إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/05/13

الثقافة المقارنة

الثقافة المقارنة:
المقارنة بين الثقافات اصبح شائعا منذ بدء عصر العولمة الحديثة،وتتضمن الحوار بين الحضارات بشكلها السلمي الجميل الاكثر ملائمة لطبيعتنا البشرية،وايضا تتضمن صراعات الحضارات وهي النظرة الاكثر تشاؤمية والتي يقودها الاشرار ومن يقتنع بمنطقهم المنافي لسمات التحضر والاخوة الانسانية المشتركة!.
والتصنيفات كثيرة بحيث يصعب تجميع الثقافات الا بمشتركات متفق عليها وتكون ضعيفة،ولذلك فقد نجد تصنيفات آيديولوجية مثل الثقافة الاشتراكية او اليسارية والثقافة الرأسمالية او الليبرالية وتصنيفات اقليمية مثل الشرقية او الغربية او الشمال والجنوب وايضا دينية مثل الاسلامية والمسيحية واليهودية والبوذية ومذهبية مثل الكاثوليكية والارثوذكسية والبروتستانتية، ولغوية العربية والانكليزية والهندية والصينية الخ...
واكيد هنالك تصنيفات فرعية لا حصر لها في داخل كل تصنيف رئيسي ولذلك نجد في داخل كل بلد ثقافات متعددة وايضا غير متحدة بل قد تصل درجة الاصطدام الى نفي الاخر بوحشية!... وهذا ما يجعلنا نتسائل حول مدى دقة البحث اذا تمت المقارنة التوحيدية بين صنفين يتضمنان في داخلهما ثقافات متعددة تتضمن فروقات مذهلة قد تصل حد التقاطع والاصطدام وقد نجد ثقافات متقاربة بالفعل الى درجة الاندماج!...
فالحديث الشائع مثلا عن الثقافة العربية والغربية والمقارنة بينهما ومحاولة جمعهما على اسس مشتركة،هو ضعيف لكون ان ذلك التصنيف مثلا لا يكون دقيقا بحيث يمكن القول ان هنالك ثقافة موحدة لكل متكلمي العربية،وهذا القول ايضا ينطبق على الثقافة الغربية فليس هنالك اتحاد اندماجي بحيث تكون الحدود بين ثقافات الشعوب مرفوعة كما هي مرفوعة في الجانب السياسي!فالثقافة الفرنسية على سبيل المثال هي تختلف عن الثقافة الانكلوسكسونية المنتشرة في بلاد بريطانيا وتوابعها وامريكا،بل ان الفرنسية تحاول ابعاد نفسها بغية المحافظة على خواصها التي تختلف بطبيعة الحال،والامر ينطبق على الثقافة الجرمانية ولكن حساسية الفرنسيين هي في اقصى مداها ضمن حدود العالم الغربي وتصارع الاخرين من اجل البقاء ضمن الثقافات العابرة للحدود والسائدة ولذلك انشأت المنظمة الفرنكوفونية التي تتضمن البلدان الناطقة بالفرنسية والتي قد تختلف فيما بينها في الفروقات الى درجة مضحكة،فأي رابط ثقافي بين مصر وفرنسا حتى يجتمعا ضمن المنظمة الفرنكوفونية؟!...
وبالرغم من قوة المشتركات الثقافية بين انكلترا وامريكا الا ان الاختلافات ايضا موجودة ولكن ليس بدرجة الاختلاف مع الاخرين،والحفاظ على التقاليد الموروثة او التحرر والتجديد هما من سمات الاختلاف...
والثقافة العربية على سبيل المثال هي مجموع ثقافات الشعوب المتحدثة باللغة العربية ولكن الاختلافات سواء في العادات والتقاليد والاعتقادات وغيرها هو واسع الى درجة قد تكون ثقافة شعب قريبة من ثقافة شعب مجاور غالبا ما يكون مسلما ولكن غير عربي منها الى الشعوب العربية الاخرى البعيدة جغرافيا...
فالثقافة الموجودة في المشرق العربي هي مختلفة الى حد كبير عن الثقافة المغاربية،وضمن الاولى ايضا ثقافات متعددة مثل الثقافة البدوية المنتشرة في الخليج والجزيرة العربية وثقافات العراق وبلاد الشام ومصر المتعددة والقديمة كما هو موجود ايضا ضمن الثانية...
هذا القول يؤدي بنا الى ان صراع الحضارات او الثقافات وحوارها هو بالحقيقة غير دقيق لكون ان الجبهات الثقافية الفرعية غير متحدة اساسا ولذلك فأن تصوير الاخرين ايضا على انهم متحدين هو ايضا خاطئ...
من هنا يمكن القول ان الكثير من ابناء ثقافة ما لا يشاركون ابناء جلدتهم او ممن يتفق معهم لغويا او دينيا مثلا في الكثير من القضايا ذات الطابع المصيري مثل الصراع من اجل السيادة والبقاء على خارطة العالم او النفي والزوال!...
التركيز على المشتركات بين الثقافات يبقى الهدف الاسمى والتركيز على الخلافات يكون مصيره الانحدار والسقوط!...
  

ليست هناك تعليقات: