إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/08/16

دم بلا طوارئ

دم بلا طوارئ:
منذ اندلاع الحرب الارهابية المعلنة ضد الشعب العراقي الجريح والتي يقودها التحالف الاجرامي التكفيري-البعثي بعد سقوط النظام البائد عام 2003 في العراق،لم تبادر الحكومات العراقية المتتالية وقبلها القوات الامريكية في فرض حالة الطوارئ في البلاد بغية فرض الامن والنظام على الجميع!...ورغم بشاعة تلك الجرائم والتي وصلت للقتل على الهوية وبمشاركة ارهابيين من البلاد الاخرى وسببت سقوط عشرات الالوف من الضحايا لم تفرض حالة الطوارئ القصوى والضرورية لانقاذ البلاد من المأزق الذي تعيشه رغم ان معظم الدول العربية تعيش حالة الطوارئ المعلنة ومنذ عقود طويلة وهي تعيش حالة من السلم وبدون اي دواعي امنية تستدعي ذلك الا ان تلك الحالة تفرض عليها التخلص من الاجراءات القانونية والمسائلة الشعبية حتى يسهل على الانظمة الديكتاتورية فرض سياسة الامر الواقع والتي تجعل من شبه المستحيل معارضة سياساتها في الداخل الا اذا هرب المعارضون الى خارج حدود سيطرة انظمتهم القمعية!..تلك الاجراءات حمت تلك البلدان من الانقسام الداخلي والعنف الا انها سمحت وبدون ضوابط لممارسة العنف من جانب السلطات الغاشمة! ويمكن ملاحظة مثال قبيح لوضع مصر مع حالة الطوارئ منذ مقتل السادات عام 1981 مع العلم ان بلاد كثيرة في العالم جرت فيها عمليات الاغتيال المشابهة دون ان تفرض اية حالة للطوارئ في البلاد!وقد سمحت تلك الوضعية البائسة لحسني مبارك في فرض وجوده لمدة طويلة مع قمع كل المعارضين وبوحشية رغم ان الظروف سوف تصبح افضل للشعب في فرض وجوده لو الغيت قوانين الطوارئ والاحكام العرفية!...
وفي حالة العراق،اصبح الاستهانة بالدم العراقي امرا واقعا في ظل عدم وجود حالة الطوارئ التي تسمح للحكومة من فرض الامن والنظام ومعاقبة الارهابيين بدلا من وضعهم في السجون مع مرافقة فرق حقوق الانسان التي لايعترفون اساسا بها !وبعد فترات من الحجز يطلق سراحهم ليعودوا الى ممارسة نشاطاتهم الارهابية كما شاهدنا ذلك مع الكثيرين الذين القي القبض عليهم لعدة مرات!...لقد خلق ذلك شعورا لدى الناس بعدم الامن وفقدان الثقة بالحكومة واجهزتها الامنية التي تنفق عليها معظم موارد الدولة!بينما من الناحية الاخرى، تكون حجة الحكومات المتتالية واهية في ابعاد البلاد عن شبح الديكتاتورية واجراءاتها القمعية المتمثلة بفرضها لقوانين الطوارئ! او تحميل البرلمان والقوى السياسية تهمة تعطيل فرض تلك القوانين التي هي ضرورية في حالة العراق...فهل هناك اصعب من تلك الظروف القاهرة الان حتى يمكن الامتناع عن فرض الاجراءات القانونية المتشددة مع الارهابيين؟! ...وهل يصح بقاء الآف القتلة والذباحين وباعترافاتهم في السجون لغاية هذه اللحظة دون الحكم عليهم؟! او حتى بدون تنفيذ الحكم اذا صدر من القضاء العراقي الغير جدير اسسا بمهمة فرض العدل والقانون في البلاد بسبب سيطرة نسبة كبيرة من ممسوخي النظام في اجهزته المختلفة وعملهم الدؤوب بغية افشال التجربة الحديثة للبلاد!...
ان التهاون الواضح مع الارهابيين هو الذي يجعلهم يستهينون بالدولة واجهزتها المختلفة فيشجعهم ذلك الى العودة الى نشاطاتهم الاجرامية وبأمان تام لانهم لايخشون القانون والدولة المنفذة له!مادام تنفيذ القصاص العادل متوقف بل يرغب من ليس لديه رغبة بالعمل مع تلك الجماعات الارهابية خاصة لاجل المال...وهذا ما حصل ايضا مع السراق الفاسدين اللذين هربوا الى خارج البلاد دون ان نرى اية مطالب في ضرورة عودتهم لتطبيق العدالة عليهم خاصة وان المبالغ السروقة من الضخامة تجعل ضرورة القبض عليهم مهمة وطنية قصوى والتهاون في ذلك خيانة عظمى !...
الدول الديمقراطية تفرض اشد القوانين صرامة بما في ذلك حالة الطوارئ في البلاد اذا تعرضت الى معشار ما تعرض العراق له من هجمة ارهابية اجرامية،وبالتالي تقدم على الحريات،امن المواطن للحفاظ عليه كقيمة عليا تتضاءل امامها كل القيم الاخرى وهم بذلك يمنحوننا دروسا في كيفية الحفاظ على حياة وممتلكات الشعب لانها هي الغاية وتبرر لاجلها الوسائل!...اما تنفيذ الديمقراطية وبأقصى درجات الحرية الفوضوية كما هو في حالة العراق لهو امر سخيف ومضحك لكون الانتقال اليها من اشد حالات الديكتاتورية اجراما ،لايتم دفعة واحدة وبهذه الصورة دون ضوابط كابحة لها ،بل يكون بالتدريج ووفق مبدأ الافضلية القصوى لحياة المواطن وامنه،ولذلك نرى الحالة الامريكية بعد هجمات سبتمبر 2001 وكيف فرضت اشد الاجراءات قسوة بغية حفظ الامن في داخل البلاد،لانه مع فقدانه سوف تفقد البلاد حريتها وازدهارها...
تتحمل الحكومات العراقية المتتالية منذ عام 2004 السؤولية الكبرى في سقوط الضحايا الابرياء لعدم فرض اجراءات الطوارئ والمحاكمات السريعة الضرورية لرؤوس الاجرام بغية ردع اتباعهم المنتشرين في طول البلاد وعرضها...كما يتحمل البرلمان جزءا كبيرا من المسؤولية سواء بعدم فرضه تلك الاجراءات او تسهيل مهمة الحكومة وحثها في فرضها لفترات زمينة تطول وتقصر حسب وضعية البلاد...كذلك ان الخوف من عدم فرضها والاضرار المسببة له اكبر من فرضها ثم استغلالها بعد ذلك...التهاون مع المجرمين يشجعهم على الاستمرار في ممارسة جرائمهم الوحشية ....ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب...فهل يستجيب لذلك من يحمل مشعل المسؤولية الصادقة؟!...

ليست هناك تعليقات: