إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/02/28

حول الذكاء والعبقرية

حول العبقرية والذكاء:
اسم الكتاب:العبقرية والذكاء والابداع...تأليف د. عبد الهادي مصباح(مصري الجنسية)طبعة 2006 ومؤلف من 232 صفحة في طبعة انيقة.
الكتاب قيم بحد ذاته ويفسر ويحلل الكثير من المفاهيم التي تكون عادة ملتبسة لدى عدد كبير من الناس،وبذلك يكون جدير بالقراءة والتفحص والتمعن.
يحتوي مخ الانسان على مائة مليار خلية عصبية،وهو من التعقيد الى درجة مذهلة يمكن الاستدلال على عظمة الخالق سبحانه وتعالى،ومن ابرز صفاته انه تجري داخله اكثر من 100 الف تفاعل كيمياوي في كل ثانية من الزمن،وفي عملية حسابية بسيطة يقدر العلماء ان حجم الشبكة العصبية للاتصالات داخل مخ الانسان تزيد على 1400 مرة عن حجم شبكة التلفونات في العالم اجمع!.
اثار المؤلف مسألة العلاقة بين حجم المخ وعبقرية الانسان،وقد دلت الابحاث ان لا علاقة بينهما،وكانت من ابرز التجارب في هذا المجال،مخ العالم العبقري آينشتاين الذي هو من اعاظم العلماء،فقد اثبتت التحاليل على حجم مخه انه صغير،بل واصغر من الحجم الطبيعي للانسان المقدر ب1400غرام.
لكن هل الوراثة هي المؤثر الوحيد في عبقرية الانسان؟...الجواب كلا،فهناك للبيئة ايضا تأثير بالغ الاهمية،ولولا هاذين العاملين لما نجح اغلبية العباقرة في التاريخ.
وهل لنوعية الجنس علاقة بالذكاء والعبقرية،اي الفرق بين الذكر والانثى؟...
بينت الدراسات ان حجم مخ الرجل اكبر منه لدى المرأة،وتكوين المخ خلال المراحل الاولى من التكوين يخضع للهرمونات الجنسية الذكرية او الانثوية.
ولكن الاهم من الدراسات الحديثة،هو ان كمية المادة الرمادية،وهي الجزء المسؤول عن الذكاء والتفكير والتمييز،لايوجد فرق بين الجنسين،الا ان مخ الرجل يحتوي على كم اكبر من المادة البيضاء المسؤولة عن نقل المعلومات بين مراكز المخ وهذه الخاصية تعطي الرجال ميزة معرفة الاماكن بصورة افضل،وهي تعطي فرصة التفوق في المجالات الرياضية التي تعتمد على اتخاذ الاماكن والمواقع السليمة في الملعب،وفي الغالب يكون الرياضيين ضعاف في الرياضيات والاحصاء.
ومن خلال تحليل اجزاء المخ المسؤولة عن الاعمال الروتينية المختلفة،تبين ان الرجال يقودون افضل،بينما النساء يتكلمن اكثر.
ومن خلال عرض لطيف حول الطهي،الذي يتصوره البعض سهلا! فقد دلت ان الاقسام المسؤولة عن الطهي حتى تقديمه كاملا،يكون من اختصاص 11جزء من الدماغ!...
الشيء المهم والذي يجب ان يعرفه الكثيرون هو ان هنالك فرق بين العبقرية والابداع وبين الذكاء!!...
كان العلماء يظنون ان من لديه معامل ذكاء IQ اكثر من 140 وهو المقياس الاعلى يعد من العباقرة،وهي لاتوجد سوى في 4 بالالف من البشر،وظل هذا الاعتقاد سائدا الى ان اثبتت الدراسات ان جوهر العبقرية لايتوقف على احراز اعلى الدرجات في معامل الذكاء العقلي،فالابداع شيء مختلف عن الذكاء،والفرد يمكن ان يكون مبدعا بدرجة تفوق كثيرا مستوى ذكائه،او العكس،اي ان المرء يمكن ان يكون لديه معامل ذكاء عقلي عالي،ولكن لاتبدو عليه علامات العبقرية او الابداع.
الفروق الجوهرية بين الفكر العادي والفكر المبدع العبقري،هو ان المبدع لا يفكر بشكل روتيني او تكراري من خلال استعادته لخبرات سابقة في مشكلات مماثلة،ولايميل الاخذ بالمسلمات،ويبتكر الحلول غير المتوقعة او التقليدية،ويبحث عن اكثر من بديل للحل،ويميل الى التفكر المنتج.
وفي دعوة هامة من قبل المؤلف والواجب على كل شخص مسؤول ان يعمل بها،وهي ان نتبني تدريس الفكر الابداعي بدلا من التفكير التقليدي التلقيني،الذي لايولد سوى الجمود الفكري والتخلف،وهي منتشرة بشكل خاص في العديد من المدارس الدينية وخاصة التي تخرج متطرفين يعتمدون على تعليم جاهز لايمنح فرصة للتفكر والتعقل.
ولكن ماالفرق بين العباقرة وغيرهم؟... الجواب هو:
اولا:القدرة على رؤية مالايراه الاخرون...
وهي من خلال ايجاد منظور جديد لم يعتنقه شخص آخر من قبل،وهم لايقتربون من المشكلات بشكل استرجاعي،اي على اساس تعرض الاخرون لها في الماضي،لان ذلك يؤدي الى الى تضليل المفكر وقولبة التفكير. كذلك اعطاء التفكير شكلا مرئيا،وهي لغة الصور والرسوم البيانية والتخطيطية.
ثانيا:التفكير فيما لايفكر به الاخرون....
وهي صنع توليفات مبتكرة،والنظر الى الجانب الاخر من الموضوع،والنظر في العوالم الاخرى،والعثور على مالاتبحث عنه،ووصل مالم يكن متصلا،وايقاظ روح التعاون،ومعرفة شحذ الذهن،اي توليد كمية من الافكار او مايسمى بالعصف الذهني،ولكن لكي يكون منتجا،ينبغي عليه،ارجاء اصدار الاحكام اثناء عملية المخاض الفكري،وتوليد اكبر عدد من الافكار،وتسجيل الافكار بمجرد ورودها في الذهن،وتطوير الافكار الاولية ومحاولة تحسينها نحو الافضل.
وفي عبارة جميلة،الافكار طيور في سماء عقولنا...وعلينا صيدها...
وفي حديث فرعي،لم تكن حياة العباقرة مفروشة بالورود،وهي صفة يعرفها عدد كبير منا من خلال استعراض تاريخ حياتهم الشخصية او العملية.
المفاهيم الشائعة عن الذكاء هي:
1- القدرة على حل المشاكل.
2-اللماحية وسرعة رد الفعل.
3-امكانية تشغيل الذكاء الكامل.
الذكاء كما يعتقد الكثيرون هو شيء شامل متضمن للقدرة العقلية الفائقة،وكل من يتمتع بذاكرة قوية يتفوق في الذكاء على من سواه. والذكاء يخضع لتعريفات كثيرة ولكن بصورة رئيسية لوجهتي نظر:التقليدية القديمة،والاخرى الحديثة التي تشتمل على نظرية الذكاءات المتعددة،وهي بأعتقادي الاقرب للواقع والصحة كون ان الانسان يبدع في مجالات كثيرة وبالتالي يستحيل على فرد واحد البروز بها جميعا.
التعريف التقليدي: ويتضمن العوامل التالية:
1-العامل الوراثي.
2-قدرة الفرد على التكيف مع البيئة.
3-قدرة الفرد على التعلم من خلال اكتساب الخبرات والمهارات والمعارف.
4-قدرة الفرد على التفكير الذي يعتمد على المفاهيم الكلية وعلى استخدام الرموز اللغوية والعددية.
وهنالك تعاريف قديمة كثيرة،منها الذكاء اللفظي والذكاء العملي والذكاء الاجتماعي،والمقصود به سهولة التعامل مع الناس.
معامل الذكاء INTELLIGENCE QUOTIENT:
او مايسمى اختصارا IQ test كالاتي:
المعتوه اقل من 20.
الابله 20-50.
المأفون 50-70 .
ضعيف العقل:70 فأقل.
غبي 80-90.
متوسط الذكاء 90-110.
ذكي 110-120.
ذكي جدا 120-130.
عبقري 130 فمافوق.
ونظرية الذكاءات المتعددة،تتألف من عناصر هامة،اهمها:القدرة على انتاج شيء مؤثر ذات قيمة في الثقافة والمعرفة،ومجموعة من المهارات التي تمكن الشخص على حل المشكلات بطريقة جيدة وسليمة،وامكانية ايجاد حلول للمشكلات تمكن من اكتساب معارف وخبرات جديدة.
ويتكون الذكاء فيها من:اولا-الذكاء اللغوي اللفظي:وهي استثمار القدرات اللغوية في افضل وابرع صورة،وخاصة في الكتابة والحديث.ومن ابرز صفاته الشائعة هي الكتب وتعبر عنه،ويتعلم اكثر عن طريق الاستماع،ويستمتع بلعب الكثير من الالعاب الكلامية،واللغة الانكليزية والدراسات الاجتماعية مواد سهلة له،ويستطيع ان يتفوق فيها عن العلوم والرياضيات،وخير مثال على ذلك عبقرية شكسبير والتي من اسرارها امتلاكه لمخزون ضخم من الحصيلة اللغوية والكلمات،وامكانية توظيف الكلمات في مكانها الصحيح واللعب بمعانيها،وادخال كلمات ومعاني جديدة،وتركيبات وجمل لغوية غير مألوفة،والاحساس العالي مع حرفية الكتابة،بحيث تمس مشاعر القارئ واحاسيسه،وكأنها كتبت خصيصا له،واستفادته ممن سبقه ودراسة اسلوب الممثلين في ادائهم،واخراج المشاعر السلبية والايجابية الداخلية بأفضل حالة،واخيرا اكتب...ثم اكتب...ثم اكتب. وهي من اهم ادوات العبقرية التي تعبر عما بداخلك،وعما يدور في ذهنك من افكار،وليس بالضرورة ان تكون اديبا متميزا لكي تكتب،لان مجرد الكتابة هي تفريغ للشحنات العقلية سواء السالبة او الموجبة،كما انها تحول الافكار الطائرة في الذهن الى واقع قابل للفهم والتطبيق والتقييم،كما ان الكتابة تنمي الذكاء اللغوي،ولكن لكي تكتب ينبغي اولا ان: تقرأ ثم تقرأ ثم تقرأ .
الذكاء المنطقي\الرياضي: وهو استخدام الارقام بكفاءة ومهارة ويمكن ان تظهر في العديد من المهن التي لها علاقة بذلك مثل المحاسب ومدرس الرياضيات والاحصائي والقدرة على التفكير المنطقي مثل العالم او مصمم برامج الكومبيوتر او استاذ المنطق. ومن ابرز صفاته هي يستطيع ان يحسب الاعداد بسهولة في رأسه،والعلوم والرياضيات من المواد المفضلة لديه في الدراسة،ويفضل الالعاب العقلية مثل الشطرنج ويهتم بالاحداث العلمية ويقيس الاشياء بطرق متعددة.
الذكاء المكاني\البصري: ويتمثل في القدرة على ادراك العالم البصري المكاني بدقة،ومثال على ذلك الصياد والدليل والكشاف والمهندس والفنان التشكيلي،ومن ابرز صفاته يستطيع ان يريى الصور في خياله عندما يغلق عينيه ويحب حل الالغاز والمتاهات،ولايحتاج غالبا الى خرائط لكي يصل الى مكان ما،ويحب قراءة الكتب التي يوجد بها وسائل ايضاح متعددة.
الذكاء الطبيعي:وهي متمثلة في القدرة على التعرف على التصنيفات الطبيعية مثل النباتات والحيوانات والطيور والحشرات وعلم الفلك والجيولوجيا والزراعةوالظواهر الطبيعية والارصاد الجوية والانهار والبيئة وغيرها.
الذكاء الوجودي:وهو المرتبط بالتفكير في الوجود الانساني،من قبيل معنى الحياة والوجود والموت والبعث،ويهتم اصحاب هذا النوع في الدين والعقيدة والاسترخاء والتأمل والتصوف والدراسات التاريخية والدينية والتراث،والتفكير في الكون والخلق. ومن اشهر المفكرين الذين يتميزون بالذكاء الوجودي:سقراط وآينشتاين وكونفوشيوس.
الذكاء الجسمي او الحركي: وهو استخدام الجسم من اجل التعبير عن الافكار والمشاعر،كما هو معروف في اداء الممثل والراقص والرياضي،وايضا استخدام اليدين،مثل النحات والجراح والعازف والميكانيكي.
الذكاء الموسيقي:ويتمثل في القدرة على ادراك الموسيقى وتحليلها لدى الناقد الموسيقي،او التأليف والتلحين الموسيقي لدى العازف.
الذكاء الشخصي الداخلي :واصحابه يمتلكون القدرة على معرفة ذاتهم،والتصرف المتوائم مع هذه المعرفة من خلال معرفتهم الجيدة بجوانب القوة والضعف لديهمووعيهم بحالتهم المزاجية ونواياهم ودوافعهم ورغباتهم،ويتميزون بأن لديهم فهما واحتراما لذاتهم ووعيا بالمشاعر الداخلية المختلفة.
الذكاء الشخصي الخارجي :ويتميز اصحابه بقدرتهم على ادراك الحالات المزاجية للاخرين،وادراك نواياهم ودوافعهم ومشاعرهم،بما في ذلك تعبيرات الوجه والصوت والايماءات،والقدرة على رؤية الاشياء وتقويمها من خلال وجهات نظر الاخرين،ومثال ذلك المعالج النفسي ومندوبو الدعاية.
وهناك تصنيفات اكثر دقة وفرعية من التصنيفات السابقة او تضاف اليها من قبيل،الذكاء القيمي الاخلاقي،والذكاء الاكاديمي،والذكاء الوجداني،وذكاء تداعي الخواطر والمعاني،والذكاء الحدسي.
ومن المهم للغاية كشف حالات الذكاء المبكر لدى الاطفال من خلال التصنيفات السابقة وصفاتها المميزة،وكذلك ضروري العمل على خلق برامج حكومية لرعاية النابغين والذين يفقدون نبوغهم بمرور الزمن في الدول المتخلفة التي لاتراعيهم .
وفي شروحات تفصيلية اخرى تتناول تشريح المخ بالتفصيل وخاصة التمييز بين المخ الايسر والذي يدير الجانب الايمن من الجسم،والمخ الايمن الذي يدير الجانب الاخر وهناك جسر موصل بينهما،كذلك يتناول بالتفصيل من خلال ذلك لماذا يوجد نبوغ بين بعض المتخلفين عقليا،وهي ان الاصابة التي تحدث لجزء من الدماغ تثير اجزاء اخرى تطلق معها اللاوعي فتصدر عنها تلك الابداعات المختلفة.
وقد حاول في امريكا منذ عام 1980 رجل مليونير اسمه غراهام وقد اسس بنك مني العباقرة،في محاولة منه لانجاب اطفال لنساء اخريات من الذين يتبرعون بمنيهم من هؤلاء النابغون،ومن خلال عرض تفصيلي لتاريخ ووقائع هذا البنك،اثبت فشله الذريع واكد بصورة لامجال للشك فيها ان الاسرة الطبيعية هي الافضل والاكثر استقرارا من تلك المحاولات التي قد يكون الغرض منها افادة الجنس البشري من خلال انجاب اطفال اصحاء يمتازون بقدرات خارقة للغاية.
وفي الفصول التالية يتناول تشريح المخ بالتفصيل وذكاء المشاعر والانفعالات وتقدم العمر والشيخوخة وتأثيرهما على مخ الانسان وقوة ذاكرته،وامور اخرى.
الكتاب مفيد ومعلوماته ممنعة ايضا ويستحق التقدير والاقتناء....



ليست هناك تعليقات: