إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/04/05

المسرحية العربية السنوية

المسرحية العربية السنوية:
قبل وجود الاعلام المرئي وخاصة الفضائي والالكتروني،كان صعبا علينا ان نعرف ماذا يجري في القمم العربية السنوية من مناقشات وكلمات ومداخلات بين الحكام العرب،ولذلك حرمنا فترة طويلة من الاستمتاع بما يجري بينهم.
اما الان فاعتقد اننا سوف ننتظر بفارغ الصبر مجي مسرحية الموسم القادم،وهي تنافس مسرحيات عادل امام وعبد الحسين عبد الرضا ودريد لحام،وهو اقوى ثلاثي عربي على المسرح الفكاهي في العالم العربي!!...
من خلال الرؤية الكاملة لوقائع القمم العربية يمكن التحقق من مستوى حكام العرب الثقافي والاخلاقي الذي وصل الى مستوى وضيع لايكاد يتصوره المرء ابدا في ان تلك الزمرة ممكن ان تقود شعوب وامة كبيرة بحجم امة العرب!!.
التناقض الحاد الموجود بينهم وهو على نفس شاكلة زعماء عصابات المافيا،يمكن ان يصل بالقمة الى الفشل الذريع المؤكد،ولذلك لا يوجد عاقل عربي واحد ممكن ان ينظر الى القمة السنوية العربية،نظرة امل بل وحتى الهيكل المشوه الذي يجمعهم بينهم والذي يسمى بجامعة الدول العربية هو لايقل انحرافا عنهم فكيف يقودهم!،ولكن الملفت للنظر ان امين عام الامم المتحدة اخذ يحضر الى تلك القمم في السنوات الاخيرة،وبالتأكيد هو محظوظ حتى يرى بأم عينيه من مهزلة مضحكة قد تبقيه عاما كاملا يتذكرها خاصة اثناء فترات همومه فتثير في نفسه الضحك الممزوج بالحزن على شعوب بأكملها منكوبة تخضع لامثال هؤلاء الرعاع الذي لولا ملابسهم الانيقة لما صعب علينا ان نميزهم عن شقاوات ومنحرفي المحلات الشعبية ولكن الاختلاف الرئيسي فيما بينهما هو اننا نجد احيانا النخوة لدى منحرفي الاحياء الشعبية اما لدى الحكام العرب فتلك بعيده عن شيمهم الاصيلة .
اصبح هؤلاء الحكام مثل الاطفال اثناء خصوماتهم الصبيانية،والتي تبدأ بهذا يحضر والاخر لا لانه يختلف مع الاخر،!! والادهى هو اننا نجد قطاعات شعبية واسعة تسير خلف هؤلاء المعتوهين في صراعاتهم الجانبية،فحين الخلاف والنزاع بين اثنين وهو في الغالب شخصي او خلاف النظرة والرأي الى موضوع ما،فأن اجهزة الدولة تنقل النزاع الى كافة القطاعات الشعبية بحيث يحصل لدى المواطن البسيط حالة من الخصام والكره لديه تجاه مواطني البلد الاخر،وهي تحصل في الغالب بدون وعي وادراك كاملين بخطورة الامر،ولكن الاكثر مرارة وحزن ان الحكام غالبا ما تزول خلافاتهم بسهولة اكبر بكثير من خصومات مواطني البلدين الذين يجدون صعوبة في العودة الى حالة الوئام والمحبة نتيجة لانه في الاساس خضع لحالة من غسيل الدماغ لا يستطيع معها ان يرفضها او حتى ان يكون محايدا او محصنا منها،وبالتالي تكون نزاعات العالم العربي من العمق ليس من السهولة بمكان حلها خاصة وان غالبية شعوبنا غير متعلمة او خاضعة لتقاليد متخلفة تمنع من تحضرها ومن ابرزها الطائفية والطبقية والقبلية وتعجز ان تقرر وفق قواعد العقل والمنطق سير سلوكها السوي.
ولكن الغريب ان يبرر غياب بعضهم بأعذار في منتهى السخف،اوغيابهم يكون مكشوف ودال على درجة الخلاف فيما بينهم،ومنها غياب الديكتاتور المصري حسني مبارك وهو قبل شهر ركض مهرولا الى البحرين لكي يدعمها بوجه محاضر ايراني ذكر في محاضرته ان البحرين كانت جزءا من ايران! قبل قرون مضت،او لكي يثبت شجاعته الملوثة بوحل قذر امام البحارنة حتى يقولوا انه يقف بوجه ايران!!او بالاحرى ضد المحاضر الايراني،اما امام اسرائيل صديقته الاولى بأمتياز فالوضع يختلف والمقارنة متروكة للقارئ!...
كلنا استمعنا بلذة لمداخلة المعتوه الليبي ضد العاهل السعودي،وبنفس طريقة خصمه كال له الاتهامات والتي هي صحيحة للطرفين في كون الغرب حاميهم وهو الذي أتى بهم،والتي بقيت في صدر المعتوه الليبي مدة ست سنوات ينتظر اللحظة الحاسمة لكي يعيد بها كرامته المهدورة!.
اثناء تلك المناوشات الكلامية تظهر امامنا وبطريقة ساخرة جدا المستوى الحقيقي للحكام العرب،وخاصة عندما يعير احدهما الاخر بالعمالة للغرب.
لكن الديكتاتور الليبي هذه المرة تجاوز كثيرا في تصوير نفسه وهو رئيس وليس ملك،على انه ملك الملوك في افريقيا وامام المسلمين وعميد الحكام العرب!!(لانحتاج للتعليق والسخرية من تلك الكلمات!)...ولكن المثير للضحك ايضا انه يريد مصالحة الملك السعودي!!يعني بشتائم وعبارات تدل على نرجسية مخرفة يبدأ المصالحة!والتي لن تكون عميقة وسليمة بالتاكيد.
تبقى فقط من خلال مذكرات بعض الزعماء والمسؤولين العرب،شذرات من المسرحيات العربية السابقة،وهي مادة دسمة للتسلية والضحك عليهم او جعلها مصدرا مهما لاقامة مسرحيات هزلية للجمهور المحبط تعيد له على الاقل جزءا من كرامته المجروحة على يد هؤلاء،حتى لو كان القبر يضم رفات بعضا منهم.
الاتفاق العربي:
اذا اتفق حكام العرب على شيء فمعناه ان ذلك الشيء ليس بصالح الشعوب العربية وفقط بصالح بقاء كراسيهم مصونة،فهم في حالة تشبه الى حد كبير حالة قادة عصابات المافيا الذين يتصارعون فيما بينهم الى حد الاقتتال الداخلي،ولكن اذا تعرض اي واحد منهم الى خطر كبير يهدد مكانته او حياته من قبل قوة خارج العصابات وغالبا ما تكون قانونية،فأن الجميع يهب لانقاذه بشتى الوسائل الممكنة بل حتى يتناسون الخلافات العميقة فيما بينهم!! والسبب معروف انه يمكن تحمل وجود عدو على نفس الشاكلة من الانحراف والسلوك الاجرامي،ولكن لايتحملون وجود عدو شريف ونزيه وذو اخلاق حسنة لانه من خلال الصفات السابقة يكون قد سحب البساط من تحت ارجلهم،ولذلك رأينا ان الحكام العرب يهبون في القمة الاخيرة لمساندة الديكتاتور السوداني الذي يقبع في حكمه اللاشرعي منذ عقدين من الزمن وتصرف خلالها بهمجية ورعونة لاحدود لها.
من هنا نجد ان التأييد الرسمي العربي للديكتاتور البشير ليس حرصا على السودان كوطن وشعب كما اذيع من خلال كلماتهم الرعناء،فتلك الاسباب من التفاهة والسخف تجعل الغير بالغ يسخر منها ولايقيم لها وزنا او احتراما لقائلها!..
اما الاسباب الحقيقة فهي الخوف من المصير المجهول لان الحكام على نفس الشاكلة فقد ارتكبوا من الجرائم ما يندى لها جبين الانسانية ويكفي مجرد استحواذهم على الحكم بصورة غير شرعية انه جريمة لا يمكن غفرانها لانها اساس البلايا في عالمنا العربي...ولذلك من يمنع غدا ان تقدم الى المحكمة الجنائية الدولية شكاوى ضد زعماء عرب آخرين؟!...بالتأكيد لا احد يمنع ذلك،والمصير الاسود لديكتاتور السودان هو نهاية كل طاغية لا يحترم شعبه ولا المجتمع الدولي بالاضافة الى عدم احترام مبادئ الانسانية وشرعيتها المستمدة من شعبها.
اما بالنسبة للاتفاق حول قضايا هامة ومصيرية فتلك بعيدة كل البعد عن تفكير هؤلاء لانها لاتهم سوى من يكتوي بنارها اما اذا اقتربت النار الى كراسي الحكام فأن الدنيا تجيش وتصبح سيادة الكرسي هي سيادة الوطن التي لايعلوا سيادتها شيء اخر!!...
اما بالنسبة لضحايا ذلك الديكتاتور المخبول سواء في دارفور او جنوب السودان وشرقه او المعارضة في شمال البلاد،فهؤلاء مجرد ارقام لاقيمة لها لدى هؤلاء المعتوهين الذين يحكمون عالمنا العربي سواء ارتفعت او انخفظت فالمهم هو الزعيم الذي يفدى لاجله الارواح والبلدان!،من هنا يمكن القول ان من وقف مع البشير هو مجرم يشترك معه في جرائمه كما تدل على ذلك كل الشرائع السماوية والاخلاق الارضية ورابطة الانسانية والقياس من خلالها يمكن اصدار ذلك الحكم.
وليست تلك هي المرة الاولى،فقبل بضع سنوات فقط وقفوا مع ديكتاتور العراق المقبور صدام قبل سقوطه وبعده،وتناسوا في لحظات وبكل وقاحة ورعونة كل خلافاتهم معه،لان الخلافات وهي ليست جذرية بل في اسلوب وطريقة الحكم المستبد لهم،مع معتوه على نفس طينتهم اخف بكثير من وجود نظم ديمقراطية حرة تحكم شعوب متحررة على حدود بلادهم،ولذلك فأن من لايقف مع ضحايا الشعب السوداني ويقف مع جلاده هو بالتأكيد كان قد وقف مع جلاد العراق السابق ضد ضحاياه الذين تجاوزوا الحدود الوطنية الى الشعوب المجاورة وخاصة ايران والكويت،ولذلك فأن رابطة الضحايا دائما تكون اقوى واشد من رابطة الجلادين لانها تستند على اسس انسانية بحتة من ضمنها رابطة الدين والدم والجوار والتاريخ،بينما رابطة الجلادين تستند على اسس هشة وواهية لانها مخالفة للفطرة الانسانية السليمة،ولذلك تزول بسرعة امام ادنى عاصفة.
من هذا المنطلق يمكن القول ان الوقوف مع طاغية السودان البشير،سوف يتكرر مع كل طاغية آخر،وبدلا من احكام العقل والمنطق والشرعية في دعوته ترك الحكم والوقوف امام المحكمة للدفاع عن نفسه والتي يعلم جيدا انها لاتفيده بشيء مادام عدد ضحاياه بذلك الكم الكبير سوف يجعل من مهمة دفاعه هزيلة وبالتالي سوف تكون نهايته الحتمية خلف القضبان جراء ما اقترفت يداه من جرائم...والعدالة في النهاية سوف تقام على الجميع ولا حصانة لاي انسان امام اتهامه بأرتكاب جرائم.

ليست هناك تعليقات: