هوامش على ثورة 14 تموز في العراق!
انتشرت في وسائل التواصل
الاجتماعي،التعليقات والتغريدات حول ثورة/انقلاب 14 تموز عام 1958 في العراق،
والمعتادة في الذكرى السنوية،ولكن في السنوات الأخيرة أخذت تزداد حالة تصوير الحكم
الملكي بأنه مثالي وخال من السلبيات والعكس في حالة الحكم الجمهوري الاول وتحميل
المسؤولية للزعيم قاسم! نتيجة لما آل اليه حال العراق بعد ذلك من مآسي ودمار!.
وظهرت محاولات تخوين الضباط كونهم أقسموا على الولاء
للحكم الملكي وبخاصة قاسم ومقارنته بخيانة صلاح الدين الأيوبي للفاطميين في مصر! الأمر في الحقيقة لا يقاس بتلك الكيفية وبطرائق
القياس تلك بل حسب النصوص الواردة في الدراسات التاريخية المختلفة والتي جرى
تحليلها على ايدي مختصين لتنتهي إلى الدراسات الأكاديمية،فلا يمكن قياس خيانة
الضباط عند القيام بأي انقلاب عسكري أو الاشتراك في ثورة ما لان القسم هو فقط ما
يختص بالدفاع عن الوطن وشعبه وحماية الدستور وهو موجود في النظم الديمقراطية إما
أن يكون القسم لحماية نظام أو اسرة حاكمة او حزب أو الولاء لهم فالأمر مختلف
ومرفوض من قبل الاغلبية ماعدا الموالين للسلطة لأن هؤلاء جميعا هم جزء من الشعب
ومتحكم به بالقوة بشتى صورها لذلك أغلب النظم الديكتاتورية تعرف هذه الحقيقة ولكن
تستخدم الحالة تلك للحط من الثائرين ومشروعية ثورتهم على الظلم والفساد،أما
بالنسبة للمقارنة بين الجنرال قاسم وصلاح الدين فالوضع مختلف لأن الثاني لم ينتمي
للمؤسسة العسكرية مثل الأول بل كان مدنيا في خدمة البلاط وخان الامانة والإحسان في
تآمر واضح لا لبس فيه وهو اصلا لم يشكل حكما جديدا بغرض العدالة والمساواة بل
تأسيس دولة لأسرته والاتحاد مع الجزء الخاص لهم في الشام! ولأن العمل في البلاط
وبخاصة في العصور الاسلامية المختلفة كان لا يتم إلا بعد أخذ البيعة والطاعة من
العاملين وكل غدر وخيانة وتمرد منهم كان يواجه بقوة وقسوة تفوق احيانا حتى تمرد
العسكر، والامثلة لا حصر لها في تاريخ الأمويين والعباسيين وغيرها من الممالك
المسلمة ولذلك حتى المؤرخين المعادين للدولة الفاطمية قد ذكروا ذلك بتفصيل وما جرى
من ابادة واضطهاد والتنازل للصليبيين في أماكن عديدة!.
أما عن حالة وصول القيادة لعبد الكريم قاسم وكونه ضحك
على النظام في تقديم الطاعة والولاء...فالجواب كانت قبله مجموعة من الضباط تشكل
حلقة بغرض القيام بالثورة وكانت متأثرة بـأنقلاب 1952 في
مصر وكان الحكم متساهلا نوعا ما عندما تصل إليه الوشايات ويتم تفريق الاعضاء
المفضوحين أما حلقة عبد الكريم فقد تأسست بعدها وأكثر النصوص تميل انها بعد 1954
حيث حدث فيضان في العراق آنذاك وساهمت النقمة في إثارة قاسم وآخرون وشكلوا مجموعة
توسعت بعد حلف بغداد،وفي عام 1957 اتحدت المجموعتين واختاروا قاسم لان رتبته كانت
الاعلى بينهم ورتبته كانت زعيم ركن(عميد ركن فيما بعد ) وقد فاتحوا ضباطا أعلى
رتبة ولكنهم جميعا رفضوا...أما بالنسبة لقتل العائلة فقد كان الجميع تقريبا ضد قتل
الملك الصغير وعائلته ولكنهم اجمعوا على محاكمة الوصي عبدالاله ونوري السعيد او
قتلهم اذا حاولوا الهرب او التمرد ويعود السبب في ذلك لأنهما كانا السبب الرئيسي
في إفشال حركة 1941.
والتي أعدم البعض فيها بطريقة مهينة وفصل عدد كبير من
الخدمة بسببها،ومن هذا المنطلق كان النقيب عبد الستار العبوسي الذي بدأ في اطلاق
النار على العائلة قد تذكر المنظر المرعب للجثث المعلقة في بوابة وزارة الدفاع عام
1945 وبخاصة للعقيد صلاح الدين الصباغ فأراد أن يحمي الثورة من
عودة الأسرة بمعونة الانكليز والامريكان الى الحكم مجددا واعدام
المشاركين بالثورة ،الامر الاخير هو ان الخطأ الاكبر للعراقيين
هو استدعاء عائلة حجازية تنتمي لمذهب يخالف الأغلبية و تآمرت مع الإنجليز ضد
الدولة العثمانية التي منحتهم الثقة والمناصب في الحرمين بينما حارب شيعة العراق
بجانبها وهم المضطهدون لأكثر من 4 قرون وفي النهاية سقط حكمهم في سوريا لأن
الفرنسيين رفضوا ذلك فتم منحهم العراق والأردن تعويضا عن رغبتهم في حكم العالم
العربي وبعد ذلك سقط حكمهم في الحجاز بيد ابن سعود المنافس الآخر!. وفي الختام يمكن القول ان الدرس الكبير من حكم هذه
الأسرة هي أن أول من بايع الملك فيصل الأول على حكم العراق عندما كان في الحجاز هو
السيد محسن ابو طبيخ أحد قادة ثورة العشرين ولكن رد الجميل كان نفي هذا الزعيم
العشائري بعد تسلمه الحكم بشهور أي بداية 1922 ثم تسفيره المراجع الكبار عام 1923
لتثبيت حكمه!.
من يقرأ التاريخ بدقة وموضوعية يبتعد عن الأحكام
الارتجالية والتحليل العشوائي!.