إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/02/04

اسطورة التغيير الفوقي - القسم الثاني

امثلة على العنف في التغيير:
هنالك الكثير من الامثلة الساطعة على استخدام العنف الهمجي في التغيير سواء داخل الوطن الواحد او بين الاوطان الاخرى،ولكن في الحالة الثانية ينبغي التفريق بين انتقام الشعوب لان اكثر الحالات تكون بين الانظمة المتصارعة،والشعوب المسكينة هي التي تدفع الثمن الباهظ ويصاحب تلك طول الفترة الزمنية لحالات الحقد الكامن في الصدور وخاصة في طبقات الشعب الدنيا التي لاتفهم الامور الا بما يحتك بمصادر معيشتها،ولكن الاكثر ألما هو تولي النخب وخاصة الثقافية منها ادارة الصراع وادامته بعد انتهاء حالات العنف والانتقام المتبادل!.
احيانا كثيرة تكون طبيعة العنف في غاية الهمجية،بحيث تشمل الكثير من الابرياء وخاصة من الفئات البعيدة عن النزاع وهي الاطفال والنساء والشيوخ،ولكن في الغالب تشمل الاكثر قربا من الثائرين او من السلطة العليا،وتكون عملية الابادة خالية من جميع مضامين الفروسية والاخلاق والمثل الدينية العليا،والتاريخ يحفظ لنا في صفحاته السوداء امثلة من السوء التي تثير الحزن والاشمئزاز في نفس الوقت،وخاصة تلك التي تتصف بالوحشية المفرطة!.

أ-العنف في حالة التغيير الفوقي:
1-العنف في داخل الوطن الواحد:
من ابرز الامثلة التي حدثت خلال التغيير الفوقي في المجتمعات المعاصرة، هي حرب الابادة في رواندا عام 1994 والتي تلت اغتيال رئيس البلاد والمنتسب للاغلبية(الهوتو)واتهمت جماعات المعارضة المنتسبة للاقلية(التوتسي)،مما ادى الى عملية انتقام وحشية هائلة اوصلت الانسان الى ادنى المراتب الحيوانية بحيث قتل اكثر من 800 الف انسان خلال شهر واحد فقط! لم تنتهي الا بسيطرة الاقلية على مقاليد الامور،في ظل تجاهل المجتمع الدولي!. في هذا المثال كان العنف عرقيا في الدرجة الاولى، .
من الامثلة على العنف الفكري ضمن نطاق الوطن الواحد ،هو الصراع الدموي في اليمن الجنوبي بين جناحي الحزب الاشتراكي الحاكم اليميني واليساري في يناير1986 والذي ادى الى مقتل اكثر من 13 الف قتيل وضعف هذا الرقم من الجرحى! خلال بضعة اسابيع وفي بلد قليل السكان،والذي ادى في النهاية الى انتصار الجناح اليساري رغم مقتل معظم قادته الرئيسيين.
ومن الامثلة الشاملة التي تجمع كافة الاختلافات هو عمليات الابادة في المانيا بعيد تسلم الحزب النازي للسلطة عام 1933 ثم توليه المسؤولية الكاملة بعد عام،عندما جرت عمليات ابادة وعنف وحشية ضد اليهود (دينية) والشيوعيين (فكرية) والغجر(عرقية) والاقليات المذهبية المختلفة(مذهبية).
وفي العراق ايضا اثناء حكم البعث بعد عام 1968،فقد جرت عمليات تصفية شملت معارضين مختلفين،ثم تطور الامر الى مجموعات دينية ومذهبية وفكرية وعرقية،حتى اصبح الامر خارج نطاق السيطرة الطبيعية لعمليات الابادة التي كانت تتم في ظل تغطية اعلامية واسعة مما جعل العالم الخارجي لايشعر بها الا بعد مرور عقود من الزمن عليها!...وعمليات الابادة والانتقام شملت،الشيعة(مذهبية)والاكراد (عرقية) والشيوعية والاخوان المسلمين وامتداداتهم(فكرية)واليهود والاقليات المسيحية(دينية)،بل توسع الامر الى مناطقيا بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق،مثل منطقة الدجيل،ومجموعات تجمع بين صفات مشتركة،مثل الاكراد الفيلية(اكراد شيعة).
او في حالة الابادة الشاملة في كمبوديا اثناء حقبة الخمير الحمر والتي ابيد بها ثلث الشعب بين عامي 1975-1978 وجرت لكافة المجموعات المختلفة المكونة للشعب هناك وجرت بدعم من قبل العديد من الدول الشيوعية والرأسمالية اثناء الحرب الباردة!!.
وفي الاتحاد السوفييتي السابق ابان الحقبة الستالينية الرهيبة،فقد شملت الابادة والاضطهاد المجموعات الدينية والمذهبية والعرقية والفكرية،ولم يتم استثناء احد من تلك التصفيات الوحشية والتي صبغت ذلك الاتحاد بلون احمر استمرت آثاره فترة طويلة حتى ادى الى انهياره المحتوم.
2- العنف في خارج الوطن:
من الملاحظ ان عمليات الابادة تنتقل الى خارج البلاد بمجرد التوسع في عمليات الانتقام والارهاب داخل البلاد في احيانا كثيرة،بمعنى ان دائرة الانتقام الوحشية المحلية تصبح اقليمية او دولية،وكأن الاعداد الغفيرة من ابناء الوطن غير كافية لاشباع رغبات الانتقام والارهاب! وهي نتيجة دالة على ضرورة قيام المجتمع الدولي بالقضاء على الارهابيين الحاكمين وعدم التساهل معهم في عمليات اضطهاد شعوبهم كونها مخلة بضرورات الامن الدولي مما يجعل المسؤولية الاخلاقية التي لا تراعيها غالبية دول العالم بما في ذلك الانظمة الديمقراطية الا في حالة تعرض مصالحها للخطر المباشر(حالة المانيا النازية وعراق البعث) هي مهمة للجميع لان الحكومات المستبدة التي تمارس ذلك النوع من الانتقام المحلي بغض النظر عن الاسباب الداعية له سوف ينتقل عاجلا ام آجلا الى خارج الحدود كون عقيدة هؤلاء هي في الغالب اقليمية او دولية،بل وحتى لوكانت اقليمية فأن الاصطدام مع البلدان المجاورة يبقى منتظر الشرارة لشتى الاسباب والتي منها الخلافات الحدودية او السياسية او انتقال اللاجئين وغيرها من حالات النزاعات الدولية.
والامثلة كثيرة في هذا المجال ولكن ابرز الامثلة حالة المانيا النازية والتي انتقلت عمليات العنف والابادة خارج الحدود بعد عام 1938 ثم العراق اثناء حكم البعث بعد عام 1980،او في حالة كمبوديا اواخر عام 1978،او الاتحاد السوفييتي اثناء وبعد الحرب العالمية الثانية،وغيرها من الامثلة الاخرى.
ب-العنف في حالة التغيير التحتي:
نظرا لكون البحث مختص في اسطورة التغيير الفوقي،يمكن الاشارة فقط الى ان التغيير التحتي والذي يكون راديكاليا(جذريا) يكون العنف فيه سائدا في الغالب،وتصاحبه عمليات انتقام واسعة تتطور الى ابادة جماعية ايضا،وكما في الحالة السابقة تخرج من النطاق المحلي الى النطاق الاقليمي المجاور او الدولي وتحت مختلف الذرائع التي يكون بعضها بسمة تطبيق العدالة والحرية والمساواة ونقلها للشعوب الاخرى!!...والامثلة كثيرة منها بعد الثورة الفرنسية عام 1789 والتي نقلت الحروب والعنف الى مختلف اقطار القارة الاوروبية ومصر!،او في حالة الثورة الروسية بعد انتصارها عام 1917 وخاصة اثناء الحرب العالمية الثانية،او في حالة الصين بعد انتصار ثورتها الشيوعية عام 1949،او في حالة كوريا الشمالية والتي هاجمت جارتها الجنوبية بغية توحيدها مع الشطر الشمالي عام 1950 والتي صادف معها حالات انتقام واسعة ورهيبة!.

ليست هناك تعليقات: