إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/04/08

ثورة بلا عنف

ثورة بلا عنف
ثورة بلا عنف:
لا شك في ان عودة الدكتور محمد البرادعي الى مصر اوائل عام 2010 قد حركت الواقع السياسي الراكد منذ زمن بعيد،وهو بدون شك شخصية وطنية واكاديمية رفيعة المستوى بالاضافة الى نزاهته وحياديته التي ظهرت من خلال سلوكه في حياته العملية الطويلة وهذا الاجماع هو نادر في عالم السياسة مما يعني ان اي تشكيك في قدراته العلمية والاخلاقية والوطنية هي اكاذيب لا قيمة لها الا عند المتخلفين عقليا وفكريا!.
امام رغبة البرادعي وكثيرون معه،الترشح لرئاسة مصر في انتخابات عام 2011 عقبات كثيرة بحيث يمكن القول ان اليأس أخذ يدب في صفوف غالبية التواقين للحرية والتغيير بسبب كثرتها والتي يختص بها الواقع المصري، فمن الخطأ القول ان تلك المعوقات سببها النظام المصري فقط! بل يشترك معها نسبة كبيرة من الشعب المصري ايضا! نتيجة لطبيعته المسالمة التي تجعله مختلفا الى حد ما عن بقية الشعوب العربية...
فالاحزاب السياسية سواء الحاكمة او المعارضة لا تتمتع بالشعبية الكافية التي نراها عادة في الاحزاب السياسية في دول كثيرة لتجعلها قادرة على تسلم الحكم وفق الاسلوب الديمقراطي المعروف ولا بالقدرة على تحشيد قواها كما انها لا تملك برنامجا متكاملا وواضحا لحل مشكلات البلد فضلا عن عدم وجود شخصيات قوية وقادرة على التأثير بقوة في المجتمع المنهوك والعازف عن المشاركة السياسية لبناء وطنه! وفق اسس سليمة بفعل عامل الفقر وانتشار الجهل والتخلف فضلا عن حالة اللامبالاة المنتشرة والتي يعاني منها بسبب التاريخ الطويل للقمع الحكومي والفساد الناشيء منه والانشغال بأمور المعيشة الخاصة الى ابعد مستوى بالمقارنة مع شعوب اخرى تحررت ولكن اكثر منه ضعفا في الحالة المعيشية!  والتي تكون غالبا اعظم دافع ذاتي للشعب وقواه الحية في الرغبة الجامعة للاصلاح والتغيير لحياة افضل بدلا من الاستسلام للقدر المخزي كذلك وجود مؤسسة عسكرية وامنية محترفة وذات صلاحيات واسعة مع بيئة مجاورة محكومة بنظم مشابهة يرعاها الغرب لمصلحته الخاصة! الخ من الاسباب العديدة مما يعني ان تلك الظروف سوف تكون عقبة في طريق اي شخص يحاول الدخول في حلبة المعترك السياسي برغبة التغيير والاصلاح للدولة والمجتمع...
العقبات الروتينية التي يضعها الدستور المزيف وفق مقاسات النظام العسكري الحاكم لقبول اي شخصية للترشح الى الرئاسة هي امر مخجل بحق لاي نظام! بل لا يمكن التبرير مطلقا عدم قبول شخصيات مستقلة للترشح الا من خلال الاحزاب الهزيلة التي لا يهابها النظام بسبب ضعف البناء الفكري والتنظيمي وترهلهما واللذان يجعلهما عديما التأثير في المجتمع التواق للتغيير والاصلاح بدون رغبة حقيقية في النضال المسبب للمتاعب! والا كيف يكون النضال وينجح بدون تضحية وفداء لاجل الوطن!...
البرادعي بتاريخه الناصع البياض وشخصيته المثالية سوف تجعله هدفا غير مشروع لكل الحاسدين والحاقدين وطلاب الزعامة الزمنية في صفوف المعارضة نفسها قبل النظام! مما يعني ان تشتيت القوى السياسية هو امر محتوم يساعد على تجذيره في البلاد النظام نفسه لكي يتحكم بكافة القوى لكي يكون اقوى قوة سياسية ضاربة للجميع!...اما النظام واعوانه فسوف يكونوا بالطبع في حالة انذار قصوى في تحطيم تلك الشخصية القادرة على كسب عدد كاف من الاصوات بغية الفوز بالرئاسة لغرض التغيير،ومن ضمن اجهزة الدولة الفعالة هي مؤسسته الدينية الرسمية التي تدعم وجوده من خلال غطاء شرعي زائف سواء في الازهر او وعاظ السلاطين الذين يتبعون كل حاكم بغض النظر عن ماهيته وسلوكه!.
لن يكون نجاح البرادعي في رئاسة الجمهورية كافيا لاحداث التغيير المنشود في بناء حياة حرة كريمة للجميع! لان الرجل لا يحمل منهاج فكري متطور لحل مشكلات البلد المتعددة والمستعصية الا مبادئ الاصلاح والتغيير بخطوطها العريضة كما ان كبر سنه وضعف خبرته في بعض المجالات مثل الاقتصاد سوف تحد من قدرته ورغبته في تحسين حياة الغالبية المستبعدة، ولكن فقط وصوله الى سدة الحكم سوف يكون فاتحة خير وبارقة امل مؤكدة تبعد البلاد عن شبح التوريث ولانها سوف تمهد الطريق الى حكم مدني ديمقراطي تعددي يكسر القيود ويبعد المؤسسة العسكرية عن تسلطها المستمر ويقوم نظامه الجديد بسن دستور يحترم الحريات والحقوق ويحد من سلطات الرئيس وسوف يكون فترة انتقالية للعبور الى الدولة العصرية الحديثة كما انه سوف يكون مثالا يحتذى به كونه من الكوادر المثقفة والذين استبعدوا من الحكم بعد انقلاب 1952.
هزلية النقد المضاد:
من خلال قراءة النقد المضاد للبرادعي ومؤيديه من قبل النظام المصري واجهزته الاعلامية،تظهر لنا مدى الهشاشة الفكرية لبنية النظام التنظيمية وضعف مستواهم الثقافي والاخلاقي في احترام الخصوم وفق اخلاق التخاصم المثالية بغية كسب تأييد اكبر عدد ممكن من الناخبين!..
اول دعاوى المنتقدين هي ان الرجل يعيش منذ عقود خارج مصر وانه لا يعرف مجتمعها والمشاكل التي يعيشها حاليا!!وهذا يذكرنا بأدعاءات الانظمة العربية المستبدة الاخرى في سلب وطنية وجنسية مواطنيها الذين عاشوا قرون في اراضيها! ولكن النظام هنا لا يستطيع ذلك فأدعى هذا الادعاء الفارغ!...فهل يستطيع النظام ان يبرر بقاء مصر في مرتبة تصنيفية متأخرة في العالم حسب الفقر(المرتبة 111 حاليا!) وزعيمه متحكم في البلاد منذ ثلاثة عقود من الزمن وهو يعيش في الداخل ولم نرى انه ساهم في ازالة مساكن القبور مثلا؟! وهل العيش في خارج البلاد يمنع الشخص من المتابعة والزيارة خاصة في ظل الثورة الاعلامية العالمية التي تنقل تفاصيل الاحداث والوقائع بالدقة المتناهية؟!... ثم هل الرئيس المقبل يجب ان تكون له قدرات خارقة في التنظيم والمعرفة حتى يستطيع ادارة جميع المؤسسات بدون اخرين؟! ام ان هذه فقط حجة يرددها الاعوان لكي يروا صداها من افواه الجاهلون!والغريب في الامر ان بعض قوى المعارضة يرددها ايضا فتأمل ذلك!!...
الحجة الاخرى هي انه يريد اثارة الفتنة السياسية ويزعزع الاستقرار في البلاد !...وهل ان الرغبة في الترشح فتنة يجب ان تقبر في مهدها؟!...اذا كان كذلك فلماذا لا تدعي بلاد اخرى بنفس الادعاء الفارغ هذا؟!...ولماذا لا نقول ان تكرار ترشح الرئيس او محاولته المفضوحة لترشيح ابنه هي فتنة بحد ذاتها؟! ثم لماذا نرى ان اكثر البلاد استقرارا هي البلاد الديمقراطية بينما نرى ان البلاد المحكومة بالاستبداد كمصر هي غير مستقرة باعتراف الجميع!!...
الحجة الثالثة هي انه يسيء لسمعة مصر!...لا نعلم لماذا لا يسيء مرشحوا البلاد الاخرى لبلدانهم ايضا؟!..وهل هناك اسوأ من السمعة التي جلبها النظام الفاسد حاليا بسياساته الرعناء والتابعية المذلة!...
الحجة الرابعة المضحكة انه تسبب في مقتل مليون عراقي بعد غزو عام 2003!...ولا ادري كيف ذلك؟! هل كان بأستطاعته ايقاف اسقاط الديكتاتور صدام وهنالك 46 دولة وافقت سرا وعلانية باسقاطه! وموقفه معروف في الامم المتحدة من مسالة اسلحة الدمار الشامل...ثم اين من دعم مبارك ونظامه لصدام في حروبه ثم للحصار الجائر على شعب العراق وهما تسببا بسقوط اكثر من مليوني ضحية!...واخيرا حصار غزة المخزي مع بناء الجدار الفولاذي حولها حتى لا تهرب المواد الغذائية والانسانية الاخرى!.
وايضا الحجة القائلة ان مصر بحاجة الى رئيس قوي!...والمقصود هنا حسب وصف الكثيرين فرعونا جديدا...طبعا ان وجود رئيس يحترم الدستور وفترته المؤقتة مع صلاحياته المحدودة هو رئيس ضعيف لا يفيد البلاد وفق هذا المنطق المعتوه! ولكن لا نعلم لماذا شعوب اخرى بدون فراعنة وهي تعيش حياة افضل من مصر؟!...
حجج واهية زائفة لا حدود لعددها نراها في وسائل الاعلام وهي ترمى على البرادعي وكل من ينحو منحاه في الرغبة في التغيير والاصلاح ولكن تناسى افراد السلطة واعوانهم والببغاوات التي تردد اقوالهم ان رميهم الاحجار على الاحرار خطأ فادح لكون بيوتهم من زجاج لا تستر عيوبهم وفضائحهم ومخازي اعمالهم بحق شعبهم...

ليست هناك تعليقات: