إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/02/12

الذكرى الستون:نهضة الضحايا

الذكرى الستون:نهضة الضحايا
في مثل هذه الايام سقط شهداء لافكارهم عدد من الزعماء السياسيين في العالم العربي...جاء اغتيالهم او اعدامهم على ايدي سلطات بلادهم الجائرة والتي لاتعترف بتعدد الاراء ولا بحرية العمل السياسي...وكانت النتيجة هي مآساوية من ناحية قتلهم بصورة همجية على ايدي حكوماتهم المستبدة وبطريقة خالية من الرحمة الانسانية او مبادئ الرجولة والشهامة،ولكن افكارهم ومبادئهم لم تمت بموت اجسادهم بل بقيت مستمرة لغاية اليوم،بل في بعضها ازدادت شعبية في فترات من الزمن مما يدل على ان اعدام الجسد لن يقضي على اعدام الفكر او العقيدة،بل على العكس يزيدها توهجا ونورا وشهرة بغض النظر عن صاحبها...
والمغدورون هم من مصر والعراق ولبنان،وسوف نلقي الضوء قليلا عليهم حتى يكون ذلك عبرة لكل الانظمة المستبدة التي لاتعترف بالرأي الاخر ولا تحترم حق الحياة لمعتنقيه ...
1-مصر: في يوم 12\2\1949...اغتيل الشيخ حسن البنا زعيم الاخوان المسلمين في مصر على يد النظام الملكي الفاسد بطريقة غادرة وجبانة تفتقد لادنى صفات الرجولة والفروسية وفي منتصف الليل،ومنع النظام حتى من اقامة الفاتحة على روحه في اليوم التالي!!. وكان الشيخ الذي يطلق عليه اتباعه الامام الشهيد محاصرا نتيجة لعمليات القمع الوحشية التي قام بها النظام الملكي المستبد الذي انتهى بعد ثلاث سنوات فقط بينما استمرت جماعة الاخوان رغم القمع الوحشي المستمر خلال حكم العسكر الثلاث،وهي لحد الان في صدارة النفوذ السياسي الشعبي في مصر مما يدل على ان اعدام الاجساد لا يؤثر ابدا على الافكار بل يحيها بقوة ويجعل العزيمة والاصرار في بقية معتنقيها...
وللشيخ الشهيد مؤلفات فكرية بينما لم نجد لجلاديه وقتلته اي ذكر سوى جريمتهم البشعة التي عجلت بزوال حكمهم الهمجي...
2-العراق: بعد يومين من اغتيال الشيخ البنا(14\2\1949) اعدمت السلطات الملكية في العراق ثلاثة من قادة الحزب الشيوعي العراقي،وهم مؤسس الحزب يوسف سلمان يوسف(فهد)والشبيبي وزكي بسيم،والذين كانوا معتقلين لفترة طويلة في السجن،ورغم المحاولات الدولية لتخفيف الحكم الا ان النظام الملكي الفاسد اصر على اعدامهم بغية القضاء على افكارهم الماركسية وحزبهم.
والنتيجة ان النظام الملكي انهار كليا بعد تسعة اعوام فقط،ومازال الحزب الشيوعي رغم انهيار الكتلة الشيوعية في العالم في صدارة القوى السياسية في العراق،بل كان خلال فترة عقدين من الزمن اي من منتصف الخمسينات الى منتصف السبعينات القوة الجماهيرية الاولى في العراق رغم سقوط عشرات الالاف من الضحايا على يد الانظمة المستبدة وخاصة حزب البعث الفاشي.
3- لبنان: اما في 8\7\1949 فقد اعدمت السلطات اللبنانية،زعيم ومؤسس الحزب القومي السوري الاجتماعي ،انطوان سعادة،الداعي الى اقامة سوريا الطبيعية التي تضم بلدان بلاد الشام الاربعة الحالية. وكانت عملية اعدامه لاتقل غدرا وخيانة الى سابقتيها من الجريمتين،ولكن الملفت للنظر اشتراك الحكم العسكري السوري فيها من خلال تسليمه الى لبنان،رغم كونه لاجئا لديها!.
الحكم العسكري السوري سقط بعد بضعة شهور والحكم اللبناني بقي مضطربا لغاية اليوم،بينما الحزب القومي السوري مازال في طليعة الاحزاب اللبنانية،ومازالت افكار مؤسسه المغدور ومؤلفاته تلفت الانظار وتستقطب المؤيدين الجدد،ولم يخلف لنا النظامين اي من المؤلفات الفكرية التي تعبر عن طبيعتهما الهمجية...
من خلال الاستعراض السابق السريع نستدل ان قتل اصحاب الافكار ومتبنيها سواء بالاغتيال او الاعدام او الموت البطيء في السجن،لن يمحو افكارهم او يقضي عليها،بل العكس سوف يسقط القتلة في مزابل التاريخ ومعهم انظمتهم القمعية الوحشية،وسوف تبقى افكار ونظريات الضحايا متوهجة بدمائهم وتضحياتهم...
وبغض النظر عن صحة افكار ونظريات الضحايا،فأن التاريخ اثبت ان تصفية الاجساد لايقود بالضرورة الى تصفية الافكار،بل يحدث في الغالب العكس تزداد انتشارا وحماسة وتوهجا!...
ولنا عبرة بما فعل بعث العراق الفاشي خلال حقبته السوداء الطويلة والتي حارب بهمجية كل فكر معارض له وقتل بوحشية حتى الابرياء الذين لايمتون بصله اليه سوى الشبهة!...وكانت النتيجة سقوط فكر ذلك الحزب واتباعه في مزبلة التاريخ،وظهور كل الافكار والحركات السياسية التي حاول القضاء عليها الى العمل العلني،وبقي هو يختبئ في جحور الجرذان كزعيمه!..
وكذلك لنا عبرة بشاه ايران محمد بهلوي الذي حارب كل فكر معادي لحكمه الطويل وبقسوة،وكانت النتيجة هي القضاء النهائي على حكمه المستبد وكل من سانده وانتصار افكار الضحايا عليه.
وايضا محاولة عبد الناصر القضاء على الاحزاب والافكار المعادية له خلال عهده وبقسوة،بينما نجد الان ان اضعف الحركات هي التي تحمل اسمه وتنشط كل التي حاربها وحاول مسحها من خارطة العقول !!..
وغيرها كثيرة من العبر التي تنتشر بين ثنايا التاريخ الانساني ولكن لا وجود لمعتبر لها او على الاقل ذاكر لضحاياها بغية حقن المزيد من دماء الضحايا في المستقبل !!..

ليست هناك تعليقات: