إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/01/25

من لا يحضره البرهان!


من لا يحضره البرهان!
لا يحتاج الانسان الواعي لمعرفة ذاته ومحيطه وسنن وقوانين الكون والحياة وكل ما يتعلق بهما، سوى الى قليل من المعرفة المستقلة التي لا تخضع لتلقين وراثي تصادر العقل والمنطق والارادة الحرة النابعة منهما.
ما عدا ذلك فأنه يحتاج فقط لاضافة المزيد من المعارف التراكمية لكي يكون حجم الوعي بأعلى درجاته اليقينية التي تبعده عن نسبية الشك والاحتمال والوقوع في المطبات الفكرية والسلوكية.
اما الانسان الاخر!...سواء المستضعف الطيب،او الجاهل المتخلف او المضلل بتراث طويل من الاكاذيب والانحرافات،او المنغمس بملذات الحياة ورذائلها!...فأنهم يحتاجون الى براهين حسية ونقلية كي تخرجهم من تلك الدوائر الظلامية الى نور الحقائق الثابتة التي لا تقبل المجادلة حولها بل وحتى النسبية منها،ولكن من يقبل؟!.
تنافس لاجل الحقيقة او الشهرة!:
ما قامت به قناة الجزيرة القطرية من نشر الوثائق السرية لمفاوضات سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية مع اسرائيل،لا  يدخل الا ضمن هاتين الخانتين!... فموقع  ويكيليكس سحب بساط الشهرة من كل المؤسسات الاعلامية او الحكومية سواء اكان لنشر الحقائق وهي تعرف من خلال عدم الاستغلال المادي لها والتعرض للمتاعب او الهلاك،او من خلال الرغبة في الشهرة اذا كان من ورائها مادة وأمان،ومن خلال وجود هذه الصفات والدلائل يمكن بسهولة ويسر معرفة الدوافع ولو بدقة عالية!.
ان مضمون ما نشرته الجزيرة هو لا يمثل الا نقطه من بحر ويكيليكس! وهو محاولة لاتباع سلوكه! والمضمون هو برهان لمن لا يحضره الوعي فاذا رغب الانسان في الخروج من العدم الزمني الى النور الواقعي ومعرفة الحقائق والوقائع المطلقة والنسبية، فأنه يكون امامه البراهين التعريفية ، فأذا رفضها بدون سبب وجيه فلا يمكن الا لومه وبشدة لجهله وتخلفه!.
الوثائق المنشورة ليست جديدة الا بتفاصيلها حول انحراف سلوك افراد سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني!...فمنذ حرب 1967 واغلب القيادات الفلسطينية استغلت مواقعها وانشغلت بصراعاتها الداخلية او مع الانظمة والشعوب العربية الاخرى!...ومن كان يحمل الصدق في القول والعمل فقد تكفل الحلفاء (اسرائيل والانظمة العربية) في تصفيته جسديا او معنويا ! ولم يبقى في الساحة الا اصحاب المواهب الراغبة في السلطة او الجاه بغض النظر عن حجم القضية التي يحملونها!.
الوعي الاسرائيلي والفلسطيني!:
من خلال المقارنة البسيطة بين مستويات الوعي الجماهيري الاسرائيلية بنظيرتها الفلسطينية،يتبين لنا الفارق الكبير بين تلك المستويات! ومن خلال هذا الفارق يمكن استنتاج حجم النتائج المأساوية.
فالاسرائيليون لا يتبعون قادتهم كالعميان بل يجعلونهم تابعين اذلاء لقواعدهم الشعبية مهما وصلوا من شهرة او مجد،ويخضعون سيرتهم وسلوكهم النظري والعملي لقوانين المساءلة والعدالة المتشددة حتى لا يكون هنالك تمييز عن البقية،ويضعونهم في مراتبهم الوظيفية التي لا يمكن اختراق صلاحياتها لأي سبب كان،كما وان اختياراتهم قصيرة الامد لكي يتم اختيار اكبر عدد من القادة والمتصدين للعمل السياسي او العسكري...ومن خلال الديمقراطية التي يتقنونها في داخل حدودهم فأن ثمرات هذا النهج السليم قد ظهرت ملامحه على قوتهم وسطوتهم.
في المقابل فأن الفلسطينيون كبقية الشعوب العربية،يتبعون قادتهم من المهد الى اللحد حتى ولو كانوا خارج السلطة الرسمية كالاحزاب او الهيئات،كما ويمتنعون او يتأخرون عن اختيار غيرهم وكأن ذلك حرام او مكروه!...اما الصلاحيات وسوء الادارة والتصرف فأنه غير خاضع للمساءلة القانونية او الوطنية،فالجميع يتصرف وكأن الحق معه والاخرون على خطأ!.
لا ينظر الفلسطينيون الى ياسر عرفات كمثال من خلال الزاوية الواقعية التي تضعه في حجمه الطبيعي بدون تجميل او تقبيح! وهو نموذج للقيادات الحزبية المتسلطة ذات الفكر الثقافي الهزيل! ...فهذا الرجل نموذج مثالي للانحراف ولكن هنالك الاغلبية التي انقادت له في حياته او بعد وفاته وكأنه معصوم وشعبه غير قادر على انجاب غيره!.. فهو المسؤول الاول من الزمرة التي تلاعبت بالقضية حتى اوصلها الى هذا المستوى من التردي  منذ عام 1967،وما قيامه وزمرته بالتفاوض سرا مع اسرائيل في اوسلو من وراء ظهور المفاوضين الاخرين وبدون علم بقية الفصائل وتقديم التنازلات الا خيانة لا يمكن تبريرها بأي وسيلة سوى الخضوع لمنطق الجهل المركب!.
لا يمتلك الفلسطينيون من عوامل القوة المادية المؤثرة في الصراع، وبالتالي كان عليهم رفض فصل المسار التفاوضي عن المحور السوري اللبناني المشترك الذي اثبت قوته للجميع،ولكنهم اختاروا المحور الفردي الاستسلامي المهين الذي اتبعه النظام المصري اولا ثم الاردني ثانيا،الذي اثبت ضعفه فكانت النتيجة فقدان كل الاوراق الضاغطة مع احترام الاخرين.
لقد رفض مانديلا الخروج من السجن لغرض ايقاف الكفاح المسلح والتفاوض،وفي النهاية كسب شعبه النصر مع التقدير والاحترام...بينما هؤلاء المتلاعبون بالقضية منذ مؤتمر مدريد عام 1991 قد تنكروا لابسط مقومات الوطنية والانسانية من خلال الوقوف بجانب اسرائيل وهي تغتال ابناء جلدتهم وبكافة الوسائل والطرق دون ان يقفوا موقفا رادعا يبرء ساحتهم على الاقل من عدم المشاركة في القتل ولو من خلال الصمت !.
ان رفض التنازل عن الحقوق المشروعة ليس عبثا او خطأ...ولكن العبثية والخيانة والخطأ الكبير هو عندما يتم تقديم التنازلات المهينة المتتالية حتى اصبحت اسرائيل تحتقرهم الى ابعد مدى...فمن لا يحترم نفسه وقيمه وانسانيته،سوف لا يحترمه الاخرون مهما كانت درجة الركوع والسجود!.
ان كشف الوثائق الجديدة ليس سوى دلال مادية لمن هو فاقد لدرجات الوعي التمييزية !...فسلطة الحكم الذاتي المحدودة التي تتصارع بوحشية مع بقية القوى السياسية في وطنها،وتتعاون بقوة يصعب وصفها مع عدوها المزعوم،ما هي الا سلطة هزيلة الفكر والثقافة والدين والاخلاق والوطنية، ومن الخطا الركون الى هكذا سلطة تقودهم الى الحجيم!...ولكن اذا اختارتها امريكا واسرائيل والانظمة العربية لمصالحهم المتوافقة وهو يبين حجم انحرافها وخضوعها، فعلام اختارها شعبها ولو بحرية نسبية؟! بل لماذا لم يحاولوا اسقاطها بكافة الوسائل والطرق؟!...اليس هذا الخضوع هو دلالة على ضعف الثقافة والوعي والركون الى اساليب التلقين الوراثية اللعينة؟!...
اذا كان هذا المستوى الفظيع من التنازلات المقدمة قد كشف للجميع،فأن المستوى الافظع من الانحدار نحو الهاوية هو من خلال ابقاء تلك الرموز دون تحرك شعبي لاسقاطها واخضاعها للمساءلة القانونية والوطنية.
الثورات والقوى السياسية الدولية،لم تنتصر الا بقوة الارادة الحرة ورفض الخضوع ولو طال الزمن،فجاء طعم النصر حلوا...اما السير بعكس هذا الاتجاه فأن النتيجة هي الهزيمة والخذلان والطعم سوف يكون مرا!...

هناك تعليقان (2):

Safeed يقول...

أحسنت،
لا تستطيع أن تحارب شعبا مؤدلجا بقائد حزبي.. لا توجد موازنة ما بين تيار عام ورأي خاص.

من لايضع قيمة لنفسه، لن يضع الآخرون قيمة له.

أحمد محمدي يقول...

شكرا لك
ليس عندي تعليق . الاحباط يفعل فعله يا صاح