إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/07/23

في ذكرى انقلاب عسكري

في ذكرى انقلاب عسكري:
اليوم مصادفة التقيت بشخص من مصر وتحدث معي بأسى عن الوضع المأساوي الذي يمر به ذلك الشعب الطيب البائس من مصاعب في المستوى المعيشي وتدهورا في جميع المستويات رغم الماكنة الاعلامية الضخمة للنظام المصري...
في الحقيقة جاء الحديث مصادفة واليوم تمر الذكرى ال56 للانقلاب العسكري في 23 تموز عام 1952 والذي يسمى من قبل القائمين عليه بثورة يوليو!!!
ياللسخرية،انقلاب عسكري بكل معنى الكلمة ولا يحمل اي صفة مع كلمة الثورة،تطلق وبسهولة عليه...والادهى ان غالبية الناس في مصر او العالم العربي مازالت لغاية الان تطلق عليه كلمة الثورة...
ليس سهلا ان تطلق كلمة الثورة على اي انقلاب او تمرد يقوم به بعض الضباط او المدنيين المغامرين....بل انها حركة او تمرد شعبي واسع النطاق ضد احتلال او استبداد،له اهداف سامية في الحرية والعدالة..وقد تكون الرسالة خارج نطاق الحدود الدولية وبذلك يطلق عليها ثورة عالمية او ثورة كبرى لانها ذات تأثير هائل في السياسة الدولية....
لم يغير انقلاب تموز(يوليو)1952 في مصر شيء،تغيرت الوجوه فقط...والمضمون واحد..وهو ملوك بصبغة عسكرية استبدادية..لا يخرجون من الحكم الا الى القبر!!!.
ثلاثة ملوك..ام ثلاثة رؤساء:
خلال 56 سنة الماضية حكم ثلاثة ضباط ملوك..دولة مصر..ولولا الموت او القتل لعبد الناصر والسادات لبقيا في الحكم كخليفتهم مبارك..والذي تفوق عليهم بعمله المشين في رغبته توريث الحكم لابنه!!.
مازالت مصر دولة متخلفة رغم تنازلها وخضوعها لاسرائيل وامريكا في سبيل اتفاقية السلام المهينة معهم..فمنذ ثلاثين عاما ورغم الوعود بتحويل مصر الى دولة متقدمة لان الحرب انتهت والانفاق العسكري سوف يتحول الى التنمية!!والان في عام 2008 مازالت في مرتبة متأخرة والانفاق العسكري والامني ازداد،مع فساد هائل في مؤسسات الدولة..والحرب تحولت الى الشعب الاعزل..لحماية النظام من غضبه...لم تحقق اتفاقية السلام سوى الخضوع التام والاستبداد الكامل والتأخر في كافة المجالات...
لقد حول الضباط الانقلابيون..بلدهم مصر الى ضيعة يتحكمون بشعبها وارضها كما يحلو لهم..حرب تارة واستسلام تارة اخرى..وفي الحالتين لم يسألوا شعبهم عن رأيه..فقدت مصر الكثير من جراء انقلاب المغامرين..فقد سلبت الحياة من عدد كبير من الناس جراء الحروب والتعذيب والقتل ضد المعارضين..وسلبت الحرية والكرامة والامان من اعداد هائلة اخرى...
كان التاييد الشعبي للانقلابيين واضحا في ظل هستيريا شعبية لا حدود لها مع فقدان تام للوعي وتحمل المسؤولية،وكانت بداية لكوارث لا حدود لها منذ ذلك الزمن،فبعد طرد العائلة المالكة،تحول العسكريون الى طغمة استبدادية على نمط بلدان امريكا اللاتينية،فبدأوا بحجة الوطنية الزائفة،بطرد المقيمين الاجانب الذين يعيشون منذ فترات طويلة جدا،ولم تمضي سوى عقدين على عملية الطرد المهينة والتي لاتعرف العدالة معنى لها،حتى اخذ المصريون يهربون الى نفس بلاد المطرودين للعمل في اوضاع سيئة للغاية!! ثم تلا ذلك عمليات التأميم الغير منطقية والغير عادلة،والتي دمرت الاقتصاد واخرجت المستثمرين من البلاد،ورغم الانفتاح الاقتصادي المزعوم منذ 1974،فمازالت مصر تجاهد لجلب الاستثمار الاجنبي الذي يحتاج الى الحرية الاقتصادية والسياسية،وقوانين ثابته تحمي الجميع من المصادرة والسلب،ثم الحروب الغير مدروسة والتي جلبت الدمار والفشل التام للبلاد ووضعت المؤسسة العسكرية في وضع مهين لم تتحرر منه سوى قليلا بعد حرب 1973 والتي اساء الجميع استغلالها لتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب.
ثم تلا ذلك الاتفاقية المهينة مع اسرائيل،والتي لم يؤخذ رأي الشعب بها كما فعل الطرف المقابل،او رأي الدول العربية الاخرى،مما افقد البلاد التأييد الشعبي العربي والرسمي،مع فقدان الامتيازات والمساعدات الاقتصادية لم تتحرر منه سوى بحرب صدام ضد ايران،ثم كانت عودتها الى الموقع العربي بعد عملية الانقسام جراء غزو الكويت،والتي وقف النظام مع من يدفع له اكثر!.
لقد تحولت مصر في عهد الضباط الملوك الى دولة انتهازية تحاول استغلال مصاعب وظروف الاخرين السيئة لتحقيق اكبر منفعة للنظام،وفقدت بذلك احترام غالبية الشعوب العربية والاسلامية،والكثير من بلدان العالم.
لم تعمل دول العالم المتحضر سوى التنديد بالنظام المصري،نظرا للمنفعة المتبادلة.
في تقديري ان مصر اذا ارادت ان تصبح دولة متحضرة وذات شأن مهم في الساحة الدولية،فعليها التخلص من الطغمة الحاكمة وتراثها الاسود البالي..حتى تصبح معركتها الحقيقة هي ضد التخلف والفقر والجهل..يعني تحتاج ثورة حقيقة راديكالية تقتلع جذور الاستبداد والفساد...وتزرع بدلا عنه نظام ديمقراطي حر ينشأ من اختيار شعبه..ويكون خادما له حتى تتقدم،وبدون ذلك تبقى في دوامتها المعروفة في الفقر والجهل والتخلف..والبقاء ضمن المراتب المتأخرة لبلاد العالم المختلفة.....لكن ذلك يحتاج الى ثمن باهظ سوف تسترجعه البلاد حالما تستيقظ من نومها الطويل.

هناك تعليق واحد:

حسن ارابيسك يقول...

المقال والتحليل جميل ولكن مع التحفظ على وقوف النظام مع من يدفع أكثر في غزو العراق للكويت
ياسيدي الفاضل مصر دولة غير تقليدية موقعها الجغرافي وتاريخها الانساني والعربي والاسلامي ودورها القيادي في المنطقة والذي أعلم انه دور يثير الحقد في نفوس قيادات بلدان عربية كثيرة منذ زمن
المهم كل ما أسلفته يلقي على مصر دائماً مسئولية دورها القيادي والانساني في المنطقة وليس لمن يدفع أكثر ولا تقل لي انك تتكلم عن النظام
تحياتي