إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/11/12

الرقابة الفكرية المرعبة

الرقابة الفكرية المرعبة:


احد ابرز نتاجات الفكر الاحادي المحدود هو الرقابة الفكرية والتي هي بدورها تنتج فكرا احادي الجانب ومثقفا ذو بعد واحد،لايرغب بفتح المجال للافكار الاخرى،بل حتى لا يرغب بمحاورتها والاستفادة من نقاط قوتها في تصحيح الفكر الداخلي المقفل الذي يكون تقليدي يخاف التجديد او يهرب من ساحة الصراعات الفكرية والثقافية.


ظهرت قوائم الكتب الممنوعة من النشر في معرض الكويت للكتاب لعام 2009 والتي نشرت تباعا في الصحف وخلال ايام العرض!.... وهي قائمة مرعبة بالفعل تمثل مدى حدة وقسوة بل وحتى جهل وتخلف الرقابة الفكرية في بلد يوصف بأنه من اكثر البلاد العربية انفتاحا!...فأذا كان الامر كذلك فكيف الحال في الانظمة العربية الشمولية الاخرى والتي تكون عادة مقفلة؟!...


اكيد الحال اسوأ... ولحسن الحظ لم نطلع على قوائم المنع فيها!!...


نواجه ازمة قراءة وقلة عدد القراء،وفوق ذلك تفرض رقابة مشددة في عالم كسر كل القيود...اذا كانت الرقابة قد نجحت الى حد ما في الماضي،فأنها اكيد فاشلة في هذا الزمن الذي اصبح من السهولة الحصول على اي كتاب عن طريق الانترنت ولو بصيغ الكترونية مختلفة او حتى قراءة مقاطع طويلة منه تنشر في مختلف المواقع الالكترونية...


الغريب في الامر ان الكثير من الكتب الممنوعة هي دواوين شعر وروايات وكتب قديمة التأليف!...هذا بالاضافة الى الكتب الحوارية بين الاديان والمذاهب...!!


هل يتصور الرقباء في كل مكان ان بأمكانهم الحجر على العقول؟!...وهل يستطيعون حماية العقول الناشئة من التأثيرات الاخرى؟!...اذا كان الامر كذلك فما بال منع عدد كبير من الكتب الادبية ودواوين شعر ؟!...


هل يتصور هؤلاء الرقباء الاغبياء ان بأمكانهم بناء ثقافة قوية لدى القراء اذا كانت عقولهم مقيدة كما قيدت ايديهم؟!...


المثقف ذو البعد الواحد:


كل ممنوع مرغوب...تلك القاعدة الذهبية التي فاتتهم!...


من خلال النظر الى الواقع بموضوعية مجردة... يمكن الاستنتاج انه لايمكن بناء فكر دون الاحتكاك مع الفكر الاخر اوالتصادم معه بالاساليب الفكرية المعروفة...ولا نستطيع بناء الشخصية الثقافية دون الاطلاع على الاخر المخالف والاستفادة مما يوجد لديه من ايجابيات وبراهين قوية منطقية في بنائه الفكري...


لو نظرنا الى المثقف ذو البعد الواحد كيف تصبح شخصيته مهزوزة وضعيفة عندما يخاف من مواجهة الاخر ...او يخاف حتى من الاطلاع على مايوجد لديه!...


ولا يجد المثقف ذو البعد الواحد المسكين سوى الهرب او الصراخ او الاتكال على شراذم الجهلة من المتعصبين للدفاع عنه...


بينما المثقف ذو الابعاد المتعددة ...تكون شخصيته اقوى واكثر مناعة من الانزلاق في متاهات التعصب والجهل والتخلف...وتكون اكثر واقعية في الاطلاع على مختلف القضايا والمشاكل،والتي يتناولها من مختلف الجوانب،وتكون نتائجه الاكثر صوابية وجودة في التحليل والبرهان والنتائج...وبالتالي الاكثر قدرة على الجذب...


من اهم اسباب سقوط الشيوعية هي عدم تقبلها للاخر والاستفادة منه في تصحيح اخطائها...بينما من اهم اسباب نجاح الرأسمالية هي الاخذ بمزايا الاشتراكية والديمقراطية،وبالتالي صححت معظم التشوهات التي صاحبت نهضتها الفكرية .


فهل يكون ذلك المثال الساطع كافيا للرقباء للتنازل عن حرفتهم القبيحة؟!...


بربكم هل وجدتم فنانا يرسم لوحاته بلون واحد؟!...واذا رسم ولو كحالة نادرة فهل سوف يستمر في انتاجه او يجذب عدد كبير من محبي الفن ومتذوقيه؟!...





ليست هناك تعليقات: