إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/12/11

رسالة وتعليق

رسالة وتعليق:
بعد ان كتبت موضوع الملتقى الشعري وفيه عرجت على فقدان الكثير من الابداعات في ظروف شتى،وهي كارثة بحد ذاتها وتختص هذه الظاهرة بجميع العلوم والفنون والاداب،والتي فقدت آثارها الى الابد في خسارة لايمكن تعويضها وخلال تاريخ البشرية الطويل.
وجاءت شبكة الانترنت وما تحوية من اماكن عديدة لحفظ الكثير من النتاجات الابداعية وخاصة المدونات والتي سدت الكثير من الثغرات والفجوات وحلت الكثير من المشاكل واصبح ميسورا حفظ الابداع فيها.
بعد الموضوع استلمت رسالة بالايميل من احد الاخوة المبدعين في حقول العلوم الدينية والادبية واللغوية والتاريخية والتي عبر بحزن وألم شديدين عن فقدان مخطوطة مؤلفة من قبله خلال فترة خمسة اعوام وتتكون في عدة مجلدات ضخمة في لحظات سيئة جدا...وقد طلبت منه ان انشر رسالته مع تعريف بمدونته الجديدة في مكتوب:
http://sania-9.maktoobblog.com/

او في غير مكتوب على الموقع التالي:
http://irshadonline.org/blog/index.php

وقد قبل ان تنشر ولكن بعد ان يرسل تفصيلات عن القصة وهي بالتأكيد نموذجا حزينا لما توصل اليه نتائج جهود المبدعين في مختلف صنوف المعرفة ...والتالي هي نص رسالة الاخ العزيز والساكن في امريكا :
أخي العزيز وصلتني رسالتك وهي تحمل روحا جديدا من روحك وعبقا من أريج أدبك وحرصا أغبطك عليه.ووصلني ملف ملتقاكم الشعري وكان موفقا فأرجعتني بالذكرى الى ملتقياتنا الرائدة في النجف والشطرة وسوق الشيوخ. وأنت تعرف أنّ العراق كلّه ملتقى للأدب والثقافة والفكر ويشهد له بذلك نتاجه الثرّ في كلّ هذه الحقول ، وكانت حادثة كربلاء في العراق قد ألهبت الحماس وأثارت القرائح للحديث عن مظلومية يشيب لهولها الطفل الرضيع وعبّر الأحرار عنها في قصائدهم أدقّ تعبير ليوصلوا حبلا بها على أنّها انسانية الأهداف ، وللشيعة نصيب فيهذا التعبير فصدرت لهم ملاحم وموسوعات لها قيمتها الأدبية العالية ، وقصّتي مع كربلاء هي قصّة كلّ حرّ يريد أن يهتدي الطريق للخلاص من الظلم ومن أجل أن يرتفع باءنسانيته الى المستوى المطلوب في اتاحة فرص التعبير واطلاق حرية الانسان ليمارس حياته من دون عنت وارهاب ، وقادت كربلاء مسيرة الأحرار على هذا النسق الرائع ، فرغبت أن أدلي بدلوي لأتعرّف على الذين رافقوا الحسين في رحلة الاستشهاد وعلى الذين تخلّفوا عنه فوقفوا على التلّ وعلى الذين قادوا الجريمة فأحصيت ما يقارب الألف في كلّ من العراق والحجاز والشام واليمن فأخذ منّي هذا الاستقراء ما يقرب من أربعة سنين فقدّرت أن يكون خمسة مجلّدات أسميتها ( معجم أعلام ثورة الحسين ) وشاءت الأقدار أن أنتقل من بيت الى آخر وهذا هو حال كلّ مستأجر وتعرف من أمثالك أنّ كتبه أكثر بكثير من أثاث بيته وكان البيت صغيرا وفي شارع يسمّى شارع الغنم ويقف على تلال من التراب وأمامه خربة يبقى ماء المطر فيها راكدا شهرا أو يزيد وهو على ممرّ الأغنام برواحها صباحا الى مرعاها ومجيئها عصرا منه يقودهنّ سرب من الكلاب وترانا في انذار عند رواحهنّ وعند المجيء لأنّ علينا أن نقفل الأبواب والشبابيك لئلا يغزونا التراب ، وفي ذات يوم هبّت عاصفة هوجاء وكنت قد نسيت أنّ الكارتون الذي فيه أوراق المعجم هو على السطح مع مجموعة أثاث ورافق الريح العاتية برق مزمجر ثمّ فتحت السماء قربها فسالت أودية بقدرها وبعد يومين خرجت من البيت لشراء ما نحتاجه من السوق فرأيت الأرض مزدانة ببياض قد عجنته حوافرالغنم وكانت هي أوراق المعجم فأخذت أبحث عن ناجين ومن به رمق من الحياة فاذا هي وريقات تماسكن فيما بينهنّ فعالجتهنّ برفق اذ هنّ بقية السيف ونفخت فيهنّ من روحي فكان كتاب ( الفاتحون في كربلاء ) طبعته دار الطالب ببيروت وأهديته الى أطفالنا الرضّع المذعورين اليتامى الى شبابنا الذين مضوا على الطريق الى شيوخنا الذين شجّعونا على الجهاد الى نسائنا اللواتي لحقهنّ العذاب أقدّم كربلاء بما فيها هدفا نتحرّك نحوه …. انتهى نص الرسالة...
نموذجا حزينا لفقدان الكثير من الابداعات وخاصة التي تنتج من الاهمال والنسيان،ولكن قمة المأساة التي تأتي من انظمة او اناس يقومون بتدمير التراث الانساني وفق آيديولوجيات مختلفة او لاغراض سياسية بحتة...
هذا بالنسبة للانتاج الفكري المفقود ...فكيف الانتاج الفكري غير المنتوج والمحبوس في الصدور بعد العقول ....ولاسباب شتى قد يكون منها الاضطهاد السياسي او الاقتصادي اي انعدام الحرية والديمقراطية والفرص العادلة...وخلال تاريخ الانسانية الطويل اعتقد لو اتيحت الفرص العادلة للجميع في مناخ من العدل والمساواة والحرية ...لامكن انتاج الكومبيوتر والانترنت قبل اكثر من الف عام!!!
تاريخ ضائع في صراعات لاتنتهي ضمن حياة قصيرة جدا!!.

ليست هناك تعليقات: