إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/03/01

اسس البنية التحليلية: السياسة نموذجا-الحلقة الثالثة

اسس البنية التحليليةاسس البنية التحليلية:السياسة نموذجا -الحلقة الثالثة
حرية الارادة:
للتحليل السياسي الحر اهمية بالغة كونه يحرر الانسان من العبودية بكافة اشكالها ويجعله حرا في الاختيار مادامت لديه القدرة على التحليل الذي يجعله قادرا على معرفة الامور بطريقة صحيحة وبالتالي سوف يكون واعيا ومدركا لعواقب الامور،ولكن تبقى حرية الارادة هي المشكلة الكبرى امام المتحرر من العبودية العامة وبخاصة السياسية منها...
حرية الارادة هنا يجب ان تكون خالصة من الشوائب السلطوية والموروثات المعيقة وليست الموروثات بصفة عامة لان بعضها تكون ايجابية بلا شك لبناء شخصية الفرد المستقلة،فالفرق اذا واضحا بين النوعين!...وحرية الارادة ينبغي ان يكون من صفاتها حرية الارادة السياسية والاقتصادية لان في حالة السياسية اذا لم يكن الفرد حرا ومستقلا من كل اشكال العبودية فأنه سوف يصبح ضعيفا وغير قادر على العمل والبناء بوعي او بدون وعي! بينما في تواجد الحرية السياسية تتفجر طاقات الفرد الى اعلى مراحلها وبالتالي سوف يظهر أثرها الفعال من خلال الجانب الثقافي الذي له تاثيرا هاما في بناء الشخصية المستقلة المبدعة.
وحرية الارادة الاقتصادية متلازمة مع السياسية،بل لا يمكن الفصل بينهما! فالانسان بطبيعته اذا لم يكن متحررا من الناحية الاقتصادية او قادرا على الاستقلال من العبودية الاقتصادية فأن استقلاليته سوف تنهار وتصبح هامشية مهما كانت الحرية السياسية لانه سوف يصبح عبدا لمن يستعبده وهنا تكون الدولة بالدرجة الاساس المستعبد الاول له ثم يأتي بعد ذلك الرأسماليون والاقطاعيون الذين فقط يسلبون حرية الاختيار ممن يعمل لديهم او يمارسون مختلف الضغوط عليه،وما عدا ذلك فأن الحرية باقية في الاختيار اذا كان العمل تحت امرتهم لا يؤثر حريتهم!...ولكن في حالة الدولة فأن الامر يكون اكثر صعوبة لانه من الصعب جدا ان تترك المعارض يمارس حريته دون ان تفعل شيئا ضده!.
التحرر من العبودية الثقافية هو امر هام للممارسة التحليل السياسي،لان الفرد اذا خضع لسبب او لاخر لأي فكر شمولي فأنه سوف يكون عبدا او فردا مسلوب الارادة بصورة كلية او جزئية بل ويخالف حتى ذاته من خلال استنتاجاته التي قد توصله الى نتيجة مغايرة لما يعتقد به! ولذلك فأن من نتائج حرية الارادة بجميع مستوياتها هي الخروج من دائرة العبودية الثقافية والتي تجعل الفرد ذو بعد ثقافي واحد مما يعني ان ابداعاته سوف تكون منحصرة في نطاق ضيق يخالف الغالبية العظمى من البشر لان اللون الثقافي الواحد مهما بلغ من الشهرة والاتساع فأنه اكيد سوف يشغل حيزا من المجتمع الانساني وليس كله!.
للمجتمع سطوته الظاهرة والباطنة على الفرد وبالتالي سوف تكون مؤثرة الى درجة معينة على الفرد لانه بالنهاية سوف يتبعها الا اذا اراد ان يعارضه مما يعني ان المتاعب سوف تنهمر عليه في النهاية ولذلك نرى ان الغالبية ترى تجنب المتاعب ليس فقط مع المجتمع وتقاليده بل وحتى مع اصحاب السلطة السياسية او الاقتصادية خاصة مع اصحاب الاسر لان الانسان الاعزب سوف يكون اكثر تحررا من المتزوج وبالتالي فأن مسؤولياته اقل مما يعني حرية ذاتية اعلى في الاختيار والعمل!.
عدة التحليل:
اذا لم يمتلك الشخص العدة العلمية الضرورية او الحد الادنى منها فأن تجنب التحليل افضل من ان يدخل فيه فيثير المتاعب بتحليلاته الضعيفة والتي تسلب الاخرين وقتهم وجهدهم! ولذلك يكون من الضروري البدء في تسلح المعرفة المختلفة والتي تساعد على بروز شخصية المحلل واستقلاليته،وكلما كان التعمق كبيرا في تلك المعارف كلما كانت القدرة اكبر واوسع في تناولها لمختلف القضايا...ولكن قد يختلف الجميع حول ماهية تلك العدة الثقافية وخاصة المواد في الدراسة الاكاديمية!...وهنا يبرز جانب الحس الذاتي في الرغبة الشخصية في التحليل المنطقي الذي يكون افضل مما يراه عند الاخرين،من خلال الاحساس بأمتلاك القدرة الحقيقية وليست المخادعة التي يحاول الشخص استغلالها لغرض البروز للحصول على هدف معين...ومع الحس الذاتي يأتي الحس الخارجي من خلال التقييم الخارجي الذي يكون اعلى مستوى من الذاتي لانه يأتي غالبا من آخرين يرون ان مقدرة الاخر اعلى مستوى من مقدرتهم وبالتالي فأن جودة وقيمة التحليل سوف تكون مقبولة حتى لو كانوا على درجة معينة من العداء او الخصومة لان البروز العلمي والتفوق في مجالات ثقافية معينة قد تكون غالبا طاغية على بروز المشاعر المعادية او مشاعر حب الذات،لان الغالبية تعرف قدراتها الذاتية وبالتالي فأن لحب الذات حدودا حمراء لا يمكن تجاوزها الا لدى السفهاء او من تكون اعلميته الثقافية في مستوى رفيع ولكن دون الاخر!.
من هذا المنطلق يكون الشعور بأمتلاك العدة الثقافية كافيا للفرد في البدء في التحليل ولكن يبقى العطش المعرفي مستمرا مع الانسان لغاية آخر نفس في حياته ،مما يعني انه مهما وصل الفرد من مستوى علمي رفيع فأنه سوف يكون مستوى جزئي وليس كلي لاستحالة الحصول على منتهى الحقائق العلمية والمعارف المتراكمة لان النمو مستمر مادامت الحياة مستمرة على هذا الكوكب الصغير،ولذلك فأن القدرات الفردية في التحليل سوف تبقى في حالة من النمو المتواصل مع نمو القدرة الثقافية في حالة الاستمرار وليس الثبات والتوقف كما يحدث احيانا لخريجي الدراسات الاكاديمية الذين يبقون على مستوى المعارف التي تلقوها اثناء الدراسة دون ان يستمروا في البذل والعطاء لتطوير الذات!...فالدراسة الاكاديمية مهما وصلت من تعليم اخر المستجدات العلمية فأنها سوف تبقى تنمو مع تراكم المعرفة الجديدة وبالتالي حرمان من لم يستطع التواصل معها،ولذلك نرى ان بعض جامعات دول العالم المتقدم تشترط على خريجي الكليات الطبية فيها ان يخضع للدراسة والامتحان كل بضع سنوات والا تسحب اجازته لان الطب في حالة مستمرة من النمو مما يعني تخفيض نسبة المعاناة الجسدية من الامراض!...

ليست هناك تعليقات: