ب- تونس:
هو احد البلاد العربية التي تعشعش فيها الديكتاتورية منذ استقلالها الشكلي عن فرنسا عام 1956 !...يتألف شعبه من حوالي 11 مليون(2009) وهو مزيج من شعوب مختلفة ولكن ساد فيها العنصر العربي ولغته...انخفض النمو السكاني فيه الى درجة مخيفة وصل الى حوالي 0.8% وهي اقل من دول غربية كثيرة بحجة صغر حجم البلاد(التي تفوق مساحتها عدة بلدان اوروبية بينما سكانها اقل منها بكثير!) وقلة مواردها ومحاولة التركيز على التنمية المزعومة التي مازالت خرافة لم يبددها الواقع!...
هذا البلد هو نموذج مثالي لهيمنة الديكتاتورية الامنية عليه بشكل بشع تدعو الى الشفقة عليه وهو البلد الذي انجب ابو القاسم الشابي الذي ملئ الدنيا وشغل الناس بقصيدته الشهيرة ارادة الحياة والتي مطلعها:اذا الشعب يوما اراد الحياة – فلابد ان يستجيب القدر!....
ومازال شعبه ومنذ اكثر من نصف قرن لم يستجب له القدر! ربما لانه لم يرد الحياة!...
فهل ذلك من ذاته ام من وحشية الديكتاتورية المقيتة المكبلة له؟!...عوامل كثيرة جعلت هذا البلد انموذجا مثاليا للاستبداد العربي والافريقي وبدلال غربي لاحدود له لحاكميه ! كما هو مثال بارز على اسطورة التغيير الفوقي ومن خلال زمرته الامنية(جزء من الطبقة الفوقية) التي تحكم البلاد بقبضة حديدية قاسية لاحدود لها!...
كانت تونس بلدا محتلا من قبل فرنسا لفترة طويلة وكانت مثل المغرب بلدا ملكيا تحكمه احدى اسر الاشراف،ولكن نتيجة لجهاد قواه الوطنية المستمر وايضا ساعد ذلك الاسراع في الاستقلال الشكلي ،ضعف فرنسا بعد هزيمتها المنكرة عام 1954 في فيتنام وانشغالها في حربا ضروسا في الجزائر المجاورة،فاضطرت لمنح ذلك البلد استقلالا شكليا بحيث تبقى مهيمنة على اموره الخارجية والامنية عام 1955 وساعد في نصب احد اعمدة الاستبداد الشرقي الحبيب بورقيبة الذي كان يريد فقط التخلص من الهيمنة الفرنسية المباشرة لكي يؤسس هيمنة غير مباشرة ولكن تحت ادارته ووفق تفكيره الذي يدل ليس فقط على ضحالة بل على تقلب ومزاجية في الحكم ! مما جعل الفرنسيون يسارعون في دعمه لانه انموذجا مثاليا للمزروعين في بلادهم من قبل الاستعمار الغربي حتى يعمل على ادامة الهيمنة ولكن بأساليب وطرق جديدة تناسب العصر الحديث الذي يدعو الى نبذ السيطرة العسكرية المباشرة والدعوة الى سيطرة غير مباشرة ولكن تحت مسميات زائفة...!
من ملكية الى ملكية:
تعتبر تونس من اكثر البلاد قربا الى الملكية الاستبدادية منها الى الجمهورية الاستبدادية لكون البلاد محكومة منذ اكثر من نصف قرن بحاكمين فريدين من نوعهما خلال تلك الحقبة الطويلة ويمتلكان من الصلاحيات التي تجعلهما يتحكمان بابسط امور الحياة الشخصية للمواطنين البسطاء وخاصة انتهاك حرياتهم الشخصية في الاختيار وامور العبادة بل وحتى لبسهم الشعبي البسيط وهي دلالة هامة على مقدار حجم تلك الانتهاكات المستمرة منذ اكثر من نصف قرن والتي لايعتني بها العالم الخارجي لكون النظام الحاكم لايشكل خطرا على مصالحه بل هو حليف رئيسي دائم له وان انتهك حرمات شعبه ومنع ابسط الاختيارات الشخصية!.
لمعرفة المزيد عن طبيعية التغييرات التي حصلت في هذا البلد،ينبغي التركيز على سيرة الحاكمين الملكين بأمتياز واللذان حكماه لفترة طويلة لان لشخصية الحاكم دورا رئيسيا في ادارة شؤون البلاد والتحكم بمصائر العباد الى درجة منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية البسيطة وانتهاك حقوقهم المشروعة في الملبس !... ولهذه السيرة اهمية بالغة في الولوج الى تركيبة هذا النظام البوليسي الذي لايختلف عن الانظمة الشرقية المستبدة من حيث كونه مائلا للسقوط بمجرد ازاحة حاكمه او تغييره لان له دورا رئيسيا في شؤون البلاد يفوق مالدى الاخرين مما يعني ان الجهود يجب ان تكون منصبة على الضغط المستمر لتغيير الرأس ومن ثم ازالة طبقات المجتمع العلوية من سيطرتها التقليدية نظرا لانتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب والتسلط عليه بحجج واهية لفترة طويلة وبالتالي يجعل من المستحيل الحصول على اي نتائج ايجابية في حالات التغيير الفوقي ،ولكن مرحلة تغيير الرأس هنا مهمة لان الشعب ليس قادرا بفعل طول فترة الاستبداد المقيتة وتشتت قواه الوطنية بفعل حجم الابادة والقمع الكبيرين يجعل هنا عملية اعادة تجميع القوى بحاجة الى زمن من التنفيس السياسي قد يصل الى بضع سنين لانها غير قادرة على حكم البلاد دون الاستناد الى بقايا تلك الطبقات المعادية لها وبالتالي ليست لديها القدرة على ضبط ايقاعاتها المفاجئة في اعادة الامور الى الوراء!...
عملية التغيير السياسي من الملكية الى الجمهورية عام 1957 اي بعد الاستقلال لعام واحد لم تأتي بجديد بل على العكس اخذت الامور تسوء الى درجة جعلت الحكم السابق افضل بكثير وعلى الاقل من ناحية حفظ حقوق الناس وكرامتهم الشخصية المنتهكة على الدوام...قد يكون ادامة النظام الملكي هو تكرار لحالة المغرب الذي لايختلف كثيرا عن تونس ولكن على الاقل اخف كثيرا منه في حجم الطغيان الحكومي الذي يجعل الحنين لايام الحكم الملكي امرا طبيعيا وخاصة لمن عاش المرحلتين،اما الاجيال الجديدة فالامر يختلف ويخضع لمدى حجم الوعي الذاتي او المكتسب الناشيء من الخارج وخاصة المتأثرة بالاحداث الدولية التي جعلت الشعوب متقاربة اوعلى الاقل حولت الارض الى قرية صغيرة وان كانت اي الاجيال التونسية المولودة بعد الاستقلال، خاضعة لايديولوجية علمانية غريبة حقا ولانعرف بالدقة مدى حجم ونوعية الاساس الفكري لمبادئها في الحكم الواقعي اما من ناحية تجميع الكلمات البراقة لجمل الشعارات فهي لا تهمل ولا يعار لها اهمية في المقاييس السياسية التي تنتهج الموضوعية المطلقة مقياسا شاملا يخضع للمنهج العلمي الرصين الخالي من كل المؤثرات الزائفة...
من هذا المنطلق يتبين لنا اهمية دراسة سيرة الحاكمين اللذان حكما تونس منذ استقلالها عام 1956 ولحد الان وهي حالة نادرة وفي مقارنة محزنة مع تغيير الرؤساء في امريكا يتبين لنا ان هاذين الرئيسين عاصرا احد عشر رئيسيا امريكيا ومازال العدد في ازدياد مستمر!...اذا نحن هنا امام واقع سياسي لايختلف كثيرا عن بلاد عربية اخرى ولكن يمتاز في هدوئه وسكونه مع شدة قبضته السياسية على الحكم الى درجة الاستقرار شبه المطلق!...
الرئيس الاول:الحبيب بورقيبة (1903-2000):
يكاد موجودا لحد الان تأثير هذا الرئيس على مجمل الحياة السياسية والاجتماعية في تونس رغم انقلاب الثاني عليه منذ اكثر من عقدين من الزمن!...
وهو نموذج للحكام اللذي سيطروا على بلادهم من خلال القوة المسلحة العسكرية والامنية وبمعونة خارجية ولكن طبعوا البلاد برغباتهم وافكارهم وتعاليمهم بل وبنهجهم الذي يختلف كثيرا عن طبيعة مجتمعاتهم وتراثها المستند الى حضارة قديمة ،وان كان الغرض هو الرغبة المميتة في التحديث والتي انقلبت الى التجهيل بكل معنى الكلمة،فأن اجراءاتهم لم تنجح او تستمر لغاية الان الا برعاية سطوتهم وليس بسحر وقوة تعاليمهم التي تثير القرف والاشمئزاز في الغالب كونها بعد التفحص لها وللنتائج الصادرة منها يتبين لنا حجم الخطأ الفادح الذي سارت عليه تلك الامم المحكومة بأناس مشوهي الفكر والسيرة والسلوك! انه سوء حظ بلا شك ...وكانت النتيجة ان التخلف بقي سائدا في بلادهم والتحديث المطلوب اصبح بعيدا بالمقارنة مع الحداثة الغربية التي يرومون تقليدها بطريقة مشوهة والاسباب الرئيسية هي تتلخص بعدم وجود الارادة الشعبية الحرة مع عدم احترام تقاليد وتراث وقيم الشعب مع انعدام التركيز على التنمية الاقتصادية الحقيقية والاستفادة من تجارب الاخرين التي اثبتت نجاحها في الواقع العملي...
ان بورقيبة لايختلف عن زعماء علمانيون مارسوا الاستبداد بأبشع صورة لتحقيق مبادئهم التي اثبت الواقع ليس فقط فشلها بل مرض صاحبها النفسي وضحالة التفكير وحيازة المنطق المشوه في عالم اصبح يحترم من ينجح على ارض الواقع ويحكم بانسانية وديمقراطية ووفق الخيار الشعبي...هؤلاء الزعماء العلمانيون هم قلة والذي لديهم برامج صارمة للعلمانية المشوهة التي لو اتيح لشعوبهم حرية الاختيار لرفضوها جملة وتفصيلا ولكن يكفي فشلها هو ممارسة القسر الفكري والتجريبي على شعوبهم بدون رضاها !...واذكر منهم اتاتورك في تركيا والشاه رضا بهلوي وابنه محمد في ايران وحزب البعث في العراق وانور خوجة في البانيا والشيوعيين في اليمن الجنوبي السابق واثيوبيا وغيرهم...
هو احد البلاد العربية التي تعشعش فيها الديكتاتورية منذ استقلالها الشكلي عن فرنسا عام 1956 !...يتألف شعبه من حوالي 11 مليون(2009) وهو مزيج من شعوب مختلفة ولكن ساد فيها العنصر العربي ولغته...انخفض النمو السكاني فيه الى درجة مخيفة وصل الى حوالي 0.8% وهي اقل من دول غربية كثيرة بحجة صغر حجم البلاد(التي تفوق مساحتها عدة بلدان اوروبية بينما سكانها اقل منها بكثير!) وقلة مواردها ومحاولة التركيز على التنمية المزعومة التي مازالت خرافة لم يبددها الواقع!...
هذا البلد هو نموذج مثالي لهيمنة الديكتاتورية الامنية عليه بشكل بشع تدعو الى الشفقة عليه وهو البلد الذي انجب ابو القاسم الشابي الذي ملئ الدنيا وشغل الناس بقصيدته الشهيرة ارادة الحياة والتي مطلعها:اذا الشعب يوما اراد الحياة – فلابد ان يستجيب القدر!....
ومازال شعبه ومنذ اكثر من نصف قرن لم يستجب له القدر! ربما لانه لم يرد الحياة!...
فهل ذلك من ذاته ام من وحشية الديكتاتورية المقيتة المكبلة له؟!...عوامل كثيرة جعلت هذا البلد انموذجا مثاليا للاستبداد العربي والافريقي وبدلال غربي لاحدود له لحاكميه ! كما هو مثال بارز على اسطورة التغيير الفوقي ومن خلال زمرته الامنية(جزء من الطبقة الفوقية) التي تحكم البلاد بقبضة حديدية قاسية لاحدود لها!...
كانت تونس بلدا محتلا من قبل فرنسا لفترة طويلة وكانت مثل المغرب بلدا ملكيا تحكمه احدى اسر الاشراف،ولكن نتيجة لجهاد قواه الوطنية المستمر وايضا ساعد ذلك الاسراع في الاستقلال الشكلي ،ضعف فرنسا بعد هزيمتها المنكرة عام 1954 في فيتنام وانشغالها في حربا ضروسا في الجزائر المجاورة،فاضطرت لمنح ذلك البلد استقلالا شكليا بحيث تبقى مهيمنة على اموره الخارجية والامنية عام 1955 وساعد في نصب احد اعمدة الاستبداد الشرقي الحبيب بورقيبة الذي كان يريد فقط التخلص من الهيمنة الفرنسية المباشرة لكي يؤسس هيمنة غير مباشرة ولكن تحت ادارته ووفق تفكيره الذي يدل ليس فقط على ضحالة بل على تقلب ومزاجية في الحكم ! مما جعل الفرنسيون يسارعون في دعمه لانه انموذجا مثاليا للمزروعين في بلادهم من قبل الاستعمار الغربي حتى يعمل على ادامة الهيمنة ولكن بأساليب وطرق جديدة تناسب العصر الحديث الذي يدعو الى نبذ السيطرة العسكرية المباشرة والدعوة الى سيطرة غير مباشرة ولكن تحت مسميات زائفة...!
من ملكية الى ملكية:
تعتبر تونس من اكثر البلاد قربا الى الملكية الاستبدادية منها الى الجمهورية الاستبدادية لكون البلاد محكومة منذ اكثر من نصف قرن بحاكمين فريدين من نوعهما خلال تلك الحقبة الطويلة ويمتلكان من الصلاحيات التي تجعلهما يتحكمان بابسط امور الحياة الشخصية للمواطنين البسطاء وخاصة انتهاك حرياتهم الشخصية في الاختيار وامور العبادة بل وحتى لبسهم الشعبي البسيط وهي دلالة هامة على مقدار حجم تلك الانتهاكات المستمرة منذ اكثر من نصف قرن والتي لايعتني بها العالم الخارجي لكون النظام الحاكم لايشكل خطرا على مصالحه بل هو حليف رئيسي دائم له وان انتهك حرمات شعبه ومنع ابسط الاختيارات الشخصية!.
لمعرفة المزيد عن طبيعية التغييرات التي حصلت في هذا البلد،ينبغي التركيز على سيرة الحاكمين الملكين بأمتياز واللذان حكماه لفترة طويلة لان لشخصية الحاكم دورا رئيسيا في ادارة شؤون البلاد والتحكم بمصائر العباد الى درجة منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية البسيطة وانتهاك حقوقهم المشروعة في الملبس !... ولهذه السيرة اهمية بالغة في الولوج الى تركيبة هذا النظام البوليسي الذي لايختلف عن الانظمة الشرقية المستبدة من حيث كونه مائلا للسقوط بمجرد ازاحة حاكمه او تغييره لان له دورا رئيسيا في شؤون البلاد يفوق مالدى الاخرين مما يعني ان الجهود يجب ان تكون منصبة على الضغط المستمر لتغيير الرأس ومن ثم ازالة طبقات المجتمع العلوية من سيطرتها التقليدية نظرا لانتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب والتسلط عليه بحجج واهية لفترة طويلة وبالتالي يجعل من المستحيل الحصول على اي نتائج ايجابية في حالات التغيير الفوقي ،ولكن مرحلة تغيير الرأس هنا مهمة لان الشعب ليس قادرا بفعل طول فترة الاستبداد المقيتة وتشتت قواه الوطنية بفعل حجم الابادة والقمع الكبيرين يجعل هنا عملية اعادة تجميع القوى بحاجة الى زمن من التنفيس السياسي قد يصل الى بضع سنين لانها غير قادرة على حكم البلاد دون الاستناد الى بقايا تلك الطبقات المعادية لها وبالتالي ليست لديها القدرة على ضبط ايقاعاتها المفاجئة في اعادة الامور الى الوراء!...
عملية التغيير السياسي من الملكية الى الجمهورية عام 1957 اي بعد الاستقلال لعام واحد لم تأتي بجديد بل على العكس اخذت الامور تسوء الى درجة جعلت الحكم السابق افضل بكثير وعلى الاقل من ناحية حفظ حقوق الناس وكرامتهم الشخصية المنتهكة على الدوام...قد يكون ادامة النظام الملكي هو تكرار لحالة المغرب الذي لايختلف كثيرا عن تونس ولكن على الاقل اخف كثيرا منه في حجم الطغيان الحكومي الذي يجعل الحنين لايام الحكم الملكي امرا طبيعيا وخاصة لمن عاش المرحلتين،اما الاجيال الجديدة فالامر يختلف ويخضع لمدى حجم الوعي الذاتي او المكتسب الناشيء من الخارج وخاصة المتأثرة بالاحداث الدولية التي جعلت الشعوب متقاربة اوعلى الاقل حولت الارض الى قرية صغيرة وان كانت اي الاجيال التونسية المولودة بعد الاستقلال، خاضعة لايديولوجية علمانية غريبة حقا ولانعرف بالدقة مدى حجم ونوعية الاساس الفكري لمبادئها في الحكم الواقعي اما من ناحية تجميع الكلمات البراقة لجمل الشعارات فهي لا تهمل ولا يعار لها اهمية في المقاييس السياسية التي تنتهج الموضوعية المطلقة مقياسا شاملا يخضع للمنهج العلمي الرصين الخالي من كل المؤثرات الزائفة...
من هذا المنطلق يتبين لنا اهمية دراسة سيرة الحاكمين اللذان حكما تونس منذ استقلالها عام 1956 ولحد الان وهي حالة نادرة وفي مقارنة محزنة مع تغيير الرؤساء في امريكا يتبين لنا ان هاذين الرئيسين عاصرا احد عشر رئيسيا امريكيا ومازال العدد في ازدياد مستمر!...اذا نحن هنا امام واقع سياسي لايختلف كثيرا عن بلاد عربية اخرى ولكن يمتاز في هدوئه وسكونه مع شدة قبضته السياسية على الحكم الى درجة الاستقرار شبه المطلق!...
الرئيس الاول:الحبيب بورقيبة (1903-2000):
يكاد موجودا لحد الان تأثير هذا الرئيس على مجمل الحياة السياسية والاجتماعية في تونس رغم انقلاب الثاني عليه منذ اكثر من عقدين من الزمن!...
وهو نموذج للحكام اللذي سيطروا على بلادهم من خلال القوة المسلحة العسكرية والامنية وبمعونة خارجية ولكن طبعوا البلاد برغباتهم وافكارهم وتعاليمهم بل وبنهجهم الذي يختلف كثيرا عن طبيعة مجتمعاتهم وتراثها المستند الى حضارة قديمة ،وان كان الغرض هو الرغبة المميتة في التحديث والتي انقلبت الى التجهيل بكل معنى الكلمة،فأن اجراءاتهم لم تنجح او تستمر لغاية الان الا برعاية سطوتهم وليس بسحر وقوة تعاليمهم التي تثير القرف والاشمئزاز في الغالب كونها بعد التفحص لها وللنتائج الصادرة منها يتبين لنا حجم الخطأ الفادح الذي سارت عليه تلك الامم المحكومة بأناس مشوهي الفكر والسيرة والسلوك! انه سوء حظ بلا شك ...وكانت النتيجة ان التخلف بقي سائدا في بلادهم والتحديث المطلوب اصبح بعيدا بالمقارنة مع الحداثة الغربية التي يرومون تقليدها بطريقة مشوهة والاسباب الرئيسية هي تتلخص بعدم وجود الارادة الشعبية الحرة مع عدم احترام تقاليد وتراث وقيم الشعب مع انعدام التركيز على التنمية الاقتصادية الحقيقية والاستفادة من تجارب الاخرين التي اثبتت نجاحها في الواقع العملي...
ان بورقيبة لايختلف عن زعماء علمانيون مارسوا الاستبداد بأبشع صورة لتحقيق مبادئهم التي اثبت الواقع ليس فقط فشلها بل مرض صاحبها النفسي وضحالة التفكير وحيازة المنطق المشوه في عالم اصبح يحترم من ينجح على ارض الواقع ويحكم بانسانية وديمقراطية ووفق الخيار الشعبي...هؤلاء الزعماء العلمانيون هم قلة والذي لديهم برامج صارمة للعلمانية المشوهة التي لو اتيح لشعوبهم حرية الاختيار لرفضوها جملة وتفصيلا ولكن يكفي فشلها هو ممارسة القسر الفكري والتجريبي على شعوبهم بدون رضاها !...واذكر منهم اتاتورك في تركيا والشاه رضا بهلوي وابنه محمد في ايران وحزب البعث في العراق وانور خوجة في البانيا والشيوعيين في اليمن الجنوبي السابق واثيوبيا وغيرهم...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق