إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/09/28

هل يعطي يوم القدس العالمي صك براءة؟

هل يعطي يوم القدس العالمي صك براءة؟
يحتفل عدد كبير من المسلمين في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك بيوم القدس العالمي لتذكير المسلمين والعالم بنكبتها ووقوعها بيد الاحتلال الاسرائيلي،وذلك بمبادرة من الامام الخميني الراحل عام 1979،لكن بمرور الزمن اصبح المحتفلون يقل عددهم خاصة في ظل الانقسامات المذهبية والسياسية التي تعصف بالعالم العربي والاسلامي،ورغم ان اغلبية المحتفلون مازالوا من الشيعة ومعهم اقلية من المذاهب الاخرى الذين تجاوزوا مسألة الخلاف المذهبي الى مسائل اكثر اهمية وواقعية،خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العالم العربي في ظل تخلف وانكسار فظيعين في كافة الاصعدة...
لكن الغريب في الامر ان الفلسطينيين مازالوا في اغلبيتهم الساحقة غير متفاعلين مع الدعوة وهي على قدر كبير من الاهمية من الجانب المعنوي وهي احدى الوسائل الهامة التي تساعد على التعبئة النفسية لمواجهة المحنة الفلسطينية..وكذلك بقية العرب الاخرين...بل تعدى الامر نفسه الى الشيعة انفسهم كون عدد كبير منهم غير راض عن السياسات الخارجية لايران او من يحمل معه مخزون من العداء نتيجة للظروف السيئة التي عاشها في داخل ايران مما جعلهم لا يشاركون على الاقل في الجانب المعنوي في ذلك اليوم...
احد اهم الاسباب الرئيسية التي جعلت غير الشيعة لا يشاركونهم بها،كون الفترة الراهنة تمر الامة الاسلامية بأنقسام مذهبي لا حدود له وقد ساعدت الثورة التكنولوجية في نشر ذلك الانقسام من خلال الاعلام الواسع وخاصة الفضائيات والانترنت....وقد بدأت تلك الانقسامات الحادة مع صعود المد التكفيري المتعصب خلال فترة الثمانينات كرد فعل على الثورة الايرانية،وقد ازاد ذلك المد مع صعود نجمي التطرف والارهاب حركتي طالبان والقاعدة،وكانت ساحات الصراع الرئيسية في العراق ولبنان بالدرجة الرئيسية ثم افغانستان وباكستان واليمن والبحرين في الدرجة الثانية..
نجح اليهود في كسب عدد كبير من شعوب العالم الى جانب قضيتهم،من خلال وسائل الاعلام وعدم التدخل في صراعات الاخرين حتى لا يفقدوا تأييد بعضهم من خلال الوقوف بجانب احد في الصراعات الدولية،بينما على العكس من ذلك فقد الفلسطينيون تأييد عدد كبير من شعوب العالم رغم عدالة قضيتهم من خلال الدخول في الصراعات الجانبية بين الدول وايضا في تفاصيل الصراعات السياسية والدينية والمذهبية..ومن الامثلة على ذلك تأييدهم المتواصل لنظام صدام المقبور ثم الدخول في صراعات لبنان الداخلية وغيرها كثيرة مما جر الويلات عليهم..
نعود الى بداية التساؤل هل يوم القدس العالمي اعطى للشيعة والايرانيون خصوصا،صك براءة من التكفير وتحليل دمائهم واموالهم واعراضهم...الجواب:كلا!!
هناك مواقف اكبر واعظم ولم تعطي لهم صك براءة..منها المقاومة اللبنانية لاحتلال اسرائيل لجنوب لبنان بين عامي1978-2000م وايضا مقاومة الغزو السوفييتي لافغانستان،وغيرها..
فمازال عدد كبير من المسلمين يعتقدون بعمالة الشيعة للنصارى واليهود!! وفي تقديري حتى لو حرروا كامل التراب الفلسطيني!!بل ان التأييد الشعبي السني سرعان ما يتلاشى بعد حدوث المواجهات مع اسرائيل وامريكا،في اقل قضية اثارة للخلاف بين الطائفتين..وقد يعتقد البعض ان السبب يعود للشيعة،ولكن الحقيقة ان هؤلاء في اغلبيتهم الساحقة هم معتدلون في تعاملهم مع السنة خاصة ان السلطة والقوة مع السنة في غالبية البلاد الاسلامية،وحتى التيار الفوضوي المتشدد في العراق وهو التيار الصدري،لم يكن يحارب التكفيريين والارهابيين البعثيين بل كان متحالفا معهم رغم الهجمات الدموية التي يشنونهاعلى الشيعة،بل تعرض اتباع ذلك التيار نفسه الى التصفية دون ان يتحركوا حتى حدوث تفجير الامامين العسكريين في سامراء عام 2006 عندها انتهى التحالف الهزلي بينهما!.
بينما تصدر فتاوى التكفير والاتهامات المتعددة من الطرف الاخر،وبالتالي اصبح الاحتفال بتلك المناسبة اي يوم القدس العالمي لا يحقق اغراضه سواء في توحيد الصفوف المشتتة،او في تعبئة النفوس وتذكيرها بنكبة القدس الشريف،بل حتى اصحاب القضية انفسهم،اي الفلسطينيون منغمسون بخلافاتهم السياسية الدموية الداخلية ثم يتجاوزون ذلك في الاتحاد فيما بينهم واقصد الاغلبية منهم في التعامل السلبي مع الشيعة!،فمازالت رواسب العداء المذهبي النفسي تفوق التصور ولا يمكن حلها بجهاد مستمر او دعوات مادية او معنوية،فكل ذلك تبين زوال اثره بعد فترة قصيرة،ويمكن مشاهدة اثر ذلك في التطرف بأتجاهين:الاول وهو الاغلبية في الاستمرار بالعداء السياسي والمذهبي،والثاني وهي اقلية في تحول بعض ابناء السنة الى المذهب الشيعي نتيجة للتاثر بالمواقف السياسية او التأثير العقائدي..
ويمكن ملاحظة انحسار التأييد السني لحزب الله في داخل لبنان نفسها،وهو الذي تحمل تكلفة تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي،وخاصة اثناء حرب تموز 2006 وهي التي كانت بالاساس لتحرير الاسرى اللبنانيين وخاصة الدرزي سمير القنطار وتخفيف الضغط على الفلسطينيين وخاصة في غزة التي تحاصرها اسرائيل ومصر!.
مازال بعض المخلصون يعملون على هدم تلك الهوة بين الطرفين ولكن بعد اقل اثارة اعلامية او عمل ارهابي،تزول تلك الجهود بسرعة كبيرة وترجع الامور الى حالة العداء المستحكم..
دعوة كبيرة المعنى في يوم القدس ولكن لم يستفاد الجميع منها،واصبح من العبث توقع تفاعل المسلمين معها حتى اصحاب المشكلة الرئيسيون وهم الفلسطينيون!! وبالتالي اصبح الحديث في التغيير سواء في مسألة الدعوات او الجهاد .

ليست هناك تعليقات: