إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/08/06

بين الحربين في اوربا

درس عدد من العلماء الحالة الاجتماعية والنفسية لشعوب اوروبا بعد الحرب العالمية الاولى،فقد واجهت شعوب اوروبا الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية من جراء تلك الحرب التي فقد الملايين حياتهم فيها.
وكانت مآسي تلك الحرب قد تركت آثارا اجتماعية على الشعوب المتقاتلة،مما ادى الى ظهور علم النفس الاجتماعي لمحاولة درس العوامل النفسية الجمعية لعدد كبير من الناس.لقد اختلف الناس اثناء الحرب حول سببها فبعضهم كان دافعه وطني والاخر دافعه الدفاع عن مصالحه الاستعمارية او بدون دافع ولكن اجبر على المشاركة في الحرب التي طالت كثيرا وسببت المآسي مما جعل الكثيرين يجهلون اسبابها ونتائجها بعد ذلك،حسب دراسات العديدين.
لقد اختلفت المفاهيم والقيم،من جراء الحرب العالمية الاولى فقد انتصرت الشيوعية في روسيا وآمن بها عدد كبير في الغرب،بينما اتجه عدد كبير من الناس الى التطرف في التفكير السياسي كرد فعل على تلك الحرب وخاصة في البلدان المهزومة،التي انتشرت فيها النازية والفاشية التي تعتمد الديكتاتورية والعنف وسيلة في الحكم والتطبيق،مما ادى تراجع في تاييد الفكر الليبرالي الذي لم يستطع منع اندلاع الحرب الاولى،او الوقوف بحزم امام الديكتاتوريات الصاعدة المستندة على اليأس الجماهيري من الهزيمة وسوء الاوضاع الاقتصادية او آثار الحرب الاجتماعية المدمرة التي تركت عدد كبير من الاسر بدون معيل او فقدان عدد كبير من الشباب فيها مما سبب اختلال التوازن السكاني وشيوع حالة من عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي لدى طبقات المجتمع التي اصبحت في حالة صراع بدل من التوحد لبناء الوطن واصبح الطريق الخاطئ لبناء الوطن هو السائد المتمثل بالديكتاتورية ورموزها.
لقد نتج من التغيرات السياسية نشوء فكر جماعي حول هدف واحد،ولكن تختلف الدوافع لتحقيق ذلك الهدف،وبالمقابل اصبحت المعارضة للفكر الجماعي ضعيفة خاصة لتلك التي تتميز بالعنف والعنصرية.
وكان من اثار الحرب،هو ضعف الطبقات الاقطاعية والطبقات المتوسطة،بينما زادت الفجوة بين الاغنياء والفقراء،وظهور حالة من السخط العام على الذين قاتلوا في الحرب ولم يحصلوا على منافع او خدمات تعوضهم.
عانت من الحرب الدول المنتصرة والمهزومة،وحدثت في الفترة بين الحرب اضطرابات سياسية في اوروبا،فحالة عدم اللامبالاة وشيوع الفساد والتحرر من القيود الاجتماعية سادت في الدول المنتصرة والتي لم ترغب في نشوب حرب اخرى،بينما كانت حالة الدول المهزومة مختلفة تماما،فهي في حالة استعداد للثأر والتعبئة العسكرية كانت في اقصى حالاتها تساعدها الايديولوجية المتطرفة ذات الشكل القومي الذي يميل للعنصرية واحتقار الشعوب الاخرى.
لقد كانت الحالة مرعبة،جرى تغييب العقل والمنطق،وفي دراسات متعددة يتبين لنا مدى تأثير المجتمع في تعبئة الفرد الذي يفقد هويته وحريته في ظل انظمة قمعية تحارب الديمقراطية والحرية وتدعو الى تنازل الفرد في سبيل المجتمع وبناء الدولة القوية عن كل حقوقه وآماله.
لقد كانت هنالك مشتركات في الدول التي تعتنق الايديولوجيات المتعارضة فيما بينها،فحالة غياب الوعي المسؤول لدى الشعوب الخاضعة للنازية والفاشية هي نفسها موجودة في الاتحاد السوفييتي،فالديكتاتوريات متشابهة في المضمون رغم اختلاف اشكالها،وبالنهاية سوف تحدث العملية الرهيبة فيما بينها،وهي التصادم الذي يكون عنيفا حد ابادة مجموعات عرقية مختلفة وتحت مسميات متعددة.

ليست هناك تعليقات: