السجال العقيم حول زواج القاصرات:
يشتد السجال بين الحين والاخر بين دعاة العلمانية وبين الاسلاميين حول زواج القاصرات القسري في العالم الاسلامي كلما كشف النقاب عن حادثة مؤسفة حول هذا النوع من الزواج الذي يفتقر للكثير من العقلانية والاهتمام بحقوق الطفل بالاضافة الى الاستغلال الهمجي للضحايا بطريقة اقرب للاجرام منها للابوة او الامومة الصادقة!...
يلقي غالبية العلمانيين اللوم على الاسلاميين سواء اكانوا فقهاءا ام اتباع ملتزمين! وفي المقابل يدافع الجانب الاخر ولكن ليس في حالة الحوادث المؤسفة التي يتم الكشف عليها من خلال وسائل الاعلام،بل يتم الدفاع غالبا عن السن المقررة وهي تسع سنين او عن الزواج المبكر دون تحديد البداية التي تكون سلاحا بين فاعلي هذا النوع من الزواج من خلال الارتكاس على الاجتهادات الفردية الغريبة في الغالب كونها ترتكز على العرف اكثر منها على الدين او العقل او الاخلاق!...
غالبية القوانين الصادرة في دول العالم الاسلامي هي قوانين علمانية ونظمها ايضا علمانية لا تقر واقعيا بحاكمية الشريعة الاسلامية وان كان اللسان ينطق بغير ذلك!ولذلك فأن المسؤولية الثانية بعد الاسرة تقع على الدولة وقوانينها مما يعني ان العلمانيين يتحملون جزءا كبيرا من المشكلة التي يلقون اللوم فيها على عاتق الاسلاميين لكون الدولة لهم!...فالتطبيق الكامل والتام للقوانين الصادرة لا يتم في هذه الحالات والا لما رأينا اتساع هذه الظاهرة منذ قرون عديدة،بينما يتم التطبيق القسري لكل القوانين المتعلقة بالحكم والامن!...اذا لو كانت هنالك عقوبات رادعة وشديدة القسوة على كل من له صلة بذلك الاستغلال الفاضح للطفولة البريئة تحت ادعاء الزواج المبكر لما وجدنا ذلك الانتشار الواسع السري والعلني له! وكلنا يعلم ماهي نتيجة من يتحدى النظام ولو في ابسط حالات طرح الرأي،بينما يتم تحدي قوانين النظام الاجتماعية وخاصة في تلك الحالات المثيرة للشفقة دون خوف من عقوبة رادعة!.
ان ادعاء مؤيدي ذلك النوع من الزواج بأن الاسلام قد اقر ذلك لكون الرسول(ص) قد تزوج من السيدة عائشة وعمرها بين 6-9 سنوات وعمل ذلك شريعة مقدسة لهم! هو خطأ كبير لا يمكن غفرانه ابدا!!...فالحوادث التاريخية لشعوب بأكملها التي هي اكبر واعم من الحوادث الفردية في عصرنا الحالي يتم تزويرها او تحريفها بصورة علنية وبوقاحة لاحدود لها بالرغم من انتشار الصورة والصوت وبأعلى درجات الوضوح وبالرغم من عدم وجود فترة زمنية على وقوعها!...فكيف الحالة في عصور قديمة سابقة لا وجود لذلك التطور التكنولوجي الذي يساعد على حفظ التاريخ والذاكرة الجمعية للشعوب والافراد؟!...هذا مع العلم ان عملية التزوير والتحريف وعدم الدقة في نقل المعلومات عن الحقب الزمنية السابقة يكون اكبر واعظم كلما ذهبنا بأتجاه القدم!مما يعني ان الكذب والتحريف وعدم الدقة في النقل والتدوين هي صفة ازلية للانسان لم ولن تتغير مهما طال الزمن او قصر،وهي ناتجة بالاساس من الطبائع البشرية المتناقضة بين اقصى درجات السمو والرفعة الى احط درجات القذارة والاجرام!.
تدوين السيرة النبوية الشريفة والاحاديث والوقائع لم يتم الا بعد مرور قرن تقريبا مع شيوع حالات التحريف والتلفيق والكذب لدوافع عديدة اهمها سياسية بالطبع! مما يعني ان الواجب علينا ان نقف طويلا امام كل ما ذكر من وقائع واحاديث ووضعها في ميزان صارم يكون الكيل به عن خاضع لمنهج تطبيقي لقوانين واسس صارمة للبحث عن الحقائق القليلة المؤكدة ضائعة في كومة هائلة من الاكاذيب والتحريفات والدسائس والمؤامرات!... ومن بين اهم تلك القوانين هي ما يلائم العقل والمنطق حتى اشيع مرارا احاديث مروية ومدونة تدعو الى رفض كل ما منسوب للرسول(ص) واهل بيته(ع) واصحابه البررة اذا كان ذلك يخالف العقل والمنطق وبخاصة من سيرتهم او احاديثهم!...وفي المقابل نرى ان التمسك بعكس ذلك وبصورة غريبة سوف تدعو الى اثارة كل الحاقدين على الدين الاسلامي او الاديان الاخرى بل وعلى كل المبادئ والقيم الدينية والاخلاقية وتجعل في ايديهم اسلحة فكرية للجدل العقيم دون ان تكون هنالك مراجعة لواقع الاحاديث التي تبنى عليها قوانين بعيدة كل البعد عن العقل والمنطق ويشاع عنها انها صادرة من قلب الشريعة السمحاء!...
التاريخ المدون مليئ بالتناقضات المعاصرة بين المؤيدين لحوادث واقعة او لاشخاص معينين وبين معارضيهم ومن خلال تلك المعارك التي لا تنتهي تضخم الوقائع او يتم التقليل من شأنها وكذلك بالنسبة للاشخاص فالتضخيم يصل الى درجة التقديس وعبادة الفرد ووضعه في خانة المعصومين في هذا العصر المسمى بعصر العلم والتنوير وفي المقابل يتم الحط من المعارضين الى درجة وضعه في خانة البهائم فكيف بالعصور السابقة؟!...اذا في هذه الحالة هل يكون علينا واجب الاخذ بكافة المدونات التاريخية التي ليس فقط مخالفة للعقل والمنطق بل وايضا تتناقض مع روايات ووقائع تاريخية اخرى قد تكون اكثر دقة يتم من خلالها المقارنة والتمحيص للوصول الى الحقائق الاكثر نقاوة اذا لم تكن مطلقة!..
في الحقيقة توجد بحوث تاريخية تؤكد ان عمر عائشة كان بين 16-19 او اكثر وليس ذلك عيبا حتى يمكن رفضه ولكن الرفض يكون اذا ما قيل انه 9او اقل ثم تبنى على ذلك الكثير من القوانين العرفية الوضعية المخالفة لروح الشريعة الاسلامية السمحاء،هذا مع ملاحظة اختلاف ظرف المكان والزمان والاسباب الموجبة...
ان رفض زواج القاصرات يجب ان يكون اولا من جانب المتصدين للتفقه بالدين بدلا من ان يكون من جانب بعض العلمانيين الذين يقولون مالا يفعلون!...والواجب هو ان يتم الاعلان بصراحة برفض كل زواج للقاصرات مهما كانت الاسباب المعلنة او المخفية! ففي ذلك مصلحة دينية واجتماعية ظاهرة كما هو حفظ لحقوق الطفل من الاستغلال من فئات غير انسانية لا تخاف الله سبحانه بدعوى طاعته! وبالتالي يتم اغلاق السجال في هذا الموضوع وتركه تحت خانة الجرائم الجنائية... فكم من الجرائم والاعمال المنكرة والفاحشة ترتكب بأسم الدين او الحرية!...
هناك تعليقان (2):
في اليمن هناك معركة حقيقية بين علماء ورموز دينية كبيرة وبين آخخرين يحاولون وضع قانون لتحديد سن الزواج من 15 عاما
ولكن للأسف شيخ بمكانة الشيخ الزنداني يقف معترضا بل ومتهما كل من يحاول سن القانون بأنه خارج على الدين وهو عدو للدين وعميل لجهات خارجية مشبوهة تحاول تدمير قيم المجتمع
الناس يحتارون لأن الواقع مزري والحوادث التي تنشرها وسائل الإعلام عن حالات وفاة لفتيات تحت 12 عاما توفين بسبب حالات نزيف حادة بعد الليلة الأولى لزواجهن من أشخاص كبار في السن
لكن للأسف من يمثلون الجانب الشرعي يتمترسون حول إدعاء المحافظة على الشريعة من تشويه العلمانيين لها والمنظمات الأجنبية
تحية طيبة...
المعركة ليست موجودة في اليمن فحسب بل في كل البلاد الاسلامية...والزنداني ليس الاسلام بل هو يمثل رأيه ومن يكون معه!...صحيح انه متطرف لكونه سلفي الا ان فرض رايه واتهامه للاخرين مرفوض جملة وتفصيلا...
تحياتي الطيبة
إرسال تعليق