عبادة الشخصية السياسية:
زرت احد المنتديات العربية المتخصصة في الدراسات الاستيراتيجية،وارعبني رؤية احدهم يترحم على الطاغية صدام وبقوة واعتقد انه من الاردن وهو البلد الذي مازال الكثير من سكانه يواليه كونه خدمهم كثيرا سواء بارسال النفط مجانا او فتح كل ابواب الاقتصاد العراقي لخدمتهم على حساب العراقيين انفسهم مما ادى الى حدوث تطور كبير في الاردن،ورغم ان الحقيقة المعروفة سلفا للجميع ان ذلك هو من قدرات العراق وليس من قدرات واملاك صدام وزمرته،الا ان العقول المغلقة لا تفقه شيئا سوى ما يعجبها او ما تميل نفوسهم اليها،وبالرغم من ان حكومة المالكي الحالية قامت بامداد الاردن بنفط رخيص مع منح الكثير من العقود التجارية الا ان ذلك لم يغير من الحالة الشائعة شيئا!.
واخرين طالبوني بالاعتذار عن لعن الموتى المجرمين!،واخر ظهرت عبقريته الفذة بقوله انه لا يتفق معه اي مع صدام،في اي شيء ولكنه يحترمه كثيرا،ولا ادري كيف الجمع في هذا التناقض الواضح؟ وهل يحترم عشرات الملايين من سكان العراق والدول المجاورة له والذين تعذبوا على يد نظامه،اوملايين اخرى فقدوا حياتهم خلال تلك الفترة الطويلة ؟!.كل ذلك اثارني لكتابة هذا الموضوع المختصر وبسرعة شديدة لتبيان الحقيقة لمن يحبها ويخلص لها.
ورغم ان ردي كان عنيفا عليهم خاصة في الدعاء ان يسلط عليهم الله سبحانه في حياتهم شخصا يحكمهم مثل صداما في اعماله الشريرة وان يجمعهم معه في مكان واحد،يوم القيامة لانهم يحبونه!الا ان التناقض العجيب هو ان ذلك يرعبهم كثيرا بل يطلبون عدم الدعاء والتمني بذلك رغم ان الله سبحانه يحشر الانسان مع من يحب،وهم بما انهم يحبونه فيجب ان يفرحوا لذلك الدعاء.
هذا التناقض الواضح والسافر له دليل على مستوى التردي الحاصل في العقول لدى الكثيرين،وعندما تطرح امامهم الوقائع والحقائق يهربون من التسليم بها،والخضوع لها بالرغم من ان الحق والعدل يوجب الانصياع له.
مازال العقل الباطن يخضع وبشدة في التفكير العربي لعدد من العوامل الاساسية الغير عقلانية والتي تسير الانسان في طريق يبتعد كليا عن الحق والعدل والحرية،بل ان الانسان العربي بالخصوص مازال مسلوب الارادة بوعي او بدون وعي لذلك التفكير الذي يتعارض مع الطبيعة الانسانية المحبة للخير والحرية،ومن ضمن المصادر الاساسية لشذوذ العقل البشري هي عبادة الشخصية وخاصة السياسية منها،ونظرا لان موضوعنا لا يتطرق للحديث عن الشخصيات الاخرى سواء الدينية او العلمية او الادبية ومدى تقديسها،ولكل انسان الحرية في ذلك طبعا كون الغالبية منها تمتلك من القدرات الغير طبيعة التي توجب الاحترام الزائد حتى الوصول الى مرحلة التقديس لدى البعض.
لكن تقديس الشخصية السياسية هو المثير للدهشة،كون السياسي ايا كان وحسب تعريفه لنفسه بأنه مخادع كونه عاملا في حقل تنتشر فيه الخدعة والمكر والحيلة والاجرام والفساد وغيرها من الاعمال المنافية والمضادة لفطرة الانسان،وبذلك يكون غير آمن على نفسه من تلك الشرور المقيتة وبالتالي يصبح جزءا منها!.
ورغم ذلك الاعتراف المرعب والموجود في كل مكان وزمان،الا ان الغالبية العظمى في العالم العربي مازالت تخالف ذلك بطريقة مرعبة ومثيرة للاشمئزاز،ولا اتحدث عن عبادة الشخصية السياسية في العالم الغربي كونه متحررا منها منذ قرون في بعض بلاده وفي البعض الاخر منذ الحرب العالمية الثانية،وبالتالي اصبحت تلك العبادة المقيتة في متحف الانسانية والذي يضم الكثير من المنجزات الخالدة والمنكرات القذرة،واصبحت طريقة التعامل مع السياسيين عندهم مهما على منصبه لا تختلف عن التعامل مع اي شخص اخر وعندما يترك منصبه،يعيش في الذاكرة فقط دون تبجيل او تقديس كأي مواطن عادي،وبالتالي اصبحت شخصيات عبدت في السابق مثل هتلر وموسوليني وفرانكو ونابليون وغيرها،جزء من تراثهم الاسود الذي يعرضونه فقط للدراسة واخذ العبر منه!ويتركون لنا تطبيقه بحرفية تتجاوز ما فعلوه بكثير.
عودة لنا الى عالمنا العربي وما فيه من الكوارث التي يصعب على الاجيال القادمة حلها،وخاصة كارثة مهزلة العقل العربي والذي نشير الى بعض جوانب هزليته في الاشارة لموضوع العبادة المقيت للشخصية السياسية..
امثلة مرعبة لشخصيات ممسوخة:
ماشاء الله على كثرة الامثلة الموجودة في تاريخنا المعاصر،ولكن ما اقل الاعتبار في ذلك!!.
نحتار في اي شخصية نختار للحديث عنها،كون تلك الشخصيات ظهرت منها رائحة نتنة ومازال الكثيرين يقدسون تلك النتانة دون ان يفكروا ولو للحظة واحدة ان ينظفوا عقولهم وضمائرهم من تلك الملوثات البشرية والخروج من الحياة طاهرين كما ولدتهم امهاتهم احرارا!!.
سوف اختار الشخصيات الاكثر عبادة في عالمنا العربي وباختصار كون ان الغالبية العظمى لا تحبذ القراءة المطولة لاي موضوع،قد يكون العذر الشائع لغالبيتهم عدم وجود الوقت الكافي(رغم وجود بطالة عالية ظاهرة ومقنعة ولا وجود لبحث علمي يشغلهم)والوقت كافي لدى قراء العالم الغربي رغم ان ساعات عملهم اطول منا ،وتقدمهم العلمي ظاهر ولا ينكره احد،كذلك وجود حالة الانغماس في ملذاتهم الشخصية حسب تعبير بعضنا!فأين لهم الوقت للقراءة ولا وجوده لنا؟سؤال محير!.
من اوائل الشخصيات المعبودة في عالمنا،بل ورغم رحيلها عن عالمنا منذ عقود طويلة ومازال الكثيرين يقدسونها في حالة من العمى العقلي الواضح،هي عبادة شخصية الديكتاتور المصري جمال عبد الناصر(1918-1970) وللراغب في معرفة المزيد عن حياة تلك الشخصية ما عليه سوى جهد بسيط للبحث عن تفاصيل حياته وحكمه لمصر سواء في شبكة الانترنت او في رفوف المكتبات،وبالتالي يمكن من خلال معرفته الكاملة لنا جميعا ان نحكم على سلوكه،فهل فعل ذلك من يقدسه او يعبد شخصيته؟الجواب بكل تأكيد لا.
ليس كل من يرفع شعارات الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية والاشتراكية والفضيلة والزهد،هو مقدس لدينا والا فأن هنالك الملايين من البسطاء في العالم من يطبقونها بحرفيتها فلماذا لا نقدسهم؟لماذا لانعبدهم؟بل على الاقل نحترمهم؟!!.
عبد الناصر اذا كان قد رفع بعضا من تلك الشعارات السابقة،فهل الواجب علينا تقديسه؟!الجواب بكل تأكيد هو:لا.
قام عبد الناصر مع مجموعة من الضباط بعمل انقلاب عسكري عام1952 واستولوا على السلطة تحت مجموعة من الشعارات البراقة،ولكن هل تركوا الحكم بعدها ورجعوا الى ثكناتهم العسكرية للعودة الى واجبهم الشرعي في حماية البلاد من الاخطار الخارجية؟الجواب بالطبع لا.
استمروا بالحكم ولغاية الان يحكمون الضباط،وتحول الحكم بواسطتهم الى حكم استبدادي ومن المتوقع ان يكون وراثي! مع تدهور فظيع في كافة المجالات وخاصة الاقتصادية وساد الفساد في اجهزة الدولة ناهيك عن الانتهاك المستمر لكل حقوق الانسان وكرامته...فهل يقدس عبد الناصر على عمله؟الاجابة متروكة لعباد شخصيته،بل حتى لعباد الشخصيات الاخرى حتى يتعظوا من الاخرين.
اجبر عبد الناصر بعض زملائه على التنحي من المسؤولية لمخالفتهم له،ومن ابرزهم القائد العسكري الاعلى رتبة في الانقلاب،اللواء محمد نجيب وبذلك يكون صراعه معهم لغرض التفرد بالحكم.
اضطهد الحركات السياسية ومن مختلف الاتجاهات وبعنف لامثيل له طال حتى الابرياء وخاصة عوائلهم،ومن الغباء الشديد تبرئته من تلك الجرائم وخاصة في الادعاء بعدم علميته بها والانسان البسيط يعلم بها آنذاك!،والذي يعلمه الجميع ان الاضطهاد السياسي المصحوب بالعنف الشديد وانتهاك حرمة الانسان بابشع صورها خلال فترة حكمه طال عدد كبير من الناس،والعدد يزيد على عشرات الالاف ولا توجد احصائيات دقيقة كون خلفاءه ساروا على نفس نهجه وسلوكه الارعن الشاذ في الحكم واساليبه.
اي انسان بسيط يقتل انسان آخر لاي سبب كان،يعتبر مجرم في نظر القانون،فلماذا يقدس المجرم الذي فقد عدد كبير من الناس ارواحهم من جراء استمرار حكمه!!؟؟.
ادخل عبد الناصر البلاد في سلسة من الحروب الغير مستعدة لها وهزم في جميعها،وفقدت مصر من الضحايا والارض والكرامة والخسائر الاخرى،الكثير..
فهل حسبها العابدون له،وهل اعتبروا ذلك جريمة؟.
ادخل عبد الناصر،البلاد في صراعات جانبية مع الدول العربية الاخرى،وسبب في ازاحة انظمة وطنية واسس لحكومات على شاكلته سببت الكوارث لشعوبها،وخاصة في حالة العراق عندما حارب الحكم الوطني فيه كونه لايتبعه في توجهاته او يخضع لزعامته بين عامي1958-1963 وكان من داعمي الحكم الاستبدادي الذي استمر اربعون عاما.
قام عبد الناصر بأجراءات اقتصادية سببت تدهورا اقتصاديا لازالت آثاره باقية،فبدلا من ان يبني البلاد،صادر املاك الناس بحجج اثبت التاريخ هزليتها... بحجة اشتراكية الدولة والمشاركة في وسائل الانتاج،وهذه البلاد الغربية الرأسمالية التي حكمتها انظمة اشتراكية ديمقراطية لم تمارس ذلك بل حتى تحويل النظام الاقتصادي الى اشتراكية،كان يجري وفق شراء املاك الناس وتعويضهم وارضائهم،فهل كان ذلك درسا لعباد شخصية عبد الناصر؟!.
زهد عبد الناصر في املاك الدولة لا يبرر ابدا جرائمه الاخرى،ويكفي مصادرة كل الاراء وجعل رأيه هو السائد،ثم الحكم بطريقة فردية محكومة بأجهزة امنية مرعبة جريمة لا تغتفر.
لايمتلك عبد الناصر من الامكانات الفكرية او الادبية او العلمية ما يجعل الاخرين يبالغون في تقديسه او حتى المبالغة بقدراته،بل لا يختلف عن الانسان العادي الثقافة سوى في المقدار الهائل من السلطة الموكلة اليه،ويمكن من المستمع لخطبه ان يدل على ضحالة تفكيره الثقافي واستخدامه الدائم للهجة المحلية ،ان يحكم على حجم شخصيته الحقيقية.
السؤال الاول لكل عباد شخصيته او للاخرين ايضا:هل يمكن تقديس عبد الناصر بدون الاستناد الى سلطته وحكمه؟بمعنى اخر هل يمكن لشخص عادي ان يمتلك كل ما امتلكه عبد الناصر من قدرات ثقافية او اخلاقية،ما عدا الحكم طبعا،ان يقدس سواء في حياته او بعد مماته؟.هو سؤال بسيط واجابة معروفة سلفا ابسط!.الشخصية الثانية والتي ارادت ان تكرر زعامة عبد الناصر(وكأن تلك الزعامة حققت المنجزات حتى يمكن للشخص ان يقلدها)هو صدام التكريتي،وهو نموذج بارز لكل الممسوخين في العالم العربي،شخص خارج من مجتمع محلي منبوذ لم تذكر عنه سابقا اي ميزة حتى يمكن ان يخرج منها من يتميز علما وادبا واخلاقا،شخص لم يمتلك ادنى مستوى من الثقافة والتعليم في محيط امي فقير وضمن اسرة مشتتة،استغل وضمن عصابة حزب البعث الصغيرة ظروف الحكم المتساهل مع الخصوم عامي 1966-1968 للقفز على السلطة فوق اكتاف زمرة من العسكريين سرعان ما تم التخلص منهم بأخس وسائل الغدر والخيانة والوضاعة بعد اسبوعين من انقلاب 17تموز الاسود،وهي صفة ظلت ملازمة للحكم حتى سقوطه المحتوم.
طبق صدام كل اساليب الديكتاتور السوفييتي ستالين(1878-1953) في الحكم،وهو نموذج شبيه له من حيث وضاعة الاسرة وضعف المستوى الثقافي والقفز على كرسي الحكم مع وجود من هو احق،ثم تصفية كل شخص ممكن ان يكون خطرا عليه،وغيرها من الاساليب الستالينية الارهابية المعروفة.
لم يكن منذ بداية الانقلاب،العودة او التنازل عن الحكم كون الايغال في الجرائم اصبح حقيقة مرعبة وملازمة للنظام.
غدر صدام وباشد وسائل الاجرام وضاعة وبشيء يدل على وحشية لا حدود لها على رفاقه في الحزب،ثم تعداه الى كل من يقرب اليهم سواء عائليا او حزبيا دون ادنى احترام للزمالة الحزبية،ثم اخذت الدوامة تصل الى الابرياء من ابناء الشعب بعد ان كان افراد الحركات السياسية والفكرية على رأس قائمة المغدور بهم،وتحول العراق تحت حكمه الاسود الى سجن رهيب لا يعرف مدى اجرام سجانه الا من عاش تحته.
قام صدام ونظامه،بحروب اجرامية عبثية،خارجية وداخلية فقد العراق فيها اراضيه وشبابه وكرامته واقتصاده ورهن مستقبله الى الاخرين.
اباد مجموعات بشرية كبيرة وبأساليب ارهابية اجرامية لامثيل لها.
قتل كل من برز فكريا وعلميا وادبيا حتى لا يقارن به،كونه من مستوى ثقافي وضيع يدل عليه سلوكه وخطبه التي يستخدم فيها مفردات اللهجة المحلية التكريتية المجهولة لدى غالبية الشعب العراقي،ويمكن الاشارة الى مستوى افراد عائلته واقرباءه المحيطين به والذين يمتازون بالجهل والهمجية التي لا تخفى على احد.
استفاد الغرب واسرائيل كثيرا من حكمه من خلال محاربة ايران او ارهاب الخليج او اخراج العراق من دائرة الصراع مع اسرائيل.
وصل العراق تحت حكمه الى ادنى مستوى له واصبح خارج الحضارة الانسانية بل خارج الزمن...ولكن نهاية نظامه وان طالت كانت متوقعة.
الامثلة الواقعية على وحشية وهمجية صدام ونظامه لا حصر لها...فهل يمكن بعد ذلك ان تعبد شخصيته الممسوخة!! او يمكن الترحم عليها! اذن ماذا بقى للمجرمين والارهابيين اذا كنا نترحم عليهم،معنى ذلك يجب علينا كلنا ان نعمل اي شيء من قتل او نهب او سلب او اي خطيئة،ما دام هناك من يترحمون علينا!.هل وصل مستوى الانحطاط الى هذا الحد من التفكير بتلك الطريقة؟ في تقديري هي جريمة كبرى لاتغتفر لاي انسان قارئ يكون عابدا لشخصية ممسوخة او وضيعة بذلك المستوى ويبرر لها كل جرائمها او على الاقل يمكن الترحم عليها ومساواتها مع الضحية . لقد اصبح عباد الاستبداد والمستبدين مزعجين للجميع كونهم يعرقلون تطور الحياة البشرية،ورغم كونهم منبوذين الا انهم يمتلكون من القدرات الاعلامية الهائلة الناتجة من ثرواتهم المالية المشبوهة وصراخهم المستمر وتكاسل اصحاب الفكر الحر والعقلاني من التصدي لهم،حال دون انقراضهم لحد الان،ومادمنا نعيش في مجتمعات قادرة على تفريخ الطواغيت والعملاء والارهابيين والتكفيريين والممسوخين،يصعب تصور وجود مجتمع حر يحترم ويقدس حياة الانسان وحريته،وسوف نرى هناك اجيال اخرى قادمة لنا تحمل نفس المشعل ولكن لا ندري هل يمكن ان تتفوق على عباد الشخصيات السياسية الحاليين؟.
هناك نماذج اخرى موجودة لعبادة الشخصية السياسية سواء في خارج العالم العربي،وابرز مثال على ذلك آخر قلاع الاستبداد الشيوعي في كوريا الشمالية،وهناك تقديس للملوك في اليابان وتايلاند على سبيل المثال،ولكن ذلك يندرج ضمن العقائد المحلية وكون هؤلاء لا يحكمون سوى بالاسم تبقى عبادة شخصياتهم خالية من المضمون.
وهناك يوجد في الخليج التقديس الزائد لحكامهم وشيوخهم ورغم ان ذلك يتنافى مع السلوك البشري السوي في بعض الاحيان،الا انه بعيد عن الوصول الى مرحلة العبادة للشخصية السياسية،كذلك يلتزم الشيوخ بسلسة من الضوابط الاجتماعية وكون عددهم كبير ايضا،فهو يساعد على الحد من تلك الظاهرة في تقديري ايضا اذا وصلت الى حدودها المرعبة.
تبقى هناك امثلة موجودة في العالم العربي على مستوى عال كما هو واضح في ليبيا وبمستوى اخف في دول اخرى يمتزج بها الرعب من الحكام مع احترامهم الزائد لدى البعض وبذلك تكون مرحلة العبادة للشخصية ضعيفة.
واعتقد ان الظاهرة لا تقتصر على الحكام بل تتعدى الى الزعماء السياسيين للحركات السياسية في العالم العربي،والمثال البارز لدينا هو وجود عدد من الزعامات الاقليمية المحلية في لبنان ولكن حدودها يبقى ضيقا وضمن رقعة جغرافية صغيرة ولكن لها ضجيج اعلامي صارخ!.
للاختصار اكتفينا بذلك وليعتبر من اراد الاعتبار حتى يعيد لشخصه الحرية الكاملة غير المسلوبة في دعم ممسوخين اتاح لهم الزمن التحكم بمصائر شعوب بأكملها ولعبوا بها كما يلعب الطفل الصغيرة بلعبته،ولنعيد تلك الظاهرة السيئة ونجعلها في متاحفنا ولكن في قاعات خاصة بتراثنا الاسود...
زرت احد المنتديات العربية المتخصصة في الدراسات الاستيراتيجية،وارعبني رؤية احدهم يترحم على الطاغية صدام وبقوة واعتقد انه من الاردن وهو البلد الذي مازال الكثير من سكانه يواليه كونه خدمهم كثيرا سواء بارسال النفط مجانا او فتح كل ابواب الاقتصاد العراقي لخدمتهم على حساب العراقيين انفسهم مما ادى الى حدوث تطور كبير في الاردن،ورغم ان الحقيقة المعروفة سلفا للجميع ان ذلك هو من قدرات العراق وليس من قدرات واملاك صدام وزمرته،الا ان العقول المغلقة لا تفقه شيئا سوى ما يعجبها او ما تميل نفوسهم اليها،وبالرغم من ان حكومة المالكي الحالية قامت بامداد الاردن بنفط رخيص مع منح الكثير من العقود التجارية الا ان ذلك لم يغير من الحالة الشائعة شيئا!.
واخرين طالبوني بالاعتذار عن لعن الموتى المجرمين!،واخر ظهرت عبقريته الفذة بقوله انه لا يتفق معه اي مع صدام،في اي شيء ولكنه يحترمه كثيرا،ولا ادري كيف الجمع في هذا التناقض الواضح؟ وهل يحترم عشرات الملايين من سكان العراق والدول المجاورة له والذين تعذبوا على يد نظامه،اوملايين اخرى فقدوا حياتهم خلال تلك الفترة الطويلة ؟!.كل ذلك اثارني لكتابة هذا الموضوع المختصر وبسرعة شديدة لتبيان الحقيقة لمن يحبها ويخلص لها.
ورغم ان ردي كان عنيفا عليهم خاصة في الدعاء ان يسلط عليهم الله سبحانه في حياتهم شخصا يحكمهم مثل صداما في اعماله الشريرة وان يجمعهم معه في مكان واحد،يوم القيامة لانهم يحبونه!الا ان التناقض العجيب هو ان ذلك يرعبهم كثيرا بل يطلبون عدم الدعاء والتمني بذلك رغم ان الله سبحانه يحشر الانسان مع من يحب،وهم بما انهم يحبونه فيجب ان يفرحوا لذلك الدعاء.
هذا التناقض الواضح والسافر له دليل على مستوى التردي الحاصل في العقول لدى الكثيرين،وعندما تطرح امامهم الوقائع والحقائق يهربون من التسليم بها،والخضوع لها بالرغم من ان الحق والعدل يوجب الانصياع له.
مازال العقل الباطن يخضع وبشدة في التفكير العربي لعدد من العوامل الاساسية الغير عقلانية والتي تسير الانسان في طريق يبتعد كليا عن الحق والعدل والحرية،بل ان الانسان العربي بالخصوص مازال مسلوب الارادة بوعي او بدون وعي لذلك التفكير الذي يتعارض مع الطبيعة الانسانية المحبة للخير والحرية،ومن ضمن المصادر الاساسية لشذوذ العقل البشري هي عبادة الشخصية وخاصة السياسية منها،ونظرا لان موضوعنا لا يتطرق للحديث عن الشخصيات الاخرى سواء الدينية او العلمية او الادبية ومدى تقديسها،ولكل انسان الحرية في ذلك طبعا كون الغالبية منها تمتلك من القدرات الغير طبيعة التي توجب الاحترام الزائد حتى الوصول الى مرحلة التقديس لدى البعض.
لكن تقديس الشخصية السياسية هو المثير للدهشة،كون السياسي ايا كان وحسب تعريفه لنفسه بأنه مخادع كونه عاملا في حقل تنتشر فيه الخدعة والمكر والحيلة والاجرام والفساد وغيرها من الاعمال المنافية والمضادة لفطرة الانسان،وبذلك يكون غير آمن على نفسه من تلك الشرور المقيتة وبالتالي يصبح جزءا منها!.
ورغم ذلك الاعتراف المرعب والموجود في كل مكان وزمان،الا ان الغالبية العظمى في العالم العربي مازالت تخالف ذلك بطريقة مرعبة ومثيرة للاشمئزاز،ولا اتحدث عن عبادة الشخصية السياسية في العالم الغربي كونه متحررا منها منذ قرون في بعض بلاده وفي البعض الاخر منذ الحرب العالمية الثانية،وبالتالي اصبحت تلك العبادة المقيتة في متحف الانسانية والذي يضم الكثير من المنجزات الخالدة والمنكرات القذرة،واصبحت طريقة التعامل مع السياسيين عندهم مهما على منصبه لا تختلف عن التعامل مع اي شخص اخر وعندما يترك منصبه،يعيش في الذاكرة فقط دون تبجيل او تقديس كأي مواطن عادي،وبالتالي اصبحت شخصيات عبدت في السابق مثل هتلر وموسوليني وفرانكو ونابليون وغيرها،جزء من تراثهم الاسود الذي يعرضونه فقط للدراسة واخذ العبر منه!ويتركون لنا تطبيقه بحرفية تتجاوز ما فعلوه بكثير.
عودة لنا الى عالمنا العربي وما فيه من الكوارث التي يصعب على الاجيال القادمة حلها،وخاصة كارثة مهزلة العقل العربي والذي نشير الى بعض جوانب هزليته في الاشارة لموضوع العبادة المقيت للشخصية السياسية..
امثلة مرعبة لشخصيات ممسوخة:
ماشاء الله على كثرة الامثلة الموجودة في تاريخنا المعاصر،ولكن ما اقل الاعتبار في ذلك!!.
نحتار في اي شخصية نختار للحديث عنها،كون تلك الشخصيات ظهرت منها رائحة نتنة ومازال الكثيرين يقدسون تلك النتانة دون ان يفكروا ولو للحظة واحدة ان ينظفوا عقولهم وضمائرهم من تلك الملوثات البشرية والخروج من الحياة طاهرين كما ولدتهم امهاتهم احرارا!!.
سوف اختار الشخصيات الاكثر عبادة في عالمنا العربي وباختصار كون ان الغالبية العظمى لا تحبذ القراءة المطولة لاي موضوع،قد يكون العذر الشائع لغالبيتهم عدم وجود الوقت الكافي(رغم وجود بطالة عالية ظاهرة ومقنعة ولا وجود لبحث علمي يشغلهم)والوقت كافي لدى قراء العالم الغربي رغم ان ساعات عملهم اطول منا ،وتقدمهم العلمي ظاهر ولا ينكره احد،كذلك وجود حالة الانغماس في ملذاتهم الشخصية حسب تعبير بعضنا!فأين لهم الوقت للقراءة ولا وجوده لنا؟سؤال محير!.
من اوائل الشخصيات المعبودة في عالمنا،بل ورغم رحيلها عن عالمنا منذ عقود طويلة ومازال الكثيرين يقدسونها في حالة من العمى العقلي الواضح،هي عبادة شخصية الديكتاتور المصري جمال عبد الناصر(1918-1970) وللراغب في معرفة المزيد عن حياة تلك الشخصية ما عليه سوى جهد بسيط للبحث عن تفاصيل حياته وحكمه لمصر سواء في شبكة الانترنت او في رفوف المكتبات،وبالتالي يمكن من خلال معرفته الكاملة لنا جميعا ان نحكم على سلوكه،فهل فعل ذلك من يقدسه او يعبد شخصيته؟الجواب بكل تأكيد لا.
ليس كل من يرفع شعارات الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية والاشتراكية والفضيلة والزهد،هو مقدس لدينا والا فأن هنالك الملايين من البسطاء في العالم من يطبقونها بحرفيتها فلماذا لا نقدسهم؟لماذا لانعبدهم؟بل على الاقل نحترمهم؟!!.
عبد الناصر اذا كان قد رفع بعضا من تلك الشعارات السابقة،فهل الواجب علينا تقديسه؟!الجواب بكل تأكيد هو:لا.
قام عبد الناصر مع مجموعة من الضباط بعمل انقلاب عسكري عام1952 واستولوا على السلطة تحت مجموعة من الشعارات البراقة،ولكن هل تركوا الحكم بعدها ورجعوا الى ثكناتهم العسكرية للعودة الى واجبهم الشرعي في حماية البلاد من الاخطار الخارجية؟الجواب بالطبع لا.
استمروا بالحكم ولغاية الان يحكمون الضباط،وتحول الحكم بواسطتهم الى حكم استبدادي ومن المتوقع ان يكون وراثي! مع تدهور فظيع في كافة المجالات وخاصة الاقتصادية وساد الفساد في اجهزة الدولة ناهيك عن الانتهاك المستمر لكل حقوق الانسان وكرامته...فهل يقدس عبد الناصر على عمله؟الاجابة متروكة لعباد شخصيته،بل حتى لعباد الشخصيات الاخرى حتى يتعظوا من الاخرين.
اجبر عبد الناصر بعض زملائه على التنحي من المسؤولية لمخالفتهم له،ومن ابرزهم القائد العسكري الاعلى رتبة في الانقلاب،اللواء محمد نجيب وبذلك يكون صراعه معهم لغرض التفرد بالحكم.
اضطهد الحركات السياسية ومن مختلف الاتجاهات وبعنف لامثيل له طال حتى الابرياء وخاصة عوائلهم،ومن الغباء الشديد تبرئته من تلك الجرائم وخاصة في الادعاء بعدم علميته بها والانسان البسيط يعلم بها آنذاك!،والذي يعلمه الجميع ان الاضطهاد السياسي المصحوب بالعنف الشديد وانتهاك حرمة الانسان بابشع صورها خلال فترة حكمه طال عدد كبير من الناس،والعدد يزيد على عشرات الالاف ولا توجد احصائيات دقيقة كون خلفاءه ساروا على نفس نهجه وسلوكه الارعن الشاذ في الحكم واساليبه.
اي انسان بسيط يقتل انسان آخر لاي سبب كان،يعتبر مجرم في نظر القانون،فلماذا يقدس المجرم الذي فقد عدد كبير من الناس ارواحهم من جراء استمرار حكمه!!؟؟.
ادخل عبد الناصر البلاد في سلسة من الحروب الغير مستعدة لها وهزم في جميعها،وفقدت مصر من الضحايا والارض والكرامة والخسائر الاخرى،الكثير..
فهل حسبها العابدون له،وهل اعتبروا ذلك جريمة؟.
ادخل عبد الناصر،البلاد في صراعات جانبية مع الدول العربية الاخرى،وسبب في ازاحة انظمة وطنية واسس لحكومات على شاكلته سببت الكوارث لشعوبها،وخاصة في حالة العراق عندما حارب الحكم الوطني فيه كونه لايتبعه في توجهاته او يخضع لزعامته بين عامي1958-1963 وكان من داعمي الحكم الاستبدادي الذي استمر اربعون عاما.
قام عبد الناصر بأجراءات اقتصادية سببت تدهورا اقتصاديا لازالت آثاره باقية،فبدلا من ان يبني البلاد،صادر املاك الناس بحجج اثبت التاريخ هزليتها... بحجة اشتراكية الدولة والمشاركة في وسائل الانتاج،وهذه البلاد الغربية الرأسمالية التي حكمتها انظمة اشتراكية ديمقراطية لم تمارس ذلك بل حتى تحويل النظام الاقتصادي الى اشتراكية،كان يجري وفق شراء املاك الناس وتعويضهم وارضائهم،فهل كان ذلك درسا لعباد شخصية عبد الناصر؟!.
زهد عبد الناصر في املاك الدولة لا يبرر ابدا جرائمه الاخرى،ويكفي مصادرة كل الاراء وجعل رأيه هو السائد،ثم الحكم بطريقة فردية محكومة بأجهزة امنية مرعبة جريمة لا تغتفر.
لايمتلك عبد الناصر من الامكانات الفكرية او الادبية او العلمية ما يجعل الاخرين يبالغون في تقديسه او حتى المبالغة بقدراته،بل لا يختلف عن الانسان العادي الثقافة سوى في المقدار الهائل من السلطة الموكلة اليه،ويمكن من المستمع لخطبه ان يدل على ضحالة تفكيره الثقافي واستخدامه الدائم للهجة المحلية ،ان يحكم على حجم شخصيته الحقيقية.
السؤال الاول لكل عباد شخصيته او للاخرين ايضا:هل يمكن تقديس عبد الناصر بدون الاستناد الى سلطته وحكمه؟بمعنى اخر هل يمكن لشخص عادي ان يمتلك كل ما امتلكه عبد الناصر من قدرات ثقافية او اخلاقية،ما عدا الحكم طبعا،ان يقدس سواء في حياته او بعد مماته؟.هو سؤال بسيط واجابة معروفة سلفا ابسط!.الشخصية الثانية والتي ارادت ان تكرر زعامة عبد الناصر(وكأن تلك الزعامة حققت المنجزات حتى يمكن للشخص ان يقلدها)هو صدام التكريتي،وهو نموذج بارز لكل الممسوخين في العالم العربي،شخص خارج من مجتمع محلي منبوذ لم تذكر عنه سابقا اي ميزة حتى يمكن ان يخرج منها من يتميز علما وادبا واخلاقا،شخص لم يمتلك ادنى مستوى من الثقافة والتعليم في محيط امي فقير وضمن اسرة مشتتة،استغل وضمن عصابة حزب البعث الصغيرة ظروف الحكم المتساهل مع الخصوم عامي 1966-1968 للقفز على السلطة فوق اكتاف زمرة من العسكريين سرعان ما تم التخلص منهم بأخس وسائل الغدر والخيانة والوضاعة بعد اسبوعين من انقلاب 17تموز الاسود،وهي صفة ظلت ملازمة للحكم حتى سقوطه المحتوم.
طبق صدام كل اساليب الديكتاتور السوفييتي ستالين(1878-1953) في الحكم،وهو نموذج شبيه له من حيث وضاعة الاسرة وضعف المستوى الثقافي والقفز على كرسي الحكم مع وجود من هو احق،ثم تصفية كل شخص ممكن ان يكون خطرا عليه،وغيرها من الاساليب الستالينية الارهابية المعروفة.
لم يكن منذ بداية الانقلاب،العودة او التنازل عن الحكم كون الايغال في الجرائم اصبح حقيقة مرعبة وملازمة للنظام.
غدر صدام وباشد وسائل الاجرام وضاعة وبشيء يدل على وحشية لا حدود لها على رفاقه في الحزب،ثم تعداه الى كل من يقرب اليهم سواء عائليا او حزبيا دون ادنى احترام للزمالة الحزبية،ثم اخذت الدوامة تصل الى الابرياء من ابناء الشعب بعد ان كان افراد الحركات السياسية والفكرية على رأس قائمة المغدور بهم،وتحول العراق تحت حكمه الاسود الى سجن رهيب لا يعرف مدى اجرام سجانه الا من عاش تحته.
قام صدام ونظامه،بحروب اجرامية عبثية،خارجية وداخلية فقد العراق فيها اراضيه وشبابه وكرامته واقتصاده ورهن مستقبله الى الاخرين.
اباد مجموعات بشرية كبيرة وبأساليب ارهابية اجرامية لامثيل لها.
قتل كل من برز فكريا وعلميا وادبيا حتى لا يقارن به،كونه من مستوى ثقافي وضيع يدل عليه سلوكه وخطبه التي يستخدم فيها مفردات اللهجة المحلية التكريتية المجهولة لدى غالبية الشعب العراقي،ويمكن الاشارة الى مستوى افراد عائلته واقرباءه المحيطين به والذين يمتازون بالجهل والهمجية التي لا تخفى على احد.
استفاد الغرب واسرائيل كثيرا من حكمه من خلال محاربة ايران او ارهاب الخليج او اخراج العراق من دائرة الصراع مع اسرائيل.
وصل العراق تحت حكمه الى ادنى مستوى له واصبح خارج الحضارة الانسانية بل خارج الزمن...ولكن نهاية نظامه وان طالت كانت متوقعة.
الامثلة الواقعية على وحشية وهمجية صدام ونظامه لا حصر لها...فهل يمكن بعد ذلك ان تعبد شخصيته الممسوخة!! او يمكن الترحم عليها! اذن ماذا بقى للمجرمين والارهابيين اذا كنا نترحم عليهم،معنى ذلك يجب علينا كلنا ان نعمل اي شيء من قتل او نهب او سلب او اي خطيئة،ما دام هناك من يترحمون علينا!.هل وصل مستوى الانحطاط الى هذا الحد من التفكير بتلك الطريقة؟ في تقديري هي جريمة كبرى لاتغتفر لاي انسان قارئ يكون عابدا لشخصية ممسوخة او وضيعة بذلك المستوى ويبرر لها كل جرائمها او على الاقل يمكن الترحم عليها ومساواتها مع الضحية . لقد اصبح عباد الاستبداد والمستبدين مزعجين للجميع كونهم يعرقلون تطور الحياة البشرية،ورغم كونهم منبوذين الا انهم يمتلكون من القدرات الاعلامية الهائلة الناتجة من ثرواتهم المالية المشبوهة وصراخهم المستمر وتكاسل اصحاب الفكر الحر والعقلاني من التصدي لهم،حال دون انقراضهم لحد الان،ومادمنا نعيش في مجتمعات قادرة على تفريخ الطواغيت والعملاء والارهابيين والتكفيريين والممسوخين،يصعب تصور وجود مجتمع حر يحترم ويقدس حياة الانسان وحريته،وسوف نرى هناك اجيال اخرى قادمة لنا تحمل نفس المشعل ولكن لا ندري هل يمكن ان تتفوق على عباد الشخصيات السياسية الحاليين؟.
هناك نماذج اخرى موجودة لعبادة الشخصية السياسية سواء في خارج العالم العربي،وابرز مثال على ذلك آخر قلاع الاستبداد الشيوعي في كوريا الشمالية،وهناك تقديس للملوك في اليابان وتايلاند على سبيل المثال،ولكن ذلك يندرج ضمن العقائد المحلية وكون هؤلاء لا يحكمون سوى بالاسم تبقى عبادة شخصياتهم خالية من المضمون.
وهناك يوجد في الخليج التقديس الزائد لحكامهم وشيوخهم ورغم ان ذلك يتنافى مع السلوك البشري السوي في بعض الاحيان،الا انه بعيد عن الوصول الى مرحلة العبادة للشخصية السياسية،كذلك يلتزم الشيوخ بسلسة من الضوابط الاجتماعية وكون عددهم كبير ايضا،فهو يساعد على الحد من تلك الظاهرة في تقديري ايضا اذا وصلت الى حدودها المرعبة.
تبقى هناك امثلة موجودة في العالم العربي على مستوى عال كما هو واضح في ليبيا وبمستوى اخف في دول اخرى يمتزج بها الرعب من الحكام مع احترامهم الزائد لدى البعض وبذلك تكون مرحلة العبادة للشخصية ضعيفة.
واعتقد ان الظاهرة لا تقتصر على الحكام بل تتعدى الى الزعماء السياسيين للحركات السياسية في العالم العربي،والمثال البارز لدينا هو وجود عدد من الزعامات الاقليمية المحلية في لبنان ولكن حدودها يبقى ضيقا وضمن رقعة جغرافية صغيرة ولكن لها ضجيج اعلامي صارخ!.
للاختصار اكتفينا بذلك وليعتبر من اراد الاعتبار حتى يعيد لشخصه الحرية الكاملة غير المسلوبة في دعم ممسوخين اتاح لهم الزمن التحكم بمصائر شعوب بأكملها ولعبوا بها كما يلعب الطفل الصغيرة بلعبته،ولنعيد تلك الظاهرة السيئة ونجعلها في متاحفنا ولكن في قاعات خاصة بتراثنا الاسود...
هناك تعليقان (2):
اعتقد امثال اللي يترحمون على صدام مثلهم مثل من يترضى على معاوية وعلي ويعتبر الاثنين في مرتبه واحده
او يترضى على الحسين ويزيد
وقد زرت من ايام قلائل احد المنتديات واثارني الكلام الذي وصف به صدام
ولو كنت عشت في غير هذا الزمن لترحمت عليه تبعا لكلامهم الذي وصفوه وصفا يصله بمرتبه الكلائكه
تحياتي لك
الفاضلة نازك...السلام عليكم
شكرا لزيارتك الكريمة...وتعليقك مكمل للادراج اعلاه...اتفق معكي حوله...
خالص تقديري...
إرسال تعليق