المنافسة والتطوير:
في قصة طريفة تتناول حالة الركود والكساد والتخلف التي تصيب مختلف القطاعات الانتاجية من خلال الاستناد على وجود نظام الحماية الذي توفره الدولة لها لحمايتها من منافسة الواردات الاجنبية!...فقد هدد احد الرؤساء بعد ان شاهد تردي المستوى الاقتصادي،جميع المنتجين المحليين بأنه سوف يزيل هذا النظام اذا لم يقوموا بتحديث وسائل انتاجهم وتطوير منتجاتهم التي اصبحت متخلفة عن العالم الخارجي، فكان ردهم هو عدم الانصات لتهديده على اعتبار ان ذلك سوف يؤدي الى خلق معارضة وطنية ضده لانه كسر الحماية الكمركية التي تفرضها الدول عادة وليس لمعاقبة الخاملين!...فكان ان اتصل بمسؤولي الموانئ وامرهم بفتح المعابر وتسهيل المعاملات والغاء كل الرسوم! فكانت نتيجة هذه الاجراءات ان امتلئت الاسواق المحلية وضعف الطلب على المنتج المحلي الضعيف الجودة، فكان اجراءا عقابيا مؤثرا بحق المنتجين المحليين الذي دفعهم ذلك الى تطوير منتجاتهم وخدماتهم لغرض منافسة الواردات الاجنبية التي اجبرتهم على اتخاذ هذا السلوك في سوقهم المحلية،والنتيجة كانت ايجابية!.
تلعب المنافسة الحرة دورا كبيرا في تطوير المدارك والخبرات وتوسيع الامكانيات والقدرات مما يؤدي الى تركيز الجهود لانتاج اعظم المنتجات والخدمات بأجود صورة قابلة للاستهلاك والاستخدام.
ان غرض الاستفادة من هذا العامل المهم يستلزم بالطبع الخضوع لقوانينه الصارمة من خلال الالتزام بقوانين المنافسة الحرة التي تؤكد على استقلالية ارادة حرية الاختيار للمستهلك والسوق على حد سواء والتركيز على انتاج الاجود والارخص لكونه الاكثر بقاءا واستمرارية في سوق الاستهلاك العالمي.
بالطبع ليس هنالك التزام مطلق بحرفية وقيود المنافسة الحرة واحترام قوانين واخلاقيات الملكية الفكرية والعمل،من خلال انتشار التجسس وسرقة جهود الاخرين او استعارة الاساليب الانتاجية والوسائل التكنولوجية!.
المستفيد الاكبر من ذلك كله هو الانسان وحضارته من خلال تطوير الانتاج والقدرات بمختلف فروع الانتاج المادي والمعنوي.
انتشرت في العقود الاخيرة اصدار قوائم تلتزم معايير معينة في تعيين الافضل في كافة المجالات وقد اصبحت مثل الموضة! بحيث تتضارب احيانا المقاييس بين جهة واخرى دون ان نعلم مدى الدقة في الوصف والتمييز! وعموما وجودها احيانا افضل من عدمه.
لكن هنالك جهات محايدة او حكومية في بعض البلاد وبخاصة المتقدمة منها تمنح شهادات تقديرية سنوية للمؤسسات والافراد على نمط شهادات جوائز الاوسكار الشهيرة التي تمنح عادة للمبدعين في عالم السينما.
هذه الشهادات تكون في الغالب صارمة في الاختيار وفق اسس ومعايير منهجية متعارف عليها حسب واقع كل شهادة تقديرية،مما يعني ان لها قيمة مادية او معنوية مميزة تمنح الفائز بها ان يستفاد منها في الترويج وفق ما يريده في عالم من المنافسة الشديدة بين مختلف المؤسسات والدول لكسب الزبون واثبات الوجود!.
ومن بين تلك الشهادات التقديرية السنوية المتعددة ما لاحظته من ملصقات على واجهة فروع بعض البنوك... حيث تقوم هيئة مستقلة لها قيمتها المعنوية التقديرية ومعترف بها من قبل جميع البنوك والمؤسسات المالية الاخرى باصدار شهادات تقديرية سنوية من خلال فحص الخدمات التي تقدمها البنوك عادة للزبائن وكذلك ايضا امكانياتها المتعددة الجوانب... وتفتخر البنوك عادة بتلك الشهادات للدلالة على تقدمها على بقية المؤسسات الاخرى مما يعني ان على الزبائن الباحثين عن خدمات متميزة بارخص الاسعار الذهاب الى تلك البنوك حسب نوعية تلك الشهادة التمييزية،فمثلا هنالك بنوك تفتخر بمنح اعلى فائدة او اسهل طريقة للتعامل او اقل مستوى من القيود والرسوم... الخ من الاصدارات التصنيفية.
ليس هنالك من شك في ان ذلك يؤدي الى تطوير واقع القطاع المصرفي كما هو حال جوائز الاوسكار مع السينما او جوائز الاداب المختلفة التي تمنح للادباء والمبدعين...فالجوائز التقديرية وبخاصة التي تصاحبها منحة مالية عالية تكون خير دافع لاصحاب الشأن على بذل اقصى الجهود للحصول عليها والتي تكون بمثابة تعويض عن النفقات وتقديرا للمجهودات.
المنافسة والتقدير في مجال التعليم:
ليس هنالك من شك في تأخر وتخلف قطاع التعليم بمختلف مراحله في انحاء العالم العربي!...والدعم الحكومي والخاص ليس كافيا كما ان مناخ الحرية والابداع محدود او شبه معدوم! مما يعني ان فرص التطوير ومنافسة الدول المتقدمة هي محكوم عليها بالفشل لعقود قادمة اذا استمرت السياسات الحالية مع بقاء الظروف المحيطة على حالها!...وعليه فأنه لابد كسر ذلك الجمود من خلال تطوير قطاع التعليم بجميع مستوياته وبمختلف الوسائل الممكنة والقدرات المتاحة،ومن ابرزها خلق مناخ من المنافسة الحرة التي تؤدي للحصول على شهادات تقديرية ومنح مالية سنوية سوف تساعد على دعم التعليم والعاملين فيه كما سوف يؤدي الى تشجيع الاخرين على بذل اقصى الجهود للحصول على تلك الشهادات التقديرية ومنحها المالية.
بما ان عدد المؤسسات التعليمية من رياض الاطفال الى الجامعات هو كبير جدا وايضا تضم نسبة عالية من التعداد السكاني،فعليه ان تكون الشهادات التقديرية التمييزية والمنح المالية موازيا لذلك الكم والكيف...كذلك فأن مجال المنافسة لن يكون بالتأكيد الا بين الموازي لها اي لن يكون بين المدارس الابتدائية مثلا والثانوية وهكذا، كذلك فأنه يستحسن ان تكون متعددة ولو في نفس التصنيف اي جوائز ومنح لكل منطقة تعليمية او اقليم بالاضافة الى اخرى تكون عامة وشاملة على مستوى البلاد ككل!...ذلك التعدد سوف يساعد على منح اكبر عدد من الشهادات والمنح المالية لاكبر عدد من المتلقين مع منح الفرصة القادمة لاخرين جدد.
خلق تصنيفات متعددة يساعد على توسيع مناخ البذل والعطاء،فمن اختيار افضل مدرسة في مجالات متعددة الى اختيار افضل معلم او طريقة بحث وتعليم في مجالات اخرى مختلفة،وكل ذلك سوف يؤدي الى بروز الكثير من المبدعين سواء من الطلبة او الاساتذة وسوف يكسر حاجز الملل والركود والخمول الذي يسري في داخل نفوس نسبة عالية!.
بالطبع ان مجال التعليم ليس وحيدا من التي يمكن ان تخضع لمجال المنافسة الحرة التي تساعد على تطوير القابليات والقدرات لتطوير مختلف القطاعات وبخاصة الانتاجية والخدمية التي يستند عليها اساس كل اقتصاد وطني يسعى الى البروز والتميز،بل كل القطاعات الانتاجية والخدمية يمكن بطريقة او بأخرى الاستفادة من عامل التنافس المشروع بغية الوصول الى اعلى المراتب...ومن المنافسة الحرة يتم خلق الابداع ورعايته!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق