إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/03/01

اسس البنية التحليلية: السياسة نموذجا-الحلقة الثانية

اسس البنية التحليلية
اسس البنية التحليلية:السياسة نموذجا-الحلقة الثانية

الدراسة والبحث بكل ما يحيط المسألة من ظروف خارجية وداخلية والتي لها تأثيرات عالية يكون له جوانب ايجابية تساعد على الفهم واستيعاب المشكلة او الظرف مما يعني قدرة اعلى على التحليل،لان فصل المشكلة او الظرف عن واقعه لا يؤدي سوى الى محاصرة القدرة التحليلية ضمن قيود تشكل عبئا على تحرير العقل في التحري وبالتالي سوف تكون النتائج بائسة الى حد يجعل التحليل بعيد عن الواقع واقرب للخرافة والكذب!.
التحليل الجماعي عادة يكون اعلى مرتبة من التحليل الفردي لان القدرة الجماعية هي مشاركة عقلية وذهنية لعدد من الافراد بغية حل وتفسير وقائع وهي تكون عادة من اراء عديدة تتناول المشكلة او الظرف من زوايا عديدة يصعب غالبا على الفرد الاحاطة بها مما يعني ان القدرة الفردية مهما بلغت من مرتبة سامية في حيازة العلوم المختلفة فأنها تبقى قاصرة عن اللحاق بالمجموعة التحليلية الا في حالات نادرة تكون فيه المجموعات مؤلفة من مجموعة من المتخلفين الجهلاء! وبالتالي سوف ينعكس ذلك سلبيا على تناولهم للمسائل وتكون نتائج تحليلاتهم ساذجة وغير واقعية!.
يشترط بالتحليل الجماعي الموحد هو ان تكون لافراده المقدرة العقلية والاستيعاب العلمي الواضح مع الحرية في البحث وابداء الرأي والاخلاص في البحث والطرح مع اختلاف التخصصات والتي يصعب على الفرد ان يلم بها بصورتها التفصيلية،وبدون تلك الشروط الموضوعية يكون من الصعب على المجموعة ان تفرض رأيها في مسالة ما لانعدام صفات التحليل الناجح فيها،وقد نرى في التاريخ الكثير من آراء المجموعات وتحليلاتهم قد وصلت الى التوقع الخاطئ او الى نتائج ضعيفة المستوى خاصة في ظل انعدام اختلاف الرؤى ضمن المجموعة الواحدة لان في الاختلاف الايجابي فرصة لمعرفة الاراء بحرية تامة بغية الوصول الى نتائج حاسمة بينما لو كانت المجموعة الواحدة تسير وفق رأي واحد فعلام تعددها! فقط يكفي وجود فرد واحد قادر على البحث والتحليل الا في حالات التناول وفق المنهج الواحد من زوايا متعددة...
التحليل ضمن نطاق العلوم الطبيعية يحتاج الى تخصص يصعب على الانسان العادي الدخول فيه فضلا عن استيعابه او حتى أبداء الرأي فيه لانه فوق طاقة كل انسان العقلية وبالتالي ينتظر هنا رأي المتخصصين فيها.
وكذلك غالبية العلوم الانسانية ايضا اذا لم يكن الانسان متسلحا بتفاصيلها او على الاقل مستوعبا لمجملها فعليه انتظار رأي الاخرين المتخصصين الا في حالات نادرة يكون للتجربة الحياتية شأنا كبيرا ومؤثرا في هكذا مسائل!.
السياسة نموذجا:
تدخل السياسة حياة كل انسان بشكل او بآخر وبالتالي فأنه من الضروري ان يكون للانسان العادي رأي يكون نتيجة تحليله وتفسيره ويكون ناتجا من حجم ثقافته التي كلما ازداد تنوعها ازدادت مقدرته على الفهم والتحليل والتفسير لكافة مجريات الاحداث.
ولان السياسة هي علم وفن يختص بأدارة شؤون البلاد والعباد فأن الجميع سوف يتأثر سلبا او ايجابا بتلك الادارة ...ولذلك فمن الخطأ ان يمنع الاخرون من ابداء آرائهم التحليلية بحجة عدم دراستهم للعلوم السياسية او عدم مشاركتهم في الشأن السياسي ولكن بنفس الوقت يشترط هنا حيازة جملة من الامور التي تعتبر بمثابة رأس المال لصاحب العمل والا لأعتبر جاهلا متخلفا لا قيمة لآرائه! ولنسميها رأس الحكمة والتي تتضمن جملة من الفروع واهمها معرفة ثقافية متنوعة لا بأس بها مع تجربة حياتية وبشرط الاخلاص في البحث والتحليل،وبدون تلك الشروط تهمل كافة التفسيرات!...وكلما ازداد حجم رأس الحكمة كلما ازداد حجم المقدرة على التحليل والتفسير! في علاقة طردية دالة لا يختلف عليها أحد.
العلوم السياسية ليست بتلك الصعوبة التي هي عليها غالبية العلوم والاداب الاخرى،ولكن في نفس الوقت لا يمكن الاستهانة بكل تفصيلاتها لان معرفة خطوطها التفصيلية وان كان أمرا هاما الا انه يبقى صعبا على الفرد البسيط ولكن يمكن معرفة الخطوط العامة لكي تمنح صاحبها مقدرة على التمييز والمشاركة الوجدانية.
من هنا يمكن رؤية الكثير من الاختلافات بين متون التعليقات على الكثير من القضايا لانها دالة على الاختلاف بحجم القيم الثقافية والمعنوية لاصحابها، ويمكن ايضا لنا معرفة القيمة الحقيقية في الغالب طبعا للشخص المعلق لان هنالك جملة من الشواذ نبتعد عنها من ضمنها السخرية من الواقع مع عدم قول الحقيقة لسبب او آخر! او وجود حالة من التوتر النفسي الذي يضعف التركيز بغية البحث الهادئ! ومن هنا نرى ان غالبية التعليقات الناتجة من توتر او هيجان نفسي والتي تبحث أمرا ما او على الاقل لابداء الرأي في مسألة ما،تكون ضعيفة ولا تسبب سوى ازعاج لاصحاب الشأن!.
التحليل السياسي يحتاج الى مراحل عديدة لكي يصل الى اعلى المراتب لانه تدرج في الحصول على المعارف العديدة واستيعابها بمرور الزمن مع الخبرة الزمنية والتي لها اهميتها في هذا المجال!مع حيازة اكبر نطاق من الحرية في البحث والدراسة حتى يمكن معرفة الواقع من كافة جوانبه.
والتحليل السياسي او ما يتعلق بالسياسة من اقتصاد واجتماع وفكر الخ...هو ليس منعزلا عن العلوم الاخرى بل هو متداخل معها الى درجة عالية من المشاركة مما يقتضي معرفة ولو بسيطة بتلك العلوم وبخاصة من مصادرها الاصلية المحايدة والتي تساعد على اعطاء صاحب التحليل درجة عالية من الثقة والمقدرة التفسيرية ولذلك نجد ان المراكز البحثية الاستيراتيجية تدرس المواضيع المختلفة من كافة نواحيها لكي تمنح اصحاب الشأن المقدرة على التمييز لاصدار القرارات الهامة.

ليست هناك تعليقات: