إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/03/30

الاغتصاب السياسي!

كان الظهور العلني الجريء للفتاة الليبية المغتصبة من قبل ازلام نظام المعتوه القذافي وهي تصف بشاعة ماحدث لها،اثره الفعال في تهييج المشاعر المعادية ليس لهذا الطاغية وعصاباته الاجرامية فحسب وانما لهذا العمل المشين،وقد احسنت عملا في فضحهم خاصة من خلال الاستفادة من تواجد وسائل الاعلام الاجنبية التي نقلت الحدث مباشرة للعالم محدثة ضجة عالمية تعيد الى الاذهان قصص عشرات الالاف بل الملايين المنسيين من الضحايا الاناث او الذكور المغتصبون سواء في العالم العربي من قبل الاجهزة القمعية او على مدار التاريخ السياسي الاسود للبشر !!... وهذه الحادثة لا تشكل سوى عينة عشوائية بسيطة من مأساة اغتصاب الاوطان والشعوب وتحويلهما الى دمية يتلاعب بها المتلاعبون!...هذه الحوادث يتم تجاهلها او التستر عليها عن عمد! ولكن للتذكر بعظم المأساة يمكن المقارنة الاليمة مع حال الدول المتقدمة التي يسقط الرئيس او المسؤول لاتفه الاسباب التي لا تقارن نهائيا بتلك الجرائم،ويمكن الاستدلال ايضاعلى مقدار رخص الانسان وكرامته وشرفه في وطنه السليب!.
السياط الصارمة!
ان امثال تلك القصص الواقعية والتي لا تحتاج الى اثبات او نفي بسبب شيوعها في العصر الحديث!... ما هي الا سياط دينية واخلاقية وانسانية صارمة بوجه كل من يحاول الدفاع الوقح عن مرتكبي تلك الحوادث والانظمة الراعية لها ولو من باب الجهل والحماقة والسفاهة والتخلف والتوارث الهمجي الوضيع للتقاليد البيئية المتعصبة التي تمنع او تتجاهل الاستدلال المنطقي والعقلي على كل حادثة او فكرة!.
لو نقلت ونشرت امثال تلك الوقائع الوحشية بأي وسيلة كانت سواء بمواد مطبوعة او صوتية او مرئية، ولو تم تداولها بشكل علني على جميع البشر لوجدنا ملايين مستمرة في تأييدها لمرتكبي تلك الافعال وانظمتهم الاستبدادية الفاسدة او يتغاضون الطرف عنها بحجج واهية!!...فهل هنالك من استدلال بسيط على مقدار همجية ووحشية وتخلف هؤلاء السفهاء؟! بل وتخلف وانحطاط المجتمعات التي تقبل تلك الجرائم ولو بصورة ضمنية زائفة!...
 لا نشير الى مرتكبي تلك الجرائم الارهابية والتي يقومون بها بشكل قانوني والدولة تدفع لهم المرتبات والمزايا الاضافية! فذلك شيء من البداهة لا يمكن الخوض به او الدفاع عنه مهما كانت الاسباب المؤدية لارتكاب الفعل!...ولكن الاشارة والادانة تبقى لمن يؤيد علنيا او ضمنيا لكل هذه الجرائم المخزية والتي يرفضها الضمير الانساني الحي كما ترفضها كافة الشرائع السماوية والانظمة الوضعية!.
التاريخ السياسي للاغتصاب!
ليست تلك الحادثة هي جديدة على الانظمة السياسية المعاصرة! فقد قام بها وبجدارة اسلافهم السابقون وقد نشر ذلك على صفحات التاريخ السياسي الاسود!...ولم يخلو تاريخ امة من الامم من جرائم الاغتصاب بل شاع ايضا اتساع دائرة المأساة بحيث اصبحت جرائم جماعية سواء من قبل الجناة او عدد الضحايا!.
الاغتصاب السياسي:هو الانتهاك الجنسي من قبل الدولة واعوانها للضحايا سواء اكانوا معارضين ام ابرياء تحت اي عذر يتبجح به الجناة.
ويتم استغلال حالة الاغتصاب في تدمير شخصية الضحية او اسكاتها او تهديد المعارضين الاخرين ،مع استغلال حالة الخوف في البوح بتلك المسألة الحساسة!.
وقد انتشرت تلك الجرائم بصورة خاصة في اوقات الحروب والنزاعات الداخلية والخارجية كما انه كلما ازداد الطغيان ازداد ارتكاب تلك الجرائم والعكس صحيح!.
ومن اشهر الجرائم الجماعية في التاريخ الاسلامي هي الاغتصاب الجماعي للنساء في المدينة المنورة عام 683م بعد وقعة الحرة من قبل جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية حتى قدر عدد اطفال السفاح بأكثر من الف!! ويمكن لنا من خلال ذلك العدد تصور حجم تلك الجريمة الكبرى التي هي مقياس عالي الدقة في وصف كل منحط بأقبح الكلمات والاوصاف الدالة على الانحطاط المركب على كل من يدافع عن المجرم يزيد وجيشه الهمجي وتحت اي عذر،ومهما كانت درجته اوالمبررات التي يسوقها او حتى نوعية اللباس الذي يرتديه للضحك على الذقون!!.
لا يمكن الخوض في التاريخ لسعة حجم تلك الجرائم والاهوال التي تشيب لها الرؤوس وتدمي لها القلوب!...ولكن يمكن الاشارة البسيطة للتاريخ  السياسي العربي المعاصر بعد الحرب العالمية الثانية كأول ممارسة علنية وجماعية لم تستثني حتى اصحاب المقامات العالية في المجتمع من ذلك الانتهاك الصارخ!حتى لقد اصبح هنالك مدرسة سياسية عربية من مواصفاتها القمعية هي الاغتصاب السياسي!...
مارسه الحكم الملكي المحافظ في مصر عام 1948 بعد مقتل النقراشي رئيس الوزراء! حين تولى ابراهيم عبد الهادي الحكم وجرى اغتصاب عدد كبير من نساء عوائل الاخوان المسلمين كجزء من حملة الانتقام! ثم تولى المهمة من بعده عبد الناصر وتوسع بها ايضا كجزء من نظامه التحرري البائس الذي مازال يؤيده البعض،فتفوق في الكم والنوع!!...الاشد مرارة وحزننا ان تلك الجرائم البشعة المهولة والتي لم يعاقب الجناة عليها او يعوض الضحايا ويعاد الاعتبار اليهم هي السبب الرئيسي الذي جعل غيرهم ممن يتولون الحكم، يستمرون بنفس المنهج الاجرامي القبيح دون ادنى خوف من المساءلة والعدالة!.
وفي العراق مارسه النظام البعثي بشكل واسع وعلني ودون ادنى حياء او خجل وبطريقة منظمة لكون اغلب المنتسبين للاجهزة الامنية والحزبية هم مجرمين منحرفين من قاع المجتمع ولا يملكون ادنى رادع يمنعهم من ارتكاب تلك الجرائم التي لا تفرق بين انسان واخر مهما كانت نوعية الانتساب السياسي ودرجة القرابة!ولا يمكن الخوض بالتفاصيل المروعة بسبب كونها ظاهرة عامة مورست على مدار عقود من تلك الحقبة الزمنية المروعة وكان عدد الضحايا هو الاكثر على نطاق العالم العربي بلا منازع!...كما ان زميله النظام البعثي السوري اتهم بتلك النوعية من الاجرام وان كان الحجم اقل والتستر اكبر!وايضا مارسه النظام التونسي والسوداني...كما شاع استخدام الاغتصاب السياسي لدى الحركات التكفيرية سواء في افغانستان والعراق والجزائر وغيرها وهي تعكس حالة الانحراف الاخلاقي والجهل بقيمة الدين وشريعته الغراء،وايضا خلال الحرب الاهلية اللبنانية!.
لوحظ ان الانظمة التي تدعي كذبا وزورا، انها ثورية او يسارية مثل النظام الليبي وغيره هي الاكثر ايغالا في ممارسة تلك الاعمال المشينة،كما ان اجهزة الانظمة الملكية مثل المغرب والاردن وبعض دول الخليج قامت به وعلى فترات متباعدة سواء بصورة علنية او سرية!...وتلك الاعمال يتم التستر عليها من طرف الفاعلين بسرية عالية كونها تنسف عمليا كافة الاسس الدينية والاخلاقية لتلك الانظمة الهشة! من خلال قتل الضحايا او اجبارهم على التزام الصمت كوسيلة لارهاب المجتمع في حالة الرغبة في العصيان لان المجتمع الشرقي بعامة هو من اكثر المجتمعات التقليدية التزاما بشرف المرأة والعائلة ومن المهم استغلال نقطة الضعف تلك حسب تصوراتهم الهوجاء!.
ان ذلك العمل المشين المتمثل بالاغتصاب السياسي هو وصمة عار ليس فقط في جبين مرتبكي تلك الجرائم فحسب بل بكافة الانظمة الراعية لها او المؤيدين لها في مشارق الارض ومغاربها،كما ان السكوت عنه يعد مشاركة مباشرة او غير مباشرة في الفعل الجنائي او تأييدا له مما يعني استحقاق كل عقوبة او رفض معنوي يستحق عليه!.
ان الضحايا هم شهداء احياء يجب اعادة الاعتبار لهم ومنحهم كل تعويض وتكريم...




2011/03/27

في سبيل الحرية


في سبيل الحرية:
المآساة الدموية المستمرة في العالم العربي من جراء الثورات العربية المعاصرة،اثبتت للجميع مقدار حجم الضغط والكبت والارهاب والحرمان الذي تعيشه الشعوب المستضعفة التي تعرضت الى جرائم وحشية سوف تظهر للعلن عندما تسقط انظمتها وينكشف الغطاء الحديدي الذي استمر قرون وعقود!.
ان الالم يحز في النفس من جراء سقوط هذا العدد الهائل من الشهداء والجرحى والمعتقلين وكذلك حجم الخسائر المادية والمعنوية المروعة ضمن مسيرة الشعوب العربية نحو الحرية... انه ثمن طبيعي دفعته شعوب قبلنا وقد يكون البعض اكثر منا بكثير!... ومن تلك الدماء البريئة الغالية سوف تكون البداية لحياة حرة كريمة تقدس فيها حياة الفرد وحريته الشخصية التي دفع من اجلها تلك الخسائر الفادحة،كما انها ثمن باهظ على الصمت الطويل على هؤلاء الفراعنة الذين ازدادوا طغيانا بمرور الزمن الى درجة الاستهانة الكاملة بحقوق شعوبهم بل واحتقارها الى ابعد مدى!.
الثورات المعاصرة يجب ان يدعمها الجميع بغض النظر عن اي سبب ديني او مذهبي او عرقي مخالف...فالثائرون في اي بلد هم اعرف بمدى الطغيان والفساد الحاصل في بلادهم وبالتالي فأن الوقوف ضد مطالبهم المشروعة هي جريمة ادبية لا يمكن غفرانها،وما يحصل الان من تناقض واضح لدى الكثيرون في دعم بعض الثورات ورفض البعض الاخر كما هو شائع لدى ثورة البحرين مثلا يدل على هشاشة وضحالة المنظومة الفكرية والاخلاقية واسسها المتينة التي لا تقبل التناقض او التبرير المقنع!.
ان الشعوب المستعبدة والرافضة للاستعباد سوف لن تغفر للذين وقفوا ضدها او شوهوا صورتها مثلما لن تغفر لطغاتها جرائمهم بحقها...فذاكرة الشعوب هي قوية اكثر مما نتصور! وبالتالي فأن السقوط الادبي في نصرة الطغاة وانظمتهم الفاسدة هو انحطاط فكري واثم اخلاقي وفساد ذاتي سوف يبقى وصمة عار في جبين صاحبه ولن يكون الاعتذار عنه سوى وسيلة بائسة لمسحه!...فالاثر باق ولن يزول بمرور الزمن!.
الاستعانة المباحة!
كانت الاستعانة ضرورية في طلب معونة العالم الغربي في نصرة الشعب الليبي ضد طاغيته المعتوه الذي لا يتورع عن استخدام اقذر الوسائل واخسها في الابادة والاذلال!
واقتصارها على العالم الغربي تحديدا جاء لكون القيادة العالمية مازالت بيده، وليس هنالك ادنى استعداد لدول اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية في تقديم العون لانها اما نظم ديمقراطية ناشئة او ليس لديها المقدرة المادية في تقديم العون وكذلك وجود بعض النظم التي لا تحترم حقوق الانسان رغم قدرتها على التدخل مثل الصين وروسيا!.
لقد اصمت تلك الاستعانة المستعجلة اغلب الابواق الاعلامية التي هاجمت التحالف الغربي في قيامه بتحرير العراق وافغانستان من الاستبداد من قبل،فالاستعانة ليست منحصرة ضمن حدودنا حتى نختصرها بخرافة سرقة الثروات العربية التي هي اساسا بيد الغرب في حالة بقاء الاوضاع على ما هو عليها!... فأوروبا تحررت بفضل التحالف الغربي ضد النازية والفاشية وكذلك تحررت بلاد اسيا من قبل من سطوة الاستعمار الياباني،وبالتالي تنعمت تلك البلاد بالحرية والديمقراطية وبثمارها الحالية من التقدم والاستقرار،والحكومات الغربية تتعرض احيانا لضغط الرأي العام ومنظمات حقوق الانسان في ضرورة التدخل لغرض انقاذ ما يمكن انقاذه ويعاب عليها ترك الامور في حالة التردد... صحيح هنالك رفض لبعض المشاركات ولكن ذلك طبيعي في ظل اختلاف الاراء حول جميع القضايا في العالم ...ولولا التدخل المباح لراينا مذابح كبرى يسقط فيها عدد كبير من الضحايا مثل مذابح رواندا والبوسنة وكمبوديا التي تردد الغرب فيهن،والمذبحة التي كانت متوقعة في بنغازي كانت نموذجا مثاليا.
لم تشترك الانظمة العربية رغم الخلافات المستمرة فيما بينها في مساعدة الشعوب الثائرة الاخرى التي تخضع لاعدائها،وهو امر متوقع بسبب الرغبة في عدم وجود اي نظم ديمقراطية تكون السبب في زعزعة استقرارها!...والمشاركة الخليجية الرمزية في مساعدة الشعب الليبي هي غير مؤثرة بلا شك وهي جاءت تحت ضغط الدول الغربية ولم تكن صادقة والا لما شاهدنا الجريمة الكبرى التي قامت بها نفس تلك الانظمة المتخلفة في المشاركة بقمع ثورة الشعب البحريني الجريح وحصاره اللااخلاقي من جميع النواحي وبخاصة في الجانب الاعلامي الذي اثبت اثره في تحريك الشعوب نحو استعاده حقها الطبيعي في الحياة الحرة الكريمة وتحطيم اكاذيب الانظمة التي طالما تبجحت بها بوقاحة غير متناهية!.
ان التدخل الاجنبي سوف يساعد في الاسراع بالخلاص من الطواغيت وسوف يؤدي الى قيام نظم جديدة منبثقة من الارادة الشعبية... واذا كان خوف البعض من التبعية الجديدة قد يؤدي الى معارضتهم له،فالحقيقة هي ان التبعية مع الاستبداد اكثر وضوحا من حالة النظم المتحررة منه هذا من ناحية ومن ناحية اخرى هي ان الارادة الشعبية تؤدي الى تاسيس نظم سياسية قوية ومستقرة سوف يكون من الصعب اخضاعها خارجيا،وعلى العموم فأن الخسائر الناجمة من البقاء تحت ظلال الطغيان هي اكبر بكثير من اي تغيير مهما كانت الوسائل المستخدمة فيه!.
ان ملايين اللاجئين والمغتربين في بلاد الغرب لم يجدوا في بلادهم والبلاد المجاورة من حرية او احترام لحقوق الانسان وبالتالي فأن ذلك هو رد على كل من يتهم الغرب بسلب الحريات في داخل حدوده...نعم هنالك اخطاء طبيعية ضمن السياسات الغربية الداخلية والخارجية الا انها ليست ثابتة وتخضع بأستمرار لنقد ومحاسبة مستمرة.
النهاية الحتمية!
الشعوب باقية والتعايش السلمي هو خاتمة مسيرتها في الحياة،وسوف تزول كافة الحدود السياسية وانظمتها الوضعية،كما سوف تزول كافة القيود التي فرضتها العصابات الاجرامية التي طالما تحكمت بشعوبها واستمتعت بحكمها بلذة سادية غريبة!.
النصر الحتمي هو نهاية الثورات الليبية والبحرينية واليمنية والسورية كما ان الشعوب الاخرى لن تقف مكتوفة الايدي عندما ترى اشقائها احرار في دنياهم كما هم احرار في دينهم وبالتالي فأن الحمية الثورية سوف تنتقل اليها وسوف تكون هنالك ذكريات جميلة لان لذة النصر على الطغاة ،ايا كانوا... هي لذة عجيبة غريبة لا يحس بها او يشعر بنشوتها الا الاحرار الذين يرفضون العبودية!.
العبودية هي مرض خبيث وغريب!...خبيث وعرفناه لانه يحول شخصية الانسان الى مسخ من حجر ولكن غريب،كيف؟!...
لان الامراض عادة يشعر بها اصحابها ويتألمون من جرائها، ولكن العبودية يشعر بها حتى المتحرر منها لانه يعرف مدى الالم وقسوته والانحراف وطبيعته! وعليه فأن ذلك المرض الخبيث لن يزول الا بالاستئصال التام ولا تنفع معه المراهم المخففة!.
لا خوف من الان وصاعدا من فشل الثورات المعاصرة!فالمرحلة الحالية هي لها مهما تفرعن الطغاة واتباعهم...  فأذا كان التوقف مؤقتا فهو لاستعادة المبادرة بقوة وحزم وليس لقبول الواقع!...
تيار الحرية بدأ ينتصر ويسود ونهاية الاستعباد بدأت تضعف وتزول !.

2011/03/26

السقوط المدوي للحزب الدموي!


السقوط المدوي للحزب الدموي:
ما يجري في سوريا ومن قبل في العراق يعيد للاذهان سيرة الحزب الدموي المسمى بحزب البعث وطريقة حكمه!.
قال شاعرهم: بعث تشيده الجماجم والدم....تتحطم الدنيا ولا يتحطم!.
هذا البيت الشعري هو خلاصة أثرية لتركيبة هذا الحزب الدموي المسمى البعث! سواء اكان فكرا ام سلوكا!...وتاريخه المرعب في العراق وسوريا هو حصيلة للارث الدموي لتكوين هذا الحزب.
لا يوجد حزب في العالم العربي مثل حزب البعث في الكثير من الصفات الجامعة له والتي تميز بها واصبحت علامات بارزة له كحزب فاشي لا يعير اي اهمية لكافة المثل والقيم الدينية والاخلاقية والانسانية،وبخاصة طريقة تسلقه السلطة بطريقة يعجز المغامرون عن تنفيذها!.
فمن علاماته الفارقة هي طريقة تأسيسه الغريبة والمريبة والتي لا يوجد مثيل لها وهي باقية في غموضها...كما ان سيرة مؤسسيه الاوائل البعيدة عن الثقافة والفكر والوطنية المخلصة هي اصبحت من علاماته المميزة...ومن ابرز علاماته الفارقة هي فقره الفادح في ادبياته والاسس الفكرية الهزيلة التي استند عليها!ولانه استند على قبضة المسدس وليس القلم فكان من الطبيعي ان يبتعد عن هذا الاتجاه الضروري لكل حركة سياسية...
فمن سرقة جهود المفكر السوري الارسوزي الى استعارة بعض ادبيات التاريخ الاسلامي وسرقة بعض النصوص والافكار من الفكر الماركسي، ودمجها بطريقة تثير الغثيان لهذا الخواء الفكري الذي ليس له قاعدة مستقلة،فأكبر مؤسسيه وهو ميشيل عفلق لا يوجد لديه سوى بعض المقالات التي كتبها بطريقة انشائية للصحف وجمعت في كتاب يسمى: في سبيل البعث!...وياللعار فقد طبعوه مرارا وتكرارا واعتبره انجيلا لهم وهو دال على ضئالة مستواهم،ثم لم تمض فترة طويلة حتى كان الجناح السوري للحزب قد نبذه وحاربه بينما تفتخر عادة الاحزاب والحركات بالانتساب لمفكرين وقادة حتى لو كانوا من بلاد مختلفة سواء فكرا او سلوكا مثل ماركس الذي تفتخر به الحركات الشيوعية والمفكرين المسلمين من شتى البقاع والذين تفتخر بهم الحركات السياسية الاسلامية المختلفة.
وجد هذا الحزب الصغير نفسه ضمن تيارات سياسية كبيرة الحجم والتأثير وبالتالي فأن مكانه ضمنها سوف يبقى في ادنى السلم ضمن التأثير العام مما جعله ينبذ الديمقراطية والحرية كوسيلة شرعية للسلطة بالرغم من الادعاء انها احدى شعاراته!... واعتمد على الانقلاب العسكري السري الذي ينجح بطريقة مريبة والذي لا تعرف مصادر تمويله ولا الطريقة التي جعلته يقفز بسرعة على السلطة عام 1963 في سوريا والعراق بينما تعجز اغلب الحركات بما في ذلك السرية والمغامرة في الوصول الى الحكم بنفس الكيفية! والانقلاب كوسيلة لتصديه للقيادة السياسية وجعلها حكرا عليه هي معروفة دوافعها لانه يعرف مسبقا انه لو اقيمت نظم ديمقراطية فلن يكون له وجود ابدا ضمن اختيارات الشعوب!.
لم يدخر هذا الحزب الدموي من وسيلة لاجل البقاء في السلطة!...فدمر البلاد التي حكمها ولم يستطع حتى توحيد بلدين حكمهما بالحديد والنار فكيف يريد ان يوحد العالم العربي!...فكانت البداية الصراع بين اعضاءه ورأينا كيف كان الصراع الدموي الوحشي الخالي من اي سمة اخلاقية او انسانية بما في ذلك نبل الفرسان فهي منعدمة الوجود ضمن السلوك الفردي لاغلب اتباعه!... وسقط نتيجتها عدد كبير من اتباعه الذين يتصفون غالبا بالانحلال الاخلاقي والضعف الثقافي والردع الذاتي لهما،وانتساب عدد كبير منهم الى فئات المجتمع المنبوذة مما جعل انتقامهم منهم يكون على اعلى درجات الوحشية الهمجية خلال سيطرتهم!.
مثل هكذا حزب سري غريب الاطوار...فأنه من السهل على من يملكون طاقات مثالية في القسوة والخداع، ان يتسلقوا سلمه للوصول الى غاياتهم في السلطة المطلقة والتمتع بها بشراهة حيوانية وتوريثها لاحقا لابنائهم واقاربهم مستغلين في ذلك فقدان مقدرة شعوبهم على التغيير كما ان يحسنون اللعب على المصالح الدولية واستغلالها لاجل البقاء في السلطة لاجل غير مسمى!...ومن هنا رأينا كيف وصل شخص وضيع مثل البكر وصدام واقربائهم الى حكم العراق وايضا حافظ الاسد وتوريثه السلطة لابنه بطريقة علنية خالية من اي اعتبار للراي العام او حتى لحزبه الذي رفعه مع ملاحظة سيطرة اسرهم جميعا على مقدرات البلاد والتحكم فيها بطريقة خالية من ادنى احترام او اعتبار لابناء الشعب وطبقاته الواعية!.
ان ضحايا هذا الحزب الدموي في العراق وسوريا والبلاد المجاورة والتي نكبت بسياساتهم الاجرامية هي تفوق بكثير ضحايا الصراع العربي مع اسرائيل بل مع اي صراع بين الانظمة العربية الاخرى!...وهذا العدد الهائل من الضحايا سوف يكون هو السيف القاتل الذي يقضي على هذا الحزب حتميا!.. فالتاريخ لن يرحم الطغاة وعصاباتهم الاجرامية وبالتالي فأن السقوط المدوي لبعث العراق كان متوقعا وسوف يتبعه لاحقا وان تأخر سقوط زميله البعث السوري!.
لم يجلب هذا الحزب للبلدين الذين نكبا به سوى الدمار والفساد وتوريث السلطة وضياع الموارد والفقر والجهل والفساد وعبودية الاصنام الحاكمة ومسخ الشخصية الوطنية المستقلة مما ادى الى ظهور فئات كبيرة الحجم في تلك المجتمعات،هي مشوهة في الفكر والسلوك!...وليس من السهل ابدا في فترة زمنية قصيرة ان تزال اورام هذا السرطان الخطير في الجسم العربي بشكل كامل! بل ان العلاج الطويل الامد هو السبيل الوحيد للخلاص الابدي من تلك الحركات الفاشية التي تسلطت بالغدر والخيانة على شعوبها التي حولتها الى عبيد يستسهلون حياة الذل بعذوبة غريبة!.
لقد كشف سقوط البعث المدوي في العراق جزءا بسيطا من حجم الدمار النفسي والاقتصادي والسياسي لهذا البلد وشعبه،وسوف يكشف المستقبل ايضا نفس حجم الدمار في سوريا وان كان اقل في حجم بعض الحسابات المادية! لان الفارق يبقى ظاهرا بين حجم البلدين ونوعية الحاكمين!.
لا يتعلمون من الدروس!
الاحداث التي تلت سقوط بعث العراق عام 2003 ومن ثم الثورات العربية الراهنة في عام 2011 لم تعي خلالها الانظمة الباقية حقيقة وحجم الكارثة المستمرة،ومن ضمن هؤلاء نظام البعث السوري الذي مازال يمارس نفس السياسات الخاطئة من قمع وفساد في الحكم والادارة مستغلا حالة الطوارئ منذ نصف قرن!...اي قيمة اعتبارية سوف تكون لكلمة الطوارئ والتي تبقى لنصف قرن؟!.
فقمعه الوحشي للمظاهرات المطالبة بالحريات الى اعتقاله التعسفي من قبل للمدونين ودعاة الحقوق المدنية واتهامهم بتهم زائفة وضيعة هي دلالة على المستوى الهزيل للنظام وبنيته الامنية التي ليس لها وجود سوى في الداخل! كما وان مسكناته المؤقتة لن تنفع في ازالة الاورام الخبيثة في الجسم مهما كانت نوعيتها!.
ان تكرار الاخطاء سوف يعجل بالنهاية الحتمية للحزب الدموي الذي هو في الحقيقة ليس سوى جثة هامدة لا روح فيها منذ تسلقه على السلطة عام 1963 في البلدين،عندما تحول الى جهاز امني تابع لرأس النظام ومهمته الرئيسية هي متابعة الشعب وحبس انفاسه وتجنيد الاعضاء بدون اي حرية للاختيار كما هو متعارف لدى الحركات السياسية!...كما ان الادعاء في مقاومة اسرائيل لن تنفع ايا كان من المحاسبة على اخطاءه!.
ان سقوط النظام في سوريا سوف يؤدي لا محالة الى ازاحة تلك الجثة المتعفنة التي طال امد تحنيطها،وسوف تكون من عبر التاريخ ومآسيه!.

2011/03/23

مذكرات من بيت الاغتراب 5


مذكرات من بيت الاغتراب:5
الدول التي يمر على استقرارها السياسي و الاجتماعي فترة طويلة،لا تهتم الغالبية الساحقة من شعوبها بمتابعة الحياة السياسية العامة وتفاصيلها المملة لانها خرجت من دائرة تأثيرها المباشر في الحياة الشخصية وخصوصيتها!...ومن بين تلك الشعوب هو الشعب الاسترالي، ومن هنا كان الضعف الشعبي الواضح بمعرفة حتى اسماء السياسيين البارزين والذين من بينهم الحاكم العام وهو نائب الملكة وهو مايعادل منصب رئيس الجمهوري التشريفي في البلاد التي تحكم بأنظمة برلمانية مثل المانيا والنمسا واسرائيل وغيرها،اما المنصب الفعلي فهو لرئيس الوزراء وللبرلمان المنتخب،ونفس الحال ينطبق على كل ولاية،اي حاكم عام ورئيس وزراء وبرلمان خاص بها،والجميع لهم صلاحيات محدودة وموزعة حسب الدستور والقوانين...
وكما هو معروف فأن الاشخاص يتغيرون بصورة دورية دون ان يكون هنالك ادنى اهتمام بهم وحتى أسمائهم تبقى مجهولة رغم تداولها بحرية في الاعلام، ومن المحتمل ان يكون رئيس الوزراء واحيانا رئيس وزراء الولاية محط اهتمام نسبي ومعرفة بسيطة!...هذا يذكرني بالنكتة اليابانية الشهيرة والتي تنطبق على بلاد اخرى مشابهة لها،وهي ان الياباني عندما يعود لبلده بعد رحلة طويلة للخارج،فأن اول سؤال يوجهه الى سائق التاكسي في طريق العودة هو عن اسم رئيس الوزراء الحالي لكونه عارفا بأحتمالية التغيير في فترة سفره!...اين هذا من الملوك والامراء واخيرا رؤساء الجمهورية في العالم التعيس المسمى بالعربي! فهم مع المولود عندما يولد، حاضرون ويستمرون معه حتى لحده بعد ان يأكله الغم والهم والحزن! بل وحتى في قبره يبقى معرضا للانتقام والتشويه!...
الجهل العام بأسماء معظم السياسيين المتصدين لقيادة البلاد،هو مشهد عام في النظم الديمقراطية كونها تشهد تصدي الكثيرين للمشهد السياسي العام مع وجود الصلاحيات المحدودة وهو ما يساعد على الاستغلال الامثل لقدراتهم والتقليل من سلبيات القلة المتحكمة، وهذا ليس معناه ان الشعب جاهل ويقاد بدون معرفته!...كلا ، بل ان المتابعة هي شديدة ومتواصلة ولكن التقاليد الديمقراطية عريقة ويتم توريثها للاجيال القادمة بطريقة محكمة ولا مجال للخروج عنها بسبب وجود مختلف التيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني المتعددة،ولكن الغالبية الساحقة التي لا تهتم بالسياسة هي من تتجاهل عن عمد او لا ترى من الضروري متابعة ذلك بل يبقى الفيصل هو السياسات المتبعة وتأثيراتها على السكان بصورة مباشرة!.
نساء ومهاجرين!
اثناء كارثة الفيضانات في استراليا في بداية عام 2011 ،ظهرت عدة مرات في وسائل الاعلام رئيسة وزراء ولاية كوينزلاند التي تعرضت للكارثة...وحينها اثارت انتباهي ظاهرتين:الاولى هي كثرة النساء في المناصب السياسية وبخاصة القيادية منها سواء على المستوى الاتحادي او الولايات وبخاصة المنصبين الرئيسيين:الحاكم العام ورئاسة الوزراء!والاخرى هي ان المهاجرين او أبنائهم،لهم نصيب وافر في المناصب العليا للدولة كما هي في المجتمع!.
فالحاكم العام لاستراليا،هي امرأة وهي نائبة لملكة،ورئيسة الوزراء ايضا امرأة مهاجرة من ويلز في بريطانيا! وزعيم المعارضة ايضا مهاجر من نفس البلد!ووزيرة الدفاع او بقية الوزارات الاخرى وكذلك زعماء الاحزاب الخ...
الحاكم العام لاكبر الولايات(نيو ساوث ويلز) هي امرأة ايضا ومن اصول لبنانية(ماري بشير) كما ان رئيسة وزراء الولاية ايضا امرأة امريكية مهاجرة حصلت على الجنسية عام 2000!...هذا بالاضافة الى وصول امرأة اخرى مولودة خارج البلاد الى رئاسة الوزراء في ولاية تسمانيا(24/1/2011) ،كما ان الحاكم العام لولاية فيكتوريا مهاجر سيلاني ورئيس الوزراء السابق هو لبناني ورئيس البلدية السابق من هونغ كونغ ! وهذه بالطبع نماذج للاشارة وليست للحصر!...هذا يعني ان النساء لهن دورا رئيسيا في ادارة استراليا يفوق معظم البلدان في العالم ،وادارتهن ثبت للجميع نجاحها لان الاغلبية تقريبا يملكن قدرات علمية او ادارية رفيعة المستوى والا لما وصلن الى ما وصلن اليه من مقدرة على الحكم والادارة والابداع.
الشيء الذي اثار الانتباه هو ان العاطفة والتي تتميز المرأة بها، قد دخلت معها في صميم العمل السياسي وقراراته ايضا!...فبكاء المرأة او تأثرها الواضح نتيجة الكوارث الطبيعية او مع الحالات الانسانية الخاصة مثلا،هو شائع ودون ان يواجه بأستنكار او استهجان من قبل الرجال خاصة اذا كانوا من المعارضة التي تتصيد الاخطاء!...
فقد رأينا رئيسة الوزراء وهي تبكي في البرلمان حينما تحدثت عن كارثة الفيضانات ورفعت صورة فتى استرالي(13عام) ضحى بنفسه من اجل انقاذ والدته واخيه الاصغر في ايثار نادر في هذا العصر،وقد  ذكرتني تلك الحادثة بالمقاتلين العطشى الجرحى الثلاثة في الجيش الاسلامي في معركة اليرموك والذين استشهدوا بعد ايثارهم لزملائهم في رغبتهم شرب الماء قبلهم!.
رئيسة وزراء الولاية المنكوبة ايضا كانت تبكي او تظهر متأثرة بأستمرار،والظاهر ان تلك العواطف اثرت كثيرا في اتخاذ الكثير من القرارات ليس فقط في داخل البلاد بل في خارجها ايضا عندما حصلت الزلازل في نيوزيلندا واليابان...اذا في هذه الحالة ومع التصور الشائع بتغير الطبائع نحو الاسوأ مع الارتفاع في مستوى الدرجات الوظيفية والسياسية نحتاج الى الارتفاع بالمستوى المهني للنساء كي يمنحن تلك الوظائف مسحة انثوية خالصة وبخاصة عواطفها المتدفقة في الكثير من القضايا الانسانية التي يتجاهلها من يحاول اثبات رجولته في عدم التأثر او الادعاء بصلابة الموقف!.
ان وصول النساء الى تلك المناصب وبتلك الكثرة السائدة ،هي دلالة واضحة على مقدار التقدم الحاصل من نتائج منحها الحقوق الاساسية ونقلها من النص الى الواقع،كما ان نصيبها في الحياة العملية هو واسع بلا شك وسوف يضيف الى الدخل القومي مصادر هامة كانت مقدر لها الضياع لو تم حرمانها من المشاركة الفعلية... وهذا الحديث يجرنا الى حجم الطاقات المعطلة والمهدورة للاناث في العالم العربي من كافة النواحي والتي يصعب تقديرها بدقة متناهية مع الاضطهاد والقمع الاسري اللذان يسلبانها الحقوق الاساسية التي تنص عليها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية...
حالة المهاجرين ايضا لها دلالة واضحة فهي تدل على ان الدول التي دمجتهم في مجتمعاتهم وبصورة عملية قد حققت اعلى النتائج الرائعة في مختلف المواقع،ولنا امثلة في امريكا الشمالية واستراليا كنماذج مثالية الى حد بعيد،وقد وصل البعض منهم الى اعلى المستويات سواء من الناحية السياسية او المادية بل وحتى المعرفية ومنها الادب والفكر...صحيح قد تكون هنالك خروقات نادرة ولكنها من وراء القوانين،وتلك المعاملة والمساواة تتوافق مع المطالب الاساسية لحقوق الانسان وحرياته الواردة في الاديان والمذاهب الوضعية والتي تدعو لها صراحة دون ان تجد من يستمع اليها بالرغم من الادعاء بعكس ذلك!...وفي هذا المجال ايضا مازالت دول العالم العربي متخلفة كثيرا في منح تلك الحقوق للمهاجرين واللاجئين والعمالة المؤقتة،بل مازالت العبودية والرق موجودة وبصور متعددة، قد يظهر البعض منها في وسائل الاعلام عندما تكون الحالة ماسأوية! ومن هنا نرى حالة الكره المتبادل تبقى بين الاطراف كافة والتي تنفجر في لحظة غضب جماعية،بينما كان الاولى تحويلها الى حالة من الانسجام الاجتماعي التي تعود بالنفع العام...بل الاسوأ ان اغلبها مازال يضع القيود على مواطنيه في الوصول الى المناصب العليا ويبحث بتأني وصبر شديد عن اصوله قبل خمسة قرون او الف عام! ناسيا ان دولته لم تكن بنفس الحالة في ذلك العصر!.
ان التخلف والجهل ليس منحصرا في موقع واحد، بل يدخل في الحياة الى درجة يوجه العقل واللاوعي الشعوري نحو سلوك مشين نراه صائبا ونزينه بمختلف الاوصاف الدينية والوطنية النادرة ...وفي تلك اللحظة من فقدان الذات نفقد كل شيء معها!.