شركاء في العمل:
تنقل الوسائل الاعلامية المختلفة سواء اكانت مرئية او مطبوعة،الكثير من الاحداث المؤسفة التي تحدث لاصحابها سواء اكان اعمالا اجرامية او فساد الذمم...الخ من الامور المثيرة للاشمئزاز...
ومن ناحية الكتب التي تحتوي سيرة ذاتية او سرد تاريخي لفترة زمنية قريبة،نرى ذكر لاحداث عديدة مؤسفة او ذكر لاسماء اشخاص يقومون بأعمال مخالفة للقانون او غير انسانية ناهيك عن الاجهزة الحكومية التي تقوم بها مما يجعلنا امام امر واقع وغريب فعلا وهو...اذا كان القارئ او المشاهد وهو انسان بسيط وليست لديه صلاحيات ولا يمتلك اي مصلحة شخصية مباشرة ويتفاعل بهذا الشكل مع الحوادث والتي تصل الى حد الاندماج معها،فلماذا لا يتفاعل بنفس الشكل او حتى بدرجة اقل رجالات الحكم واجهزتهم الحاكمة التي تدعي حماية القانون والبلاد والعباد برغم امتلاكهم كافة الصلاحيات التي تجعلهم قادرين على اتخاذ قرارات تصحيحية لغرض اقامة العدالة وقطع دابر المفسدين؟!...
الا يؤثر فيهم حديث وسائل الاعلام في تقاريرها وهي تنقل مآسي واخطاء معينة،او ما ينقله الكتاب او اصحاب الشأن من ذكر لتلك الاخطاء او المتسببين فيها؟!...هل انعدمت المرؤة والانسانية فيهم الى تلك الدرجة التي تجعلهم عديمي الاحساس؟! ام ان مشاركتهم المباشرة او غير المباشرة لهم ولاعوانهم في تلك الاعمال هي حقيقة لاغبار عليها مما يجعلهم غير مكترثين لها؟!من قبيل زرع الرعب او اذلال الناس واشغالهم عن متابعة امور اكثر اهمية!... في الحقيقة هي ظاهرة تستحق التوقف عندها!...
في حالة الدول التي تحكمها نظم ديمقراطية مفتوحة فأن حدوث تلك الاخطاء هو اقل من الدول الاخرى،وعلى هذه القلة يكون التحقيق موجود على اعلى المستويات وممكن ان يطيح بأصحاب اعلى المناصب كما حدث للرئيس الامريكي الاسبق نيكسون في فضيحة ووترغيت عام 1974! ويكون للاعلام دورا رئيسيا في الكشف والمتابعة...نعم هنالك بعض الاخطاء التي تبقى دون متابعة او تحقيق او حتى تغلق ملفاتها! ولكن تبقى نسبتها ضئيلة بالرغم من خطورتها على العدالة وصورة البلاد الخارجية ...
اما في حالة البلاد الاخرى ومن ضمنها البلاد العربية...فالامر غريب حقا لان الكثير من الاخطاء التي تحدث والتي يذكرها من يتعرض لها او حتى يكون شاهدا عليها،فأن القضية لاتتابع او لا تؤثر على مشاعر من يتصدى للحكم ويمتلك الصلاحيات الكاملة لتصحيح تلك الاخطاء!...
فالكثير من الناس يتعرض الى الاهانة والضرب والاستغلال في مراكز الحدود والمطارات مثلا فهل عوقب المتسببون فيها بحيث اصبحوا عبرة لمن يعتبر؟!...الجواب كلا! فمازالت دولنا العربية تصنف ضمن الدول الاكثر خطورة في العالم في انعدام الامن والعدالة لكل من يزورها وتجعل المسؤولية على المسافر الاجنبي اذا حدث له امرا مكروها،وبالفعل فقد الكثيرون حياتهم وحريتهم وأموالهم من جراء ذلك!،ولنا ان نتصور كم تسبب لنا تلك الصورة المخزية من خسائر مادية او معنوية لا حصر لها!.
في حالة الانظمة الفاسدة او المحكومة بنظم غير ديمقراطية،يكون التصحيح غالبا اسهل اذا امتلك الحاكم وزمرته قدرا كافيا من المسؤولية ونصيبا لا بأس به من الاخلاق والضوابط الدينية والوطنية التي تجعله يحرص على المتابعة!...اما كيف اسهل التصحيح؟...فذلك لانهم بسهولة يستطيعوا ان يعملوا لجان تحقيقية تنفذ اوامرهم بصارمة ضد المخالفين وبدون العودة للقضاء ولقوانينه الوضعية التي تأخذ وقتا طويلا في تحقيق العدالة اذا استطاعت اصلا ان تستمر في اجراءاتها الروتينية المملة!...
الاعذار الواهية الدالة على مستوى عال من المشاركة في الجريمة او الظلم هي التي تبرر بعدم وجود الوقت الكافي للمتابعة،او عدم التفرغ لامور صغيرة لان وقتهم مشغول في متابعة الامور الكبيرة التي تهم البلد!...اذا اهملت القضايا الصغيرة كما يدعون وبذلك الكم الهائل! فأن البلاد تسير حتما نحو الهاوية من جراء ما يحدث لها،وهذا ما رايناه في اغفال وجود مراكز قوى في العديد من الانظمة والتي تسببت في النهاية وبسبب الطريقة المتعارف عليها في الحكم في نكبات كارثية يستمر أثرها لعشرات السنين!...
عندما نقرأ في الكتب او وسائل الاعلام الاخرى عن حوادث واقعية او اخطاء ومر عليها عقود من الزمن دون ان تثير الانتباه او التحقيق فذلك امر مثير للدهشة ويبعث على اليأس من اصلاح المجتمع والدولة!...فالجريمة لا تسقط بقدمها خاصة اذا كان الاشخاص مازالوا احياء،اما اذا كانوا غير احياء فعلى الاقل وكما تفعل الدول المتحضرة في تقديم اعتذار او اعادة اعتبار مع تعويضات كاملة لذويهم.
تحدث دائما الكثير من جرائم القتل والاغتصاب والتعذيب وقبول الرشاوى او خلق العوائق الغير قانونية او انسانية امام الاخرين...الخ من الجرائم الصغيرة او الكبيرة ويكون من الصعب احيانا على الضحايا او من ينوب عنهم متابعة الامر لاسباب شتى ونتفاعل معها نحن ولكن مع الاسف الشديد لا نجد ادنى متابعة او تحقيق من الاجهزة الحاكمة وبخاصة المتحكمين بمصائر شعوبهم!ويمكن ان نرى ذلك في مواقع الانترنت التي أخذت تنقل الصورة كاملة لبعض تلك الاعمال الاجرامية المخزية،نماذج مثالية لا يمكن اغفالها...وهذه الحوادث مع الاسف تحدث يوميا بحيث اصبح الحديث عن حوادث الماضي ضياعا للوقت وكمن يبحث في الجرائم المذكورة في الموسوعات التاريخية القديمة! بالرغم من وجود الاجهزة او الاشخاص التي مارستها بوقاحة لا مثيل لها! ولا حصر لعدد الامثلة وبصورة مختصرة لكثرتها المرعبة والتي تملأ مجلدات عديدة!...
من يرى الاعتذار واعادة الاعتبار والتعويضات لمن تحدث لهم تلك الاخطاء في الدول المتقدمة وبعض العقوبات القاسية للمتسببين بها،ومن يرى انعدام ذلك او ندرته لدى شعوب العالم الثالث،فأنه يصاب بخيبة امل وبحزن شديد على تلك الجرائم والاخطاء المستمرة وعلى حرية اصحابها في العيش والحركة او تأزم الحالة النفسية للجميع والتي يجعل الشعور عاليا بأنعدام القيم الاعتبارية للانسان وحقه الطبيعي في حياة حرة كريمة تحت ظل العدالة الحقيقية للجميع!...
ان عدم وجود لجان المتابعة والتحقيق والتي هي اسهل طريق لتحقيق العدالة،هو جريمة كبرى بحق الوطن والمواطن البسيط وتمارسها الانظمة الفاسدة والتي تدعي زورا وبهتانا الوطنية والاخلاق والدين!...بل هي وصمة عار أبدية في وجوههم القبيحة التي تحتاج الى وضعها تحت التراب بسرعة عند موتها كي لا تصيبنا بالعدوى او الغثيان!...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق