إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/07/15

ثورة 14 تموز في العراق...رأي في يوبيلها الذهبي-القسم الاول


  • ثورة 14 تموز1958 في العراق...رأي في يوبيلها الذهبي
    تمر علينا اليوم الذكرى الخمسين لثورة 14 تموز في العراق،وهي الثورة التي ينقسم الناس بين مؤيد لها ومعارض...وطبعا بمرور الزمن انخفض عدد المؤيدين وازداد عدد المعارضين،خاصة في ظل تدهور اوضاع العراق بعد عام1963م،لكن يبقى لغاية الان اعداد المؤيدين لها اكثر من المعارضين...
    تأثير المكان والزمان في الرأي:
    للزمان والمكان تأثير كبير على الانسان وخاصة في اثراء حياته الخاصة بالتجارب والاحتكاك مع الاخرين،وتأثير الظروف المؤثرة فيه،كذلك فأن للعوامل النفسية والجسدية تأثير كبير خاصة في تحوله من مندفع عنيف في بداية فترات الشباب الى هادئ وعاقل بعد بلوغه بعشرين عاما على الاقل ولذلك نلاحظ ان غالبية الدساتير تنص على ان لا يقل عمر الرئيس او الذين يتبؤون مناصب عليا عن عمر الاربعين لما للحياة من تاثير على الانسان من جميع النواحي.
    ولذلك فأن النضوج الجسدي للانسان بعد اكتماله البلوغ زائدا خبرته بالحياة العملية والنظرية،يعطي ناتجا كبيرا ،سواء كما ونوعا ينصب في النهاية في خدمة الانسان وادارته لاموره الذاتية والمجتمعية بصورة افضل بالقياس مع فوران فترة المراهقة والشباب المتهورة وما تسببه من مشاكل يمكن الغنى عنها،ولذلك يشعر كبار السن بنوع من الحرج او بنوع من الحياء جراء تصرفات صبيانية في فترات المراهقة وما بعدها قاموا بها وتسببوا في ايذاء انفسهم والاخرين معهم.
    وحتى في سلك رجال الدين والروحانيات تفضل كبار السن على من سواهم سواء بالعلم او الخبرة،رغم ان الصحة الجسدية تكون في صالح الاصغر سننا الا ان الاهمية دائما تعطى للصحة العقلية مع تاريخ حافل بالعطاء خلال مسيرة الحياة.
    وللمكان ايضا تأثير ليس بالامر اليسير،فخبرة الحياة متنوعة وزاخرة ويدخل المكان فيها ويكون له نصيب كبير يعتمد عليه،فالسفر والمعيشة في بلاد اخرى بغض النظر عن الاسباب التي قد يكون فيها الدراسة والعمل والهجرة واللجوء،لها تأثير بارز في صقل شخصية الانسان وخبرته الحياتية ولذلك يفضل الدارسون في خارج بلدانهم على من سواهم في داخل بلدانهم بسبب كون الخبرة الخارجية في الغالب افضل كما ونوعا عما هو موجود في الداخل،بالاضافة الى خبرة الداخل نفسها،وايضا بالنسبة للبقية،فالاحتكاك مع الشعوب الاخرى بما تحمله من تراث انساني يختلف عنا في الكثير من النواحي،يكون له اثر بارز في ازدياد المعرفة الشخصية للانسان وطريقة تفكيره ايضا التي تكون قد تأثرت بشكل او بأخر بالاخرين وخاصة من ناحية الاستفادة من تجاربهم وعلومهم ومعارفهم،ولذلك يمكن ملاحظة ان القادمين بعد فترة طويلة من العيش في خارج بلدانهم وخاصة اذا كانت متخلفة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا،يتميزون بأفضلية بارزة للعيان سواء من ناحية التفكير او العمل،ويكونوا محط اعجاب الاخرين او حسدهم!.
    ولذلك يمكن ملاحظة تأثير الزمان والمكان بارزا عن دراسة الحوادث التاريخية خاصة للذين لم يعايشوها او يتأثروا بها سواء من قريب او بعيد ولذلك تكون نظرتهم في الغالب موضوعية او اكثر دقة وعقلانية عما سواها.
    ولذلك يمكن قراءة البحوث المختلفة في التاريخ والسياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها من العلوم الانسانية،بل حتى العلوم الطبيعية والتي تتراكم فيها معرفة الانسان وخبرته مما يؤدي الى تفسير اعمق واشمل لكل ما يصاحبها سواء نظريا او عمليا،بل تكون في الغالب التفسيرات الادق والاقرب بعد مرور فترات زمنية طويلة من الزمن قد تمتد الى قرون عديدة.

    عودة الى ثورة 14 تموز في العراق:
    من التحليل السابق يمكن الاختصار بالقول ان الحوادث التي وقعت بالعراق بعد 14 تموز ومقارنتها بما سبقها من حوادث،يضاف الى ذلك التراكم الحاصل نتيجة للتطور الذي حدث في العالم على مختلف الاصعدة،يمكن اعطاء اراء اكثر دقا وعمقا وعقلانية في نفس الوقت من الاراء التي فسرت الثورة ومسيرتها بعد حدوثها وكنتيجة منطقية للتأثير الجمعي الحاصل في المجتمع العراقي نتيجة للجاذبية التي اعطتها صورة الثورة على نظام محافظ ينظر اليه كونه حكم اقطاعي لبلد شرقي،يتميز بديكتاتوريته،لكن الذي حدث ان الثورة جلبت انظمة اكثر استبدادا وقمعا من النظام الملكي بحيث لو خير الشعب العراقي بين النظام الملكي وبين النظام البعثي مثلا فالغالبية الساحقة وبدون ادنى شك سوف تكون مؤيدة له وفق نظرة معروفة مسبقا لما كان عليه العراق في ذلك الوقت،ولكن لو اتيحت نفس التجربة بالاختيار للشعب العراقي بعد عام 1958 لما ترددت الغالبية في تفضيل النظام الجمهوري كونه يحمل من الامال والتطلعات لخدمة الشعب وخاصة طبقاته الفقيرة المعدمة.
    ولذلك فأننا سوف نحلل الاشياء بصورة مختصرة طبعا،وفق نظرة موضوعية تختزن في داخلها مزيج متكامل من التاريخ الطويل والتراكم الحاصل في العلوم المختلفة مع ملاحظة التأثير الخارجي وخاصة العيش في مجتمعات منفتحة تتيح للانسان الحرية في المعرفة والتعبير.
    اول شيء نأتي اليه هو تسمية الثورة هل هو ثورة ام انقلاب؟في الحقيقة هو انقلاب عسكري اقرب الى الثورة منه الى الانقلاب بسبب مشاركة الاحزاب والجماهير المختلفة فيها،بعد سقوط النظام وانهيار اجهزته الامنية والعسكرية القمعية،ولذلك فأن اسم الثورة هو بالحقيقة نسبي وليس مطلق كما هو حاصل في الثورات العملاقة الاربع الكبرى في التاريخ والتي لها تأثير بارز على الاحداث في الساحة الدولية وهي حسب التسلسل الزمنى:الثورة الامريكية1776 وهي تحررية اكثر منها ضد الاستبداد،ثم الثورات الثلاث الاخرى المتشابه وهي الثورة الفرنسية 1789 والثورة الروسية1917 والثورة الايرانية1979،وما عدا تلك الثورات وفق رؤية الكثير من الباحثين والمؤرخين اقل حجما ونوعا.
    ولذلك تكون الثورات الاربع السابقة هي مطلقة في الاسم والشكل والمضمون،اما ثورة 14 تموز فهي تحتمل اسم الثورة واسم الانقلاب وكلاهما صحيح،ولكن الاقرب للواقع في حينها وكذلك للحوادث التي تبعتها،تكون الكفة اكثر ميلا بأتجاه تسميتها بالثورة.

ليست هناك تعليقات: