إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/08/11

عاصمة الكتاب العالمية

عاصمة الكتاب العالمية:
اختارت اليونسكو بيروت كعاصمة للكتاب العالمي لعام 2009 ويعود اختيارها الى طبيعة الدور المتميز الذي تلعبه المدينة في ظل وجود مئات من دور النشر مع مناخ واسع من الحريات الذي تفتقده عواصم عربية اخرى،وبالتالي تلعب الحرية الدور الاكبر في منح بيروت ذلك العرش الثقافي العظيم...
نشرت مؤخرا تقارير صحفية غربية حول انحصار المنافسة العربية على تزعم ريادة الطباعة والنشر بين بيروت ومنافستها الجديدة ابوظبي التي تولي حكومة الامارات اهمية خاصة في جعلها عاصمة ثقافية متميزة في الشرق الاوسط ،وساهمت العلاقة مع المعرض العالمي الاول للكتاب في فرانكفورت بالمانيا دورا كبير في الاستفادة من الخبرات الالمانية في هذا المجال وكذلك وجود مناخ لابأس به من الحريات رغم انه لا يصل الى مستوى الحريات الموجودة في بيروت الا انه يستفاد من الامكانات المادية الهائلة لدفع العجلة الثقافية في المدينة وهي ملاحظة مهمة في عدم انتشار ذلك في الدول الخليجية المجاورة التي تمتلك الامكانيات المادية الكبيرة دون القدرات البشرية الى تلائم حجمها الا ان صناعة النشر الثقافي ليس بتلك الصناعة التي تحتاج الى قدرات تكنولوجية ضخمة حتى تصل الى مستوى الدول الكبرى! بل فقط تحتاج الى جذب للطاقات العربية البشرية من البلاد الاخرى مع افساح المجال لها بالعمل والاستثمار وتنظيم قوانين لاتحد من قدراتها الابداعية وهي عوامل رئيسية لبناء قدرة ثقافية عظمى قادرة على بناء البلد والبلاد المجاورة ايضا التي مازالت تقبع في كهف مظلم وخائفة في الخروج منه لاسباب متعددة واهية!!...ولذلك فأن المجال مفتوح لكل الانظمة العربية التي تمتلك القدرات المالية الكبيرة في ان تحذو حذو ابو ظبي في طريقها نحو المنافسة الثقافية...كذلك المجال مفتوح امام الانظمة العربية الاخرى التي لاتملك القدرات المالية الكافية في ان تتخذ من بيروت مثالا نموذجيا لها في منح الحريات الكاملة للاستثمار والعمل الثقافي حتى تصبح نموذجا فريدا في تنمية القدرات المحلية من امكانات محدودة ولكن من خلال فسح المجال للعمل والابداع بدون قيود....
عاصمتان خارج المنافسة:
خروج مدينتان عريقتان وهما بغداد والقاهرة من تلك المنافسة هو مقياس طبيعي لانهيارهما رغم اختلاف الظروف بينهما!وهما اللتان اشتهرتا بالمكتبات ودور النشر والزعامة الثقافية لقرون طويلة...
فالاولى تحاول النهوض مرة اخرى بعد عقود من الاستبداد المتوحش وماتلاه من حربا ارهابية،والمناخ الجديد من الحريات الواسعة هو الذي يجعل البداية صحيحة ولكن يحتاج الى عجلتين للانطلاق وهما الامن والاستثمار وبالتالي فأن الانطلاق بدون هاتين العجلتين يصبح مثل السيارة العاطلة في منحدر خطير وتحاول كبح جماح السقوط منه والمنحدر هو للدلالة على حجم الحريات الذي يرقى الى الفوضى!...ولكن وجود القدرات المالية الكافية هو الذي يجعل عامل الامن الاكثر اهمية في جذب الاستثمار الداخلي والخارجي في تلك الحالة الخاصة...
اما القاهرة فالامر محزن بصورة اكبر كون البلد لم يمر بظروف العراق بينما ينحدر الى مستنقع السقوط الآسن بسبب تراجع الحريات وانتشار الفساد واستفحال الديكتاتورية التي سببت الازمات الاقتصادية المتتالية مما ادى الى خروج القاهرة من اهم منافسة ثقافية في العالم العربي...لقد ادى وجود الرقابة الشديدة على الكتب وضئالة التمويل الحكومي وعوامل اخرى مرتبطة بالنظام الى تراجع مكانة القاهرة في الطباعة والنشر والتوزيع حتى اصبح امرا غريبا في ان تتواجد دور النشر المصرية بحرية في معارض الكتب بطهران بينما تحد الرقابة في مصر من وجود دور النشر الايرانية!وهي دلالة على مستوى تخلف وتحجر عقول الحاكمين وخوفهم من حرية الثقافة في عالم يحرق الحدود بسرعة اكبر من قدرة الحكومات على ضبطها! واستمرارية تلك الحالة سوف يؤدي الى اتساع الفجوة مع المدن الاخرى مما يسبب نكبة ثقافية لايمكن الخروج منها الا بعد مرور فترات طويلة من الزمن والعمل الجاد المخلص...
يبقى الامل موجودا في عودة تلك المدينتين الى ساحة المنافسة وكذلك مدن اخرى لها اهميتها الثقافية العريقة مثل دمشق والدار البيضاء وغيرها،وبالمنافسة الثقافية تبنى الامم وتسترجع مكانتها بدلا من القمع والحروب والفساد....

ليست هناك تعليقات: