إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2015/09/04

بين هالة الادعاء والحقيقة الزائفة...!



بين هالة الادعاء والحقيقة الزائفة...!
عندما زار الفيلسوف المصري عبد الرحمن بدوي فرنسا أواخر الأربعينيات من القرن الماضي كان حينها حاملا للواء الفلسفة الوجودية في العالم العربي وكانت شهادة الدكتوراه الرائدة له عن الزمان الوجودي الصعب على الفهم والاستيعاب...التقى في باريس بمجموعات تدعي اعتناق الفكر الوجودي ولها سلوكيات غريبة وبخاصة في الملبس والطقوس المختلفة عن السائد في المجتمع وكانت حديث الشارع الأوروبي حينها ونقلت السينما والتلفزيون صورا متعددة لهم...وبأيسر وسائط الحوار مع نماذج منهم تبين له جهلهم الفاضح بأبسط قواعد ومفاهيم الفلسفة الوجودية وأن ذلك الادعاء مجرد موضة لإظهار صورة نمطية متميزة تعطيهم أهمية أو مكانة في المجتمع أو حتى الاستفادة منها للوصول إلى الملذات المستحدثة التي يصعب الحصول عليها بالوسائل المعتادة...!
تكررت تلك الظواهر لاحقا مع كل فكر جديد أو سائد على الساحة مثل القومية والماركسية، ومع صعود الموجة الدينية التالية لهما أيضا دون استيعاب ابسط مفردات تلك الفلسفات والأفكار والنظريات والقيم الجديدة الهادفة إلى أعلاء شأن الأنسان في اغلب توجهاتها وحسب الفهم المبتكر لتلك المستحدثات على الساحة الفكرية والعامة...!
الأن ظهرت من جديد موجة العلمانية كرد فعل معاكس على الإساءات التي حدثت من قبل التيارات التكفيرية المتعددة على الساحة باسم الدين أو المذهب وهي بعيدة عن ابسط مفاهيم القيم الإنسانية السامية والخلق السوي...لكن هذه الموجة الجديدة لم تخلو من الادعاء البعيد عن الفهم العميق لما تهدف في رفع شأن الفرد والجماعة ولو بطريق يختلف عما سابقه، حتى أصبح القبلي وهو النقيض الأبرز يدعي العلمانية وهي التي تخالف سلوكه وطريقة تفكيره المختلفة كليا عنها ثم تلبس بها الطائفي أو القومي وهما من ابرز مخلفات العهود السابقة دون أن يتحرروا من تلك الترسبات في العقل والسلوك حتى يمكن التستر على ذلك التناقض!...وبينما تخلو صفحاتهم الداعية إلى العلمانية من أية برامج مستقبلية لإنقاذ أوطانهم المنكوبة أخذت كغيرها من الوسائط تظهر اثر التعصب الطائفي أو القومي بشكل ينافس أحيانا صفحات المجموعات التكفيرية السائدة الأن في المحيط الهائج...!
من هنا يجب التفريق بين الادعاء والحقيقة وان كشف زيف الادعاء لا يحتاج إلى تعمق فريد من نوعه لتبيان ذلك الهزل الشائع بل نظرة عامة تكفي للوصول إلى نفس النتائج المأساوية والتي توصل اليها بحوار المفكر البدوي مع المجموعات الباريسية الخاوية قبل عقود طويلة.
 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=483182



ليست هناك تعليقات: