اسس البنية التحليلية:
السياسة نموذجا
التحليل هو علم بحد ذاته ويدخل ضمن جميع العلوم والفنون والاداب وهو ليس فقط تفسير النتائج والوقائع بحسب اصولها وقواعدها التي تستند على بنيتها المعرفية،بل ايضا يعطي مقدمة لتلك الاصول ويعطي تفسيرات واستنتاجات مستقبلية لما يحتمل ان يكون عليه او يتوقع حصوله.
اذا التحليل هو علم وفن بحد ذاته وعليه يمكن الاستدلال على جملة من الوقائع والاحداث والنتائج التي تقع يوميا ،وبدون التحليل يبقى العقل البشري عاجزا عن تفسير كافة الاحداث التي تحصل وبالتالي سوف يبقى بدون ادراك حسي وعقلي لها مما يعني انه سوف يقع في نفس الاخطاء التي تحدث عادة عند وقوع تلك الاحداث! لانه عاجزا عن تفسيرها هذا بالاضافة الى ان العجز في التحليل الى الاسباب المؤدية الى تلك النتائج هو بحد ذاته عجز عن الحياة الطبيعية التي من اسباب ديمومتها هو التطور والذي لا يحدث بدون تحليل لكل ما يجري حولنا مما يعني ان قوة التحليل المنطقي هو بحد ذاته قوة علمية تساعد الانسان على البقاء والتطور والتكيف مع كافة مشاكل الطبيعة والتي تحتاج الى دراية تامة بكافة مكوناتها بغية الوصول الى الهدف الاسمى في استغلالها وفق الحاجات الانسانية المتعارف عليها والتي هي في تطور مستمر لذلك نرى ان الحاجات الانسانية الحالية هي تختلف عن الحاجات الانسانية السابقة واكيد ايضا سوف تختلف عن الحاجات في المستقبل والذي نجهل ما سوف يكون عليه بالرغم من التطور الكبير في علوم الاحتمالات والمستقبليات الذي تبقى قدراته نسبية وهو دلالة واضحة على محدودية العقل الانساني وقدرته بالرغم من سعته الضخمة والقادرة على التكيف والمعالجة.
تحليل النتائج الدقيقة في العلوم كافة تترك للمتخصصين وكلا حسب اختصاصه ولكن لا بأس في امتلاك القدرة العامة للتحليل والتي تجعل للفرد العادي معرفة ولو بسيطة في مجال كل علم من العلوم او على الاقل اكبر عدد منها! لان للقدرة الفردية والاجل القصير للحياة تجعل من شبه المستحيل الاحاطة بكافة العلوم والفنون وبالتالي استحالة امتلاك المعارف في موسوعة متكاملة،ولكن ذلك لا يمنع من الاحاطة بأكبر كمية معرفية مع امتلاك القدرة الكاملة على تحليل اكبر عدد منها لكي يتسنى فهمها على اكمل وجه.
قد تكون نتائج التحليل خاطئة وقد تكون صائبة! وقد تكون صعبة على الفهم والادراك وقد تكون سهلة وكل ذلك يعود الى اختلاف في نسبية امتلاك في نوعية وكمية القيم المعرفية التي تساعد على التحليل مع اختلاف الاختصاصات المراد تحليلها،ولكن لنوعية المعارف واتساعها وشموليتها اثرا كبيرا في بناء القدرة وبالتالي كلما ازدادت تلك المحصلة من شتى المعارف مع فهم واستيعاب كاملين لها وبخاصة للاسباب المؤدية لها،كلما ازدادت دقة التحليل لانه في النهاية يبقى نسبي وليس مطلقا الا في حالات نادرة،وبذلك يكون الهدف الاسمى في تلك النسبية هو امتلاك الدرجة العالية فيها لانها الاقرب للواقع والحقيقة بينما يكون العكس من ذلك هو ضعف في مدى صدقية وواقعية التحليل وبالتالي سوف يكون من الجهل الاعتقاد به فضلا عن الدفاع عنه وهو يحصل كثيرا في مشاهداتنا اليومية وبحسب اختلافاتها.
كلما كانت الاحاطة شاملة كلما كانت نتيجة التحليل وجودته عالية لان القضايا المراد تحليلها هي ليست متعلقة بنوع واحد من العلوم والاداب بل هي مشتركة بين جملة منها لان تداخل العلوم اصبح واضحا للجميع بحيث يستحيل فصلها عن بعضها البعض فبعد ان كانت جميعها في بوتقة واحدة ثم تفرقت بفعل النمو الكبير فيها ولكن هذا النمو والتوسع اصبح يشترك في مساحة معينة مع العلوم الاخرى كما نلاحظ مثلا في الاقتصاد السياسي او التاريخ الاجتماعي وغيرها...وبذلك يصعب التحليل في هكذا فروع اذا لم يكن لدى المحلل او الدارس اية معرفة بالعلوم ذات العلاقة لانها تساعد على التفسير وفق ما تقتضيه المصلحة العلمية المجردة...اذا الواجب العلمي يقتضي الاحاطة بكل ما يتعلق بالموضوع المراد البحث فيه وتحليله وذلك من خلال رؤية كافة العلوم ذات العلاقة لانها تساعد على الفهم الذي يسهل على الباحثين التعرف على المشكلة من كافة جوانبها وبالتالي يجعل رؤية الحلول المختلفة امرا يسيرا.
تحييد الموروثات التي تؤثر على التحليل هو بالتأكيد يعطي له صفة علمية مجردة ويكون اقرب للواقع ولكن يستحيل التخلص من الموروثات او تحييدها بصورة مطلقة ولكن نسبيتها هو امرا اقرب للواقع لان الموروثات هو جزء من الشخصية الانسانية والتي تنمو معها منذ الصغر وحتى لو اقتلع الانسان كل الموروثات لديه فأنه بالتأكيد سوف تحل محلها موروثات اخرى لمجتمعات جديدة عليه بوعي او بدونه!...قد تضيف الموروثات تفسيرات جديدة للتحليل ولكنها لا تساعد على الحيادية والدقة العلمية الا اذا امتلكت من البراهين والادلة التي تساعد على اعطاء نتائج مثالية وبالرغم من ذلك فأن الاخرين لا يرون دقة تلك النتائج وصوابيتها حتى لو كانت بالمعيار العلمي المجرد صحيحة لان أثر مخالفة موروثات الاخرين قوية جدا وتظهر الى السطح حتى لو بدون وعي ولذلك نرى رفض جماعي للكثير من التحليلات الصادر من الطرف الاخر حتى لو كانت ذات دقة عالية!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق