إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/05/09

عندما يمنع كتاب!


عندما يمنع كتاب!
تطرح بين الحين والاخر،دعوى لمنع كتاب ما ولسبب معين،كما حدث مؤخرا في الدعوة الى منع كتاب قديم(الف ليلة وليلة) بحجة احتواء نصوصه على الفاظ فاحشة او يدعو للانحلال والفسوق!وهي بالمناسبة ليست الدعوة الاولى ضد هذا الكتاب الذي يعتبر من روائع الادب في الشرق الاوسط ويمكن طباعته بدون تلك الالفاظ دون ان تغير من محتواه...
قبل الشروع في محاولة منع كتاب ما،نسأل هل مازال هنالك قراء للكتب بصورة عامة؟! اوللكتاب المراد منعه بصورة خاصة؟!...
الجواب بالتأكيد:كلا!...اذا كان كذلك فلماذا المنع اساسا؟!...هل الخوف من بضع مئات من القراء يقرأون الكتاب ويتأثرون به(في حالة افتراض التاثر) في مجتمعاتهم المليونية!.
اذا قمنا بعملية حسابية بسيطة لدراسة التأثير فأكيد تظهر لنا نتائج مثيرة تبعد شبح الدعاوى القضائية والهدر الناتج منها في الوقت والمال!.
معروف ان الكتب تطبع في العالم العربي بأقصى رقم وهو بضعة الاف من النسخ بالمقارنة مع مئات الالاف او الملايين في دول الغرب بل وحتى بعض دول الشرق!وذلك نجد ان غالبية الكتب العربية مطبوعة بطبعة واحدة منذ عقود طويلة دون ان تتجدد طباعتها! وطبعا نستثني الشواذ من تلك القاعدة المأساوية السائدة!...
اذا تمت طباعة الكتاب بثلاث الاف نسخة مثلا وهو رقم خيالي لبعض الكتب! لعالم يتكون من مئات الملايين مع نسبة عالية من الذين يعرفون القراءة والكتابة! فأذا طبع هذا العدد فأكيد سوف تبقى نسبة كبيرة في رفوف المكتبات او في المخازن او يتم توزيعها عن طريق الاهداء! وبالتالي فأن نسبة كبيرة لن تصل للقراء! واذا وصلت فلن تقرأ غالبيتها خاصة في هذا الزمن الكثير التعقيد للحياة...واذا قرأت فلن تفهم غالبيتها بالشكل الذي يدعو للخوف منها... فأذن لماذا هذا التعب في رفع الدعاوى القضائية؟!...ام ان الهدف من بعضها هو دعاية مجانية للكتاب او المؤلف او حتى اصحاب الدعاوى!...نعم تلك حقيقة قد يكون ذلك متعمدا او من قبيل الشهرة الاعلامية،او كل ممنوع مرغوب...
لاحظت وجود الكثير من الكتب الممنوعة او المثيرة للجدل في بعض المكتبات العامة في الغرب او حتى بعض الدول العربية لان بعضها قد لا يمنعه،ولكن لم اجد احد يلتفت اليها او يتصفحها!...وتلك حقيقة واقعية ولا خوف من ذكرها،واذكر على سبيل المثال كتب المفكر المصري(نصر حامد ابو زيد) أو المفكر السعودي(عبد الله القصيمي) وهذه الكتب عادة تكون صعبة الفهم او ثقيلة على الذهن او تكون اختصاصية،بل ان بعض المكتبات العامة تصفي الكتب التي لا تقرأ كل بضع سنوات لانها تشغل حيزا كبيرا من المكتبة التي ترضي عادة زوارها وبالتالي سوف يكون مصير تلك الكتب من نصيب من يهتم بها وهم قلة نادرة!...بل لقد شاهدت بعض الكتب التي لم تتم استعارتها لسنوات طويلة عندما كانت تلصق على ظهر الكتاب اوقات الاستعارة والتي استبدلت بالطريقة الحديثة عندما يمرر الكتاب عبر جهاز الكتروني!...
نعم في حالة رفع بعض الدعاوى القضائية في الدول التي تقرأ شعوبها الكتب بكثافة دالة من خلال الاحصائيات له دلالة ان حصل اساسا كون عدد القراء كبيرا...لكن ترفع الدعاوى واساسا لا يوجد قراء، واذا وجدوا فأن الرقابة الحكومية والشعبية تضع العراقيل المختلفة اذا لم يوجد عليه منع رسمي ونهائي!.
لقد اشتهر بعض المؤلفين من خلال الاثارة التي حصلت لمؤلفاتهم او لارائهم التي تكون غريبة او جديدة عن الشائع في المجتمع،والامثلة كثيرة سواء في العالم الغربي مثل رواية عشيق الليدي تشاترلي لديفيد هربرت لورانس عام 1928 او دكتور زيفاكو لباسترناك في روسيا او مدام بوفاري لفلوبير في فرنسا او عناقيد الغضب لشتاينبك في امريكا الخ ...
اما في العالم العربي فالقائمة بالطبع تطول سواء العلنية او السرية! وبذلك لا تحتاج الى ضجة اعلامية لمنع البعض منها بحجة الخوف من افساد الناس التي لا تقرأها بل الخوف هو من وجود اماكن الفساد ومن يرعاها!.. لذلك فأن الامتناع عن تناول الكتب المثيرة للجدل هو اسلم طريق لازالتها بدلا من التشجيع على قرائتها بطريقة غير مباشرة،ولكن يبقى للكتب التي تندرج عادة تحت خانة الكتب الموضوعية الواعية،هي الاكثر خطورة في المنع لان في تواجدها تحريك العقول الخامدة واعطائها جرعات منشطة لعلها ترجع لوعيها!...
  

ليست هناك تعليقات: