المكالمة
الكبرى !
أظهرت
المكالمة العاصفة لترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الثاني من نيسان
2020 حول الحرب النفطية مع روسيا والتي ادت الى انهيار أسعار النفط العالمية بسبب
زيادة الإنتاج النفطي السعودي لاقصى حد في ظل وباء كورونا المستجد،مدى التحكم
الأمريكي التاريخي بالسعودية إلى درجة التبعية المطلقة !.
بعد انهيار
أحد أكبر شركات النفط الصخري الأمريكي في الأول من نيسان 2020 وقبول شركات النفط
الاخرى تخفيض الانتاج في ظل التهديد بانهيار صناعة النفط العالمية،اضطر ترامب
الاتصال هاتفيا بابن سلمان وطلبه التوقف عن لعبة إغراق السوق النفطية الغير
عقلانية في هذه الظروف الحرجة،فكانت ردة الأسواق بأرتفاع قياسي بحوالي 30% منذ
الانهيار الكبير !.
بعد أن كان
الصراع بين روسيا والسعودية حول تجديد اتفاق تخفيض إنتاج نفطي بمليون ونصف
المليون،طالب ترامب بحزم بتخفيض بين 15-10 ملايين برميل يوميا! وهو طلب لو قدم من
آخرين لرفضته فورا دول الأوبك مجتمعة ولكن هذا ايضا يبين مدى القدرة الأمريكية على
التحكم بالمنتجين وبخاصة العرب للحفاظ على الصناعة النفطية الداخلية أولا ثم
الاقتصاد ككل!.
اعلنت
الادارة الامريكية صراحة بعدم قدرتها على فرض إجراءات تخفيض الإنتاج النفطي على
الشركات الأمريكية لأنه ليس من صلاحياتها وثانيا ان الانتاج (12.9 مليون ب/ي)حاليا
هو يبقى دون حجم الاستهلاك المقدر ب20 مليون ب/ي وبالتالي ليس مخصص للتصدير مثلما
هو العادة لدى دول الأوبك وروسيا!.
ولكن مع ذلك
فإن تلك الشركات وبخاصة في قطاع النفط الصخري، أعلنت قبولها إجراء التخفيض للخروج
من واقع الافلاس الحتمي بالاضافة الى قبول دول عديدة خارج منظمة الأوبك لأن الجميع
متضرر من الحرب النفطية وتفشي وباء كورونا المستجد!.
ارتفعت
التقديرات حول حجم انخفاض الاستهلاك العالمي للنفط الى 30 مليون ب/ي أي ثلث
الإنتاج العالمي مما يعني أن طلب ترامب بتخفيض بين 10-15 مليون هو أمرا معقولا
تفرضه ظروف انتشار وباء كورونا المستجد، مع استعداد الكثير من الدول والشركات
لقبول التخفيض لإنقاذ هذه الصناعة الحيوية!.
اغراق
الاسواق النفطية وإعلان حرب الأسعار على روسيا من جانب الأمير السعودي الشاب بن
سلمان المتحكم الرئيسي بالنظام،يعيد الى الأذهان ما كان يقوم به طغاة قفزوا على
السلطة وهم صغار السن امثال صدام (31 سنة) والقذافي (27 سنة) من قرارات مدمرة
لأوطانهم وايضا بن سلمان وعمره كان 30 سنة عام 2015 !.
اندفاع
الشباب وتهوره وقلة الخبرة والمعرفة وامتلاك الصلاحيات اللامحدودة وعدم الإنصات
إلى آراء الخبراء و المستشارين المستقلين و عدم الاهتمام بحجم الدولة وقدرتها
المحدودة على الصراع الخارجي والاستهانة بالمعارضة الداخلية هو الذي يؤدي عادة
بهكذا نوع من الحكام الى تدمير بلادهم وجعلها ألعوبة بيد الخارج!.
مساكين هم
خبراء النفط والسياسة في الخليج المؤيدين للسياسة النفطية للسعودية والإمارات! فمن
تأييد الاتفاق النفطي مع روسيا الى تأييد الحرب النفطية عليها واغراق الاسواق
النفطية والان فرضت مكالمة ترامب عليهم العودة إلى تأييد التخفيض وبسرعة قياسية!.
لا يستطيع
هؤلاء المتخصصين حتى التكيف مع تقلبات حكامهم المفاجئة،وعليه فأن الامتناع عن
مشاهدتهم ضمن وسائل الإعلام وقبول ارائهم افضل لابتعادهم عن إعطاء الصورة الحقيقية
للواقع الاقتصادي ككل والسياسة النفطية بالخصوص بسبب الخوف من إظهار الآراء التي
قد تخالف مزاج السلطة الغير آمن بالطبع!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق