إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/08/30

تهافت المجالس العربية - القسم الاول

تهافت المجالس الاقليمية العربية:
بعد فشل جميع المشاريع العربية الوحدوية لفترة مابعد الحرب العالمية الثانية ،جاءت المشاريع الوحدوية الاكثر توسعا ولكن بصيغ آيديولوجية مختلفة ولكن اشهرها كان تحت الصيغة الدينية بأسم الوحدة الاسلامية منذ انتشار المد الاسلامي نهاية السبعينيات من القرن العشرين الذي حل مكان الفكر القومي الذي مني بهزائم عديدة على كافة الاصعدة،اما الفكر اليساري فقد اصبح ضعيفا نتيجة لصراعه الدموي مع الفكر القومي وايضا لضعف المعسكر الاشتراكي المتزايد نتيجة لفقدانه القدرة على مواجهة الغرب،وبالتالي ليست لديه القدرة على النهوض بالعالم العربي في ابراز مشروع وحدودي سواء عربي او عالمي جديد...
من هنا بدأ اليأس يدب في النفوس ولكن للخوف الذي اخذ يبرز تجاه اثر الصحوة الاسلامية التي اخذت تكسب المزيد من المؤيدين والتي تنظر الى الانظمة العربية كونها انظمة غير شرعية وبالتالي ضرورة ازالتها بشتى الطرق وتحت مختلف الذرائع،اخذ التحالف الاقليمي بين الدول العربية يبرز كصيغة جديدة للتصدي امام التحديات المختلفة وكتعويض عن الوحدة العربية الشاملة التي يزعمون الدعوة اليها بألسنتهم ويحاربونها بأيديهم!...
هذا التحالف الاقليمي الذي اخذ واقعا ملموسا في العالم العربي منذ بداية الثمانينات،هو كان في الاساس وسيلة للتحالف الامني اكثر منه للوحدة بين دول تلك التجمعات الاقليمية التي لم يكن لها بناء فكري قوي يمكن ان تستند اليها مثلما هو الحاصل بين دول الاتحاد الاوروبي،بل حتى الرغبات المكبوتة كانت متفاوتة بين الجميع مع وجود نفس العقلية العربية السياسية التي ترتكز على الانانية المفرطة والخوف من الاخر من خلال الشك به وبمؤامراته،وبالتالي فأن النتيجة الطبيعية لتلك التحالفات الوقتية هي الفشل الذريع مهما طالت فترة بقائها او مهما ازداد التبجح الاعلامي بنجاحها او ضرورة الحفاظ على وجودها كصيغة مبسطة تدعم الهدف الاسمى للوحدة العربية وايضا تفرضها الظروف الدولية التي اخذت تميل الى التكتلات الجمعية كصيغة فكرية وعملية لمجابهة التحديات المختلفة وخاصة في المجالات الاقتصادية والدفاعية...
التقليد العربي المشوه:
ان التقليد العربي لصيغة تلك التكتلات جاء مشوها نتيجة لغياب فكر جمعي يعتنقه الجميع ويوحدهم بنية خالصة ويستند على اسس قوية يمكن له ان يفرض وجوده في عالمي السياسة والثقافة،بل جاء كنتيجة منطقية للخوف من كل ما يتحدى من يمسك بتلابيب السلطة سواء من الداخل او الخارج!.
هذا التقليد المشوه للتجارب العالمية الناجحة سوف ينعكس سلبا على التجارب الاقليمية العربية التي اخذت تبرز على المسرح السياسي،وكنتيجة منطقية فأن النتيجة سوف تكون ولادة مشوهة لن تستمر طويلا واذا استمرت فأنها سوف تكون تحت العلاج المكثف والمستمر وتحت رعاية خارجية ايضا!...
الدول التي فشلت في ايجاد ابسط صيغ للتعاون المشترك فيما بينها سوف ينعكس ذلك سلبا ايضا على تجاربها الاقليمية التي هي صورة بدائية للتعاون المشترك،ومهما قيل عن النوايا الصادقة او التقارب بين شعوب التكتلات فهي في النهاية دعاوى فارغة امام المنطق العقلاني في رؤية مجتمعات العالم العربي وماتمر به من ازمات كارثية منذ قرون عديدة دون ان تجد كوادرها المتصدية من علاج شامل يرتكز على قدرة مادية هائلة تفرض وجودها ومن ثم بناء نفسها كأمة عريقة ذات تراث حضاري طويل!...
ان الخلافات بين النظم السياسية العربية قد انتقلت بدورها وبصورة كاملة الى شعوبها التي اخذت تتشبع بالتلقين الاعلامي المكثف الذي يخضع للظروف السياسية المتغيرة وليس لحساب العقيدة واللغة والحضارة والتاريخ المشترك!
من هذا المنطلق يمكن النظر الى الاستدلال بأن الشعوب العربية تختلف عن انظمتها اختلافا كليا او على الاقل نسبيا يمكن له ان يتصدى لكل ما يقولبه لغايات الصراع الجانبي...فأن وهم كبير ومخدر، من الضروري الاستيقاظ منه لغاية استدلالات اخرى على الاقل تعيدنا الى جادة الصواب والمنطق السليم!...
المجالس الثلاثة:
تقسم العالم العربي الى ثلاث مجالس اقليمية رئيسية منذ تشكيل المجلس الاول عام 1981...وهذه الثلاثة انتهت بين نهاية كاملة او تشكيل هزيل يحتاج الى رصاصة الرحمة لتريح الجميع منه ومن ضوضائه الاعلامية !...
كان المجلس الاول هو الذي تشكل بين مجموعة من دول الخليج العربية لحماية نفسها من التحدي الديني الجديد الذي ظهر بعد انتصار الثورة الايرانية عام 1979،ولم يكفي دفع النظام البعثي العراقي للتصدي لهذا التحدي،فظهرت الى الوجود فكرة التكتل الاقليمي الذي يجمع عددا اقل من البلاد العربية لمواجهة التحديات الطارئة على المسرح السياسي في الشرق الاوسط بعمل اضافي!.
كان التشكيل الاول يضم ست دول خليجية،ينظر اليها على انها قريبة في واقع نظمها السياسية الحاكمة والتقارب بين طبيعة شعوبها مع وحدة الجميع تحت مظلة النظام الاقتصادي الرأسمالي،بالاضافة الى الخوف المشترك من دول الجوار القوية والتي تنظر اليها بأستمرار على انها دويلات مزروعة بفضل النفط وتزول بزواله!...
هذا التشكيل الاقليمي رغم طول فترة بقائه ووجود بعض المؤسسات العاملة تحت لوائه الا انه بقي هشا امام الكثير من التحديات الداخلية والخارجية،ويمكن رؤية الاثر الكبير لاقل خلاف يظهر على السطح بين دوله على مجمل العلاقات القائمة بين دوله والتي تكون في بعض الاحيان ارتجالية!...
تختلف بلدان هذا التجمع الاقليمي عن بعضها البعض،ومظاهر الاختلاف هي اكبر بكثير من مظاهر الاتفاق والوحدة الشكلية بين دوله،وهذا الاختلاف ليس فقط منشئه اختلاف بين النظم السياسية الحاكمة بل وحتى بين شعوبها المتجاورة هذا بالاضافة الى تراث دموي طويل بين القبائل الحاكمة فيما بينها خلال حروب فرض الامر الواقع للتوسع او لبناء الدولة،وبالتالي ليس من السهولة نسيان ذلك التاريخ او تجاهل حدة الخلافات بين نظمه الحاكمة او الاستهانة بأختلافات المجتمعات المحلية عن بعضها البعض!...
الدول الخليجية الست تختلف بين صيغة الملكية الى صيغة الامارة مرورا بصيغة السلطنة والاتحاد بين مجموعة امارات!...وقد يوجد رأي ان ذلك لايؤثر على صيغة البناء الجمعي بين تلك الدول،ولكن في الحقيقة ان تلك الصيغ المختلفة مؤثرة الى درجة كبيرة وليست كما هو موجود بين دول الاتحاد الاوروبي التي تستند الى الديمقراطية الشعبية برغم اختلاف نظمها السياسية المختلفة،فالانتخابات الناتجة من الخيار الشعبي في اوروبا هي تبرز حكام فعليين بغض النظر عن طبيعة شكل النظام،والارادة الشعبية في الغالب تكون مشتركة بين الشعوب!...بينما في الدول الخليجية تبرز الملكية المطلقة كما هو موجود في السعودية الى ملكية اخف قليلا وتمنح جزء بسيط الى المشاركة الشعبية في الحكم كما هو موجود في البحرين،الى امارات مطلقة الحكم مثل قطر ودولة الامارات،وامارة اخرى تمنح دورا للمشاركة الشعبية كما هو موجود في الكويت،وتبقى سلطنة عمان اقرب للواقع السعودي او الاماراتي في انعدام فرص المشاركة الشعبية!...هذا التفاوت السياسي يفرض واقعا لايمكن تجاهله وهو انعدام وجود مؤسسات برلمانية يمكن لها ان توحد الارادة الشعبية مع مشاركة كبيرة في صنع القرار المشترك كما هو موجود في البرلمان الاوروبي الموحد بين دوله...
الاختلاف الاخر بين فئات شعوبه هي ظاهرة ايضا ولا يمكن تجاهلها،بل هي تظهر في داخل الدولة الواحدة!،وابسط مثال في السعودية والتي تتألف من اربعة اقاليم كبرى تختلف ظروفها المحلية وطبائع ساكنيها مع اختلاف الاصول العرقية والمذهبية رغم وحدة العامل الديني!...ووجود الاقليات المذهبية والعرقية هو عامل تفرقة وليس عامل ثراء في العالم العربي بسبب انعدام فرص التكافؤ العادل بين الجميع!،وبذلك يمكن رؤية اختلاف المجتمع البحريني ذي الاغلبية الشيعية عن المجتمع القطري ذي الاغلبية الوهابية او ملاحظة الانقسام الطائفي في الكويت او رؤية عمان تتبع مذهب الاباضية والذي ينظر اليه بكراهية من قبل الاخرين في دول الجوار!...هذا بالاضافة الى اختلاف القبائل والاسر المكونة لتلك الدول رغم اراء الاخرين في كونها موجودة في جميع دوله،والحقيقة ان تلك القبائل لها امتدادات الى الداخل العراقي وبلاد الشام وحتى الشمال الافريقي وبذلك فأن الارتكاز على العامل القبائلي على انه عامل توحيدي مشترك هو خطأ فادح ظهر لنا نموذجا عندما سحبت قطر جنسية الاف من مواطنيها ينتسبون الى قبيلة في السعودية!...

مختارات شعرية - احمد مطر

مختارات شعرية- احمد مطر
1- قصيدة ولاة الارض...
هو من يبتدئ الخلق
وهم من يخلقون الخاتمات!
هو يعفو عن خطايانا
وهم لا يغفرون الحسنات!
هو يعطينا الحياة
دون إذلال
وهم، إن فاتنا القتل،
يمنون علينا بالوفاة!
شرط أن يكتب عزرائيل
إقراراً بقبض الروح
بالشكل الذي يشفي غليل السلطات!
**
هم يجيئون بتفويض إلهي
وإن نحن ذهبنا لنصلي
للذي فوضهم
فاضت علينا الطلقات
واستفاضت قوة الأمن
بتفتيش الرئات
عن دعاء خائن مختبئ في ا لسكرا ت
و بر فع ا لـبصـما ت
عن أمانينا
وطارت عشرات الطائرات
لاعتقال الصلوات!
**
ربنا قال
بأن الأرض ميراث ا لـتـقـا ة
فاتقينا وعملنا الصالحات
والذين انغمسوا في الموبقات
سرقوا ميراثنا منا
ولم يبقوا لنا منه
سوى المعتقلات!
**
طفح الليل..
وماذا غير نور الفجر بعد الظلمات؟
حين يأتي فجرنا عما قريب
يا طغاة
يتمنى خيركم
لو أنه كان حصاة
أو غبارا في الفلاة
أو بقايا بعـرة في أست شاة.
هيئوا كشف أمانيكم من الآن
فإن الفجر آت.
أظننتم، ساعة السطو على الميراث،
أن الحق مات؟!


لم يمت بل هو آت!!
2- قصيدة الغربة...
أحرقـي في غُربتي سفـني
ا لاَ نّـني
أقصيتُ عنْ أهلي وعن وطني
وجَرعتُ كأسَ الذُّلِّ والمِحَـنِ
وتناهبَـتْ قلـبي الشجـونُ
فذُبتُ من شجَـني
ا لا نني
أبحَـرتُ رغـمَ الرّيـحِ
أبحثُ في ديارِ السّحـرِ عن زَمَـني
وأردُّ نارَ القهْـرِ عَـنْ زهـري
وعَـنْ فَـنَني
عطّلتِ أحلامـي
وأحرقتِ اللقـاءَ بموقِـدِ المِنَنِ ؟!
ما ساءني أن أقطَـعَ ا لفلَوَا ت
مَحمولاً على كَفَني
مستوحِشـاً في حومَـةِ الإمـلاقِ والشّجَنِ
ما ساءنـي لثْمُ الرّدى
ويسوؤني
أنْ أشتري شَهْـدَ الحيـاةِ
بعلْقـمِ التّسليمِ للوثنِ
**
ومِنَ البليّـةِ أنْ أجـودَ بما أُحِـسُّ
فلا يُحَسُّ بما أجـودْ
وتظلُّ تـنثا لُ الحُـدودُ على مُنايَ
بِلا حـدودْ
وكأنّني إذْ جئتُ أقطَـعُ عن يَـديَّ
على يديكِ يَـدَ القيـودْ
أوسعْـتُ صلصَلةَ القيـودْ !
ولقَـدْ خَطِبتُ يـدَ الفراقِ
بِمَهْـرِ صَـبْري، كي أعـودْ
ثَمِـلاً بنشوةِ صُبحـيَ الآتـي
فأرخيتِ الأعِنّـةَ : لنْ تعـودْ
فَطَفـا على صـدري النّشيجُ
وذابَ في شَفَتي النّشيـدْ !
**
أطلقتُ أشرِعَـةَ الدّمـوعِ
على بحـارِ السّـرّ والعَلَـنِ :
أنـا لن أعـودَ
فأحرقـي في غُربتي سُفُـني
وارمـي القلـوعَ
وسمِّـري فـوقَ اللّقـاءِ عقاربَ الزّمَـنِ
وخُـذي فـؤادي
إنْ رضيتِ بِقلّـةِ الثّمَـنِ !
لكـنّ لي وَطَناً
تعفّـرَ وجهُـهُ بدمِ الرفاقِ
فضـاعَ في الدُّنيـا
وضيّعني
وفـؤادَ أُمٍّ مُثقلاً بالهـمِّ والحُـزُنِ
كانتْ توَدِّعُـني
وكانَ الدَّمـعُ يخذلُهـا
فيخذلُني .
ويشدُّني
ويشدُّني
ويشدُّني
لكنَّ موتي في البقـاءِ
وما رضيتُ لِقلبِها أن يرتَـدي كَفَني
**
أَنَا يا حبيبـةُ
ريشـةٌ في عاصِفِ المِحَـنِ
أهفـو إلى وَطَـني
وتردُّني عيناكِ .. يا وَطني
فأحـارُ بينكُما
أَأرحَـلُ مِـنْ حِمى عَـدَنٍ إلى عَـدَنِ ؟
كمْ أشتهي ، حينَ الرحيلِ
غـداةَ تحملُني
ريحُ البكـورِ إلى هُناكَ
فأرتَـدي بَـدَني
أنْ تُصبِحـي وطَنـاً لقلبي
داخِـلَ الوَطَـنِ !

الاستغلال الامثل لشهر رمضان المبارك

الاستغلال الامثل لشهر رمضان المبارك:
مع حلول هذا الشهر الكريم والذي يجتمع حوله جميع المسلمين...في الصيام والافطار والامساك،تبرز هنالك اهمية بالغة في احلال التعايش السلمي ليس فقط بين المسلمين من اصحاب الفرق والمذاهب المختلفة...بل مع اصحاب الديانات الاخرى وجميع الملل والنحل...ازالة الفوارق بين الجميع امرا مستحيلا بأتفاق الكل!... تلك هي الطبيعة البشرية التي تمتاز باختلاف طرقها في استغلال العقل في مختلف الاغراض والاهداف مع اختلاف الظروف الموضوعية التي تمنح حرية الفكر والرأي نتائج مختلفة...وبالتالي تنشأ الفوارق المختلفة والتي تحدث عادة بين افراد الاسرة الواحدة فما بالك بين الشعوب والامم المختلفة!....وهنا يصبح امام الجميع معضلة الاندماج في بوتقة واحدة...فكم من حكومة حاولت ابادة جنس بشري لمجرد اختلافها معه في العرق او اللغة او الدين او المذهب هذا ناهيك عن ابادة مجموعات بشرية لاختلافها في الرأي معها!...وفي النهاية انتهت تلك المحاولات رغم بشاعتها ومآساوية نتائجها الى فشل ذريع ...بينما نرى هنالك دعوات سلمية اثرت تأثيرا كبيرا دون الحاجة الى وسائل مادية ترغيبية وقسرية ...بل يمكن لنا رؤية كاتب او كتاب يؤثران اكثر من تلك الوسائل المرعبة....وبقيت الحقيقة الساطعة والناصعة البياض في ثبات وجود الاختلاف بين البشر حتى يرث الله تعالى الارض من عباده الصالحين ...واليقين المطلق هو استحالة الذوبان الكلي في نهاية التاريخ بل سوف تبقى الخلافات ما بقي البشر على هذه الارض الصغيرة...
من هذا المنطلق يبقى امام الجميع الحل الامثل لحل كل تلك المعضلات الناشئة من محاولات اخضاع الاخرين قسرا او اذابتهم في مدار الاقوى!...فهي لاتسبب سوى ثبات الافكار في الرؤوس!...وهذا الحل هو التعايش السلمي بين الجميع وترك الخلافات الفكرية الى ساحات الصراع الفكري والعقائدي دون ادخالها في مجالات التعامل اليومي بين البشر ...والمسألة الاكيدة هو ان الصراع المنحصر في تلك الساحات السلمية رغم اهميته الى انه يبقى بعيدا عن ابادة الاخر وتحقيره !... ويبقى النجاح الفعلي للفكر الاكثر قدرة على البقاء في الساحة ولكن مهما كان ذلك النجاح فأنه نسبي لن يستطيع ان يكون مطلقا مهما كانت القدرات المادية التي تسانده...تلك هي من السنن الالهية في دفع الناس بعضهم ببعض ...واذن يبقى استغلال هذا الشهر الكريم لاعادة ترتيب الاوراق ومحاولة بث الامل في اقامة افضل العلاقات مع الاخر المختلف بما في ذلك اخواننا في الانسانية ...فكم من انسان يختلف معنا في الدين الموروث ولكنه في قمة الاحترام لنا ولشعائرنا!...وكم من مسلم لايملك من اسلامه سوى الاسم بالطبع! وكل اعماله تنحصر في دائرة الشك والريبة وسحق الاخر!...وللعلم يوجد لدى الاخرين فترات صيام ولكن يختلفون عنا بالتفاصيل مع اشتراك الجميع في المضمون!...
شهر رمضان ليس فقط صيام الاجساد...بل صيام الارواح ومنها بالتأكيد العقول التي تحتاج الى اعادة تفكيك وتركيب وصيانة دورية ...تعيد لها روحها الوثابة القادرة على مواجهة تحديات الحياة بوجهة مشرق يبعث على الامل!...
مع فترة الصيام الجسدي والروحي ....ومع نفحات هذا الشهر الكريم ...تصبح حياتنا افضل واروع...

اسطورة التغيير الفوقي - القسم الخامس والاربعون

بقي النظام في ولائه للغرب وكان بورقيبة من اوائل القادة العرب الذين دعوا الى تسوية سياسية سلمية للقضية الفلسطينية مما جعل سمعته تتدهور بشده في مناخ سائد في العالم العربي كان يدعو الى التحرير الكامل لفلسطين،ثم تغيرت بوصلة القيادة التونسية الى ضيافة منظمة التحرير الفلسطينية بعد خروجها من بيروت عام 1982 ! وهذا التغير في السياسة العليا للدولة هو سمة الانظمة العربية التي تخضع لمزاج الحاكم ورغباته المكبوتة والعلنية! ولم يكن ذلك مقتصرا على شق واحد دون آخر، ففي عام 1974 عقدت وحدة اندماجية غير مدروسة بين تونس وليبيا تحت اسم الجمهورية العربية الاسلامية التي لم تستمر سوى يوم واحد فقط! رغم ان بورقيبة كان يستخف بالقذافي وتفكيره الشاذ مع العلم ان بورقيبة نفسه كان يرفض الصفة الاسلامية لنظامه فكيف يعقد اتفاقية وحدة وبذلك الاسم مع ليبيا ؟!... ورغم منحه رئاسة الدولة الجديدة الا انه رفضها لاسباب ذاتية قد يكون بعضها ناتجا من ضغط المحيطين به كما تذكر بعض المصادر!...فبتلك العقلية المزاجية كانت تدار الشعوب ويتم التحكم حتى بأبسط حقوقها الدينية والمدنية !...
من اغرب تصرفات بورقيبة هو اعلانه لنفسه رئيسا مدى الحياة! ورغم كبر سنه فأن سيطرة افراد اسرته كانت واضحة وبشكل فاضح! وخاصة ابنه وزوجته الثانية التي طلقها هي الاخرى عام 1986 بعد ان اتهمها بالتدخل في شؤون الدولة رغم مرور ربع قرن تقريبا على الزواج والتدخل ايضا! وكذلك المقربين الاخرين وخاصة من حزبه الحاكم كما اشتهرت اجهزة النظام بالفساد المستشري وبتخلف البلاد في مختلف النواحي وبذلك ثبت فشل الحكم ونظرياته السطحية والمتقلبة في الحكم وادارة البلاد...
اصبح بورقيبة نتيجة لكبر سنه خرفا ومريضا وخاضعا لزمرة المحيطين به!حتى اصبحت قراراته مضحكة للجميع (تلك النهاية طبيعية للمتفرعنين!)،فقد كان يغيرها بأستمرار واحيانا خلال فترة قصيرة جدا رغم استمرار تشدده في اعدام المعارضين له فقد كان نتيجة لمرضه يصدر الاوامر بالاعدام مرتان او بالتعيين وبعدمه في اليوم التالي !،ونتيجة لذلك الوضع السيء اصبح انقلابات مزاجه على المقربين منه شيئا طبيعيا ومخزيا بحق الدولة! فكان الهروب الشهير لرئيس وزرائه محمد مزالي عام 1986 سيرا على الاقدام الى الجزائر المجاورة بعد ان احس بقرب نهايته رغم خدماته الكبيرة للنظام !وحينها اصبح الطريق ممهدا لانقلاب امني يقوده وزير الداخلية زين العابدين بن علي!....
الرئيس الثاني:زين العابدين بن علي(1936-):
كان هذا الرجل ضابطا امنيا في اجهزة النظام لفترة طويلة،لم يكمل دراسته!ولكن احد اقربائه من الضباط الامنيين ساعده في ارساله الى دورة خارج البلاد وبالتحديد امريكا،وحسب العديد من المصادر فأنه جند خلال تلك الفترة للعمل لصالح اجهزة الاستخبارات الامريكية!ولكن بعد عودته الى تونس تدرج في العمل الامني والسياسي وكان احد المسؤولين الامنيين الذين توجه لهم تهمة الانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان ،حتى تسلم في اخر الامر وزارة الداخلية عام1986 قبيل الاطاحة برئيس الوزراء مزالي،ولم يمضي في المنصب سوى عام ونصف حتى اختير في تشرين اول 1987 رئيسا للوزراء مع احتفاظه بالداخلية،فاستغل الموقف الصحي المتدهور للرئيس الخرف فقام بأنقلابه المشهور عليه في 7 تشرين الثاني 1987 دون ان يتجرأ احد من قبل، من خلال اصدار تقرير طبي ينص على عدم مقدرة الرئيس الصحية والعقلية في مزاولة عمله المعتاد رغم ان هذا الشيء معروف عن الرئيس منذ زمن بعيد وهو الذي يرفض الاستقالة حتى الموت!...فكان هذا الانقلاب يمثل احد اساطير التغيير الفوقي من خلال الطبقة الامنية التي هي جزء من التكوين الفوقي للمجتمع ولم يكن للخيار الشعبي اي دور فيه مما جعله بعيدا عنه ولكن الانقلاب بقي مستمرا في نفس النهج الحكومي ولكن بأسلوب جديد يلائم العصر،يختلف في الشكل ولكن يتفق في المضمون!...
قام الرئيس الجديد بسلسلة من الاجراءات المعتادة لكل زعيم مستبد جديد من خلال اطلاق سراح السجناء وتخفيف القيود السياسية والامنية والادعاء بالسماح للقوى السياسية المعارضة بالعمل العلني تمهيدا للانتخابات التي جرت عام 1989 وفاز الرئيس بالاغلبية المطلقة ثم تكرر فوز الرئيس في الانتخابات الاخرى وكانت اقل نسبة حصل عليها الرئيس بن علي هي 94% عام 2004 بعد ان غير مواد الدستور لصالحه عدة مرات كي يستمر في الحكم بدون سقف زمني محدد او صلاحيات تقيده عن الحكم المطلق !...
لم تتغير الاحوال في البلاد بعد الانقلاب رغم ذلك فقد صدق اكاذيب الحاكم الجديد عددا كبيرا من المعارضين وطبقات المجتمع الاخرى!،ولكن بعض الوجوه الحاكمة قد تغيرت،فبقيت المعارضة مسحوقة في الداخل ومن كان محظوظا فقد هرب بجلده الى الخارج مرة اخرى ،وبقي حزب الرئيس السابق والحالي مسيطرا على البلاد والحياة السياسية بنفس الطريقة القديمة والمتخلفة مع استمرار حالة الفساد والتي لم ينجو الرئيس منها(قدرت مجلة فوربس الامريكية ثروته ب5 مليار دولار!) كما هيمنت اسرته وخاصة زوجته الثانية واقربائه وحاشيته على الاماكن الحساسة في الدولة واصبح نفوذهم كبيرا دون ان يجد اي مقاومة شعبية بسبب خبرة النظام الامنية الطويلة والتي يعرف بمهارة كيف يمنع الاضطرابات قبل وقوعها ناهيك عن استئصال كل المعارضين وخاصة من يتعرض للنظام ورئيسه بكلمة فضلا عن عمل ممكن ان يسبب احراج امام الرأي العام العالمي....
سياسة النظام التونسي في خرق الحريات الدينية والمدنية لشعبه بقيت هي في اعلى درجاتها بالمقارنة مع نظم عربية اخرى،فمازال الحجاب ممنوعا في معظم مرافق الدولة ! بل وكل مظاهر العبادة والتدين رغم ان الاغلبية الساحقة هي تتبع الدين الاسلامي وبالمقارنة مع شبيهه النظام العلماني التركي الذي خفف من اجراءاته القمعية من خلال تخفيف القيود على الحريات الشخصية بغية الدخول في الاتحاد الاوروبي!لم يخفف النظام التونسي من اجراءاته في حربه الشعواء على الحريات والمعتقدات الدينية، ورغم انشغال الكثيرين في العالم الاسلامي بأخبار الجاليات المسلمة في اوروبا وما يتعرضون له احيانا من تحرش او تمييز فأن الجميع يتغافل عما تفعله الكثير من النظم المستبدة الحاكمة في بلاد مسلمة مثل تونس رغم الفوارق الواسعة بين الحالتين !...
بقيت البلاد على حالها في تخلفها السياسي والذي يؤدي بدوره الى تخلف اقتصادي،ورغم ما يقال عن استقرار سياسي للبلاد وعن استمرار حالة النمو الاقتصادي وتخفيف من نسبة الفقر،فأن تلك الرؤية تكون غير ناضجة بل وتعتمد في رؤيتها على السطحية دون الولوج الى المضمون من خلال رؤية نظم اخرى سقطت رغم كونها ظاهريا مستقرة او واحة للاستقرار في مناطق مضطربة! كما وصف من قبل نظام الشاه في ايران عام 1977 قبل الثورة بشهور!...
الاستقرار السياسي في تونس يعود بالدرجة الى الاولى الى قوة القمع وعدم انشغال النظام بصراعات خارجية تستنزف قواه المالية والامنية،فالبلاد ضعيفة الموارد الطبيعية ولاتمتلك بنية اقتصادية متطورة تجعلها تقاوم جيرانها العرب الاقوياء او الاوروبيين في الساحل الشمالي للبحر المتوسط،وبالتالي فأن من الحكمة التركيز على الامور الداخلية من خلال استمرار فرض الاجراءات الامنية المشددة ضد كل اشكال المعارضة حتى ولو كانت بسيطة ولذلك لايؤمن هذا الوضع الاستقرار على المدى البعيد بل تبقى اقل حالة من التراخي في قبضة النظام وخاصة عند رحيل الرأس هي تنفيس عن حالة الاحتقان الشعبي التي اذا خرجت عن السيطرة فأنها سوف تجتاح النظام برمته ولذلك يستند النظام على اعمدة خارجية من الدعم المستمر والتي تجعله خارجا عن مجال النقد لتاريخه المخزي في انتهاك حقوق الانسان،ورغم وقوع البلاد بين دول غنية او متطورة الا انها لم يستفاد من ذلك الموقع كما فعلت النمور الاسيوية التي تمتلك فرصا اقل منه للتطور بل بقيت البلاد ضعيفة البنية الاقتصادية ومعتمدة على المساعدات والاستثمارات الخارجية وعلى مجال السياحة بالذات وهو الذي يسبب اخلال واضح في التقاليد الاجتماعية وعاداتها التقليدية من خلال جذب السياح بكل الطرق المتاحة نظرا لانعدام وجود تنمية حقيقية تعتمد على التطور العلمي والانشطة الاقتصادية التقليدية كالصناعة والزراعة،ومن خلال رؤية مسيرة الحكم خلال تاريخه الطويل ومقارنته مع نظم اخرى حققت احلام شعوبها في تنمية قدراتها والوصول الى حالة من الرفاه الاجتماعي،يتبين لنا مقدار الغبن الواضح على الشعب التونسي والذي لم يفقد فقط حريته بل آماله المشروعة في حياة حرة كريمة!...وهكذا لم تجني البلاد من الانقلاب الامني في عام 1987 سوى استمرار الطغيان الذي دائما يكشف عن انيابه المتوحشة بعد فترة قصيرة من لبس القناع الذي لاينطوي ذلك على كل الواعين لخطورة المستبدين وحيلهم المتجددة للاستمرار لاطول فترة ممكنة في الحكم حتى لو سبب ذلك فقدان شعوبهم لحريتها ومستقبلها!...فالغاية تبرر الوسيلة ،والحكم ايا كان سوف يبرر كل الوسائل مهما كانت درجة وحشيتها لان للحكم لذة وطرواة منغمسة بالدماء تفوق كل اللذات!وهنا يمكن قوة المثال التونسي في خرافة التغيير الحقيقي للشعب وبقاء التغيير ضمن حيز محدود لايسمح للاخرين بالدخول اليه واحتى مراقبة مايجري في داخله !...

اسطورة التغيير الفوقي - القسم الرابع والاربعون

ان هؤلاء القادة يختلفون عن زعماء آخرين امتازوا بعبقريتهم الفذة في انتشال اوطانهم من الدمار والخراب والفقر والجهل، واطلق عليهم لقب الزعماء البناؤون نظرا لخدماتهم اللامحدودة لاوطانهم وتفانيهم في عملهم مع حبهم للسلام الدولي وبذلك نميزهم عن الزعماء الهدامون الذين يختصر عملهم تحت عنوان حب الذات وتحت ذلك العنوان تتحطم بلادهم ويقتل ويعذب ويهان من يقف في طريقهم،والنوع الاول سعوا بكل جهد وتفاني واخلاص حتى نجحوا في اعادة بناء اوطانهم من موارد ذاتية محدودة مع تصميم واصرار لا يلينان والممتزجة بعبقرية مشهود لها،والامثلة رغم روعتها الا انها قليلة في التاريخ ورغم قلتها الا انها تأخذ حيزا كبيرا بأنجازاتها ونجاحاتها الكبيرة...ومن الامثلة المثالية في عصرنا الحديث، لي كوان يو وهو اول رئيس وزراء لسنغافورة،واديناور اول مستشار الماني بعد الحرب الثانية ووزير ماليته ايرهارد،و دنغ هسياو بينغ صاحب الانفتاح والتغيير في الصين بعد عام 1978 و مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الاسبق وغيرهم...هؤلاء القادة هم بحق من انتشلوا بلدانهم من اسفل التصنيفات الدولية للفقر والتخلف الى اعلى المراتب الحضارية بحيث تفوقت بلادهم على بلاد عريقة في التطور!...
نعود الى الحديث عن الديكتاتور التونسي السابق الحبيب بورقيبة والذي يطلق عليه لقب الزعيم والمجاهد الاكبر!واكيد تلك تسميات زبانيته ثم تلقفها السذج والمغفلون بدون وعي لها!...وحقيقة ذلك المجاهد الاكبر هي ليست خافية بفضائعها وانحرفاتها الاخلاقية فقد كان الرجل بعيدا عن هذا التسمية شكلا ومضمونا! فهو كان بعيدا عن صفة التدين المتعارف عليها وعاشر ارملة فرنسية في داخل فرنسا تكبره بثلاث عشر عاما !،معاشرة الازواج دون اي رباط شرعي في سابقة غريبة ليست في عصره فحسب بل في العالم العربي،وانجبت عشيقته الفرنسية ولدا اصبح وحيده ويطلق عليه نفس الاسم مضافا له لقب الابن! عام 1927 ثم بعد ذلك تزوجها ! ولم يكن مخلصا لزوجته تلك ايضا بل احب امرأة تونسية اخرى وهي متزوجة من رجل اخر ! في الاربعينيات وبعد توليه رئاسة تونس سعى لتطليق حبيبته التونسية من زوجها !حتى تم ذلك له وعندها طلق زوجته الاولى وتزوجها لكونه واضع اول قانون يمنع تعدد الزوجات في العالم العربي وهنا تنكشف ضحالة تفكيره في كونه قادرا على الجمع بينهما وليس مرغما على ان يطلق الاولى! ثم ان لهذا الزواج مزايا في الازمات والمشكلات المختلفة...
كان معجبا بالحضارة الغربية ونموذجها الفرنسي ولكن بالطبع حسب مزاجه ومقياسه الذي يناسب صغر عقله وتفكيره،فالاعجاب بحضارة كالغربية مثلا والعمل على تقليدها لبناء الوطن يجب ان يكون في معظم تفاصيل اسباب نهضتها الشاملة ثم احاول التكييف مع الاوضاع الداخلية والتقاليد الوطنية والدينية كيلا تتعارض مع البناء الحضاري اما ان اعمل بالقشور دون المضمون مثلما عمل اتاتورك واسرة بهلوي فذلك خرافة محبطة ليس فقط للتطور المزعوم بل سوف تؤدي الى مآس اجتماعية وسياسية وتخريب البنى الاقتصادية والفكرية ومحاربة البنية الدينية وتشتيت شملها وتمزيق كل الاعراف والتقاليد وضرب حقوق الانسان عرض الحائط في سبيل تلك القشور!...هذا كله هو ضياع للجهود والزمن والقدرات فيما لا فائدة منه لسبيل التطور المزعوم!....
ولذلك فشل هؤلاء الهدامون في بناء اوطانهم لكونهم لم يعترفوا في اهم اساس فكري قامت عليه الحضارة الغربية وهو الحرية والمبادئ الاخرى مثل المساواة واحترام حقوق الانسان والديمقراطية،فهم كانوا طغاة ممسوخين حاولوا تقليد الاخرين بغباء وهمجية،فلم يوفقوا في عملهم سوى البقاء لفترات طويلة في كراسيهم المؤقتة! بينما نصيب شعوبهم هو البقاء في دائرة التخلف والجهل والفقر! ولذلك نرى بقاء تلك البلدان متخلفة عن الركب الحضاري وابسط مثال تركيا التي تنكرت لتاريخها وحضارتها وهويتها الدينية والاجتماعية بطريقة بائسة دالة على ضحالة فكر اتاتورك وزمرته،فبقيت البلاد ضمن خانة الدول النامية الاكثر فقرا وفسادا ! حتى مجيء الاسلاميون الجدد عام 2002 الذين عملوا على تغيير الصورة، وحينها تطورت البلاد اقتصاديا ونهضت بشكل مثير للدهشة لكون القادة الجدد رغم القيود المفروضة عليهم،يختلفون عن السلطة العسكرية الديكتاتورية المهيمنة على البلاد منذ عقود!...
كان بورقيبة نموذجا مثاليا لما بعد حكم الاستعمار الذي لم يجد افضل منه في خلافته حتى يضمن السيطرة التامة على المستعمرات السابقة التي تمردت عليه او على الاقل يحيدها في صراعه مع الكتلة الشيوعية اثناء الحرب الباردة ! ولذلك ابعد الزعماء الاخرون المعارضون والملتزمون بقضايا اوطانهم وبحرية ابنائها في الاختيار وكان الزعيم الحقيقي لتونس هو صالح بن يوسف (1907 -1961) والذي رفض المشاركة في مهزلة الاستقلال الشكلية المسماة بالاستقلال الداخلي! فما كان من بورقيبة وحليفته فرنسا سوى محاربته مع اتباعه رغم كونهما في حزب واحد!...وما ان استبت الامر لبورقيبة وزمرته حتى تنكر لرفاقه الوطنيين المخالفين له بالرأي! فقام بحملة وحشية نادرة لابادتهم في بادرة تدل على الشؤم الذي سوف يحل بالبلاد،فأضطر ذلك الزعيم الوطني الى مغادرة البلاد والعيش في الغرب حتى اغتاله الطاغية الرفيق في سبيل ان يبقى في السلطة بدون منازع او معارض،وهذا يذكرنا بحالة الزعيم الوطني المغربي المهدي بن بركة والذي كان شبيها له حتى بطريقة نهاية الحياة في الغربة!...ولكن المؤسف له ان شعبي البلدين ولحد الان لم يرد الاعتبار الكافي لهما بل مازال يجل ويقدر ويحترم قاتليهما بطريقة تدعو الى الاشمئزاز ليس فقط من تلك التصرفات المخجلة بل من تنكر واضح لقيم دينية او اخلاقية او وطنية تجتمع على الاقل في تجريم القاتل وذمه وتمجيد الضحية ورد الاعتبار له في اقل شيء وهو الحط من القتلة واعمالهم الخسيسة الدالة على وضاعتهم! وبذلك فقد البلدان زعيمان قديران لحكمهما...
بعد ان سيطر بورقيبة على البلاد بدأ في تصفية الحكم الملكي وتغييره الى حكم جمهوري في الشكل فقط وبنفس المضمون السابق ولكن بصيغة اكثر قسوة!،واصبحت اسرته والمكونة بالاساس من ابنه الغير شرعي وزوجته الثانية مهيمنان على الامور السياسية الى درجة كبيرة في حالة مقاربة لعائلة الديكتاتور الروماني السابق شاوشيسكو(1918-1989)! ولكن الاختلاف بقي في ان رومانيا تخلصت من الاخير بثورة عارمة اعادت للبلاد وجهها الحقيقي ضمن الامم الحرة...
ولكن الاكثر تدميرا هو سعي ذلك المعتوه في تخريب البنية الاجتماعية والدينية للشعب ووصلت وقاحته حد الافطار بصورة علنية في شهر رمضان المبارك بزعمه ان ذلك يعرقل العمل والتقدم ! ثم كانت مهازله الاخرى المشينة مثل نزع حجاب امرأة تونسية عنوة وتخريفاته وخزعبلاته حول القرآن والنصوص الدينية الاخرى! من ناحية التناقض او التفسير حزب المزاج! وكل ذلك كان يجري وفق منهج ثابت للدولة في محاربة الاسلام بأعتباره عقبة امام العلمانية التي هي المدخل الوحيد للحضارة بزعمهم! دون ان يحكموا عقولهم الخاوية في ان الدول الغربية المتقدمة كانت تحترم حقوق مواطنيها الدينية وتقاليدهم الاجتماعية ولمختلف الملل والنحل داخل حدود بلدانهم دون ان يكون ذلك عقبة في طريق تقدم بلادهم!..ولم يكتفي بذلك بورقيبة بل حارب ابسط العبادات الشخصية وكل مظاهر التدين بما في ذلك المساجد والمدارس الدينية وبطرق تنم عن فقدان للرحمة والشعور الاخلاقي...ثم تطور الامر الى محاربة اليسار وخاصة النقابات المهنية رغم تبجحه بالتحول نحو الاشتراكية وهو الموديل السائد في تلك الحقبة الزمنية كما هي الان الرأسمالية واقتصاد السوق ! ثم تراجعه بعد بضع سنوات في دلالة واضحة على تخبط وعشوائية وانعدام التفكير السليم في الاختيار!...
حصلت في البلاد عدة اضطرابات وخاصة اعوام 1978 و1980و 1984 والتي خلفت عدد كبير من الضحايا الابرياء الذين كانت مطاليبهم منحصرة في الرغبة في تحصيل حقوقهم المعيشية المهدورة من قبل نظام فاسد لا يعرف سوى القوة والقسوة بدون رحمة مع الخصوم بمختلف مشاربهم،بل ان عام 1984 كانت الثورة فيه تدعى بثورة الخبز الذي ارتفعت اسعاره بشكل كبير مما يجعل المراقب يتأمل في تحول الشعب خلال ربع قرن من مطالب بالحرية والاستقلال الى مطالب برغيف الخبز وتوفيره بعد ان فقد الحرية والاستقلال على ايدي ابنائه!....

اسطورة التغيير الفوقي - القسم الثالث والاربعون

ب- تونس:
هو احد البلاد العربية التي تعشعش فيها الديكتاتورية منذ استقلالها الشكلي عن فرنسا عام 1956 !...يتألف شعبه من حوالي 11 مليون(2009) وهو مزيج من شعوب مختلفة ولكن ساد فيها العنصر العربي ولغته...انخفض النمو السكاني فيه الى درجة مخيفة وصل الى حوالي 0.8% وهي اقل من دول غربية كثيرة بحجة صغر حجم البلاد(التي تفوق مساحتها عدة بلدان اوروبية بينما سكانها اقل منها بكثير!) وقلة مواردها ومحاولة التركيز على التنمية المزعومة التي مازالت خرافة لم يبددها الواقع!...
هذا البلد هو نموذج مثالي لهيمنة الديكتاتورية الامنية عليه بشكل بشع تدعو الى الشفقة عليه وهو البلد الذي انجب ابو القاسم الشابي الذي ملئ الدنيا وشغل الناس بقصيدته الشهيرة ارادة الحياة والتي مطلعها:اذا الشعب يوما اراد الحياة – فلابد ان يستجيب القدر!....
ومازال شعبه ومنذ اكثر من نصف قرن لم يستجب له القدر! ربما لانه لم يرد الحياة!...
فهل ذلك من ذاته ام من وحشية الديكتاتورية المقيتة المكبلة له؟!...عوامل كثيرة جعلت هذا البلد انموذجا مثاليا للاستبداد العربي والافريقي وبدلال غربي لاحدود له لحاكميه ! كما هو مثال بارز على اسطورة التغيير الفوقي ومن خلال زمرته الامنية(جزء من الطبقة الفوقية) التي تحكم البلاد بقبضة حديدية قاسية لاحدود لها!...
كانت تونس بلدا محتلا من قبل فرنسا لفترة طويلة وكانت مثل المغرب بلدا ملكيا تحكمه احدى اسر الاشراف،ولكن نتيجة لجهاد قواه الوطنية المستمر وايضا ساعد ذلك الاسراع في الاستقلال الشكلي ،ضعف فرنسا بعد هزيمتها المنكرة عام 1954 في فيتنام وانشغالها في حربا ضروسا في الجزائر المجاورة،فاضطرت لمنح ذلك البلد استقلالا شكليا بحيث تبقى مهيمنة على اموره الخارجية والامنية عام 1955 وساعد في نصب احد اعمدة الاستبداد الشرقي الحبيب بورقيبة الذي كان يريد فقط التخلص من الهيمنة الفرنسية المباشرة لكي يؤسس هيمنة غير مباشرة ولكن تحت ادارته ووفق تفكيره الذي يدل ليس فقط على ضحالة بل على تقلب ومزاجية في الحكم ! مما جعل الفرنسيون يسارعون في دعمه لانه انموذجا مثاليا للمزروعين في بلادهم من قبل الاستعمار الغربي حتى يعمل على ادامة الهيمنة ولكن بأساليب وطرق جديدة تناسب العصر الحديث الذي يدعو الى نبذ السيطرة العسكرية المباشرة والدعوة الى سيطرة غير مباشرة ولكن تحت مسميات زائفة...!
من ملكية الى ملكية:
تعتبر تونس من اكثر البلاد قربا الى الملكية الاستبدادية منها الى الجمهورية الاستبدادية لكون البلاد محكومة منذ اكثر من نصف قرن بحاكمين فريدين من نوعهما خلال تلك الحقبة الطويلة ويمتلكان من الصلاحيات التي تجعلهما يتحكمان بابسط امور الحياة الشخصية للمواطنين البسطاء وخاصة انتهاك حرياتهم الشخصية في الاختيار وامور العبادة بل وحتى لبسهم الشعبي البسيط وهي دلالة هامة على مقدار حجم تلك الانتهاكات المستمرة منذ اكثر من نصف قرن والتي لايعتني بها العالم الخارجي لكون النظام الحاكم لايشكل خطرا على مصالحه بل هو حليف رئيسي دائم له وان انتهك حرمات شعبه ومنع ابسط الاختيارات الشخصية!.
لمعرفة المزيد عن طبيعية التغييرات التي حصلت في هذا البلد،ينبغي التركيز على سيرة الحاكمين الملكين بأمتياز واللذان حكماه لفترة طويلة لان لشخصية الحاكم دورا رئيسيا في ادارة شؤون البلاد والتحكم بمصائر العباد الى درجة منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية البسيطة وانتهاك حقوقهم المشروعة في الملبس !... ولهذه السيرة اهمية بالغة في الولوج الى تركيبة هذا النظام البوليسي الذي لايختلف عن الانظمة الشرقية المستبدة من حيث كونه مائلا للسقوط بمجرد ازاحة حاكمه او تغييره لان له دورا رئيسيا في شؤون البلاد يفوق مالدى الاخرين مما يعني ان الجهود يجب ان تكون منصبة على الضغط المستمر لتغيير الرأس ومن ثم ازالة طبقات المجتمع العلوية من سيطرتها التقليدية نظرا لانتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب والتسلط عليه بحجج واهية لفترة طويلة وبالتالي يجعل من المستحيل الحصول على اي نتائج ايجابية في حالات التغيير الفوقي ،ولكن مرحلة تغيير الرأس هنا مهمة لان الشعب ليس قادرا بفعل طول فترة الاستبداد المقيتة وتشتت قواه الوطنية بفعل حجم الابادة والقمع الكبيرين يجعل هنا عملية اعادة تجميع القوى بحاجة الى زمن من التنفيس السياسي قد يصل الى بضع سنين لانها غير قادرة على حكم البلاد دون الاستناد الى بقايا تلك الطبقات المعادية لها وبالتالي ليست لديها القدرة على ضبط ايقاعاتها المفاجئة في اعادة الامور الى الوراء!...
عملية التغيير السياسي من الملكية الى الجمهورية عام 1957 اي بعد الاستقلال لعام واحد لم تأتي بجديد بل على العكس اخذت الامور تسوء الى درجة جعلت الحكم السابق افضل بكثير وعلى الاقل من ناحية حفظ حقوق الناس وكرامتهم الشخصية المنتهكة على الدوام...قد يكون ادامة النظام الملكي هو تكرار لحالة المغرب الذي لايختلف كثيرا عن تونس ولكن على الاقل اخف كثيرا منه في حجم الطغيان الحكومي الذي يجعل الحنين لايام الحكم الملكي امرا طبيعيا وخاصة لمن عاش المرحلتين،اما الاجيال الجديدة فالامر يختلف ويخضع لمدى حجم الوعي الذاتي او المكتسب الناشيء من الخارج وخاصة المتأثرة بالاحداث الدولية التي جعلت الشعوب متقاربة اوعلى الاقل حولت الارض الى قرية صغيرة وان كانت اي الاجيال التونسية المولودة بعد الاستقلال، خاضعة لايديولوجية علمانية غريبة حقا ولانعرف بالدقة مدى حجم ونوعية الاساس الفكري لمبادئها في الحكم الواقعي اما من ناحية تجميع الكلمات البراقة لجمل الشعارات فهي لا تهمل ولا يعار لها اهمية في المقاييس السياسية التي تنتهج الموضوعية المطلقة مقياسا شاملا يخضع للمنهج العلمي الرصين الخالي من كل المؤثرات الزائفة...
من هذا المنطلق يتبين لنا اهمية دراسة سيرة الحاكمين اللذان حكما تونس منذ استقلالها عام 1956 ولحد الان وهي حالة نادرة وفي مقارنة محزنة مع تغيير الرؤساء في امريكا يتبين لنا ان هاذين الرئيسين عاصرا احد عشر رئيسيا امريكيا ومازال العدد في ازدياد مستمر!...اذا نحن هنا امام واقع سياسي لايختلف كثيرا عن بلاد عربية اخرى ولكن يمتاز في هدوئه وسكونه مع شدة قبضته السياسية على الحكم الى درجة الاستقرار شبه المطلق!...
الرئيس الاول:الحبيب بورقيبة (1903-2000):
يكاد موجودا لحد الان تأثير هذا الرئيس على مجمل الحياة السياسية والاجتماعية في تونس رغم انقلاب الثاني عليه منذ اكثر من عقدين من الزمن!...
وهو نموذج للحكام اللذي سيطروا على بلادهم من خلال القوة المسلحة العسكرية والامنية وبمعونة خارجية ولكن طبعوا البلاد برغباتهم وافكارهم وتعاليمهم بل وبنهجهم الذي يختلف كثيرا عن طبيعة مجتمعاتهم وتراثها المستند الى حضارة قديمة ،وان كان الغرض هو الرغبة المميتة في التحديث والتي انقلبت الى التجهيل بكل معنى الكلمة،فأن اجراءاتهم لم تنجح او تستمر لغاية الان الا برعاية سطوتهم وليس بسحر وقوة تعاليمهم التي تثير القرف والاشمئزاز في الغالب كونها بعد التفحص لها وللنتائج الصادرة منها يتبين لنا حجم الخطأ الفادح الذي سارت عليه تلك الامم المحكومة بأناس مشوهي الفكر والسيرة والسلوك! انه سوء حظ بلا شك ...وكانت النتيجة ان التخلف بقي سائدا في بلادهم والتحديث المطلوب اصبح بعيدا بالمقارنة مع الحداثة الغربية التي يرومون تقليدها بطريقة مشوهة والاسباب الرئيسية هي تتلخص بعدم وجود الارادة الشعبية الحرة مع عدم احترام تقاليد وتراث وقيم الشعب مع انعدام التركيز على التنمية الاقتصادية الحقيقية والاستفادة من تجارب الاخرين التي اثبتت نجاحها في الواقع العملي...
ان بورقيبة لايختلف عن زعماء علمانيون مارسوا الاستبداد بأبشع صورة لتحقيق مبادئهم التي اثبت الواقع ليس فقط فشلها بل مرض صاحبها النفسي وضحالة التفكير وحيازة المنطق المشوه في عالم اصبح يحترم من ينجح على ارض الواقع ويحكم بانسانية وديمقراطية ووفق الخيار الشعبي...هؤلاء الزعماء العلمانيون هم قلة والذي لديهم برامج صارمة للعلمانية المشوهة التي لو اتيح لشعوبهم حرية الاختيار لرفضوها جملة وتفصيلا ولكن يكفي فشلها هو ممارسة القسر الفكري والتجريبي على شعوبهم بدون رضاها !...واذكر منهم اتاتورك في تركيا والشاه رضا بهلوي وابنه محمد في ايران وحزب البعث في العراق وانور خوجة في البانيا والشيوعيين في اليمن الجنوبي السابق واثيوبيا وغيرهم...

2009/08/22

رمضان كريم


رمضان كريم وكل عام والجميع بخير....
نبارك لكم حلول الشهر الكريم...
اعاده الله علينا بالخير والبركات...
تقبل الله صيامنا وقيامنا...وخالص اعمالنا...

2009/08/19

اسطورة التغيير الفوقي - القسم الثاني والاربعون

الصراع المثالي للتغيير الفوقي في السعودية هو الذي حدث بين الملكين سعود(1902-1969) واخيه وولي عهده فيصل(1906-1975) خاصة خلال الفترة الساخنة بين عامي 1957 ولغاية عام 1964 وهو الذي انتهى بسيطرة الملك فيصل على الحكم وازاحة اخيه الملك سعود ثم نفيه الى اليونان حيث توفي هناك.
الصراع بينهما شمل ايضا افراد الاسرة الاخرين والذين ايد القسم الاكبر منهم الملك فيصل هذا بالاضافة الى المؤسسة الدينية التابعة لجهاز الحكم بينما بقي الشعب منعزلا بصورة شبه كلية عن تلك الصراعات رغم انها غالبا ماتؤثر عليه بشكل او بأخر! خاصة في الجانب الاقتصادي...
كان الصراع بينهما يختزن في مجمله اختلافا في طبيعة شخصيتيهما ورغم ان تلك الخلافات كانت منحصرة في الشؤون الشخصية وطريقة ادارة الدولة! الا ان طبيعة التكوين الفكري لكليهما هي واحدة بدون اختلاف مهم يمكن الاشارة اليه!...فالملك سعود تميز ببذخه الفاحش الى درجة اثارت استياء اخوته !(وهي صفة عامة عند افراد الاسرة الحاكمة) الذي ادى الى افلاس الخزينة حتى لم يبقى بها سوى بضع مئات من الدولارات في آذار 1958 مما جعله يعين اخيه فيصل وهو ولي العهد في ادارة شؤون الدولة بعد فشله في الادارة وهو يختلف عنه في كونه قليل الصرف على ملذاته الشخصية رغم انه متزوج من عدة نساء الا ان اخيه الملك سعود اصبح رمزا سيئا للتبذير والاهتمام بالشهوات فقد كان مزواجا الى درجة تثير الانتباه بحيث تفوق على ابيه! فقد وجد له اكثر من 111 ولد وبنت !! بالاضافة الى عشرات الزوجات(توجد اسمائهم في الانترنت فضلا عن المصادر المطبوعة)،بينما الثاني وبرغم زيجاته المتعددة(في بعض المصادر7 وعدد الابناء والبنات18)! الا انها بقيت في حدود المعقول حسب طبيعة المجتمع والدولة في السعودية المتقبلة لتلك الاعداد اما في خارجها فالحالتين نادرتين لدى غالبية الشعوب الاخرى!...اما في المصروفات فقد اشتهر الملك سعود الى درجة التبذير الفاحش في بناء القصور الخرافية او الصرف على الاتباع بدون قيود او حدود او حتى في محاربة المعارضين اللذين ينتسبون لدول اخرى مثل مصر حتى تسبب في فضيحة مشهورة تمثلت في محاولة اغتيال عبد الناصر بعدة ملايين من الدولارات عام 1958 عن طريق عبد الحميد السراج رجله في سوريا!...وقد ادى كل ذلك الى الوصول الى درجة الافلاس كونه يفوق كثيرا واردات الدولة بل وحتى مصاريفها على الشؤون التعليمية والصحية والاجتماعية مجتمعة!،ورغم محاولة فيصل وبقية الامراء تحجيم الانفاق الى النصف الا انه بقي يشكل اكثر من نصف الميزانية في حينه! . واستمر الخلاف بين الاخوين بين مد وجزر حتى انتزع الملك فيصل في غياب اخيه في الخارج كل معالم السلطة الحقيقية وجعلها بيده وبيد اخوته المؤيدين له مع تأييد رجال المؤسسة الدينية المحافظة في آذار 1964،وكاد ان يكون الصراع دمويا بسبب رفض الملك سعود التنازل المهين عن سلطاته بسبب سوء تصرفاته الا ان ازاحته نهائيا في تشرين الثاني (نوفمبر)1964 عن السلطة ونفيه الى خارج البلاد هو الذي حفظ للاسرة تماسكها من جديد كما حمى النظام من الانهيار خاصة وانه كان يخوض في ذلك الوقت صراعا دمويا عبثيا في اليمن ضد مصر واليمنيين المؤيدين للحكم الجمهوري وقد كلف البلاد كثيرا....
هذا الصراع بين الملك واخيه هو الاكثر نموذجية في استعراض طبيعة المتغيرات في الحكم السعودي التقليدي،فالتغيير الذي حصل كان على رأس سلطة الدولة فحسب ولم يشمل المجتمع ككل،وهو لم يؤدي سوى الى تغييرات طفيفة من قبيل تخفيض النفقات الى درجة كبيرة والخضوع لبعض الضغوط الدولية بغية تحسين صورة النظام في الخارج مثل الغاء الرق بصورة رسمية عام 1964 رغم معارضة المؤسسة الدينية لذلك الالغاء! وبقاءه بصورة فعلية لسنين اخرى بعد ذلك!...
لم تتغير طبيعة النظام منذ ذلك التغيير ولحد الان،فمازال الحكم قبليا شموليا بعيد عن كل انواع المشاركة الشعبية ومازال الملك هو رئيس الوزراء وله السلطات الواسعة ثم بعد ذلك لولي العهد وبقية الاخوان والاحفاد!،ومازالت نفقات الملك والامراء كبيرة وتفوق كثيرا المعدلات المسموح بها للحاكمين في كل بقاع العالم ! الا ان تضخم الايرادات المالية الناتجة من تصدير النفط بسبب ارتفاع الكميات المنتجة والاسعار منذ عام 1973 ادى الى تغطية النفقات الكبيرة للاسرة الحاكمة والموالين لها وتحويل الباقي الى اجهزة الدولة ثم بقية افراد المجتمع ! ...ومازالت السياسة الداخلية على حالها في التشدد الديني والمذهبي مع الاخرين في عالم تنتشر فيه مظاهر التسامح، ومنع كل المظاهر السياسية المعروفة مثل الاحزاب وتوزيع السلطات والسماح لمؤسسات المجتمع المدني بالعمل وايضا تقييد حرية الاعلام والمرأة وغيرها من المظاهر المعتادة من الدولة السعودية بقيت دون ادنى تغيير يمكن الاشارة اليه منذ ذلك الانقلاب الذي حصل عام 1964 وبالتالي فأن اسطورة التغيير الفوقي السعودي هي ظاهرة ثابتة وسوف تستمر هكذا الى عقود طويلة ايضا (مالم يحدث زلزال سياسي ) بسبب عدم تفهم الاسرة الحاكمة لطبيعة المتغيرات الكبرى في العالم وخاصة منذ انتهاء الحرب الباردة عام 1990 وتحكمها بأمكانيات البلاد الضخمة والتي تسهل عليها فرض كل سياساتها بالقوة او ببذل الاموال ...فالاسرة بصورة عامة هي لاتختلف عن معظم القبائل في شبه الجزيرة العربية سواء في تركيبتها المترابطة او في عاداتها وتقاليدها التي تخضع للبداوة اكثر منها لتعاليم الاسلام المتشددة في الشورى والاخلاق والزهد والمعاملات المختلفة...والاسرة الحاكمة وصلت للحكم بطريق العنف والكفاح المسلح القريب لدرجة ابادة المعارضين والمتستر بتعاليم السلفية الدينية التي ترفض التعايش مع الاخر وهو معروف من خلال تاريخ الحركة في المملكة خلال القرون الثلاث الماضية،كما ان صفات التحضر والتي تضعف فيها القبضة الحديدية للحكم ومركزيتها هي بعيدة عن البيئة في اقليم نجد الذي هو مصدر السلطتين السياسية والدينية للبلاد...ان الرهان على التغيير من داخل الاسرة الحاكمة هو خيار وهمي هزيل لايرقى الى البحث العلمي المجرد لوضعه تحت المجهر حتى يمكن استخلاص النتائج المستقبلية والتي توضع عادة لرسم خارطة التغييرات الدولية في المستقبل.
اما في السياسة الخارجية فلم يكن هنالك تغيير حتى ولو نسبي يمكن الاشارة اليه، فقد بقيت السياسة موالية للغرب الداعم لوجود المملكة على الخريطة اثناء الحرب الباردة وبعدها!.. وبقيت سياسة محاربة الانظمة القومية واليسارية العربية في طليعة الاهداف المرسومة لسياسة المملكة ثم اضيف اليها العامل المذهبي كمؤثر قوي لتسيير دفة السياسة الخارجية (الذي كان سمة النظام في داخل البلاد) بعد الثورة الايرانية عام 1979 وهو بعدا جديدا سبب الكثير من الصراعات الدموية في الشرق الاوسط خاصة في العقدين الاخيرين! وبالتالي بقيت السعودية نموذجا ثابتا في الحكم التقليدي الغير محايد في الصراعات الخارجية بل يده ممتدة الى افغانستان وباكستان والعراق ولبنان وبقية دول الخليج كما شكلت محورا محافظا يحارب لاجل ابقاء الاوضاع العربية على حالها وعدم السماح سواء للنظم اليسارية او للافكار الثورية (الدينية او العلمانية على حد سواء) بالانتشار والسيطرة على النظم والمجتمعات العربية من جديد ...الا ان الملاحظ ان السياسة الخارجية السعودية العلنية والسرية لاتخضع لمبدأ القوة المسلحة بسبب العجز السعودي التقليدي عن الدفاع عن النفس رغم الانفاق الدفاعي والامني الضخم! بل تستخدم دول وحركات وشخصيات كمرتزقة يحاربون عنها بالنيابة كما حصل في العراق اثناء حرب ايران او في لبنان واليمن وافغانستان وغيرها ماعدا الصراع الحدودي مع قطر لان الاخيرة دولة صغيرة جدا يمكن استخدام القوة المسلحة معها!...ومازال هناك بعض الانظمة العربية التي تدور في الفلك السعودي هي التي تقوم بدوره في الصراع مع الاخرين مقابل المال من قبيل النظامين في مصر والاردن....
التغيير الحقيقي في المملكة السعودية لن يكون من داخل الاسرة حتى لو اعتنق بعض الامراء المتحكمين للامور التنفيذية للافكار التحررية لان السياق العام سواء داخل الاسرة او لدى المؤسسة الدينية هو معارض لاي تغيير مهما كان نسبيا فما بالك اذا كان جذريا يهدف الى تغيير طبيعة الدولة والمجتمع! لانه يخالف اسسهم الايديولوجية الدينية والسياسية التي بنيت عليها تلك الدولة..التغيير الحقيقي يكون من خارج البنية الفوقية(الاسرة الحاكمة والمؤسسة الدينية) سواء من داخل المجتمع وهو ضعيف جدا بسبب عدم القدرة على التغيير لعدم امتلاكه كل مقومات القوة والثبات بوجه النظام بالرغم من حيازته للتأييد الشعبي الواسع!...او التغيير القادم من خارج الحدود وهو الاكثر قدرة على التغيير الجذري وهو خاضع لمبدأ التحولات الدولية المتغيرة ولكن في ظل بقاء الغرب وزعامته للعالم ثم حاجته الماسة للبترول سوف يكون بقاء السياسة الغربية ثابتة بدعم النظم المحافظة ومنها السعودية لانها الاكثر ملائمة لحفظ المصالح الغربية في المنطقة دون ادنى تهديد وحسب وجهة النظر الغربية طبعا، دون مراعاة جانب الاحتقان الداخلي والذي انفجر على داعميه بصورة عشوائية في احداث سبتمبر 2001! هذا بالاضافة الى ان انخفاض عدد السكان في السعودية وبقية دول الخليج وامتلاكها للفوائض النفطية الضخمة الذي لن يستمر اكثر من قرن اضافي من الزمن!يغطي على الاخطاء ويجعل الانفاق على المجتمع كافيا لدرجة سيادة التخدير المتزمت الرافض لمبدأ التغيير الكامل والذي هو عادة يكون لبناء الدولة والمجتمع على اسس صحيحة تستند على قوة الارادة الشعبية الحرة دون ان يكون هنالك اثر سلبي على المستوى المعيشي المرتفع او على الاسرة الحاكمة ماعدا تقليل صلاحياتها التنفيذية والتشريعية وبناء البلاد بصورة عقلانية بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل او الاعتماد على الحماية الغربية التي لن تستمر مثل النفط للابد!هذا بالاضافة الى انه سوف يمنع نمو التطرف بشتى اشكاله المعروفة وخاصة التكفيرية التي تدعو الى ابادة الاخر!...مع العدل والمساواة والحرية والديمقراطية يمكن للجميع العيش بأطمئنان وسوف تتطور البلاد بصورة طبيعية بدلا من العيش مرعوبين من كل شيء خيالي يمكن ان يتصورنه....


اسطورة التغيير الفوقي - القسم الحادي والاربعون

7- استعراض نماذج:
الكثير من الدول الحالية هي امثلة نموذجية يمكن للجميع وضعها تحت المجهر العلمي ليتبين لنا انه لاتخلوا دولة تقريبا في العالم في فترات تاريخها من الحقب السوداء والتي من ضمنها التغييرات الفوقية ولذلك فأن الجميع قد دخل في مستنقع تلك الاساطير الفوقية الخرافية...ولكن هنا يجب الانتباه الى ان كل دولة لها خصوصيتها(نبتعد عن التصنيفات الاخرى كالاقليم او الحزب، باعتبار ان الدولة كيان سياسي يعتاد على التغيير الفوقي) والتي يجعلها مختلفة عن الاخرين وبذلك تكون مظاهر تلك الاساطير الكاذبة للتغيير مختلفة بين دولة واخرى،فنجد الشدة والتطرف في دولة ما ونجد التغيير المخملي في دولة اخرى! وكل ذلك يخضع لطبيعة الشعوب والفئات الحاكمة والتأثيرات الدولية عليها مع توفر ظروف موضوعية لتلك المتغيرات تجعلها مختلفة عن الاخرين...الجميع دخل في حقبات زمنية مختلفة من تاريخه في معمعة التغيير الفوقي ولكن المحظوظ من خرج منها بدون خسائر بشرية او مادية او بأقل كلفة! لان عادة التغيير او الصفة الملازمة له هي انها تجري بصراع مكشوف ظاهر او مستتر يحتاج الى معرفة عميقة وفي الحالتين يكلفان الكثير...حتى الدول الديمقراطية العريقة مرت بتلك الحقب المظلمة ويمكن لأي قارئ للتاريخ ان يكشف بسهولة مدى قسوة الصراعات بين الافراد والمجموعات على السلطة وفي اغلبيتها تنتمي الى الطبقات العليا للمجتمع ومن ركب معهم السفينة من القاع!...فأذا اراد الباحث ان يطبق النماذج الحالية والسابقة لاشكال الدول فسوف يستطيع بسهولة ان يبين حجم ونتائج تلك الاساطير للتغيير الوهمي وبذلك فأننا سوف نحتاج الى مجلدات ضخمة لمعرفة حقيقة كافة الاساطير للتغييرات الفوقية لجميع الدول وفي مختلف الحقب التاريخية...الشعوب جميعها تخضع للتغيير في طبيعة حياتها المستمرة وتلك هي سنة كونية ابدية لا يستطيع احد الوقوف بوجهها ثم اخضاعها بل حتى تحجيم التغيير ومهما حاول البشر ان يوقفوا زحفه او يعرقلوه بطرقهم المختلفة فأن النهاية الطبيعية سوف تكسر كل القيود والاغلال الموضوعة في حركة الشعوب التي تتوق للتغيير نحو حياة حرة كريمة خالية من النفاق والاستغلال ومظاهر التسلط والاستعباد...من طبيعة الشعوب الاختلاف وبذلك ينعكس ايضا وبصورة طبيعية على خضوعها للتغيير الفوقي لطبقات مجتمعها ،فهنالك شعوب تبذل الدماء وتقاوم حتى لو كلفها الكثير بغية القضاء على تلك التغييرات الفوقية وجعلها تغييرات كاملة للمجتمع بمختلف طبقاته،بينما نجد هنالك شعوب اخرى تمتاز بمقاومتها السلمية او السلبية ورغم ان ذلك يعطي صورة سلبية عن طبيعتها ولكن ذلك لايقلل من قيمة مقاومتها او صورة شخصيتها بين الامم كافة...نعم ان الافضلية النسبية للامم الحرة المتحررة من تلك الاغلال والتي تبذل ما في وسعها للتحرر من سيطرة تلك الفئات الفوقية ولكن شعوب المقاومة السلبية هي تقاوم بطريقتها التي تلائم وضعيتها او ناتجة من طبيعة مكونات شعبها وتاريخه وتقاليده والتي تكون مؤثرة بحيث تصبح جزءا من شخصيته...
الشعوب التي تكون مقاومتها سلمية وسلبية للفئات المتسلطة عليه وحتى لو كان هنالك احتلال خارجي فسوف تبقى تلك المقاومة له سلبية في الغالب وهي عادة تكون طويلة الامد وخسائرها البشرية اقل ولكن الخسائر المادية اكثر بحكم طول فترة الخضوع لتلك المظالم الداخلية والخارجية ويمكن رؤية ذلك على بلد متعدد الاعراق مثل الهند او اندونيسيا او تايلاند او مصر كنموذج عربي،بينما نرى المقاومة المستمرة حتى لو بالعنف من جانب شعوب اخرى وقد يكلفها الكثير من الخسائر ولكن تختصر الزمن للوصول الى غاياتها المرجوة مثل ايران والعراق وافغانستان والجزائر وفلسطين وغيرها...في النهاية تبقى تلك الاختلافات شيء طبيعي لاختلاف البشر بطبيعة تكوين شخصيتهم التي تؤثر فيها الظروف الموضوعية من خلال حقب زمنية طويلة...
نستعرض هنا سريعا بعض الدول كنماذج للتغيير الفوقي والتي يجعلها دائما بعيدة عن واقع بقية فئات الشعب والذين يمثلون في الغالب الاغلبية المسحوقة او مكتومة الصوت !...
أ- السعودية:
هي دولة محكومة بنظام قبلي ديني متشدد بتحالف اسرتين هما ال سعود وهم الذين تسلموا زعامة الدولة وتحكموا بمصيرها تبعا لظروفهم المختلفة والاسرة الثانية هم ال الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذين تسلموا الزعامة الدينية ومنحوا الشرعية الدينية للاسرة الاولى! وفق تحالف غريب حقا وفريد من نوعه بل يخضع غالبا للتناقض بسبب طبيعة النظام الايديولوجية المتشددة وسيرته السياسية المتعارضة مع ذلك النهج !...لا احد يجادل بكون الحكم السعودي هو ملكي مطلق لايحق لاي فرد من ابناء الشعب المساهمة فيه بل وحتى ابداء الرأي دون التعرض للانتقام الشديد،وهي صفة عامة في العالم العربي ولكن تزداد تلك الصورة بتشدد رهيب في السعودية التي كان من حسن حظ نظامها امتلاك البلاد لثروة بترولية ضخمة سهلت عليه قبول نموذج نظامه المختلف كثيرا عن النظم السياسية الحديثة،وهذا شيء طبيعي في عالم تحكمه المصالح وحسب اما مسائل حقوق الانسان والشعوب فتلك اشياء تخضع للمصالح وتقلباتها المتغيرة بأستمرار،بل هي ورقة ضاغطة ومربحة بنفس الوقت لمن يستخدمها بمهارة عند الحاجة!...
كل تغيير سياسي في المملكة السعودية هو فوقي بأمتياز بحيث لايحتاج الى بذل الجهد لاستنباط ذلك ! وبالتالي فأن ماجرى في تاريخه الحديث هو يقع ضمن هذه الفئة الصغيرة من المجتمع والمتمثلة بتلك الاسرة التي تسمي البلاد بأسمها! الطبقة السياسية الفوقية للمجتمع هي ضيقة وليست موسعة لتشمل فئات اخرى متحالف معها بل هي في يد اسرة مالكة ضخمة العدد الى حد عجيب تتحكم في كل المناصب الرئيسية في الدولة ولايحق لاي شخص ان ينتزع ذلك الحق بالحكم وفق تبرير تاريخي هزيل كون ان الحق في ادارة الدولة لاي فئة كانت في العالم ليست مبنية على الحق المطلق سواء دينيا او مدنيا لها دون الاخرين بل ان السيطرة جائت بالغلبة والقوة وليس عن طريق آخر، اما الاسرة الثانية فمجال حكمها هو مذهب الشعب ولايحق لها التدخل في مجال عمل الاولى برغم ان الاولى وهي الاسرة الحاكمة تدخلت كثيرا للتخفيف من قيود الثانية المتزمتة ووفق متطلبات المراحل السياسية المختلفة...
نعم هنالك تحالف من القوى القبلية وطبقات المجتمع الفوقية الثرية مع الاسرة الحاكمة الا ان لذلك حدودا حمراء لا يستطيع احدا القفز فوقها! وهي مقتصرة على التأييد وليس على المعارضة! ولهذا نجد ان نظام الحكم يرفض بصورة مطلقة اي حديث عن اي شكل من اشكال المشاركة الشعبية حتى لو كانت بصورة انتخابات بلدية جزئية تكون صلاحياتها محصورة في نطاق الاحياء الشعبية! رغم ان ذلك اي المشاركة الشعبية هو ضروري لاي نظام حكم سياسي بحيث يكون وسيلة لتقويم اخطائها وتصحيحها حتى يستمر الحكم في عمله لاطول فترة زمنية نظرا لوجود الحقيقية الابدية بأستحالة ثبات نظام سياسي او كيان سياسي الى الابد مهما حاول اصحاب العقول الضيقة التجاوز على تلك الحقيقة المطلقة!....
بقيت الصراعات على الحكم في السعودية منذ اعلان تأسيسها عام 1932 محصورة بيد امراء الاسرة وقد تكون تلك الصراعات مكشوفة للرأي العام ولكنها منحصرة في القصور وفي طي الكتمان في الغالب،ورغم ان فترة بداية الستينات كانت قد شكلت تحديات كبيرة للحكم من جانب بعض الامراء المتحررين والمتأثرين بالافكار الحديثة الداعية الى التحديث ومن ضمنها في المجال السياسي للحكم كالملكية الدستورية الا ان تلك الفترة القصيرة قد انتهت ولم تتجدد منذ ذلك الحين!رغم ان التغييرات الكبيرة في العالم بعد ذلك قد حطمت الكثير من القيود المفروضة من قبل نظم شمولية على شعوب بأكملها!.

انهم لايقرأون..!

انهم لايقرأون !
في مؤشر خطير على تردي المستوى الثقافي على المستويين النخبوي والشعبي في مصر...اغلق المركز الثقافي البريطاني (يوم 16-8-2009) مكتبته العريقة التي فتحت في وسط القاهرة عام 1938 والسبب يعود لقلة القراء في مدينة يصل عدد سكانها حوالي 15 مليون نسمة!!...
اعضاء المكتبة لايتجاوزون 2800 عضو وتكاليفها السنوية 3 ملايين جنيه!والكارثة ان عشر هذا الرقم من طلاب الجامعة حتى يتبين لنا مقدار الانحدار التعليمي والقيم التي تزرع في متلقيه في ارفع الجامعات شأنا في مصر...بينما في اي مكتبة محلية في حي شعبي في الغرب يتجاوز الاعضاء هذا الرقم بكثير!...فما بال مركز ثقافي عريق يدرس عشرات الالاف فيه وفي وسط المدينة وفي النهاية يكون هذا الرقم المخجل حقا من رواد مكتبته العريقة!...
لان المصريون لايقرأون او ليسوا من كبار محبي الكتب! ...هكذا اجاب استاذ الاداب ومدير المركز!..ونفى ان يكون ذلك اتجاها عالميا للمجلس الثقافي البريطاني في العالم وهو الذي يسعى لنشر اللغة الانكليزية والثقافة البريطانية العريقة في شتى ارجاء المعمورة،واعطى مثال على الهند في كونهم من محبي القراءة!...
هذا المؤشر الخطير لا يختص بمصر وحدها وان كانت في واجهة الفضيحة!...بل العالم العربي ككتلة واحدة تنتشر فيه ثقافة الجهل والتجهيل من خلال كره العلم والمعرفة والتي يمثل الكتاب المطبوع واحدا من فروعها...والمكتبة كأحد اهم اوعيتها المحفوظة...لقد اصبح ذلك الكره متوارثا الى درجة عجيبة بحيث اصبح قيمة تقليدية عالية القيمة تنتقل من الاباء الى الابناء وبشيء من الفخر المخزي!..
واصبح عدم قراءة الكتاب من الغلاف الى الغلاف شيئا معتادا وسائدا...والشاذ هو ان يقرأ احدا كتابا خلال عام واحد وليس خلال اسبوع كما يوصي بذلك العلماء!...
من هنا اصبح طبيعيا عندما نرى وسائل الاعلام المصرية وخاصة مجلاتها الشهيرة ومن خلال اقلام كتابها المشاهير في كتابة الاكاذيب وتزييف الوقائع الى درجة تصيب بالهيستريا من يطلع عليها ولديه معرفة كاملة...تلك الهستيريا مدمجة فيها الالم والسخرية من هذا الواقع الاليم الذي نعيش فيه بحيث تنتقل فيه بسهولة المعلومة التي تستبطن في داخلها التناقضات المفضوحة الى درجة تجعل من يحاول ان يردعها انسانا غير سوي في عالم يسوده الجهلاء والمجانين...وحتى المجانين كان لهم باعهم في العلم وامامنا مثال رائع وهو البهلول في العصر العباسي!...فأين بهلولي عصرنا منه؟!..
صدر في عام 1983 تقريرا مهما يحذر الحكومة الامريكية من تردي التعليم والثقافة في البلاد...وفي الحال بدأت الاجراءات التنفيذية لتنفيذ توصيات التقرير لتلافي الكارثة الحضارية واستطاعوا ببضع سنوات التقدم الى الامام...فهل هذا الاغلاق يكون تحذيرا هاما للحكومة المصرية المنشغلة بأمور التوريث والانغماس في الفساد ومحاصرة غزة ومحاربة التشيع ...ان تتحول قليلا عن تلك القضايا التي لا تهم مستقبل بلدهم وتطوره وان تعالج تلك الكارثة المرئية التي حولت شعبها الى كاره للكتاب،كما فعلت الحكومة الامريكية في تطوير التعليم والثقافة؟!...
هذا التحذير موجه للحكومات العربية ايضا!...ارجو ان تقتطع جزءا من مخصصات الامن وتوجهه الى الاستثمار في بناء عقول المستقبل....
ليس غريبا في هذا الزمن الذي يتبجح كتابه وسياسيوه انهم لم يقرأوا كتابا منذ فترة طويلة!...فالصورة فضحها المركز الثقافي البريطاني واظهر لنا بشاعتها من خلال اغلاقه الشهير للمكتبة...وفي الشبكة الالكترونية نشر الخبر...ياللفضيحة!..
وددت ان احضن تلك الكتب الموجودة في تلك المكتبة واضمها الى مكتبتي! او اتمنى ان تقع بيد من يحضنها!....جف القلم وفي الصدر آهات وألم لم تنتهي !...

2009/08/16

كاريكاتير
















































العبث بروحانية الشهر الكريم

العبث بروحانية الشهر الكريم:
لوحظ منذ بداية الثمانينات في القرن الماضي،اتساع ظاهرة غريبة حقا وتتمثل في كثرة الافلام والمسلسلات المعروضة في القنوات التلفزيونية خلال فترة شهر رمضان الكريم والذي يتميز بروحانيته الخاصة التي تميزه عن الشهور الاخرى...
وقد تسابق الجميع من منتجين الى قنوات تلفازية في عرض المزيد وبصور اعلانية مغرية الى درجة تثير الاشمئزاز بشكل لايصدق!...
الاسباب تتنوع في مقاصد هؤلاء ولكن يبقى من اهمها الاستغلال التجاري والذي لايراعي بالطبع بالجوانب الدينية والاخلاقية والاجتماعية لاي مجتمع لكونه منحصرا في الربح في اعلى درجات المسموح به!...ويتمثل هنا استغلال فرص التواجد الاسري خلال ذلك الشهر الكريم في عرض كل مايغري العيون الى درجة افقدت ذلك الشهر روحانيته الخاصة في المجتمعات العربية...
لاتستثنى دولة او قناة!...فالكل يتسابق !...والجميع يعيش في سبات طويل تحت انغام قصص التلفاز المرئية....
العبث بروحانية شهر رمضان المبارك لاينحصر في السيل الاعلامي الجارف بل في تقاليد جديدة تبين مدى ضحالة التفكير في ضرورة الاستفادة من شهر رمضان في بناء التكوين النفسي السليم...
لم ارى افضل من كاريكاتير يمثل تلك الصور المحزنة في استغلال الشهر الكريم..
والرسوم الكاريكاتورية هي تعادل شرح طويل في رسوم مختصرة مع سخرية مرة من المشاكل والتعقيدات الحياتية...
هو فن حديث نسبيا ولكنه مؤثر الى درجة كبيرة حتى انه يجمع غالبية المستويات الثقافية في بوتقة واحدة مثالية...تمنياتنا للجميع في تجاهل ذلك الطوفان الاعلامي المخدر والمهلك....والبقاء بعيدا عنه في روحانية الشهر الكريم او في ممارسة العادات والتقاليد الاجتماعية البسيطة....وللحديث بقية لاتنتهي بمختصر!...

دم بلا طوارئ

دم بلا طوارئ:
منذ اندلاع الحرب الارهابية المعلنة ضد الشعب العراقي الجريح والتي يقودها التحالف الاجرامي التكفيري-البعثي بعد سقوط النظام البائد عام 2003 في العراق،لم تبادر الحكومات العراقية المتتالية وقبلها القوات الامريكية في فرض حالة الطوارئ في البلاد بغية فرض الامن والنظام على الجميع!...ورغم بشاعة تلك الجرائم والتي وصلت للقتل على الهوية وبمشاركة ارهابيين من البلاد الاخرى وسببت سقوط عشرات الالوف من الضحايا لم تفرض حالة الطوارئ القصوى والضرورية لانقاذ البلاد من المأزق الذي تعيشه رغم ان معظم الدول العربية تعيش حالة الطوارئ المعلنة ومنذ عقود طويلة وهي تعيش حالة من السلم وبدون اي دواعي امنية تستدعي ذلك الا ان تلك الحالة تفرض عليها التخلص من الاجراءات القانونية والمسائلة الشعبية حتى يسهل على الانظمة الديكتاتورية فرض سياسة الامر الواقع والتي تجعل من شبه المستحيل معارضة سياساتها في الداخل الا اذا هرب المعارضون الى خارج حدود سيطرة انظمتهم القمعية!..تلك الاجراءات حمت تلك البلدان من الانقسام الداخلي والعنف الا انها سمحت وبدون ضوابط لممارسة العنف من جانب السلطات الغاشمة! ويمكن ملاحظة مثال قبيح لوضع مصر مع حالة الطوارئ منذ مقتل السادات عام 1981 مع العلم ان بلاد كثيرة في العالم جرت فيها عمليات الاغتيال المشابهة دون ان تفرض اية حالة للطوارئ في البلاد!وقد سمحت تلك الوضعية البائسة لحسني مبارك في فرض وجوده لمدة طويلة مع قمع كل المعارضين وبوحشية رغم ان الظروف سوف تصبح افضل للشعب في فرض وجوده لو الغيت قوانين الطوارئ والاحكام العرفية!...
وفي حالة العراق،اصبح الاستهانة بالدم العراقي امرا واقعا في ظل عدم وجود حالة الطوارئ التي تسمح للحكومة من فرض الامن والنظام ومعاقبة الارهابيين بدلا من وضعهم في السجون مع مرافقة فرق حقوق الانسان التي لايعترفون اساسا بها !وبعد فترات من الحجز يطلق سراحهم ليعودوا الى ممارسة نشاطاتهم الارهابية كما شاهدنا ذلك مع الكثيرين الذين القي القبض عليهم لعدة مرات!...لقد خلق ذلك شعورا لدى الناس بعدم الامن وفقدان الثقة بالحكومة واجهزتها الامنية التي تنفق عليها معظم موارد الدولة!بينما من الناحية الاخرى، تكون حجة الحكومات المتتالية واهية في ابعاد البلاد عن شبح الديكتاتورية واجراءاتها القمعية المتمثلة بفرضها لقوانين الطوارئ! او تحميل البرلمان والقوى السياسية تهمة تعطيل فرض تلك القوانين التي هي ضرورية في حالة العراق...فهل هناك اصعب من تلك الظروف القاهرة الان حتى يمكن الامتناع عن فرض الاجراءات القانونية المتشددة مع الارهابيين؟! ...وهل يصح بقاء الآف القتلة والذباحين وباعترافاتهم في السجون لغاية هذه اللحظة دون الحكم عليهم؟! او حتى بدون تنفيذ الحكم اذا صدر من القضاء العراقي الغير جدير اسسا بمهمة فرض العدل والقانون في البلاد بسبب سيطرة نسبة كبيرة من ممسوخي النظام في اجهزته المختلفة وعملهم الدؤوب بغية افشال التجربة الحديثة للبلاد!...
ان التهاون الواضح مع الارهابيين هو الذي يجعلهم يستهينون بالدولة واجهزتها المختلفة فيشجعهم ذلك الى العودة الى نشاطاتهم الاجرامية وبأمان تام لانهم لايخشون القانون والدولة المنفذة له!مادام تنفيذ القصاص العادل متوقف بل يرغب من ليس لديه رغبة بالعمل مع تلك الجماعات الارهابية خاصة لاجل المال...وهذا ما حصل ايضا مع السراق الفاسدين اللذين هربوا الى خارج البلاد دون ان نرى اية مطالب في ضرورة عودتهم لتطبيق العدالة عليهم خاصة وان المبالغ السروقة من الضخامة تجعل ضرورة القبض عليهم مهمة وطنية قصوى والتهاون في ذلك خيانة عظمى !...
الدول الديمقراطية تفرض اشد القوانين صرامة بما في ذلك حالة الطوارئ في البلاد اذا تعرضت الى معشار ما تعرض العراق له من هجمة ارهابية اجرامية،وبالتالي تقدم على الحريات،امن المواطن للحفاظ عليه كقيمة عليا تتضاءل امامها كل القيم الاخرى وهم بذلك يمنحوننا دروسا في كيفية الحفاظ على حياة وممتلكات الشعب لانها هي الغاية وتبرر لاجلها الوسائل!...اما تنفيذ الديمقراطية وبأقصى درجات الحرية الفوضوية كما هو في حالة العراق لهو امر سخيف ومضحك لكون الانتقال اليها من اشد حالات الديكتاتورية اجراما ،لايتم دفعة واحدة وبهذه الصورة دون ضوابط كابحة لها ،بل يكون بالتدريج ووفق مبدأ الافضلية القصوى لحياة المواطن وامنه،ولذلك نرى الحالة الامريكية بعد هجمات سبتمبر 2001 وكيف فرضت اشد الاجراءات قسوة بغية حفظ الامن في داخل البلاد،لانه مع فقدانه سوف تفقد البلاد حريتها وازدهارها...
تتحمل الحكومات العراقية المتتالية منذ عام 2004 السؤولية الكبرى في سقوط الضحايا الابرياء لعدم فرض اجراءات الطوارئ والمحاكمات السريعة الضرورية لرؤوس الاجرام بغية ردع اتباعهم المنتشرين في طول البلاد وعرضها...كما يتحمل البرلمان جزءا كبيرا من المسؤولية سواء بعدم فرضه تلك الاجراءات او تسهيل مهمة الحكومة وحثها في فرضها لفترات زمينة تطول وتقصر حسب وضعية البلاد...كذلك ان الخوف من عدم فرضها والاضرار المسببة له اكبر من فرضها ثم استغلالها بعد ذلك...التهاون مع المجرمين يشجعهم على الاستمرار في ممارسة جرائمهم الوحشية ....ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب...فهل يستجيب لذلك من يحمل مشعل المسؤولية الصادقة؟!...

2009/08/11

حقا منطق غريب

حقا منطق غريب:
في سؤالي لاحد الاصدقاء حول قراءاته الحالية بعد ان كان قارئا سابقا...قال انه امتنع من القراءة بسبب كون المؤلفين لايعملون بما يكتبونه لنا خاصة في المؤلفات الدينية والاخلاقية التي تحتاج الى مثالية في ذهن القارئ للمؤلف ولو بصورة لاوعي! وبالتالي فأنه ليس مجبرا على تطبيق مايكتبونه،وأذن فالقراءة ليس جديرة اذا كان مايقرأه لايطبق على الجميع...المؤلفين والقراء!...تسلسل غريب في القياس على اسس واهية مبنية من اعذار لاتقوى على الصمود!...
في الواقع ان ذلك العذر مشاع بين عدد كبير من الناس!رغم انه من الناحية الشكلية قد يكون مقنعا للبعض ولكنه واهن البرهان في داخله الى درجة لو كان صحيحا لرأينا البشر مازالوا جالسين على التراب في داخل الكهوف ينتظرون صيد بعض الحيوانات لأكلها لان كل من يعمل لبناء الحضارة الانسانية يجب ان يكون مثاليا الى الجميع حتى يمكن العمل بما جاء!!...
لقد اشتهر عدد كبير من عباقرة البشر في شتى صنوف المعرفة،بسوء الاخلاق الا ان ذلك ليس مانعا قويا حتى يمكن لنا وضع خطوط حمراء لكل ما ينشرونه من علم ومعرفة لخدمة البشر،والبشر كما هو في الواقع خطاؤون الى درجة عالية من الحمق والمشاعية بحيث تجعل مثاليتهم محصورة بفئة قليلة من البشر يستحقون عليها مظاهر الاحترام والتبجيل والتقدير...وحتى تلك الفئة الصغيرة لم تسلم في حياتها ومماتها من التصفية الجسدية والمعنوية وتشويه تاريخها الناصع البياض الذي لاينكره الا المنكرون الاغبياء ومن والهم من اصحاب العقول التلقينية!...
في التاريخ نماذج كثيرة لاحصر لها من اصحاب المراتب العليا في الذكاء والعبقرية ولكن كانوا على درجة عالية من الانحراف الاخلاقي ...ففلاسفة اليونان القدماء ومنهم افلاطون على سبيل المثال اشتهروا بالشذوذ الجنسي،رغم ان مؤلفاتهم كانت تحث على عمل الفضائل بشتى صورها بغية بناء نموذج حضاري مثالي!...
وفي التاريخ الاسلامي الكثير من تلك النماذج التي تحتاج الى مجلدات لذكرها، ولانذكر هنا بعض مشاهير القادة في الدول الاسلامية وانحرافاتهم لانهم ليسوا ممن حمل راية العلم والمعرفة لينيروا البشرية بها لان مجال اختصاصهم محصور في الحكم وسلبياته المعروفة وبالتالي فأن عدم ذكرهم هنا اكثر جدوى واهمية لنا في الاختصار المفيد!...ولكن في العلوم المختلفة اشتهر الكثيرين بأنحرافاتهم الاخلاقية ...فمثلا المؤرخ والعلامة ابن خلكان كان يحب احد الغلمان!وابو الفرج الاصفهاني كان كذلك...هذا بالاضافة الى ان الكثيرين من العلماء كانوا مع الخلفاء في تأييد سيرتهم السيئة وتبريرها للرأي العام او مشاركين لهم في مجونهم!...
وفي الاقتصاد كان عباقرة الاقتصادين الاشتراكي والرأسمالي على نفس الدرجة من الانحلال الاخلاقي او عدم تطبيق ما يدعون اليه من مبادئ وقيم دالة على تقديس الاخلاق العامة...فعلى سبيل المثال كارل ماركس(1818-1883) كان الداعية الاول لتحرير العمال من العبودية واخذ حقوقهم من ارباب الاعمال حتى لو تم اللجوء الى القوة والعنف!بينما هو يستخدم في بيته الخدم ويعيش عالة على صديقه انجلز!...والاقتصادي الرأسمالي العبقري جون ماينارد كينز(1883-1946) الذي انقذ العالم بأطروحاته العلمية الرصينة،كان شاذا جنسيا في شبابه!وفي زمر اصدقاء السوء!...كذلك الاديب اوسكار وايلد الشاعر والروائي العبقري كان ايضا شاذا ومنحرفا حتى سجن!...وفي فرنسا كان فولتير وروسو من الامثلة المشهورة..
اما في عصرنا الحاضر...فالمآخذ على بعض رجال الدين والاخلاق والمفكرين هي كثيرة في سيرتهم البشعة!ولكن ذلك لايمنعنا بتاتا من اخذ ما تجود به لنا عقولهم واقلامهم...فالعبرة بقيمة الانتاج وهو الذي يجعلنا نحتاجه لبناء حياة مثلى في شتى فروعها...ولكن تبقى حياتهم الشخصية ملكا لهم مهما كانت سيئة!...نعم قد نشين ذلك ولكن لايمنع ذلك في اتباع افكارهم النيرة التي تخالف سيرتهم هم اولا!...
ليس عذرا ابدا ان نمتنع من التعلم او القراءة بحجة ان الاستاذ او المؤلف سيء الاخلاق او لايطبق ما يدعو اليه...والا لبقي اغلبية الطلاب بدون اساتذة !..وبقيت مكتباتنا تشكو من النقص الفادح في المؤلفات لاننا نحرق كل ما يكتبه لنا الفاسدون اخلاقيا!...
وتبقى هنالك شواذ في تلك القاعدة التي تهمل سيرة المبدعين،فمثلا في السياسة تختلف الامور والشخص الفاسد سوف يكون وجوده وعمله وبالا على المجتمع وبالتالي رفض مايقوم به واجب شرعي ووطني واخلاقي...ثم ان الشخص العامل في السياسة ليس مبدعا حتى نميزه عن الاخرين! بل ابداعه يرتكز في الاساس على خداع اكبر عدد ممكن من الناس في ابدع صورة لغوية ينطقها لسانه!...
لنأخذ الحكمة والعلم والمعرفة من الجميع ولو من افواه الفاسدين...اليس هنالك قولا شهيرا في اخذ الحكمة من افواه المجانين!...

ثمرة التعليقات

ثمرة التعليقات :
تثار احيانا في بعض التعليقات الكثير من الاثارات الفكرية التي تجعل الاجابة عليها امرا ملحا وضروريا وبالتالي تزيد من البحث المدرج...توسعة اكبر وثراءا اعظم وابعادا جديدة في الاحاطة بالعموميات....
ولذلك فأن التعليقات تصبح احيانا كمشاركة الاخرين في آرائهم التي قد تكون سديدة! لانه يستحيل على العقل المفرد ان يحاط بالموضوع من جميع الجوانب مهما بلغت القدرة المعرفية من أتساع وشمولية...ويمكن استخلاص ذلك من المقولة الشهيرة:ما خاب من استشار....وان كان ذلك القول في مواضع اخرى ولكن المشاركة العقلية كالمشاركة الجسدية...بل تتفوق عليها قوة ! لانها سوف تكون لفترات زمنية اطول وسوف تكون اكثر تأثيرا وعمقا وصلابة ولا يكون لعددها حدا !....
احيانا يكون من الخطأ الفادح ترك بعض التعليقات التي تريد الاستزادة بدون اجابة!
نعم اذا كان العذر معقولا!...ولكن في الغالب ان الاعذار غير مقبولة!...
من سؤال بسيط ...كتبت في الماضي موسوعات وكتب لاجلها...بل واجبرت جهابذة للعلم ظاهرون على الخضوع اذا عجزوا !...
هكذا العقل البشري... دائم الاحتياج وهو دليل على نقص البشر وعظمة الخالق الاعظم...وكل مشاكل الدنيا هي من عجزنا نحن البشر..
ودائم العطش المعرفي الذي لايرتوي ابدا!وهو دليل على رغبته الدائمة في السمو الذاتي للوصول الى اعلى المراتب...رغم حجمه الصغير حقق المعجزات وايضا الكوارث !...
لنستفد من عقولنا قدر مانستطيع لقهر جهلنا وكل اباطيل حياتنا بمقاييس عقلية محكمة تمنع الزلل عن طريق الحق...ولنصنع عالما لا وجود للادعياء فيه ...

عاصمة الكتاب العالمية

عاصمة الكتاب العالمية:
اختارت اليونسكو بيروت كعاصمة للكتاب العالمي لعام 2009 ويعود اختيارها الى طبيعة الدور المتميز الذي تلعبه المدينة في ظل وجود مئات من دور النشر مع مناخ واسع من الحريات الذي تفتقده عواصم عربية اخرى،وبالتالي تلعب الحرية الدور الاكبر في منح بيروت ذلك العرش الثقافي العظيم...
نشرت مؤخرا تقارير صحفية غربية حول انحصار المنافسة العربية على تزعم ريادة الطباعة والنشر بين بيروت ومنافستها الجديدة ابوظبي التي تولي حكومة الامارات اهمية خاصة في جعلها عاصمة ثقافية متميزة في الشرق الاوسط ،وساهمت العلاقة مع المعرض العالمي الاول للكتاب في فرانكفورت بالمانيا دورا كبير في الاستفادة من الخبرات الالمانية في هذا المجال وكذلك وجود مناخ لابأس به من الحريات رغم انه لا يصل الى مستوى الحريات الموجودة في بيروت الا انه يستفاد من الامكانات المادية الهائلة لدفع العجلة الثقافية في المدينة وهي ملاحظة مهمة في عدم انتشار ذلك في الدول الخليجية المجاورة التي تمتلك الامكانيات المادية الكبيرة دون القدرات البشرية الى تلائم حجمها الا ان صناعة النشر الثقافي ليس بتلك الصناعة التي تحتاج الى قدرات تكنولوجية ضخمة حتى تصل الى مستوى الدول الكبرى! بل فقط تحتاج الى جذب للطاقات العربية البشرية من البلاد الاخرى مع افساح المجال لها بالعمل والاستثمار وتنظيم قوانين لاتحد من قدراتها الابداعية وهي عوامل رئيسية لبناء قدرة ثقافية عظمى قادرة على بناء البلد والبلاد المجاورة ايضا التي مازالت تقبع في كهف مظلم وخائفة في الخروج منه لاسباب متعددة واهية!!...ولذلك فأن المجال مفتوح لكل الانظمة العربية التي تمتلك القدرات المالية الكبيرة في ان تحذو حذو ابو ظبي في طريقها نحو المنافسة الثقافية...كذلك المجال مفتوح امام الانظمة العربية الاخرى التي لاتملك القدرات المالية الكافية في ان تتخذ من بيروت مثالا نموذجيا لها في منح الحريات الكاملة للاستثمار والعمل الثقافي حتى تصبح نموذجا فريدا في تنمية القدرات المحلية من امكانات محدودة ولكن من خلال فسح المجال للعمل والابداع بدون قيود....
عاصمتان خارج المنافسة:
خروج مدينتان عريقتان وهما بغداد والقاهرة من تلك المنافسة هو مقياس طبيعي لانهيارهما رغم اختلاف الظروف بينهما!وهما اللتان اشتهرتا بالمكتبات ودور النشر والزعامة الثقافية لقرون طويلة...
فالاولى تحاول النهوض مرة اخرى بعد عقود من الاستبداد المتوحش وماتلاه من حربا ارهابية،والمناخ الجديد من الحريات الواسعة هو الذي يجعل البداية صحيحة ولكن يحتاج الى عجلتين للانطلاق وهما الامن والاستثمار وبالتالي فأن الانطلاق بدون هاتين العجلتين يصبح مثل السيارة العاطلة في منحدر خطير وتحاول كبح جماح السقوط منه والمنحدر هو للدلالة على حجم الحريات الذي يرقى الى الفوضى!...ولكن وجود القدرات المالية الكافية هو الذي يجعل عامل الامن الاكثر اهمية في جذب الاستثمار الداخلي والخارجي في تلك الحالة الخاصة...
اما القاهرة فالامر محزن بصورة اكبر كون البلد لم يمر بظروف العراق بينما ينحدر الى مستنقع السقوط الآسن بسبب تراجع الحريات وانتشار الفساد واستفحال الديكتاتورية التي سببت الازمات الاقتصادية المتتالية مما ادى الى خروج القاهرة من اهم منافسة ثقافية في العالم العربي...لقد ادى وجود الرقابة الشديدة على الكتب وضئالة التمويل الحكومي وعوامل اخرى مرتبطة بالنظام الى تراجع مكانة القاهرة في الطباعة والنشر والتوزيع حتى اصبح امرا غريبا في ان تتواجد دور النشر المصرية بحرية في معارض الكتب بطهران بينما تحد الرقابة في مصر من وجود دور النشر الايرانية!وهي دلالة على مستوى تخلف وتحجر عقول الحاكمين وخوفهم من حرية الثقافة في عالم يحرق الحدود بسرعة اكبر من قدرة الحكومات على ضبطها! واستمرارية تلك الحالة سوف يؤدي الى اتساع الفجوة مع المدن الاخرى مما يسبب نكبة ثقافية لايمكن الخروج منها الا بعد مرور فترات طويلة من الزمن والعمل الجاد المخلص...
يبقى الامل موجودا في عودة تلك المدينتين الى ساحة المنافسة وكذلك مدن اخرى لها اهميتها الثقافية العريقة مثل دمشق والدار البيضاء وغيرها،وبالمنافسة الثقافية تبنى الامم وتسترجع مكانتها بدلا من القمع والحروب والفساد....

هوامش نقدية

هوامش نقدية:
في تعليق على موضوع الشك اساس اليقين في احد المنتديات وجدت من يعترض على جزء منه بقوله ان:العلوم الطبيعية هي الاصعب حتى بالمقارنة مع العلوم الدينية والانسانية الاخرى في حالة البحث والاستكشاف؟...اما السؤال الثاني فهو كيف لمؤمن متوكل على الله ان يشك وكيف له ان يرى غير مايرى القرآن؟!...ان المؤمن بالله,المتوكل عليه,لا يقدر ان يشك, ببساطه لانه وصل الى اليقين عن غير طريق العقل فلم يبحث ويفتش ؟...
اقول:بالنسبة للسؤال الاول،العلوم الطبيعية هي في الغالب تجريبية وليست غيبية بمعنى ان للتجربة اهمية قصوى للوصول الى اعلى المراتب اليقينية ولذلك فأن الشك هنا يكون في الاضافات التي تدعى ابتكارات وهي على الاختراعات الموجودة اساسا من خلال اضافة المزيد من المزايا التجريبية المحسنة للوصول الى تقنية ارفع مع الاستخدام الامثل للوسائل المتيسرة،وبالنسبة للاختراعات الجديدة يكون الشك هنا اساس البحث في التأمل في المسائل المراد البحث فيها او التي تلفت الانظار لاول مرة واستخلاص النتائج من المقدمات الموجودة للوصول الى الهدف المراد منه اضافة شيء جديد...وهنا نرى ان الشك هو طريق لغرض الاضافة اليقينية في العلوم الطبيعية وبالتالي ان هذا الشك ليس عليه خطرا الا في حالات نادرة يراد منها الاستخدام السيء للوسائل الطبيعية في تدمير الانسان وما يحيط به،وما عدا ذلك لا نرى ان الشك يؤدي الى ضياع الانسان بمقدار الفائدة المرجوة منه في الوصول الى نتائج باهرة وناجحة لخدمة التطور العلمي الطبيعي...
اما كيف العلوم الدينية والانسانية هي الاصعب بالمقارنة مع العلوم الطبيعية،لكون ان العلوم الانسانية في الغالب غير تجريبية بل هي تستند اساسا على العقل والمنطق بالاضافة الى المرتكزات الاخرى كالعلوم الرياضية وماشابه اثناء طرق البحث...وهنا في هذه العلوم عندما يراد الاضافة بغرض الاكتشاف والابتكار فسوف يكون الشك هو الاساس المؤدي الى ذلك وبما ان الطرق الموصلة الى اليقين هنا متعددة والنتائج الصائبة ايضا متعددة يكون بالتالي هنالك مشاكل كثيرة تنشأ ليس بين الحلول الناجحة فحسب بل حتى مع الحلول الفاشلة التي ترفض الاعتراف بالخطأ! لانه اساسا ليس هنالك منهاج ثابت يقيس الامور الصائبة من غيرها بصورة مطلقة ويتفق الجميع حوله في تلك العلوم التي تخضع للبحث العقلي المجرد في الغالب...وبينما يكون من الملائم العقلي والمنطقي هو اختيار الاكثر قدرة واختصار مع ظهور اعلى درجات النجاح في اليقين في الطرق البحثية في تلك العلوم فأن الشك يبقى قائما في ايهما هو الاكثر صوابية في ظل تعدد الاحتمالات الناجحة وفي ظل تعدد البراهين القائمة على اسس نظريات متعددة قد يكون بينها تعارض محكم يصعب على المتبحرين احيانا التفريق بينها فكيف بالانسان العادي...لنأخذ بعض الامثلة البسيطة...ففي العلوم النفسية يجد العاملين فيه نظريات تجريبية عديدة تخضع احيانا في تطبيقها للمزاج النفسي او للخبرة والتجربة الميدانية المستجدة في التعامل مع الحالات النفسية المعقدة للمريض النفسي الذي قد ينفعه علاج ثم لمريض آخر ولنفس الحالة قد لاينفعه نفس العلاج وبالتالي يكون احتمال استخدام ثاني لعلاج مختلف!...وهذا يكون ايضا في العلوم الاقتصادية للمشاكل التي تعاني منها مختلف البلدان،من قبيل حالات الكساد والركود والبطالة وتدهور الاقتصاد بصورة عامة والمشاكل الناتجة عنه،يكون في تلك الحالة وضع الحلول الجاهزة امرا عسيرا بل من الغباء تطبيق نفس الحلول على بلدين ولو متقاربين في الوضع بينما تفرض الضرورات العقلية والمنطقية الالتزام بالظروف المحلية التي تختلف درجاتها من بلد لاخر وبالتالي ضرورة ادخال بعض التغييرات على الخطط الموضوعة لتلائم الوضع المحلي وحسب الظرف الموجود والامكانيات المتاحة...
اما في العلوم الدينية فالحالة مشابهة هنا وفي كثير من المواد من قبيل تفسير القرآن فأننا نجد ان تفسيره يتغير بمرور الازمان وتصدر بين كل فترة زمنية وأخرى تفاسير جديدة بعضها يعتمد على التفاسير القديمة ويقوم بتطويرها حسب ما استجد من بحوث وتطوير،بينما البعض الاخر يعتمد بصورة شبه مستقلة واكثر استنادا للعلوم العصرية وطرقها التجريبية العقلية الحديثة،بينما في علوم اخرى مثل الفقه فأننا نرى المسائل الفقهية القديمة تستمر ولكن طرق الوصول الى الحكم الشرعي فيها يختلف من عصر لاخر مع ان المسألة هي ثابتة ولكن بأستخدام الوسائل العقلية المختلفة وبمناهج جديدة والتي تخضع للتطور العلمي المتجدد بأستمرار فأن البحث في تلك المسائل بغية حلها من خلال استخدام القواعد الشرعية الجديدة او ببراهين جديدة هو الذي يزيد البحث فيها تعقيدا وتجددا بأستمرار...
اما المسائل المستحدثة فالوضع يختلف بأستمرار من حيث انعدام وجودها في السابق وكذلك في اختلاف الاساليب الشرعية والبراهين العقلية والنقلية للوصول الى حل عاجل لها ايضا يزيد تلك العلوم تقدما وتعقدا كذلك في اختلاف طرق الوصول...وبالتالي فأن تلك الامثلة النموذجية المختصرة تبين لنا حجم الصعوبة ليس فقط في البحث والاستكشاف وانما في التطبيق ايضا حتى لو كانت الحلول ناجحة لانها ليست مطلقة بمعنى ان تمنع المزيد من البحث حول مسألة ما وانما هنالك تناقض ايضا مع حلول اخرى قد تستخدم او لا لنفس الطرق المؤدية لنتائج مختلفة ....
اما حول السؤال الثاني:فأن اول كلمة في اول سورة في القرآن نزلت على النبي محمد(ص)هي أقرأ بمعنى ابحث عن الحقيقة لانه كان امي الابجدية المكتوبة والمقروئة،ولكنه كان عالما لا يجارى بحقائق الكون والانسان وبقدرة غيبية دالة وهذا معروف عنه في مواضع كثيرة وتلك واحدة من المعجزات،وبالتالي فأن الشك المؤدي الى البحث الذي يوصل الى اليقين هو الذي يدعو اليه القرآن وفي مواضع كثيرة وهذا الحث ايضا انتقل الى الاحاديث النبوية الشريفة الموثقة من قبيل اطلبوا العلم من المهد الى اللحد او اطلبوا العلم ولو في الصين او الحكمة ضالة المؤمن اطلبوها ولو من رأس النفاق...هذا يوصلنا الى نتيجة هامة هو ان الحث الدائم على البحث هو لغرض الوصول الى الحق بأستخدام الوسائل العقلية والنقلية وليس لغرض تشكيك الانسان في نفسه وفي خالقه،وفي النهاية العلم لايتعارض مع الايمان بل يكمله ولكن بقدرات عقلية وتجريبية متجددة ومتطورة باستمرار...
اذا هو وسيلة للوصول الى الحق المطلق وهذا يكون اعلى الدرجات العلمية الايمانية التي تكون اعظم من طريقة الايمان الوراثي الذي يسود نسبة كبيرة من عامة الناس دون الالتزام بروحية الدين ونواهيه بطريقة عقلانية تحافظ على سمو المبادئ والتعاليم الدينية بينما نجد في المقابل الكثير من المتزمتين اللذين يتعاملون مع التعاليم والنصوص الدينية بطريقة فجة او عشوائية مما يسبب تشوها غريبا للتعاليم الدينية في نظر الاخرين او يشوه صورة المتدينين انفسهم!..
اما قول ان المؤمن بالله والمتوكل عليه لايصل لليقين بالبحث لانه وصل عن غير طريق العقل... فهذا مردود لان هذا هو الايمان الوراثي الذي تحدثنا عنه وهو يكون مذموما من قبل الكثيرين لانه سوف يجعله هدفا سهلا لكل من يخالف الدين او الايمان سواء من الملحدين او من الاديان الاخرى،ولذلك يكون الايمان المستند على البحث الذاتي الذي لايكون بغير العدة العلمية (في العلوم الطبيعية تكون الاجهزة والمعدات مع المعرفة)التي تساعده في السير في مجاهل الطرق الموحشة التي تضعه بين خيارات عديدة من الاديان والمذاهب والافكار والاراء وبالتالي يكون للمعرفة دورا هاما مع التسديد الالهي الناشيء من التوكل على الله تعالى الذي يساعد الانسان لبلوغه اهدافه السامية...وكمزيد من الامثلة لم يجد بعض الائمة او الفقهاء بئسا في التحاور العلمي المهذب مع الكثير من الذين يثيرون تلك النقاشات التي تتخذ احيانا طابع فلسفي وقد برز الامام علي(ع) في ذلك كثيرا ثم الامام جعفر الصادق(ع) الذي كان يحاور حتى الزنادقة وبالتأكيد اذا كانت الحجة قوية والاخر يقبلها فأن الهداية تكون نهايته وبايمان صادق قوي... البحث هنا بعد الايمان الفطري له اهمية عالية ليس فقط في ان يرفع الانسان من مستواه العلمي والمعرفي بل ويعمق ايمانه ويجعل لحياته معنى وهدف عظيم بينما الايمان عن جهل يسبب له كوارث في عالم يتصارع فيه البشر على ابسط مقومات العيش والبقاء...الايمان اليقيني المطلق هو اسمى ايمان واكثره قوة ورفعة وسؤدد وهو هدف كل من يسعى الى البحث عن الحق المطلق وليس غيره...........

معلوماتنا بين الخطأ والصواب

معلوماتنا بين الخطأ والصواب:
تنشتر في عقولنا الكثير من المعلومات الخاطئة التي لا يتبين لنا مدى صحتها بسبب عدم البحث في اصولها...استلمت ايميل مفيد فيه معلومات بسيطة ولكنها قيمة تبين لنا حجم الخطأ في معلوماتنا البسيطة فكيف بالمعقدة!!... / سم العقرب قاتل :1خطأ، يعتقد الكثير منا أن لدغة العقرب قاتلة والحقيقة أن أشد العقارب سمية لاتقتل الإنسان العادي ولكن قد تتسبب بموت الطفل الرضيع أو كبير السن ومريض القلب إذا لم يتم العلاج.
فعند لدغة العقرب لاقدر الله إعرف بانها لاتسبب الوفاة وبالتالي لاتخف وحافظ على هدوئك واذهب لأقرب مستشفى. معظم وفيات لدغات العقارب تحدث بسبب السكتة القلبية من الخوف!!! 2/ بعد وجبة دسمة لابد من الحركة لهضم الطعام :خطأ ، لأن الحركة سوف تقلل الدم الواصل لجهاز الهضم وبالتالي تتباطأ عملية الهضم .الأسد مثلا بعد تناول وجبته الدسمه يرتاح تحت ظل الشجرة وتصرفه هذا غريزي يعني هو الصح .3/ الأسد يعيش في الغابة:وللأسف حتى في المدارس يكرر هذا الكلام .الأسد يعيش في مناطق الحشائش والسهول ولا يسكن الغابات الاستوائية أبدا . 4/ القطط تحب أكل الفئران:غير صحيح فالقط لا يأكل الفأر إلا مضطرا ولكنه يلاحقه من باب التسلية واللعب، يعني تضييع وقت...5/ كهرباء 220 فولت أكثر تكلفة من 110 فولت :
لايوجد فرق من ناحية الاستهلاك ولكن الفرق في شدة التيار المار بالسلك والتي تتسبب في سخونة واحتراق الأسلاك وهي تتناسب عكسيا مع فرق الجهد،
يعني: لو فيه دفايه 2000 وات تعمل على 110 فولت سوف يمر بالسلك 18 أمبير أما لوكانت تعمل على 220 فلن يمر بالسلك الا 9 أمبير فقط .
بمعنى ان الأجهزة التى تعمل على 220 أكثر أمانا من التى تعمل على 110 فولت .6/ القلب يقع في الجهة اليسرى :
قلب الانسان بين الرئتين تماما ولكنه يميل قليلا جهة اليسار .7/ الأعشاب الطبيعية لاتضر :
كثيرا ما نسمع هذه الكلمة وأحيانا من بعض الصيادلة للأسف . يقولون ان هذا الدواء مركب من اعشاب طبيعية اذا لم ينفعك ماراح يضرك ، ويفوت عليه ان بعض الأعشاب سام وبعضها يسبب حساسية لأناس معينين ..
تذكّر ان الأعشاب تحتوى على مركبات كيميائية مثلها مثل بقية الأدوية ولكنها لم تحضّر بالمصنع بل هي طبيعية . 8/ فأرة الليزر :
الكثيرين يعتقدون أن فأرة الكمبيوتر الضوئية تعمل بالليزر وهذا خطأ لأنها تعمل بالضوء العادي .
9/ ليس للحشرات دم :
الحشرات مثلها مثل غيرها من افراد مملكة الحيوان لها دم ولكن يختلف لونه ولزوجته عن دم باقي الحيوانات . 10/ الصابون يعقم ويطهر :غلط،، الصابون العادي ينظف نعم ولكنه لايعقم ، أي لايقتل الجراثيم .وتوجد الآن أنواع معينه من الصابون مزودة بمواد معقمة مثل ديتول ولايف بوي .11/ الإكثار من السكريات يسبب مرض السكري :غلط وغير صحيح أبداً، لأن مرض السكري سببه تلف خلايا بيتا في البنكرياس أو عدم فعالية الأنسولين المفرز داخل الجسم .وهذه تحدث لأسباب متعددة ليس من بينها أكل الحلويات.
12/ الثور يهتاج عند رؤية اللون الأحمر : الثور مثل بقية الثدييات يرى الأحمر رمادي ولا يميز إلا عدد قليل جدا من الألوان و لكنه يهتاج لحركة المصارع الأستفزازية . 13/ الفاكهه بعد الطعام مفيدة :تناول الفاكهة في نهاية الوجبة تدمر إنزيم بتيالين وهو إنزيم أساسي لإتمام عملية هضم النشويات‏ .قال تعالى:{ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ* وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } سورة الواقعة (20-21) .بدأت الآية الكريمة بالفاكهة ثم بالطعام وهذا إعجاز قرآني . لذلك يجب مراعاة أصول التغذية السليمة في تناولها ‏كما يقول أحد مستشاري التغذية والصحة العامة والمناعة .
لأن تناول الفاكهة في نهاية الوجبة أشبه بتناول جرعة من السم!!
لأنها تدمر إنزيم بتيالين وهو إنزيم أساسي لإتمام عملية هضم النشويات‏ ،أن الفاكهة تحتاج إلى مرور بطئ إلي المعدة حتي تهضم بطريقة طبيعية ‏، ولكنها عندما تلتقي باللحوم تتخمر في المعدة وقد تتحول إلي كحول يعوق عملية الهضم‏ . وفي الوقت نفسه‏ ‏ تفقد الفاكهة كل ما تحتويه من فيتامينات وتضطرب عملية التمثيل الغذائي للبروتين‏ .
بالإضافة إلي أن التحلل غير العادي للبروتينات ينتج عنه إنتفاخ في المعدة‏.‏وينصح مستشاري التغذية والصحة العامة والمناعة بتناول الفاكهة بعد نحو ثلاث ساعات من تناول وجبة الغذاء أو ساعة قبل تناول العشاء‏,‏ أو تناول وجبة كاملة من الفاكهة‏ فقط .




2009/08/03

لوحة


هبة كتب

هبة كتب:
اليوم كنت مسرورا بحصولي على كتب تؤلف بمجموعها مكتبة كبيرة تركها صديق لي بعد ان اراد توزيعها محتفظا لنفسه بقسم قليل لاشغال النفس بها! ولم يجد الوقت الكافي للقراءة بسبب العمل المهلك او السفر او لاسباب اخرى اجهلها،ولكن اراد التبرع بها لاخرين او حتى لوقف ولكن عندما عرف متأخرا انني من عشاق الكتب واقتنائها الى درجة عالية،تبرع بها لي وكم كانت فرحتي عظيمة بنقل قسما منها في مرحلة اولى ولكن منظر الكتب وهي مهملة بسبب تنقله من بيت لاخر وتعرض بعضا منها للمطر قد سائني كثيرا ولكن عموما هي ثروة معرفية لاتقدر بثمن مادي وان كان لبعض الكتب منها قيمة مادية عالية...
اغلبية الكتب تخص العلوم الدينية بمختلف اتجاهاتها المعرفية كما ان بعضا منها تاريخي او فكري بحت...واحتاج الى وقت طويل لتنظيفها وترتيبها وتبويبها ثم استخراج المكرر منها ومنحه لمن يستحقه وفق مبدأ حب القراءة واحترام الكتاب الذي يكاد ان يكون نادرا هذه الايام رغم سهولة منجزات الحضارة في تسهيل القراءة والتعلم!...
مشكلة الحصول على كتاب باللغة العربية في الدول الغربية امرا صعبا بسبب التكلفة الباهضة التي تعود الى النقل وضيق السوق وبعد المسافة بالاضافة الى اختلاف طبيعة الحياة والعمل بين العالمين العربي والغربي...ولكنني اتأمل بوجود وقت لقراءة القسم الاكبر منهن كاملا والذي يعتمد على عامل الوقت ايضا...
حب الكتب والقراءة يكون منذ الصغر واذا لم يكن هنالك استعداد ذاتي مع محيط مساعد فأن ذلك الحب الواجب على الجميع يتحول الى كره حتى ولو لم نصرح به،ولذلك تنمو صفات حب اقتناء الكتب وقرائتها مبكرا لدى كل شخص،وليس المهم قراءة اكبر عدد من الكتب بقدر ما هو استيعاب ذلك الكم الهائل من المعلومات الواردة فيها بأفضل استيعاب واتقان لها،حتى يمكن مستقبلا التمييز بين الحقيقي والزائف والغث من السمين....
ان الحصول على ملكة القراءة المقتدرة بأتقان تام ليس امرا هينا ولكنه مستطاع السبيل اذا كانت قوة الارادة الممتزجة مع الرغبة الذاتية قادرة على سحق كل المعوقات التي تمنع من الوصول الى حدائق الاتقان العقلية ....
قد يكون صحيحا القول من قرأ عشرة كتب يستطيع كتابة مقال ومن يقرأ مئة كتاب يستطيع ان يؤلف كتابا!...ولكن الحقيقة الاكثر سطوعا هي انه كلما كانت القراءة اكثر كانت جودة الكتابة اكبر سواء اكانت مقالة مكتوبة او كتابا مؤلفا...وكم من كاتب يعترف من خلال هفوات قلمه وحتى لسانه بعدم قرائته لفترات طويلة!! ولا ادري كيف يكون ذلك وهو يعلم ان القراءة كالوقود للعقل المنتج افكارا والتي من بينها صناعة الكتابة!...لقد قرأت ذلك التصريح عدة مرات من خلال تلك الهفوات بل وهنالك سياسيين قادة اعترفوا بأبتعادهم عن القراءة لفترات تزيد عن ربع قرن! او اكثر ولا ادري كيف يقود هؤلاء امما بأكملها!ولكننا نعلم من مقدار اخطائهم حجم الجهل المركب في عقولهم والذي ينتج افعالا غير عقلانية ناهيك عن سلوكياتهم الغير سوية والتي تغطى بابتسامة ماكرة وبلبس انيق وبعبارات محفوظة!!...
عموما في القراءة المتنوعة نستكشف عوالم مجهولة وتنير لنا دروب المجهول التي لايقوى على السير بمفرده ان لم يكن يحمل مصباح المعرفة في يده....

2009/08/02

روائع سينمائية:فلم قصة حب


ملصق شهير للفلم عام 1970




بطلا الفيلم والمخرج في احتفال الاوسكار عام 2002

روائع سينمائية: فلم قصة حب
في آب (اغسطس) 2008 ...عرضت وبشيء من الاختصار،الفلم العالمي الشهير...To sir, with love وحسب الترجمة العربية للفلم ...الى استاذي العزيز مع التحية ....ولم اعرض بعدها ماتيسر في الذاكرة من افلام تعتبر من قمم السينما العالمية والتي تبحث دائما في كل ما يخص الحياة والانسان...
وكانت النية ان ابدأ في الفلم الشهير الثاني ...Love story ...او قصة حب،ولكن رأيت كتابة مقدمة عامة للسينما وآثارها العالمية ولكن سرعان ما اصبحت موضوع منفصل بحد ذاته...
فلم قصة حب:
هذا الفلم بالاساس هو رواية عالمية للمؤلف الامريكي اريك سيغال(1937-)وهي بنفس الاسم وقد طبعت في عام 1970،ولكن سرعان ما جذبت القراء في العالم الذي كان يمر بأزمات صعبة على كافة الاصعدة جعل التوق للرجوع الى الرومانسيات الحالمة امرا ملحا بحد ذاته! فكلما اوغلت الانسانية في التوحش جعل مبدأ الرجوع الى الفطرة الانسانية وصفاتها السامية وخاصة الحب النقي هدفا يسعاه الجميع،وقد طبعت الرواية واصبحت الاولى في حجم المبيعات في حينه وقد ترجمت الى 33 لغة،وهي رواية عميقة التأثير خاصة لمن شاهد الفلم الذي اجاد التعبير عنها بأروع صورة حتى تفوق بشكل واضح نظرا لانسيابية السينما بسهولة اكبر من الادب المطبوع الذي يقل حجم جمهوره في المجتمعات الانسانية،ولكن عموما تفوقت الرواية على مثيلاتها في حينه وتمتاز ببساطة في التعبير ودقة في تصوير الاحاسيس الانسانية وقيمتها العليا المتمثلة بالحب المخلص والنقي بين الجنسين...
سرعان من تلقفت هوليوود للرواية وترجمتها بفلمها الشهير الذي يحمل نفس الاسم والذي ظهر اواخر عام 1970 الذي نجح نجاحا باهر جعل ايرادته تصل في اول عام له الى 50 مليون دولار وهو مبلغ ضخم في حينه كما حصل على جوائز عديدة ومنها الاوسكار...ومازال الفلم يعرض على القنوات التلفزيونية لحد الان ويجذب الكثير من المشاهدين اليه،كما اقتبست قصة الفلم من قبل السينما المحلية المتعددة اللغات ومن ضمنها العربية التي اخرجتها السينما المصرية عام 1980 وبشيء من التحوير البسيط ولكن مع نفس الموسيقى التصويرية وسيناريو الفلم!ومع ذلك نجح الفلم ايضا الذي مثله نور الشريف مع زوجته!...
امتاز الفلم بالروعة في التمثيل من جانب الممثل رايان اونيل(1941-)والممثلة آلي ماكغرو(1938-)اللذان ابدعا الى حد الاندماج الكامل في القصة،ولم يصل اي ثنائي الى مقدرتهما العالية في تمثيل ذلك الدور بأروع صورة لاحقا،بل اصبح تمثيلهما في الفلم هو قمة عملهما في السينما بحيث عجزا عن الوصول الى قوة التأثير والنجاح في افلامهما الاخرى مما جعل نجاحهما مقتصرا على ذلك الفلم الذي اصبح تقريبا اقوى فلم رومانسي في تاريخ السينما العالمية ومازال ترتيبه ضمن اوائل الافلام الاكثر تأثيرا في السينما...
لقد اجاد الفلم في التعبير عن الاحاسيس والمشاعر الانسانية الخالية من ملوثات الحضارة والجشع والحقد البشري،وكان اقوى تأثيره على المراهقين بحيث ابكى الكثير من المشاهدين او جعلهم يتأثرون بشدة نظرا لنهايته المحزنة في موت البطلة في مرض خبيث في بداية زواجهما الذي عانى كثيرا من المعوقات نظرا لرفض عائلة البطل الثري الموافقة على زواجه من البنت الكاثوليكية الفقيرة،ولكن اصراره تحول طاقة حب كبيرة ترجمت بينهما الى عشق ثري خال من الماديات ومعوقاتها وآثارها السلبية وبقي حبهما الى النهاية رمزا مثاليا لبقاء العلاقات الرومانسية بين البشر وسموها على كل من يعوق تحكمها بالسلوك البشري...
قصة الفلم في الحقيقة هي تصوير حي لقصص واقعية في الحياة الانسانية وان اختلفت الامكنة والازمنة...
من اروع المشاهد في الفلم كانت الموسيقى التصويرية البارعة والتي اجادها الموسيقار الفرنسي الشهير فرنسيس ليا(1932-) والتي اصبحت علامة فارقة ليست للفلم فحسب بل لكل المقاطع الرومانسية في الافلام والمسلسلات التلفزيونية اللاحقة،وهي من العذوبة التي تجعل الاندماج معها امرا يسيرا !...كما اشتهرت معها الاغنية الشهيرة Where Do I Begin?) Love Story) التي غناها المغني الشهير آندي وليامز.
كتب المؤلف اريك سيغال الجزء الثاني من القصة كتكملة لحياة بطلها بعد وفاة حبيبته،وسماها قصة اوليفر التي طبعت عام 1977 واخرجتها هوليوود عام 1978 بنفس الاسم،ولكن الفلم والرواية لم يحصلا على النجاح الذي حققه الفلم الاول!وقد لاحظت الفارق الكبير بين الفيلمين والروايتين معا وهي صفة عامة سواء في السينما او في الادب في كون نجاح الجزء الاول هو الاقوى ومايليه يستمد قوته منه !...
يمكن الحصول على المزيد من المعلومات حول الفلم وكل من ساهم فيه،والرواية ومؤلفها من خلال شبكة الانترنت ومنها موقع وكيبيديا والموقع العالمي IMDB
وكذلك موقع يوتيوب لرؤية بعض مقاطعه او مشاهدته موسيقاه الشهيرة وكل ذلك من خلال وضع الكلمات في البحث...كذلك يوجد الفلم كاملا في بعض مواقع التورينت لمن يحب تنزيله!...
اضافات من الفلم:
كلمات اغنية فيلم love story
Where do I begin?To tell the story of how great a love can be
The sweet love story that is older than the seaThe simple truth about the love he brings to meWhere do I start?*Like a summer rainThat cools the pavement with a patent leather shineHe came into my life and made the living fineAnd gave a meaning to this empty world of mineHe fills my heart*He fills my heartwith very special thingsWith angels' songs,with wild imaginingsHe fills my soulwith so much loveThat anywhere I go,I'm never lonelyWith him along,who could be lonelyI reach for his hand,it's always there*How long does it last?Can love be measured by the hours in a day?I have no answers now, but this much I can sayI'm going to need him till the stars all burn awayAnd he'll be there*He fills my heartwith very special thingsWith angels' songs,with wild imaginingsHe fills my soul with so much loveThat anywhere I go,I'm never lonelyWith him along,who could be lonelyI reach for his hand,it's always there*How long does it last?Can love be measured by the hours in a day?I have no answers now, but this much I can sayI'm going to need him till the stars all burn awayand he'll be there

http://www.youtube.com/watch?v=O_Fkl http://www.youtube.com/watch?v=O-QbDnsmsx0OwMyoE