في سبيل الحرية:
المآساة الدموية المستمرة في العالم العربي من جراء الثورات العربية المعاصرة،اثبتت للجميع مقدار حجم الضغط والكبت والارهاب والحرمان الذي تعيشه الشعوب المستضعفة التي تعرضت الى جرائم وحشية سوف تظهر للعلن عندما تسقط انظمتها وينكشف الغطاء الحديدي الذي استمر قرون وعقود!.
ان الالم يحز في النفس من جراء سقوط هذا العدد الهائل من الشهداء والجرحى والمعتقلين وكذلك حجم الخسائر المادية والمعنوية المروعة ضمن مسيرة الشعوب العربية نحو الحرية... انه ثمن طبيعي دفعته شعوب قبلنا وقد يكون البعض اكثر منا بكثير!... ومن تلك الدماء البريئة الغالية سوف تكون البداية لحياة حرة كريمة تقدس فيها حياة الفرد وحريته الشخصية التي دفع من اجلها تلك الخسائر الفادحة،كما انها ثمن باهظ على الصمت الطويل على هؤلاء الفراعنة الذين ازدادوا طغيانا بمرور الزمن الى درجة الاستهانة الكاملة بحقوق شعوبهم بل واحتقارها الى ابعد مدى!.
الثورات المعاصرة يجب ان يدعمها الجميع بغض النظر عن اي سبب ديني او مذهبي او عرقي مخالف...فالثائرون في اي بلد هم اعرف بمدى الطغيان والفساد الحاصل في بلادهم وبالتالي فأن الوقوف ضد مطالبهم المشروعة هي جريمة ادبية لا يمكن غفرانها،وما يحصل الان من تناقض واضح لدى الكثيرون في دعم بعض الثورات ورفض البعض الاخر كما هو شائع لدى ثورة البحرين مثلا يدل على هشاشة وضحالة المنظومة الفكرية والاخلاقية واسسها المتينة التي لا تقبل التناقض او التبرير المقنع!.
ان الشعوب المستعبدة والرافضة للاستعباد سوف لن تغفر للذين وقفوا ضدها او شوهوا صورتها مثلما لن تغفر لطغاتها جرائمهم بحقها...فذاكرة الشعوب هي قوية اكثر مما نتصور! وبالتالي فأن السقوط الادبي في نصرة الطغاة وانظمتهم الفاسدة هو انحطاط فكري واثم اخلاقي وفساد ذاتي سوف يبقى وصمة عار في جبين صاحبه ولن يكون الاعتذار عنه سوى وسيلة بائسة لمسحه!...فالاثر باق ولن يزول بمرور الزمن!.
الاستعانة المباحة!
كانت الاستعانة ضرورية في طلب معونة العالم الغربي في نصرة الشعب الليبي ضد طاغيته المعتوه الذي لا يتورع عن استخدام اقذر الوسائل واخسها في الابادة والاذلال!
واقتصارها على العالم الغربي تحديدا جاء لكون القيادة العالمية مازالت بيده، وليس هنالك ادنى استعداد لدول اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية في تقديم العون لانها اما نظم ديمقراطية ناشئة او ليس لديها المقدرة المادية في تقديم العون وكذلك وجود بعض النظم التي لا تحترم حقوق الانسان رغم قدرتها على التدخل مثل الصين وروسيا!.
لقد اصمت تلك الاستعانة المستعجلة اغلب الابواق الاعلامية التي هاجمت التحالف الغربي في قيامه بتحرير العراق وافغانستان من الاستبداد من قبل،فالاستعانة ليست منحصرة ضمن حدودنا حتى نختصرها بخرافة سرقة الثروات العربية التي هي اساسا بيد الغرب في حالة بقاء الاوضاع على ما هو عليها!... فأوروبا تحررت بفضل التحالف الغربي ضد النازية والفاشية وكذلك تحررت بلاد اسيا من قبل من سطوة الاستعمار الياباني،وبالتالي تنعمت تلك البلاد بالحرية والديمقراطية وبثمارها الحالية من التقدم والاستقرار،والحكومات الغربية تتعرض احيانا لضغط الرأي العام ومنظمات حقوق الانسان في ضرورة التدخل لغرض انقاذ ما يمكن انقاذه ويعاب عليها ترك الامور في حالة التردد... صحيح هنالك رفض لبعض المشاركات ولكن ذلك طبيعي في ظل اختلاف الاراء حول جميع القضايا في العالم ...ولولا التدخل المباح لراينا مذابح كبرى يسقط فيها عدد كبير من الضحايا مثل مذابح رواندا والبوسنة وكمبوديا التي تردد الغرب فيهن،والمذبحة التي كانت متوقعة في بنغازي كانت نموذجا مثاليا.
لم تشترك الانظمة العربية رغم الخلافات المستمرة فيما بينها في مساعدة الشعوب الثائرة الاخرى التي تخضع لاعدائها،وهو امر متوقع بسبب الرغبة في عدم وجود اي نظم ديمقراطية تكون السبب في زعزعة استقرارها!...والمشاركة الخليجية الرمزية في مساعدة الشعب الليبي هي غير مؤثرة بلا شك وهي جاءت تحت ضغط الدول الغربية ولم تكن صادقة والا لما شاهدنا الجريمة الكبرى التي قامت بها نفس تلك الانظمة المتخلفة في المشاركة بقمع ثورة الشعب البحريني الجريح وحصاره اللااخلاقي من جميع النواحي وبخاصة في الجانب الاعلامي الذي اثبت اثره في تحريك الشعوب نحو استعاده حقها الطبيعي في الحياة الحرة الكريمة وتحطيم اكاذيب الانظمة التي طالما تبجحت بها بوقاحة غير متناهية!.
ان التدخل الاجنبي سوف يساعد في الاسراع بالخلاص من الطواغيت وسوف يؤدي الى قيام نظم جديدة منبثقة من الارادة الشعبية... واذا كان خوف البعض من التبعية الجديدة قد يؤدي الى معارضتهم له،فالحقيقة هي ان التبعية مع الاستبداد اكثر وضوحا من حالة النظم المتحررة منه هذا من ناحية ومن ناحية اخرى هي ان الارادة الشعبية تؤدي الى تاسيس نظم سياسية قوية ومستقرة سوف يكون من الصعب اخضاعها خارجيا،وعلى العموم فأن الخسائر الناجمة من البقاء تحت ظلال الطغيان هي اكبر بكثير من اي تغيير مهما كانت الوسائل المستخدمة فيه!.
ان ملايين اللاجئين والمغتربين في بلاد الغرب لم يجدوا في بلادهم والبلاد المجاورة من حرية او احترام لحقوق الانسان وبالتالي فأن ذلك هو رد على كل من يتهم الغرب بسلب الحريات في داخل حدوده...نعم هنالك اخطاء طبيعية ضمن السياسات الغربية الداخلية والخارجية الا انها ليست ثابتة وتخضع بأستمرار لنقد ومحاسبة مستمرة.
النهاية الحتمية!
الشعوب باقية والتعايش السلمي هو خاتمة مسيرتها في الحياة،وسوف تزول كافة الحدود السياسية وانظمتها الوضعية،كما سوف تزول كافة القيود التي فرضتها العصابات الاجرامية التي طالما تحكمت بشعوبها واستمتعت بحكمها بلذة سادية غريبة!.
النصر الحتمي هو نهاية الثورات الليبية والبحرينية واليمنية والسورية كما ان الشعوب الاخرى لن تقف مكتوفة الايدي عندما ترى اشقائها احرار في دنياهم كما هم احرار في دينهم وبالتالي فأن الحمية الثورية سوف تنتقل اليها وسوف تكون هنالك ذكريات جميلة لان لذة النصر على الطغاة ،ايا كانوا... هي لذة عجيبة غريبة لا يحس بها او يشعر بنشوتها الا الاحرار الذين يرفضون العبودية!.
العبودية هي مرض خبيث وغريب!...خبيث وعرفناه لانه يحول شخصية الانسان الى مسخ من حجر ولكن غريب،كيف؟!...
لان الامراض عادة يشعر بها اصحابها ويتألمون من جرائها، ولكن العبودية يشعر بها حتى المتحرر منها لانه يعرف مدى الالم وقسوته والانحراف وطبيعته! وعليه فأن ذلك المرض الخبيث لن يزول الا بالاستئصال التام ولا تنفع معه المراهم المخففة!.
لا خوف من الان وصاعدا من فشل الثورات المعاصرة!فالمرحلة الحالية هي لها مهما تفرعن الطغاة واتباعهم... فأذا كان التوقف مؤقتا فهو لاستعادة المبادرة بقوة وحزم وليس لقبول الواقع!...
تيار الحرية بدأ ينتصر ويسود ونهاية الاستعباد بدأت تضعف وتزول !.
هناك 4 تعليقات:
أحسنت أخي الكريم على هذا المقال الرائع
بارك الله فيك
تمنياتي لك بالتوفيق و النجاح
تحياتي
أخي موضوعك شيق
قرأته وانا اطرح على نفسي سؤال هل من الممكن في يوم من الأيام نستغني عن ثقافة الخواجة ؟
وان الغرب هم أهل العلم والتكنولوجيا ونحتاج لمساعدتهم دائما
هل من الممكن الاستغناء عنهم وعن وجودهم بل وعن كل ما يصنعون من أسلحة حديثة ؟
متى نستغني عنهم ؟ وحكامنا يتخذون قراراتهم من الغرب حتى الحكم الجدد الذين أنجبتهم الثورات
يتمنون ان يقبلوهم الغرب بل ومنهم من خرج من رحم وثقافة غربية
انا لا اطرح هذه الأسئلة من باب الكره للغرب نحن لا نكره غرب ولا شرق ولكن نود ان نعتمد على أنفسنا فى كل شيء و أتمنى أن اجد مصنع سيارات ومصنع طائرات وحتى مصنع نووي فى الوطن العربي ونترك (ثقافة الخواجة)...
بوركت فى قلمك
الفاضل علي...السلام عليكم
تحياتي الطيبة لحضورك الكريم بعد غياب طويل...
دمت بخير...
الفاضل العابر...تحية طيبة...
ليس المسألة استغناء او اعتماد بل المسألة هي ان نغير انفسنا وان نتعاون مع الاخرين في بناء حضارة انسانية جامعة...
لقد انتهى زمن الانعزال واصبح الان العالم قرية صغيرة...
تحياتي الطيبة...
إرسال تعليق