إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/05/02

اسس البنية التحليلية-السياسة نموذجا-الحلقة التاسعة

اسس البنية التحليلية
اسس البنية التحليلية:السياسة نموذجا -الحلقة التاسعة
المقارنة التحليلية:
بحثنا سابقا في موضوع التحليل المقارن دون ان نتوسع به ولكن لاهميته القصوى في بناء اجود التحاليل نعيد الكرة هنا بتفصيل اكثر ومعزز بأمثلة اكثر للتقريب الى الاذهان...
 تلعب المقارنة التحليلية دورا رئيسيا في فهم الظواهر العامة من مختلف وجهات النظر التي تبنى اساسا على طرق واساليب ونظريات متعددة تختلف في النهاية النتائج من خلال التنوع الحاصل في البنى المعرفية لكل فكرة ...
والمقارنة هي من الوسائل المنطقية القديمة التي استخدمها الانسان لمعرفة النظريات والاراء الاخرى، مع طرق بحثها لوضعها مع البقية بغية دراستها من مختلف الجوانب للوصول الى افضل الحلول من خلال قبول اقوى البراهين المنطقية والنتائج العقلية والعملية،مما يعني ان دارس المنهج المقارن عليه ان يتحلي بموضوعية عالية تجعله يقبل بجميع الاراء لان هدفه في النهاية هو الوصول الى الحقيقة الكاملة وليس التحيز لجانب دون اخر مما يضعف طريقته التحليلية الدالة على عدم استيعاب!...
ولذلك اصبح المقارنة علما بحد ذاته واصبحت مختلف العلوم تخصص جزءا كبيرا من حيزها المعرفي للمنهج المقارن وفق التخصص ذاته لانها وسيلة مفضلة لتوسعة العلوم من خلال استيعاب مختلف الاراء والافكار لدراستها بموضوعية تامة...
ومن هذا المنطلق اشتهرت مناهج المقارنة في كل علم واخذنا نسمع مصطلحات عديدة وجديدة من قبيل الفقه المقارن،والقانون المقارن، والاقتصاد المقارن،والتربية المقارنة،والنفس المقارن،والادب المقارن الخ...
وعلم السياسة لا يختلف عن بقية العلوم الاخرى في استخدامه علم المقارنة لدراسة مختلف المناهج والمذاهب والافكار لكونها تتخذ من اصول السياسة منطلقا لمنهجها،ولذلك نرى ان نتائج هذا الاختلاف هو ما نراه في اختلاف وجهات النظر المختلفة حول مختلف القضايا التي يتعايش الانسان معها... ولذلك اصبح منهج السياسة المقارن علما قائما بحد ذاته حسب التوضيح السابق...اما لماذا المقارنة في السياسة؟!وهل لهذا المنهج من مزايا؟!...
علم السياسة هو بالتأكيد من صنع الانسان الذي يعيش الاختلاف في داخله وفق ابسط الاسباب التي تميز بين البشر،وهذا الاختلاف في السياسة هو بحد ذاته ثروة اذا ابتعدنا عن المقياس الاخلاقي في منهج المقارنة لانه بالتأكيد سوف يغربل لنا الكثير من الاراء والنظريات التي تتنافى مع حرية الانسان وقدسية حياته!...
لا يمكن فهم الظواهر السياسة والاحداث الجارية الا من خلال الاطلاع على مختلف الاراء حول نفس القضية لانها تبحثها من زاوية قد تكون غير مرئية للاخر،وفهم القضية الكلي هو يكون الاستناد الى اقوى البراهين والحجج المستندة الى تسلسل منطقي يكون واضحا في قوته مما يعني ان الاراء الضعيفة بالرغم من تقاربها مع بنية الاراء الاخرى الا انه ليس هنالك داع من الاخذ بما تتصوره من حلول للمشاكل العالقة...
ليس صعبا على الانسان الموضوعي الذي يتخذ من العقل والمنطق والحرية في الارادة في ان يرى افضل واقوى الاراء للاستنارة في ضرورة الحل وفق ما ترتضيه الحيادية العلمية وبالتالي لا يسمح لنفسه بأن يصر او يسير رغما عن ارادته في اتباع الطريق القديم خاصة اذا اثبت فشله التجريبي في ادارة الامور...وهذه سنة كونية ثابتة ولكن لا يطبقها مع الاسف اصحاب القرار لان درجة الاعتداد بالنفس والاصرار على المنهج وأبعاد الاخر وفق مختلف الذرائع الواهية هي من الاساليب الديكتاتورية الباقية برغم تحضر الانسان ووصوله الى تلك المراحل العالية من التقدم العلمي...
كيفية المقارنة؟!
يحتاج الانسان المعرفي في المقارنة الى العدة الاساسية لكي يبدأ العمل لانه من غير المنطقي اهمال قواعد واسس تكامل الشخصية المعرفية،ومعنى ذلك انه من الضروري معرفة الحد الادنى من طرق المقارنة قبل البدء في البحث في نتائج المقارنة ذاتها!...هذا يعني انه من الضروري دراسة النظريات السياسية المختلفة بما في ذلك القديمة لانها في النهاية تكون نتائج للبحث الانساني.. وبعد الاطلاع الكافي على اراء ومناهج ونظريات الغير وبيان موارد الخلاف والاتفاق،يمكن لنا البدء في المقارنة من خلال طرح مختلف الاراء على بساط البحث وفق انتسابها للمدارس الفكرية الاخرى...
لا يمكن التعصب في علم السياسة المقارن بل من الضروري الانفتاح على الاخر الذي قد يملك وسائل القوة المادية والنظرية للاستفادة في دراسة الظواهر المحلية بعد ان عجزت الوسائل الذاتية! وليس عيبا الاستعانة باراء ونظريات الاخرين التجريبية ولكن العيب الحقيقي هو التقوقع على الذات مما يجعل الانسان يعيش غربة ذاتية مع نفسه او مع محيطه،لانه مخالف للفطرة الانسانية الداعية الى الاجتماع بين البشر وكذلك مخالف لاهداف المقارنة في ضرورة اتباع الحق والعدل ايا كان مصدره... ولنا مثالا حيا في خروج الامة اليابانية من الانعزال عن العالم الخارجي والمشاركة الفعالة في بناء الحضارة الانسانية وبالرغم من انه جاء بتدخل خارجي وتحديدا من قبل امريكا عام 1854 الا انه كان في محله وملائم للمصلحتين الخارجية والداخلية ويمكن لنا تصور حال اليابان البائس لو بقيت منعزلة عن العالم مع تذكر تأثيرات ذلك الانفتاح السلبية من خلال السير في الاتجاه الاستعماري لفترة تزيد عن نصف قرن من الزمن!...
من الخطأ الكبير بناء رأي ما حول مسألة معينة يكون للاخر المخالف تبحر نظري وعملي اكبر بها ،لانه بالتأكيد لم يصل الى تلك المراحل المتقدمة الا بشق الانفس وبتاريخ طويل من المعاناة في البحث والتطبيق،من قبيل مناقشة الموقف من الانتخابات ونتائجها في بعض مناطق الشرق الاوسط!.
فالجهة الضعيفة هنا في هذا الرأي وهم العرب تراهم دائما يستنبطون احكامهم وفق ما ترتضيه الوراثة البيئية التي هي مؤثر كبير على تكوين الراي ايا كان نوعه! بل يتعصبوا لافكارهم الموروثة او المكتسبة من المحيط
ويقوموا بتحليل وتقييم الانتخابات ونتائجها حسب هذا المثال وهم انفسهم لم يمارسوا الحق الانتخابي ولو لمرة واحدة في حياتهم! مما يعني انه استحالة فهم ظاهرة الانتخاب الايجابية وكونها الطريق الامثل في بناء الامة وتمسك الناس بها كوسيلة هامة لتداول السلطة بصورة سلمية نظرا لعدم وجود مناخ محلي يساعد على التحرر من تلك الظاهرة الابدية في الخضوع التام للسلطة!بينما المناقشة من قبل الاطراف التي لها خبرة طويلة في مجال الاختيار الحر للسلطات الثلاث هو الاكثر قبولا وقربا للواقع...

ليست هناك تعليقات: