ثروة الارض:
اثارت اعلان الاكتشافات المذهلة للثروات المعدنية في النصف الاول من عام 2010 في افغانستان ومن قبلها في فنزويلا،الكثير من التساؤلات حول حجم الامكانيات الضخمة للموارد الطبيعية التي تمتلكها الكرة الارضية والتي مازال الانسان عاجزا عن التوقع في نضوبها كلما اضيفت اكتشافات جديدة، نظرا الى حجم الاستهلاك الهائل الذي يصاحب الحياة المعاصرة ويدعم استمراريتها بأفضل صورة ممكنة...
رغم الاستهلاك الكبير للثروات الطبيعية وبخاصة من جانب الدول المتقدمة اقتصاديا،فأن كافة التوقعات قد فشلت في اعطاء صورة واضحة لما يكون عليه العالم بعد نفاذ تلك الموارد التي ساعدت الانسان على الوصول الى هذا المستوى من التطور الاقتصادي...فرغم وصول حجم التعداد السكاني(حوالي 7 مليار) الى مستويات مخيفة بعض الشيء الا ان الامكانيات الهائلة لكوكبنا الصغير قادرة على استيعاب كافة الاحتياجات الانسانية،بل ان معظم الاراضي والبحار مازالت غير مكتشفة بالرغم من التوقعات المحتملة وغير المحتملة في وجود كافة المعادن وبخاصة موارد الطاقة الرئيسية...
غالبية الدراسات العلمية تذهب الى ان للموارد الطبيعية قدرة محدودة وان طال امد بقائها، ولكنها تعجز عن معرفة مدة بقاءها في الامداد،وقد يكون هنالك بعض الموارد التي لا تنضب فعليا،ولكن مستوى المعرفة العلمية مازال عاجزا عن الوصول الى دقة مطلقة في الاثبات،وهو دليل على ان العجز الانساني في معرفة كافة اسرار الارض هو تام فكيف له التبجح بالادعاء على معرفة اسرار الكون؟!...وهل الكواكب الاخرى خالية من الثروات المعدنية حتى نجزم بعدم القدرة على الاستفادة منها؟!...اكيد الجواب بالنفي المطلق!.
ان الرحمة الالهية قد وضعت في خدمة الانسان موارد طبيعية تفوق المستويات الحالية لقرون عديدة وكل ادعاء عن وصول الانتاج الى الذروة قد ثبت خطأه بطريقة تثير الاستهزاء كلما تم استكشاف موارد معدنية جديدة!....
التكنولوجيا واستهلاك الموارد الطبيعية:
لقد شاعت الكثير من المقولات حول العلاقة الطردية بين مستوى التطور الاقتصادي والاستنزاف الكبير للموارد الطبيعية،وهي عبارة نسبية الصواب! ويعود السبب في ذلك ان التقدم الاقتصادي يحمل معه بالفعل توسع كبير في استهلاك الموارد الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة نظرا لاتساع الاحتياجات المدنية له،ولكن ظهر ان التطور التكنولوجي قد حمل الينا ايضا اتساع معدل دائرة الاكتشافات العلمية التي تجعل استهلاك الطاقة وبقية الموارد الطبيعية يقل كثيرا عن السابق بالقياس الى الوحدة المنتجة حديثا مع القديمة من مادة الاستهلاك الطبيعية،فمثلا ان السيارات الحديثة وهي بالطبع اعلى متانة وقدرة وتقنية من السيارات القديمة ولكن في نفس الوقت اقل استهلاكا للمصادر الطبيعية وبخاصة الوقود،وهذا ينطبق على الكثير من الاشياء الجديدة،من قبيل شيوع استعمال البطاريات الكهربائية التي يتم اعادة شحنها او حتى زيادة قدرتها،وكذلك شيوع التوفير في استهلاك الطاقة للكثير من المنتجات الحديثة بالمقارنة مع نفس المنتجات قبل عقود سابقة من الزمن من قبيل المصابيح الكهربائية الحديثة!...وهذا معناه ان هنالك توفيرا كبيرا قد جرى في استهلاك الموارد الطبيعية وبالتالي اطالة مدة الانتاج للثروات المعدنية على مستوى العالم اجمع...
نعم صاحب ذلك ارتفاع مستوى المعيشة في الكثير من الدول النامية وبالتالي ارتفاع حجم الاستهلاك لتلك المصادر الطبيعية...وهذا صحيح ولكن مستوى التوفير كان كبيرا ويشمل الجميع،هذا بالاضافة الى ان حجم السلع الصناعية التي اصبحت بديلا للمعادن قد ارتفع الى مستويات قياسية واصبحت الجودة هي المقياس وليس نوعية المصدر،ومن الامثلة البسيطة على ذلك مادة المطاط الطبيعي وابدالها بالصناعي او استخدام البلاستيك بدلا من الحديد وغيره في الكثير من المنتجات...
ارتفاع مستوى الاسعار يصاحبه عادة دعوات الترشيد مع البحث عن حلول جذرية للتخلص من الاعتماد على الموارد الطبيعية وبخاصة الاكثر تلوثا!.
وهذا يعتبر احد محاسن ارتفاع الاسعار ولولا ذلك لاستمرت البشرية في الاستهلاك الغير عقلاني للموارد الطبيعية الى مالانهاية،وامامنا مثالا بارزا في حالة النفط بعد ارتفاع اسعاره عام 1973 فقد جرى الترشيد والبحث عن حلول تكنولوجية جديدة لمادة النفط وقد ادى ذلك الى التقليل من مستوى الاستهلاك في بداية الثمانينات مما ادى الى تدهور الاسعار بشكل فظيع بعد عام 1982،وقد سبب ذلك خسائر كبيرة للصناعة النفطية وبخاصة استمرارية الانتاج في الابار المكلفة بالاضافة الى توقف الكثير من خطط الاستكشاف او البحوث التكنولوجية العالية الكلفة،وقد وصلت ذروة الهبوط في عام 1986 مما ادى الى رجوع العادات القديمة نوعا ما في الاستهلاك الكبير دون مراعاة حجم الاحتياطي والبيئة وقد استمرت تلك الحالة مع الاسف لغاية عام 2004 بالرغم من التطور التكنولوجي في تلك الفترة واستمرار البحث عن مصادر للطاقة البديلة ولكن ليس بمستوى السابق! وهذا طبيعي في شيوع عادات الاستهلاك الغير عقلانية كلما توفرت الامكانيات الهائلة في شتى السلع والخدمات بين البشر،ثم يبدأ بعدها المنحنى الانسيابي في التدهور بعد الوصول الى مرحلة الذروة التي لا تبقى بالطبع الى الابد! حتى الوصول الى المراحل الخطرة في الندرة وعندها يبدأ البحث الجاد عن حلول جذرية لحل المشكلات الانسانية بفعل الحافز المؤثر المتمثل في نفاذ ما في اليد!!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق