إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/04/10

الفوائد الجلية من الثورات البهية-3

7- مكافحة الفساد اصبح شعارا للانظمة المترنحة تحت ضربات شعوبها،وهو اعتراف ضمني بفسادها ايضا!... صحيح ان المبادرات متأخرة جدا ولا احد يثق بها! الا انها من علامات النصر التي حققتها الشعوب من خلال ثوراتها...هذا الفساد حطم كل الاماني في حصول تقدم اقتصادي في البلاد كما قضى على الرغبات في البقاء بعيدا عن الانغماس في هذا الفساد الذي تديره عصابات مافيا ترتبط بالنظام!...تلك المكافحة حتى لو نجحت جزئيا فأنها تحقق الكثير من المطالب الشعبية،وان كان الشك يبقى بالنسبة للتطبيق حتى النهاية!.
8-استرجعت فئات عديدة جنسيتها المسلوبة من قبل انظمتها التي لم تعيد النظر بهم الا الان بالرغم من مرور عقود طويلة! من قبيل مئات الالاف من الاكراد في سوريا وغيرهم!... فمن العلامات المميزة للدول العربية هي وجود فئات عديدة اما محرومة من الجنسية لاتفه الاسباب او انهم مواطنين من الدرجة الثانية!...وبعد الانطلاقة المباركة للثورات،فأن الرعب دب في قلوب الحاكمين ورغبة منهم في ابعاد تلك الفئات المظلومة عن شبح المشاركة في الثورة،فقد صدرت جملة من القرارات التي سمحت للبعض منهم في استرجاع حقه الوطني والانساني في الجنسية والمواطنة الكاملة... صحيح ان الامر جرى تحت ضغط الثورات وليس من ذاتهم الا ان مجرد حصول ذلك الامر المستبعد فهو نصر مؤزر على هؤلاء الحمقى الحاكمين!...
9- سحب البساط من كل الحركات السياسية المتطرفة وبخاصة التكفيرية!. فقد وجدت الانظمة نفسها مرغمة على استبدال الخطاب السياسي القديم والذي يرهب الغرب في وجود حركات متطرفة راغبة في الحكم وعليه مكافحتها بشتى الوسائل مما ادى الى غض النظر عن الخروقات الاجرامية السابقة(التخويف بوجود الاخوان في مصر او القاعدة في ليبيا!)...اما الان فقد اصبحت الشعوب اكثر وعيا وصلابة في رفضها لكل اسباب الاستبداد والدعوة الى الاخذ بمبادئ الحرية والديمقراطية التي تحقق للشعوب امالها وتطلعاتها،وعليه فأن الثورات العربية كانت رافضة للعنف والتطرف مما جعل اغلب الفئات الشعبية تلتف حولها واصبح العالم الخارجي اكثر احتراما وتقديرا لها وفرضت عليه ان يساعدها ولو من باب الضغط على عملائه اما بالتخلي الكلي او الجزئي من السلطة.
كما سحبت البساط والقيادة من كل احزاب المعارضة المترهلة نتيجة للوقوع في مطبات القمع الحكومي والوراثة السياسية والخمول الفكري،وعليه فأن حركات الشباب البسيطة في الادارة والامكانيات والغنية في الاداء والنشاط قد حركت الواقع الراكد وازالت كلا من الحكومة والمعارضة المترهلة عن طريقها واسست لواقع سياسي جديد يفرض مبادئه الجديدة والمستمدة من ارادة الشعب وقواه الحية.
ان الشعارات المرفوعة اذا طبقت بدقة فأنها سوف تؤسس لانظمة ديمقراطية قوية،تكون عونا للامم الحرة والامم المستضعفة وراعية لشعوبها من كل محاولة الخطف لثوراتها.
10- خلقت تلك الثورات واقعا جديدا متمثلا باعادة صياغة مبادئ الوطنية المبنية على اسس سليمة لا تتناقض مع الانسانية ككل والبعيدة عن كل الافكار والنظريات العنصرية والمذهبية والطائفية المقيتة،كذلك فأنها اعادت الوعي للامة من خلال قهر كل اسباب اليأس والتمرد الفوضوي والعيش في متاهات فكرية وسياسية متعددة،واعادت بناء الخارطة الاقتصادية وتوزيع الثروات المنهوبة من قبل الانظمة الساقطة...
ان اعادة البناء الثقافي للامة وفق اسس سليمة يستوجب عملا جبارا للخروج من كافة الازمات الثقافية التي مرت بها تلك الشعوب وجعلتها تعيش في ظل ثقافة في غاية السفاهة والانحطاط في التقليد والتبعية المذلة لكل من هب ودب بدلا من ان يكون الانسان حرا في الاختيار والموالاة تحت شروط قاسية من الفكر والعمل،وسوف تكون النتائج المستقبلية مذهلة في عودة الانتاج الثقافي المتنوع بغزارة ولتكون مصدرا للالهام الثقافي المستمد اصوله من الجذور الشرقية والاسلامية المختلفة.
11- اعادة الامل الى كافة الاقليات في العالم العربي في المساواة مع الاكثرية من خلال خلق روح المواطنة الحقيقية...فالكل يعلم ان تلك الفئات الدينية والمذهبية والعرقية والقومية واللغوية والقبلية تعاني من تهميش متعمد يحط من حقوقها وكرامتها الانسانية ويساند تلك السياسة الغبية عددا كبيرا من المتوارثين لثقافة التجهيل المركبة التي تصور الاخرين كأعداء دائميين او غرباء عن الوطن!.
ان المساواة في الحقوق والواجبات يبعد عن الدول شبح الثورات والانقسامات،والكل يعلم اسباب انفصال جنوب السودان ،كما ان المشاكل التي تعاني منها الدول الاخرى هي امثلة على تلك السياسات التدميرية التي تساعد الانظمة على البقاء من خلال سياسة فرق تسد التي ورثتها من الاستعمار وطبقتها بحرفية يحسدها الاستعمار نفسه!.
12-هيأت الثورات لتاسيس نظام قضائي مستقل عن السلطة السياسية ويقوم بدوره في اعادة العمل بالقوانين التي تساوي بين الحاكم والمحكوم وتزيل كل اثار الفساد من هذا الجهاز الحيوي الذي هو من اسباب ازدهار الامم وتدهورها!.
13-ازالت تلك الثورات الحواجز والحدود والقيود المفروضة على الشعوب العربية وحركتها الطبيعية في الحياة والعمل!...لقد كانت السياسات الخاطئة قد ادت الى حدوث شرخ كبير بين الشعوب العربية والتي هي نفسها قد انساقت الى تلك التوجهات بطريقة غريبة تدل على جهل كبير دون ان تميز بين الحكام وانظمتهم وبين الشعوب المقهورة التي ليس لها في اليد من حيلة في تدبير امورها بأستقلالية تامة!...الجميع هو مسلوب الارادة والحرية ومع هذا يعامل الاخر وكأنه مسؤولا عن تصرفات نظامه!.
على النخب الجديدة في المركب السياسي والثقافي الحاكم، ازالة كافة الحواجز الوهمية بين الشعوب وتحويل العداوات الزائفة الى صداقات اخوية تستند على اسس صلبة لا تزيلها قرارات غير مسؤولة،ولنا في النموذج الاوروبي خير مثال على ذلك،فكل الخلافات تبقى ضمن اروقة السياسة وتحل ايضا ضمنها دون ان تصل الى الشارع وتثير غرائزه البهيمية!...فلو رجع سياسيو اوروبا خلال الحروب الماضية الى الحياة لما تعرفوا على شعوبهم من الشعوب المجاورة بعد ان ازيلت الحواجز والقيود بين الافراد والسلع والخدمات،واهمها ايضا كانت ازالة الحواجز الثقافية التي تشكل هوية كل فئة وتميزها عن الاخرى!.
ان الثورات العربية المعاصرة اذا نجحت فهي سوف تشكل نقلة نوعية كبرى في التاريخ العالمي المعاصر،واذا لم تحقق النجاح المطلوب فأنها استطاعت ان تغير جزئيا من الواقع المتردي وان تحقق لشعوبها بعض الامل في بناء حياة حرة ومستقلة خاضعة للارادة الشعبية،والفوائد لا يمكن حصرها في عدد محدود من النقاط المنفصلة،بل هي تحول تاريخي كبير لا يمكن اهماله او تجاهله!.
التاريخ تحول الان الى شعوب الشرق لكي تستعيد المبادرة في قيادة العالم،ومن الخطأ تجاهل ذلك التحول التاريخي العظيم الذي يمر بسرعة ولا ينتظر حتى التقاط الانفاس في قبوله!.
الثورات المعاصرة كسرت القيود وحققت الامال...وعلى الجميع مساندتها حتى النهاية.

ليست هناك تعليقات: