إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/11/12

المفكرة

الذكرى التسعون لانتهاء الحرب العالمية الاولى:
في مثل هذا اليوم(11\11\2008)اي قبل تسعين عاما انتهت الحرب العالمية الاولى(1914-1918)،وذلك في يوم 11\11\1918 وبالتحديد في الدقيقة 11 في الساعة 11 صباحا!.وقد تذكرت التاريخ كما هي عادتي في تذكر التواريخ المهمة،وتكون الذكرى قوية اذا كان التاريخ يكون بداية عقد اوقرن من الزمن...وصادف اليوم عندي امتحان لدرس التاريخ الاوروبي الحديث وتوقعت للمناسبة ذاتها ان يكون سؤال عنها،ولكن لم يأتي للاسف واعتقد ان ذاكرة الاساتذة ليست بالقوة التي تتذكر التواريخ العديدة،ولو تذكر احدهم لاعطانا سؤال عن تلك الحرب المشؤومة...
دروس وعبر:
هناك الكثير من الدروس والعبر المؤلمة من تلك الحرب التي كلفت البشرية في اقل تقدير13 مليون ضحية وهناك تقديرات اخرى تصل الى حد 16 مليون،ولكن الرقم الاكثر واقعية في رأيي هو 15 مليون ضحية سقطوا نتيجة انحدار السلوك الانساني الى ادنى المراتب الحيوانية،فقد كان من السهل تجنب تلك الحرب بعد اغتيال ولي عهد النمسا في سراييفو على يد متعصب صربي،ولكن التنافس الاستعماري المحموم بين الدول الاوروبية والذي ظل كامنا في الصدور حتى اشتعال شرارة تلك الحرب،وبالنتيجة خسارة الجميع لجيل كامل من الشباب مع خسائر روحية ومادية هائلة لا تعوض،احتاجت اوروبا الى عقود طويلة من الزمن لتعويضها...
سقطت في تلك الحرب ممالك كثيرة ونشأت على اثرها دول عديدة وكان من ابرزها سقوط الامبراطورية الالمانية والروسية وامبراطورية النمسا والمجر والدولة العثمانية وسقطت بقاع اخرى في ايد مستعمرين جدد...
اهم درس ناتج من تلك الحرب وهو انه عندما انتهت لم تنهي الاسباب المؤدية لها بل على العكس من ذلك اسست الى حرب اعظم واكثر دمارا وفقدت البشرية اكثر من ثلاث اضعاف الحرب الاولى! واقصد بها الحرب العالمية الثانية(1939-1945). فعندما انتهت الحرب عام 1918،اجتمع المنتصرون فيها في فرساي\فرنسا،وكانت نتيجة المؤتمر هي خداع بريطانيا وفرنسا بصورة رئيسية للحليف الرئيسي وهو الولايات المتحدة التي دخلت الحرب بغرض انهائها سريعا وفق مبادئ الرئيس الامريكي ويلسون ال14 والتي كان قد وضعها لاحلال السلام العالمي الشامل،ولو طبقت حينها لامكن تجنب وقوع الحرب العالمية الثانية الافظع والاكثر تدميرا...ولكن النزعة الشريرة والاستعمارية ونزعة الانتقام من المانيا،كانت هي السائدة حينها لدى غالبية المنتصرين،وكان من ابرز تلك الاجراءات الانتقامية هي انتزاع اجزاء كبيرة من التراب الالماني وضمها بالقوة الى الدول المجاورة،بالاضافة الى التعويضات المالية الضخمة والتي كبلت الاقتصاد الالماني وحطمت قدراته لفترة طويلة،كل تلك الاجراءات كانت حافز قوي للنازيين بزعامة هتلر للانتقام السريع،وتحقق ما ارادوا عندما غزوا اغلب بلاد اوروبا خلال اقل من عامين،وهي كانت درس بالغ للحلفاء المنتصرون في الحرب الثانية والذين تجنبوا كل اذلال للشعب الالماني بل اعادوا عن طريق مشروع مارشال بناء ما تدمر من الاقتصاد الالماني الذي نهض بقوة وحقق بنهضته فوائد عظيمة للقارة الاوروبية التي تعيش شعوبها الان بسلام وبدون حدود كأنهم بلد واحد...فهل وعى العرب ذلك...الجواب بكل تأكيد كلا؟ !...فمنذ انتهاء غزو الكويت عام 1991 والتي كانت في الحقيقة كبقية النزاعات العربية الاخرى،نزاع بين عصابات ديكتاتورية حاكمة تختلف اهوائها ومصالحها فتضرب احدها الاخرى،والخاسر الوحيد هي الشعوب العربية...وما عملية اذلال الشعب العراقي الذي لم يكن له اي يد في اتخاذ القرارات كبقية الشعوب العربية الاخرى،سواء في الحروب الداخلية او الخارجية الا وسيلة انتقامية عفا عليها الزمن،ومع معرفة العرب ذلك الا انهم عاقبوا الشعب العراقي بأكثر من عقوبات العالم الخارجي،ولمدة تزيد على 12 عاما،وبعد سقوط النظام البائد عام 2003 لم يكتفوا بأنتزاع ارض من الجانب العراقي الى الكويت والتي سبقها انتزاع اراض بموافقة النظام البائد الى السعودية والاردن،بل طالبوا بأموال كانوا قد منحوها لصدام كي يشن حربا ظالمة ضد ايران للانتقام من ثورتها وكذلك الانتقام من الشعب العراقي ذو الغالبية الشيعية،والتي فقد فيها مئات الالاف من الضحايا وملايين المشردين.
الحكام العرب الاغبياء ومن ورائهم المطبلون لايدرسون التاريخ للاستفادة منه،وهم يعلمون جيدا ان دولة صغيرة مثل الكويت يتهجم جزء كبير من شعبها على الشعب العراقي ويطالب بأموال سحت كان من الاجدر بهم بناء العراق لتقويتهم واخماد اي شرارة للانتقام منهم في المستقبل خاصة وان الدول الغربية لن تبقى الى الابد في منطقة الشرق الاوسط او تدعمهم،او دولة صغيرة اخرى مثل قطر تكفي صواريخ قليلة لابادة شعبها الصغير،او السعودية التي يكفي انتزاع المنطقة الشرقية فتكون مثل الدول الافريقية...
النزاعات والاحقاد تخلص منها الغرب ...وانتقلت الى العرب،وسوف يحتاجون الى حرب عالمية اقليمية حتى يستيقضوا منها كما فعلت اوروبا!...

ليست هناك تعليقات: