مذكرات من بيت الاغتراب:2
من المستحيل فصل حياة الاغتراب عن الوطن الام او ما يحيط به من بلاد اخرى!.
الانسان اذا اراد الانفصال بجسده،فمن المستحيل ان تنفصل روحه!...فهي معلقة في سماء العالم الرحب،تسبح بحرية في اي مكان تجد لها متنفسا تقاوم به ضغوطات الحياة الرهيبة.
لم تكن الحياة طبيعية خلال الفترة من يوم 25/1-11/2/2011 فقد انشغل الجميع ليل نهار بالثورة المصرية الخالدة التي انهت الخوف والرعب من ان تتوقف تحت وطئة الارهاب الحكومي والتضليل الاعلامي مع الرغبة الامريكية بترويض الثورة لصالحها!...
شبكات الاذاعة والتلفزيون المحلية بما في ذلك وسائل الاعلام المتعددة اللغات،انشغلت بالحدثين الكبيرين:الكوارث الطبيعية في استراليا والثورة المصرية.
الموقف الرسمي الاسترالي كان واضحا من البداية في ضرورة تنحي النظام المصري الفاسد كي يمنح شعبه الحرية لكي يختار من يرغب،وكانت العبارات القاسية تتكرر في ضرورة انهاء معاناة الشعب المصري الجريح.
اما الموقف الشعبي فهو مثالي ومثير للاعجاب من ناحية تعاطفه الشديد مع الشعب المصري وكافة شعوب المنطقة التي تعيش تحت ظلال الاستبداد والفساد!...الاستغراب الشديد من قبلهم بتمسك الطاغية مبارك وهو بعمر 83 بكرسي السلطة حتى لو ذهبت البلاد الى الجحيم!...وتفسير ذلك التعجب يعود الى ان الغالبية الساحقة لا ترى اي اهمية لكرسي السلطة ولا تعير اهمية لمن يحل فيه،بل تراه عبئا حقيقيا على حرية الفرد في ان يحيا حياة طبيعية خالية من الاضواء ومعاناة المنصب!...فالمنصب لا يمثل اية اهمية مادام محدد ضمن صلاحيات مقيدة بقوانين وانظمة تجعل من الصعب تجاوزها،ولذلك نرى استقالة او تقاعد اغلب السياسيين في مراحل متقدمة من حياتهم،او تركهم السياسة اذا فشلوا في الانتخابات!...
هذا التراث الطويل الاتي من العيش تحت ظلال الحرية والديمقراطية،يوفر للانسان ظروفا مثالية كي يبني حياته العملية بعيدا عن ضغوطات السياسة وما يتعلق بها ولذلك نرى اغلب الناس يجهلون اسماء السياسيين!.
الجاليات المصرية والعربية:
تعيش في خارج مصر جاليات لا يقل عددها عن 5 ملايين مع اضعاف هذا الرقم من الجاليات العربية!...بعضها يعيش في بلاد لا تختلف طبيعتها عن النظام المصري السابق! والاخر في داخل دول ديمقراطية.
بالرغم من التأييد القوي للثورة المصرية،الا ان تلك الجاليات كانت ضعيفة في الاسناد او حتى ترجمة التأييد! وبالطبع المصريون هم الاكثر استحقاقا في اللوم!...فقد كان عليهم ان يديروا الثورة من الخارج وان يقودوا التأييد العربي والغربي النادر في اجماعه، فالمناخ مؤاتيا لهم،الا انهم اكتفوا بالتأييد السلبي والانغماس بمشاغل الحياة!...والمظاهرات التي خرجت في كل مكان من العالم كانت ضعيفة المستوى والتاثير بالرغم من التغطية الاعلامية الموسعة لها!.
الاذاعات العربية كانت على اتصال مباشر مع الجاليات العربية وبخاصة المصريين، وكانت قلة شاذة في اقوالها التي تخالف التأييد الكاسح للثورة،لتظهر بأصواتها القبيحة في محاولة لتشويه صورة الثورة!.
وقد كان الاتصال مباشرا من وسائل الاعلام مع بعض المصريين من حملة الجنسية الاسترالية في داخل مصر وبخاصة الذين اشتركوا في الثورة.
اذكر الاتصال مع مصرية استرالية اشتركت في المظاهرات في الايام الاولى،فقد وصفت بدقة كيف يدخل اتباع النظام المشبوهين في داخل المظاهرة المنظمة ويقومون برفع شعارات اسلامية كي يجلبوا الانتباه ويفرقوا بين الناس وكذلك اثارة الخوف الغربي من صعود التيار الاسلامي...ثم التحول بعد فشل المخطط التخريبي الى ضرب الشرطة او الجيش كي يقوموا برد قوي على المتظاهرين المسالمين!...
والاتصال ايضا مع منسق المظاهرات في امريكا وقد تحدث عن الجالية المصرية هناك وقد قدر العدد بين 700 الف –مليون!ووصف بدقة نشاطاتها وبخاصة في التعريف بالثورة.
الموقف الاخر المثير للاعصاب هو مراسل اذاعة SBS المصري بالطبع في القاهرة محمد الشاذلي الذي كان مؤيدا للنظام في تقاريره الاخبارية الا انه في الايام الاخيرة من النظام الذي وصفه بمركب يغرق وفي موقف انتهازي مقيت،تغيرت النبرة لتنقل الحقيقة التي كان يحاول تشويهها في السابق!...امثال هؤلاء كثيرون بالطبع.
فرحة الشارع بأنتصار الثورة كان فوق الطبيعي! وبالرغم من فارق الوقت الكبير الا ان الانشغال بمجريات الامور كان واضحا وقد تسابق الجميع لنقل خبر الانتصار بفرح لا مثيل له مع الاشادة بأبطال الثورة من الشهداء والثوار.
بالفعل لقد اصبحنا نعيش في قرية كونية صغيرة...فالحدث ينتقل بنفس اللحظة مع الصورة والصوت،وذلك فأن الروابط بين الجاليات والوطن الام قد قويت كثيرا.
مازالت المتابعة للاحداث في مصر مستمرة،والامل كبير في ان تعود مصر الى افضل عهودها وان تكون قدوة لبقية الدول التي مازالت ترزخ تحت الظلم والطغيان!.
ومن يدري فقد تنتصر ثورة اخرى مع نهاية كتابة اسطر المقال! فنحن نعيش في زمن السرعة الكاسحة.
هناك 6 تعليقات:
فى البداية مبروك لمصر ولكل المصريين
ومليون تقدير وتحية لارواح الشهداء
ودعواتنا لكل مغترب ان يرجع لبلدة
طبعا انا اؤيد كلامك وان هناك الكثيرين من وصف الثوار بالعملاء والخونة والبلطجية وعندما تحققت الثورة اصبحو مؤيدين اعتقد ان هؤلاء منافقيين وليس لديهم مبدا ولا رؤية او قد تكون لديهم مصلحة فى استمرار الوضع كما هو علية
فى النهاية اراد الشعب الحياة واستجاب القدر
والحمد لله والله واكبر
تحياتى
الف مبروك اخي الكريم
الف مبروك للمصريين والرب نجاح ثورتهم البيضاء
الف مبروك نجاحهم في اثبات انهم احق بالديمقراطية وبالحرية
ربما لا يزال البعض في مصر وفي الدول العربية يساند الحكم القمعي لديكتاتوري لمصلحة ما او لثقافة بائدة مازالت تعشش في عقله
ولكن الانظمة يجب ان تنظر لمصالح شعوبها ورغباتهم
وتحترم آرائهم
والاغلبية الحقيقية في هذه الشعوب تشتاق الي الحرية والحياة الكريمة
الديمقراطية.
أعادك الله الي وطنك سالما
دمت بود
السلام عليكم
تعجبني والله بوستاتك جدا.. حيث يجتمع فيها الشروط الثلاثة لجذب انتباهي وإثارة استمتاعي بالوبست: الموضوع القيم، والأفكار الواضحة المنسقة، واللغة السليمة.
مما يمتعني في مدونتك بشكل خاص أنك تنقل لي أجواء المهجر الغربي من داخل المجتمع..
بالنسبة لهذا البوست أشيد بشكل خاص على فكرة الثقافة المجتمعية التي نفتقدها في مجتماعتنا العربية بشأن قيمة الحرية؛ ففي الغرب تعتبر هذه القيمة شيء رئيسي جدا ومقدس في حياتهم وهو من أجمل ما أحييهم عليه...
ذكرتني بموقف حدث معي منذ أيام؛ حيث وقف أحدهم بسيارته خلف سيارتي ومنعني الخروج فترة، مما أغضبني وعندما عاتبته قائلا: لقد تعديت على حريتي! ضحك ساخرا وهو يقول: هو احنا في حقوق الإنسان هنا؟!!!!
فحقوق الإنسان لدينا تعتبر عند البعض كلمة كبييييييرة لا تنطبق إلا على الأشياء الكبييييرة!!!!!!
تحياتي أخي الكريم.
العزيزة هبة...تحية طيبة
اتفق معكي في ما قلتي...والجميل صدور القائمة السوداء بالمنحرفين...
النصر والخلود لكل الشعوب المستضعفة...
ماشي بنور الله...السلام عليكم
وفقكم الله تعالى وجعلكم في اعلى مستويات التحضر والكمال...
تمنياتنا لمصر ولجميع الدول العربية بالنصر على ظالمي شعوبها...
دمتم بخير..
العزيز ماجد...تحية طيبة
يسعدني مرورك الكريم وتعليقك الذي هو مكمل للادراج اعلاه وايضا اذا رغبت بالمزيد من المواضيع التي قد لا تظهر في هذه المدونة سوف تجدها في الاخرى الرئيسية في مكتوب
http://freebook.maktoobblog.com/
المثال الذي ذكرته هو شائع بالطبع...التغيير الاجتماعي سوف يأتي الى مصر حسب توقعي وتمنياتي ايضا...
خالص تقديري..
إرسال تعليق