المصادر الخارجية للرأي:
تبنى الكثير من الاراء والقرارات على المستوى الفردي والجماعي على رأي فرد او رأي مجموعة معينة وقد يكون بعضها خطيرا،وقد يتحول هذا التبني في المستقبل الى رأي مقدس او ثابت والاخطر انه يتم توريثه لاحقا الى الاجيال القادمة دون التأكد من نسبية الدقة فيه!.
المصدر الفردي:
لكل فرد بالطبع رأيه في مسألة ما او يكون له تصور معين حول وضع ما كأن يكون وجهة نظر حول وضع سياسي او اقتصادي او اجتماعي من قبيل استطلاع بلد ما من خلال زيارته او رؤية حادثة معينة مثلا،وبالتأكيد سوف تكون الاراء الواردة من الطبقات المثقفة لها الاسبقية على غيرها من الاراء لان مصدرها ناشئ من فرد له القدرة الكاملة على اصدار الرأي وطرحه للعلن مستغلا امكانياته الثقافية او الاكاديمية التي تساعده في قراءة الاحداث واستنباط الرأي من خلال الاستعانة بالادوات العلمية التي تعطي عادة لصاحبها قدرة وتميز عن غيره مما يعني ان الاراء المتولدة لها الامكانية على النمو والصمود وبالتالي سوف يكون لها جمهورها الذي يعتقد بصحتها المتولدة من العجز عن الاتيان بنفس الرأي او الاعتقاد بسلامة سريرة صاحبها او التسليم بقيادته مما يعني ان الكثير من الاراء او المتبنيات الصادرة من قبل افراد الزمرة الثقافية هي ليست بالضرورة صائبة مادام هنالك انعدام فرص تبيان الحقيقة او فحص الرأي والتأكد من صدقية النتيجة،وبالتالي سوف تكون نسبة كبيرة من آراءنا هي صادرة من مصدر فرد واحد طرحها للعلن وقد يكون بعضا منها قد ورثناه دون ان نتبين حقيقته!...
كلما كان مصدر الخبر او الرأي على دراية كافية بجملة من المؤشرات الحامية له من الزلل كانت نتيجة آرائه هي اكثر صدقية وصوابية من غيرها والعكس صحيحا وهذا يكون في الرؤية الملموسة او التحليل النقدي...بمعنى ان رؤية الانسان الضعيف الامكانية الثقافية سوف يكون اقل صدقية للتعبير من غيره لانه سوف يعتمد على المشاهدة التي تستند على فطرته التي لا تستطيع التحليل والنقد(لان الحصول عليها يحتاج الى جهد وبذل) والاستناد فقط على الرؤية والمعايشة لا يكون كافيا ولكن يمكن قبول البعض بشرط الصدقية والاخلاص في القول ،وبذلك سوف يستبعد رأيه او يتم تجاهله ولكن للاستفادة من هكذا آراء من خلال استخلاص اقصى فائدة منها هي تكون بجمع عدد كبير من تلك الاراء الصادرة من هكذا اناس تجمعهم البساطة وبالتالي يكون المقياس الرئيسي هو ان يكون اتفاقهم على فقرات معينة من الرأي يتم تبنيه بصورة شبه اجمالية ثم الاستعانة بأسس التحليل والنقد حتى يكون مطروحا على الساحة الثقافية...
المصدر الجماعي:
اذا كان مصدر الخبر اكثر من شخص واحد فأذن سوف يكون مصدره جماعيا،والاتفاق العشوائي في الرأي هو اكثر صدقية من غيره وكلما كان عدد افراد المجموعة كبيرا كلما ازدادت نسبية الصدق والصواب في متن الرأي او الخبر والعكس صحيح ايضا..
ايضا يكون للمستوى الثقافي او الرادع النفسي الاخلاقي دورا مهما كسابقه في المجموعة فقد تكون المجموعة على اتفاق متعمد او مصادف ان لا اهمية للاعتبارات الدينية او الاخلاقية في التعبير وبذلك يكون من الخطأ الاتكال على امثال تلك المجموعة التي لا تراعي او تهتم بمدى صدقيتها لان الرادع معدوم!...
مصادر الرأي والخبر هي من الاهمية بمكان حتى ان احد ابرز مصادر الثقافة الاسلامية وعلومها الرئيسية تستند على علم يطلق عليه علم الرجال والذي يبحث في تاريخ والتزام ناقلي الحديث النبوي الشريف او بقية العلوم الاخرى والتأكد من سلامة عقيدتهم وسيرتهم الاخلاقية ورغم ذلك التشدد في القبول فأن الكثير من الوضاعون قد فلتوا من الرقابة،لا بل اصبحوا على مرتبة عالية من الاحترام والتقدير والقدسية!...
الكثير من المصادر الخبرية والتي تنقلها مختلف وكالات الانباء هي ناتجة من رؤية او تحليل فردي! وبالتالي نكون تحت رحمة اصحاب تلك الاراء وبالتالي علينا التأكد منها ومن ثم قبولها بعد ذلك...هذا كما هو موجود في حياتنا اليومية والخبر او الرأي يكون من وكالة انباء مشهورة، فكيف هو حالنا نحن اذا قبلنا خبرا او تحليلا ما صادرا من شخص قد يكون احيانا قريب الينا؟! ثم الاكثر صعوبة هو كيف يتم تداول وتوارث هذا الخبر او الرأي؟!... بالتأكيد حالنا سوف يكون ضعيفا ومأساويا خاصة في ظل انعدام وسائل النقد والتحليل التي غالبا ما نهملها لاسباب شتى...
اذا كانت المصادر الجماعية هي ضعيفة وخاطئة احيانا فكيف يمكن تقبل رأي فرد ما وخاصة مشاهداته او تصوره حول وضع معين؟!. لا شك ان الامر هو غاية في الصعوبة!...
عندنا الكثير من الامثلة التي تبين لنا ان المجموعة تخطأ في مجالات كثيرة، ففي البرنامج الشهير(من سيربح المليون) شاهدنا وبشكل يثير الاسى والحزن كيف يتم الاستعانة بالجمهور المشاهد والذي يختلف غالبا في اجوبة الكثير من الاسئلة البسيطة حتى انه يعطي اجوبة خاطئة مضحكة يرفضها المشارك الواعي !.. مما يعني ان الاعتماد الكلي على الجمهور هو خطأ كبير حتى ولو كان الظاهر يدل على امتلاكهم امكانية ثقافية لا بأس بها،ولذلك نرى ان العينات العشوائية البسيطة والتي يتم الاستعانة بها بغية معرفة راي الشارع حول مسالة ما،نراها تختلف في الدقة ولكن كلما كان حجم المجموعة كبيرا ونوعيتها اكثر انتشارا في المجتمع كان حجم الدقة اعلى وبالتالي يمكن لنا الاخذ بصدقيتها النسبية وليست المطلقة لاستحالة الاخيرة!...
اذا علينا التأكد من الخبر او الرأي من خلال الاستعانة بكل مصادر التحليل والنقد ووضعها تحت منظار موضوعي لا يحتمل الشك حتى ولو بجانب من جوانبه،كما ينبغي لنا جميعا فحص ما سبق وعدم ترك عقولنا تتقبل المتوارث من الاخبار والاراء دون الفحص والمقارنة مع المتعارض منها خاصة اذا كان الاخير يمتلك امكانيات عالية في البرهان والتقييم...الشجاعة الادبية يجب ان تكون وسيلتنا الرئيسية لمعرفة الحقائق الكاملة،فلولاها لبقينا على استحياء في رفض الخطأ لان مصدره يمت لنا بصلة مثلا! وهنا يكون هدفنا الرئيسي هو الحقيقية الموضوعية في تقبل مصادر الرأي سواء فردية او جماعية،ولا بأس الاستعانة بمن نختلف معهم في كل شيء اذا كان الاخر يمتلك جزءا من الحقيقة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق