كان تغيير الوزارات يجري بصورة سلمية ولكن ليست خالية من المؤامرات والدسائس بين السياسيين،وكان هنالك مجلس نيابي ومجلس للاعيان واعضائهما بالطبع اما يتم اختيارهم او يجري تزوير نتائج الانتخابات لاجل تعيينهم وغالبيتهم من الاثرياء سواء الرأسماليين او الاقطاعيين وحصة الاسد هي لابناء الطائفة السنية مع نسب اقل لبقية الطوائف،اما حال مؤسسات الدولة فكانت غريبة على السكان بحيث يتم تعيين مسؤولي الالوية(المحافظات)والاقضية جميعهم من خارج مناطقهم!وجلهم من العرب السنة بحيث لم يوجد مسؤول واحد من الاغلبية المبعدة واصبح التمييز ضدهم سمة الحكومات العراقية المتتالية بحيث ضج الناس بالشكوى والامتعاض من الوضع القائم الذي وصل الى حد حرمان مناطقهم من بناء المدارس الضرورية لتعليم ابنائهم،حتى لايؤثروا على تعيينات ابناء العرب السنة!بالاضافة الى حرمانهم من كل مستلزمات واسس البنية التحتية وساهم منظر الفكر القومي الاول ساطع الحصري(1888-1968) وهو من اصول مجهولة!ولد في سوريا وكان عثماني الهوى والنزعة وبعد سقوط الدولة العثمانية تحول الى الفكر القومي العربي! مع العلم انه لغاية وفاته كانت لكنته غير عربية،جاء الى العراق مع الملك فيصل وعين مدير لوزارة المعارف التي هي الوحيدة من حصة الشيعة في البداية ولكن كانت له الكلمة الاولى!ولعب من خلالها اقذر الادوار في منع اقامة المراكز التعليمية في مناطق الشيعية العربية وحارب تعينهم في الوزارة حتى اصبح رمزا فريدا للطائفي المتعصب ومعركته الشهيرة مع الجواهري ماثلة للعيان في كتب التاريخ،والغريب في الامر ان غالبية معتنقي الفكر القومي العربي الذي يراد له جمع كلمة العرب ! اصبحوا على شاكلته ولو بنسب متغيرة!وهذا نموذجا فاضحا لتلك المرحلة المخزية،واخذت وسائل الاعلام المحلية والعربية تبرز تلك المظاهر وتنتقد الاوضاع المزرية وكانت حصة الاسد من نصيب الصحف والمجلات اللبنانية وخاصة مجلة العرفان الشهيرة والمراجع لاعدادها خلال عقدي العشرينات والثلاثينات،يمكن الاستدلال على فداحة الظلم الواقع على الاغلبية التي لم يزد عدد العاملين من ابنائها في اجهزة الدولة على نسبة 6%!.
اما الاجهزة العسكرية والامنية فكان الامر اكثر فداحة بسبب كون تلك الاجهزة هي الوحيدة التي لديها القدرة على الدفاع عن النظام وحفظ الامن بوجه اعداء الداخل والخارج،وهذه الاجهزة تشكلت اساسا بقرار بريطاني صرف عام 1921 بعد مؤتمر المستعمرات في القاهرة في آذار(مارس)من ذلك العام من وزير المستعمرات وينستون تشرشل،لغرض حماية النظام والاجانب والحلول محل القوات البريطانية،وتشكل الجيش والشرطة من بقايا الجيش والشرطة العثمانية،وجميع الضباط هم من ابناء السنة العرب مع اقلية من الاكراد لعدم وجود ضباط آخرين من بقية الطوائف الاخرى في الدولة العثمانية،وحتى يمكن الخروج من هذا المأزق الطائفي العلني،جرى تأسيس اول فوج بأسم الامام موسى الكاظم(ع)وهو الامام السابع لدى الشيعة!مع قبول بعض الشيعة للعمل كجنود وافراد شرطة! وهو تغيير شكلي لايرقى الى حل المشكلة من جذورها،وهذا الجيش قام بأخطر الادوار منذ ذلك الحين في تاريخ العراق واصبح سلاح الدولة الاول في القضاء على المتمردين ثم توسع واصبح وسيلة لابادة الاقليات حتى تجاوز الحدود الدولية وبقي لقبه الباسل ملاصق لاسمه منذ ذلك الحين !،ولم يساعد فرض التجنيد الاجباري عام 1935 من تنوع قيادات الجيش وتخفيف نسبة العرب السنة فيه،بل بقي سياسة ثابتة لدى جميع الحكومات العراقية المتعاقبة وهي جعله جيشا ينتسب للطائفة الحاكمة بأمتياز حتى سقوط بغداد عام 2003 ! وعندها بدء العمل في بناء جيش وطني يضم جميع الطوائف بغية الغاء التمييز الطائفي فيه.
لم يساهم الملك فيصل الاول(1883-1933)في التخفيف من طائفية الدولة،وحتى ابنه الملك غازي(1912-1939)،وبقيت البطانة الحاكمة تمنع من وصول ابناء الجنوب الى المناصب الحساسة اما بقية الاقليات فأن ضألة نسبتهم لاتساعدهم على منافسة العرب السنة رغم ان بعض ابنائهم شغلوا مناصب عليا في الدولة.
لم توجد طبقة سياسية من المدنيين الشيعة بسبب احتكار رجال الدين والرؤساء المحليين من شيوخ العشائر وملاكي الاراضي،للعمل السياسي وتلك غلطة كبيرة لاتغتفر لهم لكون الساحة قد خلت تقريبا من السياسيين الشيعة بعد الضربة الموجعة التي وجهت لكبار رجال الدين بين عامي 1922-1924 والذين ابتعدوا عن الساحة مفسحين المجال لغيرهم دون ادنى رقابة منهم بسبب التعهد في الابتعاد عن الخوض في السياسة! وبما ان عمل الرؤساء المحليين يتركز بصورة رئيسية في خدمة مصالحهم الذاتية وتنمية ثرواتهم،فأن مناطقهم لم يجري لها اي تطوير شامل حتى سقوط النظام الملكي عام 1958،ولكن مع ذلك لم تخلوا الساحة من الرجال الوطنيين المخلصين والذين بقوا مجهولين لدى غالبية ابناء الشعب بعد رحيلهم امثال الزعيم جعفر ابو التمن والسيد محمد الصدر وغيرهم.
لم يكن بناء الدولة العراقية سهلا،فهنالك الاكراد في الشمال والمطالبين بالانفصال والذين قاموا بعدة ثورات سحقها الانكليز في اول الامر ثم بعد ذلك تولى المهمة الجيش العراقي!بالاضافة الى مشكلة الموصل والتي كانت فرنسا تطالب به اول الامر ثم تركيا تطالب بها حتى تمت تسويتها باعطاء الفرنسيين والاتراك نسبة كبيرة من نفط الموصل!وعندها جرى ضم اللواء الى العراق،وفي الجنوب مع السعودية شكلت الغارات الوهابية(1926-1929)خطرا كبيرا على الامن،لم ينتهي حتى تم القضاء على جيش الاخوان الوهابي المتطرف،ومن الجانب الايراني بقيت المشكلة حتى عام 1937 عندما منحت ايران اراضي حدودية تطالب بها وعندها اقيمت العلاقات معها،ولكن اول تمرد حقيقي وجدي ضد الحكومة العراقية كان من جانب الاقلية الاشورية في الشمال عام 1933 وقد استخدمت القسوة المفرطة من جانب الجيش العراقي الجديد بحيث قتل الكثير من الابرياء في مذبحة دامية! ثم تبع ذلك القضاء على التمردات المستمرة من جانب الاكراد في نفس الفترة تقريبا،تبعها تمرد القبائل العربية الشيعية في الجنوب عام 1935 وبنفس الطريقة الاجرامية قمعت تلك الثورات وبدون استئصال المشاكل المسببة لها بصورة جذرية مما يجعل رؤية ذلك الجيش وهو يكال له المجد تلو المجد ماهو الا وسيلة مضحكة وسخيفة على العقول،فجيش بني على القمع والارهاب منذ البداية ووفق المقاييس البريطانية ماهو الا جهاز قمعي ثابت بيد الانظمة العراقية المختلفة رغم وجود بعض الوطنيين الا ان ذلك لايؤثر على مسيرة جيش كبير يستمد عقيدته العسكرية وقوانينه من التقاليد العسكرية التركية بما تمثله من صرامة وقسوة شديدة مع التقاليد العسكرية البريطانية في قوانينها والتنظيم والضبط العسكري الصارم الناتج عنها،وبذلك يكون اي تفكير في اشراك الجيش في التغيير الجذري للمجتمع العراقي بمثابة خرافة ساذجة لا تصمد امام الواقع العملي في التطبيق ولا امام البحث العلمي الرصين في الدراسة والتمحيص واعطاء الاستنتاجات والحلول!.
استقل العراق عن بريطانيا عام 1932 وانضم الى عصبة الامم في نفس العام وكان اول بلد عربي مستقل ينتمي الى العصبة،وتبعته بعد ذلك مصر عام 1937،ولكن بقي البلدان تحت النفوذ البريطاني بصورة شبه مطلقة،وبقيت القواعد العسكرية في اراضيهما،مع شيوع نزعات تحررية متطرفة مقاومة.
بعد وفاة الملك فيصل الاول عام 1933 الذي كان له بعض الدور في سياسة الدولة ،فتولى نجله الملك غازي الحكم وكان صغير السن(21عاما)وقليل الخبرة مع السرعة في اتخاذ القرارات،ولكن بقي محاطا بسياسيين دهاة لاقدرة له على مجاراتهم،يتصارعون فيما بينهم في سبيل التفرد بالحكم،ويحاول كل واحد منهم ان يدعم وجوده بالاحزاب والرؤساء المحليين وضباط الجيش،ولذلك كانت فترة حكمه خاضعة للسياسيين والعسكر وليست له صلاحيات مطلقة على التحكم في الامور وتسيير شؤون الدولة،وكان قدر برز من السياسيين نوري السعيد والاخوين ياسين الهاشمي وشقيقه طه وهما من ضباط الجيش العثماني السابق،وكان الاول يطمح ان يكون بسمارك العرب،كما ازداد تدخل الجيش في السياسة،وازداد فساد السياسيين ولكن ليس بالصورة الموجودة في زمننا الحالي! وحتى الطغيان كان له حدود يقف عندها الطغاة والمستبدون،وهذا القول لانطبق على العراق فقط وانما على غالبية البلاد العربية آنذاك.
اما الاجهزة العسكرية والامنية فكان الامر اكثر فداحة بسبب كون تلك الاجهزة هي الوحيدة التي لديها القدرة على الدفاع عن النظام وحفظ الامن بوجه اعداء الداخل والخارج،وهذه الاجهزة تشكلت اساسا بقرار بريطاني صرف عام 1921 بعد مؤتمر المستعمرات في القاهرة في آذار(مارس)من ذلك العام من وزير المستعمرات وينستون تشرشل،لغرض حماية النظام والاجانب والحلول محل القوات البريطانية،وتشكل الجيش والشرطة من بقايا الجيش والشرطة العثمانية،وجميع الضباط هم من ابناء السنة العرب مع اقلية من الاكراد لعدم وجود ضباط آخرين من بقية الطوائف الاخرى في الدولة العثمانية،وحتى يمكن الخروج من هذا المأزق الطائفي العلني،جرى تأسيس اول فوج بأسم الامام موسى الكاظم(ع)وهو الامام السابع لدى الشيعة!مع قبول بعض الشيعة للعمل كجنود وافراد شرطة! وهو تغيير شكلي لايرقى الى حل المشكلة من جذورها،وهذا الجيش قام بأخطر الادوار منذ ذلك الحين في تاريخ العراق واصبح سلاح الدولة الاول في القضاء على المتمردين ثم توسع واصبح وسيلة لابادة الاقليات حتى تجاوز الحدود الدولية وبقي لقبه الباسل ملاصق لاسمه منذ ذلك الحين !،ولم يساعد فرض التجنيد الاجباري عام 1935 من تنوع قيادات الجيش وتخفيف نسبة العرب السنة فيه،بل بقي سياسة ثابتة لدى جميع الحكومات العراقية المتعاقبة وهي جعله جيشا ينتسب للطائفة الحاكمة بأمتياز حتى سقوط بغداد عام 2003 ! وعندها بدء العمل في بناء جيش وطني يضم جميع الطوائف بغية الغاء التمييز الطائفي فيه.
لم يساهم الملك فيصل الاول(1883-1933)في التخفيف من طائفية الدولة،وحتى ابنه الملك غازي(1912-1939)،وبقيت البطانة الحاكمة تمنع من وصول ابناء الجنوب الى المناصب الحساسة اما بقية الاقليات فأن ضألة نسبتهم لاتساعدهم على منافسة العرب السنة رغم ان بعض ابنائهم شغلوا مناصب عليا في الدولة.
لم توجد طبقة سياسية من المدنيين الشيعة بسبب احتكار رجال الدين والرؤساء المحليين من شيوخ العشائر وملاكي الاراضي،للعمل السياسي وتلك غلطة كبيرة لاتغتفر لهم لكون الساحة قد خلت تقريبا من السياسيين الشيعة بعد الضربة الموجعة التي وجهت لكبار رجال الدين بين عامي 1922-1924 والذين ابتعدوا عن الساحة مفسحين المجال لغيرهم دون ادنى رقابة منهم بسبب التعهد في الابتعاد عن الخوض في السياسة! وبما ان عمل الرؤساء المحليين يتركز بصورة رئيسية في خدمة مصالحهم الذاتية وتنمية ثرواتهم،فأن مناطقهم لم يجري لها اي تطوير شامل حتى سقوط النظام الملكي عام 1958،ولكن مع ذلك لم تخلوا الساحة من الرجال الوطنيين المخلصين والذين بقوا مجهولين لدى غالبية ابناء الشعب بعد رحيلهم امثال الزعيم جعفر ابو التمن والسيد محمد الصدر وغيرهم.
لم يكن بناء الدولة العراقية سهلا،فهنالك الاكراد في الشمال والمطالبين بالانفصال والذين قاموا بعدة ثورات سحقها الانكليز في اول الامر ثم بعد ذلك تولى المهمة الجيش العراقي!بالاضافة الى مشكلة الموصل والتي كانت فرنسا تطالب به اول الامر ثم تركيا تطالب بها حتى تمت تسويتها باعطاء الفرنسيين والاتراك نسبة كبيرة من نفط الموصل!وعندها جرى ضم اللواء الى العراق،وفي الجنوب مع السعودية شكلت الغارات الوهابية(1926-1929)خطرا كبيرا على الامن،لم ينتهي حتى تم القضاء على جيش الاخوان الوهابي المتطرف،ومن الجانب الايراني بقيت المشكلة حتى عام 1937 عندما منحت ايران اراضي حدودية تطالب بها وعندها اقيمت العلاقات معها،ولكن اول تمرد حقيقي وجدي ضد الحكومة العراقية كان من جانب الاقلية الاشورية في الشمال عام 1933 وقد استخدمت القسوة المفرطة من جانب الجيش العراقي الجديد بحيث قتل الكثير من الابرياء في مذبحة دامية! ثم تبع ذلك القضاء على التمردات المستمرة من جانب الاكراد في نفس الفترة تقريبا،تبعها تمرد القبائل العربية الشيعية في الجنوب عام 1935 وبنفس الطريقة الاجرامية قمعت تلك الثورات وبدون استئصال المشاكل المسببة لها بصورة جذرية مما يجعل رؤية ذلك الجيش وهو يكال له المجد تلو المجد ماهو الا وسيلة مضحكة وسخيفة على العقول،فجيش بني على القمع والارهاب منذ البداية ووفق المقاييس البريطانية ماهو الا جهاز قمعي ثابت بيد الانظمة العراقية المختلفة رغم وجود بعض الوطنيين الا ان ذلك لايؤثر على مسيرة جيش كبير يستمد عقيدته العسكرية وقوانينه من التقاليد العسكرية التركية بما تمثله من صرامة وقسوة شديدة مع التقاليد العسكرية البريطانية في قوانينها والتنظيم والضبط العسكري الصارم الناتج عنها،وبذلك يكون اي تفكير في اشراك الجيش في التغيير الجذري للمجتمع العراقي بمثابة خرافة ساذجة لا تصمد امام الواقع العملي في التطبيق ولا امام البحث العلمي الرصين في الدراسة والتمحيص واعطاء الاستنتاجات والحلول!.
استقل العراق عن بريطانيا عام 1932 وانضم الى عصبة الامم في نفس العام وكان اول بلد عربي مستقل ينتمي الى العصبة،وتبعته بعد ذلك مصر عام 1937،ولكن بقي البلدان تحت النفوذ البريطاني بصورة شبه مطلقة،وبقيت القواعد العسكرية في اراضيهما،مع شيوع نزعات تحررية متطرفة مقاومة.
بعد وفاة الملك فيصل الاول عام 1933 الذي كان له بعض الدور في سياسة الدولة ،فتولى نجله الملك غازي الحكم وكان صغير السن(21عاما)وقليل الخبرة مع السرعة في اتخاذ القرارات،ولكن بقي محاطا بسياسيين دهاة لاقدرة له على مجاراتهم،يتصارعون فيما بينهم في سبيل التفرد بالحكم،ويحاول كل واحد منهم ان يدعم وجوده بالاحزاب والرؤساء المحليين وضباط الجيش،ولذلك كانت فترة حكمه خاضعة للسياسيين والعسكر وليست له صلاحيات مطلقة على التحكم في الامور وتسيير شؤون الدولة،وكان قدر برز من السياسيين نوري السعيد والاخوين ياسين الهاشمي وشقيقه طه وهما من ضباط الجيش العثماني السابق،وكان الاول يطمح ان يكون بسمارك العرب،كما ازداد تدخل الجيش في السياسة،وازداد فساد السياسيين ولكن ليس بالصورة الموجودة في زمننا الحالي! وحتى الطغيان كان له حدود يقف عندها الطغاة والمستبدون،وهذا القول لانطبق على العراق فقط وانما على غالبية البلاد العربية آنذاك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق