إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/11/30

عندما تظهر الحقيقة!


عندما تظهر الحقيقة!
عندما سقطت السفارة الامريكية بيد الطلبة الثوريون في ايران عام 1979، تم الاستيلاء على عدد كبير من الوثائق التي كشفت خبايا الدور الامريكي الخطير خلال فترة طويلة،ومنذ ذلك الحين بقي المتابعون والباحثون منتظرون فتح السرية عن اغلب الوثائق البريطانية التي يمر عليها ثلاثون عاما او ما تسمح به الدول الاخرى وفق قيود مشددة لكي تتم محاكمة الشخصيات التاريخية التي يكون اغلبها خارج السلطة وبعيد عن المسائلة والعدالة او لتدوين تاريخ يسوده النفاق والكذب! بل حتى عند سقوط النظم الشيوعية عام 1989 لم تظهر للعلن كل اسرار الحقبة السوداء من تاريخ اوروبا الشرقية الى العلن بل ان اغلبها اتلف وتناست تلك الشعوب بطريقة غريبة تلك المأسي الجسام التي جعلتها مسلوبة الارادة وفاقدة لاقدس خصوصيات الانسان وهي الحرية في فترة قياسية...حتى ظهر موقع ويكيليكس في ظل الثورة الاعلامية الحديثة التي استفادت من تقدم التكنولوجيا الحديثة لغرض كشف الحقائق واظهار الزيف والفساد الى العلن مستخدمة اساليب وطرق دائما استغلها الاشرار للحفاظ على خصوصياتهم.
ليس غريبا ان يرتعب الان المتحكمون بشعوبهم من ذلك الكشف المروع لجرائمهم وفسادهم ونفاقهم وكذبهم وان يظهر للجميع مدى البشاعة التي تحملها تلك الوجوه التي تمثل دور الطفل البرئ النقي من كل صفات الرذيلة والفساد عند ظهورها في وسائل الاعلام عندما تسلط اضواء الكاميرا عليها!...فالحقيقة المرة التي دائما نراها عند انتصار الثورات والانقلابات عندما تكشف كل الاسرار للعهد السابق قد اصبحت الان حقيقة ثابتة ولا داعي للعنف او الثورة او لدفع ثمن باهظ لغرض الوصول اليها،ولكن المؤسف حقا هو وجود من كان يصدق تلك الاباطيل ويدافع عنها بقوة وكأنها نصوص مقدسة سوف تدخل للجحيم اذا لم يكن مدافعا عنها ضد المتمردين ودعاة التشرذم وتمزيق وحدة الصف!.
المأساة الكبرى عندما يكون الحال ميؤسا منه بعد ظهور الحقائق من خلال استمرار المطبلين للعهد الاسود في وقاحتهم اللامحدودة او اصابة عدد كبير من الضحايا باعراض مرض استوكهولم من خلال دفاعهم الغير منطقي والمعقول عن جلاديهم... وحينها يسود اليأس من حدوث تغيير حقيقي للواقع وتحريك الراكد وايقاظ النفوس المريضة او الخائفة من سباتها الطويل !.
كم من الطغاة واعوانهم كنا نراهم في افلام وصور وكتابات كأنهم احمال وديعة تحمل مواصفات المعصومين! وعندما تظهر ابتساماتهم الماكرة لقلة من العارفين حينما تسلط الاضواء عليهم وتظهر خلاف ما تبطن،حينها يقف المرء خائفا على حياته من الجهر بالحقيقة والمآساة...
مازالت في الذاكرة التاريخية تلك الامثلة السوداء التي سودت صفحات التاريخ بعد سقوطهم مثل صدام والشاه وشاوشيسكو وبول بوت وبوكاسا ومن قبلهم ستالين وهتلر وغيرهم وفي حياتهم كانوا مثالا للفروسية والمعرفة! حتى ظهر فداحة الجهل الذي تحول الى نقمة كبرى على شعوبهم التي سلبت من كل شيء لاجل لاشيء!.
اين المفر من فضائح ويكيليكس الجديدة وبخاصة التي تمس بصورة مباشرة المتحكمين بمصائر شعوب العالم العربي؟ هل سوف يبقون صامتين مستنكرين ام يخرجون علينا بتبريرات وقحة يطبل لها المطبلون!.

2010/11/27

الاستهلاك والادخار والتنمية

الاستهلاك والادخار والتنمية:
بعد حدوث الازمة الاقتصادية العالمية عام 2008،قامت بعض الدول مثل استراليا وبعض الدول الاوروبية بضخ الكثير من الاموال في الاقتصاد من خلال دفع منح مالية لعدد كبير من السكان بغية تشجيعهم على الاستهلاك الذي انحسر بسبب الازمة المالية لابعاد شبح الركود الاقتصادي الطويل، وحينها تسائل عدد كبير من الناس عن مغزى دفع اموال لهم في بداية ازمة مالية قد تكون طويلة! وقالوا ماذا لو استخدمت في اقامة مشاريع متنوعة، ولم يكن يقدروا حق تقدير عامل الاستهلاك كوسيلة للتنمية من خلال تصريف المنتجات مما يشجع على بقاء الانتاج وتحريك عجلة الاقتصاد.
تشكل التنمية اساس تقدم الامم وتطلعها نحو الازدهار والتحضر،ولا يمكن ان تقوم التنمية الا بوجود عاملي الادخار والاستهلاك،واي خلل يحصل سوف يؤثر سلبيا على الحالة الاقتصادية للبلد ويمتد تأثيره الى البلاد الاخرى بفعل حالة العولمة المعاصرة التي تداخلت فيها الاقتصاديات المختلفة الى درجة اصبح من الصعب الفصل بينها!.
الفكرة المتوارثة بأن الادخار هو وسيلة التنمية فقط هي فكرة خاطئة تماما! كما ان الادخار فوق الطبيعي سوف يؤدي بالتأكيد الى حصول ركود اقتصادي من الصعب مقاومته مما يؤدي الى توقف النمو والتنمية لان وجود استثمار قوي سوف يؤدي الى ظهور انتاج له وبالتالي الحاجة لتصريفه حتى يستمر بنفس القوة،وعليه يكون الرجوع الى الاستهلاك كوسيلة ثابتة لديمومة النمو مما يعني ان الاستهلاك والادخار هما اساسا النمو الاقتصادي والتنمية الحقيقية ويجب ان تكون موازنة حقيقية بينهما لايمكن الاخلال بدقتها!.
لقد حصل نمو اقتصادي مدهش في بلاد الشرق الاقصى لعوامل عدة منها: ان العادات الاجتماعية المتوارثة هي تحث دائما على الادخار الطويل الامد بسبب الكثافة السكانية العالية وقلة الموارد الطبيعية التي تسببت بكوارث سابقة مع التقليل من الاستهلاك الى ابعد حد هذا بالاضافة الى قوة الارادة الجماعية في ضرورة التقدم والرقي وقد وصل الادخار الى درجات عالية جدا توفق المعدل الطبيعي بحيث تجاوزت دول مثل سنغافورة والصين نسبة 50% وكان تفوق اليابان على الدول الغربية خلال العقود التي اعقبت الحرب الثانية يعود الى هذا العامل ايضا حيث كانت تفوق 33% بينما كانت النسبة في امريكا حوالي 16% (هذه الارقام دائمة التغيير) والتي اشتهرت بثقافتها الاستهلاكية المغايرة!وفي الحقيقة ان ذلك الازدهار لم ينجح الا بوجود اسواق ضخمة قادرة على استيعاب تلك الكميات الهائلة من الانتاج ولم يكن يوجد سوى سوق واحد تقريبا قادرة على ذلك الاستيعاب وهي السوق الامريكية! ولذلك لعبت امريكا دورا رئيسيا في تطوير تلك البلاد حتى وصل الامر الى ماهو معروف في تخلخل الميزان التجاري لصالح تلك الدول بدرجة خطيرة حتى أثر على الوضع الاقتصادي الداخلي الامريكي! وهذا معناه انه لولا توفر هذا الشرط  الاساسي لما نجحت دول الشرق الاقصى في تنمية نفسها بالاعتماد على عامل الادخار لوحده مما يعني تبادل المصلحة بين الطرفين،وقد ادى ذلك الى توفر تراكمات مالية هائلة لم تقم تلك الدول بحث شعوبها على الاستهلاك كوسيلة للتطوير الذاتي بعد تجاوز مرحلة الاتكال على الغير،بل واصلت الاستثمار في داخل الدول الاخرى وبخاصة في السوق المالية الدولية الغير منتجة ومنها سوق السندات الامريكية التي تدعم استمرار تدفق الواردات من الخارج... ومع حدوث الازمة المالية العالمية عام 2008 لم تقم تلك الدول بواجبها في تشجيع الاستهلاك الداخلي من خلال ضخ الاموال في الداخل مما يعني تحريك الاقتصاد العالمي من خلال زيادة اعداد المستهلكين او زيادة القدرة الشرائية لديهم،ولكنها واصلت دعم الاقتصاد الامريكي من خلال شراء سندات دعم الخزينة لسد الفجوات الداخلية لكي يستمر الاستهلاك الامريكي الى مالانهاية لغرض دعم التنمية الداخلية من خلال استمرار التصدير لدول مثل الصين التي لو استثمرت الاموال المدخرة في تطوير الداخل وتشجيع الاستهلاك لكان النمو اكبر بكثير ولكن الثقافة المتوارثة والاستناد على عامل الادخار والتصدير الى الخارج كان اكبر من عملية القدرة على التغيير،بينما تجاوزت اليابان منذ فترة طويلة هذه المرحلة من خلال تشجيع الاستهلاك الداخلي كوسيلة لتصريف الانتاج المحلي بالرغم من بقاء سياسة الحماية،هذا مع العلم ان سياسة البقاء على الادخار قد يؤدي الى فقدان القيمة الحقيقية للمدخرات من خلال تدهور احوال الاخرين او ضعف قيمة العملات مما يعني تآكلها مما يعني انه غير آمن.
في المقابل استند التطور الاقتصادي الامريكي على ثقافة الاستهلاك وفي الحقيقة انه لولا هذا العامل لما تقدمت امريكا كثيرا!ولكن لولا وجود القدرة الانتاجية الهائلة لما ظهر هذا العامل المهم في التنمية مما يعني ان الدول التي ليست لديها القدرة الانتاجية الكافية فأن ثقافة الاستهلاك هي غير كافية بل هدرا للاموال واضاعة للجهد، مما يعني ان طرق التنمية ليست واحدة بل عديدة،وقد ساهم توفر الموارد الطبيعية والانشغال لفترة طويلة في بناء الاقتصاد الداخلي في تطوير البلاد حتى اصبحت اقوى اقتصاد في العالم لفترة تجاوزت القرن بكثير!.
ان الاستهلاك الداخلي سوف يؤدي الى تصريف الانتاج الداخلي مما يعني دوران العجلة الاقتصادية،وقد ساهم الادخار وتوفر الموارد الطبيعية مع عدم الانفاق الدفاعي الضخم الى تطور امريكا السريع بعد الحرب الاهلية 1861-1865 ولغاية عام 1939،ولكن لذلك الاستهلاك الضروري شرط هام وهو استهداف الانتاج المحلي وليس العكس كما هو حاصل لدى البلاد العربية!.
الاستهلاك والادخار في الدول العربية:
يعود سبب تأخر الدول العربية الاقتصادي الى وجود فوضى وضعف في ادارة وتخطيط الوضع الاقتصادي،فلا هي من الدول العالية الادخار وتعتمد التصدير الى الخارج كما هو في حالة دول شرق اسيا ولا هي من الدول المعتمدة على الاستهلاك الداخلي لانتاجها لغرض النمو الاقتصادي كما هو في حالة امريكا، بل هي ضيعت المسارين معا!.
فالاستهلاك الداخلي الضخم في دول الخليج مثلا هو غير مجدي في التنمية لان اغلب المستهلك هو مستورد مما يعني عدم وجود قدرة انتاجية داخلية كافية لسد احتياجاتها المحلية واعتمادها هو فقط على السيولة النقدية نتيجة تصدير النفط وهو عامل مؤقت بسبب ان النفط هو مادة ناضبة وكذلك وجود النمو السكاني العالي،مما يعني انه في حالة البقاء على تلك السياسة التي مر عليها عدة عقود من الزمن دون تغيير فأنه سوف يؤدي الى تكرار حالة اسبانيا والبرتغال عندما توفرت لهما الاموال الضخمة من استعمار امريكا اللاتينية دون ان يتم استثمارها بالشكل الصحيح كما حصل في امريكا وانكلترا،وفي المقابل فأن الدول الاخرى التي تعتمد الادخار دون وجود منافذ استثمارية داخلية مثل ليبيا والجزائر فمعناه ان التنمية سوف تبقى متوقفة او بطيئة لعدم بناء مصادر انتاجية لسد الاحتياجات المحلية وتصدير الفائض كما هو حاصل في حالة دول الشرق الاقصى مما يعني ان هذا المسار ايضا غير صحيح.
اما اغلب الدول العربية مثل مصر والسودان والمغرب واليمن وغيرها فهي لا تتبع الطريقين! بسبب ان الاستهلاك يشكل نسبة عالية من الدخل لكونه محدودا وليس لوفرة السيولة النقدية مما يؤدي الى عدم وجود ادخار حقيقي بمستويات معقولة مما يعني ان عجلة التنمية الاقتصادية متوقفة منذ فترة طويلة،والغريب ان اغلب تلك الدول ايضا مستوردة لاغلب احتياجاتها الداخلية الغذائية بالاضافة الى الصناعية مما يعني ان عدم وجود التصدير وعدم وجود الامكانيات الانتاجية الداخلية لسد الاحتياجات المحلية سوف يبقي تلك الدول في دائرة التخلف وللدلالة على الوضع المرعب تذكر بعض الاحصائيات ان نسبة الادخار في مصر في عقد التسعينيات يصل الى 7% وهي نسبة ضئيلة لا تكفي اساسا حالة النمو السكاني المرتفعة مما يعني تآكل القيمة الحقيقية للدخل بالرغم من ارتفاعها الشكلي(لان الحاجة الحقيقية للبقاء ضمن نفس المستوى يجب ان تكون بحدود 8%) وهذا ينطبق على بقية الدول الاخرى التي تتصارع فيما بينها لاتفه الاسباب ولا تتعاون لمجرد الرغبة في البقاء ضمن دائرة الدول الساعية الى النمو(اقل من حالة دول الشرق الاقصى!) وليس كما هو حاصل الان في بقائها ضمن دائرة مفرغة من السكون الهادئ الرهيب!.

2010/11/22

دعونا نزور الانتخابات!


دعونا نزور الانتخابات!
رفض النظام المصري بطريقة هزلية مراقبة الانتخابات الرئاسية من قبل الهيئات الدولية والمراقبين المستقلين بحجة انها تنتهك السيادة الوطنية!!...هل يعني ذلك ان كل الدول التي تقبل برحابة صدر لكافة انواع المراقبة الخارجية للانتخابات المحلية هي منتهكة السيادة؟! وهل ان السيادة المصرية اساسا غير منتهكة حتى تحتاج الى رفض لوجود مجرد مراقبين مستقلين لسير العملية الانتخابية لغرض حمايتها من التزوير؟! وهل ان الانتخابات المصرية اساسا في غاية النزاهة حتى يمكن القول بصحة ادعاء الرفض وقبول منطق الحكومة القائل بأن المواطن المصري هو الوحيد الذي له حق المراقبة؟!... هل يعني ان المواطن المصري الان وسابقا له الحق في قبول الحاكم وتغييره وبذلك اسقط في يد الراغبين لغرض المراقبة بغية التأكد من عدم وجود التزوير؟!...
يكفي ان عدم مشاركة الغالبية الساحقة من الشعب المصري هو دلالة واضحة على الرفض الصامت للتزوير الدائم!...ويكفي ان عدم قبول المراقبة الدولية هو معناه ان درجة التزوير هي على درجة عالية من الانتشار بحيث يستحيل تغطيتها من الانكشاف! لان قبول المراقبة الدولية هو دليل على الرغبة في الحصول على شهادة تقديرية من جهة مستقلة حول استقلالية ونزاهة الانتخابات،ورفضها يعني انه هنالك خوف من نشر الفضائح المخزية عن هذا العمل المصيري في مستقبل الامم!.
ان التنازل الحقيقي عن جزء من السيادة هو شرط معاهدة الصلح والانحياز الى المعسكر الغربي،والنظام يلعب بمهارة على وتر الخوف الغربي من سيطرة نظام يخالف شروط السلام والتبعية،ويكفي حصار غزة في اثبات عدم وجود سيادة حقيقية قادرة على رفض الشروط الغربية في استمرارية الحصار اللاانساني على السكان هناك... والرغبة الغربية في تحسين وضع النظام ولو بدرجة بسيطة وجعله مقبولا محليا ودوليا هو للدلالة على الخوف من انفجار الوضع او خروجه من السيطرة بسبب التردي الواضح في كافة المستويات وبقاء مصر ضمن اكثر الدول فسادا وتخلفا في العالم ضمن التصنيفات العالمية المتعددة وعليه للخروج من تلك المعادلة الصعبة يجب على قوى المعارضة المصرية دراسة كافة السبل الممكنة للخروج من هذا المأزق الوطني الذي طال امده وازالة المخارف الغربية كسبيل لرفع الدعم اللامحدود للنظام مع عدم تركه يعبث بالقرار الوطني الى مالانهاية من خلال الامتناع من المشاركة السياسية او الانعزالية.
صحيح ان مصر ليست الدولة العربية الوحيدة التي تكون فيها الانتخابات الصورية مزورة ولكن الخضوع لمنطق السكون الهادئ هو مدمر لاعصاب الشعوب وممزقا هادئا للحمتها الوطنية،وعليه فأن مكافحة الفساد والتزوير هو واجب ديني ووطني واخلاقي لا يمكن الفرار منه تحت اي مسمى!.
المؤسف ان طريق الحرية غير معبد بالورود،بل هو صعب وطويل وتراق على جوانبه الدماء الطاهرة ولكن نهايته شمسا مشرقة!...وطريق الذلة هو في الظاهر طريق السلامة والخوف ولكنه في الحقيقة طريق الهلاك ونهايته ظلاما دامس!.

2010/11/20

نزاع عبر الاثير

نزاع عبر الاثير:
التقت اذاعة البرنامج العربي في شبكة اس بي اس الاسترالية التي تعتبر اكبر شبكة اعلامية اثنية في العالم حيث تقدم البرامج والخدمات لمتحدثي 68 لغة! بمجموعة من ممثلي التيارات السياسية اللبنانية في استراليا،وكان السؤال المطروح هل هناك عدالة دولية؟كمقدمة لتبرير وجود المحكمة الدولية المختصة بأغتيال الحريري...
كان اللقاء عاصفا بحيث تخللته اتهامات مباشرة وصريحة ثم ارتفعت الاصوات المتداخلة لتصل حد السب والشتم المباشر وعبر الاثير،ولولا حزم المذيعة وصبرها لخرج الموقف عن السيطرة!...فكان بالفعل موقفا مأساويا لابناء وطن واحد يتخاصم ابناءه الى هذا الحد من التعصب المقيت ضمن قضايا لا تستحق سحق كرامة الوطن لاجلها!.
هذا الموقف يعطي دلالة واضحة على مقدار حجم المشاكل والخلافات التي تواجه الجاليات العربية والاسلامية في بلاد الاغتراب من خلال انعكاس الخلافات والنزاعات المريرة في الاوطان الاصلية على ابنائها المغتربين بحيث يصعب الانضباط والابتعاد عن التحزب الاعمى ضمن صفوف الجاليات في داخل المجتمعات الجديدة،ويعطي صورة سيئة لهم من خلال ضعف استيعاب ثقافة الاختلاف والتنوع في تلك البلاد، والحالة ليست محصورة ضمن فئة معينة بل اصابت ايضا الجاليات الاخرى مثل التي هي من اصول اوروبية شرقية وبخاصة اثناء فترة الحرب الاهلية في يوغسلافيا السابقة.
تركزت المشاركة بين ممثل حزب الكتائب اللبنانية الموالي للحكومة وبين ممثلي الاحزاب الاخرى مثل التيار الوطني الحر وحزب المردة المواليان للمعارضة مع مشاركة صغيرة للبقية ضمن صفوف التيارين الرئيسيين المتحكمين بالساحة اللبنانية...
كانت اجابة الموالي للحكومة انه توجد عدالة دولية وانه لا قيمة لقضية شهود الزور وان الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 من جنوب لبنان ليس فيه اي فضل للمقاومة بل لان اسرائيل رغبت بذلك! كما اتهم الاخرين بالعمالة والتبعية وانهم هم محرري لبنان! كما وصل الامر الى نكران ضمني لوطنية واصول المقاومين في الجنوب حينها مما استدعى الى رد المذيعة عليه بحزم لكونها لبنانية ايضا والزمته بعدم التلفظ بذلك وهو يعيش في مجتمع متعدد الثقافات ويحترم كل الاصول العرقية والاثنية!.
في الحقيقة ان معارضي تلك الاراء من المشاركين وبخاصة من المتصلين بالاذاعة كانت هي الاغلبية ولكن نظرا للتقسيم الغير متكافئ في الانتخابات اللبنانية،فقد اعطى الموالين لتيار المستقبل وحلفائهم من الاحزاب اليمينية الاغلبية وقد يكون عددهم اقل بكثير بفعل التقسيم القديم الذي لا يعترف بالاعداد الحقيقية الحالية للطوائف اللبنانية!.
لقد اصبح اغتيال الحريري مثل قميص عثمان للموالين لتيار المستقبل وحلفائه وخرج الموضوع من نطاق الرغبة في العدالة المرغوبة الى الاستغلال السياسي البشع خاصة وان بعض تلك الاطراف لهم تاريخ سيء في الحرب الاهلية! فكانت البداية اخراج سوريا من لبنان وتحجيم نفوذها،والان تحول الى محاولة لضرب او تحجيم حزب الله من خلال اتهامه...وقضية العدالة الدولية التي يتبجح بها بغباء ويؤكدها هذا الممثل هي مضحكة بحق ولو كانت بالفعل هنالك عدالة لما راينا هذا العدد الضخم من المشاكل والضحايا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية!...فالعدالة الدولية هي عدالة خاصة بالغرب المتحكم الرئيسي بالعالم منذ قرون،وعدالته تدخل ضمن سياق بوتقة مصالحه المتشعبة ولا يمكن الاعتراف بها اذا تعارضت مع تلك المصالح!.
اما قضية انسحاب اسرائيل اختياريا من ذاتها من جنوب لبنان فلا تحتاج الى نفي لان الانسحاب كان اضطراريا حتى ان طريقة الانسحاب السريعة لم تكن بالصورة التي تمنح عملائها الفرصة للاعتراض او الهروب! ولولا المقاومة لبقيت اسرائيل كمثل بقائها الان في الضفة الغربية والقدس الشريف!.
ان تبرير المواقف السياسية المختلفة اذا اريد لها القوة والدعم والثبات فلا يمكن لها الاستناد الى خلق اكاذيب او تحريف حقائق او تزوير نتائج او تشويه ذاكرة!... وعليه فأن الاساس سوف يكون ضعيفا ومهتزا وسوف تزيله من الجذور عواصف الحقائق القادرة على ازالة جبالا من الاكاذيب!.
صدق من قال: قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر...وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر!... ونحن نرى كيف ابيدت شعوبا بأكلمها او مازالت تتعرضت مجموعات عرقية للاضطهاد والتمييز والحصار دون ان تتحرك العدالة الدولية المزعومة حتى ممكن ان يصدقها احد في محكمتها الخاصة بالحريري،واين هي محكمة شارون عام 2002 عندما الغيت وقتل ايلي حبيقة الشاهد الرئيسي فيها!...فالجرائم ايا كانت فهي مرفوضة جملة وتفصيلا،والتمييز بينها لا يفيد العدالة بشيء بل يؤدي الى احتقارها والاستهانة بها حتى لو كانت صادقة!.
العدالة الدولية هي خرافة لا تحتاج الى ادلة لنقضها!.
 
 

2010/11/17

عيد الاضحى المبارك









عيد الاضحى المبارك:
نبارك لكم حلول عيد الاضحى المبارك لعام 1431 هجرية....2010 ميلادية
اعاده الله تعالى عليكم وعلى الامة الاسلامية وعلى البشرية جمعاء بالخير والبركة والرحمة والسلام....
تمثل الاعياد بمختلف انواعها خير مناسبات كونها تحمل قيما سامية متفق عليها بين البشر...وفيها تزول ولو وقتيا الفوارق الوهمية بين البشر!...
فلنجعلها خير مناسبات لجمع البشر على مائدة الخير والمحبة والسلام...
العيدُ أقبلَ تُسْعِـدُ الأطفـالَ ما حملتْ يـداه
لُعَباً وأثوابـاً وأنغامـاً تَضِـجُّ بهــا الشِّفاه
وفتاكَ يبحثُ بينَ أسرابِ الطفولةِ عن (نِداه)
فيعـودُ في أهدابه دَمْعٌ ، وفي شفتيـه (آه)
.............................
ولنتذكر من كانوا معنا في الماضي....
هـذا هـو العيـدُ ، أيـنَ الأهـلُ والفـرحُ
ضاقـتْ بهِ النَّفْسُ ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ؟!
وأيـنَ أحبابُنـا ضـاعـتْ مـلامحُـهـم
مَـنْ في البلاد بقي منهم ، ومن نزحوا؟!
...........................
ولنتذكر من لا يستطيع ان يشاركنا فرحته !...
يا ليلة العيد كم أقررت مضطربًـا  *** لكن حظي كان الحــزن والأرق
أكاد أبصرهم والدمع يطفر مـن  *** أجفانهم ودعاء الحـب يختنـق
يا عيد، يا فرحة الأطفال ما صنعت  *** أطفالنا نحن والأقفـال تنغلـق
ما كنت أحسب أن العيد يطرقنا  *** والقيد في الرسغ والأبواب تصطفق

دعائنا للجميع بالخير والموفقية والنجاح...


2010/11/15

الدوافع الذاتية للالحاد:11

الدوافع الذاتية للالحاد:11
فرض الدين والالحاد:
ليس من صلب التعاليم الاسلامية الحقيقية فرض الاسلام كدين اجباري على البشر بل جعل الايمان يخضع لارادة الفرد واقتناعه،ومن يعمل بخلاف ذلك فهو لا يمثل الاسلام بشيء، ولذلك عاش في المجتمعات الاسلامية عدد كبير من غير المسلمين بحرية وكرامة حتى ان عدد كبير من الملاحدة واصحاب الافكار الشاذة قد حاوروا العلماء الروحانيين طلبا للحقيقة المطلقة الا في الحالات التي تتدخل القوى السياسية والاجتماعية التي تضطهد المخالفين وهي لا تعبر بصراحة عن الرأي الصحيح للاسلام ومرفوضة رفضا باتا ولذلك نرى انه حتى في داخل الفكر المسيحي رفضا قاطعا لكل ما قامت به محاكم التفتيش ضد المخالفين،وعليه فأن الاسلام انتشر من خلال بساطة تعاليمه وتسامحه،وسمح للاخرين بوجود كياناتهم الدينية والاجتماعية وحافظ عليها من اي اعتداء يحصل عليهم وقد اعترف الجميع بذلك بما فيهم خصوم الاسلام،بينما في المقابل فأن الانظمة التي التزمت الالحاد كدينا جديدا قد مارست كافة الوسائل الوحشية في فرض ذلك على المجتمعات التي خضعت لهم على مدار التاريخ مما يعني ان تطبيق الالحاد ادى الى كوارث حقيقية تمثل في ابادة مجموعات كبيرة وتحويل الاخرين الى قطعان تابعة ،ويمكن لنا الاستعانة ببعض الامثلة الحديثة من قبيل سيطرة النظم الشيوعية الالحادية على المجتمعات المسيحية والمسلمة وبقية الديانات الاخرى،فقد حاربتها بشدة وفرضت الالحاد كمنهج عقائدي جديد وكانت اعداد ضحايا المعتقدات الاخرى مرعبة وشمل الرعب الاحياء ايضا الذين توارثوه كمرادف جديد للالحاد،ومن اسوأ الامثلة نظام البانيا الشيوعي السابق بقيادة انور خوجة الذي لم يتورع حتى عن قتل ابيه وان يسجن شعبه المسلم في سجن كبير مرعب وممل الى ابعد درجة يمكن تصورها حتى اصبحت البلاد اكثر امم الارض انعزالا وتخلفا وكان يفتخر بكون بلاده اول دولة تعلن الحاديتها وتفرضه بالقوة الظاهرة والباطنة بحيث اثر حتى على الاجيال اللاحقة التي عاشت مرحلة الحرية الجديدة بعد سقوط النظام الشيوعي ومازال اثر مسخ الشخصية واضحا،وكذلك الانظمة الاخرى مثل كوريا الشمالية التي اصبحت ملكية الحادية وفيتنام والصين وبقية الانظمة الشيوعية الاخرى! وقد يحاول بعض الملاحدة التنصل والتبرء من ذلك ولكن الواضح انه اذا كان الانسان بلا عقيدة فأن السيطرة على افعاله صعبة للغاية لكونه قادرا على التبرير بكل الوسائل المتاحة...نعم قد يكون ضمن الفئات بعض الملحدين ولكنهم خاضعين لقانون موحد اما اذا تسلموا الريادة وحصلوا على التوكيل المطلق في الحكم فأن النتائج قد تكون اسوأ بكثير مما رأيناه في تلك الامثلة المرعبة!.
ان تغافل الملحدين عن تلك الحقائق المزعجة لهم هو دلالة على كونهم يمتلكون المقدرة النظرية والعملية على التطبيق القسري لعقيدتهم الجديدة وبالتالي عدم احترامهم لحرية الشعوب كافة سوف يكون عمليا،ومن يرى وسائلهم في محاربة الاخرين فكريا يرى حجم العداء الكبير المتضمن للاستخفاف والاحتقار لعقائد الاخرين حتى ولو لم تكن مؤثرة عليهم بطريقة تشمئز النفس المتقبلة للاخر منها، وهذا لا يمكن ان يحمله داخل انسان دون ان يكون هنالك خوف حقيقي من عواقب سيطرته ورغبته بالتطبيق!...انها بالفعل حالة رعب سوف تبقى مادام الالحاد هو ردة فعل آنية على فكر او سلوك ما او وسيلة من وسائل التمرد الفردي على المجتمع!.
ان استغلال الملاحدة لامر الصراعات بين اصحاب الاديان والمذاهب المختلفة وكون ذلك سببه الايمان بالاله،هو امر غريب حقا وقد يؤثر على عدد كبير من البسطاء!... فالامر ليس بتلك الحالة،فتفسير الاديان من خلال اختلاف اراء البشر هو ليس معناه ان سببه الايمان بل هو خطأ في التفكير من جراء تعدد الاجتهادات ومحاولة فرضه على الاخرين بالقوة،اي مثل استخدام الادوات المختلفة للخير والشر،ولو كانت الاديان بصورتها العامة هي السبب لرأينا جميع البشر المؤمنين يتصارعون وغيرهم متحابون ولكن الحقيقة ان اساس الصراعات هي سياسية او اجتماعية ويدخل ضمنها تصورات المتطرفين المرفوضة!...وما دام رفض الاديان السماوية لتلك الصراعات موجودا، اذا في هذه الحالة لا يمكن الركون الى هذا الاتهام بل ان المتهم الحقيقي وهو الالحاد يبعد عنه ذلك كي لا ينحصر في زاوية تطبيقات مؤيديه المرعبة التي تحاول تفريغ الانسان من كافة قواه الروحية السامية وتحويله الى جسد بلا روح، ينتهي بأنتهاء حياته التي تستند على الملذات او تحويل العلم الى اداة لخدمتها وخلق ملذات جديدة!.
من الدوافع الاخرى التي يتهم بها الاسلام كونه غير ديمقراطي وانه يؤدي الى تأسيس السلطة الشمولية التي تستمد خلافتها من التعاليم الدينية وبالتالي فأن اي معارضة لها سوف تكون مخالفة لتعاليم الدين،وعليه وجبت محاربته لكونه خطرا على حياة الناس وحماية الديمقراطية والحرية التي يحيونها كمثل محاربة المتطرفين الاخرين!...في الحقيقة ان ذلك التفكير السطحي يؤدي الى نتيجة مذهلة في كون الفكر الالحادي يستمد قوته الظاهرية من خلال استغلال ما يمكن تسميته نقاط ضعف في التطبيق ويسقطه على الفكر ويبرر ذلك بكون الاسلام على سبيل المثال هو المسبب الرئيسي!ولو كان ذلك الفكر قويا لما جنح الى تلك الانزلاقات الخطيرة التي تكشف ضعفه ومحاولة اتهام الاخرين بكافة الاتهامات الرخيصة.
ان القبول بمبدأ الشورى في الحكم واحترام حرية الانسان والشعوب ومحاربة الاستبداد السياسي بل وحتى المادي هو نتيجة طبيعية لتلك التعاليم السامية اما ما رأيناه من انحرافات خطيرة ومازال الكثيرون يروجون لها بل ويبررونها بطريقة مؤسفة هي لا تمت للدين بصلة،فقد كانت الخلافة في العهد الراشدي بالرغم من وجود بعض الاخطاء في التطبيق الا انها محاولة اولية لفرض العمل بمبدأ الشورى، وبالرغم من ان ذلك لم يستمر طويلا وتحول الحكم الى قيصرية وكسروية الا ان ذلك لا ينعكس سلبا على الاسلام ومن ثم على الايمان بالخالق جل وعلى،بل ان الاسلام وكما اثبت لنا ذلك سقوط ذلك العدد الكبير من الضحايا سواء من العلماء الروحانيين المخلصين او من الاحرار والبسطاء في رفض الواقع السياسي لهو دلالة كبرى على رفضه المطلق لكل ما ينفي حرية الانسان وعبوديته للخالق فقط...والحديث الشهير القائل لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق هو يختصر لنا كيفية الرفض لمثل تلك الحالات...فالتسلط  والشمولية في الحكم هي تتعارض مع حرية الانسان وهي وسائل لعبوديته وبالتالي فأن اي تبرير يستند على النصوص الدينية هو غير ملزم للجميع ولا يمكن اعتباره الاجتهاد الحقيقي والوحيد للدين والايمان...ان البسطاء قادرون على تمييز الادعياء من المخلصين فكيف يمكن تحميل الاسلام كدين حطم عروش الظالمين ورفع من شأن المستضعفين ان يكون هو نفسه اداة للظلم والاضطهاد؟!... ان ذلك تناقض يرفضه خصوم الاسلام قبل من يدعون الانتساب اليه!...وعليه فأن هذا المستند الذي يتبجح به بعض الملاحدة مرفوض حتى ولو استندوا على بعض التجارب الدينية المعاصرة او القديمة فهي في النهاية اجتهادات تحاول بحسن نية او بسوءها ان تبرر ما تقوم به وعليه فأنه مازال عدم وجود اجماع يجمع المسلمين كأجتماعهم على وحدانية خالقهم ونبوة نبيهم محمد(ص) على تلك التجارب فأن الربط بينها وبين الاسلام لا يمكن قبوله بأي شكل من الاشكال.
ان التطبيق الحقيقي والصارم للاسلام بدون اي تفسيرات تخالف جوهره هي تؤدي بطريقة او بأخرى الى حكم تعددي يحترم حرية الفرد والمجتمع ويرفض كافة الاجراءات التي تحد من ذلك.
ان دراسة الاسلام وشريعته وتاريخه يجب ان يكون من منظار محايد لا يمكن ان يكون ضمن منظار عقائدي يخضع لقوانينه واصوله الباحث فيه! لان النتائج سوف تكون خاضعة وهي غير دقيقة وصائبة ضمن ذلك المنهج العقائدي او الفكري،ولذلك فأن الاخطاء الشائعة هي اننا نرى الماركسي عندما يتناول الاسلام فهو يتناوله ضمن ادواته المعرفية وكذلك الوجودي والليبرالي وغيرهم وبالتالي نرى ان اغلبية البراهين والنتائج مختلفة بينهم رغم تناولهم احيانا لمسألة واحدة بسيطة فكيف بدين له هذا التراث الضخم من العلم والمعارف المتصلة به ويكون الحكم عليه ضمن ادوات معرفية اخترعها معادون له ولا يقيمون اية اهمية للحيادية او لخصوصية الدين الاسلامي والظروف الموضوعية التي نشأ بها ثم الانحرافات التطبيقية الكبرى التي حصلت في تاريخه من خلال سيادة المنحرفون عنه!.
يمتاز فلاسفة الاسلام ومفكريه الاحرار الذين لا يرتبطون بأية سلطة زمنية او يتأثرون بها، بقدرة عالية على اعطاء اكثر التفسيرات موضوعية وباعلى مستوى من الدقة والحرفية والاصالة للاسلام وشريعته وتاريخه الخ بالمقارنة مع الفاقدين لتلك الميزات،وبالتالي فأن الاستنداد على تراث هؤلاء والبحث والمقارنة فيه هو واجب على كل ملحد او راغب بالالحاد ويحاول ان يبرر ما يقوم به بأية وسيلة كانت!...
الاكثر اسفا ان تراث الفئة الاولى هو اقل حجما من الثانية بكثير لاسباب عديدة وقد يكون من اهمها هي تبعية الفئة الثانية للسلطة الزمنية التي ترعاها بشكل كبير وتساعد على نشر تراثها وكذلك فأن المستوى العلمي والادبي والفكري للفئة الاولى هو اعلى من الثانية التي هي تمثل السواد الاكثر والاقل حظا والاعلى استغلالا لما يمتلكون من معارف بسيطة او ملقنة!...صحيح ان تراث الفئة الاولى هو اقل انتشارا من الثانية ولكنه الاجود والافضل على اعطاء انقى صورة عن الاسلام،ولا يتنازل ابدا عن اية مبادئ وعقائد لاية شخصية سائدة او حتى فكر او منهج لفقيه اشتهر في عصره ويتبعه سلطانا ما، ويمكن البحث والتنقيب ضمن هذا التراث ولا يمكن القبول بنتائج ابحاث الاخرين السيئة عن الاسلام والايمان اذا كانت تستند الى تراث غير دقيق ويدخل فيه التشوهات الفكرية الشائعة وبخاصة سياسة التبرير المنحطة التي تؤدي بطريقة ما الى دخول الشك والريبة ضمن المتشككين والراغبين في التغيير بينما الفئة هي تؤدي الى الايمان المطلق ولا تدع اي مجال للشك والريبة في دخولهما الى عقل وقلب الانسان ولذلك رأينا هذا الكم الهائل من المفكرين الذين تبحروا في بحر من العقائد والافكار حتى كانت نهايتهم في الايمان المطلق وفق الدين الاسلامي.

2010/11/14

الدوافع الذاتية للالحاد:10

الدوافع الذاتية للالحاد:10
ان دافع رفض المنهاج التنظيمي لاي صورة من صور الحياة هو صفة سائدة لدى البشر لاستحالة قبول الجميع بمنهاج واحد بدون زمن محدد ولذلك فأن وجود منهاج تنظيمي للحياة ضمن دين معين سوف يؤدي بطريقة او بأخرى الى رفضه من قبل البعض وبالتالي الى رفض الدين كله وبما يمثله من ايمان بالله تعالى وسوف يؤدي ببعض الرافضين الى سلوك طريق الالحاد كوسيلة متطرفة لرفض ذلك المنهاج الخاص بالفرد والمجتمع وفق تصورات دينية خالصة.
دافع الرفض للمنهج التنظيمي:
الاسلام ليس دينا فقط بل هو منهاج متكامل للحياة ويعطي تصوره لها من خلال العقيدة الاسلامية الثابتة للحياة والكون والانسان ومن خلال الفقه الثابت والمتجدد من مصادره المعروفة لغرض تنظيم حياة الانسان مع نفسه والاخرين ومحيطه،وعليه يسبب هذا من ضيق للبعض لكونهم يرفضون الخضوع لاي تنظيم ينظم سلوكهم وقد يقضي على حريتهم التي يتصورونها انها غير مطلقة ولا يمكن ان تكون كذلك في ظل دين يمتلك شريعة بهذا الحجم الكبير من الاتساع والدقة الى درجة مراقبة حياتهم حتى ولو كانوا مع انفسهم لكي لا ينحرفوا،وبالتالي فأن من اسباب الدوافع الذاتية للالحاد هو رفض ذلك المنهج الذي هو اساسا غير مطبق بشكله الصحيح والتام على مدار التاريخ بسبب الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة،كما ان النفس البشرية بصورة عامة امارة بالسوء وتميل الى اللعب والدعة وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية ولذلك كان عدم التطبيق الحقيقي من خلال التعارض بين جوهر الدين وعدم التزام الغالبية في معاملاتهم لانهم يميلون الى تبرير معاملاتهم من النصوص الدينية وليس تصحيحها بالشكل الذي يجعلها مثالية! وعليه فأن رفض ذلك الدين لهذه الاسباب الفرعية هو شائع ويبرر احيانا بأنه كيف تكون هنالك شريعة قديمة ومن مصادر غيبية وتقود البشر الى مالانهاية؟!.
اغلب الاديان والعقائد والافكار والنظريات هي جاءت لتنظيم حياة البشر وليس فقط الاسلام يختص بها،ولكن الفارق ان الاسلام شامل الى درجة تنظيم حياة الفرد ومعاملاته مع ذاته والاخرين بينما اغلب اصحاب الملل الاخرى يختصون بجزء نسبي من التنظيم،مما يعني انه هنالك حق للجميع في فرض تصور معين للتنظيم والا فلماذا يتم اشغال النفس في العمل التنظيري والتطبيقي اذا كان الغرض لا يؤدي الى تنظيم شؤون المجتمع؟!هل هو جهد لغرض اللعب ام فرض اللعب على الاخرين؟!...مثلما يحق للجميع محاولة فرض تصوراتهم على المجتمعات سواء بحرية الاختيار ام بدونه فأيضا يحق للاسلام ان يعطي تصوراته والتي هي لغرض مثالي لاجل بناء حياة حرة ومستقيمة وليس لغرض الهدم العشوائي،واي تفريق في المعاملة بين الطرفين هو سخافة لا مبرر لها،ولكن اكثر الاضواء تسلط على الاسلام كونه الاقوى في الادارة ودقتها ومراعاة ابسط شؤون الفرد والمجتمع بينما الاخرين يستندون على مبادئ الفكر الوضعي الذي يثبت بالتجربة او رأي الاقلية او الاغلبية!.
اكيد غير المسلمين لا يعتقدون بالمنهج الاسلامي للحياة وبالتالي فأنه من الطبيعي يرفضونه اذا فرض عليهم بالقوة كما ان للاخرين الحق ذاته،وقد يقتنعون ببعض التشريعات الاسلامية التي تناسب حياتهم وظروفهم وليس في ذلك عيب لهم بل هو نقطة ايجابية في استعارة اي شيء قد يفيد المجتمع،كما وانه يحسب للاسلام على انه اثبات من غير المسلمين بصحة ما شرعه للمسلمين.
في حالة المسلمين لو تركت الحرية في الاختيار للجتمعات الاسلامية،فالنتيجة الطبيعية والتي يعرفها الملاحدة قبل غيرهم وبالتأكيد انها سوف تغيضهم! وهي ان الرغبة سوف تكون نسبتها عالية جدا في قبول التطبيق للمنهج الاسلامي المتكامل بسبب الميل الفطري للاسلام والملل الشديد من الظلم واللاعدالة التي خضعوا لها من جراء القوانين الوضعية،ولذلك فأن نسبة 98.8%من المجتمع الايراني الذي كانت تسوده المظاهر الغربية قد قبل به عام 1979عندما اتيحت له حرية الاختيار الكلية او النسبية وايضا في تجارب الشعوب المسلمة الاخرى المقاربة في الجزائر وتركيا وغيرها والتي اجهضت مرارا! اما البقية فهي غير مسموح لها بذلك ولذلك نرى مساندة الغرب للانظمة الشرسة في محاربتها لتطبيق التعاليم الاسلامية وبخاصة مناهجه الحياتية لكونها خطرا على مصالحه او حتى هيمنته الفكرية،اما ما يظهر من نقد وخلافات بعد ذلك فهي تخضع لظروف التطبيق البشري لذلك المنهاج.
ان اي تطبيق اذا نجح فسوف يحسب له وسوف يبقى في قيادة المجتمع والعكس صحيح ايضا اي تتم تنحيته لكونه غير ملائم،فأذا لم يكن هنالك تطبيق للاسلام بحرفية تامة فلمذا اعيب عليه فشل مناهجه الحياتية؟!...اين هو التطبيق الحقيقي المستند على قواعد ثابتة لا جدال فيها ولا تشويه سواء في حرية الاختيار والعدل والمساواة بين الجميع؟!...لا يمكن الركون الى التجارب السابقة والحالية لان الظروف المحيطة الداخلية والخارجية وحب السلطة والذات والتفسيرات الاجتهادية وبخاصة القديمة منها التي لا تراعي اتساع الدين الاسلامي لكافة المذاهب الفقهية،تمنع الحكم الدقيق على نتائج التطبيق وقد يكون هنالك تطبيق نسبي ولكن لا يكون تمثيلا صحيحا بسبب ترابط الاحكام والقواعد بينما المناهج الحياتية الوضعية هي تخضع بأستمرار للتغيير بسبب كون النتائج الظاهرة من بعض التطبيقات اثبت عدم صحتها او جدواها وبالتالي فأن نسبة التأييد او الرفض دائما متغيرة.
المجتمعات المسلمة الحالية هي غير اسلامية في تطبيقها للشريعة الاسلامية بصورتها المطلقة بل هي خاضعة لنظم سياسية واجتهادات بعيدة عن طريق الحق والعدل والحرية والمساواة وغيرها من الاسس الاسلامية الثابتة ولذلك ظهر بعض المتطرفين الذين يتهمون تلك المجتمعات بالجاهلية(هي في الحقيقة مهزلة ان يكون ادعاء تمثيل الدين وتطبيق شريعته من الطرفين!) ولذلك لا يمكن الحكم على تلك المجتمعات المسلمة بهويتها بكونها اسلامية وان تخلفها وفشلها هو تخلف الاسلام وفشله! فذلك ظلم فظيع لهذا الدين العظيم الذي حرر الانسان من كل عبودية ارضية وجعلها خالصة لله تعالى بحيث رفض ادنى مشاركة للعبودية معه فكيف يقبل بالعبودية التي تسلب الانسان عقله وقلبه ووجدانه وسلوكه وكافة مقومات حرية وجوده كما نرى ذلك في الظاهر والباطن في السلوك...ان التقييم الحقيقي اذا كانت النتائج ظاهرة للتطبيق الصحيح لذلك المنهاج العملي والذي يحاول رفع الانسان من كافة المعاملات الخاطئة او التي تحط من قيمته الى درجة سامية تجعله بحق خليفة الله تعالى في ارضه.
اذا كان الملحد يبتغي الديمقراطية ويدعي امتلاكها فعليه ان يترك الحرية في الاختيار للجميع،وكما من حقه ان يشكك في صحة تنظيم الاسلام لشؤون الحياة والبشر من خلال امتلاكه الادلة العقلية والتطبيقية،فأيضا للاخرين الحق في الاعتراض والرفض وبخاصة انصار التطبيق الاسلامي الشامل الذي يحفظ للانسان حريته وكرامته التي لا تتناقض مع حرية المجتمع لان عامل الموازنة بينهما يجب ان يكون دقيقا حتى لا يتم انتهاك حق احد...وعليه فأن وجود نظام تنظيمي للحياة ضمن الدين الاسلامي هو نقطة ايجابية لصالحه وليس العكس لان عدم وجود ذلك المنهاج سوف يضعف العامل الروحي لكونه خاضعا للظروف المحيطة بالانسان ولذلك رأينا كيف ساد التهاون بالدين في عدد من المجتمعات لكون نظام منهاج الحياة المتبع ليس كونه يتيح حرية الاختيار،بل انه يحارب تلك الحرية بطرق ضمنية قد لا يشعر بها الانسان نفسه،ولذلك انتقد عدد كبير من فلاسفة الغرب مظاهر الحياة السائدة فيه كونها تسلب الانسان روحه وحياته وتجعله بلا ارادة حقيقية او تجعله تابعا بصورة مقننة وخفية للالة المتحكمة بمعيشته مما يجعله بحق انسانا ذو بعد واحد حسب وصف هربرت ماركوز له في حينه! اما الان فقد اضيفت التكنولوجيا كعامل جديد للسلب مما يعني تدهور متراكم في انسانية الانسان وحريته الحقيقية!.
اذا كان رفض تنظيم الحياة من الشريعة الاسلامية يؤدي الى الالحاد فلماذا لا يؤدي بالرافضين للقوانين الوضعية ان يبدوا الرغبة في اتخاذ اتجاهات فكرية معادية لها؟!
هل ان سلوك طريق الالحاد الذي هو اقصى عداء للايمان لكونه غير مؤذي لهم لعدم وجود سلطة زمنية للدين اكثر شجاعة من عدم الوقوف ضد نظم الحياة الوضعية ومعارضة اساليبها بطرق متعددة؟!.

2010/11/13

الدوافع الذاتية للالحاد:9

الدوافع الذاتية للالحاد:9
ان القول بأن الالحاد هو التحرر من القوانين الدينية التي تضبط وتقيد سلوك الانسان الجسدي والروحي وتسلبه حرية الاختيار،هو قول هزيل لان الالحاد نفسه سوف يكون خاضعا لقيود القوانين الوضعية وسلطتها المدنية المستمدة منها وهي ايضا تقيد الحرية المطلقة للانسان وبخاصة القيد المختص بواجب احترام جميع اصحاب العقائد والاديان او المتحررين منها وعدم انتهاك خصوصياتهم التي يتجاهلونها بطريقة تستفز الاخرين بل وتحرك فيهم الدوافع الذاتية للدفاع بقوة عن تلك الخصوصيات المنتهكة وبالتالي سوف يكون كغيره من العقائد والاديان موضوع تحت قيود وحدود لا يمكن تجاوزها!...ومن الطريف ان نشاهد بأنه اغلب السلطات المدنية تسمح بحرية اكبر في بعض المسائل الشخصية وهي حالة محاباة للملحدين اكثر منها للمؤمنين! من قبيل الحرية الجنسية وحرية بعض الممارسات الغير اخلاقية ومنها ممارسة بعض المهن الشاذة والفاسدة،ولكنها تقيد وبشدة الحريات الاخرى وبخاصة التي تتعلق بالاديان وبعض التزاماتها على اتباعها من قبيل محاربة الحجاب وغيره،اذا في هذه الحالة وقع الملاحدة في مطب التناقض الفاضح في ضرورة التحرر المطلق من الاديان للتخلص من قيودها وبين الخضوع للقوانين والتي تحجم تلك الحريات وتميز بينها وفي هذه الحالة عليهم ايضا محاربة اي تقييد لاي حرية والا فأن منطقهم الهزيل سوف يكون محل تناقض مفضوح من خلال سكوتهم على اي انتهاكات تحصل!.
طبعا هنالك عدد كبير من الشبهات التي ادرجها الملحدون والمخالفون دينيا في تاريخهم الطويل وبخاصة صراعهم العقائدي مع الاسلام وحفلت التدوينات التراثية بالكثير منها،ولم يقف المدافعون صامتون بل ردوا بقوة علمية ومنهجية ووفق مختلف المذاهب والمدارس الفكرية التي كانت مختلفة في مستويات القدرة العلمية...فبعضها استخدم نفس الوسائل العلمية وبخاصة العقلية والمنطقية ونجح نجاحا كبيرا كون ان استخدام نفس الادوات المعرفية من طرفين متناقضين سوف يؤدي الى نتائج متناقضة ولكن سوف يحترمها الى حد ما الطرفان، والاقوى في الاساس والبناء التكويني للبرهان يكون هو المنتصر والاخر خاسر او ضعيف الذي يعرف ان مايعتقد به من منظومة فكرية قد اثبتت نفس وسائله التي يتحجج بها انها خاوية او ضعيفة ولا تنفع لنظام الحياة وتجعله مثالي وفي هذه الحالة سوف يكون عليه اما الاعتراف بذلك وتلك شجاعة نادرة لا تحصل الا في حالات استثنائية او يكابر ويتعالى على الاخرين وهي الحالة السائدة مع شديد الاسف عند بني البشر! سواء في هذا الموضع من الجدال او في بقية الجدالات الفكرية بين بني البشر او حتى اثناء البحث الذاتي والذي يحصل لكثير من الباحثين عن الحقيقة بغض النظر عن التمسك الاعمى بما جرى لهم اثناء فترة محددة في حياتهم الذي يتسم بالصراع الداخلي الذي يكون شديدا على الفرد من خلال المعاناة بحيث لا يتحمله ويصبر عليه الا قلة من الشجعان بغض النظر عن النهايات الفكرية التي تحصل لهم فليس من الثابت ان تكون النهاية هي في جانب الحق والصواب ولكن اتباع الاساليب المنهجية المتصفة بأعلى درجات الموضوعية مع شمول كافة العقائد والافكار(وهي اندر شيء يكون لانه يستحيل على الانسان ان يتناول كافة العقائد والافكار في العالم لكثرة عددها ووجود عدد كبير منها بلا معنى كمثل حالة الانترنت الان!) هي قادرة على ان توصل الانسان الى اقرب الطرق نحو الصواب،ويمكن لنا الاستعانة بما جرى للمفكر الفرنسي روجيه غارودي في بحثه الطويل في العقائد والافكار حتى انتهى به الى الاسلام وبالطبع وفق التفكير المتقدم الذي يتجاوب مع متطلبات الحياة،وطبعا هنالك الكثير من الامثلة الاخرى مثل محمد اسد واحمد سوسة وآخرون...
البعض الاخر استخدم خطأ الادوات التي يستخدمها في مناهجه الداخلية الخاصة به والكارثة اذا كانت تلك المناهج محل خلاف مع الاخرين من المدارس الفكرية الاخرى ضمن الدين او المذهب ذاته!...ولتقريب هذا المفهوم للاذهان يكون من خلال حالة مناهضة الفكر الالحادي او الافكار الاخرى مثل الاشتراكية او الراسمالية من خلال استخدام منهج مذهبي خاص(قد يخالف بقية المذاهب ضمن الدين الاسلامي نفسه) وينحصر ضمن دائرة اتباعه الضيقة مما يعني ان اي نتائج للبرهنة على قوة الحجة سوف لا تكون محل احترام او الزام للاخرين حتى لو ظهرت قوية لان الاخرين اساسا لا يعتقدون بصحة هذه المباني المنهجية فكيف يلتزمون بنتائجه او يسلمون بقوة الحجة الخ من قبيل الاستناد الى الاحاديث النبوية الشريفة المروية والتي لا يتفقون عليها او الاستدلال ببعض اقوال واراء علمائهم من قبيل التكفير المسبق واللعن او الادعاء بالتخلف والهمجية لدى الاخرون...الخ من تلك الاستعارة اثناء المجادلة والحوار والبحث والتنقيب في حقول الافكار والاراء،وهذا الامر ينطبق ايضا على الرأي الاخر ايا كان في ضرورة الالتزام بما يلتزم به الطرفان من خلال استخدام الادوات المعرفية المتفق عليها حتى يكون الاخر خاضعا لها اذا فشل كمثل استخدام دواء جديد على حالة مرضية معينة فأذا نجح مع مجموعة مختارة فسوف يلزم اصحاب الحالة جميعا بأستخدامه واذا فشل فأنهم ملزمون بالامتناع عنه،ولذلك فأن التطرف في استخدام الالفاظ والمعاني والمقررات ضمن الفلسفة الماركسية على سبيل المثال مثل الديالكتيك والمادية التاريخية وغيرها واعتبار ذلك انها حقائق مطلقة لا يأتيها الشك ابدا!هو خطأ كبير.
استمد بعض الملاحدة تفكيره المناهض للايمان من خلال الممارسات الوحشية التي حدثت في التاريخ الاسلامي سواء للشعوب المختلفة او للافراد والمجموعات المناهضة سياسيا او فكريا والقول ان ذلك مبرر لديهم من خلال الغطاء الشرعي المزيف الذي يستند عليه القائمون بتلك الاعمال ولهم مؤيدون ضمن صفوف علماء الدين والصفوة من اصحاب الفكر والرأي...وفي الحقيقة ان عدد كبير منهم صنف كتبا وبحوثا خاصة بتلك التوجهات والتي اجبرتهم على ترك الايمان بصورة عامة ومعارضة الاديان لانها سببت الكوارث للبشرية على حد زعمهم! ولو اردنا تطبيق تلك النتائج المثيرة للانتباه على الامثلة التاريخية فهي شائعة فقد اضطر عدد كبير من بني البشر لترك الاشتراكية كمذهب فكري وسياسي بعد الفشل التطبيقي للايديولوجية وعليه يكون الواجب الرجوع الى النصوص لتبيان الخطأ فيها بدون الذهاب الى التطبيقات الخاطئة،وقد لا تتحمل النصوص الاخطاء ولكن التطبيقات التي غالبا ما تكون خاطئة هي التي يجب ان توجه لها اصابع الاتهام ويشار للمتسببين بذلك.
من السهل استخدام نفس المنطق والتفكير في هذه المسألة على اصحاب تلك الاراء نفسها!...فالملاحدة انفسهم بمختلف مدارسهم التي سادت لزمن معين مثل الشيوعيون وغيرهم،قد مارسوا اعمالا وحشية اصبحت بالمقارنة معها المجازر الوحشية التي ارتكبتها السلطات الغاشمة المتسترة برداء الاسلام،هي مجرد اعمال صغيرة لصغار يتعلمون من اساتذتهم الكبار التفنن في تلك المهن الوضيعة،فقد كانت اعداد الضحايا في الصين ايام ماو وروسيا ايام ستالين وابادة الخمير الحمر لثلث شعبهم في 3 سنوات في كمبوديا هي جميعها تفوق بشكل لا يصدق كافة المجازر التي ارتكبتها السلطة الاموية على سبيل المثال،وبما ان جميع تلك المجازر وممارسات التعذيب الوحشية هي مرفوضة جملة وتفصيلا في الشريعة ولا يعار اي اهمية لمن يؤيد تلك الجرائم سواء من ادعياء الفقه والشريعة او الفكر والرأي فأن التبريرات الواهية المبينة على اساس انها جزءا منها تعتبر من الهزلية والضعف الى درجة يكون الضحك واجبا فيها على ضألة العقول التي تبرر اعمالا تتستر برداء ديني من خلال الاستناد الى بضعة ايات قرآنية او احاديث نبوية مروية للقيام بتلك الجرائم!...
ان ربط الدين بالسياسة حتى لو استند على قاعدة فكرية قوية في الظاهر فأنه لا يبرر اخطاء السياسة ابدا مادام هنالك معارضون لنفس المنهج او استخدام جزء من النصوص الدينية للتبرير والتغطية،لانه من السهولة استخدام النصوص سواء الدينية او حتى الفكرية لتبرير اعمالا قد تكون مخالفة لها في الجوهر ولكن مزيفة التشابه او الادعاء بذلك التشابه بين الواقع نصوص المشرعين،وعليه لا ينبغي وصم الدين بتلك الاعمال الغير انسانية التي لا يقبلها اي عقل او منطق من قبيل الاعمال الارهابية التي يقوم بها التكفيريون فهي حتى لو استندت الى نصوص دينية فهي مرفوضة للغالبية الساحقة ولا تمت للدين بصلة حتى لو اصر القائمون بها بذلك،وعليه فأن هذا المستند من التبرير يضعف موقف الملاحدة بدلا من ان يقوي حجتهم وبالتالي سوف يكون الواجب عليهم البحث عن ادلة واساليب اخرى.
ان تلك التبريرات والتحليلات التي تخضع المنظومة الدينية كما هي المنظومة الاجتماعية لقالب فكري واحد او متعدد ولكنه غريب عنه في الاسس والاساليب المنهجية،ليس معناه ان سوف يكون دقيقا ومحايدا وبالتالي ان تصوراته ونتائجه سوف تكون صحيحة!...كلا العكس صحيح فهو ان اخضاع الغير لما يمتلكه الاخر لا يؤدي الى الوصول الى الحقائق المطلقة والعدل الذي يرجى له ان يسود العالم...نعم هنالك اسس وقوانين تسري على الجميع او تناسب الغالبية ولكن لا يكون التفسير القسري هو الانموذج الصحيح لما ينبغي عليه التفسير الموضوعي!.
ان كل ذلك ادى الى الدفع الذاتي الخاطئ بأتجاه الالحاد بالرغم انه من الممكن تصحيح الاخطاء البشرية الشائعة من التفسير الخاطئ للشريعة الاسلامية او التمسك بأتجاه تفسير اجتهادي واحد لشريعة انتجت التفسيرات البشرية لها الى اكثر من مائة مذهب ديني وفكري!.