إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/01/30

على هامش الثورة المصرية


على هامش الثورة المصرية:
لا تختلف الاجراءات الاضطرارية التي تتخذها الحكومات عادة عند مجابهة اي ثورة شعبية!وكأن ذلك هو جزءا ثابتا من القوانين الغير مدونة لسيرة الثورات التي تحصل فيها الاحداث بصورة فوضوية او عفوية تنتج من انفجار شعبي غير متوقع جراء الضغط الشديد المتراكم عبر فترات زمنية طويلة...
نظام الطاغية حسني مبارك عندما يعلن اقالة حكومته وتعيين اخرى،هو لم يخرج عن اجراءات زملائه الطواغيت السابقون! فشاه ايران السابق فعلها لعدة مرات وطاغية تونس بن علي ايضا قام بها وغيرهم كثيرون،وهم بعملهم هذا يثيرون الانتباه الى غبائهم ولتوقعهم ان الجموع الثائرة هي غبية حتى تصدق ما يقومون به!فهذا العمل يعتبر من اصناف التغيير الفوقي الذي يكون سطحيا وغير مؤثرا وهو مشابه لحالة الاضطرابات في الاردن فهي ليست ثورة لانها لا تمس النظام الحاكم وكأنه مقدس ومعصوم وصاحب قدرة آلهية! بينما توجه غضبها نحو عملاء النظام الصغار الذين مهما فعلوا فأنهم لا يخرجون عن وصاية النظام وتعاليمه،وسوف يأتي في النهاية غيرهم لتكملة المنهاج المرسوم سلفا!...فالطاغية أيا كان دائما يضحي بمرؤوسيه في اوقات المحن ويحملهم نتيجة اعماله وسياساته الخاطئة وكأنه حملا وديعا لا يعلم ما يقومون به!...وعليه فأن الاجراء الاخير سوف لن يمر حتى على اغبى الاغبياء لان رجالات النظام دائما هم عبيد فاقدي القيمة الادبية والاخلاقية والانسانية سواء من طرف الاعلى منهم في السلطة او من الجماهير الثائرة! وبالتالي هم تحت مطرقة الطرفين،وبذلك يكون حسني مبارك قد قام بأجراء فاشل عادة ما يقوم به من يكون في وضعه!...
مهزلة الاصلاحات!:
الاصلاحات التي يتبجح بها الطاغية الوضيع حسني مبارك،هي مهزلة المهازل بالفعل... فخلال ثلاثة عقود من الزمن لم تكن هنالك اية اصلاحات ولو شكلية ولم يكن هنالك اي تطور وعلى كافة الاصعدة،بل العكس هو الصحيح!...واصلاحاته الاخيرة ظهرت للجميع عندما قام نظامه بتزوير فاضح لانتخابات مجلس الشعب في نوفمبر 2010 التي رفض حتى مراقبة السلطة القضائية او منظمات المجتمع المدني المحلية بعد رفضه مراقبة المجتمع الدولي بحجج واهية !...وعليه فأن هذه الاكذوبة الجديدة لن تمر مرور الكرام دون ان تجد الرفض المطلق من جانب القوى الثائرة التي تعرف ان المجرمين كلما اوغلوا في دماء ضحاياهم او تورطوا في اذلالهم وتعذيبهم ازدادوا غيا وأنه من الصعب عليهم ان يرجعوا الى رشدهم،فهم قد جبلوا على ذلك!.
ومهزلة الاصلاحات يمكن رؤيتها في حالة قطع الانترنت والتشويش على القنوات الفضائية ومنع كافة الاتصالات بطريقة تذكرنا ما قام به نظام صدام او نظام كوريا الشمالية من حرمان مواطنيهم حتى من الفاكس بحجة الامن،وهي في الحقيقة لاجل مراقبة اي تحرك معادي لها!...ان تلك الاجراءات لن تزيد الشعب الا قوة واصرار على ازالة هذا الكابوس الجاثم على صدر مصر منذ عام 1952!.
الفوضى الطبيعية!:
دائما تلازم الثورات الشعبية حالة متوقعة من الانفلات الامني التي تؤدي الى تفجير الغضب الشعبي تجاه رموز النظام واماكنه العامة والخاصة، ومصر لا تختلف عن غيرها في ذلك...فضرب مراكز السلطة الغاشمة هو دليل على وعي بمدى الارهاب والاذلال الذي قامت به تلك المراكز الوحشية ضد ابناء الشعب،وعليه فأن مراكز الاجهزة الامنية والحكومية ومقرات الحزب الحاكم هي اهداف طبيعية مشروعة لاغبار عليها للثائرين،لانه اذا توقفت الثورة لا سمح الله فأن تلك المراكز والمقرات سوف تقوم بواجباتها الاجرامية كما قامت من قبل اجهزة نظام المقبور صدام عام 1991 في ابادة مئات الالاف!...نعم قد يستغل اصحاب السوابق الجنائية تلك الاحداث والفوضى لسرقة او قتل ما يرغبون به! ولكن لا يمكن نسيان ان ازلام النظام يقومون بذلك العمل المشين كجزء من سياسة الدولة في تشويه الثورة في عيون المترددين من المشاركة فيها! وايضا في القتل والسرقة فهم في النهاية مجرمون ولكن يعملون بستار قانوني زائف!وهم يضربون بذلك عصفورين بحجر واحد!.
لكن تبقى الممتلكات العامة التي لا تتعلق بالنظام بل هي ملك للشعب من قبيل مراكز الخدمات والمدارس والمتاحف وغيرها، فالواجب على الجميع ان يحافظوا عليها وبخاصة من انتقام ازلام النظام!.
الرعب المشترك!:
لا يمكن الوقوف الا عند محنة الادارة الامريكية وحلفائها من هذه الثورة الشعبية المباركة...فهي من ناحية تدعم النظام الاستبدادي العميل لها كونه يتوافق مع مصالحها وهي تعلم درجة فساده وارهابه التي تخالف ابسط مبادئ حقوق الانسان التي يتشدقون بها! لكونه مواليا لها ويعمل لصالحها كأي مرتزق رخيص!...ومن ناحية اخرى فهم يتوقعون ان نهاية النظام المصري الاستبدادي هي كالنهاية الحتمية لبقية الانظمة وعلى مدار التاريخ،وبالتالي عليهم فعل المستحيل حتى لا تنقطع الاواصر مع بقية فئات الشعب الاخرى وكي لا تمهد الاحداث لولادة نظام معاد قد يكون من اولوياته هي فتح الحصار الاجرامي الجائر على قطاع غزة!...ولذلك نرى مقدار الورطة الامريكية التي كانوا يحاولون تجنبها من خلال حث نظام حسني على قبول الاصلاحيات الحقيقية بدلا من البقاء على حالة الاستهانة بقدرات ومشاعر واحاسيس ذلك الشعب المقهور!...ومن هنا فأن الواجب عدم التطرف بصورة ارتجالية في معاداة الخارج حتى لا تكون هنالك ادنى حجج لهم في معاداة ومحاربة الثورة المصرية ونظامها الديمقراطي الحر الجديد.
التاثير المتوقع من نجاح الثورة المصرية سوف يكون مرعبا لاعداء الديمقراطية والحرية،وسوف يكون انتشارها مذهلا بسبب الموقع الجغرافي الفريد وكذلك التاثير المتبادل من مبادئ الثورة وروحها المتوهجة...وعليه فأن آثار تأثير الثورة المصرية سوف تتجاوز الحالة الاقليمية الى اكبر من ذلك،ومن يدري فقد تصنف ضمن الثورات الكبرى في التاريخ المعاصر والتي لها تاثيرات زمنية طويلة على الاحداث العالمية والشعوب الاخرى،اي انها ممكن ان تصبح الثورة الخامسة ذات الصبغة العالمية!...فهنيئا للشعب المصري على ثورته التي سحقت ليس فقط النظام الارهابي المرتزق بل وايضا وعاظ السلاطين ومثقفي السلطة واشباه المثقفين وادعياء الثقافة الذين لفهم الخزي والعار سواء من جراء وقوفهم المخزي مع النظام او الوقوف على الحياد تجاه تلك الثورة التي لا يمكن الاستهانة بمبدأ الوقوف مع الحق اينما كان!.
المشاركة في الثورة المصرية هي فخر واعتزاز للجميع وهي بمثابة مطهر للنفوس من المواقف المخزية السابقة!. 

2011/01/28

سباق الثورات!


سباق الثورات!:
بعد فترة ركود وسبات دامت عقودا طويلة من الزمن...انطلق مارد الثورات الحقيقية من جديد،وسوف لن يعود المارد الى قمقمه الا بعد ان يحقق اهداف اصحابه الذين اخرجوه في الحرية الخالصة والعدالة السامية!.
سباق الثورات الان بدأ من جديد بعد انتصار الثورة الاولى :الثورة التونسية،
وبالرغم من كون الثورة في الجزائر هي الثانية في البدء الا انها لم تستمر بنفس الزخم الذي بدأت به!...ونتيجة السباق سوف تكون للفائز بأنتصار الثورة وليس في انطلاقتها!...التحركات الشعبية الاخيرة في اليمن والاردن والسودان والمغرب وغيرها هي كانت مثال على انتقال زخم الانتصار الثوري الى تلك البلدان!.
السباق بدأ الان!...من يريد ان يكون بلده الثاني في قائمة المتحررين، او ان يكون منارته للحرية اعلى من بقية المنارات...فبناء الثورات وديمومتها لا يتوقف بزمن معين!...والفضل ليس فقط في ان تنتصر الثورات بل وان تحقق كل الامنيات.
عصبة الثوار هي اقوى من عصبة الطغاة!...بل انقى واجمل!.
الثورة المصرية:
ثورة مصر الحقيقية بدأت!...انها تونس الاخرى، وبدموع الفرح الممزوجة بالالم انطلقت ترعاها العناية الالهية والسواعد البشرية المخلصة لتحقق الحتمية التاريخية في سيادة الحق والعدل والحرية!.
الواجب على الجميع مساندتها بكل وسيلة ممكنة حتى تقف على قدميها لان اعدائها كثيرون ويتحينون الفرص لاخمادها!.
انطلقت الثورة المصرية في يوم 25 كانون ثاني(يناير)2011 بعد طول انتظار وترقب، وسوف لن تتوقف الا بأقتلاع جذور الاستبداد العسكري وفساده وتحرير الوطن من الاستعباد والملل واللامبالاة!.
البداية كانت ممتازة من حيث مشاركة مئات الالوف في عدة مدن...تلك هي البداية لكسر حاجز الخوف والرعب من سطوة الارهاب والقمع والتضليل الذي ساد منذ انقلاب 1952!...والبداية غالبا ما تكون ضعيفة! لان كسر الحواجز والقيود وبخاصة النفسية ليس بالامر الهين حتى يمكن تجاهله!.
والامل في ان يتطور التحرك الشعبي الى تحشيد الملايين،خاصة وان  المهمشين مازالوا مترددين في المشاركة بالرغم من انه ليس هنالك شيء يخافون عليه من الفقدان!...فالاجساد المنهكة والارواح المتعبة التي تعيش بين احياء المقابر والصفيح اوعلى هامش الحياة تقدر اعدادهم بعشرات الملايين!...وتلك ليست حياة حتى يمكن الدفاع عنها او الركون اليها،بل هي عبودية متلازمة مع الفقر والجهل!...وهل هنالك استعباد اشد واقسى من ان يكون الفقر والجهل والتخلف من علاماته الفارقة والدالة عليه!...انها اعلى مراحل العبودية واكثرها ذلا!.
قد يكون الامر مفهوما بعض الشيء اذا كان مع العبودية شيئا من الثراء او ان يكون متوسط الحال،فالانتهازية تستلزم ذلك!... اما بغير ذلك فعلام الركون الى موقف المتفرجين وهم ينظرون بعين العطف لمن يحاول ان يكسر القيود عنهم دون ان يحاولوا حتى مساعدته!.
ان تركيز الجهود على ابقاء المظاهرات مستمرة ليس بالامر الصحيح اذا لم تكن هنالك جهودا اخرى من جانب الثائرين لاشراك ملايين المهمشين الخائفين،فهم وقود الثورات ومعولها الاقوى في تحطيم القيود،وتحريك هؤلاء سوف يؤدي الى امداد الثوار وتظاهراتهم بمعين لا ينتهي!.
اذا كانت المحاولات مستمرة من جانب النظام في الغاء كل مظاهر الاتصال بالشبكات الاجتماعية وبقية مواقع الانترنت الاخرى التي تجمع بين الثوار ومؤيديهم،فالواجب اذا ان تكون الحرب الالكترونية معكوسة عليهم وذلك من خلال مهاجمة وتحطيم كافة المواقع الالكترونية الحكومية التي تكون على تماس مباشر بالثورة وبقدرة النظام الارهابية،مثل مواقع الاجهزة القمعية والحزبية والصحف الرسمية وبقية الدوائر ذات الصلة!...فأشغال النظام بتصليح مواقعه او تحجيمها سوف يؤدي الى تحطيم قدرته على متابعة وتخريب كل ما يوصل بين الثائرين!.
التصدي لاعوان النظام والبقاء في المقدمة هو اعظم وسيلة للتضحية لمن يرغب بها!...فحرق الاجساد انتهى وقته بعد اول عملية لتظهر اساليب وطرق اخرى تكون اكثر وقعا على الظالمين واعوانهم الذين يحاولون بشتى الطرق تحطيم الثورة ولو من جانب التشكيك او زرع الخلافات بين الثائرين.
ثورة المواقع الاجتماعية والانترنت...ثورة الموبايل والاتصالات
ثورة ويكيليكس...ثورة حرق الاجساد!...ثورة المهمشين بلا رأس!.
انها كلها تصنيفات صحيحة للوسائل الثورية الحديثة...فالحياة في تجدد مستمر.
ليس المهم التقليد في الوسائل...ولكن المهم التقليد في الغايات!.
انها الفرصة الكبرى لتحرير مصر!وحان وقت دفع زكاة العلم والعمل...
لا تنسوا مراقبة مثقفي السلطة وكل من يسير في ركبها وكل الانظمة الداعمة لها،فقد حان وقت المحاسبة وسوف يكون ذلك شديدا عليهم!...وراقبوا المتسلقين على اجساد الضحايا!.
ابعاد العسكر عن اجهزة الدولة الى ثكناتهم، يجب ان يكون القرار الاول بعد ازاحة رؤوس النظام المتعفنة!.
ازالة هياكل النظام الرسمية والحزبية ومحاسبة اعوان النظام ومؤيديه يجب ان تكون في قمة الاولويات لبناء نظام حر يقوم على احترام حقوق الانسان.
المهمة القادمة صعبة...ولكن ليس هنالك اصعب من الانتظار!.
لا تبكوا على الشهداء....بل اتبعوهم الى قلب المعركة!.


2011/01/25

من لا يحضره البرهان!


من لا يحضره البرهان!
لا يحتاج الانسان الواعي لمعرفة ذاته ومحيطه وسنن وقوانين الكون والحياة وكل ما يتعلق بهما، سوى الى قليل من المعرفة المستقلة التي لا تخضع لتلقين وراثي تصادر العقل والمنطق والارادة الحرة النابعة منهما.
ما عدا ذلك فأنه يحتاج فقط لاضافة المزيد من المعارف التراكمية لكي يكون حجم الوعي بأعلى درجاته اليقينية التي تبعده عن نسبية الشك والاحتمال والوقوع في المطبات الفكرية والسلوكية.
اما الانسان الاخر!...سواء المستضعف الطيب،او الجاهل المتخلف او المضلل بتراث طويل من الاكاذيب والانحرافات،او المنغمس بملذات الحياة ورذائلها!...فأنهم يحتاجون الى براهين حسية ونقلية كي تخرجهم من تلك الدوائر الظلامية الى نور الحقائق الثابتة التي لا تقبل المجادلة حولها بل وحتى النسبية منها،ولكن من يقبل؟!.
تنافس لاجل الحقيقة او الشهرة!:
ما قامت به قناة الجزيرة القطرية من نشر الوثائق السرية لمفاوضات سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية مع اسرائيل،لا  يدخل الا ضمن هاتين الخانتين!... فموقع  ويكيليكس سحب بساط الشهرة من كل المؤسسات الاعلامية او الحكومية سواء اكان لنشر الحقائق وهي تعرف من خلال عدم الاستغلال المادي لها والتعرض للمتاعب او الهلاك،او من خلال الرغبة في الشهرة اذا كان من ورائها مادة وأمان،ومن خلال وجود هذه الصفات والدلائل يمكن بسهولة ويسر معرفة الدوافع ولو بدقة عالية!.
ان مضمون ما نشرته الجزيرة هو لا يمثل الا نقطه من بحر ويكيليكس! وهو محاولة لاتباع سلوكه! والمضمون هو برهان لمن لا يحضره الوعي فاذا رغب الانسان في الخروج من العدم الزمني الى النور الواقعي ومعرفة الحقائق والوقائع المطلقة والنسبية، فأنه يكون امامه البراهين التعريفية ، فأذا رفضها بدون سبب وجيه فلا يمكن الا لومه وبشدة لجهله وتخلفه!.
الوثائق المنشورة ليست جديدة الا بتفاصيلها حول انحراف سلوك افراد سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني!...فمنذ حرب 1967 واغلب القيادات الفلسطينية استغلت مواقعها وانشغلت بصراعاتها الداخلية او مع الانظمة والشعوب العربية الاخرى!...ومن كان يحمل الصدق في القول والعمل فقد تكفل الحلفاء (اسرائيل والانظمة العربية) في تصفيته جسديا او معنويا ! ولم يبقى في الساحة الا اصحاب المواهب الراغبة في السلطة او الجاه بغض النظر عن حجم القضية التي يحملونها!.
الوعي الاسرائيلي والفلسطيني!:
من خلال المقارنة البسيطة بين مستويات الوعي الجماهيري الاسرائيلية بنظيرتها الفلسطينية،يتبين لنا الفارق الكبير بين تلك المستويات! ومن خلال هذا الفارق يمكن استنتاج حجم النتائج المأساوية.
فالاسرائيليون لا يتبعون قادتهم كالعميان بل يجعلونهم تابعين اذلاء لقواعدهم الشعبية مهما وصلوا من شهرة او مجد،ويخضعون سيرتهم وسلوكهم النظري والعملي لقوانين المساءلة والعدالة المتشددة حتى لا يكون هنالك تمييز عن البقية،ويضعونهم في مراتبهم الوظيفية التي لا يمكن اختراق صلاحياتها لأي سبب كان،كما وان اختياراتهم قصيرة الامد لكي يتم اختيار اكبر عدد من القادة والمتصدين للعمل السياسي او العسكري...ومن خلال الديمقراطية التي يتقنونها في داخل حدودهم فأن ثمرات هذا النهج السليم قد ظهرت ملامحه على قوتهم وسطوتهم.
في المقابل فأن الفلسطينيون كبقية الشعوب العربية،يتبعون قادتهم من المهد الى اللحد حتى ولو كانوا خارج السلطة الرسمية كالاحزاب او الهيئات،كما ويمتنعون او يتأخرون عن اختيار غيرهم وكأن ذلك حرام او مكروه!...اما الصلاحيات وسوء الادارة والتصرف فأنه غير خاضع للمساءلة القانونية او الوطنية،فالجميع يتصرف وكأن الحق معه والاخرون على خطأ!.
لا ينظر الفلسطينيون الى ياسر عرفات كمثال من خلال الزاوية الواقعية التي تضعه في حجمه الطبيعي بدون تجميل او تقبيح! وهو نموذج للقيادات الحزبية المتسلطة ذات الفكر الثقافي الهزيل! ...فهذا الرجل نموذج مثالي للانحراف ولكن هنالك الاغلبية التي انقادت له في حياته او بعد وفاته وكأنه معصوم وشعبه غير قادر على انجاب غيره!.. فهو المسؤول الاول من الزمرة التي تلاعبت بالقضية حتى اوصلها الى هذا المستوى من التردي  منذ عام 1967،وما قيامه وزمرته بالتفاوض سرا مع اسرائيل في اوسلو من وراء ظهور المفاوضين الاخرين وبدون علم بقية الفصائل وتقديم التنازلات الا خيانة لا يمكن تبريرها بأي وسيلة سوى الخضوع لمنطق الجهل المركب!.
لا يمتلك الفلسطينيون من عوامل القوة المادية المؤثرة في الصراع، وبالتالي كان عليهم رفض فصل المسار التفاوضي عن المحور السوري اللبناني المشترك الذي اثبت قوته للجميع،ولكنهم اختاروا المحور الفردي الاستسلامي المهين الذي اتبعه النظام المصري اولا ثم الاردني ثانيا،الذي اثبت ضعفه فكانت النتيجة فقدان كل الاوراق الضاغطة مع احترام الاخرين.
لقد رفض مانديلا الخروج من السجن لغرض ايقاف الكفاح المسلح والتفاوض،وفي النهاية كسب شعبه النصر مع التقدير والاحترام...بينما هؤلاء المتلاعبون بالقضية منذ مؤتمر مدريد عام 1991 قد تنكروا لابسط مقومات الوطنية والانسانية من خلال الوقوف بجانب اسرائيل وهي تغتال ابناء جلدتهم وبكافة الوسائل والطرق دون ان يقفوا موقفا رادعا يبرء ساحتهم على الاقل من عدم المشاركة في القتل ولو من خلال الصمت !.
ان رفض التنازل عن الحقوق المشروعة ليس عبثا او خطأ...ولكن العبثية والخيانة والخطأ الكبير هو عندما يتم تقديم التنازلات المهينة المتتالية حتى اصبحت اسرائيل تحتقرهم الى ابعد مدى...فمن لا يحترم نفسه وقيمه وانسانيته،سوف لا يحترمه الاخرون مهما كانت درجة الركوع والسجود!.
ان كشف الوثائق الجديدة ليس سوى دلال مادية لمن هو فاقد لدرجات الوعي التمييزية !...فسلطة الحكم الذاتي المحدودة التي تتصارع بوحشية مع بقية القوى السياسية في وطنها،وتتعاون بقوة يصعب وصفها مع عدوها المزعوم،ما هي الا سلطة هزيلة الفكر والثقافة والدين والاخلاق والوطنية، ومن الخطا الركون الى هكذا سلطة تقودهم الى الحجيم!...ولكن اذا اختارتها امريكا واسرائيل والانظمة العربية لمصالحهم المتوافقة وهو يبين حجم انحرافها وخضوعها، فعلام اختارها شعبها ولو بحرية نسبية؟! بل لماذا لم يحاولوا اسقاطها بكافة الوسائل والطرق؟!...اليس هذا الخضوع هو دلالة على ضعف الثقافة والوعي والركون الى اساليب التلقين الوراثية اللعينة؟!...
اذا كان هذا المستوى الفظيع من التنازلات المقدمة قد كشف للجميع،فأن المستوى الافظع من الانحدار نحو الهاوية هو من خلال ابقاء تلك الرموز دون تحرك شعبي لاسقاطها واخضاعها للمساءلة القانونية والوطنية.
الثورات والقوى السياسية الدولية،لم تنتصر الا بقوة الارادة الحرة ورفض الخضوع ولو طال الزمن،فجاء طعم النصر حلوا...اما السير بعكس هذا الاتجاه فأن النتيجة هي الهزيمة والخذلان والطعم سوف يكون مرا!...

عداء لا ينتهي!


عداء لا ينتهي!:
السلسلة الطويلة من الجرائم التي يقوم بها اعداء الدين والانسانية بحق الامام الحسين(ع)وآل بيته وصحبه ومريديه،لم تتوقف بنهاية معركة كربلاء! بل هي مستمرة مادام هنالك صنف ممسوخ من البشر،لا يحمل من صفات الانسان الا شكله...اما الباقي فلا يمكن وصفه بكلمات دالة على مقدار بشاعة وقباحة هذا الصنف المنبوذ!.
الجرائم التي يقوم بها النواصب التكفيريون ضد زوار الامام الحسين(ع)،هي تدل على مقدار الاسف الشديد الذي يكنه هؤلاء البغاة لعدم مشاركة اسلافهم في قتل الامام الحسين(ع) وكل من يواليه، بل ومحاربة كل ثائر حر،وكل فكر نير...ان الحب او الكره يستدل منها بسهولة من خلال الاعمال وليس الاقوال!...وان الانسان الحر يقف متحيرا بحق من مدى بشاعة هؤلاء المجرمين الفاقدين لكل الصفات التي تجمعهم بعالم الانسان وبكل المبادئ والقيم الروحية.
واهم من يتصور ان معركة كربلاء انتهت في وقتها!...فمنذ نهايتها والطواغيت ووعاظ السلاطين واتباعهم الرعاع يواصلون مسلسل الاجرام بكل وسيلة دالة على مقدار الكم الهائل من الانحراف  والسقوط في دياجير الجهل والتخلف...وان الفكر الذي يدعو الى هكذا افعال اجرامية لا تستحق حتى مجرد النظر اليها فضلا عن احترام اصحابها الداعين لها.
نعم نجد اعداءا لكل فكر او عقيدة او سلوك،اما ان يصل العداء والتدخل في حرية وعقيدة وسلوك الاخرين الى هكذا اجرام مفضوح تأباه كافة الشرائع والتعاليم...فذلك امرا مريعا لا يمكن السكوت عنه مهما بلغت الاعذار!.
ان سقوط الشهداء في كل زمان،سوف لن يمنع مسيرة الاحرار من السير مهما وصلت نذالة المجرمين من انحدار!...
المجد والرحمة والخلود لكل الشهداء...والخزي والنار والعار لكل المجرمين...
والعاقبة للمتقين.