إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/07/14

الاستخدام المزدوج...التدوين نموذجا

الاستخدام المزدوج...التدوين نموذجا
كل الاشياء الموجودة بالعالم يستطيع الانسان ان يستخدمها،استخدما مزدوجا بمعنى انه قادر على استخدامها في خير البشرية او في شرها،حتى الاشياء المعنوية غير الملموسة يستطيع ان يستخدمها في الاعمال الشريرة ولا يحد من استخدامها اي شيء بل غالبا ما تكون تلك اكبر من ناحية قوة التاثير والدمار الذي تحدثه من الاشياء المادية الملموسة ويشكل الانتاج الفكري بمختلف انواعه نموذجا بارزا لها ويشمل من ضمنها النظريات العلمية والادبية والعلوم الانسانية المختلفة من فن وادب وسياسة واقتصاد وغيرها امثلة وهي في غالبيتها من انتاج الانسان نفسه ولكن الاكثر بشاعة هو الاستخدام السيء للاشياء غير المعنوية والتي لا دخل للانسان في وجودها مثل الاديان السماوية وتفرعاتها من المذاهب المختلفة والتي انزلها الله تعالى لهداية الانسان ودليلا له في مسيرته الا انه استخدمها كما يشهد التاريخ له بذلك،اسوأ استخدام بل كانت الاكثر دمارا له،حتى اصبحت الحجة الدائمة للملحدين واللادينيين وهي حجة وضيعة لكون الانسان مسببا للاستخدام السيء لها وليس للاديان اية علاقة بل ان هنالك الكثير من الاشياء المادية والمعنوية يستخدمها الانسان اسوأ استخدام مما يدل ان ليس للاديان علاقة بسوء استخدامها من قبل الانسان،والتطور العلمي الكبير الذي حدث في العالم خلال القرون الاخيرة لم يمنع الاستخدام السئ بل على العكس ازداد استخدامها بصورة اكبر شيطنة وببشاعة لا نظير لها،مستخدما افكار جهنمية لا حدود لها،وبالاتجاه المعاكس ايضا يستطيع استخدام الجميع لخير الجميع.
الاشرار والاخيار:
ليست هناك اي علاقة بجنس او عرق او عمر الانسان بنوعية عمله،فالاشرار والاخيار او الطيبون موجودون في كل مكان او زمان وليس هنالك ادنى شك في ذلك،لكن كلما ازدادت مكانة الانسان في مجتمعه ازدادت معه اعماله الشريرة،والتي يستخدمها في الغالب خدمة لمصالحه الشخصية النابعة من انانيته وحبه للتملك والسيطرة،والعكس صحيح،وفي نفس الوقت يزداد حجم ونوعية الشر المستخدم حتى يصل اقصى مدى له عند الحكام او الذين يتربعون على مراكز القوة في اي نظام استبدادي بغض النظر عن شكله ونوعية حكامه او اختلاف دينهم او فكرهم الثقافي،فالنتيجة واحدة وهي الاستخدام السيء للسلطة وترويضها خدمة لمصالح الحاكمين بأستخدام اسوأ الوسائل المعروفة مادامت الغاية تبرر لهم عمل ذلك.وطبعا في الانظمة الديمقراطية نجد هناك استخدام سيء للسلطة ولكن ليس بمستوى حجم ونوعية الموجود في الانظمة الديكتاتورية.
ومن خلال قراءة قصيرة للتاريخ نجد ان اسوأ الاشرار هم من تربع على الحكم في نظم شمولية استبدادية غاشمة تعتمد على القوة والارهاب والسلسلة طويلة جدا والاسماء معروفة للجميع،ولكن المضحك والمبكي في نفس الوقت هو وجود عدد كبير من الاتباع والمعجبين بهم من شتى الاعمار والمستويات ويبذلون الجهد المادي والمعنوي خدمة لهم ولاعمالهم ومبادئهم الشريرة،وهو حديث يحتاج الى جهود مضنية في البحث والاستقصاء لمعرفة الدوافع المختلفة.
التدوين نموذجا:
والتدوين لا يختلف عن غيره من الاشياء المادية والمعنوية،والتي للانسان القدرة على استخدامها في اوجه عدة في الخير والشر.
فمنذ انطلاق التدوين قبل عقد من الزمن في الشبكة الدولية المعروفة باسم الانترنت،انطلقت اعداد غفيرة في تدوين كل ما ترغب من تدوينه من افكار ورؤى ومعلومات وتعدى الى السيرة الذاتية بما تحمله من اسرار وافكار،ثم تحولت بعض المدونات الى ما يشبه المواقع الالكترونية التي تقدم مختلف الخدمات والمعلومات،وطبعا تعتمد المدونة على جهد المدون وقدرته على جذب اكبر عدد من القراء،كذلك استمراريته بالتدوين لان هناك عدد كبير من المدونات ماتت بالفعل بفعل توقف اصحابها عن عملية التدوين والاضافة.
وبما ان التدوين هو نتاج الانسان،وعملية قديمة جدا الا انها اصبحت بمتناول الجميع وفي شبكة الانترنت منذ عقد من الزمن،وقبلها كانت تتم في المادة الورقية والتي يصعب الاطلاع عليها او نشرها وتكون معرضة للفقدان بشكل دائم ومحتم،ولذلك يعتبر الحصول على مذكرات او كتابات المشاهير في فترة من فترات حياتهم وخاصة بعد وفاتهم كالحصول على كنز ثمين لا يقدر بثمن،ومنها الرسائل الشخصية والدفاتر القديمة التي تؤشر الى فترة معينة من الزمن وتحتوي على معلومات قيمة،ولكن الان تيسرت المهمة واصبح النشر سهلا والاطلاع اسهل كذلك التواصل بين المدونين وقرائهم المختلفين بدون التقيد من بلد او جنس او لون او عرق او دين او فكر،فالمهم قارئ بنفس اللغة او الصورة الموجودة في المدونة.
وخضعت المدونات للاستخدام المزدوج كأي شيء آخر واصبحت وسيلة هامة لنشر الافكار الشريرة والاعمال الغير اخلاقية والتي لا تمت للانسانية بصلة ولا الى الدعوة الى التعايش واحترام الرأي الاخر،وهذه المدونات التي يحمل اصحابها نزعة شريرة او دعوة تكفيرية او تخوينية للاخر،اصبحت هي الاشهر على الاطلاق!!واصبحت الاكثر زيارة وتعليقا!كأي شيء غريب يدخل مجال معين،خاصة لدى الانسان قابلية مخزونة من التعصب الاعمى والانحياز بدون وعي لكل ماهو قريب منه سواء في الدين او العرق او اللغة،ولا يستثنى من ذلك الا ذو حظ عظيم من الاستقلالية والموضوعية وهي من الندرة بمكان.
وفي الحقيقة ان نشر الافكار المتعصبة او التي تحمل نزعات شوفينية او عنصرية ليس بالامر الصعب،ولكن تأثيرها السيء يكون اكثر دمارا لعدد كبير من الناس وتجعلهم في حالة صراع داخلي كان من الممكن تجنبه واستثمار الوقت لعمل الكثير من الاشياء المفيدة التي تنفع المسيرة الانسانية،ويمكن تخيل مدى ما تكون عليه البشرية لو لم تحدث الحروب والنزاعات بين البشر،لكان من الممكن رؤية التقدم العلمي والتكنولوجي الان قبل حوالي الف سنة او اكثر بكثير،لكن الظلم والعدوان والتعصب الاعمى والجهل والتخلف كلها وغيرها عوامل ساعدت على تخلف المسيرة الانسانية.
ولمعرفة مدى ما تحمله كل المدونات وغيرها من النتاجات الفكرية والعلمية من تأثير،كنت اقرأ في بعض الاحيان عدد من المدونات ولكن ليس بصورة بصورة مستمرة،وكان تأثير بعض المدونات سيئا بالنسبة لي على الاقل من ناحية تأخير او تعطيل الرغبة بعمل المدونة،كونها اصبحت بلا قيمة من جراء وجود المدونين المتعصبين او السيئين الذين ينشرون نتاجهم السيء او غسيلهم القذر للناس ويرغبون في ان يتبعهم الكثيرين دون اعطاء اي اعتبار لقيمة التدوين واهميته المستقبلية على الاقل من ناحية تطوير الانتاج العلمي والادبي البشري ويمكن تصنيفه على انه نشر تراث اسود ينبغي حذفه من قاموس التعايش الانساني،وكذلك يمكن معرفة التأثير الايجابي لمدونين آخرين يحملون هما انسانيا رفيعا وقابلية بارعة في التعبير عن نفوسهم الطيبة والرغبة في نشر افكارهم البناءة والمبتكرة على مختلف الصعد.
نموذجان من المدونات:
النموذج الاول هو السيء والذي لا يشجع الاخرين على البدء بعملية التدوين ولكن يمكن الاشارة الى اليه على انه نموذج من نماذج التعصب الاعمى والجهل المركب والدفاع عن التفكيريين ومبادئهم الهدامة،وهي مدونة الصحفي احمد زيدان العامل في قناة الجزيرة!!وهو نموذج سيء للصحفيين العرب والذين يخالفون ابسط مبادىء العمل الصحفي في الموضوعية والرغبة في نشر الحقيقة دون الانغماس مع المتصارعين او نشر افكارهم الجهنمية التكفيرية،ويمكن ملاحظة مدى الانحطاط الفكري الذي تعيشه مجتمعاتنا من خلال مشاهدة عدد زوار مدونته التي لاتحمل اي شيء جديد سوى التنفيس عن رغبات مسمومة تساعد على قتل الاخر والغاءه من الساحة السياسية والدينية والفكرية،وهو نموذج سيء من العاملين في قناة الجزيرة التي لها منتدى بنفس اسمها موجود في شبكة الانترنت يكون المتنفس الذي لاحدود له للعاملين في وكل من يحمل افكارهم وآرائهم المتعصبة التي لا تمت للعمل الاعلامي الموضوعي الحر،وكأن قناتهم لها تضع حدود في التعبير عن ذواتهم مما يستدعي القيام بنشره في وسائل اخرى مثل المنتديات والمدونات لحمل الاخرين على الاطلاع به والعمل بما يدعون اليه...
وفي المقابل هناك مدونة اخرى كانت هي المحرك القوي لي لعمل مدونة او تشجع الاخرين على عمل مدونات لهم وكان من سوء حظي انني لم اعرفها الا بعد وفاتها بيومين،حيث توفيت يوم 16\5\2008 بعد غيبوبة طويلة..والمدونة اسمها هديل الحضيف وهي سعودية وابنة د. محمد الحضيف احد الاساتذة الجامعيين واحد المعارضين للنظام في بلاده.
وهي تحمل هما انسانيا رفيعا ومستوى عال من الثقافة رغم صغر سنها(25) الا اننا مع الاسف الشديد فقدناها جميعا،وقد لاحظت مدى تأثر الاخرين بوفاتها وحبهم لها من خلال الكلمات الرقيقة المنشورة بحقها.ولكن المطلعين على مدونتها وعنوانها:
http://www.hdeel.ws/blog
يلاحظون ان زوارها اقل بكثير من المدونات التي تحمل انتاج ثقافي سيء او متعصب وهو دليل على مستوى التخلف في مجتمعاتنا والانجرار وراء كل شيء يثير في نفوسنا التعصب والحقد على الاخرين.
لا ادعو الى شيء سوى ما دعوا اليه اخرين قبلي،من انه تراث اسود ليس من حقه ان يحيا كما يسميه المفكر زكي نجيب محمود ونقصد به تراث البشرية من التعصب والجهل والكذب والاستبداد والقتل....بل لننشر وندعوه ليحيا وهو تراث الانسانية الابيض المشرق.. من العلم والادب والسلام والتعايش والخير والمحبة الدائمة لكل البشر...فهل لدينا القدرة على الامتناع عن حفظ وتقديس التراث الاسود وآثاره في الحاضر والمستقبل،ومن ضمنها اهمال زيارة المواقع والمنتديات والمدونات التي تنشر تراث الانسانية الاسود... دعوة للعقول قبل الضمائر..للعمل من اجل مستقبل انساني ابيض...

ليست هناك تعليقات: