إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/07/16

اسطورة التغيير الفوقي - القسم التاسع والثلاثون

عبيد يحسنون العبودية!
سئل احد المعتوهين من البعثيين في بداية السبعينات:ماذا تريدون من الناس؟! اذا كانوا قد خضعوا لحكمكم ولم يسلموا من انتقامكم واذلالكم المستمر لهم!.
فكان جواب ذلك الممسوخ الذي هو نموذج للبعثي المثالي في عرف دولة الارهاب البعثية:نحن لانريد فقط ان يكون الناس عبيدا لنا...بل نريدهم ان يحسنوا العبودية! بمعنى ان يكون عبيدا حتى في داخلهم،سواء في مشاعرهم واحاسيسهم وان يكون ذلك للمستقبل كما هو للحاضر،بل حتى للماضي والذي لم يسلم منهم ايضا!.
لقد وصل اذلال الناس حدا جعل الكثيرين يتمنون الموت على العيش في حياة تعيسة كتلك التي احياها العراقي في ظل حكم البعث الفاشي،بل في تقرير يكشف عن سن الفرد العراقي المتوقع فكان المتوسط في بداية حكم البعثيين في حدود 64 سنة،اما بعد ازاحته من السلطة فقد وصل السن المتوقع الى حدود 57 سنة!في وقت ازدادت معظم بلاد العالم الى حدود السبعين عاما!...وصل تدخلهم حتى في منع اختيار الاسماء الدالة على طائفة معينة او تتعارض مع معتقداتهم الفكرية الهزيلة ،ووصلوا حد التدخل في الاختيار الشخصي في الزواج اذا كان يتعارض مع امنهم المزعوم بل حتى فئة الاطفال الابرياء الذين هم بعيدين عن كل متاعب الحياة وقسوتها لم يسلموا من اجرامه واصبحوا عيونا امنية على عوائلهم هذا غير الذين فقدوا وهم بمئات الالاف في سجون النظام ومقابره الجماعية وتحت الحصار الذي يتحمل مسؤوليته الاولى،وفي النهاية كان الاذلال والرعب والقسوة ومسخ العقول وغيرها من الاساليب الاجرامية التي تعجز الاقلام عن كتابتها بل وتعجز العقول السليمة عن استيعابها الا والدموع تسيل بغزارة عند تذكر ملايين الضحايا وعشرات الملايين من المسجونين في بلد اسمه:العراق خلال محنة الاربعون عاما!!...
تعززت التفرقة بين المكونات المختلفة واصبح العداء واضحا بين مختلف الطوائف والمناطق وظهرت نتائج ذلك بعد عام 2003 عندما كشف الغطاء عن واقع العراق الحقيقي،وتحولت قوة الدولة الى سلاح اجرامي في ثراء وفقر المكونات المختلفة من خلال دعم الموالين ومعاقبة المخالفين حتى لو بالانتساب الى طوائف معينة واصبحت بعض الاماكن ثرية بفضل انتساب ابنائها الى اجهزة السلطة الغاشمة والتي كانت في السابق مهملة بينما تحولت الاغلبية الى فقر مدقع،ونشأت سياسة عجيبة هدفها السيطرة على الشعب واحكام السيطرة عليه من خلال اشغاله بمتاعب الحياة المعيشية وذلك من خلال حرمان من ابسط مستلزمات الحياة الغذائية وبعض ما يوصف بالكماليات! بالرغم من وجود القدرة الشرائية الكبيرة وهذه السياسة اتبعت في بداية السبعينات وعندما كانت واردات النفط تتضخم بفعل ازمة الطاقة وتبين انه اضافة الى اشغال الشعب حتى لا يراقب الدولة ويطالب بالتغيير والمشاركة،تبين ان جزءا كبيرا يذهب الى ميزانية التسلح والامن اللذان يفوقان حاجة البلاد الفعلية،كما اظهرت الدراسات الاقتصادية مدى الاستهتار بقدرات الشعب من خلال الصرف المالي على حزب البعث واتباع النظام وبناء امبراطورية اعلامية في الداخل والخارج تبين اثرها في التأييد الحاصل لدى الكثير من المغرر بهم بواسطة الاعلام!.
الهجرة الجماعية:
قبل عام 1963 كان يعيش خارج العراق بضعة الاف،اما بعد عام 2003 فقد وصل العدد الى بضعة ملايين!وبعد ان كان العراق مكانا للاستيطان البشري ولشتى الاسباب فقد تحول الى بلد طارد لابنائه،بحيث شمل تهجير مئات الالاف بشتى الحجج الواهية حتى وصلوا الى نتيجة اذاعوها بوقاحة لاحدود لها،انهم يقبلون بخمسة ملايين طائعين مخلصين والباقين وهم 20 مليون فهم مستعدون لابادتهم!!.
هذه الهجرة والحروب والابادة الجماعية ادت الى خلل سكاني واضح سواء بين الجنسين(ذكر وأنثى)او بين المكونات التركيبية للشعب العراقي،فأكثر المكونات تأثرا سلبيا كما ونوعا هم الشيعة ثم بعد ذلك الاكراد،اما الاقليات المسيحية فقد انخفض عددها كثيرا بفضل الهجرة الى خارج البلاد بل نفيت الى خارج البلاد مكونات كاملة برغم ضخامة عددها وتعيش في العراق منذ قرون طويلة مثل الاكراد الفيلية،كما ادى الى حدوث مشاكل اجتماعية لاحصر لها وخاصة مشكلة الارامل والايتام، كما ادى وجود ملايين العمال العرب والاجانب وهم في اغلبيتهم شبان عزاب اثناء فترة الحرب مع ايران الى حدوث مشاكل متعددة للدولة والمجتمع.
ولم يكن العالم العربي بأكثر من رافض لاستقبال هؤلاء اللاجئون بدلا من مساعدتهم على الرجوع الى بلدهم والاطاحة بطاغية مجنون وبشتى الوسائل المتاحة !،بينما استقبلتهم دول الغرب بطريقة تدل على مدى هزلية وتفاهة الوشائج العربية اذا وضعت على المحك،وتبين اثر الامراض الاجتماعية العربية لدى العامة بعد ان كان متوقعا توقفها عند حدود الانظمة العربية،وادى ذلك الى كره متبادل ورفض بين الطرفين لايعلم مداه الا من عاش تلك الحقب المظلمة من ابناء العالم العربي وهذه صفة عامة في التعامل الشعبي والرسمي بين العرب الاخرين ايضا!.
الهجرة الجماعية بهذا الحجم والناتجة من هكذا حكم يبين لنا نتائج التغيير السلبي في تداول الحكم وبخاصة بطريقة غير شرعية وقانونية بين الطبقات الفوقية من المجتمعات والتي تحكم الغالبية لمجرد التمتع بملذات الحكم التي تنسي الانسان آدميته!.
ارتزاق دولي وليس تخادم!
وصف حسن العلوي وهو بعثي سابق في كتبه سياسة النظام البعثي العراقي مع الدول الكبرى بسياسة التخادم،بمعنى ان الخدمة بين العراق وغيره يجب ان تكون متبادلة من خلال تبادل المنافع المختلفة عن طريق مراعاة مصالح العراق والدول الاخرى في طريقة تعامل العراق مع اعداء الاخرين واعداءه بمعنى ان العراق يخدم مصالح الاخرين وهم الغرب على الاكثر ومن ضمنها حروبه بالنيابة وفي المقابل يحصل النظام على قيمة اتعابه من خلال حصوله على مايريده!...وهذا تفسير ساذج لا يصمد امام العقل والمنطق! بل هو محاولة للالتفاف على الحقائق من خلال تهذيب كلمة الارتزاق الدولي بكلمة التخادم المتبادل،وهو يعرف من خلال عمله السابق في صفوف حزب البعث مقدار حجم الخدمات التي حققها نظام مستبد على شكل عصابة مافيا دولية الى المصالح الغربية في المنطقة العربية،والتخادم الدولي اذا صحت تسمية العلوي لا يصح الا بين بلاد متكافئة سواء بحجمها او بالاعمال المتبادلة والتي يقوم بها كل طرف لصالح الاخر،اما تلك الشروط فهي معدومة في حالة العراق بحجمه مع الدول الكبرى وبحجم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن مع الدول الموالية لها،فالخلل واضح بلا شك والكفة في المصالح الغربية وحجم الدهاء وتوزيع السلطات يتنافى مع واقع العراق بحجمه الطبيعي وسيطرة طاغية متخلف مثل صدام! وهو في الحقيقة ابعاد لصورة الحق الواضح وبطريقة مكشوفة لا لبس فيها تدل على مقدار التزييف الذي يحصل في تحليل الوقائع التاريخية والسياسية.
منذ البداية كان حزب البعث مشكوكا في طريقة تأسيسه والغايات الناشئة من اهدافه والسرية المطلقة في عمله التنظيمي،وطريقة تسلقه المريبة في العراق وسوريا على الحكم وتغلغل المتعصبين من ابناء الاقليات وتحويل الحكم الى استبدادي أسري هو في الحقيقة دال على هشاشة في التركيبة الفكرية والنوعية للحزب والحزبيين،حتى اصبح مثالا واضحا للسخرية والاستهجان من قبل اصحاب الثقافة والفكر الذين يخالفون البعث قلبا وقالبا.
لم يكن التوقف عند طبيعة ذلك الحزب ناتج عن ظروف نشئته المريبة وضعف بنيته الفكرية والتنظيمية فحسب،بل هو نجاح تسلطه على بلدين عربيين كبيرين ثم استعباده لشعبي البلدين من خلال الوسائل البوليسية السرية في الحكم.
عمالة البعث العراقي اصبحت مكشوفة الى درجة تبرء جناح البعث السوري منه واصبح معاديا له،فتعامله مع المخابرات الغربية وخاصة في تسلمه لقوائم الشيوعيين بغرض ابادتهم قبل انقلاب 1963 ثم تعامله مع الحكومات الغربية وشركاتها النفطية لغرض اسقاط حكومة عبد الكريم قاسم التي سببت المتاعب للغرب وحلفاءه،هي دلالة واضحة وقوية على مدى عمالته المكشوفة،وفي انقلابه الثاني عام 1968 الذي وصف بأنه جاء بقطار بريطاني للتمييز عن الانقلاب الاول والذي وصف بالقطار الامريكي،هو ليس بالضرورة ان يكون التعامل مع الدولتين في تأسيس نظام موال للغرب،بل هو ناتج من طبيعة النظام الذي خدم المصالح الغربية بطريقة او بأخرى حتى وهو في قمه صراخه الاعلامي المعادي!.
بدأ النظام حكمه في القضاء على الاسلاميين وفي اغلبيتهم غير مسيسين اساسا!ووصل الامر الى قتل وسجن وتعذيب ونفي بطرق وحشية خالية من اي احترام للمبادئ والقيم الانسانية لرجال الدين وخاصة المفكرون منهم بينما تتباهى الامم الحرة بابنائها وبالعباقرة منهم!وهي خدمة للمصالح الغربية المعادية للاسلام السياسي والذي تجاوزه حزب البعث الى محاربة الاسلام التقليدي المتمثل بالعبادات البسيطة!ثم تطور الامر الى ابادة اليساريين وخاصة الشيوعيين منهم والذين يكنون العداء الى الغرب الرأسمالي الذي يخاف منهم في حالة استلامهم للحكم في بلدانهم اصة وانه كان يصارع الكتلة الشيوعية اثناء الحرب الباردة بينهما،وبالتالي فأن الخطر كبير عليه اذا تحولت بلدان العالم العربي ومن ضمنها العراق الى دول معادية ومتحالفة مع اعداءه.
وطريقة محاربة الخصوم خالية من كل صفات الرجولة والفروسية،ويمكن الاشارة الى قتل وتعذيب ومحاصرة اسر الخصوم وكل من يقرب لهم بدرجة قرابة معينة!.
اما العداء المزيف للغرب وخاصة للذين يطبلون لخرافة تاميم النفط عام 1972 فنقول ان تأميم النفط الحقيقي هو كان في اصدار قانون 80 لعام 1961 والذي انتزع معظم اراضي العراق(99,5%) من سيطرة شركات النفط،اما تأميمات حزب البعث وحجمها فقط 0.5% من ارض العراق فهي ناتجة في الرغبة على السيطرة على انتاج وتسويق النفط بدون ان يعلم احد بذلك لان شركات النفط كانت تحدد الانتاج والعائدات الناتجة منه والتي يحصل العراق عليها بفارق ضئيل عما حصل عليه بعد عام 1972 والتي كان تأميم جزئي لشركة نفط العراق العاملة في حقول كركوك اما الشركات الاخرى فقد جرى تعويضها كي تتنازل عن حصصها بين عامي 1973-1975 هذا بالاضافة الى شراء النظام لذمم الدول المالكة لشركات النفط من خلال منحها التعويضات الكاملة ثم الاستمرار في التصدير اليها بنفس الكميات السابقة،ثم ظهرت اعمال النظام الخسيسة اثناء حرب اكتوبر 1973 عندما استغل فرصة تخفيض الانتاج وارتفاع الاسعار في زيادة صادراته النفطية مع شاه ايران بغية الحصول على واردات اكثر في خرق واضح للقرارات العربية في خفض الانتاج لدعم دول المواجهة!.
واستمر استخدام سلاح النفط لخدمة المصالح الغربية من خلال زيادة الانتاج اثناء حدوث الثورة الايرانية مع السعودية الحليف الرئيسي في المجال النفطي للغرب! فقد ارتفع انتاج العراق النفطي عام 1979 بنسبة 36% وهي اعلى نسبة زيادة انتاجية في العالم خلال تلك الفترة لتعويض الحصة الانتاجية لايران وحرمانها من واردات النفط بعد انتصار ثورتها على الشاه! كما استغل النظام انتاجه وبدون رقيب خلال عقد الثمانينات وبعد عام 1996 في تصدير كميات كبيرة وبأسعار مخفضة ثم التستر على حجم الواردات المالية بأعتبارها من اسرار الدولة الكبرى! بل تحول الامر الى منع التصريح بالنفقات العامة وايرادات الخزينة ومرافق الصرف المالي منذ عام 1976 حيث اخذت التقارير الاقتصادية تعطي ارقاما تقديرية للواقع العراقي في الجداول الاحصائية حتى لا يمكن لاحد ان يقدر حجم قوة العراق الحقيقية في مختلف الفروع وكذلك للتغطية على فضائح الصرف المالي في امنه ومغامراته العسكرية والنفقات التي تخدم النظام واعوانه حتى لا تكشف سرقاتهم المفضوحة للرأي العام المحلي والدولي والتي تكشف الحقيقة الزائفة له، ولا ادري هل بقية دول العالم الاخرى تستهين بأمنها الداخلي اذا اعلنت عن الارقام الاحصائية والتي تبين حجم اقتصادها!.
وصلت عمالة النظام الى اعلى مراتبها واكثرها في العمل الخارجي عندما هاجم ايران عام 1980 مستغلا بداية نشوء نظامه الاسلامي والذي ارعبه فلم يكفيه حالة القمع الوحشي في داخل العراق،فقرر وبدعم وتشجيع غربي وعربي فريد من نوعه للاطاحة بالنظام الايراني الجديد،وزود النظام بمايحتاجه من سلاح وخبرات وعمالة اجنبية وسمح للنظام بأستخدام مختلف انواع الاسلحة بما في ذلك المحرمة دوليا حتى لم يستثني منها مواطنوه ايضا ولاول مرة في التاريخ دولة تستخدم اسلحة الدمار الشامل لابادة مجموعات دينية وعرقية مخالفة لها من مواطنيها!وكل تلك الجرائم جرت بتستر وتشجيع عربي ودولي لاحدود لها واصبح النظام الطفل المدلل للغرب وحلفاءه العرب دون ان يعوا الآثار الجانبية المدمرة لذلك التحالف الشيطاني الذي دمر بلادا وشعوبا باكملها،ثم كان الدعم المستمر منه لبعض الفصائل اللبنانية المتناحرة وقد تسبب ذلك في اطالة امد الحرب،ثم تدخله المستمر بين الفصائل الفلسطينية وتصفياته الشهيرة لكل من لايقف مع خطه السياسي منهم معروفة للجميع.

ليست هناك تعليقات: