إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/11/01

كتب بدون مراجعات

كتب بدون مراجعات:
رغم كوني مشغولا كثيرا الا انني في زيارة لمكتبة عامة في منطقة مجاورة لمنطقتنا،وجدت الكثير من الكتب العربية الجديدة،والمكتبة تضم اقسام كثيرة وبمختلف اللغات وحسب عدد الجاليات،واحيانا اجد اكثر من عشر لغات،المهم استعاريت عدد من الكتب الجديدة ولو وجدت لدي وقت كافي لاستعاريت كل الكتب الجديدة رغم ان المسموح كحد اقصى هو 15 كتاب دفعة واحدة.
من ضمن الكتب،كتاب اسمه:النفط،استراتيجيا وامنيا وعسكريا وتنمويا-مصدر الثروة والطاقة والازمات،لمؤلفه د.هاني حبيب،وهو سوري الجنسية تولى مناصب رفيعة، والطبعة الاولى 2006 في لبنان(شركة المطبوعات للتوزيع والنشر)والكتاب في301ص،رغم ان عنوان الكتاب طويلا ويحتاج الى مجلدات لاعطاء حقه كاملا.
الكتاب ليس معقدا بل يحتوي معلومات بسيطة ومتواجدة في الكثير من المراجع الاقتصادية،بل فيه الكثير من السرد السياسي والاخباري الموجودة في الصحف العادية! دون تحليله بما يكفي،كذلك وجود تحليلات طالما رددتها وسائل الاعلام العربية الرسمية.
الذي اثارني في الكتاب،هو كثرة الاخطاء فيه ،والتي تنقسم الى اخطاء مطبعية،والذي لديه معرفة بالارقام الاقتصادية ومنها النفط يستطيع التمييز بينها بسهولة،ولكن من ليست لديه خبرة سوف يأخذها محمل الجد ويعتقد بصوابها،والذي يتحمل تلك الاخطاء هي دار النشر بالدرجة الاولى ثم المؤلف لعدم مراجعته النسخ المطبوعة ثانيا.
والاخطاء المطبعية ظاهرة منتشرة في مطابع ودور نشر العالم العربي،بل هناك كتب بأكملها تجد فصول وصفحات كثيرة مفقودة او بيضاء،وتلك الظاهرة السيئة تتحملها ايضا الدولة لانه جهاز رقابتها على السلع والخدمات لاتعمل بما فيه الكفاية للحفاظ على جودة المنتج والوصول الى ادنى المراتب العالمية في الجودة وحماية المستهلك وحقوقه المنتهكة بالاضافة الى حقوق الملكية الفردية والتي لا تعترف بها اغلب دول العالم الثالث بما فيها الدول العربية .
واذكر قبل اكثر من عقد من الزمن عندما عملت مؤقتا مع شركة طباعة في استراليا لطباعة كتب الهاتف الضخمة وكتب الدليل العام،ويطلق على الاول الاوراق البيضاء والثانية الاوراق الصفراء حسب الترجمة الحرفية للمعنى الانكليزي،وهذه الكتب توزع مجانا سنويا على جميع المساكن والمصالح التجارية،بالاضافة الى كتب اخرى تحمل نفس طابع الدليل الاصفر ولكن بصيغ مختلفة او لمناطق معينة،ورغم تكاليفها الهائلة الا ان عدد كبير من الذين يستلمونها يتركونها امام البيت فترة طويلة ثم ترمى في صندوق التدوير او ما يسمى الريسايكل لاعادة تدويره مرة اخرى،يعني اعادة استخدام الورق لمرة اخرى.
واذكر كانت تقدر طباعة الجزئين مبلغ يزيد عن 80$ ولا ادري الان كم تكلف،ورغم العدد الكبير من الذين لايحبذون استخدام تلك المجلدات الضخمة والمصغرة في نفس الوقت الا انهم مستمرين في الانتاج!حتى اقترحت انه توزع على المصالح التجارية،اما المساكن فالافضل ان تترك في مراكز البريد المنتشرة في كل المناطق ومن يريدها فليذهب لاخذ نسخة او اكثر،واعتقد ان اعادة التدوير هي السبب الرئيسي في تكرار طباعة ذلك الكم الهائل،المهم في يوم من الايام استدعينا اثناء العمل لتمزيق اغلفة كمية كبيرة تقدر ببضع مئات،والسبب كان هو وجود 4-6 خطوط فيها اضافة مشوهة من الحبر الزائد،رغم انها كانت واضحة بعض الشيء الا انها اعيدت للمطبعة من جديد!،فتذكرت حينها كيف تطبع الكتب في بلادنا العربية دون ادنى مراعاة للكتاب او قيمته او للمستهلك القارئ او احتراما للمؤلف ايضا،رغم ان كتب الهاتف والدليل ليسا بنفس قيمة او اهمية كتب المعرفة العامة او حتى الكتب المدرسية ذات الاهمية البالغة للطلبة... فارق كبير وتقدير ذلك في نفوسنا يجعلنا نحس بفارق كبير بين قيمنا الحضارية وخاصة في ميدان العمل وقيمهم...
فكم كتاب قرأته سيء الطباعة الى حد من الصعب قراءة فصوله او كلماته،والغريب ان هناك الكثير من الكتب الدينية او ذات التوجهات اليسارية التي تدعو الى احترام حقوق الاخرين والدقة في العمل،بينما تخالف المطابع لتلك الكتب تلك التعليمات!.
اعود الى كتاب النفط،فرغم سعره العالي الموجود في صفحته الاولى(25$) الا ان عدم مراعاة الطباعة او التاكد من صحة طباعة المعلومات الواردة فيه ظاهرة للعيان وبدون ادنى شك،فمثلا ارقام الانتاج النفطي اليومي كلها تقريبا معكوسة فمثلا انتاج السعودية النفطي في اليوم الواحد عام 2004 حوالي 75.8 مليون برميل !والمتوقع عام 2005 هو 25.9 مليون برميل يوميا (50ص)! اوانتاج ايران(79ص) موجودة انها انتجت 93.3 مليون برميل في اليوم مع العلم ان انتاج العالم كلها لايتجاوز 85 مليون برميل يومي!والصحيح هو 3.93 والغريب انه يتوقع عام 2005 سوف يكون 90.3 مليون وقيمته حوالي 86 مليون دولار!اي انه يقصد 86 مليار دولار!.
او ارقام اخرى مثل المساحة المسموح لشركة نفط العراق ان تستثمرها في الامتياز والمذكورة هي 1937000 كم2 بينما كل مساحة العراق هي دون 440الف كم2!(210ص).
او ارقام عائدات النفط العراقية لعامي 1977 و1978 والمذكورة هي 536.9 مليون دينار و952.5 مليون دينار على التوالي(216ص) والحقيقة غير ذلك حيث اذكر ان العائدات كانت بالدولار هي 9.3 مليار دولار لعام 1977 و10.7 مليار دولار لعام 1978 وبتقسيم المبلغين على 3.4 كون الدينار العراقي حينها يساوي 3.4 دولار يظهر لدينا الرقمين التاليين:2.735 مليار و3.147 مليار دينار على التوالي ...فارق كبير،لا ادري ماذا يقول المؤلف والناشر.
او سكان الامارات كان 80000 عام 1971 في صفحة 270 والحقيقة اكثر من 300 الف ،بل مذكور ان عدد سكانها عام 2005 هو 1,2 مليون والحقيقة اكثر من 4 مليون!.
وبالتأكيد توجد اخطاء اخرى،ولا اعتقد انه هنالك جهد مبذول سواء للتحقق من دقة المعلومات او من طباعتها بشكل صحيح،رغم ان المفروض ان تكون هنالك دقة في كتابة المعلومات وخاصة الاحصائية منها كون ان هنالك من يعتمد عليها للاستناد على كونها مصدرا هاما للمعلومة،وفي الحقيقة لم يجري انتقائها بشكل صحيح او حتى طباعتها بشكل مناسب.
والكثير من الكتب المطبوعة هي فقط لغرض التأليف المتسرع او للبحث عن شهرة سريعة دون مراعاة قيمة الكتاب المعرفية.
الكتب كثيرة على هذا النمط،وهي جزء من ازمة عامة يعيشها العالم العربي...

ليست هناك تعليقات: