إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/01/23

تحرير العقول -القسم الاول

تحرير العقول
تحرير العقول:
المقدمة:
العقل هو الفارق الرئيسي بين الانسان الذي يمتلكه وبين المخلوقات الاخرى،وخلال مسيرته الطويلة لم يكن العقل الانساني حرا بل خضع الى الكثير من الاغلال التي تقيد حركته،وبعضها كان ناشئ من اللاوعي الجمعي،بينما البعض الاخر نشأ من توارث قيم توارثتها الاجيال دون التحقق من صحتها او حتى مصدر نشوئها، وبالتالي نشأت على شرايين عقول وارثيها طبقات دهنية اصابتها بعد ذلك بالشلل المميت فجعل العقل الانساني لهؤلاء لاينتج سوى الفكر المشوه والذي يعيش عالة على الاخرين كونه ضارا ومميتا،اما الفكر المنتج الحر فهو لا ينتج الا بالتزاوج بين الحرية العقلية والموروثات الخالصة التي لا تقيد حركة العقل ابدا،بل تحفزه على الابداع والانتاج لبناء الحضارة الانسانية العظيمة الناتجة من الاختلاف الطبيعي للبشر،ويمكن التمييز بين الفكر المنتج الحر وبين الفكر التعطيلي الذي يقوض الحركة الانسانية ويحبط كل المساعي للاستفادة من طاقاته الخلاقة.
ولكن مالمقصود من تحرير العقول؟!...هل هو تحريرها من المنظومة القيمية الناتجة من الاديان السماوية والقيم الاخلاقية التي نشأت مع حركة الانسان الطبيعية في هذا الكون؟!...
الجواب كلا !...الاديان السماوية العظيمة ابدا لم تكن معيقة لحركة الانسانية العقلية بل هي ضوء قوي في طريقه المظلم الطويل ،ومصدر هام للطاقة الفكرية التي يستهلكها الانسان بطبيعته الحركية وملهم له مقدرة رفيعة على الدفع.
وكذلك النتاج العظيم للقيم الاخلاقية،والتي هي ناتجة من حركة الانسان ولاتتعارض مع التعاليم السماوية العظيمة،ولكن التفسيرات الضيقة والمتعصبة للتعاليم هي التي تمنح المخربين الداخليين واعداء الاديان الفرصة للولوج في داخل المعمعة لخلق تيارات علمانية معادية للاديان برمتها او حتى تحجيمها بالشكل الذي يجعلها مثل التماثيل القديمة في المتاحف الاثرية،نستمتع بالرؤية لها دون ان يحق لنا لمسها او الشعور بالعيش في عالمها القديم !...
اذن لما التحرر العقلي؟!...هل هو ترف فكري نحن في غنى عنه؟!...او حاجة ضرورية يحتاجها الانسان لبناء ذاته وتكوين خزين متراكم من القدرات الانتاجية؟.
الجواب المختصر:ليس ترفا فكريا حتى لا نحتاج اليه الا في حالة الرخاء،بل حاجة ماسة للخلاص من كل المآسي الانسانية والتي هي ناتجة في اغلبها من يد الانسان نفسه،وليست من شيء آخر،بل ضرورة لادامة الحياة بشكلها الامثل في هذا الكون....
لن يستطيع الانسان ان يبدأ في التحرر العقلي الا اذا امتلك الارادة الحرة التي لاتتأثر بمغريات الحياة او شظفها،وتلك الارادة اذا لم تكن ذاتية فعلى الاقل مكتسبة من المحيط الذي قد يبدأ بالاسرة او المجتمع او المنظومة القيمية التي تحكم المجتمع،ولكن من الافضل ان لا تبقى الارادة الحرة محصورة في جدران النفس بل يجب ان تخرج للواقع الذي هو مشوه من جراء قوانين الحياة الخاطئة والتي بنيت على اسس نفعية لزمر صغيرة تتنوع في توجهاتها الفكرية والعملية.
اذن التقوقع بعد التحرر هو نكسة انسانية ومعرفية ليس فقط للانسانية ناتجة من عدم نفعها بمزايا ذلك التحرر المثير والذي يجعل الحياة في ابهى صورها،بعد طول عذاب لا حدود له ناتج من سيطرة الاشرار على مقدرات المساكين المادية والروحية،هذا بالاضافة الى خيانة عظمى للمبادئ التي يؤمن بها الانسان الحر والذي ليس له من منقذ سوى الله تعالى ليعبده ثم عقله الحر لينير دربه المجهول...
العقائد الفاسدة:
ليس هنالك خطر اكبر على الانسان من العقائد الفاسدة والتي يؤمن بها من يخضع برغبة منه سواء اقتناعا او خضوعا للتأثير الجمعي او حتى بدون وعي كامل منه.
من خلال حركة الانسان في التاريخ،نشأت لديه عقائد وافكار ناتجة من ذاته وليست من قوى ميتافيزيقية بعضها مثير وفي نفس الوقت محزنة بواقع ان هذا العقل الجبار يخضع الى تفاهات تأبى احيانا الحيوانات من اتباعها فضلا عن الدفاع عنها!... العقائد والافكار تتحول بمرور الزمن الى اديان ارضية ويتحول احيانا قادتها المبشرين بها بغض النظر عن مكانتهم العلمية والاخلاقية،الى آلهة او الى مرتبة الانبياء والتي لا يمكن الخروج عن طريقها،وهذه امامنا عدد كبير من الاديان والمذاهب الدينية والفكرية والتي مع حسن الحظ اندثرت اغلبيتها مع التاريخ ولم يبقى سوى الاسم ومعلومات محفوظة للمتحف الفكري،بينما في العالم المعاصر الذي تتقاذفه الامواج الفكرية،فأن الانتشار اصبح بين الغالبية العظمى من البشر بينما يقف الموحدون والذين هم في صراع داخلي رهيب جعل الصراع مع الاخر الملوث فكريا هو ثانوي بدلا من ان يكون رئيسي لتخليص البشرية من آثام العبادات والتيارات الخاطئة التي لا تمت للفطرة الانسانية بشيء،فهل يعقل ان تعبد الحيوانات التي هي في مرتبة ادنى من مرتبة البشر؟! لا بل هناك حيوانات صغيرة تعتبر خطرة او قذرة على بدن الانسان تعبد من قبل كم هائل من البشر!.
العقائد الفاسدة احيانا تكون في صورة تصديق لمواقف من قبيل حوادث تاريخية او تقييم لشخصيات لها ادوار خطرة وبالتالي ليس هنالك من تحرير عقلي من تلك الصور التي تتحول الى عقائد مقدسة،والاخطر عندما تدخل تلك المقدسات الغير مقدسة الى الاديان السماوي الثلاث،وعند مرجعة العديد من الفرق المتفرعة منها يمكن معرفة حجم الكارثة التي حصلت للعقل الانساني عندما جرى تزييف الارادة الانسانية الحرة وفق اطر احيانا تكون مجهولة الهوية او حتى الدوافع التي بنيت على اساسها تلك المزيفات المقدسة.

ليست هناك تعليقات: