إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/09/19

الفوبيا الخليجية

الفوبيا الخليجية!
تراكمت في السنوات الاخيرة عدد كبير من البحوث والدراسات والكتب والمقالات والبرامج الاعلامية المختلفة الصادرة من مختلف وسائل المعرفة المتعددة وبخاصة المنشورة في الاعلام العربي بشقيه الرسمي والشعبي ما اصطلح عليه ظاهرة فوبيا الاسلام لدى الغرب وبخاصة بعد احداث سبتمبر(ايلول)2001 واخذت الظاهرة معها ابعادا مهولة تجاوزت الواقع بكثير!...بينما اهملت فوبيا اخرى موازية في المعنى ومختلفة في المنشأ وهي من انتاج اقليمي وتحديدا من منطقة الشرق الاوسط! الا وهي ظاهرة الفوبيا الخليجية المشابهة الى حد كبير مع ظاهرة فوبيا الاسلام ولكن الاولى تمتاز عليها بتجاهل كبير لها من قبل الكثيرين اضافة الى عدم تسليط الاضواء عليها تحديدا بشكل واضح وملموس لاسباب متعددة اغلبها مخفي بالطبع!.
الفوبيا الغربية ناتجة من الاسلام السياسي عموما ولكن الفوبيا الخليجية ناتجة من وجود دولة مجاورة،وتحديدا هي ايران!.والاختلاف ايضا في الادوات والنتائج!.
تناولت وسائل الاعلام الغربية تلك الظاهرة بدون تركيز عليها من خلال صدور بعض الكتب السياسية والمقالات المتناثرة بين الحين والاخر او من خلال فلتان بعض التصريحات الاعلامية الناتجة من الاحتكاك المباشر دون مراعاة التستر عليها لما تتميز به العلاقة الخاصة مع النظم الخليجية!...ولكن بعد ظهور الصحوة الاعلامية الحديثة بقيادة موقع ويكيليكس والذي كشف النقاب عن عدد هائل من البرقيات والتقارير الدبلوماسية السرية والتي تناولت مختلف الوقائع والاحداث ومن بينها ما نشر عن ظاهرة الفوبيا المثيرة للانتباه لدى دول الخليج من ايران!ولكن المؤسف حقا انها لم تدرس وتقيم بعناية في العالم العربي بسبب ضعف امكانيات البحث والاهواء وندرة التمويل وسطوة السيطرة!.
مصادر شحن الفوبيا!
تلعب الحكومات الخليجية دورا رئيسيا في الحياة العامة والخاصة في دولها نتيجة لغياب مؤسسات النظام الديمقراطي الحقيقي والمستقل كما لدى الغرب وكذلك لشيوع التقاليد القبلية وتأثيرها الحاسم في نشوء الفرد والجماعات،ومن بين تلك الادوار هو التوجيه الاعلامي الابوي او بالاحرى الشحن الاعلامي الذي يخدم السياسات الداخلية والخارجية،وبما ان تلك الدول لعبت ادوارا خارجية تفوق بكثير قدرتها السياسية والعسكرية المحدودة ومرتكزة اساسا على طبيعة التحالف مع الغرب وتوفر السيولة النفطية،وعليه فأن الخوف هو النتاج الطبيعي من الصراع مع الاخر الاقوى!...فبعد انتصار الثورة الايرانية عام 1979،وكنتيجة طبيعية لأي ثورة تنتصر فأن القوى المعادية تتركز غالبا في الجوار الاقليمي كخوف من انتشار عدوى الثورة! وهو ما حدث سابقا مع الثورة الفرنسية ومن بعدها الروسية...والعداء سوف يكون عنيفا لغرض اسقاط الثورة او تحجيم قدراتها اذا فشل الهدف لان الوسائل السلمية سوف لن تكون حاضرة الوجود بسبب حرارة الثورات التي تلهب النفوس!...ولم تكن الثورة في ايران شاذة عن تلك القاعدة السائدة! فقام الغرب ودول الخليج بتوجيه النظام البعثي في العراق وأسناده بقوة كي يكون رأس الحربة ضد الثورة الايرانية بغية اسقاطها، وطبيعي سوف يؤدي ذلك الى خلق عداء متبادل بين الطرفين يكون الغرب المستفيد الاول منه!...ولكن بالرغم من انتهاء الحرب عام 1988 ،فأن العلاقات مع ايران بقيت متوترة ثم تطورت سلبا بمرور الزمن الى تراكم ظاهري مرعب لحالة خوف رسمي مبالغ به بالرغم من وجود حالة التحالف العلني مع الغرب القوي والذي يصل الى حد الحماية الكاملة القادرة على ردع اعداء دول الخليج كما حصل مع صدام وان كانت تحد من الاستقلال الفعلي! ومع ذلك لم تكتفي الانظمة الخليجية عند هذا الحد بل نقلت ذلك الخوف المرضي الى القواعد الشعبية كي تكون داعمة لها في الصراع المحتمل وتشغلها الى حد ما عن المعارضة التي تطالب بالاصلاح والتغيير والمساهمة في ادارة البلاد،وكان المصدر الاخر للشحن الاعلامي المؤسسة الدينية المساندة لنظم الحكم بكافة فعالياتها وكان اخطر سلاح يتضمنه الشحن الاخير هو اللعب بورقة المذهبية والطائفية المقيتة! ولولا هذا السلاح الفعال الذي يجمع الاضداد لما استطاعت تلك الانظمة من خلق تيار الفوبيا الخليجي لكون الطرف الاخر ليس فقط معاديا سياسيا بل ومختلف مذهبيا،وما ادراك ما للمذاهب من تأثير سحري جذاب على التجميع والتنفير في الحرب والسلام!.
الغريب في الامر ان ورقة المذهبية الطائفية كانت غير متداولة ايام حكم شاه ايران السابق بل كان هنالك شبه تحالف بين النظم الملكية على ضفتي الخليج! مما يعني ان للمنهج السياسي والتحالف الخارجي دورا رئيسيا في الشحن والتحريض وليس لاسباب عقائدية بحتة!.
نتائج الفوبيا الخليجية:
كان من نتائج تلك الفوبيا المرضية الشائعة في الخليج هو ذلك اللهاث الجنوني المستمر على شراء الاسلحة من مختلف المصادر منذ الفورة النفطية الاولى عام 1973 بالرغم من عدم القدرة على الاستيعاب والتشغيل فضلا عن ردع الخصوم! هذا بالاضافة الى الانفاق الامني الضخم،وكان الغرب مشجعا رئيسيا لتلك الحالة التي تعود عليه بالنفع المادي والمعنوي سواء من خلال تصديره للسلاح الذي يعرف ان الزمن والصحراء سوف تدفنه! او استمرارية طلب الخليج للحماية الغربية مما يعني نفوذا واسعا ومستمرا.
اما اثار الفوبيا الخطيرة فهي في الجانب الشعبي! فقد جاءت على شكل توتر طائفي مستمر ناتج من عداء تاريخي كان خامدا لفترة طويلة سرعان ما اثارته انظمة الحكم ووعاظ سلاطينها وبعض المرتزقة من المثقفين بالرغم من انه مؤشر خطير على انعدام الامن الاجتماعي والاخلال بالتناغم بين مختلف الطوائف والطبقات الذي ينعكس سلبا على الواقع العام وتنميته...ان ذلك في الواقع هو خلق الكراهية والحقد في عالم يسعى نحو الاتحاد والتحضر!.
لقد نجحت الدولة ووسائل اعلامها الخاصة او المتحالفة معها في خلق تلك الفوبيا اللاعقلانية التي تجاوزت بكثير الحالة الموجودة لدى الغرب الذي فيه حراك سياسي واجتماعي يحد من تطرف تلك الظاهرة بعكس الحالة في الخليج لان ممولي الشحن ومنفذي اجراءاته هم انفسهم الحاكمون الذين لا تعلوا على سلطتهم المطلقة اية سلطة اخرى منافسة وقادرة على لجم قدراتهم او الحد منها او على الاقل تنبيهها لذلك السلوك الخطر!.
لقد تجاوزت الفوبيا الخليجية كل الخطوط الحمراء الى درجة الالحاح السري المستمر على الغرب كي يقوم بضرب ايران ومحاصرتها! ضاربا عرض الحائط كل مبادئ الاخوة والجوار والتاريخ المشترك لاسباب واهية لا قيمة لها!... صحيح ان الفوبيا الخليجية ليست على مستوى واحد لدى جميع دوله ولكن حالة الترابط والتداخل تجعل الفروقات اقل من غيرها او غير مؤثرة! والاخطر ان تلك الفوبيا لم تقتصر على الخارج بل انتقلت للداخل ايضا مما يعني تمزيقا لاواصر الوحدة الوطنية والاجتماعية.
الغريب في الامر ان الكثير من رموز القومية واتباعها قد سلكوا طريق الطائفية والشحن الاعلامي بقصد كامل وبلا وعي مدرك والتي تخالف الاراء والمبادئ العلمانية والتحررية المعلنة،وكشفوا عن سلوك شاذ وخطير ناتج من ضحالة تفكير وتقدير وانغماس في العاب سياسية لا يمكن الاستهانة بها!.
الامر الخطير هو انشغال الطبقات الشعبية المنشغلة بحياتها البسيطة والفاقدة لاصول التمييز العلمي المحايد في تلك الامور المنافية للطبع السوي،واصبح الجميع منغمس فيها الى درجة اصبح الاطفال او المراهقين الغير مسؤولين عن تصرفاتهم وقودا مهما وموعودا في المستقبل لادارة الفوبيا وتوجيهها! ويمكن لنا ملاحظة كافة الاماكن العامة والخاصة الملموسة والافتراضية في شيوع تلك الظاهرة الغير عقلانية التي وصلت الى درجة ان الانتماء الطائفي اصبح ركنا اساسيا في التقييم الذي يقود عادة الى كوارث كما حدث في بقاع اخرى.
الخروج من ظاهرة الفوبيا الخليجية رغم انه ليس سهلا لكنه يتطلب شجاعة فائقة وارادة حرة ومستقلة لا تعبأ بأدوات السلطة الموجهة للشحن التحريضي الرخيص وذلك عن طريق التخلص من آثاره المتتابعة والمتراكمة وكذلك تعديل ظاهر وباطن المؤسسة الدينية كي تقوم بدورها الرئيسي التوحيدي لا التفريق والتمزيق وفي منع حدوث الفساد واصلاح المجتمع وهذا لا يتم بالطبع الا بعد ان تأخذ استقلاليتها من السلطة وأذنابها المتحكمين بمصادر القرار المدني والديني وعليه فأن تلك الظاهرة المرعبة سوف تستمر بنفس الوتيرة دون التحكم بزخمها سواء في حالة الصعود كما هو واقع الان او الانحدار نحو الخمود بغية التفرغ نحو المعركة الرئيسية لتطوير الذات والمجموع!.

2011/09/12

تأثير الرموز

تأثير الرموز:
ظهر على مدار التاريخ البعض من كان لهم التأثير البارز في صنع الاحداث والافكار وهناك من يقف على قمة العبقرية والنبوغ والاخر لا يختلف عن البهائم في شيء! وما بينهما مساحة واسعة من التباين في المستويات،وكان للنهضة الاوروبية الحديثة كغيرها من الحقب التاريخية ،رموزها الخاصة من الفلاسفة والعلماء والمفكرين الذين اثروا على شعوبهم بدرجة معينة من خلال نشر الافكار والمبادئ والعلوم المختلفة التي ادت في النهاية الى انبعاث تلك النهضة التي اثرت في مجمل الحضارة الانسانية الغير متناهية!.
ولا يختلف الشرق ومن ضمنه العالم العربي عن الغرب في هذا المجال من خلال وجود العديد من رموز الحداثة والتقليد الذين تركوا بصماتهم على طبقات واسعة من المجتمع وبخاصة الطبقات المثقفة التي تقود في العادة حركة البلاد نحو التقدم او التقهقر!.
الرموز الفكرية لدى الغرب كانوا اكثر تأثيرا من حركية الرموز الفكرية لدى العالم العربي لا بل واكثر انسجاما وتناغما مع  اتساع الدائرة الشعبية في العصر الحديث،لان مصدر نجاح النهضة الاوروبية كان في الاساس منهم وطبيعيا جعلت الاستفادة التالية من آثار تلك الرموز في اعلى درجاتها بالاضافة الى ان حواجز اللغة والحدود لم يكن بمستوى الموجود في دول العالم العربي! وبخاصة في العقود الاخيرة بالرغم من كون الاخير يحمل عوامل المشتركات اللغوية والتاريخ والمصالح بأكثر من الحالة في الغرب! وقد يكون لتخلف العالم العربي نتيجة لوقوعه فترة طويلة تحت سلطة الاستعمار ومن بعده وريثته الشرعية المحلية الصنع:الديكتاتورية! اثرا واضحا كما ان موروثات حواجز الدين والمذهب والتخلف الحضاري والصراعات الجانبية قد اضعف التأثر الايجابي من الرموز الفكرية وجعلها احيانا تعيش ضمن بيئتها المحلية وبقيت مجهولة او مهملة من قطاعات شعبية واسعة وكأنها تشارك الانظمة القمعية في حربها العلنية ضدهم!.
المثير للانتباه ان الغرب يتأثر برموز النهضة ودعاتها ويأخذ بما يدعون اليه ولو بنسبة عالية دون ان يقع في فخ القدسية الشخصية التي تضعف رؤية الافكار والاعمال وتظهر فقط حياة ومكانة الشخص وهو ما يشاع في العالم العربي! فالكثير من رموزه تقدس كأجساد ولكن تهمل بما تحمل من افكار او لا يتم العمل بها!.
من المؤسف كثيرا ان المؤسسات السياسية في العالم العربي قد ابادت جسديا ومعنويا عدد كبير من العباقرة المبدعين بل وحرمت الاجيال اللاحقة من الاستفادة من تراثهم الضخم بسبب الخوف والرعب من التأثيرات المحتملة لهذا التراث المزلزل لكل ما يخالف التقدم الانساني ومنه بالتأكيد الحكم الاستبدادي الشمولي بفكره الهزيل الوضيع!.
بالرغم من سطوع شعاع الحرية من جديد على بقاع واسعة من العالم العربي والتي جاءت بعد ظهور ثورة الاتصالات الحديثة،الا ان اعادة الاعتبار للرموز الفكرية بقيت امرا بعيد المنال والتطبيق سواء اهمالا متعمدا او جهلا مستمرا بدون قصد! وهذا الاعتبار لن يكمل الا بأعادة احياء لتراث تلك الرموز الحضارية التي تعتز الامم والشعوب بها والذي سوف يزيح التراث الاسود الذي ساد تلك العهود المظلمة،وليس امرا غريبا ان يبقى عددا منهم معروفا احيانا لدى الغرب بينما يبقى الجهل بهم حالة شائعة لدى شعوبنا!.
الفرد بين التأثير الفردي والجمعي:
تختلف تأثيرات الرموز بلا شك وقد يكون للبعض منها تاثيرا عاما شاملا لايتحدد بمكان او زمان معين والاخر فرعيا محدودا،وتبقى بالتأكيد لشخصية الفرد واستقلاليتها والمستوى الفكري الذي تمتلكه،الحالة النهائية في قبول التأثر بشخصيات الرموز ونتاجاتها الفكرية وسيرتها الذاتية.
لا مجال للشك في التأثير المتبادل بين البشر ولكن الاختلاف يكون في مستويات التأثير،وعليه فأن الفرد اذا كان مستقلا الى ابعد الحدود ويستطيع تكوين بنية ثقافية نظرية وعملية دالة على تقدم ذاتي فأنه في اعلى الدرجات الرفيعة للشخصية العبقرية المثالية والعكس صحيح ايضا!...فأذا ازداد خط الميل والتأثر بفرد ما او مجموعة معينة فأن درجة الاستقلالية سوف تنخفض وترتفع معها درجات التبعية وفقدان الذات والتي تصل في اعلى مراحلها اذا انحصر الميل والتأثر بشخصية فردية واحدة بغض النظر عن ماهيتها!...فمهما كان مستوى شخصية الرمز فأنها لن تصل الى الدرجة المطلقة من التأثير الشامل على الجميع كما انها لن تصل الى تأثير مجموعة الرموز في حالة ترك الوسيلة الاعلامية والسياسية التي تخلق مناخا كاذبا في خلق حالة الرموز المتصدية لاسباب مختلفة وحرمان المخالفين!.
هذا يعني ان الفرد كلما كان مـتأثرا بمجموعة من الرموز كلما كانت شخصيته انضج واعلى استيعابا ومقدرة واقل مستوى في التبعية السلبية لان في المجموعة شمولا وتنوعا وثراءا اعلى بكثير من اية مقدرة فردية،وفي الاتجاه الاخر فأن الفرد كلما خضع لرمز معين فأن شخصيته الاعتبارية سوف تضعف لتصل ادنى درجاتها في حالة التبعية لرمز سياسي متصدي يتصف بمظاهر الجهل والتخلف والهمجية وهي التي تنطبق عادة على رموز الديكتاتورية الشمولية!ولذلك نرى ان اتباع الانظمة الديكتاتورية الفاسدة هم اكثر الطبقات جهلا وتخلفا ونفاقا وغدرا بينما نرى ان المتصدين لهم هم اكثر وعيا وادراكا واستقلالا او على الاقل بنسبة اعلى!.
ان تنامي الوعي الذاتي الخاص والمتأثر بنسبة معينة من شخصيات الرموز المختلفة هو منية كل فرد يحاول ان يستقل برأيه او تكون له شخصيته المستقلة الغير خاضعة... نعم ان العزلة والمناعة من التأثير الخارجي هي حالة نادرة جدا لا يمكن رصدها بسهولة الا ان الاستفادة من التأثير الجمعي للرموز وتقليل أثره الى ابعد حد هو افضل من جعله المحرك الاول للفرد او حيازة التأثير المفرد عليه،ومن هنا فأن المقدرة على تشكيل الحيازة الثقافية الذاتية لن يكون بمنعزل عن التأثيرات الخارجية ولكن الافضل وضعها ضمن الحدود المعقولة التي لا تؤثر في الاستقلالية والانتاج!.
ان بين الاستقلالية التامة والمنتجة(وهي نادرة بلا شك) وبين التبعية التابعة التي تصل الى حالة فقدان الذات بكل ما تحمله،هنالك مساحة شاسعة بين التأثر برمز او رموز معينة وكلما كانت القيمة الفكرية والاخلاقية عالية كلما كانت درجة التأثر في اعلى درجاتها والجوانب الايجابية الناتجة اعم واشمل والعكس صحيح ايضا.
النظر الى الانتاج وليس الى الشخص هو ما يجب ان تكون عليه عملية الاستفادة والاستعارة والتقييم،ولو كان العكس لرفضنا اغلب الانتاج الفكري والعملي لانه ناتج من فرد او مجموعة مخالفة في المنهج والسلوك...ومن هنا تكون البداية!.

أكيد

2011/09/08

موسوعة المختار من الاخبار 14...افضل المدن في العالم

موسوعة المختار من الاخبار 14:
افضل المدن في العالم:
صدر التقرير الدوري لوحدة البحث الخاصة بمجلة الايكونوميست العريقة حول افضل المدن في العالم من ناحية المعيشة وفق شروط موضوعية صارمة اختصرت بالاستقرار والرعاية الصحية والبنية التحتية والبيئة والتعليم الخ من الشروط اللازم توفرها بغية تحديد من يملك افضل مكان للسكن.
وحسب التقرير الصادر نهاية آب(اغسطس)2011، فأن مدينة ملبورن الاسترالية تربعت على المركز الاول في العالم بعد ان كانت شريكة مع مدينة فانكوفر الكندية منذ عام 2002... وحسب التقرير فأن سبعة مدن من العشرة الاولى هي مدن استرالية وكندية وايضا ورد ذكر مدينة اوكلاند النيوزيلندية مما يؤكد ان تلك البلاد الثلاثة مازالت في قمة الصدارة العالمية في اغلب المستويات المتعارف عليها لتفسير وتوضيح معنى التقدم والتحضر،وعليه فأن دراسة انظمة تلك الدول السياسية والاقتصادية والاجتماعية يمكن ان يوفر مجالا واسعا لخلق الافكار الابداعية لتطوير البلاد الاكثر تخلفا او التي في طور النمو.
ومن اهم مميزات تلك البلاد هي خلق بيئة مناسبة لفئات مهاجرة من شتى بقاع الارض وجعلهم يعيشون في مستوى واحد وكلا حسب قدراته وحاجته بغض النظر عن انتماءه الديني او العرقي او اللغوي،وهذا يعني خلق بيئة مناسبة لحوالي 200 فئة مختلفة تعيش في تناغم وتناسق بديع بينما تعجز الكثير من البلاد ومنها العربية بالذات عن خلق التوازن والمساواة والامن والاستقرار بين فئتين فقط لا اكثر ويمكن لاقل شرارة ان تهلك الحرث والنسل والتعايش الهزيل الموجود منذ قرون في لحظات!!.
المدن العربية بالطبع كانت في مراتب متأخرة!(76 لمدينة ابو ظبي) وهو امر متوقع لان تلك التصنيفات ترتكز على اسس لا يمكن الاستهانة بها،مثل توفر استقرار طويل الامد ناتج عن وجود نظام سياسي واجتماعي مستقر وهو غير متوفر لدى جميع البلاد العربية وكذلك توفر نظام رعاية صحية عالي الجودة لجميع السكان بلا استثناء وايضا وجود نظام تعليمي متطور وأحد اهم اسسه هو وجود مناخ ملائم للبحث والتطوير لا يمكن توفره الا بوجود الحريات الكاملة،وايضا البيئة وليس فقط من ناحية نظافتها بل من ناحية توفر الطقس الملائم والمياه وبخاصة الامطار وهو نادر لدى اغلب الدول العربية التي يسودها طقس حار وجاف لفترة طويلة ولا تتوفر المياه من كافة المصادر بكميات كافية او بنقاوة عالية مع وجود شرائح هامشية قد يصل عددها احيانا الى الملايين من سكنة الاكواخ والمقابر وهم جمر تحت الرماد ويظهر تأثيرهم المتوقع عند اندلاع الثورات !!.
كذلك فأن البنية التحتية مهمة للغاية وبخاصة المواصلات والطرق السريعة والازدحام وشدته وكما هو معروف فأنه اثناء الكوارث الطبيعية تظهر قدرتها الحقيقية المخفية للانظار كما حدث في فيضان جدة مثلا او في زلازل المغرب العربي التي وضعت مدى هشاشتها وعدم قدرتها على الصمود!..
تطوير المدن وسكانها ليس منحصرا ضمن دائرة الماديات فقط والا فأن الكثير من المدن ضمن بعض البلاد الثرية او التي يعيش فيها عدد كبير من الاثرياء لم تدخل اصلا تلك القائمة! وانما توفر بيئة مستقرة سياسيا وامنيا هي الاساس الطبيعي لتنمية البلاد وتطويرها،والحال المتعارف عليه في العالم العربي هو انعدام الحريات السياسية او توفر هامش صغير ليس بذات اهمية!كما ان تطبيق القانون على الجميع غير موجود على ارض الواقع حتى يمكن الاشارة اليه بعلامة فارقة! بالاضافة الى ضعف واضح في النظام التعليمي نتج عنه تخريج اجيال متوالية ملقنة وغير قادرة على النقد والابداع بل سلبت منها حتى احلامها الوردية البسيطة في الحياة الحرة الكريمة! ويمكن معرفة افضل الجامعات من القوائم السنوية من المراكز الدولية وخلوها الفاضح من ذكر اي جامعة عربية!!...
وعموما عدم وجود الاحصاءات الدقيقة هو امر شائع بالرغم من اهميته في تحديد المراكز الاولى في التصنيفات العالمية التي تتحرى الدقة والحيادية.
الانفاق للوصول الى المستويات المتقدمة ليس بالامر الهين بالطبع ولكن ممكن تحقيقه من خلال خلق ميزانية متقشفة في الموارد الغير منتجة والتي تستهلك قدرات الشعوب وامكانياتها المادية،مثل الدفاع والامن والانفاق على الاسر الحاكمة وحواشيها!وكذلك بذل اقصى الجهود لمحاربة الفساد المستشري،وحينها يمكن القول ان اساس التطوير قد بدأ وتم وضع القدم على الطريق المختصر والصحيح نحو بناء حضاري تقدمي يستند على اسس قوية وصحيحة ولا يحرم احدا من ابراز مواهبه وخصوصياته!.
ان تحسين المعيشة لدى القاطنين في المدن ليس بالامر الهين ولا بالمستحيل بل يستدعي توفر ارادة صلبة وجهودا مضنية لتحقيقه وهو الامر المستبعد الان ضمن المناخ السائد في العالم العربي وبخاصة في مجال الحرب المكشوفة بين الانظمة وشعوبها على كافة الاصعدة!.