المتيسر الوصول اليها والمعلنة فقط في الكرة الارضية!.وفي الحقيقة ان ذلك الصراع الذي يمثل اعلى درجات الهمجية في التاريخ الانساني والذي تسبب في سقوط مئات الملايين من الضحايا على مدار التاريخ كان من الممكن الاستفادة من الارواح والاموال المبذولة بالاضافة الى الزمن الضائع في ذلك الصراع في تطوير القدرات الانسانية من خلال العمل على تصنيع الموارد المنتجة من الاخرين وتصديرها اليهم على شكل سلع وخدمات مختلفة او حتى العمل على تطوير القدرات الذاتية لكل شعب والعمل من خلال منظومة انسانية عادلة تكفل للجميع الحق في العيش الكريم والاحترام المتبادل،ويمكن لنا تصور حالة شعوب الارض لو كان ذلك خيارها النهائي منذ البداية...فأكيد ان مستوى التطور الحالي هو قد حدث منذ مئات السنين وان الزمن الحالي هو محتمل ما سوف يكون عليه بعد عدة قرون!...الا ان كارثة الكوارث الانسانية يأتي من خلال تواجد وأنتشار المجموعات البشرية بواسطة الحرب والتسلط والنفوذ على الاراضي التي يعيشون عليها حاليا او في الماضي، بمعنى اخر انه لا يوجد شعب تقلصت رقعة ارضه او توسعت او حتى بداية الاستيطان عليها الا من خلال استخدام طرق الصراع مع الاخرين سواء المجاورين او السكان الاصليين وفق قاعدة التزاحم على الموارد المتاحة،ولذلك فأن التاريخ الحالي بصورته البشعة هو معناه بقاء لاوجه الكره والعداء والانتقام المتبادل لان الرغبات المكبوتة تبقى في الذاكرة الجمعية في العمل المتواصل على الاستحواذ على اكبر نصيب من الارض بغض النظر عن بعدها او قربها لمركز التواجد او حتى الرغبة في استرجاع ما يعتبر حقا قديما!.
ان البلاد التي فرض عليها السلم والتي ابتعدت عن مسار الاستحواذ القسري مثل اليابان والمانيا كان تطورهما الحضاري كافيا لاقناع الاخرين بسلوك المنهج ذاته ولو اختياريا لان طريق السلم يؤدي الى النجاح بشرط الاخلاص في العمل وعدم وجود معوقات التقدم والتي من اهمها الفساد، عموما يبقى التذكير بأن النتائج المأساوية كانت كافية لتأخير المجتمعات البشرية عن التأخر.
دائما تكون البداية الانتاجية للموارد الطبيعية هو في استغلال المصادر الاكثر قربا للمتيسر من القدرة التكنولوجية والمادية،ولذلك نرى ان بداية انتاج المعادن مثل الذهب والفضة والحديد والنحاس الخ كان في مناطق سهلة الانتاج وبسهولة ويسر وبأستخدام طرق انتاجية بدائية ليست كافية بالطبع اذا ما جربت في مناطق بعيدة يصعب على الانسان الوصول اليها مثل المحيطات والبحار والمناطق القطبية المنجمدة والصحارى الشاسعة الخ...وهذه المناطق التي بدأ الانتاج فيها والتي هي منتشرة في كافة قارات  الارض، سوف لن يتركها الانسان حتى يتم استغلال كافة مكامنها المخزونة، وعندها يتحول مجبرا الى المناطق الاكثر صعوبة والتي تحتاج الى قدرات هائلة للبدء في انتاجها وفق الاسعار المعلنة،هذا يعني ان تلك المناطق المجهولة للانسان والتي تمتاز بثرائها الطبيعي هي مثل مناجم احتياطية تنتظر نفاذ محتوى المناجم السهلة وايضا تنتظر التكنولوجيا القادرة على انتاجها بيسر خاصة وان الزمن يؤدي عادة الى انخفاض الكلفة الانتاجية لكل سلعة سواء طبيعية او صناعية،والتطور العلمي المذهل خلال القرنين السابقين اديا الى ترشيد استخدام الايدي العاملة واستخدام التقنية بدلا عنها للتعويض،مما يؤدي الى التوجه نحو الصناعات الاكثر كثافة في استخدام الايدي العاملة او التوجه نحو فروع انتاجية من المؤمل ان تتوسع كثيرا لتلبية الحاجات البشرية والتي من بينها صناعة الموارد الطبيعية التي هي اضخم صناعة على الاطلاق والتي تبدأ من عملية البحث والتنقيب الى المراحل النهائية للتصنيع،ولذلك فأن المناطق المجهولة التي هي تنتظر قدوم يد الانسان لاستغلالها هي بمثابة كنوز مخزونة في الكرة الارضية والكميات المتوفرة فيها يعجز الانسان ليس فقط عن تقديرها بل ايضا عن استغلالها بكميات كبيرة هي قادرة على سد الاحتياجات ولكنها في نفس الوقت تشكل نسبة ضئيلة جدا من احتياطياتها!...اذا علام وجود حالة الصراع الابدي بين المجموعات البشرية على موارد طبيعية هي كافية لاغراق العالم بفائض رهيب وتلبية كافة احتياجاته لحقب زمنية اطول من التي مضت؟!!...اليس هذا غباءا بشريا متواصلا؟!...هذا الفحم والذي هو احد موارد الطاقة منذ قرون،يوجد في الدول المنتجة له الان وحسب الاماكن المكتشفة والتي تم تقدير احتياطياتها والتي تمثل بالطبع جزءا صغيرا من مساحتها الجغرافية،كميات هائلة قادرة على سد احتياجات العالم لقرون قادمة ووفق معدلات متسارعة لا يمكن التنبوء بما قد تكون عليه في المستقبل البعيد! ولا ننسى الطرق الجديدة في تحويل الفحم الحجري الى مواد اكثر يسرا في الاستخدام واقل تلوثا للبيئة من الطرق القديمة في الانتاج،بل ان الطرق الجديدة سوف توفر لكمية الفحم الحجري المحددة قدرة اكبر من الطاقة مقاسا بالبرميل مما يعني ان الموارد المستقبلية سواء المتضمنة للاحتياطيات الحالية او المتوقعة بحالتيها المحتملة او غير المحتملة هي موارد اكبر بكثير من القياسات الحالية لحجم الطاقة المتاحة،واكيد في نفس الوقت في المستقبل سوف يتم انتاج وتطوير معدات وسلع تقتصد كثيرا في استهلاكها مما يعني ان الخوف البشري من نفاذ الفحم الحجري لا مبرر له اطلاقا في ظل التوقعات الحالية التي تبشر بخير كثير!...
وهذا القول لا ينطبق على الفحم الحجري بل ايضا على كافة المعادن الاخرى وبخاصة موارد الطاقة الطبيعية،فالنفط على سبيل المثال كان يتم انتاجه من مناطق سهلة جدا منذ فجر التاريخ ولا تحتاج الى امكانيات تكنولوجية عالية لاستخراجه،وعندما توسع الاستهلاك في القرن العشرين نتيجة لابتداع مواد استهلاكية جديدة مع تطور وسائل المواصلات الحديثة والتي تحتاج على الدوام الى كميات ضخمة من الطاقة والتي من بينها النفط، فقد تطورت صناعة النفط وما يتعلق بها من صناعات بتروكيماوية بشكل كبير،وبما ان المواقع الجغرافية المعروفة والتي اكتشفت بواسطة الوسائل البسيطة والقادرة على تزويد الانسان المتزايدة قد اصبحت غير قادرة على سد حاجاته المتزايدة،ظهرت الحاجة الى تطوير القدرات التكنولوجية لاستخلاص اكبر كمية ممكنة من المكامن الارضية،ففي البداية كانت غالبية الكميات تترك بسبب بدائية القدرات التقنية للانتاج،فعلى سبيل المثال كانت التقديرات للاحتياطيات النفطية تبنى على نسبة استخراج بحوالي20-25% بعد الحرب العالمية الثانية بينما كان الباقي يترك اما للمستقبل للاستفادة منه او يهمل لعدم وجود التقنية الاقصادية القابلة لاستخراجه!ولكن مع مرور الزمن تطورت الوسائل القادرة على استخلاص كميات اكبر من المكامن النفطية مما ادى الى رفع ارقام الاحتياطيات المعلنة سابقا،وكانت النسب قد بدأت في التطور بعد ازمة النفط عام 1973 وارتفعت النسبة بالتدريج لتصل في الوقت الحالي(2010) الى مايزيد عن 65-70% مما يعني ان الحقول المقدرة بحوالي 2.5 مليار برميل قد ارتفع حجم احتياطياتها الثابتة الى 6.5-7 مليار برميل ومن يدري فقد ترتفع النسبة الى اعلى من ذلك!...وقد استفادت الكثير من الدول وخاصة العربية التي لا تعطي عادة احصائيات دقيقة عن حجم مواردها المكتشفة لاسباب عديدة خاصة التي يقال انها تتعلق بالامن القومي!في رفع حجم الاحتياطيات دون ان تقوم بالبحث عن النفط والغاز او ان تبدأ بأستغلال حقول جديدة مكتشفة! وللمقارنة توجد دول عديدة في العالم هي اقل حجما وقدرات دفاعية من الدول العربية  تعلن بصراحة حجم مواردها الطبيعية دون ان تذكر وجود مانع امني يجعل الاحتياط امرا واجبا!... والطريف في الامر ان هنالك حكومات تدعي بوجود اخبار سارة حول ارتفاع احتياطياتها نتيجة لجهودها الاستكشافية بينما في الحقيقة انها استخدمت تكنولوجيا اكثر حداثة في الانتاج مما يعني رفع حجم الاحتياطي القابل للانتاج وفق المعايير الاقتصادية التي تهمل عادة الكثير من الابار والحقول الصغيرة بالرغم من ان مجموعها هو مؤثر ومهم في سد نسبة عالية من الاستهلاك ولكن للاهمال تبريرات مقنعة اقتصاديا فقط وفق المعايير الحالية!.
هنالك الكثير من الدول التي تقدر حجم الاحتياطي المتاح لديها وفق النسبة المتدنية القديمة مما يعني انها لو اتيح لها ان تستخدم نفس الامكانيات التكنولوجية المتوفرة لدى الدول الاكثر تقدما على صعيد انتاج الثروات الطبيعية،فأن حجم الاحتياطي القابل للانتاج سوف يرتفع كثيرا مما يعني تعديل ترتيب الدول في حجم الاحتياطي النفطي والغازي،ومن ابرز تلك الدول التي طرحت ارقام قديمة وفق النسب المتدنية هي العراق وايران وليبيا وسوريا وبعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق،بينما توجد دول تدرج حجم احتياطياتها المعلنة وفق القدرة العالية على استخلاصها من الحقول النفطية مثل امريكا والدول الاوروبية.

2010/07/17

موسيقى عالمية:2

موسيقى عالمية
موسيقى عالمية:2
  مارك انتوني هو موسيقار فرنسي شهير،  MARK ANTONE
ولد عام 1963 في باريس وعندما بلغ الحادية عشر من عمره اهدى له والديه اول غيتار بعد ان لاحظوا ميله لموسيقى الغيتار والجاز اللتان تمتازان بالعذوبة والجمال والهدوء وقد نما موهبته حتى اشتهر بها في عدة بلدان اوروبية...وموسيقاه اقرب للجاز اللاتيني التي تشتهر في اسبانيا وامريكا الجنوبية،وهو يعيش الان في مدريد...والمعلومات المتوفرة عنه باللغة العربية نادرة جدا كما هو معروف!...وله موقع على الانترنت http://marcantoine.com  العنوان التالي
 له 9 البومات بين عامي 1994- 2009 وتوجد اغلبية المقاطع الصوتية بالصيغ المعروفة وخاصة ام بي ثري في الموقع الشهير:
وكذلك في موقع يوتوب لملفات الفيديو عند كتابة اسمه...من اجمل المقطوعات هي:
 في الرابط التالي:Urban Gypsy من البوم Latin Quarter
وله ايضا المقطوعات التالية تظهر بالضغط على الروابط التالية:





2010/07/15

الجفاف الفكري


الجفاف الفكري:
تمر احيانا على الانسان فترات يحس بأنه قد اصيب بجفاف فكري من خلال قلة او ندرة ما يفكر به او ما ينتجه من ابداعات ذاته المضطربة غالبا لكونها تعيش في زمن غير ثابت المعايير! وتلك بالطبع من سنن الحياة والتاريخ وليست حالة غريبة او نادرة الوقوع!...
الاضطراب في الحياة هو في الحقيقة مولدا مثاليا للافكار والاراء وبالرغم من كون بعضها متأثرا بالحالة الذاتية التي قد تبتعد عن الوسطية وتجنح للتطرف الذي يكون وليد الحالة الراهنة وهذا يبعدها احيانا عن الواقعية والدقة في المعاطاة مع الاحداث،الا انه في نفس الوقت ينتج طاقة جبارة تستطيع ان تسير الانسان نحو الافضل في تكيفه مع الحياة وما يحيط بها...الا ان تلك الطاقة هي مواد خام تحتاج الى تنقية وتكرير لكي تنتهي في النهاية الى منتجات نقية صالحة للاستخدام على اوسع نطاق لانه لا يمكن العمل بمحرك يستخدم مادة خام مليئة بالملوثات او مخلوطة بمواد اخرى قد تعيق العملية الانتاجية!...
الجفاف الفكري قد يصادف الكثيرون في فترة زمنية محددة وقد يقل تواجده في فترات اخرى!...وقد يكون فصل الصيف هو اكثر الفصول قلة للبعض بسبب ميل النفس الى عملية الترفيه الموسمية عن الذات مما يؤدي الى شيوع الكسل في ان يستمر في نفس قوة طرائق التفكير المعتادة او المستحدثة والتي تأتي عادة ايام فترة العمل والاحتكاك مع الاخرين،ولذلك فأن اول الاسباب الدالة على الجفاف الفكري هو الاصابة بمرض الخمول في الجسد او في الروح وقد يصيب احدهما او كلاهما وهو عادة مرض اجتماعي يصيب بعض ابناء الاثرياء الذين لا يتعبون انفسهم في صراعهم مع الحياة لتطويرها نحو الافضل بل يخلدون انفسهم نحو الراحة الدائمة التي تحاول العيش بما تيسر لها لانه لا وجود للصراع الوجودي للحصول على اشياء هي اساسا متوفرة لديهم سلفا، وبالتالي فأن هذا الخمول الفكري يبدأ عادة في الظروف المحيطة ويستمر من خلال تقليل المعروض لينتهي بجفاف فكري قد تستعصي حالته! اي انه مشابه للمرض العضوي الذي اذا اهمل استفحل امره لينتهي الى موت محتم...
لا سبيل للخلاص من تلك الحالة الناتجة عن الخمول والكسل الا بأستعادة النشاط بالتدريج لصعوبة العودة بنفس القوة والنشاط،ولكن يمكن الوقاية من الخمول من خلال الاستمرار على نفس النهج المعتاد الذي نسير عليه ولكن بخطى اقل للمحافظة على مستوى الاندفاع والتصدي لكل مشاكل الحياة وتعقيداتها المتزايدة بصورة رهيبة مما يجعل البعض يترحم على الماضي لبساطته بالرغم من الصعوبات الحياتية المتاحة آنذاك...
قد يكون الشعور بالجفاف الفكري من خلال الاحساس بعدم وجود جديد الافكار والاراء التي ينتجها عادة العقل البشري وبالتالي ضعف المتعة الروحية والفائدة الذاتية من طرح افكار وآراء غير جديدة او جديرة بالاهتمام ولا يشترط بهذا الاحساس ان يكون ضمن فترة الجفاف الفكري بل احيانا يأتي اثناء قمة النشاط البدني والفكري! وهذا الاحساس قاتل بلا شك ولكن تاثيره المميت لايأتي دفعة واحدة بل جرعات متعددة! وعليه تبرز عدة تساؤلات حول ماهية تلك الاحاسيس؟ومدى صدقيتها خاصة اذا علمنا ان الحياة هي منجم ثابت لا حدود لامكانياتها الغير متناهية؟!.
من خلال النظرة السريعة على تاريخ الفكر الانساني وما انتجه من ابداعات جبارة في مختلف الحقول خلال الحقب الزمنية الماضية،نرى انه هنالك الكثير من المتكررات في تلك الافكار والنظريات ولكن تأتي غالبا بلباس عصري جديد يختلف عن ازياء الماضي التي تلائم زمنه وقد تكون من خلال اضافة الحواشي والتعليقات مما يعني ان الجديد قد تكون نسبته ضئيلة بالمقارنة مع الاصل! وبالرغم من ذلك لا توصف تلك الحالة بنتائج انتهاء التفكير الانساني الدال على محدوديته والدوران حول نفسه في الكثير من القضايا! بل هي ابتكار وتطوير لما تم اختراعه،وكذلك على دلالة نسبية دقة المنتج الاصلي وعدم جعله مطلقا لكل الظروف.
توجد في داخلنا رغبة مجهولة في ان نرى نتاج الاخرين حتى ولو كان الاحساس بأنه ليس جديدا علينا! ويمكن رؤية مثال بارز من حياتنا البسيطة من خلال ذهاب مجموعة من الاصدقاء في سفرة ترفيهية لمكان محدد سلفا،فيأخذ البعض كاميرات شخصية للتصوير وقد يشتركون في تصوير نفس المناطق او الاشياء ولكن في النهاية تكون نتائج التصوير مختلفة بدرجة ما وتبقى الرغبة في رؤية صور الاخرين حتى ولو كانت متطابقة مع الصور الاخرى لانها منتجة من يد اخرى! وفي النهاية يكون الاختلاف البشري ظاهرا بين الصور المطبوعة ولو بدرجة بسيطة ناتجة عن اختلاف الخبرات والظروف المحيطة من خلال خبرة البعض التصويرية اكثر من غيرها او استخدامهم لكاميرات مختلفة الدرجة من الدقة والوضوح والتقنية ومعرفة ادق مراحل العملية التصويرية مع اختلاف اوضاع اخذ الصور او عدد المتواجدين في كل صورة الخ...
الافكار والاراء النظرية والعملية هي ايضا قريبة للمثال السابق وتكون صفة التقليد المذمومة ظاهرة اذا كانت متطابقة الى درجة عالية من الدقة ويتعدد التكرار مما يعني ابعاد النفس عن الرغبة في معرفة نسبة الاختلاف او الرغبة في التصديق،والاختلاف الذي قد يكبر بمرور الزمن يكون منتجا بطبيعة الحال لعدد غير محدود من الاراء والافكار...
الجفاف الفكري مثل الاحتباس الحراري الذي يصيب العالم المعاصر فهو يحتاج غالبا الى مساعدة الاخرين للخلاص منه لان تاثيراته المميتة سوف تصيب الجميع او آثاره الجانبية سوف تنقل الضعف والعدوى مما يعني الاصابة المتوقعة...

ثروة الارض -الحلقة الخامسة

ثروة الارض
ثروة الارض:الحلقة الخامسة
اقتصاد الثروة الطبيعية:
لا يمكن نكران ما يمثله قيمة الانتاج للثروة الطبيعية من اهمية بالغة في تكوين الناتج القومي الاجمالي وتطويره على المدى البعيد،فغالبية دول العالم يمثل الانتاج من الموارد الطبيعية نسبة قد تختلف بين اعلى حد الى ادناه في تكوين الدخل القومي،وفي حالة استعراض بعض الامثلة نجد مثلا ان جنوب افريقيا يشكل الذهب ومعادن اخرى نسبة كبيرة من الاضافة المادية للدخل القومي، وكذلك حال الدول العربية فدول عديدة يشكل البترول والغاز فيها اغلبية المساهمين في مصادر تكوين الدخل المحلي،بينما تشكل المعادن المستخرجة من المغرب نسبة هامة ايضا،وطبيعي انه كلما تنوعت المصادر الطبيعية كلما كان الدخل القومي اكثر استقرارا من الدولة المعتمدة على مصدر واحد او اكثر قليلا لكون ذلك المصدر خاضع تحت رحمة السوق العالمي وميزانه السعري العام هو حجم العرض والطلب،ولذلك واجهت الدول المصدرة للبترول ازمات اقتصادية عديدة تمثلت في انخفاض مداخيلها العامة الذي يموله المصدر الوحيد للدخل،وللخروج من ذلك المأزق الحتمي يكون من خلال العمل على تنويع مصادر الدخل والاستفادة من الموارد المادية في تطوير الاقتصاد بدلا من الانفاق على الخدمات الاجتماعية بدون اي حد معقول او الانفاق على الدفاع بدون اي داعي!...وتختلف النسب في المساهمة بين اكثر من 90% كما هو موجود في بعض الدول العربية! او دون نسبة 1%كما هو موجود في بعض الدول الفقيرة بالموارد الطبيعية او انها جاهلة تماما لحجم تواجدها في ارضها او مياهها الاقليمية لاسباب متعددة مثل اليابان وكوريا الجنوبية او الدانمارك الخ.
ومساهمة الموارد الطبيعية الهامة في الدخل القومي ليس هو محصور في نطاق الدول النامية وان كانت اكثر شيوعا من غيرها،بل حتى الدول المتقدمة هي تشترك معها في تلك الناحية وخاصة الدول ذات الحجم الجغرافي الكبير مثل كندا واستراليا،ولكن تلك الدول ليست معتمدة الى حد بعيد على انتاج تلك المصادر بل نسبة مساهمتها في تكوين الدخل هي اقل نتيجة للتنوع الكبير في مصادر الانتاج والخدمات في الاقتصاد المتطور، ولكن تبقى ظاهرة ازدهار الاقتصاد اذا ارتفعت الاسعار بصورة خيالية او انخفاضها نتيجة فوضى السوق الدولية.
لقد استفادت امريكا من انتاجها الضخم للموارد الطبيعية على ارضها في بناء اضخم اقتصاد على وجه الارض لحد الان،وبالرغم من التاريخ الطويل لذلك الانتاج،فأن البحث والتطوير لم يتوقفا يوما واحدا،ولم تتوقف الارقام المعلنة عن حجم معين بل انها بقية مستمرة في النمو او تعويض الكميات المنتجة لان القدرات الحالية عاجزة عن كشف ما تحتويه البلاد من ثروات طبيعية لضخامة مساحتها الجغرافية ووجود العوائق القانونية المتمثلة بقوانين حماية البيئة والضرائب العالية،فما بالك بالقدرات المحدودة للدول النامية!...وقد بقيت امريكا مصدرة لبعض الموارد الطبيعية لفترة طويلة والتي من ضمنها البترول ولكنها توقفت منذ عدة عقود بسبب ضخامة الاستهلاك وعجز الانتاج عن سد حاجة السوق المحلية،وتاريخ انتاجها للموارد الطبيعية الطويل ساهم كثيرا في توظيف الموارد البشرية وتطوير الاقتصاد وتسهيل تحوله من اقتصاد يقوم على الزراعة والصناعة الى الخدمات وتكنولوجيا المعلومات ومن خلال قراءة الاحصاءات ورؤية خارطة تواجد الموارد الطبيعية على اراضيها الشاسعة يتبين لنا اهمية تلك المصادر الطبيعية ليس فقط في بناء الثروة المادية القومية،بل ايضا في تحويله الى اقتصاد متطور تحاول العديد من الدول الان ان تحذو حذوه! وبمقارنة احتياطياتها الحالية او ماسبق انتاجه يتبين لنا ضئالة احتياطيات الكثير من الدول وبخاصة الدول العربية التي يشيع فيها ظاهرة كونها الاغنى عالميا بالموارد الطبيعية! بل ان الانتاج الامريكي من النفط خلال تاريخه الطويل الذي بدأ عام 1859 ولحد الان يفوق بمجموعه حجم الاحتياط الثابت للسعودية وهو الاضخم عالميا حاليا اذا لم يتم حسبان الاحتياطي الجديد الخرافي لفنزويلا! اما الغاز فهي الاولى المستهلكة والمنتجة في العالم حسب احصائيات 2009 والانتاج الذي يسد اكثر من 90% من استهلالكها هو يفوق بمجموعه والبالغ حوالي 600 مليار متر مكعب حجم انتاج الغاز في دول الشرق الاوسط والقارة الافريقية بأكملها!وهو يكفيها ايضا 11 عاما فقط اذا توقف التنقيب والاضافات الجديدة للاحتياطي هذا بالاضافة الى المعادن الاخرى،وبالرغم من الانتاج الضخم للموارد الطبيعية في امريكا الا ان كافة التوقعات في استنزافها قد فشلت! ويعود ذلك الى اسباب عديدة اهمها بقاء توجه البحث والتطوير في اقتصاد الموارد الطبيعية مما يعني اكتشاف الكثير من المناجم وحقول النفط والغاز فيها بطرق تكنولوجية تتطور سريعا بمرور الزمن مع ارتفاع نسبة الاستخلاص المنتجة مما يعني ارتفاع حجم الاحتياطي القابل للانتاج وفق المستويات الاقتصادية الراهنة، والاحصاءات الرسمية التي تتوقعت نفاذ الاحتياطي البترولي فيها خلال عقد من الزمن ليس جديدا بل يعود ذلك لفترة الستينات من القرن الماضي! مما يعني انها لو صحت لما بقي اي انتاج نفطي فيها وهي الان في المرتبة الثالثة عالميا!.
يقدر الاحتياطي النفطي الامريكي بحوالي 28 مليار برميل(2009) بينما يقدر الاستهلاك اليومي بحوالي 20 مليون برميل! مما يعني انه اذا ارادت تغطية احتياجاتها المحلية بالكامل فأنه لان يكفي سوى اربع سنوات على اكثر تقدير! ولكن بما انها تستورد 60% فأن الانتاج الحالي وهو اكثر من 7 ملايين برميل يوميا سوف يكفيها على اكثر تقدير 13 عاما! ولكن التنقيب المستمر كما قلنا وبطرق تكنولوجية جديدة تساعد على تعويض كافة الكميات المستخرجة،ومازالت الارض والمياه حاوية على حقول ضخمة واعدة وما الانفجار الاخير في خليج المكسيك في بئر تابع لشركة بريتش بتروليوم الا دلالة على حجم الاحتياطي الضخم في الحقل المذكور الذي سبب انفجار بئر واحد فيه بأكبر كارثة بيئية في التاريخ!...
والموقع الجغرافي الامريكي مثاليا ايضا من خلال وجودها بالقرب من دول ذات مصادر طبيعية متنوعة ومصدرة لها وبخاصة كندا والمكسيك وفنزويلا والبرازيل سواء في امدادها بحاجتها المتزايدة من البترول والغاز او بقية المعادن الاخرى التي لا يكفي انتاجها المحلي لسد كافة احتياجاتها منه.
الثروة الطبيعية المنتجة هي ليست فقط معين للدخل القومي بل هي مؤثر بالغ الاهمية على كافة النشاطات الاقتصادية الاخرى،ويمكن لنا رؤية ان كافة مصادر الانتاج الصناعي والزراعي بل وحتى قطاع الخدمات هو خاضع تحت رحمة استمرارية الانتاج المحلي او الاستيراد من الخارج،ويكفي لنا مقارنة كيف يدخل البترول او الحديد مثلا في صنع مئات السلع الصناعية مما يعني ان فقدانهما سوف يؤدي الى توقف انتاج تلك السلع الهامة في استمرارية الحياة العصرية بنفس المستوى من التطور الحالي او المتوقع في المستقبل،وبالرغم من الجهود المستمرة في تطوير نوعية الكثير من السلع وتخفيض نسبة مساهمة المعادن او استهلاك الطاقة فيها الا ان الاستغناء الكامل يكاد ان يكون مستحيلا...
واثر الانتاج في بقية مصادر الدخل القومي يمكن ملاحظته بسهولة،فمثلا القطاع الزراعي يعتمد كثيرا على الاسمدة وعلى مصادر الطاقة في نقل المنتجات او الزراعة او غير ذلك مما يعني ان توقف تزويده بما يحتاجه سوف يؤدي الى عودته الى المستويات الواطئة من الانتاج والناتجة من العودة الى الطرق القديمة التي تحتاج الى طاقات بشرية اكثر،وكذلك قطاع الخدمات ومنها السياحة التي تعتمد على ازدهار انتاج الموارد الطبيعية الموفرة للموارد المالية،ويمكن لنا تصور كارثة توقف انتاج البترول في الخليج او ليبيا في مايؤدي اليه من توقف العمل في قطاع الخدمات ومنه السياحة وتحولها الى بلاد اخرى تتميز بجاذبيتها البيئية او حتى مواقع اخرى في داخل الدولة ذاتها!ولذلك فأن حجم التأثير يكون كبيرا بصورة مباشرة او غير مباشرة ولكن تبقى العبرة من بقاء الاعتماد على مصدر احادي قد ينضب او ينخفض انتاجه مستقبلا وهناك الكثير من الدول التي تحولت من مصدرة الى مستوردة مثل امريكا وبريطانيا واندونيسيا...

2010/07/08

ثروة الارض -الحلقة الرابعة

ثروة الارض
ثروة الارض:الحلقة الرابعة
شروط الاستفادة الموضوعية:
تحتاج كل البلدان الى شروط موضوعية للبدء بأنتاج الثروة الطبيعية والاستفادة منها في بناء اقتصادها القومي وتوفير حياة مرفهة للغالبية الساحقة:
1-الامن والاستقرار:وهذا الشرط هو اخطر الشروط واكثرها اهمية ومن خلالها يتم الدخول الى بوابة البلاد سواء أكان الاستثمار اجنبيا او محليا، فكلما كان الامن قويا والاستقرار طويلا لا يتم الاهتمام بشرط وجود او عدم وجود سلطة شرعية منتخبة للبلاد،والعكس صحيح يتم اهمال الدخول الى بلاد غير مستقرة امنيا ولكنها ذات سلطات شرعية ومنتخبة!...ولذلك نرى ان كثير من الانظمة الديكتاتورية المستقرة نسبيا(لاستحالة الاستقرار المطلق!) والمتحكمة ببلاد ذات ثروات طبيعية ضخمة هي محل اهتمام الاستثمارات الاجنبية كما في حالة بعض البلاد العربية،بينما بلاد اخرى ذات حكم ديمقراطي او في بداية الطريق ولكنها غير مستقرة امنيا او ليست لديها بنية قانونية ثابتة ومتفق عليها للاستثمار،هي تحاول جاهدة لجذب الاستثمارات الاجنبية الى البلاد للاستفادة في استخراج الموارد الطبيعية الكامنة في ارضها،ولكن دون حدوث نجاح يذكر!....فالامن والاستقرار السياسي والاجتماعي كلما كان متينا كلما كان عامل الجذب قويا،والعكس صحيح ايضا!...والاستقرار ليس معناه حالة استخدام القوة والقمع الى مالانهاية بل في حالة الاجماع الشعبي على صيغة دائمة للحكم والقانون ولذلك نرى ان دولا عديدة فشلت في عملية الجذب بالرغم من حالة المغريات المثيرة والمقدمة لكي تتم عملية الجذب مثل حالة مصر وتونس والمغرب والاردن اللواتي لا يصل حجم الاستثمارات فيهن جميعا الى مجموع حجم الاستثمار في بلد صغير مثل كوريا الجنوبية او تايوان لا بل لايصل الى حجم بلد بحجم مدينة كبيرة مثل سنغافورة!...وفي المقابل نجحت النمور الاسيوية وجوارها في عملية الجذب رغم ضعف حالة الديمقراطية او بداية نشؤها ولكن فرضت اجراءات قاسية لكي تكون عملية الجذب متوهجة!... وكما في حالة المثال السابق(أفغانستان)فأن كشف النقاب عن الثروات الضخمة فيه لا يكون كافيا دون حدوث امن واستقرار في البلد الذي يعاني من اقصى حالات انعدام الامن والاستقرار والمتمثلة بالحروب والنزاعات والابادة الجماعية منذ عام 1973!...ولذلك فأن الاستقرار يكون ذا اهمية بالغة للشركات العاملة في التعدين من خلال وجود الامن لموظفيها لكي يعملوا بحرية وكذلك المحافظة على اجهزتها المكلفة بطبيعة الحال،مما يعني ان اقل اخلال بالامن هو عامل طرد للشركات العاملة في التعدين،كما حدث في جنوب السودان الذي اكتشف النفط بكميات كبيرة جدا في عقد الثمانينات ولكن حال نشوب الحرب الاهلية عام 1983 في ايقاف استثمار الثروات لصالح الجميع الذي خسر الارواح والاموال والزمن الضائع!...
ولنا في العراق وايران نموذجين مثاليين في كونهما خزاني العالم للبترول والغاز مستقبلا ولكن ظروف انعدام الاستقرار السياسي والامني جعل بقاء الثروات الطبيعية هدفا مستقبليا فقط بالرغم من وجود حالة مؤكدة في ضخامة الموجود الى درجة خرافية!.
2-شرعية البنية القانونية:واجهت شركات التعدين كغيرها من الشركات العابرة لحدود اوطانها،تحديات قانونية عديدة تمثلت في عدم وجود قوانين ثابتة تنظم الاستثمار الاجنبي مما جعل البعض يحاول استغلال الفرصة في الانتاج والاستثمار بغرض الربح العالي وبطريقة سلب الاخر كل حقوقه مما جعل الاخر يقوم ايضا بمصادرة الامتيازات والاملاك بطريقة تدعى التأميم الشهيرة التي جاءت مع العهد الاشتراكي في الكتلة الشيوعية،واصبح التأميم هدفا بالرغم من السلبيات العديدة الناتجة منه! ولنا في حالة النفط وبعض مناجم التعدين في العالم الثالث نموذجا مثاليا...ولكن هروب الرساميل الاجنبية الى اوطانها او بلاد اخرى اكثر تنظيما جعل حالة الرجوع الى الخصخصة ومن ضمنها دعوة الاستثمارات الخارجية للعودة امرا ملحا وبطريقة تتضمن السلبيات السابقة!كما حدث في عقد الثمانينات من القرن الماضي وماتلاه،ولنا امثلة عديدة كما في حالة ليبيا والعراق وفنزويلا،       بل ان بلاد اخرى مثل ايران دعت مرارا الشركات الاجنبية للاستثمار في قطاع النفط والغاز دون جدوى بالرغم من ضخامة الاحتياطيات وانخفاض الكلفة بسبب وجود حالة العقوبات الاقتصادية الغربية عليها...
وكانت الاستثمارات الاجنبية في السابق لا تراعي وجود قوانين محلية ثابتة بسبب وجود حالة الاستعمار او النفوذ الاجنبي القوية بدواعي الانتداب والحماية الزائفة التي تحميها من المصادرة بدون عقاب! ولكن الان الظروف تغيرت بالرغم من استمرارية السيطرة الغربية ونفوذه على غالبية البلاد الاخرى،لان وجود القوانين الشرعية الثابتة يساعد على منح المستثمرين وبخاصة في مجالات التعدين عهودا ومواثيق في عدم العودة الى اجراءات التأميم كما حدث في الماضي بدون تعويضات على الاقل!... وكذلك فأن وجود القوانين المنظمة يسمح للطرفين في ابقاء او تعديل اجراءات الانتاج والضرائب والتشغيل وغيرها،ولا غرابة ان وجود مثل تلك القوانين قد جعل بلادا مثل امريكا وكندا واستراليا وهي قادرة على استثمار مواردها الطبيعية بدون الحاجة لجذب شركات اجنبية تنافس شركاتها المحلية،جعلها مكان جذب مثالي للكثير من الشركات الاوروبية والاسيوية ولنا في حالة شركة بريتش بتروليوم في خليج المكسيك او شركات انتاج الذهب واليورانيوم في غرب استراليا امثلة على ذلك لان المنافسة حرة ويخضع الجميع الى عدالة مع الرغبة في الحصول على اعلى العوائد بأستخدام اخر انجازات التكنولوجية في اقل كلفة ممكنة وبخاصة مع البيئة!.
3-وجود القدرات الذاتية للعمالة: ان وجود العمالة المحلية سواء اكانت رخيصة الثمن كما في حالة البلاد الاسيوية او مرتفعة الدخول ولكنها ذات امكانيات تقنية عالية كما في حالة البلاد الغربية،هي امور تساعد على الاستثمار،وبالرغم من ان عدم توفر الشروط السابقة قد حل محله عملية جذب لعمالة خارجية رخيصة تقوم بعمل ذلك العمل الشاق او الذي يحتاج الى تقنية عالية كما في حالة دول الخليج،الا ان هذا الحل المؤقت بالرغم من طول امده ومزاياه الظاهرة هو في الحقيقة ليس عاملا مساعدا للطرفين سواء الشركات الاجنبية او البلد المضياف الذي يبقى دون استفادة حقيقية لان كوادره المحلية غير قادرة على الاستيعاب والتصدي للعمل في مجال التعدين كما في بقية الحقول الاقتصادية الاخرى مما يعني بقاءها بعيدا عن التطوير والتحديث في عالم يتنافس الجميع فيه على استيعاب العلوم والتكنولوجيا،ولذلك نرى ان غالبية الدول المتقدمة تفرض في العقود ان يكون غالبية العاملين من العمالة المحلية،وقد سار على هذا النهج بعض البلاد كما في حالة فنزويلا او البرازيل او العقود النفطية الاخيرة بين العراق والشركات الاجنبية(عام2009) التي كان من بينها ان يكون 85% من العاملين هم من العمالة المحلية التي تكون استفادتها سواء من استيعاب التكنولوجيا او المزايا المادية العديدة هي في اقصى درجاتها وبالتالي سوف يسمح بأمتصاص البطالة كما يسمح في استثمار مناطق خارج حدود الاستثمارات الاجنبية بنفس الامكانيات التكنولوجية ان لم تكن اعلى منها!. ويمكن لنا استعارة حالة البلدان الاسيوية التي استفادت من ذلك كثيرا في بناء قدرات ابنائها الذاتية،ولكن يشترط هنا وجود اعداد كافية من المتعلمين سواء اكانوا عاملين سابقين او في مجالات مشابهة او طلابا لان عدم وجود العمال المهرة او المتعلمين معناه افراغ حالة تشغيل العمالة الذاتية من معناه الحقيقي!...وهذا يعني ان بلدا مثل افغانستان الذي لا يملك الاعداد الكافية من المتعلمين في المجالات الصناعية الدقيقة هو سوف يكون محتاجا الى فترة قد تتجاوز العقد من الزمن حتى يكون قادرا على تزويد المستثمرين الاجانب بالعمالة المحلية ذات القدرات الذاتية العالية! ولكن في حالة بلاد اخرى مثل مصر او تونس او المغرب فأن الامكانيات البشرية المتوفرة على الدوام هي في اعلى درجاتها الاستيعابية ولا تحتاج سوى الى التشغيل واكتساب الخبرات العملية او المزايا المادية لكي تؤدي دورها المطلوب...
4-المزايا الترغيبية:عوامل الترغيب عديدة قد يكون من بينها اعفاءات ضريبية لمدة معينة من الزمن،او تسهيلات للتصدير من خلال وجود شبكة مواصلات متقدمة او موانئ كبيرة او ان تكون بجوار اسواق ضخمة تحتاج للمادة المنتجة او تسهيلات قانونية وعدم وجود معوقات روتينية،مما يعني ان ذلك سوف يكون عاملا مشجعا على وجود هامش كبير من الربح من وراء الاندفاع في الاستثمار لان عامل التنافس بين الدول اصبح كبيرا مما يعني ان الكثير من البلاد هي تنتظر ان يستنزف الانتاج الحالي الموارد الطبيعية للاخرين حتى تكون بمثابة احتياطي عالمي كبير في المستقبل.
ان توفر المزايا الترغيبية للبلد المستضيف يكون مؤشرا كبيرا على ان الانتاج سوف يبدأ بسرعة ويأخذ طريقه للاسواق العالمية مما يعني سرعة العائد المادي بدلا من الانتظار طويلا حتى تتحقق الكثير من الاجراءات الروتينية من قبيل اقامة شبكة مواصلات قادرة على نقل الانتاج الى موانئ التصدير والتي تحتاج الى فترة زمنية طويلة كما هو معروف.

2010/07/05

رحيل العلامة


رحيل العلامة:
برحيل العلامة السيد محمد حسين فضل الله(1935-2010)...اليوم 4\7 نكون قد فقدنا مفكرا عظيما واديبا بارعا وخطيبا لايجارى...وأحد اكبر فطاحل الفقه والاصول والتفسير وبقية العلوم الدينية،واستاذا متعمقا ومقتدرا فيها...
من الذين يرحلون عن عالمنا الفاني...هنالك قلة صغيرة يتركونه بأجسادهم الضعيفة ولكنهم باقون معنا بآثارهم العظيمة وروحانيتهم الصادقة وافكارهم العميقة والمؤثرة...ومن تلك القلة ذلك الفقيه الجليل صاحب المآثر المادية والمعنوية الذي ترك لنا مكتبة ثرية بمختلف الفروع وبأسلوب مبسط بعيد عن التعقيد.
لقد كان احد رموز الانسانية الفذة،وعلما نادرا في هذا الزمان الطاغي عليه الفكر المادي وآثاره التطبيقية الخالية من روح انسانية...
كان صاحب مدرسة في الحوار والمنطق والسياسة والاجتماع وغيرها مثلما كان في بقية المعارف الاخرى ...ملئت أثاره الدنيا وشغلت الناس كثيرا، وتطرف في حبه وعدائه الكثيرون! لاختلاف الطبيعة البشرية التي اتقن حوارها ومعرفة مجاهيلها...
لقد كان تأثير العلامة الفقيد واضحا ولا مجال لنكرانه،وكان انموذجا فذا لعالم الدين المثابر والباذل حياته لاسعاد الاخرين والدفاع عن المظلومين!...
لقد كان خطرا على اعداء الانسانية والتعايش بين مختلف المكونات الاثنية، ولذلك بذلوا جهودهم الشريرة في محاولاتهم الفاشلة لاغتياله جسديا بعد ان فشلوا معنويا...وكانت اخطرها محاولة عام 1985 التي اشتركت فيها دولتان معاديتان بتمويل من دولة عربية ثالثة!...عار عليهم مابعده عار!.
المجد والخلود للعلامة السيد محمد حسين فضل الله...ولكل العلماء المخلصين والشهداء والصادقين في فكرهم وعملهم وسيرتهم الذاتية...

للمزيد يراجع موقعه الالكتروني على العنوان التالي: